أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - دفع المالكي الى الإنتحار















المزيد.....



دفع المالكي الى الإنتحار


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1773 - 2006 / 12 / 23 - 09:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العلاقة الشائكة بين حكومة المالكي والحكومة الأمريكية

العلاقة بين حكومة المالكي والحكومة الأمريكية علاقة شائكة ومبهمة بشكل كبير, بل وخطرة وحبلى بالمفاجآت. الأمريكان الذين فشلوا في وضع علاوي على رأس السلطة على العراق رغم جهودهم الكبيرة (من دعم سياسي ومالي لإنتخابه) ومخاطراتهم المتهورة (بخسارة العلاقة مع الإئتلاف مثلاً بإعلان فضيحة سجن الجادرية المعروف لديهم قبيل الإنتخابات) ما زالوا يأملون في ايصاله الى السلطة الحقيقية: سلطة الأمن على الأقل, لكنهم لايفضلون طريقاً عنيفاً مليئاً بالمواجهات.
على السطح لايبدو الأمريكان متحمسين للتغيير, وقد عبر بوش اكثر من مرة عن دعمه للمالكي, وهو دعم لايزيد شعبية المالكي في الشارع العراقي على اية حال. ورغم ان الأعماق قد تختلف عن السطح لكن إذا ارادت اميركا تغيير حكومة المالكي, فهي تحتاج الى مقدمة دعائية وسياسية تعطي صورة غير التي تعطيها الآن لإقناع شعبها والعالم بضرورة ذلك التغيير.

هل في هذا ما يدعو لإطمئنان المالكي؟ ليس تماماً. الأمر متوقف على الطريقة التي يمكن لأمريكا اتباعها لتغييره.
الناشط السياسي الإسرائيلي المعارض اوري افنري كتب مرة نقلاً عن احد الضباط الأسرى المصريين قوله: "كلما اعلن بن كوريون انه يمد يد السلام للعرب, اعلن الجيش المصري حالة الإنذار." فإعطاء انطباع عام بحسن العلاقة يمكن ان يكون مقدمة مناسبة لشن هجوم. فمن ناحية اولى, يجعل هذا الإنطباع الجهة المقابلة اكثر استرخاء واطمئناناً وبالتالي اقل حذراً واستعداداً للرد. ومن ناحية ثانية فانه يوفر ذريعة مناسبة للتنصل عن مسؤولية بدأ الشجار, وجعل اتهام المقابل بها, من خلال حملة اعلامية جيدة, اكثر مصداقية وقبولاً لدى الرأي العام.
واخيراً فالتظاهر بموقف الصداقة والسلام قد يشجع المقابل على اتخاذ خطوات مناسبة لمن يتوقع سلاماً ولكنها ليست بالضرورة مناسبة لمعركة قادمة.

لذلك فأن تغيير المالكي يمكن ان يكون قريباً, خاصة وان الجو النفسي في العراق مهيء نسبياً لذلك بسبب هبوط شعبية المالكي بتأثير الأرهاب وفشله في مواجهته, وكذلك صورة الرجل الضعيف التي اعطاها عن نفسه في مواجهة التحديات الأمريكية لسلطته. فلم نر اي رد فعل على كل الإنتهاكات المتكررة للجيش الأمريكي لسيادة الحكومة والبلاد وحقوق الشعب. ومن المحتمل ان تكون بعض تلك الإنتهاكات متعمدة الغرض منها إظهار الرجل بمظهر الضعف (ليفشل في مقارنة لاواعية بعلاوي..رجل امريكا القوي), او لأختبار حدود ردود افعاله. ومن المحتمل ان اختراق القوات الأمريكية للسجن واطلاق سراح ايهم السامرائي, احد وزراء حكومة علاوي, من معتقله, احد تلك الإختبارات, والتي تتكرر للمرة الثانية.

اخطاء المالكي

هل المالكي بالحذر والفطنة الكافيين لعبور هذا الممر الملغوم؟ من الصعب الإطمئنان الى ذلك, فالمالكي تصرف في اكثر من مرة بشكل يثير الشكوك بفطنته السياسية.

وضع نفسه وحكومته في قفص الإتهام بالطائفية

ففي بداية استلامه الحكم, قبل المالكي السقوط في فخ بأن قبل ان يضع نفسه وحكومته في قفص الإتهام بالطائفية التي تم اتهام الجعفري بها دون اثباتات محددة حتى هذه اللحظة (*), وشارك هو ايضاً في الإتهامات بشكل غير مباشر حين بدأ فترته بمحاولات الدفاع لتوكيد ابتعاده عن الطائفية دون بذل اي جهد للتحقيق في تلك الإدعاءات ومحاسبة مسببيها ان كانت صحيحة او تبيان زيفها ان كانت خاطئة, وهو الموقف الوحيد السليم والذي كان سيوضح اموراً اساسية مازالت مبهمة وكان هذا الموقف سيعطي انطباعاً سياسياً قوياً عنه لأصدقائه واعدائه معاً وسيكسب ثقة شعبية سيحتاج اليها بشده في الأشهر التالية.


