أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - مقتل وزير(2)














المزيد.....

مقتل وزير(2)


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 8093 - 2024 / 9 / 7 - 20:48
المحور: سيرة ذاتية
    


مقتل وزير(2)*


عام 1976عدت إلى بغداد مدرساً في كلية طب الأسنان بعد أن حصلت على الشهادة العليا من جامعة نيويورك في بفالو. فورأ صدر قرار حزبي بتفريغي لأعمال مكتب الطلبة والشباب في القيادة القومية للحزب إضافة إلى عضويتي في اللجنة الثقافية المركزية للمكتب الثقافي الذي كان يترأسه صدام حسين وينيب عنه طارق عزيز, على أن أُمنح فرصة العمل كتدريسي ثلاثة أيام صباحاً.
بعد عامين طُلب مني معاونة الدكتور رياض لإدارة منظمة (العمل الوطني) المركزية المعنية بمتابعة ربط التدريسيين المستقلين في وزارتي التعليم العالي وكذلك الأطباء في وزارة الصحة. سألتهم تغيير الأمر كوني متفرغاً لأعمال مكتب القيادة القومية, الطلبة والثقافي, لكنهم شرحوا الأمر كالتالي : لما كان الوزير منشغلاً بمتابع شؤون الوزارة ولسفره المتواصل خارج العراق فإن وجودي إلى جانبه لإدارة منظمة العمل الوطني ضرورياً لأن صفتي المهنية والتدريسية والحزبية والثقافية تجعلني أكثر آهلية من غيري لتحمل المسؤولية في هذا الوسط المتميز.
وهكذا جمعتني الأيام مرة أخرى مع الشهيد الدكتور رياض في علاقة حزبية وشخصية وثيقة وصارت لي فرصة اللقاء به أسبوعياً كما عدت للتواصل الأخوي الشخصي مع الدكتور الصيدلاني المرحوم صباح يوسف الذي عين مستشاراً للوزير ومديراً عاماً للعديد من مؤسسات الوزارة وفي مقدمتها رئاسته للمؤسسة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية التي دخلت على خط قصة الاغتيال بصفتها الجهة التي قامت باستيراد الدواء التي فبرك صدام حسين قصته, والتي وقدمها لوسائل إعلامه لكي تكون في ظنه سبباً كافياً مقنعاً لاغتيال الوزير بعد أن اصبحت قصة اغتياله مثار إهتمام عالمي وعراقي.
إن الذي يطلع على الشريط المصور الذي قدم فيه صدام قصته الكاذبة عن الوزير الشهيد سوف تدهشه قدرة هذا الأخير على الكذب والتدليس. وكما قلت فهو لم يكتفِ بقتل الشهيد غدراً في المرة الأولى وإنما قام بقتله مرتين بعد أن إتهمه بالتعاون مع الخميني في قتل الجرحى العراقيين زمن الحرب مع إيران. القتلة الثانية كانت قطعاً شر القتلتين, وأما التفسير الذي قدمه صدام فقد كان شديد الضحالة والبؤس وقد استحق بعد أدائه لقب القاتل الكذاب.
ومن المهم جداً البحث عن تفسير لائق لقضية الكراهية التي كان يشعر بها صدام تجاه الشهيد رياض. أغلب قدامى الحزب جرت تصفيتهم ولم يبق منهم غير أولئك الذين كان صدام بحاجة إليهم لغرض مكيجة حزبه الجديد من أمثال عزة الدوري وطه ياسين رمضان . إن صدام كان ينفذ أجندة ذاتية لتصفية أو إزاحة كل من له تاريخ شخصي خارج معمله.
وقد بدأت التصفيات بداية السبعينات باغتيال بعض القياديين البعثيين وفي مقدمتهم الكبير عبدالخالق السامرائي وإزاحة الكثير من البعثيين من ذوي العلاقة بعبدالخالق وفي مقدمتهم الراحل زهير يحيى العضو المرشح للقيادة. لقد كان صعباً تحويل هؤلاء إلى أعضاء في جوقة موسيقية قيادية سيصير أكثر همها التغني به على أنغام (سيدي شكد إنت رائع سيدي) وصولاً إلى (الشمس منين طلعت .. طلعت من العوجة). أما الوجبة الثانية من البعثيين الذين وضع صدام في برنامجه ازاحتهم في أقرب فرصة فقد كانت حافلة بأكثر الشخصيات من ذوي التاريخ الخارج من رحمهم الشخصي وليس من خلال معمل صدام لتصنيع القيادات.
وقد تمت بعد عامين على مجزرة قاعة الخلد تصفية أغلبية من كان قد تبقى من أعضاء الحزب القدامى من غير المصنعين صدامياً, حيث شملت تلك الوجبة نسبة كبيرة جداً من قيادات الفرق والشعب (عددهم تجاوز المائتين وثلاثين شخصاً) الذين لم يتطوعوا في الحرب العراقية الإيرانية بعد أن تم تخييرهم بين التطوع من عدمه, فمرت الخدعة عليهم لأنهم لم يتوقعوا وجود نيات غدرٍ مبيت بذلك الشكل.
وأتذكر أن ثمة من نقل إلى صدام أن الشارع العراقي بدأ يتحدث عن حزبٍ بات مفرغاً تقريباً من أعضائه القدامى بحيث ظل محصوراً بأولئك الذي صنعهم صدام فخرج علينا هذا الأخير بمسرحية تكريم البعثيين من أصحاب التاريخ البعثي الذي تتجاوز سنواته الخمسة وعشرين عاماً فما فوق. وقد شمل (التكريم) كثيراً من البعثيين الذين لم يقضوا حتى أقل من نصف الفترة. والفكرة من وراء مسرحية التكريم كانت واضحة, وهي أن يرد صدام على الإتهامات التي بدأت تسود لدى أغلب العراقين بشأن وجود نيات صدامية مبيته لإبعاد كل بعثي قد لا يقدم ولاءه لمن لا يشعر بأنه ولي نعمته. وهكذا وضع صدام حزبه في مدار الكذبة الدوارة المغرقة بالتزوير الأخلاقي, فهو الذي صنع الكذبة ثم طلب منهم أن يكون جزءاً منها بعد أن صار لهم فيها نصيباً ومنفعة.
إن رياض الحاج حسين كان مشروعاً لإزاحة مؤجلة. يكفي أنه لم يكن من رجالات الرئيس. لقد كان من أوائل المنتمين إلى حزب البعث وعاد بعدها ونجح في الحصول على شهادته كطبيب من جامعة بغداد ثم على شهادة الاختصاص بطب العقم من إنكلترا.
وقد جاء تعينه وزيراً بإرادة الرئيس المُقال أحمد حسن البكر وبتوصية من وزير الصحة الأسبق الدكتور عزة مصطفى, لذلك أصبح شخصياً في مقدمة قائمة الإقالات وربما الاغتيالات.
__________________________________________________________________________________________________________________
* فصل من مذكرات بعنوان (في ضيافة المدافع)



