|
منظومة الامبريالية الدولية وذيولها إجماع على الكيد للشعب الفلسطيني
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8080 - 2024 / 8 / 25 - 20:10
المحور:
القضية الفلسطينية
التناقض تناحري مع الدولة الصهيوينة
" إسرائيل لن تستحق الوجود ولن تكون جديرة بالحفاظ على وجودها"- العالم الإسرائيلي ييشيعياهو ليبوفيتس حرب الأرض المحروقة التي تخوضها إسرائيل في غزة سوف لن يعقبها سلام؛ لن يتحقق حل الدولتين؛ إسرائيل سوف تعرف ’دولة أبارتهايد وإبادة عرق‘؛ وهذا نذير بنزاع طويل ، طويل، يكابد فيه الفلسطينيون، ولن تكسبه إسرائيل في نهاية المطاف. راكمت إسرائيل ودول المنظومة الامبريالية خبرات في "تعقيم" الشعوب من الأفكار التحررة، لديها وسائلها السياسية والثقافة والاقتصادية التي تنسي الشعوب المغلوبة على امرها النهوض من كبوتها ، والتطلع للتحرر والديمقراطية والتنمية . لم تقصر سرائيل استثمار قدراتها الحربية المتفوقة على تدمير المستشفيات والمدارس والمباني؛ فكما تشير الباحثة اليهودية جوديث بتلر، فإن زعماء اليمين المتطرف في إسرائيل كانوا علنيين وغير اعتذاريين عن خططهم التصفوية في أعقاب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وكان هدفهم يتلخص في تقويض "سبل العيش، والصحة، والرفاهية، وقدرة [الفلسطينيين] على الاستمرار" وسط الهجوم العسكري الإسرائيلي الانتقامي وغير المتناسب. حصار مشدد لعزل الجماهير الفلسطينية منذ بداية الحرب، وحتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أفادت التقارير أن إسرائيل أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات الواردة من الولايات المتحدة على قطاع غزة؛ وهي قوة تعادل قنبلتين نوويتين. وهذا يعني أن القوة التدميرية للمتفجرات التي ألقيت على غزة خلال ما يقل عن شهرين تفوق قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما. ووفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن استخدام مثل هذه القنابل شديدة التدمير في المناطق السكنية يشكل جريمة حرب. ظهرت عواقب هذه التفجيرات بشكل مأساوي في 10 أغسطس 2024، عندما قصفت إسرائيل مدرسة التابعين في غزة، وهو حدث تكرر اثناء حرب الإبادة ؛ كانت المدرسة قد وفرت المأوى لحوالي 2,500 شخصا فروا من المناطق المهدمة، وكان الكثير منهم من الأطفال. واستهدفت القنابل الإسرائيلية قاعة للصلاة فجرا، كان يؤمها المئات. وبحسب تحقيق للمرصد الأورومتوسطي، فإن "أكثر من 100 فلسطيني استشهدوا، بينهم عدة عائلات". وقد أدت القوة التدميرية الهائلة للقنابل إلى تحويل جثث الضحايا إلى أشلاء ممزقة ومحترقة، وأصيب كثيرون بجروح خطيرة. وبعد التقصي تأكد للمرصد الأورومتوسطي عدم وجود عناصر مسلحة بين المدنيين بالمدرسة. كان بإمكان الأجهزة الأمنية التحري قبل الإقدام على الجريمة او بعدها كي تثبت ادعاءاتها ؛ غير انها واثقة من فبركة التبرير.
الفلسطينيون بالقطاع وبالضفة محرومون من حماية االقوانين او الاتفاقات الدولية وقرارات العدالة الدولية. يجري ذلك مع العنف الدموي في غزة ، وبعنف أقل لكنه ممنهج بالضفة . نتنياهو ، شأن بيغن وشامير وشارون، ورثة جابوتينسكي، لايرتضي أيا منهم إلا أن يُغلب الفلسطينيون على أمرهم ويرغموا بالقوة المتفوقة على الاستسلام لمشيئة إسرائيل. تلك هي عقيدة جابوتينسكي، الذي أرجع عداءه للفلسطينيين، بالنظر لكونهم شعب واع لا يتخلى طواعية عن وطنه للمتدخلين من خلف المحيطات؛ بينما برر بيغن وشامير وشارون عداءهم ب "الإرهاب الفلسطيني" ؛ اما نتنياهو فيراهم عماليق التوراة ونازيون جدد، يتوجب إبادتهم رجلا او امرأة او طفلا ، حتى مواشيهم تباد وممتلكاتهم تدمر. حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير لا تقر إلا بقوانين التلمود؛ ورسالة العقوبات التي تنزلها الدولة الصهيونية بالفلسطينيين بقطاع غزة هي إعادتهم الى ما قبل العصر الحجري، الى حقبة لم نعرف الحضارة الإنسانية ، حيث إنسانية البشرمفهوم لم يتاسس بعد، ولايملك الغريب الضال عن مجموعته حق الحياة ، يقتل حالا إن وقع بأيدي مجموعة أخرى اعتقادا بأنه ساحر يجلب النحس للمجموعة. تقل الأكاديمي الأميركي هنري غيروكس عن مقال نشره نيف جوردون وبيني جرين في مجلة The New York Review of Books أن شلهوب كيفوركيان، مواطنة فلسطينية في إسرائيل، وهي رئيسة قسم القانون بجامعة لورانس دي بيلي بالجامعة العبرية في القدس، تم اعتقالها بسبب توقيعها على عريضة. بعنوان "الباحثون والطلاب في مجال الطفولة يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة". وجاء بالمقال ان شلهوب كيفوركيان "كانت واحدة من العديد من المعلمين الفلسطينيين الذين تعرضوا للترهيب من قبل حكومة نتنياهو الفاشية لانتقادها الحرب. يشمل نطاق الرقابة والعقاب الذي تفرضه الدولة الإسرائيلية أيضًا أعضاء هيئة التدريس اليهود مثل الأستاذة الشهيرة نوريت بيليد الحنان[ ولدت عام 1949، ابنة الجنرال بيلد الذي اختلف مباشرة بعد حرب حزيران مع القيادة السياسية والعسكرية حين تأكد له الإصرار على التمسك بالأراضي المحتلة. استاذة اللغة والتربية بالجامعة العبرية في القدس ، ومترجمة وناشطة ضد العنصرية وفي مجال حقوق الإنسان] أخضعت لجلسة تأديبية لأنها أرسلت رسائل على تطبيق واتساب للموظفين، واعتُبر داعمًا لحماس". وأشار جوردون وغرين أيضًا إلى أنه "في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت هجوم حماس، واجه أكثر من مائة طالب فلسطيني في إسرائيل، ما يقرب من 80 بالمائة منهم من النساء، إجراءات تأديبية بسبب منشورات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم إنهاء الحصار على غزة، أعربت عن تعاطفها مع الفلسطينيين في القطاع، أو ببساطة أدرجت نصوصا ساخرة حول معاناة الأطفال الفلسطينيين. خلص الأكاديمي غيروكس الى القول " إن محاولات الدولة الإسرائيلية لتدمير التعليم في فلسطين هي جزء من مشروع أوسع لتدمير أي بقايا لحركة التحرير في فلسطين".
في مستنقع فاشية الصهيونية . انتهزت حكومة نتنياهو هجمة 7اكتوبر كي تشن حرب إبادة ، وحرب الأرض المحروقة صاحبها امر عسكري للسكان الفلسطينيين بالرحيل الى صحراء سيناء. ولم تستجب الجماهير ، ورفضت القيادة المصرية قبول الفلسطينين على أرضها . وهناك دلائل على تماثل مع تفجيرات 11أيلول، حيث تلقى نتنياهو وقادة جيشه تنبيها قبل 7اكتوبر حول "استعدادات" جارية لحدث ما، وسدروا في التجاهل. انزلت إسرائيل، بدعم هائل من إدارة بايدن ، خسائر بشرية ومادية بالقطاع ودمرت مرافق الصحة والتعليم والبنية التحتية ؛ لكنها لم تكسر شوكة المقاومة الفلسطينية . لآول مرة في تاريخ الصدامات المسلحة الجارية على مدى قرن مضى ، تصمد المقاومة الفلسطينية امام القوة المتراكة للصهاينة بفلسطين؛ فتواصلت بالنتيجة عمليات إبادة البشر وتخريب البيئة وحصار الأحياء في دوامات الرحيل والإرباك والترويع والضياع وانهمار المجازر العشوائية. للمرة الأولى منذ تأسيس المنظمة الدولية تعترض دولة على وقف الحرب وتمنع مجلس الأمن من القيام بمهمته بموجب ميثاق الأمم المتحدة. وفي بيان يتحدى الحدود الأخلاقية والقانونية، ادعى وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريش، أنه "لا أحد في العالم سيسمح لنا بتجويع مليوني شخص، حتى لو كان ذلك مبررا وأخلاقيا من أجل تحرير الرهائن". يتجاهل أن التجويع المتعمد للمدنيين هو جريمة حرب بشكل لا لبس فيه؛ تلك هي لغة السياسيين الفاشيين بأيد ملطخة بالدماء. إن مثل هذا الخطاب اللاإنساني لا يستهدف مقاتلي حماس فحسب؛ فهو يمتد إلى جميع سكان غزة، ويصف فعليًا جميع الفلسطينيين بأنهم إرهابيون وأقل من البشر. ومن خلال تجريد مجموعة بأكملها من إنسانيتها، فإن هذا الخطاب يسهل ويضفي الشرعية على القمع الذي تمارسه إسرائيل ضد جميع الفلسطينيين، ويبرر الحرمان من الاحتياجات الإنسانية الأساسية وارتكاب جرائم حرب. الى جانب التصفية الفسيولوجية ترمي الحرب الظالمة الى تفتيت النسيج الاجتماعي وإبادة الثقافة. إن التوثيق المستمر والدقيق على نحو متزايد لجرائم الحرب الإسرائيلية لا يكشف فقط عن الحقائق المروعة على الأرض، بل يسلط الأضواء أيضًا على الآثار الأوسع نطاقًا لهذه الانتهاكات. وتمتد الأزمة المتكشفة إلى ما هو أبعد من الوحشية المباشرة والتدمير المادي في غزة، لتكشف عن شكل أعمق وأكثر خيثاً من أشكال العنف الذي يتجاوز ساحة المعركة. إن هذا العنف متجذر في أجندة أيديولوجية تضفي الشرعية على مثل هذه الهمجية بينما تهاجم بشكل منهجي أي شكل من أشكال التعليم والانتقاد الذي يسعى إلى فضحها. يتجلى هذا الهجوم في شكل حرب ناعمة وصعبة على التعليم والتاريخ والتحقيق النقدي وأي حركة معارضة قابلة للحياة. بحق تعبر إيزابيلا حماد، الكاتبة البريطانية من أصل فلسطيني عن غضبها من الطريقة التي تعمل بها الحاضنات التربوية للإبادة المدرسية الناعمة على إدانة المتظاهرين تضامنا مع الفلسطينيين والتغطية على جرائم الإبادة الجماعية. اقتبس الأكاديمي الأميركي المرموق هنري غيروكس قولها : "ما يتم التغاضي عنه كثيراً، وخاصة في وسائل الإعلام الرئيسية، هو أن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة ليست مجرد اعتداء جسدي، بل إنها هجوم على التاريخ والذاكرة والمؤسسات الثقافية. إن هذا المحو هو جهد محسوب لإخفاء جرائم الحرب والعنف الوحشي وتاريخ الاستعمار الاستيطاني، وكلها مغطاة بقناع " فقدان الذاكرة التاريخية".
يتضح هدف حكومة نتنياهو إبادة اكبرعدد من الفلسطينيين وتدمير إنسانية من فاتتهم الإبادة وإشاعة ثقافة العنف في الحياة الدولية . حرب غير مسبوقة من حيث الهمجية والقسوة وغياب أفق الخلاص. في غمار هذا الجحيم المصطنع تجلت حقائق يتوجب أخذها بنظر الاعتبار : أولا، برهنت الأحداث المتلاحقة ان الولايات المتحدة وإسرائيل كيان مندمج في نظام امبريالي ينشد الاستيطان الاستعماري للأرض الفلسطينية ويضمر للشعب الفلسطيني مصير الإبادة او الاقتلاع من وطته وتشريده. فالصدام المحتدم على فترات ومراحل عبر ازيد من قرن هو تناحري في جوهره واستراتيجيته. يحدث الصدام الحالي في ظرف دولي يتسم بتصعيد المجابهة وتفضيل العنف لحل الخلافات . فقد تراجعت دبلوماسية الدولة الكبرى ، الولايات المتحدة ،عن " السعى للحفاظ على النظام العالمي من خلال فهم مصالح الخصم ودوافعه، والقدرة على تقديم تنازلات حكيمة" ، كما لاحظ المفكر الأميركي ،نوعام تشومسكي في مقابلة صحفية ، وأضاف: "أمّا القطبية الأحادية الجديدة المعتدّة بنفسها فقد وضعت كـ ’هدفٍ مشروع‘ تعديلَ أو استئصال هذه الترتيبات المرتبطة ببلدان أخرى إذا لم تكن متوافقة مع المُثل والقيم التي تُجاهِر بها". باختصار تركز القطبية الأميركية على اعتبارات اللجوء الى القوة لحل الخلافات . وثانيا، حيال التناقض التناحري لا يستقيم شعار "إنه جهاد، نصر أو استشهاد"؛ فالدعم الجماهيري المقدم لحماس والقبول بها حركة تحرر وطني تعبير عن التمسك بإرادة النصر. عبَر شعبُنا دوامات من المواجهات المنتهية بهزائم، وها قد أطل خطر الاقتلاع. لا يقبل العقل حيال هذا الخطر المحدق التعويل على غير النصر؛ في صدامات سابقة كلف الخيار بين النصر والاستشهاد التضحيات الضخمة اعقبها خيبات سياسية. تقتضي الكرامة الشخصية والوطنية والقومية التريث، احتراما لذكرى عشرات الآف ضحايا حرب الإبادة، قبل التجاوب مع التمثيل المفضوح لدور الوسيط الباحث عن السلام تتمظهر به إدارة بايدن- بلينكين. بعد أن قدمت على المكشوف كل ما ينزل الدمار والموت لجعل قطاع غزة بيئة يصعب السكن فيها مع توفير الحماية المعنوية والمادية للجاني ، وإغلاق أفق الخلاص، تحولت لتمثيل دور الوسيط!!! . وثالثا ، بدعم مادي ومعنوي من المنظومة الامبريالية الدولية امعنت حكومة نتنياهو في إشهار العداء للشعب الفلسطيني وسدرت في مجازرها اليومية بدون توقف على مدى ساعات اليوم وأيام الأشهر المتعاقبة . تتحدى حكومة بايدن –سموتريتش – بن غفير بصفاقة لقوانين والاتفاقات الدولية وأوامر المحاكم الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة واحتجاجات الملايين في أرجاء المعمورة، وتتحدى حتى مطلب قادة جيشها وشرائح كبيرة من شعبها. الفاشية لا تلتزم بالقوانين الدارجة وتزدري المعارضة، تحركها النزوات ؛ ونتنياهو لا يتورع عن الكذب المفضوح ، يجسر على اتزوير والتزييف وينكر وقائع وثقتها تقارير الهيئات الدولية وتحقيقات المنظمات الإنسانية المختصة. ورابعا، ان هذا العداء المدجج بالكراهية العنصرية والمحفوف بالمجازر يبني احقيته، بجانب صلف القوة ، من أوهام وخرافات اساسها ان الله نزل من عليائه ووهب فلسطين ل"شعبه المختار"!! وخامسا، ثبت بالتجربة المريرة ان التفاوض احد أشكال الصراع، تتوقف مخرجاته على توازن القوى؛ لم تبلغ المقاومة الفلسطينية من القوة درجة التفوق وكسر شوكة المعتدي. وإسرائيل تحوز على قدرات الامبراطورية الامبريالية. المعتدي يخطط بتفكير استراتيجي وينفذ بمعدات وقدرات محسوبة تتفوق على قدرات الخصم، بل يستدرجه بمهارة وخبث لصدام مسلح غير متكافئ نتيجته محسومة سلفا. ما يدور بين الشعب الفلسطيني والحركة الصهيونية الامبريالية لا يخضع لمواصفات الصراع او النزاع ، الذي يحتدم بين قوتين متكافئتين نسبيا وحقين على نفس المستوى من الشبهة. تدور عبر قرن مضى وعلى مراحل رحى حرب عدوانية تندلع وتخمد طبقا لتفكيروتخطيط استراتيجيين. وسادسا، قد يتم التوصل الى تسوية ترضي ذوي الرهائن والمعارضة السياسية وتوقف الحرب الإبادة ؛ لكنها هدنة قصيرة يتواصل بعده انماط الإبادة ؛ المجتمع الإسرائيلي والمعارضة لا يختلفون عن التحالف الفاشي من حيث الكراهية العنصرية ومساعي اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه والانسياق مع الرأي العام بنوازعه الفاشية. يستحيل التفاهم مع الصهيونية ركزت حكومة بن غوريون و حزب العمل الجهود على نقل ملكية الأراضي الزراعية بين أيدي الفلسطينيين الى ملكية الصندوق القومي اليهودي يخصصها لمنفعة اليهود فقط. تجسدت سياسة الأبارتهايد في الدولة الصهيونية اولا باغتصاب أراضي المزارعين الفلسطينيين . ثم طال الأبارتهايد بقية جوانب الحياة الاجتماعية. وبعد اكتمال احتلال فلسطين التاريخية أباحت حكومة حزب العمل لجماعة غوش إيمونيم الاستيطان بالمناطق "المدارة" ؛ كما سمحت بإقامة مستعمرات "لأغراض الأمن". احتفظ حزب العمل بالأغلبية في الكنيست مدة عشر سنوات ليخلفه حزب حيروت (حزب جابوتينسكي) الذي اندمج مع تنظيمات صسغيرة وشكلوا حزب الليكود.