الموقف من العلاقات بين جيران العراق واميركا

لاشك ان من المنطقي ان العلاقة بين قوات الإحتلال وجيران العراق – سوريا وايران – ذات تأثير مباشر وخطير على البلاد وان اي توتر بين هؤلاء الجيران والقوات المتواجدة على الأرض العراقية له اثر خطير على وضع العراق ومستقبله. مع ذلك لانرى اية جهود حقيقية لحكومة المالكي في التدخل من اجل الضغط على طرفي النزاع لتبريد التوتر بينهما. المؤشرات والتقارير الكثيرة, ليس من الصحافة والناس فقط, بل ومن مصادر حكومية ايضاً الى الأثر السلبي لتدخل هاتين الدولتين في الشأن العراقي, مستغلتين حدوديهما الطويلتين وعلاقاتهما المتينتين مع اطراف عراقية لفرض التأثيرات المناسبة لهما, والتي لاتلتقي غالباً مع ما هو مناسب للعراق. رغم ذلك لايبدو ان للحكومة العراقية خطة باية درجة من المعقولية للتعامل مع الموضوع, تتضمن دراسة مصالح تلك الدولتين من جهة والولايات المتحدة من الجهة الأخرى لتسعى الى توازن يؤمن للعراق جوا افضل, وانما كانت الحكومة تكتفي بين الحين والآخر بدعوة فارغة الى الجيران الى الكف عن التدخل, الخ.
لقد كانت لدى حكومة المالكي اوراق ضغط على الجميع, فإدارة بوش بحاجة الى علاقة ودية مع الحكومة المنتخبة خاصة في ظروف تدهور سمعتها داخليا وعالمياً, واما الجارتين فبحاجة الى تطمينات امريكية – عراقية الى ان العراق لن يستعمل من اجل هجوم عسكري على اي منهما.

اضافة الى ذلك فهناك ورقة منظمة مجاهدي خلق والتي لاتبدو مثيرة لأي اهتمام للحكومة رغم ان هذه المنظمة تهدف الى اسقاط نظام الحكم في ايران وانها منظمة مسلحة بشكل كبير. اضافة الى ذلك فللحكومة العراقية كل الحجج الكافية والزائدة لطرد المنظمة من العراق ان لم نقل محاكمتها على الجرائم التي ارتكتبتها في مساعدة صدام في سحق الإنتفاضة عام 1991. النتيجة ان مجاهدي خلق تجد نفسها ملزمة فقط بمراعاة مصالح اميركا, ولعل ليس من قبيل الصدفة ان المنظمة اتهمت اخيراً من قبل احد المسؤولين العراقيين باعمال ارهابية واعداً بطردها, لكن الموضوع نام كالعادة. على طاولة المفاوضات بين اميركا وايران وسوريا لايوجد من يمثل مصلحة العراق لأن حكومة العراق قد فوضت امرها الى الأمريكان بغباوة سياسية مطلقة.

كان بالإمكان ايضاً ان تستغل الحكومة العراقية الضغط الإضافي الذي وجهه تقرير مجموعة دراسة الوضع في العراق الداعي الى التفاهم مع ايران وسوريا كضرورة لفرصة لحل المشكلة العراقية. بدلاً من ذلك نجد بوش حراً من الضغوط العراقية المفترضة ليتفرغ للضغوط الأخرى الإسرائيلية مثلاً لرفض التعامل مع ايران وسوريا, بغض النظر عن ما سيكلف ذلك العراق, فالعراق ليس له من يمثله على طاولة المحادثات الأمريكية. مازال بوش يسعى لإصدار قرار عقوبات على ايران وعزلها مما يتيح لها حجة اكبر للتعامل مع الملف العراقي وفق مصلحتها فقط, هي الأخرى.

ان الوضع يذكر بالوضع بين الكوريتين حيث يهدد البلدين توتر نووي خطير ليس في مصلحة ولا رغبة الشعب في اي من البلدين ادامته, لكن الشعب في كوريا الجنوبية لايملك على ما يبدو الضغط على حكومته المنتخبة لتحقيق مصلحته حين تتعارض مع الرغبات الأمريكية مهما كان الخطر عليه شديداً.

لقد ادت هذه السلبية العجيبة والسياسة المترهلة للحكومة في الموضوع ان تركت جميع الأوراق في يد الأمريكان يحركونها لمصلحتهم فاقدة بذلك قدرتها على التفاوض مع الجارتين من اجل مصلحة العراق.

