يُدفع الفلسطينيّون في غزّة دفعا إلى معسكرات موت تزداد ضيقا بينما كمالا هاريس تكذب بشأن الإبادة الجماعيّة و تغطّى عليها و تبرّرها

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 8083 - 2024 / 8 / 28 - 16:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

آلان غودمان ، جريدة " الثورة " عدد 868 ، 26 أوت 2024
https://revcom.us/

في المؤتمر القومي الديمقراطي ( DNC ) ، 19-22 أوت 2024 ، وقع منع المندوبين المنتخبين ، الفلسطينيّين – الأمريكيّين و معارضين آخرين للإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة من الكلام . لقد أجروا مفاوضات لأيّام من أجل الحصول على فرصة لتقديم ما قالوا لاحقا أنّه كان سيكون صورة ل " شيطنة " ما تموّله الولايات المتّحدة و تسمح به و تغطّى عليه في غزّة و في فلسطين بأكملها . و جاء في تقارير أنّ منعهم من الكلام أتى مباشرة من أتباع كمالا هاريس .
و في ما يلى أحداث ثلاثة جدّت أو كُشفت تقريبا بالذات زمن منع صورة " الشيطنة " . إقرأوا هذا . و توقّفوا و فكّروا فيه. و تمثّلوه . و تاليا سنعود إلى ما ينمّ عنه كلّ هذا بصدد ما تمثّله عمليّا هاريس و الديمقرؤاطيّون و لماذا و ما يمكنكم القيام به في الواقع العملي .
الولايات المتّحدة + إسرائيل : إباديّون جماعيّون قتلة و ميتّمو الأطفال :
ضمن أكثر من 40 ألف فلسطيني و فلسطينيّة تمّ قتلهم في غزّة على يد إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 ، أكثر من 16 ألف هم من الأطفال . و ضمن الأطفال الناجين ، الآلاف أيتام .
مقال صدر في 24 أوت بجريدة " النيويورك تايمز " عنوانه " الحرب في غزّة تخلّف آلاف الأيتام " تضمّن قصّة منّة الأه صالح و عمرها 11 سنة ، و التي " تتحدّث بإستمرار عن والديها . و قد تيتّمت في ديسمبر ، كانت تحاكى الطريقة التي كانت تضحك بها أمّها و ترمش بعينيها و تمشى . وهي ترتدي الحذاء الرياضى و القميص المفضّل لدي أمّها ، رغم أنّها ملابس كبيرة جدّا نسبة إلى جسدها . و قالت : " أمّى كانت تمثّل كلّ شيء بالنسبة إليّ " و طفقت الدموع تسيل و لم تستطيع مواصلة الكلام ."
و يروى المقال قصّة " الطفلة الصغيرة ذات الثلاثة أسابيع من العمر التي جُلبت إلى المستشفى الإماراتي في رفح في نوفمبر. و قد تمّ العثور عليها وحيدة ، قرب جامع بمدينة غزّة عقب غارة جوّية قتلت عشرات الناس .
قصص ينفرط لها القلب . و هناك آلاف لا تحصى من الأيتام في غزّة اليوم . إلاّ أنّ إطار جريدة " النيويورك تايمز " تبييض مقرف للجرائم . فهي تعزو يُتم الأطفال إلى " الحرب " في غزّة . أكاذيب ! لقد تيتّم هؤلاء الأطفال ، في مكان لا ملجأ فيه و لا خدمات إجتماعيّة و لا شبكات إغاثة لأنّ إسرائيل التي تزوّدها الولايات المتّحدة بالقنابل تنفّذ مجازرا من جانب واحد في حقّ فلسطينيّين عُزّل .
