عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 18:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تخليت منذ زمن عن فكرة الصراع بين العلم والدين، رغم أنهما كليهما يؤثران على الإنسان ورؤيته لحياته وللوجود، وربما يتنافسان في سعي كل منهما إلى توسيع مساحته في التأثير على وعي الأنسان.
فالعلم يقدم رؤية مادية، يحل في مجراها معضلات الوجود، ويترك تأثيره المادي على الأنسان وبيئته الطبيعية، وعناصرها العضوية واللاعضوية.
ويعترف العلم بأن خلاصاته نسبية وليست نهائية، وأنها عرضة للوقوع في الخطأ، كما يمكن أن تكون شديدة الصواب ويمكن الانطلاق منها إلى خلاصات أكثر تطوراً ورقياً، وما يساعد على ذلك انها لا تعتمد فقط على النشاط الذهني للباحثين في المجالات العلمية المختلفة، بل كذلك على التجربة وأعادة التجربة بعناصر مختلفة وبيئات وشروط مختلفة. ولهذا يشكل العلم حاجة أساسية للإنسان وربما لا ينكر حتى أكثر المتدينين تشددا، الحاجة اليه، وليس بينهم من يرفض خدماته عند تعرض حياته إلى الخطر.
لكن الإنسان كائن بالغ التعقيد من حيث تكوينه الفيسولوجي المادي، ومكوناته الروحيه. ومهما تطور العلم وتغلغل في كل مفردات الحياة اليومية للأنسان، سيظل قسماً كبيراً من الناس في حاجة إلى مؤثرات أو روافع روحية، توفر لهم السكينة النفسية، وتخفف عنهم وقع المقولة العلمية والفلسفية في آن معاً، والقائلة بان الوجود العضوي ما هو إلا استثناء مؤقت من الوجود اللا عضوي.
وبدوره الروحي الذي يقدم للإنسان طمأنينة إلى شكل من أشكال أستمرارية الوجود وإن بصيغ أخرى غير ما هو عليها في وجوده المادي، يسد الدين حاجة أخرى غير، والى جانب، حاجته إلى العلم. أي أن العلم والدين معا يوفران للإنسان احتياجاته، كل في مجاله. وهي احتياجات مفهومة ومشروعة، يفترض أن تقود إلى أقرار العلم والدين، كل منهما بالآخر، وبدور كل منهما في خدمة الأنسان، وليس السعي إلى نفي الآخر واجتثاثه. ولن يتحقق هذا دون إبعاد العلم والدين عن السياسية، لأنها من أدوات الهيمنة ووسائل الأجتثاث.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