حولت حكومات الليكود الاستيطان الى سياسة دولة ، ووسعت الاستيطان بالمناطق المحتلة. بات الاستيطان ثقافة مجتمع يمارس الأبارتهايد ، فتعززت بالنتيجة ثقافة العنصريية والكراهية ، ما منح الليكودييين المزيد من الالتفاف الشعبي وأضعف بالتدريج نفوذ حزب العمل. تجلى بالممارسة أن نهج الأبارتهايد دينامو توليد النزعة اليمينية فالفاشية الصهيونية فالإبادة الجماعية. الصهيونية، بنهجها العنصري المقيت، حملت جينات الفاشية، وممارسا تها العملية انضجت التيار الفاشي واكسبته المشروعية . وبينما رفضت لجنة الانتخابات أوراق ترشح كهانا اواخر سبعينات القرن الماضي ، وبررت الرفض بعنصرية كهانا فقد أجيز لوريثه، بن غفير، الترشح ونجح بكتلة مع سموتريتش، انتهزا فرصة وجودهما بالهيئة التشريعية للتحريض ضد العرب وتسليح منظمات احترفت مهاجمة القرى العربية وتجمير المزارع ما وسع نفوذهما ، ونالت قائمتهما الفاشية مقاعد وازنة بالكنيست انعكست نفوذا وازنا داخل حكومة نتنياهو. حفرت العنصرية لها مجرى غدا تيارا متدفقا في خلايا المجتمع اليهودي، وذلك بفضل التربية التي اوكلها الانتداب البريطاني منذ عشرينات القرن الماضي للمنظمات الصهيونية؛ ومنحت دفعة قوية للعنصرية وتعمقت جذورها بفضل انتصارت الجيش "الذي لا يقهر". مضت إسرائيل شوطا بعيدا في الهبوط على هذ المنحدر قبل يوم 7 اكتوبر حين سنت سلسلة من القوانين التمييزية ضد من هم غير يهود تماثل قوانين نورمبيرغ العنصرية؛ كما أقرت قانون الدولة القومية الذي ، حرم العرب من حق تقرير المصير. حظى النهج الفاشي بدعم الأغلبية الساحقة من الجمهور اليهودي بإسرائيل ، المخدر بأوهام العنصرية و التفوق العرقي وأساطير عصر الملوك. ما بين العنصرية والإبادة الجماعية تفاعل متبادل. أقامت الصهيونية نظاما رأسماليا ينطوي على بذور الفاشية التي نتشت وانبتت وانضجت قيمها وممارساتها في السياسة والثقافة وفي تعاظم نفوذ الجيش في الاقتصاد والسياسة، حيث تضيق الخناق على الحريات الليبرالية. الفاشية تحمل مشاعر الكراهية البهيمية للأجانب، حيث تركز دعايتها السياسية وإنتاجها الثقافي على العداء القومي. وحيث تسوق الجمهور مع تيارها وتكتسب بذلك الشعبوية التي تؤهلها للحكم تتحول الى عناصر المعارضة الداخلية ؛ تضيّق بالتدريج على حرية التعبيروتقيد أنشطة القوى الليبرالية والعلمانية. يهاجر العلمانيون وأصحاب الكفاءات العلمية خارج إسرائيل، نظرا لأنهم لا يلتزمون بقضية وطن يسعون لتكييفه وفق مصالهم ؛ فيندفعون للسفر واحيانا خلسة . لوحظ في إسرائيل ان المستشفيات والجامعات تخلو تدريجيا من أصحاب الكفاءة . نسمع في منابر الإعلام العربية من يتفاءلون بالظاهرة باعتبارها تضعف إسرائيل ؛ والحقيقة انها تعزز نفوذ الفاشية داخل المجتمع، وتقوي شكيمتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني . الفاشية بطبيعتها تنزع للاستئثار بالقرار والانفراد بالسلطة. يقول صحفي التقصي الأميركي ، كريس هيدجز، "الكراهية بضاعة سياسية خطرة؛ حالما تتخلص من عدو يمضي الذين خزنوا الكراهية للبحث عن عدو آخر؛ و’الحيوانات البشرية‘ الفلسطينية ، ما إن تجتث، أو يتم إخضاعها، سوف يحل محلها خونة ومرتدون يهود. يستحيل للجماعات المشيطَنة ان تبرأ أو يعاد لها الاعتبار؛ تصنع سياسات الكراهية اضطرابات مستدامة يستغلها لمصلحتهم أولئك الساعون لتدمير المجتمع المدني". ويضيف: "سوف تمحى من الذاكرة ومن الضمائر حرب الإبادة التي خاضتها ويقذف بها داخل الفتحة السوداء التاريخية [حيث تحتجب الذكريات] ؛ وكل من يحتفظ بضميره سوف يفرض عليه الصمت ويضطهد. فرض الرأي الواحد يشيع الركود بالمجتمع الصهيوني ويفعل عمليات التآكل الداخلي." في نهاية المطاف ، " سوف يلحق الفناء بحياة إسرائيل الثقافية والفنية والصحفية والفكرية؛ سوف تكون دولة ركود ، حيث المتعصبون الدينيون واليهود المتطرفون الذين استولوا على السلطة سوف يهيمنون على الحوار العام. البديل ممكن هذه النهاية المأساوية بالنسبة للشعب الفلسطيني ليست محتمة ؛ إذ يلغي كريس هيدجز تأثير القوى المعارضة للهيمنة الامبريالية وأنصار العدالة وحقوق الإنسان والمكافحين من اجل علاقات دولية تقوم على التكافؤ . يرى (هيدجز) ان حملات التضامن والمظاهرات الراهنة وقرارات العدل الدولية ، شأن القوانين والقرارات الدولية ، لن تشكم جموح دولة إسرائيل بتأييد الامبريالية العالمية . سوف تتحقق السيطرة الامبريالية – الصهيونية على فلسطين والمنطقة على مراحل تفصل بينها قرارات هدنة او تعثر المساعي الامبربالية. المناخ الدولي الراهن لا يسمح لمنظومة الامبريالية ان تفرض إرادتها ؛ المرحلة الرهنة تشهد الضعف النسبي للامبريالية وتراجع نفوذها في الحياة الدولية. تخوض شعوب المعمورة النضالات ضد نهج الفقر والتجويع، ولكي تحرر إرادتها وثروات أوطانها من سطوة الجشع الامبريالي، ومن أجل مكافحة اقتصاد الليبرالية الجديدة وثقافتها المسمومة . الليبرالية الجديدة وثقت تبعية بلدان الجنوب – باستثناء القلة- بنظام الاحتكارات الامبربالية ؛ وباتت شعوب هذه البلدان تدرك اتاقض مصالحها التناحري مع الامبريالية والصهيونية. في الزمن الراهن تنهض الجماهير في بلدان الجنوب، قارات أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، كي تنتزع حقها في الرفاه والتقدم . وضمن تيارها يتصدى الفلسطينيون بنجاح للتحالف الامبريالي – الصهيوني. الحياة الدولية مهيأة لتشكيل جبهة اممية من اجل التحرر والسلم واحنترام إرادة الشعوب وإشاعة العدالة في العلاقات الدولية . وضمن هذه الجبهة يكرس حيز للقضية الفلسطينية التي باتت قضية عالمية. .
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصلت إسرائيل نهاية الشوط
-
استراتيجيا الامبراطورية في الشرق الأوسط
-
مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام
-
لا صمت بعد الذي جرى
-
قرصنة بالأرض ..قرصنة بالمياه .
-
تصدع بمصداقية اللوبي الصهيوني وتعرية البروباعاندا في دعايته
-
نهاية الوهم الصهيوني
-
ركائز للأبارتهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي
-
ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
-
إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
-
قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
-
علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني
-
جدار جابوتينسكي تطهير عرقي عقيدة الليكود
-
جدار جابوتينسكي يتصدع
-
عودة الى المتهاة .. تفاوض بوساطة أميركية !!
-
همجية إسرائيل بشهادة شعوب الأرض
-
جوع وصدمات غزة وصحة أجيال المستقبل
-
بالجهد الشعبي المنظم والمعبأ ـُكسَر موجة التهجير
-
الميديا الأميركية تخفي محرقة غزة وإشاعة الفاشية
-
وظيفة الميديا نقل رسالة النخب الى الجمهور وليس نقل الواقع
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|