مسؤولية دون صلاحية

كذلك وقبل فترة وجيزة صرح المالكي انه رغم كونه القائد العام للقوات المسلحة فأنه لايمتلك صلاحية تحريك سرية عسكرية واحدة من مكانها! التصريح نفسه ليس غلطة سياسية, بل تأخيره حتى هذه اللحظة هو الخطأ, وخطأ كبير وغير مفهوم. فأي شخص يقبل استلام مهمة ما, يفترض ان يكون مطمئناً بالحد الأدنى ان لديه القوة والصلاحية اللازمة لتنفيذها, وإلا فأنه يضع نفسه في موقف خاسر حرج. فما الذي دعا المالكي الى استلام رئاسة الوزارة دون ان تكون له هذه الصلاحية؟ لماذا لم يحاول المطالبة بها وباكثر منها حين قبل رئاسة الحكومة ؟ الم يكن قادراً على ان يبين للأمريكان انه يضع نفسه في موقف مضحك ان كان له لقب القائد العام للقوات المسلحة دون ان تكون له صلاحية تحريك سرية؟ لقد كانت الظروف مهيئة له تماماً ليفعل ذلك وقت استلامه الوزارة لأنه رضي وقتها ان يكون بديلاً عن الجعفري, يرضى عنه الأمريكان, وفي ذلك تضحية ومخاطرة بسمعته. اضافة الى ذلك فلم يكن للأمريكان الكثير من البدائل للضغط من جديد لإبدال رئيس الوزراء, وسيعرضون الناطقين باسمهم في البرلمان العراقي الى موقف ضعيف للغاية قد لايتحملونه رغم كثرتهم وشدة استعدادهم لتقديم التنازلات.
ولو فرضنا انه لم يقدر تلك الفرصة الذهبية, فالسؤال هو لماذا ترك الأمر سراً لايعرفه الناس, فتركهم يحمّلونه وحكومته كل تبعات الفشل الذريع في محاربة الإرهاب؟ ان ابلاغ الناس بمحدودية صلاحيات رئيس الوزراء كان سيكون ايجابياً من كل النواحي بالنسبة له, فإضافة الى توضيح محدودية مسؤوليته, فانه يمارس بذلك الجهر مبدأً ديمقراطياً في الشفافية مع الشعب والناخبين. كذلك فأنه يضع الناس معه في خانة واحدة للضغط على الأمريكان الذين يرفضون اعطاء رئيس حكومتهم المنتخبة اية صلاحيات. ونقطة اخرى هي ان مثل هذا التصريح المبكر كان سيضغط على الأمريكان لتسليم تلك الصلاحية لأن الناس سيحملونهم كل مسؤولية الفشل الأمني.

عدم استغلال فرص الضعف الأمريكي

إضافة الى ذلك, وحتى بعد ان فاتت فرصتي المطالبة المبكرة بالصلاحيات والإعلان المبكر عن افتقادها, فقد جاءت العديد من المناسبات والفرص الذهبية لكي يفرض المالكي تسليمه تلك الصلاحيات, وكانت كل فضيحة امريكية لجريمة في العراق مناسبة لمثل ذلك الضغط, وكل فشل في الداخل الأمريكي فرصة لتسليطه بشكل فعال. هذه الفرص تعبر عنها الإستطلاعات المتتالية التي تؤكد تراجعاً مستمراً في شعبية بوش, كان اخرها أمس حيث تراجعت نسبة التأييد لإدارة بوش في العراق من 34 في المائة في وقت سابق من الشهر الحالي إلى 28 في المائة فقط!

لكن كل تلك الفرص الكثيرة تركت تمر, وعوضاً عن الإستفادة منها كان كل من المالكي يتسابق مع رئيس الجمهورية لتحويلها الى مجاملات دبلوماسية فارغة لتقديم شكرهما وامتنانهما وتقديرهما الى كل من بوش وبلير مجاناً وبلا مقابل. السياسيون الحقيقيون لايفعلون ذلك.

سهولة التخلي عن سلامة العلاقة مع التيار الصدري

الأمثلة على ما يدعو للشك بكفاءة المالكي السياسية كثيرة. وكمثال من الفترة الأخيرة نجد ان المالكي قد تخلى بسهولة مدهشة عن تأييد التيار الصدري, احد اقوى مكونات الإئتلاف, حين ذهب لمقابلة بوش دون ان يبذل جهداً او وقتاً كافياً لمحاولة التفاوض مع الصدريين للوصول الى حل للمشكلة قبل الذهاب, او محاولة تأجيل لقائه مع بوش كبادرة حسن نية واهتمام. وبالطبع يمكنه ان يشرح ذلك لبوش باعتباره يحاول ان يتوصل الى اتفاق مع اهم مكونات قائمته من اجل انجاح لقائهما. كذلك لايبدو المالكي مهتماً باعادة توحيد صفوف قائمته وتمتين علاقته بمناصريه القدامى بدرجة اهتمامه بكسب مؤيدين جدد مشكوك بإمكانية كسبهم اصلاً في مؤتمر القوى السياسية الأخير.

مكسب ولكن باهت

كسب المالكي بعض "الصلاحيات" التي كان يريدها من لقائه الرئيس بوش, لكنه كان مكسباً باهتاً لانه اكد في الوقت نفسه ان تلك الصلاحيات, والسيادة العراقية بالتالي, امر بيد بوش يعطي منها ما يشاء وقت ما يشاء, وان على رئيس الحكومة العراقية ان يذهب اليه متوسلاً ليعطيه شيئاً منها كلما احتاج, وان هذا مجبر ان يفعل ذلك حتى ان كلفه الأمر رضا اقرب المقربين اليه. هذه الصورة, ليست بالصورة الجميلة التي يحترمها العراقيين خاصة وانهم بنسبة ساحقة يكرهون الأمريكان والإحتلال. اضافة الى ذلك ينبغي الإنتباه الى ان توكيد دعم واشنطن لحكومة المالكي لايفترض ان يعتبر مكسباً صرفاً, حيث انه يحمل في طياته ازدراء الشعب الكاره للإحتلال لتلك الحكومة, كما ا ن الموقف الشعبي العالمي الكاره لبوش اكثر من اي رئيس امريكي في التأريخ, لن يثمن حكومة يدعمها من يعتبره الكثيرين "اخطر رجل على السلام في العالم". من شأن المالكي الإستخفاف بموقف هذه الشعوب, لكنه مما يحسب في حساب المكاسب والخسائر.

لكنه استطاع الصمود..

للإنصاف لابد ان ننوه ان التركيز هنا قد تم على الأخطاء التي ارتكبها المالكي وهي اخطاء لايسهل التسامح معها ولكن يذكر للرجل انه استطاع الصمود حتى هذه اللحظة في وجه ظروف في غاية الصعوبة, ولم يكن ذلك ليحدث لو انه كان دائماً يتصرف بنفس الكفاءة المنخفضة التي رأيناها منه في المواقف المذكورة اعلاه.

مؤتمر المصالحة والتكتل الجديد

تزامن عقد مؤتمر المصالحة مع تحرك سياسي يثير الكثير من الشكوك في اهدافه. فإضافة الى نشاط امريكي بريطاني في لقاءات بين بوش وبلير مع اقطاب سياسية عراقية منفردة في كل من العراق واميركا, حيث يتم العمل بنشاط لتكوين ائتلاف سياسي "غير طائفي" جديد بين مجموعة من الأحزاب الحكومية وربما خارجية. وكما يقول مسؤول في الحزب الكردستاني فأن فكرة المشروع ليست جديدة لكنها اكتسبت نشاطاً خاصاً بعد ابداء الأمريكان والبريطانيين الدعم لها.
كذلك اكد ذلك المفهوم النائب عن التحالف الكردستاني الدكتور محمود عثمان فقال "تجددت هذه الفكرة الان خصوصا ان الجانب الاميركي والبريطاني والاوروبي يدفع بهذا الاتجاه لتشكيل تكتل لجمع المعتدلين وعزل المتشددين." فقد ذكر البيت الابيض ان الرئيس بوش يؤيد "ائتلافا معتدلا" في اشارة امكانية استبعاد حركة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر من الائتلاف الحكومي.
ودعت واشنطن اكثر من مرة الى حل ميليشيا جيش المهدي التابعة له التي اعتبرها تقرير لوزارة الدفاع الاميركية الاثنين "المجموعة التي لها التأثير الاكثر سلبية على الوضع الامني في العراق".
كذلك تؤكد محادثات الطالباني وبلير على نفس مفهوم "المعتدلين والمتشددين" فقد اتفقا على إنشاء تجمع لما اسمياه "القوى المعتدلة" كوصف لهذا الإئتلاف الجديد.

لكن تأريخ تعامل اميركا مع الشعوب يبين ان تعريفها لـ "القوى المعتدلة" يختلف كثيرا في العادة عما هو متعارف عليه, لذا توجب الحذر في معاني التعاريف.

الغرض من التكتل الجديد

أما عن الغرض من المشروع فيلفه الغموض الشديد. فرغم ان الهدف المعلن الذي تكرر طرحه هو "دعم حكومة المالكي" فأن المرء يقف عند هذا الوصف باستغراب وتشكك. فكيف تدعم الحكومة احزاب في الحكومة؟ ولم يجب ان تشكل إئتلافاً لتفعل ذلك؟ وكيف؟ ان كان ذلك في البرلمان فيمكنهم اعطاء الحكومة اصواتهم لدعمها, وهو ما يتوقع منها كأجزاء من حكومة. وان كان في الشارع في محاربة الإرهاب فأن الجميع يفترض ان يفعل ذلك حتى بدون إئتلاف.

واذا كان «المجلس الأعلى» ينفي أن يهدف التكتل الجديد الى اسقاط حكومة المالكي فإن الناطق باسم جبهة «التوافق» السنية سليم عبدالله يؤكد هذا المسعى ويقول ان «احتمال سقوط الحكومة بشكل دستوري ضعيف لأن ذلك يحتاج الى موافقة البرلمان. لكن التكتل الجديد يمكن ان يعطي أملاً بإسقاطها سياسياً»

وضعت المجموعة المبادرة للمشروع وهي المجلس الاعلى والدعوة والاسلامي والوفاق والديمقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني شروطاً على من ينظم الى التحالف الجديد, وهي كما قال عباس البياتي النائب عن الائتلاف الموحد: الالتزام بالمسار الديمقراطي الذي تحقق، تفعيل العملية السياسية، دعم حكومة الوحدة الوطنية المنتخبة من قبل الشعب، تعزيز المشاركة في العملية السياسية، اعتماد آلية التوافق السياسي.
الشروط الأربعة الأولى فارغة من المعنى من الناحية العملية, اما الخامسة فقد تعني شل الحكومة وتجاهل نتائج الإنتخابات في الواقع! فـ "التوافق السياسي" ان كان يقصد به عدم اتخاذ قرار دون اجماع, كما كان الحال في لجنة كتابة الدستور, فهو سيجعل الحكومة اسيرة الفيتو وعاجزة عن اتخاذ اي قرار, اكثر مما هي عاجزة الآن. هذا نفس ما حدث بالنسبة للجنة كتابة الدستور كما نبهنا في مقالة سابقة (*)


الهدف عزل التيار الصدري

القراءة بين السطور العراقية توضح اللغز الذي لايحتاج الى ذلك في النصوص الأمريكية: الغرض هو عزل التيار الصدري وابعاده. وبما ان هذا التيار له اهمية قصوى بالنسبة للمالكي فان هذا الأخير لن يتخلى عنه دون سبب كاف, خاصة وانه يحس بالتحركات داخل إئتلافه لتقديم عادل عبد المهدي ليحل محله, وهو ما تراه الولايات المتحدة بديلاً مناسباً, ولعل السبب في ذلك هو ان لهذا الأخير تأريخ سياسي متقلب بين البعث والشيوعية والإسلام السياسي, مما يشكك في مبدأيته ويجعله انسب اميريكياً . لذلك ترى ان الدعوة الموجهة للمالكي لها وجهان: وجه الضغط للتخلي عن الصدر, ووجه الدعم ان هو فعل ذلك. الداعمون لهذا المشروع يعبرون عن ذلك بأن هذا المشروع "بوسعه ان يسمح بتشكيل اغلبية تدفع المالكي لاتخاذ قرارات تنفيذية صعبة."
الدكتور اياد علاوي رحب كما هو متوقع في تصريحاته بالدعوة الى هذا التكتل, اما الدكتور احمد الجلبي فحذر من مخاطر استخدام القوة في معالجة ملف الميليشيات، وقال: «ان استخدام القوة قد يكون وخيماً ويزيد الاوضاع سوءاً».

حملة تشويه للصدر

ليس المشروع جديداً, فلقد بدأت تشويه صورة الصدريين منذ زمن طويل سواء في العراق او الخارج, ولكن التصعيد الإعلامي الأخير كان بتقرير البنتاغون الذي اعتبر الصدر العائق الأكبر للسلام في العراق وبدا بتشبيهه بالقاعدة. وراح البعض يضع افلام فيديو على الإنترنيت لهذا الغرض. لكن المراقب يجد ان تلك الحملات لاتستند الى شيء إطلاقاً. استمع الى فضائية الشرقية وهي تضيف تهماً بالإرهاب والطائفية الى الصدريين بطريقة ايحائية تحميها من المحاسبة. واحد الأفلام المقصود منه الإساءة الى الصدر يصور اجتماعا لمقتدى الصدر مع بعض اتباعه. لايعطي الصدر في الفلم انطباعاً ممتازاً لكنه ايضا لم يكن بالسؤ الذي حاول الموقع الذي وضع الفلم تأكيده. الموقع كان باللغة الإنكليزية وتبرع بترجمة معظم ما جاء في النقاش بطريقة تسيء الى المجتمعين وخاصة مقتدى اكثر مما يلاحظه مشاهد الفلم الحيادي. فتعليق الموقع على قلة احترام التابعين للصدر في طريقة كلامهم معه يمكن ان تفسر ايضاً بديمقراطية الرجل, كما ان استهجان الموقع للغة الصدر العامية استهجان فارغ, ومن المؤكد تماماً انه لاتوجد اية جهة سياسية عراقية يتحدث افرادها في اجتماعاتهم بالفصحى.
ان شدة القناعة الموجودة في الشارع العراقي للعلاقة القوية بين الصدريين والإرهاب, وعدم قدرة اي جهة على تقديم اية براهين عليها يؤشر قوة الأعلام وتركيزه وان هذا الإعلام مقدمة لعملية اكبر.
التوصيات
التوصيات المطروحة على المالكي في مؤتمر الاحزاب والقوى السياسية شملت "تسريح الميليشيات التي ينحى عليها باللوم في معظم عمليات اراقة الدماء على اساس طائفي في العراق."
قال نصير العاني المتحدث باسم المؤتمر "اذا نفذت الحكومة هذه التوصيات فستكون خطوة حقيقية الى الامام." السؤال هو "الى الأمام" باتجاه ماذا؟ ان افتراض الثقة في غير محلها قد يكون خطأً قاتلاً.
ومن الجميل ان نلاحظ ان موضوع انهاء الإحتلال وانهاء الميليشيات وضعا تحت ادارة لجنة واحدة هي
لجنة استكمال عناصر السيادة, مما يدعو للتفكير بإتباع نفس الأسلوب مع الأثنين: التخلص منهما تدريجياً مع التقدم في الملف الأمني, وليس اقتصار ذلك على الإحتلال والمطالبة بالغاء الميليشيات فورياً.

تخلي عن التكتل

لايسير الجميع وفق الخطة الأمريكية والقناعات الأمريكية, وهو ما نتج عن ما يبدو كفشل المشروع والتخلي عن تشكيل الجبهة السياسية الجديدة والابقاء على الحكومة الحالية. فقد شدد رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان العراقي هادي العامري على ان استبعاد التيار الصدري او توجيه ضربة اليه "سيكون خطا استراتيجيا".
وقال "لا يوجد من يريد ان يدفع التيار الصدري خارج العملية السياسية (...) ومن يريد ذلك انسان مجنون".
وتساءل "هل يمكن اقصاء التيار الصدري بينما يدعو رئيس الوزراء الى المصالحة الوطنية".
واعتبر ان الاتهامات التي وردت في تقرير وزارة الدفاع الاميركية لميليشيا جيش المهدي "غير دقيقية وغير مسؤولة" مشددا على ان "التهديد الحقيقي ياتي من الصداميين والتكفيريين".


