أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السادس والعشرون)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السادس والعشرون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 01:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل فكرة، كل مظهر شيء، يسمح برؤية ماهية الشيء المعني. هكذا، كما أوضحنا سابقًا، بالنسبة إلى لفكر اليوناني، فإن "الأفكار" تجعل ممكنا ظهور الشيء كما هو وأن يكون حاضرا بما له من ديمومة. إن جوهر أي فكرة يكمن بالفعل في كونها تسمح بالظهور، تجعل هذا الظهور قادرا على منح نظرة عن المظهر. باعتبارها لاتحجبا، تبقى الحقيقة سمة أساسية للموجود نفسه. لكن، بوصفها دقة في "النظرة"، فإنها تصبح سمة سلوك معين للإنسان تجاه الأشياء الموجودة. وطمع ذلك، كان أفلاطون مجبرا على الحفاظ، بطريقة معينة، على "الحقيقة" كخاصية للموجود، لأن هذا الأخير، كشيء حاضر، يمتلك الوجود في حالة ظهوره: بيد أن الكينونة تجلب معها اللاتحجب. يظهر اللاتحجب باعتبارها السمة الأساسية للموجود نفسه. ومع ذلك، يجب أن يكون جوهر الحقيقة مفكرا فيه بطريقة أكثر أصالة. هكذا لا نستطيع أبداً أن نفترض اللاتحجب بالفعل
بمعنى الذي منحه إياه أفلاطون، أي عن طريق إخضاعه للفكرة. لماذا؟ إليكم الحواب.
مفهوما فقط بمعنى أفلاطون، فإن اللاتحجب يظل ملتزما بعلاقة مع البصر والفكر واللغة. يعني قبول هذه العلاقة التخلي عن جوهر اللاتحجب. لا محاولة لتأسيس جوهر اللاتحجب على "العقل"، على "الروح"، على "الفكر"، على "اللوغوس"، على أي نوع من "الذاتية"، قادرة على إنقاذ جوهر اللاتحجب. ذلك إذن أن ما يجب تأسيسه، جوهر اللاتحجب نفسه، لم يتم استجوابه، أو استنكاهه، أو تبيانه. الجوهر الأصلي للحقيقة يكمن دائما في غموض أصلها الذي سنوضحه قبل ختم هذا الجزء الاول من دراسة روبنس بيليدور.
بينا للتو، في تأويل "أسطورة الكهف" لأفلاطون، أن الحقيقة، منذ الأصل، تعني: ما انتزع من الاحتجاب. الحقيقة هي هذا الانتزاع، الذي هو دائما في وضع كشف الحجاب. لكن مسألة جوهر الحقيقة، يؤكد هايدجر، لا تبلغ مجالها الأصلي إلا في اللحظة التي يسمح فيها النظر المسبق إلى كامل جوهر الحقيقة بأن يحتضن لاتحجب الأخيرة التأمل في اللاحقيقة. إن اختبار لاماهية الحقيقة لا يسد ثغرة ثانوية، لكنه يشكل خطوة حاسمة نحو الموقف المناسب لمسألة ماهية الحقيقة. لكن، كيف ندرك التمييز بين لاماهية وماهية الحقيقة؟ إذا لم يستنفذ جوهر الحقيقة في تطابق العبارة، فإن اللاحقيقة، هي كذلك، لا يمكنها أن تكون مساوية للاتطابق الحكم. لنستمر في تفسير ماهية الحقيقة لكي توضح في التالي أن الحقيقة واللاحقيقة تنتمي الواحدة منهما إلى الأخرى بشكل متبادل. لقد شددنا في تحليلنا حول الحقيقة الإسنادية على أن ماهية الحقيقة هي الحرية (Cf.p.18). بصريح العبارة، سوف تلقي الضوء على كامل جوهر الحقيقة في الجزء الثاني، لكن ما دامت مهمتنا هي فهم ماهية اللاحقيقة وتبيان الانتماء المتبادل لهذه الأخيرة مع ماهية الحقيقة، يبدو لنا من الضروري الرجوع إلى مفهوم الحرية الموصوف في نهاية الحديث عن الحقيقة الإسنادية. تمت إماطة اللثام عن ماهية الحقيقة فظهرت على أنها حرية. نرمز إلى هذه الأخيرة بعبارة "دع الكينونة توجد" التي تكشف الحجاب عن الموجود. كل سلوك منفتح يتم بترك الموجود يكون مع أخذ موقف إزاء هذا الموجود الخاص أو ذاك. منحت الحرية مسبقا كل سلوك للموجود في كليته، وباعتبارها تترك للاتحجب هذا الموجود في كليته وكما هو. "دع الكينونة" للموجود، المولد لتوافق (الدازاين) مع الموجود في كليته، يخترق ويسبق كل سلوك منفتح يتم فيه. سلوك الإنسان مخترق بكشف الموجود في كليته.
