أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )















المزيد.....


هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 20:49
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


التحيز واللاعقلانية واللاموضوغية السائدة بين الأوساط الجامعية بالولايات المتحدة لدى مقاربة الصهيونية والعداء الصهيوني للعرب ، خاصة الفلسطينيين، تتجلى بوضوح في سردية البروفيسورة من باكستان ، فوزية أفضل –خان عن مكابداتها في إحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأميركية، حيث أيدت القضية الفلسطينية. شقّت دربها الأكاديمي وسط أشواك من التحيز المسبق والتزمت ومجانبة الديمقراطية في الحياة العلمية والثقافية . أميركا بلد الرأي الواحد والهيمنة المطلقة لإيديولوجيا طبقية تحابي من يملكون المال ويفرضون مضمامين البحوث العلمية من خلال التبرعات: أشاعوا ذلك " الخوف الذي لاحظته بين أعضاء هيئة التدريس غير المثبتين بشكل خاص، وكذلك لدى الطموحين لمناصب قيادية في القسم والمؤسسة، مبعثه اعتراض غير معلن بأن انتقاد إسرائيل أمر لا يمكن تصوره، وهو وسيلة أكيدة لإنهاء حياتهم المهنية، وبالتالي أشاع رقابة ذاتية من جانب غالبية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة"، كتبت البروفيسورة في مقال عنوانه "جامعات تفرض الرقابة على البروفيسور". يحق التساؤل : إذا تسلطت هذه الموانع والقيود في مجال الأكاديميا ، فكيف بالسياسة والاقتصاد والثقافة وغير ذلك من الأنشطة الاجتماعية داحل الولاياات المتحدة؟!

فلسطين نموذج لتحيز الأميركيين ضد العالم الثالث
في هذا المقال، سأتحدث عن نشاطي من أجل حقوق الإنسان hلفلسطيني وحق الشعب الفلسطيني منذ بداية دراستي العليا في الحرم الجامعي بالولايات المتحدة، وحتى الوقت الحاضر في منصبي كأستاذة دائمة؛ سوف أسرد وسائل الدفاع، التي جلبت عليّ الرقابة الدئمة ومحاولات الإسكات . أصبحت هذه المحاولات اليوم أكثر وضوحًا وإثارة للقلق من أي وقت مضى لأي شخص يتحدث باسم فلسطين في الولايات المتحدة، وذلك إثر مجازر الإبادة الجماعية والمجاعة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي شنته حماس، هذا الهجوم، الذي يستحق الإدانة بسبب خسارة 1200 مدني إسرائيلي بريء، يجب النظر إليه في ضوء أكثر من 75 عامًا من الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية والأشخاص الذين سقطوا قتلى وجرحى وسجناء أكثر بكثير مما فقدت إسرائيل حتى الآن.
عندما وصلْتُ جامعة تافتس قادمة من باكستان في نهاية السبعينيات، كطالبة دراسات عليا في اللغة الإنجليزية، لم أكن على دراية بالتأثير الهائل الذي تمارسه الأيديولوجيا الصهيونية الإسرائيلية في حرم الجامعات، وهو امتداد لسيطرتها على قاعات الكونجرس والسياسة الأمريكية. على العموم. مثل كثيرين ممن نشأوا في ما سمي آنذاك العالم الثالث، وخاصة دولة حديثة مثل باكستان التي كانت تابعة للولايات المتحدة خلال سنوات نشِاتي، حيث تعرضت لتأثيرات الميديا الجماهيرية (تلفزيون والسينما في تلك الأيام) - صدق جيلي حقا الصورة التي نشرتها الولايات المتحدة عن نفسها باعتبارها معقلا لحرية التعبير، والمساواة، وملاذا للمهاجرين من جميع الأجناس والألوان والمعتقدات. أسدل ستار كثيف عن وقائع حجبت بالكامل في الحكايات الشعبية عن تاريخ الإبادة الجماغية للشعوب الأصلية واستعباد الكتل الشعبية من إفريقيا لتغذية الجنة الرأسمالية للقلة بالطبع، بلد الأحرار والشجعان.