ادارة بوش تخطط لمذبحة في العراق

لكن تخلي العراقيين عن المشروع لايعني بالضرورة يأس الإدارة الأمريكية من خطتها.
في مقالة له بعنوان (ادارة بوش تخطط لمذبحة في العراق) (**) يكتب الصحفي بيل فان اوكن ان التقارير تشير الى ان ادارة بوش تخطط لمذبحة جديدة في خطوة يائسة لإنقاذ محاولتها للسيطرة على البلد الغني بالنفط, وان ذلك يستهدف "الميليشيا التابعة لرجل الدين المتطرف مقتدى الصدر, والذي يعني في النهاية هجوماً وحشياً على جماهير واسعة من الشيعة الفقراء" وذلك بدفعة اضافية من ما بين 30 الف الى 50 الف مسلح تنوي اميركا اضافتها الى الجيش في بغداد.
يقول الكاتب: "ان مثل هذا الهجوم لن يؤشر فقط الى المؤامرة المحاكة في واشنطن ضد الحكومة الحالية التي تمتلك حركة الصدر موقعا مؤثرا فيها, وانما ايضاً الى حرب شاملة في مدينة الصدر المزدحمة بالسكان". ويضيف اخيراً :"بعد ستة اسابيع من تسجيل معارضة الحرب في العراق المتزايدة نصرا ساحقاً ضد ادارة بوش فان البيت الأبيض لا يبدو عازماً على الإستمرار في الحرب فقط بل وفي تصعيدها"

كذلك تشير مقالة, للصحفي جيمس كوكان بعنوان ( واشنطن تدفع الى الأمام خططا لـ "تغيير النظام" في العراق) ترجمت منها مقتطفات مطولة في مقالتي السابقة (القابض على الجمر: مراجعة للتهم الموجهة الى جيش المهدي) (***) الى ان "الدلائل تتزايد هذا الأسبوع بأن "تغيير النهج" في ادارة بوش يتضمن تنصيب حكومة جديدة" ..ويمضي للقول بأن الهدف هو جيش المهدي وان نوري المالكي وحزبه (حزب الدعوة) سيخيرون بين ترك الصدر او الغرق معه."

كذلك لفت عضو مجلس النواب العراقي عن (جبهة التوافق) عبد مطلك الجبوري إلى أن الرقم الذي أعلنته القيادة الأمريكية بأن تكون القوات العاملة في العراق بين ( 15- 30 ألف) مقاتل "سيكون معظمهم من قوات (المارينز ) الذين يكلف تدريبهم (100) مليار دولار لكل عشرة آلاف مقاتل ،وهذا يعني أن نية الولايات المتحدة تتجه للقتال... وليس إلى تدريب القوات العراقية أو العمل على جاهزيتها لتقوم بمهام حفظ الأمن في البلاد."

لم الحماس للتخلص من الصدر؟

يبدو ان الحدثين الكبيرين المتزامنين, متناقضين في اتجاههما: المؤتمر يهدف الى المصالحة حتى مع " الايادي التي قد تكون امتدت بالسوء لنا " كما جاء على لسان وزير التخطيط علي بابان, وهو إعتراف بالتعب من الإرهاب وابداء للإستعداد لتقديم الكثير من التنازلات من اجل اضعافه ولو قليلاً. وبالمقابل فأن التكتل الجديد يتوق الى المواجهة مع جيش "لم يثبت علاقته بالطائفية والإرهاب", مع احتمالات كبيرة لتحويله الى جهة "الإرهاب" تلك وتقويته بشكل دراماتيكي.

لفهم هذا التناقض ربما يكون مفيداً مراجعة موقف التيار الصدري من مختلف القضايا.
كان التيار الصدري من دعاة المقاومة السلمية، حتى إطلاق القوات الأميركية النار على المتظاهرين المعترضين على إقفال صحيفة الحوزة الناطقة باسم التيار في 2004.
مواجهات دامية بين أنصار الصدر وقوات الاحتلال في النجف والبصرة والناصرية والعمارة ومدينة الصدر في بغداد. عقب انتهاء الأزمة انضم الصدر إلى العملية السياسية ودعا أنصاره إلى وقف القتال.
اليوم ويطالب بانسحابه الاحتلال الأميركي ويدعو إلى مقاومته وتعهد بالتعاون مع أي "جهة عراقية تطالب بخروج الاحتلال من أجل عراق حر ومستقل". وهو يتهم الإدارة الأميركية بترويج الطائفية والحروب بين المسلمين والمسيحيين ووصف الوجود الأميركي بأنه "تخريبي وتفكيكي للشعب العراقي". وينتقد حياد السلطات الدينية في النجف أمام الاحتلال.