بشكل ملموس، ظل هايدجر في حركية "الوجود والزمان" حيث كل إمكان لملاقاة الموجود تتأسس على انفتاح الدازاين الذي يحتوي الكينونة كما هي. مع ذلك تبدو عبارة "في كليته" بالنسبة إلى الاهتمام والحساب اليوميين مثل اللامفهوم واللامتوقع. اللامفهوم لا يسمح بالوصول إليه انطلاقا من الموجود الذي ظهر لتوه، سواء انتمى هذا الأخير إلى الطبيعة أو التاريخ. ورغم أنه يخترق كل شيء باستمرار، من خلال موافقته، فإنه يبقى هو نفسه غير المحدد وغير القابل للتحديد. وهذا هو السبب وراء الخلط في أغلب الأحيان، بحسب هايدجر، بين ما هو الأكثر شيوعا والأقل وضوحا. لنفهم أن ما يصل إلينا هكذا (من موافقته) ليس شيئًا، بل هو، على العكس من ذلك، إخفاء للوجود في مجمله. بقدر ما يترك "دعه يوجد" الكينونة للموجود اللامحدد الذي يحيل إليه في سلوك معين، وبالتالي يكشف عنه الحجابيخفي الوجود في كليته. من حيث ذاته، "دعه يكون" هو في حد ذاته إخفاء. في الحرية الوجودية للدازاين يتحقق إخفاء الموجود في كليته، وهو ما يعتبر تعتيما. وفي الوقت نفسه، تظهر اللعبة المعقدة للاتحجب-تححب الأليثيا المرتبطة بالفرق الذي لا يمكن اختزاله ولا الانفلات منه؛ سيتم توضيح هذا العلاقة لاتحجب-تحجب في فصل لاحق، أما الٱن فينبغي أن نتساءل عن التعتيم ونسأل أنفسنا عما يكون بينما نحاول فهم جوهر اللاحقيقة. وهكذا نبدأ بالحديث عن اللاحقيقة باعتبارها إخفاء . يرفض التعتيم لاتحجب الأليثيا. لا يقبله حتى ولو كان stérésis (حرمانا)، مع الحفاظ للأليثيا بما هو خاص بها. التعتيم هو إذن، عندما نفكر فيه انطلاقا من الحقيقة كلاتحجب، خاصية ما لا يكون لامتحجبا، وهكذا يكون اللاحقيقة الأصلية الخاصة بجوهر الحقيقة باعتبارها أليثيا. إن تعتيم الوجود في مجمله لا يؤكد نفسه كنتيجة تابعة للمعرفة المجزأة دائما بالوجود، ولكنه شرطها ذاته. تعتيم الوجود في مجمله، اللاحقيقة الأصلية، أقدم من كل كشف عن هذا الموجود أو ذاك. إنه أقدم من الأمر "دعه يكون" ذاته، الذي، وقد أزال الحجاب، يخفي بالفعل، ويتخذ موقفاً في علاقة بالإخفاء.
ومع ذلك، يجب علينا أن نسأل أنفسنا: ما الذي يمكن أن يحتفظ به الأمر "دعه يكون" من هذه العلاقة بالإخفاء؟ كما أكد هايدجر، لا شيء غير إخفاء الموجود كما هو، معتم في مجمله. هذا الإخفاء للموجود كما هو، يسميه هايدجر لغزا. لا يتعلق الأمر بأي سر معين يؤثر على هذا الشيء أو ذاك، بل يتعلق بهذه الواقعة الفريدة، وهي أن اللغز (أي إخفاء ما هو ممتحجب) في حد ذاته، يهيمن على الدازاين البشري. هكذا يحدث أن الإخفاء، في الأمر "دعه يكون" الكاشف والذي في نفس الوقت يخفي الموجود في كليته، يظهر كشيء متحجب في المقام الأول. الدازاين، كما هو موجود، يولد اللاتحجب الأول والأكثر امتدادا، اللاحقيقة الأصلية. إن اللاماهية الأصلية للحقيقة هي اللغز كما تم التنصيص عليه أعلاه. إن مصطلح اللاماهية لا يعني بعد هذا الفارق الدقيق في الانحطاط الذي نربطه به بمجرد أن تدرك الماهية ككونية، كإمكان للكوني وأساس له. تهدف اللاماهية هنا إلى الماهية الموجودة مسبقا. مع ذلك، تشير اللاناهية عادة إلى تشويه الماهية المنحطة قبلا. بكل هذه المعاني، رغم ذلك، ظلت اللاماهية مرتبطة دائما من حيث الجوهر بالماهية، وفق جهات متناسبة، ولا يصبح أبدا غير ضروري بمعنى مهمل. لكن الحديث عن اللاماهية واللاحقيقة بهذه الطريقة يصطدم بالرأي الذي ما زال رائجا ويبدو كتراكم قسري لـ "مفارقات" تعسفية. ولأنه من الصعب إزالة هذا المظهر، فإننا ننبذ هذه اللغة التي ليست متناقضة سوى لدى الحس المشترك. بالنسبة لمن يعرف، على الأقل، أن "لا" في اللاماهية الأصلية للحقيقة، باعتبارها لاحقيقة، يشير إلى المجال غير المستكشف لحقيقة الوجود (وليس الموجود فقط). الحرية باعتبارها "دعه يكون" هي في حد ذاتها أمر لا مفر منه، علاقة يعاد حلها، أي علاقة غير منغلقة على نفسها. كل سلوك، يقول هايدجر، يرتكز على هذه العلاقة ويتلقى منها توجيه [النهوض] إلى الموجود ولاتحجبه. لكن من هنا، تختفي هذه العلاقة ذاتها بالاختفاء من حيث أنها تشجع على نسيان اللغز وتختفي في هذا النسيان.
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد بوندي يصوغ ملاحظات ويقوم بمقارنات بين أشكال التنظيم الص ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- إسبانيا تدعي أن المغرب يرفض تسليم أربعة من مهربي المخدرات مت ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- مدينة سبتة المحتلة أضحت قبلة للراغبين من سكان شمال إفريقيا ف ...
- حميد المهداوي يكذب كذبة مزدوجة على الأستاذة عائشة الكلاع
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: القتل الجماعي في مدن الضفة ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تمارة: الاشتراكي الموحد يتساءل عن دواعي استثناء معتقلي الريف ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- عزيز غالي يعتلي الواجهة الإعلامية وسط زوبعة من الجدل - أحمد ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الانتخابات الرئاسية في أمريكا: هل ستكون كامالا هاريس بديلا ع ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...


المزيد.....




- ما رد البيت الأبيض على تصريحات بوتين عن كامالا هاريس؟
- هل يمكن لأمريكا إبرام صفقة أحادية مع -حماس- بشأن الرهائن؟.. ...
- بلينكن يعلن عن فحوى محادثاته مع الإسرائيليين والسعوديين بشأن ...
- ثلاثة أسباب لتوسعها.. جماعات متطرفة تهدد غرب أفريقيا
- دراسة: تراجع أعداد الخفافيش تكلفته مميتة على البشر
- بعد تسميته رئيسا جديدا للوزراء في فرنسا.. من هو ميشيل بارنيي ...
- مطلق النار في مدرسة بجورجيا.. تساؤلات بشأن -تحقيقات سابقة-
- بلينكن: هناك قضايا حرجة في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة
- مؤسس تليغرام: كان على فرنسا تقديم شكوى للشركة بدل اعتقالي
- محطة براكة للطاقة النووية.. تفاصيل المشروع الأول من نوعه بال ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء السادس والعشرون)