حال الانشغال بالدراسات العليا في اللغة الإنجليزية باتت الكاتبة تعي أحداث العالم، وبالذات في الشرق الأوسط:الإطاحة بعميل الغرب في إيران ، جارة باكستان، وقرار القمة العربية رفض اتفاق كامب ديفيد نظرا لمعارضته ميثاق الأمم امتحدة وقراراتها ، وإغفال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وتضيف: مع إدراكي، مع بعض زملائي الطلاب من خارج الولايات المتحدة ، من لبنان وإيران، أن معظم الطلاب كانوا إما جاهلين تمامًا بالأحداث والتاريخ خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، أو غير مدركين لتحيز وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية تجاه "العالم الثالث"، قررنا التركيز على مثال فاضح بشكل خاص لهذا النقص في المعلومات: حالة فلسطين. بعد أن أصبحت عضوًا مؤسسًا لأول لجنة إعلامية حول فلسطين يقودها الطلاب في الحرم الجامعي، تعلمت بشكل مباشر مدى خطورة التحدث نيابةً عن الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم عندما تم إتلاف ملصقاتنا وتمزيقها؛ وصلت رسائل تهديد على أجهزتنا للرد الآلي، (في عصر ما قبل الهواتف المحمولة). إن العواقب التي نشهدها اليوم على الطلاب
وأعضاء هيئة التدريس الذين يحتجون ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة هي أسوأ بكثير، عندما يكون الناس مثلي ورفاقي من جامعة تافتس قد تعرضوا للتحقيق ، وتم تعليق مجموعتنا الطلابية وأنشطتها أو حظرها. في ذلك الوقت، كانت ردود الفعل على جهودنا الرامية إلى تقديم وجهة نظر بديلة بشأن قضية فلسطين تقتصر على رسائل تهدف إلى التخويف، ولكنها لم تسفر في الواقع عن خسارة فرص العمل في المستقبل كما يحدث حاليا مع العديد من الطلاب المؤيدين لفلسطين.

مضى بسلاسة الى حد ما مساري المهني منذ الانتهاء من دراستي العليا بالحصول على شهادة الدكتوراه؛ حصلت على منصب ثابت في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الدولة فيمقاطعة مونتكلير. بعد عام على
مزاولتي المهنة التي دامت 37 عامًا هي، كما أؤكد، دراسة في البقاء، وفي بعض الأحيان مزدهرة في الأوساط الأكاديمية، على الرغم من العقبات العديدة، الصغيرة والكبيرة، التي يتم إلقاؤها في مسارات أعضاء هيئة التدريس مثلي الذين يجرؤون على تحدي السردية السياسية المعيارية حول الصهيونية. القضية الوحيدة التي تتحدى وتنفي كل وجهات النظر التقدمية الأخرى.

التمرد الأول
خلال سنتي الثانية في جامعة ولاية ميشيغان (ثم ماجستير العلوم) – حضرت ما كان آنذاك الحدث السنوي لحياتنا الجامعية: المحاضرة الرئاسية السنوية. في ذلك العام، كانت المتحدثة لدينا هي المثقفة الشهيرة من نيويورك، سوزان سونتاغ، والتي تم تقديمها لمجموعة مرموقة من الإداريين بما في ذلك الرئيس بالنيابة، وعضو بارز في هيئة التدريس بقسم اللغة الإنجليزية . تحدثت السيدة سونتاغ الموقرة و ركزت على عقد محدد لتقديم بعض الأمثلة الملموسة لدعم حجتها الفلسفية الأكبر: العقد الذي شهد فيه العالم محرقة الشعب اليهودي في ألمانيا النازية، والتي كانت مروعة بكل معنى الكلمة. لكن ما أثار اهتمامي هو حقيقة أن هذا كان نفس العقد - الأربعينيات - الذي شهد أيضًا إنشاء دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية وما صاحب ذلك من نكبة - كارثة - حلت بالسكان الأصليين الفلسطينيين في تلك الأراضي، آلاف من الفلسطينيين. أُجبروا على الفرار من هجوم القوات الإسرائيلية، وأصبح العديد منهم ضحايا للمذابح وتدمير منازلهم، و كروم الزيتون والليمون، وقراهم، وماضيهم. عندما طرحْتُ هذه النقطة كسؤال للسيدة سونتاغ للتعليق عليه، لماذا لم تلمح إلى هذه المجموعة الأخرى من الأشخاص الذين تأثروا بشدة خلال العقد موضع التقصي - بدأت ترتجف بشكل واضح على المسرح، واستجابت في النهاية بـ... الغضب من جرأة سؤالي.