موقف الصدر ديمقراطي ربما اكثر من اي حزب ديني اخر بل واكثر من بعض الأحزاب العلمانية ايضاً, فإضافة الى قربه من الطبقة الواسعة المسحوقة من الناس فأنه يرى أن الشعب وحده هو المخول الوحيد لاختيار مرشحيه.
طالب الصدر محاكمة الرئيس الأميركي جورج بوش وجميع المسؤولين عن عمليات التعذيب بسجن أبو غريب أمام محكمة عراقية في مكان السجن، وطالب بهدم سجن أبو غريب وتحويله إلى مؤسسة ثقافية.
هذه المراجعة توحي ان هناك اسباباً اخرى بالنسبة للأمريكان للتخلص من التيار الصدري غير محاربة الإرهاب والطائفية. إنهم يريدون التخلص من التيار الصدري وربما حكومة المالكي ان وقفت بوجه ما يريدون ولكن كيف ذلك؟

أنسب السيناريوهات للأمريكان

إذا كان الأمريكان يودون التخلص من المالكي, فأنسب السيناريوهات بالنسبة لهم هي ان يدفعوه للإنتحار السياسي. فأولا: لكي لا يبدو ان هناك انقلاب امريكي لفرض الحكومة الجديدة على الشعب, وهو ما يذكر بالعديد من المناسبات التأريخية الناجحة منها(مثل تغيير مصدق عام 53, وتغيير الليندي عام 73) والفاشلة (مثل المحاولات العديدة لتغيير كاسترو والفشل الكبير الأخير في محاولة تغيير شافيز) وكلها تجارب وتواريخ لاتريد اميركا ان يتذكرها الناس في اي مكان في العالم, ولاتريد اميركا ان تحول من انقلبت عليهم الى ابطال, فالأبطال الأعداء قادرين على انزال ضرر كبير حتى ان كانوا امواتا. ليست اميركا بحاجة الى الذهاب بعيداً لتعرف ذلك فالنظر الى جارتها الجنوبية يكفي. فالقارة التي مزقها الأمريكان عقوداً وقروناً عادة تستلهم ابطالها من سيمون بوليفار وجيفارا واليندي لتصطبغ بلون احمر مخيف بالنسبة لها.
وثانيا: لكي لاتبدوا الحكومة البديلة التي تريدها اميركا وكأنها قد الغت الديمقراطية وجاءت بالقوة او بالتآمر فتفقد قدرتها على ادعاء الشرعية, وهو ادعاء مفيد جداً لتنفيذ سياستها مهما كانت.
وثالثاً لكي لا تبدوا تلك الحكومة قريبة من الأمريكان اكثر من اللازم, والأمريكان اصبحوا مكروهين تماماً من قبل الغالبية الساحقة من الناس, فلا يثقون بها,
واخيراً, وهي تتبع قليلاً للنقطة السابقة, لكي لا تبدوا الحكومة القادمة حكومة عميلة للمحتل تنعدم الثقة بها, وتضطر هي الى الحذر في كل خطوة تتخذها, كما يسهل التآمر عليها.

هذه الأمور مهمة بشكل خاص إذا تذكرنا ان الشعب في العراق اصبح مسلحاً لايسهل تجاهل رأيه تماماً بلا ثمن, كما كان الأمر للدكتاتوريات السابقة.
من الواضح ان الأمور ستكون اسهل كثيرا للحكومة البديلة ان اخذ المالكي على عاتقه امر ازاحة التيار الصدري, وربما كان هذا تفسيرا للضغط الشديد الذي تمارسه الحكومة الأمريكية والمقربين اليها من الحكومة العراقية على المالكي للإسراع بتنفيذ هذه المهمة بالذات.

الحل للمالكي

كيف يتجنب المالكي ان يكون هدفاً للتغيير من قبل الأمريكان؟ ليس هناك وسيلة اكيدة, وبالتأكيد فأن زيادة اللطف والتنازل امامهم ليست مؤكدة النتائج, والتأريخ يعج بالأمثلة ولعل اخرها صدام نفسه الذي كان مستعداً لتوقيع اي شيء تقريباً مقابل ابقائه, لكن ذلك لم يفده. فقد لعب صدام الدور الأحمق: دور الشرطي الذي يمسك جميع اللصوص فلا يعود له فائدة. ماالحل إذن؟
خطة الخط الثاني المكروه

هناك في الواقع حل صعب لمثل هذا الوضع الصعب في التعامل مع قوة خارجية مهيمنة, وهو ان تقنعها ان ازالتك من منصبك ستأتي بحكومة "اسوأ" منك بالنسبة لها. ولأجل ذلك يجب ان يحرص الرجل, سواء كان دكتاتوراً عميلاً ام رجلا وطنياً منتخباً او اي شيء بين الأثنين, يجب ان يحرص على تهيئة خط ثان في البلد يكون مكروها اشد ما يمكن من قبل القوة المهيمنة, وقوياً بدرجة تتيح لهذا الخط استلام البلاد في حال زاول السلطة الحالية لكنه اضعف من ان يقوم بذلك بوجود السلطة الحالية.
فلو عدنا الى صدام, فان افضل طريق لبقائه كان تشجيع الشيوعيين والإسلاميين (او احدهما) ليحصل على شعبية كبيرة وبعض السلطة, ويكون هو بذلك لأميركا صمام الأمان الضروري لمنع هذه الجهة الشديدة العداء بالنسبة للأمريكان من الوصول الى السلطة. بنفس هذا المنطق نستنتج ان اخطر وضع لصاحب السلطة هو ان تجلس على الصف الثاني للسلطة جهة مناسبة للقوة المهيمنة. لاشك ان هذا كان وضع عبد الناصر بوجود السادات, ثم السادات بوجود مبارك (الذي كان مستعداً لكل تنازلات السادات دون ان يحمل عبئ الخيانة التي يحملها السادات), وقد قتل كل من ناصر والسادات بضروف شديدة الغموض وكثيرة التساؤلات.

التخلص من الصدريين وجيش المهدي خطوة انتحارية

يبدو من هذا ان التخلص من الصدريين وجيش المهدي خطوة انتحارية بالنسبة لحكومة المالكي, وهناك مبادرات سياسية تقودها بشكل خاص الجهات الأكثر قربا من الأمريكان في تشكيلة البرلمان العراقي, لايبدو الغرض منها سوى هذا الأمر. بل ان الطريق مفتوح لسيناريوهات حادة. فمثلاً ليس من المستحيل اغتيال المالكي بعد تهيئة الموقف (الخط الثاني) قليلاً بحيث تقفز الى السلطة جهات ترشح علاوي فوراً لإستلام السلطة او السلطة الأمنية على الأقل, فيقوم هذا فوراً بإتهام جيش المهدي بتدبير الجريمة, ولن يصعب تصديق ذلك خاصة وان المالكي كان ينوي حل هذا الجيش, بل ليس مستبعداً ان يأتوا في النهاية برجل من جيش المهدي "يعترف" بانه القاتل. بعد ذلك تستمر حملة تصفية للمقاومة التي لاتنتمي الى الجهات التي نظمها نكروبونتي قبل ذهابه اما الأرهاب الكبير فسيتوقف فجأة دون تفسير. وفي فوضى حملة "تصفية الإرهاب" هذه ستتم تصفية كل من لايناسب الحكومة القادمة دون ان يثير ذلك الكثير من اللغط. ليس هذا إلا واحداً من السيناريوهات الكثيرة الممكنة.

طلب رحيل القوات الأمريكية

ما الذي يمكن للمالكي ان يفعله لكي ينجو من هذا السيناريو او يؤخره على الأقل؟ برأيي ان يطلب رحيل القوات الأمريكية فوراً, او بأول فرصة له تبرر تغيير رأيه. ان مثل هذا الإجراء او اي اجراء ابسط منه بنفس الإتجاه, مثل طلب جدولة رحيل القوات فوراً او اتهام اميركا بدعم الإرهاب او كلاهما. أن مثل هذا الإجراء سيجعل من الصعب على اميركا تدبير مؤامرة لتنحية او قتل المالكي دون ان يشار اليها باصبع الإتهام, باعتبار ان ذلك كان رداً على قرارات المالكي المضادة. والحقيقة ان الهجوم الأمريكي العسكري لتحرير السامرائي يوفر خير مناسبة لمثل ذلك فهو اضافة الى ما ذكر, يقدم فرصة لتصحيح صورة الضعف الملصقة بالمالكي حالياً.

السكينة الحبلى بكل المفاجآت

قبل احتلال صدام للكويت ببضعة اسابيع اتيح لي ان ازور تلك الدولة الآمنة النائمة وسط الصحراء الفارغة الممتدة, وتحت السماء الزرقاء الدافئة عند شواطئ الخليج الصافية الهادئة. لم يكن ممكناً لي ان اتخيل ان تمتلئ تلك السماوات بالطائرات الحربية وتلك الصحارى بالدبابات وتتحول الشواطئ الى ثكنات عسكرية. لكن ذلك حدث سريعاً فاقتنعت ان السماء الصافية قد تكون المقدمة الأنسب للعواصف, وكذلك قد تكون علاقة المالكي بأمريكا من هذا النوع: السكينة الحبلى بكل المفاجآت!

روابط

(*) http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=40460
***)http://www.wsws.org/articles/2006/dec2006/iraq-d18.shtml
(***) http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=83933



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القابض على الجمر: مراجعة للتهم الموجهة الى جيش المهدي
- ثلاثة افكار من اجل رد ثقافي على الطائفية والإرهاب
- عادل امام يصالح السنة والشيعة
- الإعتقال المطول السابق لتوجيه الإتهام نوع من التعذيب
- ذكرى مقتل جون لينون, الخنفس اليساري الذي ارعب اقوى رجل في ال ...
- البعث يدافع عن مجتثيه
- إنتقم من الخطأ
- عن وردة سعدون وارض الخوف وميلاد المقاومات الثلاثة
- قتل الأمل
- الإنتخابات الهولندية: عواصف شديدة فوق الأراضي المنخفضة
- خطة طوارئ للدراسة الجامعية في زمن الإرهاب
- كيف يتخذ الإنسان العراقي موقفاً من كل هذا؟ -2: ضرورة القراءة ...
- كيف يتخذ الإنسان العراقي موقفاً من كل هذا الضجيج؟
- الحكم على صدام, فرحة نصر وتفاؤل حذر
- الحكم على صدام, وتفاؤل حذر
- أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!
- كيف عادت -صدام حسين يلوك النه-؟
- نظرية بابل*
- أحداث العراق الجسيمة: غزلان وتماسيح
- غيلان: تعويذتنا الواقية من الإنهيار


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - دفع المالكي الى الإنتحار