أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - موسى فرج - محنة النزاهة في العراق...ح/2 الصدق والمكاشفة هو السبيل لمواجهة المحنه...















المزيد.....

محنة النزاهة في العراق...ح/2 الصدق والمكاشفة هو السبيل لمواجهة المحنه...


موسى فرج

الحوار المتمدن-العدد: 8095 - 2024 / 9 / 9 - 01:05
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


في ايلول 2003 اجتهدت في أن أفضل ما يمكنني تقديمه للإسهام في بناء العراق الجديد الديمقراطي هو الدعوة لمحاربة الفساد في أجهزة الدولة الذي استشرى في المؤسسة العسكرية أثناء حرب الثمان سنوات بين العراق وايران أولاً وبلغ أوجه اثناء الحصار الذي فرض على العراق خصوصاً بعد عام 1991 ، وقبل ذلك لم تكن مفردة الفساد متداولة في الدولة العراقية طيلة مدة حكم حزب البعث 1968-2003 بل كان تداولها محرماً وتترتب على من يتفوه بها عواقب وخيمة بسبب قسوة نظام الاستبداد وادعائه بأن نظامه منزه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه. حللت في فندق باخان القريب من ساحة الفردوس وأعددت مقالتين تدعوان لمواجهة الفساد في دوائر الدولة تم طبعهما بأربع نسخ في محل استنساخ قريب من الفندق يعمل فيه كابتن طيار مدني ينتظر الفرج للعودة لمزاولة مهنته بعد توقف دام ربع قرن ... وضعت النسخ الثلاث في مظاريف وذهبت الى الكرادة لتسليم الأولى الى مكتب صحيفة المؤتمر والثانية الى مكتب صحيفة الزمان نشرتا في يومي 14، 15 /9/ 2003 ، أما المظروف الثالث فقد كتبت على ظهره: السيد رئيس مجلس الحكم المحترم ، وذهبت الى استعلامات مجلس الحكم فسلمتهم المظروف وحزمت أمتعتي للعودة للسماوه .
بعد مرور اسبوعين حللت في فندق باخان ثانية وراجعت استعلامات مجلس الحكم استفسر عن نتيجة مظروفي ، سألني الموظف: انت موسى فرج ...؟ قلت نعم ،اتصل من خلال الهاتف الأرضي بشخص ليسحب بعد ذلك باجاً وضعه في رقبتي وحضرت سيارة اركبوني بها وبعد دقائق خرجت من المصعد لأجد شخص ينتظرني في باب مكتبه عرفت انه د. موفق الربيعي عضو مجلس الحكم رحب بي وطلب مني مرافقته الى الطابق الأول، واثناء مسيرنا سألني بوجوم: أنت منين ...؟ قلت: السماوه ففاجأني الرجل بمغادرة الوجوم وانفتحت أساريره حتى بانت نواجذه وسن العقل وهو يهتف: لعد أنت أبنينا...! لم أفهم الأمر لكني لاحقاً فهمت أن سبب فرحه كان لأني من السماوه يعني من مكونهم...! في حين لم يكن بحسابي ذلك وقلت مع نفسي: هم زين ما كَلتله من عانه ...
قال: لقد قرأت مقالتيك واعجبتني جداً وقد قرر مجلس الحكم "كان وقتها برئاسة المرحوم عبد العزيز الحكيم" تشكيل لجنة برئاستي وعضوية اعضاء من مجلس الحكم بالإضافة الى خبيرين أمريكيين للإعداد لتأسيس جهة لمكافحة الفساد في دوائر الدولة، ونظراً لخبرتك في هذا المجال فستكون أحد أعضاء اللجنة بصفة خبير ...قلت : نعم ، لكن هل ان النية للقيام بهذه الخطوة مختمرة عندهم وتزامنت مع وصول رسالتي ، أم ان رسالتي هي التي أجدحت الفكرة في رؤوسهم ...؟ لم اتبين ذلك...
عندما دلفنا الى القاعة عرفني على الحضور: القاضي دارا نور الدين عضو مجلس الحكم وزير العدل لاحقاً، السيد سمير الصميدعي عضو مجلس الحكم سفير العراق في واشنطن لاحقاً، السيد العضو المناوب للسيد مسعود برزاني، السيد العضو المناوب للسيد حميد مجيد موسى ، السيد العضو المناوب للدكتورة سلامه الخفاجي، عضو مجلس الحكم اعتقد الفضلي ، طبعاً الى جانب رئيس اللجنة دكتور موفق الربيعي وثامن لا اتذكر اسمه بالإضافة الى الخبيران الأمريكيان. كنا نحن الثلاثة: القاضي دارا نور الدين الذي اختار المواد العقابية من بين مواد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل باعتبارها المواد القانونية المتعلقة بالفساد ، والخبيران الأمريكيان اللذان نقلا لنا وثائق عن منظمة الشفافية الدولية التي صدر أول تقرير عنها في عام 1997 وأدبيات وتقارير دولية عن الفساد "كانت قضية مكافحة الفساد في حينه حديثة العهد في دول العالم" ، وأنا بصفتي خبير في دوائر الدولة العراقية بحكم اشتغالي لمدة 14 سنة بصفة اختصاصي في المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري والذي كان يشرف على معظم اجهزة الدولة وأداة الدولة لإعداد وتنفيذ خطة التنمية الادارية الموازية لخطة التنمية القومية لغاية عام 1985 الى جانب اشرافي المباشر على دوائر التطوير الإداري في 6 وزارات ومتابعة الأداء فيها ولمدة 6 سنوات كنا الثلاثة فعالين في اللجنة في مرحلة الإعداد ، بعد مرور أكثر من شهرين انجزت اللجنة مهمتها بإعداد مشروعي قانونين الأول: قانون المفتش العام والثاني قانون هيئة "مفوضية" النزاهة .