أتذكر كيف اقترب مني العديد من أعضاء هيئة التدريس المبتدئين عندما خرجنا من القاعة وسألوني عما كنت أفكر فيه، ألم أخف من أن أعرض للخطر عملي وترقيتي في المؤسسة ؟ في اليوم التالي تلقيت استدعاءً إلى مكتب الرئيس، الذي شرع في تعليمي المعنى الحقيقي لكون اليهود شعب الله المختار، ولماذا عصيت قوانين الله بطريقة ما من خلال استجواب البشر المفضلين لديه! كان اجتماعًا استثنائيًا، شعرت بإغراء الضحك على سخافة كل ذلك، باستثناء أنني كنت أعلم أنه أمر خطير، وأنه كان علي المضي قدمًا بحذر إذا كنت سأمضي في السنوات القليلة المقبلة وما بعدها. لحسن الحظ ، كان لدي مدافع رائع يتمثل في شخص أحد كبار أعضاء القسم، وهي زميلة تحظى باحترام كبير و جلبت أموال منح إلى القسم والكلية. كتبت مقالة افتتاحية قوية جدًا لصحيفة The Montclarion الطلابية في الحرم الجامعي، تدافع فيها عن حقي في حرية التعبير وتعرب عن ازدرائها لمؤلفة مشهورة عالميًا لم تستطيع الرد على سؤال عادل إلا عن طريق توبيخي لمجرد طرح السؤال. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، اندهشت عندما اكتشفت رسائل يومية يتركها زملائي - من الموظفين وأعضاء هيئة التدريس - في بريدي الصوتي، والذين لم أكن أعرفهم، تعترف بشجاعتي في التحدث علنًا عن موضوع تدرب معظمهم على الخوف من التطرق إليه.
حصلت على منصبي، لكن لم أحصل على ترقية. ومن أجل ذلك، كان علي أن أقاتل بشدة، إلى حد التهديد برفع دعوى قضائية، ولكن مرة أخرى، استجاب الحظ وتمت ترقيتي إلى درجة أستاذ مشارك في العام التالي.

عقبات ومقاومات ما بعد الولاية
الخوف الذي لاحظته بين أعضاء هيئة التدريس غير الدائمين بشكل خاص، وكذلك لدى الطموحين لمناصب قيادية في القسم والمؤسسة، مبعثه اعتراض غير معلن بأن انتقاد إسرائيل أمر لا يمكن تصوره، وهو وسيلة أكيدة لإنهاء حياتهم المهنية، وبالتالي أشاع رقابة ذاتية من جانب غالبية أعضاء هيئة التدريس بالجامعة. لم يكن هناك سوى عضو واحد غيري من أعضاء هيئة التدريس في قسمي شاركني الصراحة في دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير؛ اثنينا كنا نتحدث علانية ضد سياسات دولة الفصل العنصري الإسرائيلية الذح يتكشف باضطرد، الى جانب اضطهاد وحشي يتجلى في الرد العسكري على الأطفال الفلسطينيين الذين كانوا يرشقون الحجارة خلال الانتفاضة الأولى والثانية.
بعد فوز حماس في الانتخابات في غزة عام 2005 - وتجدر الدلائل على أن إسرائيل ساعدت في إنشائهاعام 1987 كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية العلمانية بعد الانتفاضة الأولى - قامت إسرائيل، على الرغم من موافقتها على هدنة استمرت لسنوات، بتنظيم حملات عسكرية، أعفبتها عملية الرصاص المصبوب،وأدت لمقتل 1419 فلسطينيًا، على مدى ثلاثة أسابيع، منهم 1167 مدنيًا، وفقًا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة؛ بينما أفادت منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان بمقتل 1385 فلسطينيًا. إن استخدام قنابل الفسفور الأبيض على أهداف مدنية، بما في ذلك مستشفيين (القدس والوفاء)، وكذلك على مجمع الأمم المتحدة في مدينة غزة، اعتبر جريمة حرب من قبل العديد من منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وكذلك لجنة غولدستون التي عينتها الأمم المتحدة..

حاولتُ تنظيم يوما تدريسيا مع العلماء والفنانين في جامعتي لتثقيف الجسم الطلابي، وكذلك المجتمع الأكبر حول حجم الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل خلال عملية الرصاص المصبوب، ما يتيح المناقشة حول الصهيونية كأيديولوجيا سياسية، وكذلك إنشاء حماس وتعاظم دورها في نضالات المقاومة الفلسطينية كجزء من صعود الإسلام السياسي الذي اعتبر،صوابا ام خطأً ، استراتيجيا للمقاومة من فبل العديد من البلدان الواقعة في قبضة السياسات الإمبريالية الأمريكية: اختلى بي بعض أعضاء القسم الذين تولوا فيما بعد أدوارًا قيادية، في محاولة لتثبيط عزيمتي عن دعوة بعض المتحدثين الذين حددتهم – على وجه التحديد، الناشط الأكاديمي المناهض للصهيونية، نورمان فينكلستين. وعندما سألت عن السبب، قيل لي إنه "ليس عالما". هذا، على الرغم من حقيقة أنه حتى قبل رفض تعيينه في جامعة ديبول، كان البروفيسور فينكلستين قد نشر بالفعل 3 كتب مع مطابع أكاديمية كبرى والتي يتشرف معظم "العلماء" بنشر كتبهم عن طريقها: مطبعة جامعة كاليفورنيا، مطبعة جامعة مينيسوتا و Verso، بالإضافة إلى كتاب رابع لهنري هولت وشركاه، وهو نسخة من كتب ماكميلان - وهي أيضًا مرموقة جدًا، كونها واحدة من أقدم شركات النشر في الولايات المتحدة.
من الواضح أن القضية لم تتعلق بكونه عالمًا أم لا؛ بدلاً من ذلك، باعتباره ابنًا للناجين من المحرقة، فإن حقيقة أنه كتب يكشف إسرائيل دولة فصل عنصري فاشية، مع كتاب بعنوان "صناعة المحرقة" يوجه ضربة إلى المكانة المقدسة للمحرقة باعتبارها فريدة من نوعها ولا يمكن المساس بها بأي شكل من الأشكال. أعقبه نقد آخر حول "سوء استخدام العداء للسامية وإساءة استخدام التاريخ" - حسنًا، كان على الصناعة الصهيونية أن تسكته، ولسوء الحظ كان هذا هو التأثير الذي أدت إليه تكتيكات زملائي المقنعة؛ في النهاية، قمت بدعوة جوزيف مسعد، وهو باحث في التاريخ الفلسطيني في جامعة كولومبيا، والذي لم يكن في ذلك الوقت قد أصبح بعد هدفًا لهجمات الطلاب الصهاينة الذين يطالبون بإقالته من التدريس، وبات في نظرهم "أحادي الجانب" تجاه إسرائيل وفلسطين، ما أدى إلى تشويه سمعته على نحو فعال باعتباره معاديًا للسامية في هذه العملية.
