أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الهنداوي - ثقافة تلامس الروح














المزيد.....

ثقافة تلامس الروح


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 00:47
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ مدة والكثير من الكلام يتردد في أروقة الإبداع العراقي عن وجود أزمةٍ حقيقيةٍ تواجه الثقافة العراقية كفعل ومنجز وتأثير..والأكثر كان هو البحث في الجذور والمسببات لما يصفه العديد من المحملين بالهم المعرفي، كشح ووهن وانحناء محسوس لقامة الثقافة العراقية الحقة المترفة أمام انتحالات تتقنع الإبداع دثاراً مزوقاً لممارسات عصية على التواجد في ذاكرة الوطن والإنسان ..
والسؤال الأكثر إلحاحاً كان عن بعض الجهد المتقطع من قبل الثقافة المؤسسية الذي يستهدف بث دبيب الحياة في أوصال المشهد الإبداعي عبر بعض الفعاليات المتفرقة هنا-والأكثر هناك-وروتينية تمخضه عن احتفاليات متوالية لا تكاد تبدأ حتى تنتهي مع القاعات الخاوية والتصفيق الخافت الخجول الذي لا يتناسب مع ما أهدر عليها من أموال ..
يختصر البعض الأمر بالقول : إنَّ المتلقي هو المسؤول عن البرودة التي تقشعر لها المحافل الأدبية وهو بكسله اللئيم، ملام عن انقطاع التواصل مع ما يريد المثقف أن يقول ويعلن ويعلي من صورة ومضمون وحرف..ويذهب البعض الآخر إلى إبعاد اللوم عن المؤسسات الثقافية من خلال الترويج لمسؤولية الانفتاح الإعلامي ووسائل الاتصال الحديثة عن عزوف الناس عن ثقافة تتلاشى في مهب إيقاع العصر اللاهث..وربما كان هذا الاحتمال وارداً، ولكنّ السؤال الأكثر مرارة هو: لماذا وصل المتلقي إلى هذه الحالة؟ ولمن توجه أصابع اللوم في كل هذا الانكفاء المؤلم للجمهور عن الوصل الفاعل مع الجهد الثقافي الذي تضاءل حتى أصبح لا يصلح إلا كأخبار وعناوين تملأ فراغات الصحف المهملة..
فرغم وجاهة وبلاغة المبررات التي ترمي الكرة في ملعب –ووجه- الجمهور..ولكننا لن نجانب الصواب كثيراً لو أحلنا الأمر بقضه وقضيضه إلى ثقافة التودد والتنطع لما في يد المتنفذ والرغبة في استمطار العطايا والهبات عن طريق ملء المساحات الأقرب إلى قلبه وعقله بكل ما يمجد ويهلل ويؤله ويدر الرضا والوعد دون العناية لأية قيمة أو أهمية أو وقع أو اكتراث للجمهور المشيح ببصره وضميره عن هذه الانتكاسات الأدبية المكلفة..
وهل نجافي الحقيقة لو أشرنا بأصابع الاتهام إلى كتاب وشعراء يتحولون إلى موظفي علاقات عامة لمن في يده خزائن الأرض ومفاتيح النفوذ ينثرون على الجمهور أدباً مخلاً يبرر التجاوز والفشل والانحراف مستهدفين الناس في وعيهم وكرامتهم الإنسانية وحراكهم الفكري من خلال ثقافة لا تلامس الروح ولا تقدح القلب ولا تراكم القيمة ولا تستثير الضمير..
إنَّ أية ثقافة لا تعيد الاعتبار إلى الحياة والإنسان والأرض التي تحمل وقع أقدامه هي محض تآمر على الناس ومدركاتهم..وكل ثقافة لا ترفع سبابة في وجه الخلل والزيف هي انتحال للفعل الإنساني وخيانة لمسؤولية الوعي التي يتحملها المثقف، ولن تقوى على ترك بصمة في ذاكرة الشعوب ولن تكون إلا فعل احتضار متدوم في ضجيج من اللعنات..
إنَّ الاتهام يوجه إلى تلك الثقافة التي تنكبت طريق الإبداع الحق واستكانت إلى دعة الصوابية الزائفة الضاجة بالنشيد المداهن المتزلف لمثقفي القصاع الذين يحاصرون المشهد الثقافي بالغث الذي يصحو عليه الناس وينامون ولا يخلف إلا رماداً تذروه رياح النسيان..
إنَّ أول الطريق هو في الالتفات إلى المبدع العراقي الأصيل والإيمان بقدرته على النهوض بواقعنا الثقافي المنهك حين تتوافر له عوامل النهضة والرعاية مادية كانت أو معنوية، وأن يكون هذا الوعي المثابة التي ينطلق من خلالها مشروع إزالة الوهن والإعياء عن ثقافتنا العراقية، فإنّ الأزمة حقيقية ومؤثرة ، وهي موجودة فينا، ومن خلالنا، وإنْ كنا نحن شرارها ووقودها فإننا نحن الوحيدين القادرين على جعلها برداً ونوراً على الوطن لكن شرط أن نعرف حدود إمكاناتنا وقدراتنا وألا نضع بطولات على الورق.. فالثقافة استثمار طويل الأمد والأجل..وهي الرهان على تغيير الواقع المعاش نحو غد آخر أفضل.
إنَّ إعادة الروح إلى جسد الثقافة العراقية مهمة شاقة ودؤوبة ولا يمكن أن تنجز ما بين ليلة وصبحها..ولكنها لن تتم بالتأكيد من خلال المناسبات التي تحل وترحل دون أن تترك بصمة واضحة في واقع الناس وأحلامهم.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيور المنافي
- الإمام الحسين (ع) نبراس الحرية للشعوب
- صناعة الأصنام
- تكوين، تنوير.. أم إعتام
- التكفير كثقافة استئصالية
- مطر وسماء صافية
- -سفرة- تونس
- دراما.. في رمضان
- (بسطية)..لوغوس هوب
- المثقف الطائفي
- مقعد في مهرجان
- ثقافة الكوارث
- جائزة للإبداع.. وللمبدعين
- فلسطين 1- إسرائيل صفر
- السلطان أردوغان
- غزة..تذبح على الهواء
- الامارات.. واللعب بنار- ايفر غرين-
- اعلام حسب التساهيل
- ثقافة للنسيان
- حديث القنصلية


المزيد.....




- الأردن.. بدء التصويت في انتخابات البرلمان الـ20 وسط سباق حزب ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير منظومتين صاروخيتين ومركبة ومسيرة ل ...
- عالم روسي يحذر: سحابة البلازما ستصل إلى الأرض مساء 10 سبتمبر ...
- حريق -لاين فاير- يلتهم 27 ميلاً مربعاً في غابة سان برناردينو ...
- سيناتور جمهوري يمنع ترقية مساعد أوستن لتستره على الحالة الصح ...
- حينما جرفت -دانيال- المتطرفة درنة بحجرها وبشرها
- شويغو: لا مفاوضات قبل طرد القوات الأوكرانية من كورسك
- الجيش الإسرائيلي: هاجمنا الليلة منشآت عسكرية لحزب الله في ال ...
- الدفاع الروسية: تدمير 144 مسيرة أوكرانية فوق مناطق وسط روسيا ...
- محلل سياسي: الانضمام لـ-بريكس- ضروري لتركيا وعضويتها في منظم ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الهنداوي - ثقافة تلامس الروح