أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -الفأر”...المفترسون في أرحام الأمهات














المزيد.....


-الفأر”...المفترسون في أرحام الأمهات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8097 - 2024 / 9 / 11 - 11:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



المجرمون الخطرون والسفاحون السيكوباتيون والقتلة المتسلسلون، هل هم ضحايا التربية المَعيبة؟ أم نتاجُ الوراثة؟ أم أن إجرامهم يعودُ إلى التركيب الكيميائي الجيني في حمضهم النووي؟ وبفرض أن علم الجينوم قد أقرّ بأن اختلال الجين مسؤولٌ عن تشكيل شخصية المجرم، هل يدلّنا فحصُ الأجنّة في الأرحام على أن طفلا وشيك الولادة سيكون مجرمًا أو سفاحًا يُروّع المجتمع؟ وهل من الجائز، لو صحّت تلك الفرضيات، التخلصُ من الجنين الذي ينبئ حامضُه النووي عن مستقبله الإجرامي الخطر؟!
لا شكَّ أن البشرية، على الأقل في معظمها، تحلمُ بعالم خالٍ من الجريمة والعنف والإرهاب. ولا شك كذلك أن تغليظ العقوبة وتطبيق القانون والتشديدات الأمنية، لم تمنع الجريمةَ ولا نجحت في تحقيق حلم الإنسانية الأزلي. وتخبرنا نظريةُ الطبيب والعالم الإيطالي "لومبروزو" التي وضعها في كتاب "الرجل المجرم" عن الصفات الجسمانية وشكل الجمجمة والملامح الشكلية الخاصة بالمجرمين والسفاحين. لكن خيال الفنان قطع خطوة أوسع حين تطرّق إلى التركيب الجيني والكيميائي في الحامض النووي الخاص بالقاتل المتسلسل، كما ظهر في المسلسل الكوري "الفأر" Mouse والذي ظهر فيه سفاحٌ يهوى فصل رؤوس ضحاياه، فنال لقب "صائد الرؤوس"، وكان، على عكس نظرية "لومبروزو" رجلا وسيمًا وطبيبًا مرموقًا وزوجًا سعيدًا مستقرًّا لزوجة جميلة تنتظر مولودها الأول، والذي سوف يحمل نفس جينات أبيه، فيغدو بعد عشرين عامًا كذلك طبيبًا وسيمًا في العلن، وقاتلا متسلسلا يفوق أباه قسوة في كواليس خبيئة الحياة، وكانت نسبة ذكائه IQ ١٦٠٪، وهو معدل ذكاء "أينشتي"ن بالمناسبة!
المسلسل يطرح فرضية علمية خيالية تقول إن المجرم والمختلّ العقلي يولد بنسبة ضئيلة من جين "أُكسيداز أحادي الأمين أ" Monoamine Oxidase A، وهم السفاحون والقتلة المتسلسلون. أما انعدام هذا الجين تمامًا في الجنين فيؤدي إلى ميلاد "المفترسين". وهم نمط من المجرمين يتعاملون مع بقية البشر، مثلما يتعامل الأسدُ مع الأرنب. يفترسه دون أدنى شعور بالذنب. وافترض المسلسلُ أن العلماء قادرون على التأكد من أن مجرمًا يسكن رحم أمه عن طريق فحص الحامض النووي للجنين. وخلال المسلسل قدّم أحدُ العلماء للبرلمان الكوري مشروعَ قانون ينصُّ على وجوب الفحص الجيني لجميع الحوامل ثم التخلص من الأجنّة ذات المستوى المنخفض من جين MAOA، دون حتى موافقة الأبوين، من أجل تحقيق حلم “مجتمع بلا جريمة” تكون الريادة فيها لدولة كوريا الجنوبية. وعزّز العالمُ اقتراحَه بقوله: "تخيلوا لو لم يولد هتلر! ما كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت." وبدأ التصويت على القانون، فسألت نائبةٌ عن النسبة المئوية لدقة الفحص الجنيني، فأجاب: “٩٩٪ من أولئك الأجنة سيكونون سفاحين، أما الواحد بالمائة المتبقية فقد تنتج عبقريًّا.” لأنهم حين حاولوا المقارنة بين جين العباقرة وجين المختلين العقليين، لم يستطيعوا التمييز بينهما. هنا قالت النائبة: “إذن نحن نغامر بقتل موتسارت بدلَ هتلر، ونخاطر بقتل أينشتين بدلا من صائد الرؤوس". هنا انقسم النوابُ بين موافق على المشروع ورافض له، بسبب نسبة ١٪. وتبقى أن يحسم التصويتَ رئيسُ البرلمان، وجرت أحداثُ المسلسل دون الموافقة.
يُقرُّ المسلسلُ أن الفرضية محضُ خيال، ونؤمن بأن الإجهاض محرّمٌ في جميع الشرائع، ومجرّمٌ بحكم القانون، لأنه قتلُ نفس. لكن ما استوقفني في الدراما هو "شعور الأم" والصراع النفسي الذي يفترسها إذا أخبرها العلمُ بعد فحص الحامض النووي للجنين أن طفلها القادم سوف يغدو مفترسًا أو سفاحًا أو قاتلا متسلسلا! أدّت هذا الدور ببراعة الفنانة الكورية "كيم جونج-نا” وأدمت قلوبنا وهي تطارد جرائم طفلها الصغيرة مثل تسميم أسماك الزينة، ثم قتل كلب صغير، والتي أخذت في التطور حتى انتهت بإنقاذها طفلا صغيرًا قبل أن يدفنه طفلُها حيًّا! وحين كبر ابنُها وصار طبيبًا وفقدت السيطرة عليه، كانت تعرف جرائمَه بعد وقوعها من الصحف والتليفزيون، وكانت تستنتج فورًا أن ابنها هو المجرم فتنهار بكاءً وحزنًا، لكن أمومتها تغلبها فتصمت، بينما هي الشخص الوحيد في العالم الذي يعرف القاتل.
لا شك أن الدراما الكورية قطعت شوطًا واسعًا في التحليل السيكولوجي لعالم الجريمة. ولا ننسى المسلسل الشهير المفجع "لعبة الحبّار" Squid Game والمشهد الأخير حين قرر صاحبُ اللعبة العجوز في لحظة احتضاره مراهنة الفائز على مستوى القيم الإنسانية لدى البشر. راحا ينظران معًا من أعلى البناية إلى متسول مُلقى على الرصيف. راهن العجوزُ على أن أحدًا لن يسعفه، وراهن الفائزُ على العكس، وبالفعل جاء أحدُهم بسيارة إسعاف وأنقذ المتسول. الخيرُ في البشرِ لو أراد البشرُ الخيرَ، لأن الله هو الخيرُ المطلق.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأسُ أمي… وابتسامةُ العالم!!!
- -الملحد-... والمغالطات المنطقية
- -لعبةُ النهاية- … العبثُ المخيف!!
- -سميرة- العسراء … وأغسطس!
- “سُميّة رمضان-… والذين معها
- أقدمُ لكم ... أبي
- “العيال فهمت- … إشراقةُ المسرح الكوميدي
- حاجة تخوّف… المعذّبون أمام المرآة!
- “جريمة بيضاء-… في محكمة الضمير!
- ماكبث… إلكترا … رؤى حداثية مدهشة
- “سميحة أيوب”... إشراقة مهرجان المسرح المصري
- -شلبي- … الناس ال كلّ حاجة
- -ماسبيرو- … هرمُ مصرَ الرابع
- الموتُ … الفقدُ…. غيابُ الأمل
- ١٨٠ درجة … -لا تُهمِلِ الموهبةَ التي فيك-
- محمود العلايلي إليك (سنبلةَ) القمح
- هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد
- هداياك التي لم تفضّ أغلفتَها بعد (١)
- النبلُ … صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر
- فتحُ الكنائس للمذاكرة… هل ثمرة المُحبّ جريمة؟!!


المزيد.....




- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...
- بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز ...
- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -الفأر”...المفترسون في أرحام الأمهات