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل وزير* (1)
- بيتٌ بلا أسوار
- الجواهري.. ما بين الشاعر والإنسان
- الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (2)
- الخلل البنيوي للإسلام السياسي العربي (1)
- الأيديوغماتية
- حل الدولتين
- عضة كلب
- رغد صدام حسين .. إذا أبتليتم فاستتروا
- مقالتي الألف .. الدم في خدمة الخرافة
- رد على من لا يستحق الرد !
- الوطنية والإسلام السياسي
- خير النساء
- بايدن .. هل كان صهيونياً بحق
- المهدي المنتظر
- الدين السياسي ليس ديناً وليس دولة
- القضية الفلسطينية وصدام الأديان
- فلسطين ومفهوم القضية المركزية
- عن روما القديمة وعن ترامب الآتي وعن مجلس الإنقاذ
- انتحاري على طريقته الخاصة


المزيد.....




- ناسا تخطط لإطلاق مسبار إلى القمر الجليدي لكوكب المشتري
- -لاعب شطرنج-.. ترامب يدلي بتصريح -غريب- عن قرار بوتين دعم رو ...
- مقترح أمريكي جديد حول غزة.. الفرصة الأخيرة
- -حزب الله- يطلق رشقة صواريخ مكثفة في اتجاه إصبع الجليل والجي ...
- زيلينسكي يعلن عن إعداده خارطة طريق جديدة لحل الصراع في أوكرا ...
- الحزب التركي الحاكم: الاتحاد الأوروبي يمارس معايير مزدوجة في ...
- رباعية الدفع الروسية -ألاباي-.. الوسيلة الأمثل لإجلاء الجرحى ...
- RT ترصد آثار الدمار في جنين
- بدء فرز الأصوات في الجزائر
- مقتل 3 أشخاص بقصف إسرائيلي جنوب لبنان


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جعفر المظفر - مقتل وزير(2)