علي وتوت
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:58
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
إن عراق الرعب اليوم يقدم للعالم أنموذجاً جديداً في الطفولة البائسة، لا يمكن لقواميس الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا أن تسع توصيف عمق رعبها وقلقها، إذ هو فضلاً عن ثقافة القمع التي تحيط بكل أفراده بفعل المؤسستين السياسية والدينية، والتي تكاد تكون ملمحاً مهماً من ملامح مجتمعاتنا العربية والإسلامية بعامة، فإن المجتمع في العراق يعزز ثقافة القمع والقهر هذه بإضافة عوامل العنف والقتل والموت التي تحيط بالأفراد من كل جانب.
إذ يعيش أطفال العراق مع شبح انتهاك حياتهم بكاملها وليس حقوقهم الأخرى فحسب. إذ إن القتل المجاني اليومي المبذول في شوارع المدن العراقية يتهدد أطفال العراق في كل لحظة، فالسيارةٌ المفخخة بكمية كبيرة جداً من المتفجرات، والتي تنفجر على تجمع في سوقٍ شعبي يرتاده المدنيون، أصبحت خبراً يومياً تردده الفضائيات. ولتحاولوا أن تسألوا أنفسكم:
- ما هي حصيلة ذلك الخبر ؟
- إنه (سقوط عشرين قتيلاً وما يقرب من ضعفي هذا الرقم من الجرحى، وهدم وأضرار كبيرة في المباني والممتلكات)... هكذا تتعامل فضائيات ووسائل الإعلام العربي والعالمي عموماً مع المأساة العراقية... رقماً محضاً !!، ولم يلتفت أحد إلى عدد العوائل أو الأسر المنكوبة أو إلى عدد النساء الأرامل أو الأطفال اليتامى التي ستخلفها هذه العمليات الإرهابية... ولم يسأل أحد:
- من سيحمي هذه العوائل والأسر من غوائل الفقر ومن سيعينها على تحمل تكاليف الحياة في بلد يبدو وكأنه أصيب منذ أمدٍ بعيد بلعنة العنف والتقتيل والتهجير ؟... مَنْ سيحمي أطفال هذه العوائل من الانحراف ؟ الذي قد يبدأ بسيطاً متمثلاً بتشغيل الأطفال، وما يلبث أن يتطور ليصبح انحرافاً سلوكياً وأخلاقياً فيما بعد في خضم واقع مزري يتسم بضبابيته وسوداويته ؟ مَنْ سيشرف على تعليم هؤلاء الأطفال أو ينشأهم وفق أسس سليمة ؟ ومَنْ .... ومَنْ....؟
إذ يعيش أطفال العراق مع شبح العنف والقتل اليومي الذي يتهددهم في كل لحظة، فالقلق والرعب من القتل بفعل عوامل مختلفة قد يكون أهمها السيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي تستهدف في جلها المدنين الأبرياء، مثلما أن الرمي العشوائي للرصاص والقذائف المجموعات المسلحة وقوات الشرطة والحرس الوطني تشكل هي الآخر مشهداً آخر من مشاهد الموت، فالطفل العراقي المحروم من نعمة التيار الكهربائي طوال (20) عشرين ساعة من ساعات اليوم الـ (24)، محروم أيضاً من الخروج إلى شارع بيته لأنه يمكن أن يكون مليئاً بفخاخ الموت. والمفارقة المبكية أنه لا توجد إحصائيات توثق لعدد القتلى والجرحى من الأطفال العراقيين في خضم المحرقة التي يشهدها المشهد العراقي منذ أكثر من ثلاثة أعوام من تاريخ الاحتلال.
#علي_وتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