أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - ترقيعات فكرية لموجود يسمى الوطن














المزيد.....

ترقيعات فكرية لموجود يسمى الوطن


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 8085 - 2024 / 8 / 30 - 00:12
المحور: المجتمع المدني
    


ترقيعات فكرية لموجود يسمى "الوطن"!!


عراقُ بعد التسويات الاستعمارية سقط من إثر ولادة قيصرية، خرج الجنين ولم تسنح له فرصة البقاء مع الأم، فالمولود صادف الكثير من الصعاب وواجه العديد من العلل دون أن تملسه كفوف الأم، بغية تهدئة صرخاته والآلام التي لم تدعه يوماً أن يقف منتصب القامة أمام من كتبوا له الحياة.
موجود غير متحول من ظهوره الأولى إلى الأشكال والتمظهرات المتفاعلة مع الذات الكلية ومع الخلفية الجيوانسانية والجيوسياسية.
كائنات بسيطة بساطة قبلَ الحضارية، غير متمدنة، وعيهم لا يخرج حدود عوائلهم وتجمعاتهم الرعوية.
لا ينطبق عليهم تعريف المواطن بالدقة الدستورية وبالمعنى الديمقراطي لهذا المفهوم. فالمواطن يعي ما عليه وما له من التزامات، ويعلم ان ذات المواطن لا تكتمل إن لم يكن هناك وطن يضم الكل دون فوارق وتميزات عرقية وطائفية ومذهبية.
الإنسان قذف إلى هذا العالم كما قال مارتن هايدغر وهوسيرل وقبلهم الميثولوجيات وحكاياتها الكبرى، لكي يبني عشه كما تصور منه غاستون باشلار، فالبناء هو فعل عقلاني يراد له‌ عمليات مقارنة دقيقة تديرها آليات التفكير المتبنات أساسا على حاجات البشر المعرفية.
الحياة بالمعنى العقلاني والبنائي صعبة، ليست هدية كما فسرتها الموجة البدائية للبشرية، انها صراع مع عوالم يخرج منه الكائن العاقل والمتصارع الفنان متباهيا بذاته الفاعلة المنتجة لما يختاره من نوعية الحياة التي يريدها.
بناء الوطن هو ستراتيجية عقول منتجة لحياة اكثر هدوءا وتوازنا، لا هو بقاءٌ في دوامة الهيجانات الانفعالية الفطرية ولا هو الدخول في متاهات التمنيات اللامتناهية الغيبانية التي لم تجد لها البشرية التقليدية مخرجا مسالما لها.
عقلانية بناء الوطن هي في الصميم حقائق وجودية تنبني على الاعتراف بفرادتك وفرادة غيرك وفرادة تجمعات خارج تجمعاتك، حقيقة الفرادة تؤسس على رؤيتك للجمال الإنساني من خلال التفنن في بناء لوحة وطن جميل تعبر عن جماليات الإختلاف وموزائيكية الرموز المكونة للوحة الوطنية.
فشلنا كما قلت سابقا في كتاباتي الاخرى في تشكيل وطن يضمنا ويحضننا، فالعقول القاصرة ليست بإمكانها بناء حياة وتنظيمها وفق نماذج تنظيمية لا تجدها غير العقلاء.
التفرد موضوع والفردية موضوع آخر، في التفرد بالسلطة أو في العبث بها تنجرف الحالة المجتمعية نحو قرار بداية نهايتك كإنسان أولا وكمجتمع ثانيا، في التفرد تختفي التناغم الايقاعي بين المختلفين، ولكن في الفرادة والفردية تظهر جماليات اللوحة البشرية الحديثة.
التأريخ مليئ بنهايات دراماتيكية لذهنيات متفردة بالقرار بانواعه، نهايات تشبه مشاهد عمليات إبادة لنفوس اكتفت فقط بالابقاء بوجودها الفيزيقي ليس إلا. هنا نحن اتينا ومعنا توصيات اسلافنا والتي توجهنا دوما دون توقف صوب نهاية معلنة عنها سلفا، كونها ننخرط بتاثيرها في صراعات إبادة المختلف خوفا من ان تختفي انت ونحن أولا. إقصاء الآخر المختلف هو بمثابة إبادة الألوان الأخرى والابقاء على لون واحد وسماع صوت واحد. لن تدوم حياة جماعة أجبرت على إظهار نفسها بلون واحد كون الزمن يغرس في جوهرها كيميائيات لبروز الوان أخرى ليس بالمستطاع صد حتميات ظهورها، هذه هي نهايات ذوي العقول المتعفنة التي ليست بامكانها تدجين العواطف وانفعالاتها وتحويلها إلى وحدات موزائيكية ايستطيقية راقية.
نحن العقول الماورائية الميتامعرفية في عذاب ازلي لم نختاره، كما يتصوره وليم غلاسر النفساني المعرفي الامريكي،بل اخترنا شكل وجوهر المواجهة والتصدي كي نعيد للتعنت والجمود حركاتهم الدايناميكية بغية البدء بصناعة مكان آخر يلائم لِلَم واحتضان المختلفين.
عقول دائرية تأتي وتبدأ في البدايات التقليدية وعند موطأ من رسم لهم الدائرة الأولى لتنتهي في النقطة نفسها التي اكتمل بها السلف دائرته. هذه هي الدوامة غير المنتهية للحياة والحكم وادارتهما بيننا هنا.
عقلنة الحياة شيئ، وعطفنتها أو مزجنتها شيئ آخر، بالعقل يتشكل الوطن وبه يتحول وفق حركية الوعي وفعاليته، هذه الفعالية المتفاعلة مع معطيات الواقع هي المبتكرة للزمن والتاريخ.
عطفنتنا لحياتنا منذ أن غبنا عن الوعي الفعال أخرجنا عن التأريخ، ولم يعد لنا حضور إنساني عاقل في الزمن. فالخارج عن الزمن هو الخارج عن التأريخ، والخارج عن التأريخ ليس بمستطاعه صناعة المكان وبناء البيت الوجودي المتجسد في الوطن.
بيتنا الآن منشرح الشروخ إلى الحد الذي ليس بالإمكان سدها، فالبيت هو المقدس الأول والأخير كونه يجعلني أن أظهر بحقيقتي اللامزيفة.



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث حول الفقر والفقراء وضوء على صفحات كتاب-الفقر...مقاربات ...
- من الإحباط الوجودي الى ثقافة البلادة
- التصحر الأكاديمي والجفاف الثقافي
- ثقافة الكراهية واللاشعور الكوني
- الفرد الرقمي وإستحالة الفردية!
- عقود مع الشياطين
- ثلاثية(الهوية،الانتماء،المسؤولية)
- آراء ساذجة تسآل!
- الاسهال الفكري!
- مدين لك
- من المماثلة الى الإختيار
- اوديب ملكاً الى الابد!
- متلازمة الانحطاط!
- موجود لا رأس له!
- الأمن الفكري والإيجابية الدائمة
- قصر النظر الميتامعرفي!
- نهاية الشخصية السياسية!
- رواية حاكم….حفريات ادبية في اغوار التأريخ
- ثقافة للبيع!
- عنصرية النص، تعليق للخيال الضيق….اليف شافاك نموذجا


المزيد.....




- المستوطنون وذوو الأسرى يواصلون التظاهرات ضد نتنياهو وحكومته ...
- الحرب في لبنان: منظمات الإغاثة تكافح لتوفير الغذاء والمأوى
- السعودية.. الداخلية تصدر بيانا بشأن إعدام أردنيين اثنين
- روسيا ستقدم أدلة للأمم المتحدة على جرائم ارتكبها مرتزقة يقات ...
- الأونروا: لم يُسمح بدخول أي طعام لمدة شهر للمنطقة المحاصرة ب ...
- الأونروا: الوضع بغزة كارثي وما يصل من مساعدات غير كاف
- وزير الخارجية الفرنسي: لن نقبل تكرار حادثة اعتقال فرنسيين من ...
- منظمات إغاثة: إسرائيل لم تنفذ مطالب واشنطن لتخفيف كارثة غزة ...
- الأونروا: وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة -غير كاف-
- الأونروا: وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة غير كاف


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد طه حسين - ترقيعات فكرية لموجود يسمى الوطن