عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:59
المحور:
حقوق الانسان
انطلقت سنة 2006 باعتماد قانون مالي انكماشي يطبعه ضعف في نفقات الاستثمار وارتفاع في نفقات التسيير واستمرار ارتفاع نفقات خدمة الدين الخارجي والداخلي وفي المقابل استمرار تدهور المداخيل العمومية بسبب تراجع مداخيل الرسوم الجمركية وعائدات المقاولات العمومية التي تمت خوصصة أغلبها. ولتعويض التدهور الحاصل في المداخيل العمومية تم اللجوء الى الزيادة في معدلات الضريبة على القيمة المضافة خصوص على المواد والخدمات واسعة الاستهلاك. وقد ظهر للجميع منذ بداية السنة بأنها ستكون سنة تضخم بامتياز.
ان تراكم الميزانيات الانكماشية عبر السنين جعل الدولة المغربية توجه ضربة عميقة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما هو متعارف عليها كونيا، فإذا كانت هذه المواثيق وخاصة منها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية تؤكد على واجبات الدول الموقعة في صيانة كرامة مواطنيها بمختلف أبعادها وخصوصا في مجال الصحة والتعليم والسكن والشغل والأجر المناسب، فإن الدولة المغربية الموقعة على هذه المواثيق الدولية لم توفي بالتزاماتها.
فالمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية في تدهور مستمر باعتراف حتى خبراء البنك الدولي، وترتيب المغرب في سلم التنمية البشرية لم يبرح مكانه في مؤخرة القافلة ب 123 نفس الشيء بالنسبة لمستوى الفساد المالي والرشوة في المرتبة 75 وأيضا ترتيب المغرب في المرتبة 115 في سلم الحكامة مما يعني رجحان الطابع الاستبدادي على الطابع الديموقراطي.
ويعتبر اعتماد البرنامج الوطني للتنمية البشرية بحد ذاته اعتراف من الدولة المغربية بالتدهور الاقتصادي والاجتماعي القائم، لكن بدلا من اعتماد الجدية في مكافحة الفقر والارتقاء بالقدرة الشرائية للمواطنين ستأتي الزيادات في الأسعار بشكل تراكمي في مجموع المواد والخدمات الأساسية مما سيقلص بشكل خطير من أجور الكادحين والطبقات المسحوقة.
وإحساسا من الطبقات المسحوقة بالظلم الاجتماعي وهجوم الطبقات النافذة على قدرتها الشرائية وقوتها اليومي واستفادتها من خدمات التعليم والصحة والسكن والنقل، خرجت للاحتجاج في شوارع مختلف المدن والقرى، في إطار احتجاجات منظمة وحضارية، وقد اصطدمت عدد من هذه الاحتجاجات بقمع أمني عنيف واعتقالات، وشيئا فشيئا أصبحت تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار جزءا من حياة المغاربة اليومية.
وإذا كانت تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار تستعد لمسيرة حاشدة بمدينة الرباط للاحتجاج على ارتفاع الأسعار ومطالبة الدولة باحترام التزاماتها الدولية اتجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، فيمكن اعتبار أن سنة 2006 هي سنة عودة الروح للنضال الجماهيري من أجل انتزاعها لحقوقها الاقتصادية والاجتماعية. فلن تخسر الجماهير باحتجاجاتها أكثر مما خسرته بصمتها وخنوعها.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