أريد أن أوضح هنا أن الزميلين المعنيين هما من العلماء المحترمين في مجالات تخصصهم، وكانا طيبين وكرماء في التعامل معي على مر العقود. أنا متأكدة من أنهما لن يعترفا أو حتى يوافقا على أن ما كانا يفعلانه رقابة من خلال استحضار شبح معاداة السامية المخيف.... ومع ذلك، في الأيام الأخيرة، بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل والذي أدى على الفور إلى هجوم إسرائيلي مميت واسع النطاق على المدنيين في غزة والذي كان من الواضح أنه يهدف إلى الإبادة الجماعية - العلم الفلسطيني الصغير الذي ألصقته على باب مكتبي (بإذن من طلاب من أجل العدالة في فلسطين في حرمنا الجامعي) – لفت الانتباه والإدانة من العديد من أعضاء هيئة التدريس، بما في ذلك رئيس القسم الحالي (أحد الزميلين اللذين أدليا بالرأي عام 2008 ضد إصدار دعوة لنورمان فينكلستين) الذي أخبرني خلال محادثة خاصة أنه أصيب بالأذى لرؤية هذا العرض من الدعم للفلسطينيين بعد فترة وجيزة من هجوم حماس على إسرائيل؛ ناهيك عن أنه، كما أشرت في تبادلنا الودي لوجهات النظر، ودون تأييد تصرفات حماس، لم يكن هناك حقًا أي مقارنة من حيث عدد الأرواح التي فقدت. اللافتة الموجودة على باب رئيس القسم (مؤيدة للحرب الإجرامية)، والتي تعلن أن مكتبه هو مكان آمن لجميع الطلاب الذين يعانون من "معاداة السامية ومعاداة الصهيونية وكراهية الإسلام". من خلال مساواة معاداة السامية بمعاداة الصهيونية، فتحت مساحة خطيرة تشجع هجمات الطلاب علينا ، نجن الذين ينتقدون الصهيونية باعتبارها أيديولوجيا قومية عنصرية غير مقبولة لكثير من أتباع الديانة اليهودية أيضًا.

عودة إلى زميلي المسيحي الصهيوني، الذي تقاعد منذ فترة طويلة - كان في ذلك الوقت عضوًا قويًا للغاية في هيئة التدريس، وترأس لأكثر من عقد من الزمن لجنة كليتنا التي تقرر سنويًا من سيحصل على جائزة الباحث الجامعي المتميز المرموقة ، سيكون اعترافًا مهمًا بإضفاء الشرعية على هذا النوع من النشاط المدرسي الذي كنت أقوم به، والذي يجمع بين النقد الأدبي والثقافي للمضي قدمًا بأجندة العدالة الاجتماعية. وأعتقد أن هذا هو بالضبط ما يكمن خلف إصرار مجموعة المحافظين الجدد على حرماني من هذا الاعتراف، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام العديد من الباحثين (والطلاب) الآخرين لاتباع هذا الطريق.
كان علي أن انتظر عشر سنوات حتى أحصل على الجائزة ، بعد ان رفعت شكوى ضد زميلي الذي نصب نفسه صهيونيًا مسيحيًا، وأصررت على إعفائه من منصب رئيس هذه اللجنة حيث لا يجوز لأحد ان يستمر طوال المدة. لتوضيح مدى انحياز هذا الشخص بشكل فاضح وتمكنه من التحكم في تصرفات مجموعة متنوعة من أعضاء هيئة التدريس في محاولاته لمنع الجائزة/الاعتراف الذي حصلت عليه بوضوح من خلال منشوراتي العديدة عندما بدأت التقدم للحصول على هذه الجائزة.
سأشرك القراء في النقطة التالية من المعلومات: في أحد الأعوام، قررت اللجنة تحت قيادته التصويت لصالح عضو هيئة تدريس آخر تقدم بطلب للحصول على هذه الجائزة، وذلك لمنعي من الترشح، وهو القرار الذي ثبت أنه قرار حزبي مثير للسخرية حتى أن رئيس الجامعة ( لايدعمني )،وافق غلى تقديراتي. اضطروا في ذلك العام لرفض قرارهم، وكانت النتيجة المهينة أنه لم يحصل أحد على هذا الشرف في ذلك العام. كيف يمكنك التصويت لشخص ما ليحصل على تقدير الباحث المتميز عندما لا ينشر أي شيء ذي أهمية ؟ بفضل شخص يتمتع بحس العدالة في تلك اللجنة، تمكنت من إلقاء نظرة على ملف التقديم الخاص بالكلية الأخرى (يتكون من صفحتين!) - واستخدمت المعلومات التي جمعتها لأضمنها كتابا لاحقًا إلى الرئيس وكذلك العميد من كليتي لإعلامهم بأنني لن ألتزم بالسماح للرئيس الحالي للجنة الجائزة بالعمل لفترة أخرى. في تلك الرسالة، قمت بتفصيل القرارات التي تم اتخاذها على مدى السنوات العشر الماضية والتي وفقًا لما أعرفه عن سجلات البحث والنشر الخاصة بالمتقدمين بمن فيهم أنا، ظلمتني برفض الاعتراف باتساع وعمق أبجاثي الدراسية.
في العام التالي، بالتأكيد، مع التهديد باتخاذ إجراء قانوني من قبلي وربما أيضًا بعض الضمائر المستيقظة، حصلت على ما كان يجب أن أحصل عليه قبل عقد من الزمن. ربما لأن منشوراتي العلمية لا علاقة لها بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية، فقد ساعدتني في تقديم قضية قوية نيابة عني من قبل ممثل إدارتي في لجنة الجوائز، وهو نفس الزميل الذي لا يتفق مع آرائي المناهضة للصهيونية.
هذا هو المكان الذي تصبح فيه الأمور أكثر تعقيدًا وأكثر غموضًا.

عنصرية صارخة بعد تفجيرات ايلول 2001
واضح أن الناس لديهم الحق في إبداء آرائهم، أو ينبغي لهم أن يتمتعوا بالحق في ذلك ؛ لكن عندما يؤدي اعتناق أراء معينة إلى تعريض حياة الشخص المهنية للخطر، ويغرضه للوم والرقابة، فإن ذلك يؤدي إلى وضع سوابق خطيرة تقيد حرية التعبير.
في الحالات التي واجهتها مع الزميلين الموصوفين أعلاه، كان أحدهما دقيقًا جدًا في هذا المجال المتمثل في تقييد حقي في حرية التعبير من خلال "توجيه" ناعم، حتى في بعض الأحيان من خلال مساعدتي في تحقيق أهداف مهنية معينة بينما بذل الآخر محاولات صارخة لحرماني من منصة الرؤية والشهرة العلمية بسبب آرائي حول قضية معينة كان على خلاف معها. المشكلة الحقيقية هي أن هذين النوعين المختلفين تمامًا من إجراءات الرقابة- أحدهما يقع ضمن حدود الصداقة الجماعية والآخر بعيد عن ذلك- الاثنان توحدهما راية إيديلوجيا الصهيونية ذات الهراوة الغليظة في الأكاديميا والسياسة وتعمل لعزل الناس أمثالي في جهد للحد من قدرتنا على النمو من جيث العدد والنفوذ. كتوضيح لادعائي هذا ، على الرغم من مناشدتي زملائي في القسم على مدى العقدين الماضيين دعم طلب مقدم إلى الإدارة العليا للحصول على نهج ثابت في الأدب والثقافة العربية والعربية الأمريكية، أو توظيف شخص آخرمن فئة ما بعد الكولنيالية مثلي، بمقدوره تدريس مواضيع في مجالات اهتمامي مثل الدورة التي أنشأتها بعنوان صور النساء المسلمات والتي لا تعرض إلا حين يساعدني الوقت لتدريسها - تم تهميش طلباتي بشكل فعال؛ تبين من المستجيل على مدى 37 عاما توظيف شخص مثلي من جنوب آسيا أو مستعرب ، وما زلنا دائرة يهيمن عليها البيض .
مقاربة أشد صراخة فادت زميلي المسيحي الصهيوني إثر تفجيرات 11 سبتمبر لتمرير تعليقات عني، عنصرية ورهاب أجانب قبيحة تعمم على 3-4000 من الأكاديميين والموظفين ، مثل "عودي الى الكهوف التي زحفت خارجها" . كان ذلك ردا على إصراري على تأرخة مأساة 11 أيلول، وإبراز في المقدمة طروحات كتاب نشيطين ، مثل أرونداتي روي، تتضمن العديد من أحداث من شاكلة 11 سبتمبر سبقت تلك التي حدثت فوق الأراضي الأمريكية، في غدد من بلدان الجنوب العالمي بفضل التدخل العسكري والاقتصادي المستمر من قبل المجمع الإمبريالي العسكري الصناعي بالولايات المتحدة. جزء من رؤيتي التاريخية ربط الدعم الأمريكي غير المشروط لدولة الفصل العنصري الإسرائيلية ، دولة الاستعمار الاستيطاني الصهيونية بحالة عدم الثقة والكراهية العامة تجاه الولايات المتحدة من قبل غالبية شعوب العالم الملونة. كذلك نشرْتُ انثولوجيا كتابات النساء المسلمات بعنوان "تهشيم الصور النمطية",فيها عقدت هذه الصلات بين ظاهرتين وجدتا في آن واحد: سياسات الولايات المتحدة في أرجاء المعمورة ، انطوت على التدمير والامبريالية ، بما في ذلك دعم مشين لسرقة الأرض والقتل التي تمارسها إسرائيل ضد السكان الفلسطينيين؛ بالمقابل بروز التطرف الإسلامي أحد أشكال معارضة، ما يراه المتعاطفون معها وأتباعها، هيمنة بلا ضوابط من جانب دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة.
من الواضح أن هذه الرابطة لم تكن لتلقى الاستحسان لدى أشخاص مثل الرئيس السابق لقسم الدين والفلسفة في مونتكلير. وبناءً على ذلك، قام بمحاولات صريحة وواضحة لإسكاتي؛ غير انه في الواقع ، كشف عن تحيزه بشكل صارخ للغاية، ما أثار استياء العقول الأكثر تقدما ً، ممن ربما شارك بعضهم تحفظات مماثلة حول سياستي ووجهة نظري.
بدون السير في طريق افتراض أنني أعرف ما يكمن في قلوب وعقول الزملاء وكذلك القادة الإداريين، أستطيع أن أشهد على حقيقة أن منظومة غريبة من الضغوط تراكمت حولي في العقود التي تلت أحداث 11 سبتمبر، حيث أحالتني "المرأة المسلمة" الترميز لكل من استثناء قاعدة الأصولية الإسلامية في المواقع الأكاديمية الغربية، الى جانب النظر بريبة اليها لما تضمره من مشاعر تناقض آلة الإمبراطورية الأمريكية الصهيونية. وصموني باللاوطنية (وبالتالي خائنة) في نظر الكثيرين. العديد من الطلاب، خاصة في الصفوف التي كنت أقوم فيها بتدريس الكتّاب الفلسطينيين مثل غسان كنفاني أو النسويات العربيات مثل نوال السعداوي، اللاتي كشفن أيضًا عن الروابط بين الصهيونية والإمبريالية الأمريكية والنظام الأبوي والرأسمالية العنصرية، بالإضافة إلى ما يسمى بالأصولية الإسلامية، وصفوني بمناهضة الولايات المتحدة الأمريكية، شكوا مني في تقييمات الطلاب. في أحايين عبر الطلبة اليهود عن الغضب تجاه أفكاري، على الرغم من ازدياد أعداد الطلبة اليهود المعادين للصهيوينة داخل الجرم الجامعي، وذلك نتيجة ربما لطرح الآراء المعارضة للخطاب الصهيوني من قبل اشخاص مثلي . مهما يكن فاختلاط الإعجاب مع عدم تقبل ما أدافع عنه، وللآراء التي طرجتها بدون لف ودوران أثناء تدريسي وكتاباتي ، والتي كشفت عن الروابط بين جميع تلاوين التقوى، قد أفضت مجتمعة الى عدد من الاحتمالات. أولاها ظهور اسمي على قائمة AMCHA للأساتذة "المعادين لإسرائيل" وبالتالي يجب تجنبهم وإدانتهم. وهذا ما أعلنه موقع مبادرة AMCHA عن أهدافها المعلنة:

هام: شارِكْ هذه القائمة مع عائلتك وأصدقائك وزملائك عبر البريد الإلكتروني أو Facebook أو Twitter أو Google+ أو LinkedIn أو الحديث الشفهي.
مع بداية فصل الخريف، سوف يفكر العديد من الطلاب في الالتحاق بدورات يقدمها علماء الشرق الأوسط في جامعاتهم، من أجل فهم أفضل للاضطرابات الحالية المستعرة في الشرق الأوسط، وخاصة الصراع بين إسرائيل وغزة. نشرت مبادرة AMCHA قائمة بأسماء 218 أستاذًا عرفوا أنفسهم بأنهم باحثون في الشرق الأوسط، والذين دعوا مؤخرًا إلى المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل في عريضة موقعة. الطلاب الذين يرغبون في الحصول على تعليم أفضل عن الشرق الأوسط دون إخضاع أنفسهم للتحيز المناهض لإسرائيل، أو ربما حتى لخطاب اللاسامية[ تأكيد من الكاتبة]، قد يرغبون في التحقق أيا من أعضاء هيئة التدريس في جامعاتهم الموقعين قبل التسجيل.
من جامعات ولاية ميشيغان، على ما يبدو، أنا الموقع الوحيد المدرج في القائمة.
يتبع لطفا



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تغير صدمة الفشل نهج الدولة الصهيونية؟
- إبادة سياسية ، إبادة بشر ، إبادة مدرسية وثقافية وهوية وطنية، ...
- منظومة الامبريالية الدولية وذيولها إجماع على الكيد للشعب الف ...
- وصلت إسرائيل نهاية الشوط
- استراتيجيا الامبراطورية في الشرق الأوسط
- مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام
- لا صمت بعد الذي جرى
- قرصنة بالأرض ..قرصنة بالمياه .
- تصدع بمصداقية اللوبي الصهيوني وتعرية البروباعاندا في دعايته
- نهاية الوهم الصهيوني
- ركائز للأبارتهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي
- ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
- إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
- قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
- علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني
- جدار جابوتينسكي تطهير عرقي عقيدة الليكود
- جدار جابوتينسكي يتصدع
- عودة الى المتهاة .. تفاوض بوساطة أميركية !!
- همجية إسرائيل بشهادة شعوب الأرض
- جوع وصدمات غزة وصحة أجيال المستقبل


المزيد.....




- الرفيق فهد سليمان: نخوض حرب إستنزاف، ستشكل نتائجها عنصراً رئ ...
- -زعيم اليسار الإسرائيلي: لا يمكننا حل جميع المشاكل بالقوة- - ...
- على سرير واحد مع الموتى والفئران.. حدود الصمود والموت في لين ...
- بيان الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة للتطبيع حول مستجدات ...
- بيان المكتب الجهوي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة الرباط ...
- اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين المناهضين لسياسات ماكرون والشر ...
- مهرجان عيد الصحافة الشيوعية الـ 77 في فيينا
- -أزمة ثقة-.. كيف تخاطر الصين بارتكاب أخطاء الاتحاد السوفييتي ...
- فولودين: إقامة مجمع تذكاري عند منبع دنيبر سيخلد ذكرى العسكري ...
- فرنسا.. احتجاجات اليسار بعد تعيين المحافظ ميشيل بارنييه رئيس ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )