خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 18:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في إحدى اللحظات التي تسود فيها الأفكار البارزة (أو ربما الباهتة؟)، خرج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفكرة لا تتكرر كثيرًا، تدل على عبقرية دبلوماسية نادرة: "ماذا لو عرضت على ملك الأردن، عبد الله الثاني، الضفة الغربية؟" ببساطة، دعنا نأخذ أراضي الآخرين ونطرحها في صفقة على طاولة المفاوضات، كأنها قطعة بيتزا في حفلة مقامة في برج ترامب.
لنستعرض الأمر ببعض السخرية، لأنه يستحق ذلك. يبدو أن ترامب كان جالسًا على مكتبه الفاخر في برجه العاجي، يحتسي مشروب الطاقة، وتخطر بباله تلك الفكرة الباهرة: "لماذا لا نعطي الضفة الغربية للأردن؟" بالطبع، الفكرة تبدو بسيطة في عقل رجل يعتقد أن بناء برج يحمل اسمه هو قمة العبقرية الهندسية، ولكن هذه ليست مجرد مسألة جغرافية يمكن حلها باستخدام خريطة ولعبة بنك الحظ.
"يا جلالة الملك، خذ الضفة"
فكرة ترامب تبدو وكأنها مستوحاة من برنامج تلفزيون الواقع، الذي ربما يستمتع به أكثر من استماعه لمستشاريه السياسيين. في هذا المشهد، يجلس الملك عبد الله، مرتديًا بدلته الأنيقة، بينما ينظر إلى ترامب بوجهه الجامد. ترامب، وهو يبتسم، يقول: "يا جلالة الملك، خذ الضفة الغربية، نحن لا نحتاجها". الملك، بأناقة دبلوماسية، قد يرد قائلًا: "هل أبدو لك كأنني أبحث عن صفقة عقارية؟" ولكن في رأس ترامب، يمكن حل كل شيء كما يُحل في عرض تلفزيوني: صفقات سريعة، وقرارات لحظية، وابتسامات أمام الكاميرات.
ردود الفعل الفلسطينية: "فاك يو ترامب"
من الجانب الفلسطيني، كانت الاستجابة أكثر صراحة ووضوحًا: "فاك يو ترامب". كيف يمكن لأي شخص أن يتصرف بأراضيهم كأنها مجرد رقعة شطرنج في لعبة عالمية؟ بالنسبة للفلسطينيين، هذا العرض لم يكن مجرد مهين؛ بل كان بمثابة دليل آخر على عدم اهتمام ترامب الفعلي بحقوقهم وأحلامهم في إقامة دولة مستقلة.
الدبلوماسية على طريقة "ترامب"
أما عن المجتمع الدولي، فقد كان هذا الاقتراح مثالًا آخر على عبقرية ترامب في تحويل القضايا المعقدة إلى مواقف كوميدية. قادة العالم الذين تابعوا الموضوع ربما كانوا يضحكون بتهكم أو يهزون رؤوسهم بعدم تصديق. كان الأمر يبدو وكأن ترامب يعتقد أنه يمكنه تغيير ملامح الجغرافيا والسياسة مثلما يغير تسريحة شعره الشهيرة.
الخاتمة: شكرًا، لكن لا شكرًا
في نهاية المطاف، لا يحتاج العالم إلى اقتراحات عشوائية تعكس جهلًا تامًا بتعقيدات النزاعات. ربما كان ترامب يأمل في أن يسجل اسمه في كتب التاريخ كصانع سلام، لكن طريقة "فاك يو" لم تكن لتجعل الأمور تسير بسلاسة.
إلى ترامب: الضفة الغربية ليست للصفقات، وشكرًا على العرض، ولكن لا شكرًا.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