في اليوم الأخير لعملي في اللجنة وكانت ليلة رأس السنة 2003/2004 جئت لأودع دكتور موفق الربيعي وكان متكأً على إطار باب مكتبه فنظر إليَّ مستفزاً ربما وصلته أخبار بأني عاني أو راوي وقال: أنتم اللي بقيتوا بالداخل لو بعثيه لو وكلاء أمن...! وكانت العادة في تلك الأيام عندما يتهم شخص آخر يسارع الآخر ليكتف يديه ويتجه الى كربلاء ويحلف بأنه لا بعثي ولا وكيل أمن ، أنا لم أفعل ذلك بل اجبته والدخان يكاد أن يخرج من عيني: نحن الذين بقينا في الداخل بالإضافة الى شظف العيش والظروف الأمنية القاسية كنا نواجه اللوم من عوائلنا لأن نكون مثلما تصف خصوصاً وان المدة لا سنه ولا سنتين بل عمر بحاله ، لكننا بقينا نعض على النواجذ ولم ننحني ولو كنتم بدلنا لبلغ بكم الفساد للخشم...انزل يديه من على اطار الباب ونظر في عيوني حوالي دقيقة وصافحني وغادرت ، ومن يومها الرجل يحترمني ويحبني لكنه لا يطيق قربي منه.
نأتي لبيت القصيد...قانون هيئة النزاهة:
ركزت لجنتا على الأمور الجوهرية التالية:
1.استقلال هيئة النزاهة عن السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بوصفها جهة رقابية مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب.
2. حدد هدفها بالآتي: الغرض منها: (إقامة الحكم النزيه والشفاف في العراق وإنشاء هيئة مستقلة قادرة على تطبيق قوانين مكافحة الفساد ومعايير الخدمة المدنية وتقوية مطالبة الشعب لإيجاد قيادة نزيهة وشفافة تكون مسؤولة وخاضعة للمحاسبة..).
3. جعل من ميدان عملها يشمل القضايا التي تقع تحت 44 مادة من مواد قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل الى جانب مهامها الأخرى وكما يلي:
نصت المادة 4 من أمر سلطة الائتلاف رقم 55 لسنة 2004 ( قانون تأسيس مفوضية النزاهة) على الآتي :
4. تعني قضية فساد قضية جنائية تتعلق بحالة يشتبه بأنها تنطوي على خرق نص مما يأتي: أ. المواد :233 ،234،271، 272،275، 276،290 ،293 ،و296 من قانون العقوبات. ب. المواد من307 إلى 341 (الفصل السادس ) من قانون العقوبات .
ج. أي بند من قانون العقوبات ينطبق عليه نص البنود 5 و6 أو 7 من الفقرة 135 التي أضيفت بواسطة القسم 6 من هذا الإجراء .
د. أي بند آخر من قانون العقوبات تكون فيه وقائع الحالة التي يشتبه أنها تنطوي على خرق مشابهة لحالات يشتبه أنها تنطوي على خرق لنصوص الأحكام الوارد ذكرها في البنود الفرعية من أ إلى ج أعلاه .
5. جعلها طرفاً في أية قضية فساد حصلت منذ 17 تموز 1968 وليس فقط تلك التي حصلت بعد تأسيس الهيئة، فنص على:
"1/قسم 4 ..تتمتع الهيئة بصلاحية التحقيق في قضية فساد ولها أن تعرض على قاضٍ بواسطة محقق من الدرجة الاولى قضية فساد تنطوي على أعمال تمت في الماضي حتى تاريخ 17 تموز من عام 1968 وعند عرض القضية على قاضي التحقيق تصبح الهيئة طرفا في القضية."
6. منحها الصلاحيات التالية:
"5/قسم 4 ..عندما يستهل قاضي التحقيق إجراءات التحقيق في قضية فساد يقوم بإبلاغ مدير الشؤون القانونية في الهيئة بذلك ويطلع الهيئة بسير التحقيق أول بأول بناء على طلبها ويجوز للهيئة أن تختار في أي وقت تشاء أن تتحمل هي مسؤولية التحقيق فإذا اختارت الهيئة أن تتحمل هي هذه المسؤولية يحول قاضي التحقيق ملف القضية بالكامل إلى الهيئة فورا ويتعاون معها ويعلمها عن القضية ويتوقف عن القيام بالتحقيق الذي كان يجريه.
8/قسم 4 .. يجوز للهيئة أن تقترح على الهيئة التشريعية الوطنية تشريعات صممت للقضاء على الفساد وتنمية ثقافة الاستقامة والنزاهة والشفافية والخضوع للمحاسبة والتعرض للاستجواب والتعامل المنصف مع الحكومة ."
7. سلح الهيئة بأظافر من فولاذ عندما عدل قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 بإضافة عقوبة صارمة لمرتكبي الفساد تصل الى:10 سنوات سجن و10 مليون دولار أمريكي والحرمان من الوظيفة نهائياً أو التعامل مع دوائر الدولة. عندما نص:
بإضافة ما يأتي إلى نهاية المادة ( 136) من قانون العقوبات:
" (4) إذا كان العمل ينطوي على مخالفة الإحكام المنصوص عليها في الأقسام الفرعية 2(4) (أ) إلى ( د) من القانون الأساسي الذي تم بموجبه إنشاء هيئة النزاهة ، يفقد مرتكب المخالفة فوراً وبصورة دائميه أهليته للعمل في وظيفة حكومية أو للتعاقد لتوفير البضائع والخدمات للحكومة وتكون عقوبته في تلك الحالة ـ ما لم يقتض نصاً آخر في القانون عقوبة أكثر صرامة, السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات وغرامة تصل إلى عشرة (10) ملايين دولار أمريكي أو ما يعادلها بالدينار العراقي ومصادرة جميع أو أي من المبالغ المالية والأصول والأشياء الملموسة المستحصلة من ارتكاب المخالفة أو من ممارسة نشاط يتعلق بها ، وإرغام المخالف لتعويض المتضررين ."
السؤال الجوهري:
هل بقيت هيئة النزاهة مبنية من الناحية القانونية والإجرائية على وفق الثوابت السبعة آنفة الذكر...؟
وهل احتفظت بمخالبها الفولاذية في مواجهة الفاسدين أم سُفهت أو جردت منها بفعل فاعل...؟
وما هو دور: رؤساء الهيئة ، الحكومة ، المحكمة الاتحادية، القضاء في تجريدها من اسلحتها..؟
هذا ما ننقاشه معكم في الحلقة القادمة.



#موسى_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة النزاهة في العراق: غريب في ثقافة حكم لم تألفه....
- نور زهير ليس بطل -سرقة القرن- بل مجرد شيّال لحقيبة أبطالها.. ...
- هل نحن أمام -نصبة القرن- ، بدلاً من -سرقة القرن-...؟ وهل أن ...
- الشعراء ... وكلمة السواء ....
- -صنعه-، تمنيتها لكني حمدت الله أني لم أتقنها...
- تعديل قانون الأحوال الشخصية ، الباعث الحقيقي...
- أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى: القض ...
- أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى:
- جحود الأبناء وعبودية الآباء...
- التواصل الاجتماعي أم الكتاب...أيهما أكبر تأثيراً...؟
- صوم عاشوراء والغاء 14 تموز...تشابه في الباعث والمنهج
- 14 تموز بقعة ضوء يتيمة في نفق مظلم طوله 800 عام ...
- 30 حزيران ذكرى ثورة العشرين ، لو بقيت في الوجدان لكان أفضل و ...
- شيوخ العشائر في العراق، ثلاثية النضج والمسخ والانفلات...
- الاستثمار الفاسد...
- قبلها ...وبعدها...
- بيان حول ما يجري في السماوه ...
- سحقاً لهم ...التبجح ذاته والاستهانة بأرواح الناس نفسها...
- أم المثقفين - سلوى زكو....
- ضوء على الهندسة العكسية في العراق: مدافع العراقيون من جذع ال ...


المزيد.....




- أصبح موضع مطاردة دولية.. رجل يقذف قهوة ساخنة جدًا على رضيع ل ...
- -حتى لا تعبث بذيل الأسد مجددا-.. قائد الحرس الثوري الإيراني ...
- RT ترصد آثار الدمار في مخيم جنين
- السودان - نشطاء يتهمون الدعم السريع بقتل العشرات في سنّار
- لافروف: تل أبيب تطرح شروطا إضافية كلما تم الاقتراب من التوص ...
- أمين مجلس التعاون الخليجي: دول المجلس تولي أهمية قصوى للتعاو ...
- الجزائر.. المحكمة الدستورية تتسلم 52 محضر تركيز الأصوات في ا ...
- العلم الفلسطيني يعلو فوق أكبر جسور ولاية نيويورك الأمريكية ( ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يجري تقييما للوضع على الحدود الشمالي ...
- برقية من السنوار لجنبلاط ونجله


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - موسى فرج - محنة النزاهة في العراق...ح/2 الصدق والمكاشفة هو السبيل لمواجهة المحنه...