أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والعشرون)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والعشرون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8087 - 2024 / 9 / 1 - 02:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الانتقال من الكهف إلى ضوء النهار وبالعكس من الأخير إلى الكهف يقتضي تعويد العيون على الانتقال من الظلام إلى النور ومن النور إلى الظلام. في كل مرة تعاني العيون من اضطراب كبير، وذلك لأسباب متعارضة. "اضطرابان إثنان يحدثان اضطرابات للعين، وذلك لسببين. (518أ،2) ماذا يعني هذين الاضطرابين؟ يريد أفلاطون أن يبين لنا أن هناك إمكانين للإنسان. أولاً، يمكنه التغلب على جهل مستوى به بالكاد، ليصل إلى حيث يظهر له الموجود تحت ضوء نهار أكثر أهمية (في شكله الحقيقي): إذن، في الأوقات الأولى، لا يكون الإنسان متلائما مع ما لديه الاتساق الكامل للوجود. وبعد ذلك، يمكنه أيضا أن يرفض ويترك موقفا أسند للمعرفة الأساسية، ليفشل حيث يكون الواقع المشترك هو الغالب، ولكن دون أن يكون قادرا على قبول ما هو رائج ومعتاد في هذه الجهة على أنه حقيقي. لكن، في فكر أفلاطون، كما يجب على العين أن تتكيف، بطريقة بطيئة ومستمرة، سواء مع النور أو مع الظلام، كذلك يجب على النفس أن تتعوّد بصبر وتقدم طبيعي، على مجال الموجود الذي تجد نفسه مسلَّمة إليه. مؤيدل لأطروحة أفلاطون، يؤكد هايدجر أن مثل هذا التعود يتطلب قبل كل شيء تغيير الاتجاه الذي من خلاله توضع النفس كلها في خط جهدها الجديد، وبالمثل فالعين لا تستطيع أن ترى جيدا أو تنظر من جميع الجوانب إلا إذا تموقع الجسم كله في مكان مناسب. لنطرح هذا السؤال: لماذا من الضروري أن يكون الاعتياد على جهة معينة بطيئا ومستمرا؟ لأن تغيير الاتجاه يهم الإنسان في جوهره، ويحدث بالتالي في أعماق وجوده. هذا يعني أن الموقف الحاسم الناتج عن تغيير الاتجاه يجب أن يتحدد ويصبح سلوكا راسخا، انطلاقا من علاقة تدعم قبلا جوهر الإنسان. هذا التوجه الجديد، هذا التكيف لوجود الإنسان مع المجال الذي المخصص له في كل مرة، يشكل جوهر ما يسميه أفلاطون التربية (Paideia). بالنسبة إلى هايدجر، هذه الكلمة ليست قابلة للترجمة بشكل صحيح. حسب تعريف أفلاطون نفسه «païdeia» هي توجه الإنسان نحو تغيير وجوده بأكمله. كذلك الpaïdeia هي في الأساس عملية انتقالية، أي من apaïdeusia إلى païdeia. وفقا لهايدجر، فإن المصطلح الألماني Bildung ("التكوين") هو الذي يستجيب أفضل، رغم أنه لا يزال غير مكتمل، إلى payeia اليونانية. يقتضي التكوبن تحويلا. إذا أعطينا لهذا المصطلح قيمته الدلالية وتخلينا عن معناه الخاطئ الذي كان ضحيته في نهاية القرن التاسع عشر. يكون لBildung، كما يقول هايدجر، معنيان. أولا، فعل المكون (ein Bilden) الذي يطبع على الشيء خاصيته، وفقها يتطور. وإذا كان هذا التكوبن «يُعلم» (يطبع خاصية)، فهو كذلك لأنه في نفس الوقت يطابق الشيء مع وجهة نظر محددة تسمى لهذا السبب (Vor-bild). لذلك يمكننا أن نفهم أن "التكوين" (Bildung) هو في نفس الوقت طبع للشخصية وتوجيه مستلم من نموذج. ضد païdeia هو apaydeusia، وهو عدم التكوين. فيه (aaideusia) لا تطور في الموقف الأساسي يجد نفسه مستيقظا، لا نموذج فعال يتم اقتراحه. القوة الرمزية لـ"أسطورة الكهف" يتمحور حول غرض جعل جوهر اللابيديا قابلا لأن يرى ويعرف من خلال الأشكال المحسوسة للقصة المروية. وفي نفس الوقت أراد أفلاطون استبعاد سوء التأويل وإظهار أن جوهر البايديا لا يتمثل في سكب معارف بسيطة في نفس غير مهيأة. أما التكوين الحقيقي، في رأيه، فهو على العكس من ذلك، يسطو على النفس ذاتها وبأكملها ويبدلها، وذلك بأن يقود الإنسان أولاً إلى مكان جوهره وتعويده على ذلك. أراد أفلاطون في "أسطورة الكهف" تسليط الضوء على جوهر البايديا، وهذا ما تقوله لنا بوضوح جملة من المقدمة افتتح بها الكتاب السابع: "بعد ذلك، اعرف كيف تكتشف، في طبيعة الأشياء المعاشة والمجربة (والتي ستكون موصوفة)، رؤية (جوهر) “التكوين"، وكذلك رؤية عدم التكوين، وكلتاهما لا تنفصلان وتتعلقان حتى بأساس شرطنا الإنساني".