يُقصفون بالقنابل في المنازل و في السيّارات و المدارس و " المناطق الآمنة " :
في 22 أوت 2024 ، بالضبط أثناء إنعقاد المؤتمر القومي الديمقراطي ، جاء في تقرير لقناة الجزيرة أنّ ما لا يقلّ عن 47 فلسطينيّا و فلسطينيّة قتلتهم إسرائيل خلال الأياّم السابقة في أو حول مدن خان يونس و النصيرات و دير البلح ، و مدينة غزّة . و في 23 أوت 2024 ، تحدّث تقرير آخر للقناة نفسها عن " قصف رهيب بالقنابل " في مدينة دير البلح و وجدت العائلات الفلسطينيّة نفسها محاصرة غير قادرة على مغادرة المدينة .
و ضمن القتلى يوجد على الأقلّ أربعة أشخاص و جُرح 18 إنسانا في غارة إسرائيليّة على مدرسة صلاح الدين التي كانت تؤوى نازحين فلسطينيّين في مدينة غزّة . و صرّح محمود باسال لوكالة الأنباء الفرنسيّة AFP بأنّ إبنه كان ضمن الذين قتلتهم الغارة بينما كان يلعب في باحة المدرسة . " لقد هرعنا لنرى ما حدث و رأيت إبنى ميّتا " ، و أضاف : " ما الذى فعله هذا الطفل ليستحقّ هذا ؟ لم يكن لديه لا صاروخ و لا طائرة و لا مدفع " .
و كما يفعلون في كلّ مرّة يقترفون فيها مجزرة في حقّ المدنيّين في كلّ ناحية من نواحى غزّة ، كان ردّ المسؤولين الإسرائيليّين أنّ هذا الطفل قُتل كجزء من " ضربة دقيقة ضد إرهابيّى حماس الذين كانوا يتحرّكون داخل مركز قيادة و تحكّم . "
يُدفعون إلى معسكرات موت تزداد ضيقا :
إنّ المذابح الإسرائيليّة الوحشيّة المتواصلة التصاعد للمدنيّين في كلّ ناحية من نواحى غزّة دفعت 1.7 مليون فلسطينيّ و فلسطينيّة في غزّة إلى قسم يضيق بسرعة من " المنطقة الآمنة " بالمواصى ، على الجهة الغربيّة من غزّة . و هذه مساحة تساوى عُشُر حجم غزّة .
في 22 أوت ، أورد تقرير لجريدة " النيويورك تايمز " أنّ المدنيّين الفلسطينيّين الذين أمرتهم إسرائيل بإخلاء منازلهم و الملاجئ في أجزاء كبيرة من غزّة كانوا على الفور يدفعون إلى المكان الذى أُمروا باللجوء إليه . و رجل أخذ بسرعة القليل من الممتلكات التي بقيت له و غادر نحو ما يُفترض أنّه " منطقة آمنة " في المواصى أفاد " التايمز " بأنّه بعد وصوله، أخذت المدافع الإسرائيليّة تمطر الخيام و الناس الذين إلتحقوا بالمكان بالقذائف .
و في 13 أوت 2024 ، ، ورد في تقرير لمجلس أمن الأمم المتّحدة " يُطالب المدنيّون بصفة متكرّرة بالإخلاء و التوجّه إلى مناطق حيث لا توجد الحاجيات الأساسيّة لبقائهم على قيد الحياة . بصفة متكرّرة يتمّ قتلهم و جرحهم في كلّ مكان يُقال لهم أنّه آمن و يتوجّهون إليه ". ( التشديد مضاف )
و يجرى هذا في ظلّ هذه الظروف ، " ظهور عام لعدوى أمراض تنفّسيّة حادة ، و أمراض الإسهال ، و مرض اليرقان الحاد ، و أمراض جلديّة معدية . و – و هذا مبعث خشية كبيرة – ببرامج تلاقيح غير ممكنة عمليّا ، و عدوى مرض شلل الأطفال تحوم في الجوّ كتهديد جديد بعدما وقع إكتشاف موجات ستّة من فيروس شلل الأطفال في عيّنات بيئيّة في شهر جوان . و كمسألة إستعجاليّة ، يجب أن يُسمح للعاملين بالصحّة بتنفيذ حملة تلقيح ... و جدير بالتكرار : لا حماية للمدنيّين في غزّة . فإلى جانب فالنزوح الذى لا يتوقّف لأعداد كبيرة من الناس داخل غزّة ، عدّة آلاف من الفلسطينيّين و الفلسطينيّات غادروا و عدد أكبر يحاول المغادرة ".
كمالا هاريس = الإبادة الجماعيّة :
فكّروا في الجرائم المريعة العالميّة – التاريخيّة التي قرأتم عنها للتوّ و التي جدّت حديثا او كُشف عنها النقاب في الوقت الذى كان فيه الناس داخل المؤتمر القومي الديمقراطي ، و الملايين الآخرين الذين يشاهدون التلفزة أو منصّات التواصل الاجتماعي يتابعون بشكل مثير مساندة و هيجان تضليلي لمرشّحة للرئاسة كانت نائبة رئيس جو بايدن الإبادي الجماعي طوال كامل هذا الوقت .
و بعد هذا ، أنصتوا بأمانة و بفكر نقدي إلى ما قالته كمالا هاريس في خطاب قبولها الترشّح للرئاسة باسم الديمقراطيّين :
" في ما يتعلّق بالحرب في غزّة ، أنا و الرئيس بايدن نشتغل على الموضوع على مدار الساعة ، لأنّه حان وقت حدوث صفقة أسرى و إتّفاق إيقاف إطلاق النار .
و دعونى أكون واضحة . و دعونى أكون واضحة . سأدعم على الدوام حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ، و سأضمن على الدوام أن تملك إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها ، لأنّ شعب إسرائيل لا يجب أن يواجه مجدّدا الفظائع التي إقترفتها المنظّمة الإرهابيّة المسمّاة حماس في 7 أكتوبر ، بما في ذلك عنف جنسي لا يوصف و مذابح للشباب في مهرجان موسيقى.
و في الوقت نفسه ، ما جدّ في غزّة طوال الأشهر العشرة الماضية مُدمّر . عدد كبير من البشر الأبرياء فقدوا حياتهم . و ينزح أناس يائسون و جياع بحثا عن الأمان ، المرّة تلو المرّة تلو المرّة . و مدى العذابات يفطر القلب .
و أنا و الرئيس بايدن نعمل لإنهاء هذه الحرب بحيث تكون إسرائيل آمنة و يُطلق سراح الأسرى و ينتهى العذاب في غزّة و يمكن للشعب الفلسطيني أن يحصل على حقّه في الكرامة و الأمن و الحرّية و حقّ تقرير المصير . "
الواقع خلف هراء " نشتغل على الموضوع على مدار الساعة " هو أنّه طوال عشرة أشهر من مذابح الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة في غزّة ، إسرائيل هي التي عرقلت إيقاف إطلاق النار بينما كانت إدارة بادين - هاريس توجّه اللوم لحماس.
و الواقع خلف هراء " عدد كبير من البشر الأبرياء فقدوا حياتهم..." : لم تُفقد ! لقد قتلتهم إسرائيل بواسطة القنابل و الصواريخ التي كانت و لا تزال الولايات المتّحدة تزوّد بها إسرائيل ، و التي دمّرت مبانى سكنيّة كاملة و مدارس و مستشفيات و المرّة تلو المرّة تلو المرّة ، " المناطق الآمنة " التي كان يُؤمر الفلسطينيّون باللجوء إليها .
و الواقع خلف " حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ..." : إسرائيل دولة تفرقة عنصريّة قائمة على دم و عظام الشعب الفلسطيني عبر التطهير العرقي الإبادي الجماعي . و بالتالى ، القتل العشوائي للمدنيّين و قتل الرضّع و ترك أطفال أيتام؛ و دفاع أناس يائسين و جياع إلى النزوح من مكان إلى آخر ثمّ قصفهم بالقنابل و هم في " مناطق آمنة " ؛ و ترويع شعب كامل و التسبّب له في صدمة ... هذا ما يعنيه " ضمان أن تملك إسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها " .
لقد قالت لكم كمالا هاريس للتوّ أنّ هذا " خطّ أحمر " بالنسبة لها . و أحد الناس الذين فكّروا أنّ لديهم فرصة لتقديم شهادات في المؤتمر القومي الديمقراطي حول واقع فلسطين تحدّثوا عن " النضال من أجل روح الحزب الديمقراطي " . روح الحزب الديمقراطي هي روح الإستغلال الرأسمالي - الإمبريالي و المنافسة و النزاع الشديدين مع القوى الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأخرى . تريدون " النضال من أجل روح " الحزب الديمقراطي ؟ أنتم لا تغيّرونهم ؛ هم الذين يغيّرونكم ! و مثلما قال بوب أفاكيان " إذا أردتم جعل الديمقراطيّين ما ليسوا عليه و لن يكونوا عليه أبدا ، ستنتهون إلى أن تكونوا أكثر شبها بما هم عليه الديمقراطيّون عمليّا ".
هناك طريقة أخرى يمكن لهذا العالم أن يكون عليها . لكن لبلوغ ذلك ينبغي أن تواجهوا ( و تتصرّفوا إنطلاقا من ) الواقع . في رسالة بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي [ @BobAvakianOfficial ] الثورة عدد 7 ، لماذا تساند الولايات المتّحدة الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة للفلسطينيّين ، يتناول لبّ المسألة و ما نحتاج إلى القيام به لإيقاف ذلك . و قد نشر بوب أفاكيان هذا قبل أن ينسحب جو بايدن الإبادي الجماعي من سباق الانتخابات الرئاسيّة ، إلاّ أنّ ما قيل ينسب تماما على كمالا هاريس :
" لماذا يدعم بايدن و أساسا كامل الحكومة و الطبقة الحاكمة في الولايات المتّحدة إسرائيل في إرتكاب الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطينيّ على مرأى ومسمع من العالم قاطبة ؟ و إليكم الإجابة عن هذا السؤال الحيويّ :
لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء ". و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في جزء إستراتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ). و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم .
" إنّه النظام ! هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يجسّد و يفرض تفوّق البيض و التفوّق الذكوري البطرياركي و إضطهاد عنيف آخر – هذا النظام الذى يقوم على إستغلال قاسى يسرق حياة الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و تماما حياة مليارات البشر عبر العالم ، بمن فيهم 150 مليون طفل – كلّ هذا يُفرض بعنف و تدمير شديدين على الشعوب و البيئة بما يمثّل تهديدا حقيقيّا جدّا لمستقبل الإنسانيّة و وجودها .
و هذا النظام هو الذى يحتاج إلى أن نطيح به في أقرب وقت ممكن بواسطة ثورة فعليّة . "
هام : بوب أفاكيان قائد ثوريّ ، مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و الشخص الوحيد على وجه الأرض ( إلى جانب أنصاره ) الذى يتحدّث بإستمرار عن هذه الثورة الفعليّة . في جميع سلسلة رسائله على وسائل التواصل الاجتماعي ، يبحث مباشرة لماذا هذه الثورة ضروريّة ، في هذا الزمن ، وما نحتاج إلى القيام به ، الآن بالذات ، حتّى تتوفّر إمكانيّة حقيقيّة لنجاح هذه الثورة.
إن كان القسط الصغير من واقع أنّ ما يواجهه الفلسطينيّون في غزّة على أساس يومي يحرّك سواكنكم ... إذا كان واقع الخداع و النفاق و الفظائع الذى تمثّله حقّا كمالا هاريس يؤرّقكم و يعذّبكم ... إذا كنتم لا تتألّمون حول غزّة فحسب – و يجب أن تتألّموا لذلك – و إنّما تتألّمون لنوع المستقبل يواجهه كلّ إنسان على كوكب الأرض ... كيف تقبلون بأن لا تتفاعلوا تفاعلا جدّيا مع بوب أفاكيان ؟!؟

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات