أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - “سُميّة رمضان-… والذين معها














المزيد.....

“سُميّة رمضان-… والذين معها


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8080 - 2024 / 8 / 25 - 12:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
صديقتي "سُميّة رمضان"، حين تلتقين بهم اليومَ في فردوس الله البهيّ العلىّ، أبلغيهم حبي وزهرة. أولئك الذين جمعوا بيننا، ومنهم من كان سببًا في تعارفنا والتقائنا على حبّهم. “فينسينت"، فرجينيا”، "حسين"، "شمس".
- "فينسينت": قبل نحو عشرين عامًا، دقَّ هاتفي وسمعت صوتًا رقيقًا يقول: “أنا اسمي "سمية رمضان"، قرأتُ لك ترجمةً عربيةً جميلة لقصيدة Vincent التي كتبها وغنّاها "دون ماكلين"، وأود استئذانك في تدريسها لطلاّبي في الأكاديمية.” وافقتُ من فوري. وبدأت صداقتُنا، وتعرفتُ على أجمل إنسان يمكن أن تصادفه في حياتك: ثقافةٌ وبساطة، قوةٌ ورقّة، علمٌ وعذوبةٌ. ومنذئذ صرتُ مَدينةً للفنان الهولندي العظيم "فينسينت فان جوخ"، أن كان سببًا في تعرّفي على تلك الجميلة. وحين رحلت "سمية" بالأمس، راجعتُ بين دموعي رسائلَنا؛ فوجدتُ من بينها رسالةً تخبرني فيها أن ابنها، حين يودُّ أن يدلّلها كأم جميلة، يمسكُ جيتاره ويعزف عليه أغنية Vincent.
- “فرجينيا"…. حين شرعتُ في ترجمة أعمال البريطانية الساحرة "فرجينيا وولف" للعربية عام ٢٠٠١، لصالح "المجلس القومي للترجمة"، فكرتُ ألا أكتفي بقراءة أدبها بالإنجليزية، ووددتُ أن أطالعَ، على عُجالة، بعضَ ما تُرجم لها بالعربية، نظرًا لصعوبة البناء القصصي والروائي عند "وولف"، وتعقيد التركيب اللغوي لديها، ومزجها الواقع بالخيال، واستخدامها تقنية "الالتفات في الضمائر"، وأنسنة غير العاقل في الضمائر، وانتهاجها أسلوب "التداعي الحر للأفكار"، وغيرها من التقنيات الأدبية المعقدة التي وسمت أدب "فرجينيا وولف" بالتعقيد والصعوبة والغموض. هذا إلى جانب إصابتها بـ"اضطراب ثنائي القطب Bi-Polar Disorder" ما جعلها في حياتها وأثناء الكتابة تخلط بين الواقع والخيال، وانتهى بانتحارها غرقًا عام ١٩٤١. بحثتُ في المكتبات عن ترجمات لها، فلم أجد. لجأتُ للعظيم د."محمد عناني"، شيخ المترجمين، فضحك قائلا: (الناس بتهرب منها يا حبوبة! نعمل ايه وأنت اخترتي حارة سد! فرجينيا وولف بتخوّف! Who s Afraid of Virginia Woolf)… ثم قهقه قهقهته الجميلة الشهيرة، وتوقف فجأة كأنما قد تذكر شيئًا، وقال: (بس فيه ترجمة لمقالها: A Room of One s Own اللي كتبته عام ١٩٢٩ ترجمته "سميّة رمضان" في كتاب عنوانه: “غرفة تخصُّ المرءَ وحده"، ابقي بصي عليه.) وحصلتُ على الكتاب الصغير الجميل. ولم أعش فقط مع نقمة "فرجينيا" على أسرتها الثرية التي منعت ذهابَها إلى المدرسة والجامعة كعادة الأسر الفيكتورية في بدايات القرن الماضي، بل تعرفتُ كذلك على الجميلة "سُمية رمضان" من خلال عذوبة لغتها وحلولها النفسي في مأساة "فرجينيا وولف". هنا
تأكدتُ أن خيوطًا سحرية تربط بيني وبين هذه الوادعة التي فقدتُها بالأمس. وأصدرتُ بالعربية ترجماتٍ عديدة لـ"فرجينيا وولف"، في طبعاتها الجديدة سوف أحرصُ على إهداء بعضها لـ"سمية رمضان".
“حسين"… هو الاستثنائي "حسين بيكار"، الفنان التشكيلي المصري العالمي الذي لم يأت مثله في كل الدنيا، ولن يأتي. لم يشرّفني الزمانُ بلقائه، غير أن عشقي للوحاته وكفاحه ووطنيته يحتلُّ قلبي وعقلي منذ طفولتي. من بين جواهره النفيسة، لوحة لامرأة جميلة ترتدي فستانًا أبيضَ، عقصت شعرها الأسودَ في ذيل حصان بـ فيونكة سوداء. تقف السيدةُ بروفايل، وتنظر جانبيًّا نحو شيء ما بعينيها السوداودين الساحرتين بنظرة تجمع بين الفرح والحزن. هذه الجميلة هي "سمية رمضان" التي كان "بيكار" يعتبرها ابنته الروحية، ورسم لها هذه اللوحة الساحرة عام ١٩٩٠. وكان عشقُنا لهذا العظيم خيطًا جديدًا يربط بيننا.
“شمس"…. هو "شمس الدين التبريزي"، الدرويش العارف المتصوف الذي علّم مولانا "جلال الدين الرومي" عشقَ الله والذوبان في جمال نوره وفيوض رحماته. كانت "سميّة" تُزيّن صدرها طوال الوقت بـ"بروش" من النحاس يصوّر درويشًا في تنورته يرقص "المولوية"، أرى فيه دائمًا "شمس التبريزي" رفيق دربي. وهذا خيط جديد يشدُّ وثاق قلبي نحو قلب الجميلة.
أولئك أصدقاؤنا الذين تُجالسُهم الدكتورة "سُميّة رمضان" اليومَ في فردوس الله الأعلى، فيا حظّها الجميل! ويا حظَّهم أن تنظمَّ إلى مجلسهم الغنيّ زهرةٌ مصريةٌ مشرقة مثل هذه السيدة التي اجتمع على حبّها الناسُ جميعُهم.
حين اشتدَّ عليها المرضُ تمنيتُ لقاءها مع صديقتنا المشتركة الدكتورة "سوسن حسني"، لكن الجميلةَ قالت إنها تودُّ الاختلاءَ بنفسها، والتهيؤَ للقاء الله. كانت شديدة الفرح بالموعد الوشيك مع الرحمن الرحيم، ولا تريد أن تمسَّ ذاك التهيؤَ الروحيَّ بلقاء بشر. عاشت في هدوء ورحلت في هدوء، من النور جاءت وإلى النور تمضي. وداعًا حزينًا يا "سُميّة" السامية.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقدمُ لكم ... أبي
- “العيال فهمت- … إشراقةُ المسرح الكوميدي
- حاجة تخوّف… المعذّبون أمام المرآة!
- “جريمة بيضاء-… في محكمة الضمير!
- ماكبث… إلكترا … رؤى حداثية مدهشة
- “سميحة أيوب”... إشراقة مهرجان المسرح المصري
- -شلبي- … الناس ال كلّ حاجة
- -ماسبيرو- … هرمُ مصرَ الرابع
- الموتُ … الفقدُ…. غيابُ الأمل
- ١٨٠ درجة … -لا تُهمِلِ الموهبةَ التي فيك-
- محمود العلايلي إليك (سنبلةَ) القمح
- هدايا لم تُفضّ أغلفتُها بعد
- هداياك التي لم تفضّ أغلفتَها بعد (١)
- النبلُ … صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر
- فتحُ الكنائس للمذاكرة… هل ثمرة المُحبّ جريمة؟!!
- المذاكرةُ في بيوت الله… من دفتر المحبة
- هكذا وجدنا آباءنا … فتركناه مفتوحًا!
- الفرنسيسكان … رُعاة العلم والفنون
- أخبرني أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!
- “المصري اليوم-… جريدةُ -الضمير-


المزيد.....




- “الأباء والأمهات”.. تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 الأكثر م ...
- بيان المقاومة الاسلامية في لبنان: تم اطلاق جميع المسيرات في ...
- بيان المقاومة الاسلامية في لبنان: عمليتنا العسكرية لهذا اليو ...
- بيان المقاومة الاسلامية في لبنان:ادعاءات العدو بشان العمل ال ...
- بيان المقاومة الاسلامية في لبنان:تم اطلاق جميع المسيرات في ا ...
- حركة المجاهدين الفلسطينية: نشيد مجددا بموقف المقاومة الاسلام ...
- مصادر اعلامية: رد المقاومة الاسلامية في لبنان على عملية اغتي ...
- المقاومة الإسلامية تعلن انتهاء المرحلة الأولى بنجاح كامل
- بيان اولي لحزب الله:المقاومة الاسلامية بلبنان في اعلى جهوزيت ...
- المقاومة الاسلامية اللبنانية: اطلقنا اكثر من 320 صاروخا حتى ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - “سُميّة رمضان-… والذين معها