وبعبارات أفلاطون الواضحة، تفتح أمامنا صور «أسطورة الكهف» وجهة رؤية لجوهر "التكوين". التأويل الذي سوف نقوم به ل"الأسطورة" يجب أن يقودنا نحو ماهية الحقيقة. ألا نفرض على «الأسطورة» تأويلا غريبا عنها؟ ألن يجازف هذا التأويل بالتسبب في ممارسة عنف على النص، ويتحول إلى تأويل خاطئ؟ لنقبل هذا المظهر في هذه اللحظة إلى أن يحل اليوم الذي تتشكل فيه لدينا قناعة بأن فكر أفلاطون خضع لتغيير يتعلق بماهبة الحقيقة وأصبح القانون الخفي لما يقوله لنا. تبعا للتأويل الذي فرضته علينا اليوم المحنة التي كانت، في زمن أفلاطون، تنتمي إلى المستقبل، لا تحكي لنا «الأسطورة» فقط، بلغة مفهومة، عن وجود التكوين، بل تمنحنا أيضا نظرة ثاقبة إلى التغيير في ماهية "الحقبفة".
بالنسبة إلى هيدجر، إذا كانت "الأسطورة" تقوم بالأمرين معا، فمن الضروري أن توحد العلاقة الأساسية بين "التكوين" و"الحقيقة". تتمثل العلاقة في أن ماهية الحقيقة وطبيعة تغيرها هما اللذان جعلا "التكوين" ممكنًا لأول مرة، وهذا يحدث حتى في داخل بنيته الأساسية. ولكن ما الذي يجمع بين "التكوبن" و"الحقيقة" في وحدة ماهوية؟ ومجموعة أصلية؟ تشير كلمة païdeia إلى تغيير الإنسان الاتجاه في علاقة مع انتقاله، من مجال ما يقدم نفسه إليه أولاً إلى مجال آخر يظهر فيه الموجود ذاته، ويعتاد عليه الإنسان ويتلاءم معه. هذا الانتقال ممكن لأن الأشياء الظاهرة للإنسان تتغير، وكذلك الطريقة التي ظهرت بها. فلابد إذن أن يتغير كل ذلك، بما فيه ما كان عند الإنسان ظاهرا، "لا متحجبا"، وكيفية لاتحجبه.
لفظة " اللاتحجب" تقابلها في اليونانية أليثيا (alèthèia)، وهي الكلمة التي تُترجم إلى"الحقيقة". منذ زمن طويل، كانت "الحقيقة" تعني في الفكر الغربي اتفاق التمثل المفكر مع الشيء، تطابق الفكر والواقع. ومع ذلك، لن نكتفي پأن نترجم "حرفيًا" الكلمتين païdeia وalèthèia، لنحاول على العكس من ذلك أن نفكر، انطلاقا من المعرفة اليونانية، في الجوهر الخالص لما تحيل عليه الكلمتان المراد ترجمتهما: إذن، "تكوين" و"حقيقة" يؤكد هايدجر، يجتمعان في وحدة ماهوية. وإذا أصبح من الضروري أن نأخذ على محمل الجد المحتوى الدلالي الأساسي لكلمة "أليثيا"، ننقاد بعد ذلك إلى أن نسأل أنفسنا ما هي نقطة البداية التي وصل منها أفلاطون إلى مفهومه عن ماهية اللاتحجب. ومن يريد الإجابة على هذا السؤال يجد نفسه عائدا إلى المحتوى المحدد ل"أسطورة الكهف". يوضح الجواب بدوره كيف تتعامل "الأسطورة" مع جوهر الحقيقة. اللامتحجب ولاتحجبه يدلان على ما هو عند كل مرة في مكان إقامة الإنسان حاضر على نحو مكشوف. لكن "الأسطورة" تحكي لنا قصة تتعلق بالانتقالات من إقامة إلى أخرى. ثم، بشكل عام، يتم تقسيم هذه القصة وفقا لأربع إقامات مختلفة تشكل تدرجا صاعدا ونازلا يمثل أربعة درجات عرضها بيليدور على النحو التالي. سوف نلاحظ أن درجة "قابلية الرؤية" هي التي في كل مرة تحدد مستوى الوصول إلى "الحقيقة".
(يتبع)
المرجع:
المرجع: RUBENS BÉLIDOR
A propos de la problématique de l Être: L ESSENCE DE LA VÉRITÉ ET DE LA LIBERTÉ
HUMAINE CHEZ HEIDEGGER



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة سبتة المحتلة أضحت قبلة للراغبين من سكان شمال إفريقيا ف ...
- حميد المهداوي يكذب كذبة مزدوجة على الأستاذة عائشة الكلاع
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: القتل الجماعي في مدن الضفة ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تمارة: الاشتراكي الموحد يتساءل عن دواعي استثناء معتقلي الريف ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- عزيز غالي يعتلي الواجهة الإعلامية وسط زوبعة من الجدل - أحمد ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الانتخابات الرئاسية في أمريكا: هل ستكون كامالا هاريس بديلا ع ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- رحلة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الصحافيون الثلاثة المفرج عنهم يطالبون بـ”إطلاق سراح جميع معت ...
- المغاربة المناصرون لفلسطين غاضبون من صمت المخزن عن إغتيال هن ...


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع والعشرون)