سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الضبابُ يرخي سدولَه على العاصمة الإمبراطورية ، وهي سدولٌ صفيقةٌ ، لم يعهدْها الناسُ منذ أمدٍ ، وقد كلّفتْهم من أمرِهم شططاً ؛ فالذين خطّطوا لرحلةٍ بالطائرة إلى بلدانٍ تطلُّ فيها الشمسُ على بني آدم ، فوجئوا بالرحلةِ / الحلْمِ وقد أُجِّلتْ ، والذين اكتفَوا بالقليل ِ ، أي بالرحلةِ في الداخل ، داخل المملكة المتحدة ِ ، فوجئوا بأن الطرق السالكة لم تعُدْ سالكةً ... الضباب ، الضباب ، الضباب ...
لكنْ ، إنْ كانت الطبيعةُ قد ألغزت الأمورَ هنا ، فإن السياسةَ لم تُلغِز الأمورَ هناك ، فهاهو ذا رئيس الوزراء البريطاني يحرِّض ، في دُبَيّ ،
شيوخاً ، وأبناءَ شيوخٍ ، مرعوبين ، على مجابهة إيران .
المفارَقةُ هي في اعتماد الاحتلال ، داخل العراق المستعمرةِ ، ما يدعو الشبّانَ من أبناء الشيوخ المرتعبين في دُبَيّ ، إلى مواجهته .
الاحتلال في العراق ، اعتمدَ مؤسسةً دينيةً متواطئة ، رجعيةً ، ومتخلِّفة ، وفاسدةً ، قاعدةً محليةً له .
والحقُّ أن هذه المؤسسة الدينية المتواطئة ، الفاسدة ، فعلتْ ما لم يفعله أحدٌ ، طوال تاريخ الإسلام :
هؤلاء الأوباشُ ، أعلنوا جهاراً نهاراً : ولايةَ الذمّيّ !
ليس من ولايةِ فقيهٍ في العراق .
والعلمانيون العراقيون يرتكبون خطأً فاحشاً حين يتصوّرون ذلك ...
ربّما فهموا الأمر على حقيقته ، لكنهم أجبنُ من أن يعلنوا الحقيقة . هكذا يتسلّونَ بإدامةِ الحرب الكلامية الجوفاء ، عن ولاية فقيهٍ ، محجمين عن تناول ولاية الذمّيّ القائمة .
ربما لأنهم ، هم أيضاً ، يأكلون فُتاتاً زؤاماً من الكعكة المسمومة ، كعكة المحتلّ .
في أوائل القرن السادس عشر ، بعد سقوط غرناطة ، بحوالي عقدينِ ، وسيطرة محاكم التفتيش ، وتنصير من تبقّى من مسلمي الأندلس بالقوّة
والبطش والتعذيب ، ظلّ المسلمون هناك ، بالرغم من تنصّرهم ، متشبثين بهويتهم ، وبطقوسهم الدينية الأصلية ، يؤدّونها ســرّاً .
لقد هالهم ما هم فيه .
أرسلوا رسالةً إلى مفتي وهران ، يستفتونه في حالهم .
مفتي وهران ، الذي يدرك تماماً ، هول ما هم فيه ، باعتبار أن وهران ذاتها كانت مرفأ مهاجرين أساساً ، أفتى بولاية الذمّيّ ، حفاظاً على أرواح الناس المساكين ، الذين هم نصارى بالفعل .
تلك كانت المرة الأولى التي تخالَفُ فيها القاعدة الفقهية المعروفة ، القاعدةُ البيرقُ:
لا ولايةَ لِذمّيّ في الإسلام .
*
المرة الثانية ، حدثت الآن :
المؤسسة الدينية ، الواطئة ، المتواطئة ، الفاسدة ، المفسِــدة ،أعلنت بالقول والفعل والإصرارِ :
ولايةَ الذمّيّ ...
جورج دبليو بوش ، ولِيّ المسلمين في العراق !
*
مَن يتذكر ثورة العشرين ؟
لندن 21.12.2006
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