|
وهذا رأيي،
قصي بن فرج
الحوار المتمدن-العدد: 8076 - 2024 / 8 / 21 - 00:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حينما قررت ان اكتب هذا النص، وانطلقت في الاستعداد لذلك، في اليوم الاوّل، فغيرت مكان المكتب في بيتنا واعددت قهوة، ووضعت بعضا من الموسيقى الجيدة، فدوّنت بعضًا من رؤوس الأقلام، بوّبتها، تصفّحت شيئا من الخواطر المُدونة سابقا على الكرّاس، ثم غادرت مع نفاذ مخزون سجائري متجها الى متجر في حيّنا في جوٍ حار وكأن الشمس على رؤوس العباد. عائدًا مُسرعًا، لفت انتباهي طائر صغير الحجم من نوع "البزويش" وكان لا يتوقّف عن اِطراب من كان في الشارع ببعض من صوته الشادي رغم حرارة قد يكون من الحكمة ان تدّخر فيها جهدك لما هو اهم كشرب الماء ربما او البحث عن مكان اشدّ لطفًا في طقس لازلت مترددًا الى الان رغم بلوغنا لمساء اليوم من الخروج فيه الى الشارع. داعب المشهد خيالي، ليحيلني على الرجال في الشمس، والنساء في الشمس، والأطفال في الشمس، الواقفون، الذين اعتدت ان افتتح صباحاتي بأخبار صمودهم الأسطوري، أهلنا، في غزة وفي الضفة وفي كل مكان، الذين يعزفون ويغنون أروع سمفونيات الصمود والتحدي الأسطوري في حرب غير متكافئة امام عدو إرهابي منعدم الشرف والضمير بتواطئ وتورّط وصمت دولي وغربي على وجه الخصوص، اثر معركة غير متكافئة، خسرنا اثرها الآلاف من الأطفال الذي كان من المفترض ان يكون اغلبهم شُعراءً واساتذة واطبّاء ورجال ونساء قانون وحقّ، سقطوا امامنا على الشاشات، وسقطت معهم اقنعة الكثيرين من الذين صدّعوا رؤوسنا بالخطب الكثيرة عن الانسان وحقوقه، في حين ان دمًا بذاك الوضوح لم يكن بحاجة الى الكثير من الجدل لفهمه، وفهم مستوى الإرهاب واللااخلاقية والانحطاط الذي يحصل. وكسبنا في مقابل ذلك انفسنا، وكذلك آلاف اخرين من الاخوة في الإنسانية على امتداد هذا الكوكب، أصحاب الضمائر الحية الذين سنبني معهم في هذا العالم مستقبلاً جديدًا متضامنًا ومختلفًا. الرحمة والمجد للشهداء، والعارُ لقاتليهم، ولشركائهم.
الصديقات، الأصدقاء، الاخوة الكرام..
اعرف، انه قد يكون اهدارًا للوقت، ان يحاول احدهم في هذا الزمن البلاستيكي، ابداء رأيه في ما يحصل من خلال نصّ غير مقتضب، اعرف ايضا اننا في هذا الوضع صرنا نبحث عن التدوينات والجمل القصيرة وعن الاختصارات والعناوين، فنحن للأسف لم نعد نقرأ، وعليه لم نعد نكتب. فقدنا ما كان يميّزنا كحالة فكريّة نقديّة جادّة ومتقدمة، وصارت نقاشاتنا بلا ابعاد ولا عمق، لم نعد نهتم بالرأي الاخر، لا نستمع إليه الاّ لنردّ واتسّم النقاش العمومي عندنا بالهسترة. تم تلخيص اطروحات بكل تلك الامتدادات والابعاد في بعض من المناكفات والتلاخيص الفردانيّة والصور و"اللايكات" الافتراضية، والتي قد تكون مهمة بدورها، غير انّها بهذا الشكل السطحي تساهم في قتل ذكائنا الذي اعتقد بكوننا نحتاجه في وضع عام صار يتسم بالتوتّر والشخصنة وربما بالغباء. رغم كل المادّة المتوفرة والتجارب الثريّة التي عشناها، افرادًا ومجموعات في هذا الحيّز الزمني الذي تجاوز العقد، والذي شاهدنا وواكبنا خلاله تجارب مُكثّفة كان من المفترض ان نتطوّر بها، وان نتحمل البعض من مسؤولية ارسائها الى ميناء آمن او نؤسس بها لحالة اكثر نضجًا وتمرّسًا وتماسكًا، غير مسرور بان اراها اليوم في وضع كهذا. ومع انّني، انا أيضا، كنت اُفضّل في هذه اللحظة ان اشاهد فلمًا او استمع الى بعض الموسيقى او استكين الى الفراش دون فعل شيء يستحق الاهتمام، مع ذلك، لا اعتقد انّ لي خيارًا اخر، على الأقل في فترة كهذه، الاّ ان اواصل ما تعودت فعله في الحفر في هذا الجدار على امل ان يدخل من خلاله جزء ما من النور، كما يفعل اخرون، لازلت مصرا على كونهم موجودين.
الصديقات، الأصدقاء،
كنت في العاصمة الأسبوع الماضي، واعتقد بكونها المرّة الأولى التي استطعت فيها البقاء هناك لفترة تجاوزت الخمسة أيام، لم افعل ذلك منذ سنة على الأقل، وفي المرّات السابقات التي اتيت خلالها لم أتمكن من تجاوز اليومين قبل ان اقرّر المغادرة مصحوبا بقرار بأنني لا يجب ان اعود الى هنا، وبصداع في الرأس سببه الفوضى وعمليّة اللهث في المكان، الجميع يجري، ولا احد يصل. الوجوه شاحبة ومصفّرة، اخذ الفقر والارهاق منها ابتسامتها البريئة وقذف بها الى شيء يشبه الحلبة قائلا :"اخرج جيب عشاك"، اُلقي مسامعي محاولا فهم ما يحصل في المكان، هناك في اغلب الأحيان موضوع واحد مهيمن على النقاش الشعبي العام :"لا توجد أموال". في الاثناء، حاولت الاتصال ببعض من أصدقائي ورفاقي القدامى، ونجحت في ان ألتقي ببعض منهم، في حين حرمتنا المسؤوليات التي نهشت يوميّ الجيل القديم من لقائات سنعيدها حتما في مرّة أخرى. حاولت فهم ما حصل في ساحة سياسية من المفترض انها تتهيئ الآن لشيء ما مختلف مع هذا الموعد الانتخابي القريب، ومع سياق عالمي متأجج من المفترض ان يدخل بعض من الحيوية والروح الإيجابية على نخب اعتقدتُ دائما بكونها سريعة التأثر بما يحدث بمحيطها أحيانا الى حدّ الانسياق. لكنني خرجت بتلك الأيام بمجموعة من الخٌلاصات التي سأحاول الاستعانة بها لبناء وجهة نظري، وانطباع سخيف شعرت بكونه قد صار شائعا في المكان، هو الخوف. حيث اذكر اني في وقت متأخر من تلك الليالي والتي كنت فيها في منزل رفيقٍ لي مجاور لشارع الولايات المتحدة غير بعيد عن نقابة الصحافيين، غادرت البيت حاملاً لكرّاس محاولا تدوين بعض الأفكار والذكريات والمشاعر عن هذه الشوارع التي تفتّح وعيي داخلها، كان ذلك ليلاً، فدونت بعض صفحات من الخواطر، قلت خلالها، اعرف هذه الشوارع جيدا، ولكل واحد فيها لي ذكرى معينة، لعلّي اتشارك ذلك مع كثيرين وكثيرات. انا اشعر ان هذا المكان هو منزلي، بكل ما تغير فيه، بهذا التصحّر، وكل اخر لا يعجبني. لقد نحتت شخصيتي هنا، وصحت هنا، وغنيّت الأناشيد الثورية والعاطفية ثملاً اخر الليل هنا، في هذا المقهى خططنا لمظاهرة، وفي اخر جمعني اول موعد غرامي مع حبيبتي، هنا تصفحت كتابا ولم اتممه، هنا كتبت مقالة، كم كانت وجهة نظري بدائية. في تلك الحانة عجزت عن لفت انتباه فتاة جميلة كادت ان تلهم حاسة الشعر داخلي، مع انّني، في ذات الليلة ايضا، تمكنت من تحمّل نقاش سخيف صحبة احد الرفاق لم نخرج خلاله بشيء يذكر غير انه اخبر الجميع بكونه يتذكر كل تلك المواعيد في التاريخ، لكنه بدا غريبًا عن حاضره. هذه بلادي، بشوارعها وأمتداداتها، بكل هذا الحزن والتعب فيها، انها ملكي، ملكنَا جميعا، ولست مستعدًا داخلها ان اراقب ما أقول.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
نعيش لحظة مهمّة، ربما ليست حاسمة بإعتبار ان هذه السنوات في ميزان التاريخ مجموعة من الثواني، وان المستقبل قد يحمل بدوره مفاجآت كما حدث في الماضي، لكنها شديدة الاهميّة بالنظر الى كلّ ما حصل الى الآن، لكونها حالة مستمرّة لوضع انطلق منذ اكثر من عشر سنوات شارك اغلبنا في تأثيثه وفي تحديد البعض من خياراته، ولازلنا الى الآن في ذات السياق. وعليه، من المفترض ان يكون تفاعلنا معه في لحظة كهذه، نظرًا لكل المراكمة التي حصلت، تفاعلاً استثنائيًا، هادئًا، ناجعا وعنيدا. يقوم خلاله كل فرد منًا، بدوره، ولو كان بسيطا، في الدفع بالنقاش العام الى الامام من خلال تكثيف التساؤلات، ومحاولة جعلها في عمق المسائل، فهم ابعاد الوضع وتبسيطها، الابتعاد عن شخصنة الأمور قد الإمكان، وعدم الانسياق وراء السخافات المتمثّلة في حملات "التنبير" والتي تساهم في ترذيل المشهد اكثر من هو مرذّل. بإعتبار ان كثيرين منّا لازالوا يعتبرون الاختلاف السياسي مع غيرهم هو في نهاية الامر اختلاف على مستوى الخيارات والرؤى والتصورات التي تهمّ البلاد، وما شخص السياسي الاّ انعكاس لما يطرحه، وان الاتفاق مع احد او الاختلاف عنه هو في نهاية الامر اتفاق او اختلاف بخصوص الإجابة عن سؤال يهمنا جميعًا، وهو "الى اين نمضي؟". كما انّه من غير المعقول ورغم عمق ما يحصل وحساسيّة اللحظة نعجز عن خلق نقاش في العمق، او لا نتصفّح تصورًا يتضمن إجابات وتصورات ومواقف رغم كل هذا الكمّ من الأسئلة الموجودة، والتي سأحاول من خلال هذا النص ان ابوّبها وان أشارك في الإجابة عنها، أملاً في ان يكون هذا في اطار حالة يؤسس لها كثيرات وكثيرون تتسم باليقظة والجديّة. كل هذا، رغم ان الوضع العام، الذي تعرفون واعرف ان حشر رؤوسنا فيه قدّ يتسبب بشيء من هذا الصداع، والخروج من دائرة الراحة ان حصل وان اعتبرنا هذه الدوائر مريحة، ومتاعب اخرى. لكن ربما ان استقالتنا بهذا الشكل، هي احد المسبّبات ان نجد انفسنا في مشهد لا يشبهنا، واننا قد ندفع ثمن هذه الاستقالة من الحياة العامة بأن تنعكس بسوء عن حياتنا الخاصة، من خلال الاحتقان الاجتماعي الذي نتعايش معه في الشارع، والخيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة -بلادنا- التي نشتري البضائع من أسواقها، المدارس التي يدرس وسيدرس بها أبنائنا، المستشفيات التي نتطبّب فيها، وغيرها من المرافق العامة وربما الخاصة الاُخرى. على ان لا يكون ذلك مناسباتيًا،
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
اليوم، وانا ادرك هذه المرحلة من هذا النصّ، نكون في عيد الجمهوريّة. وبعد يوم واحد من خطاب نتنياهو في الكونغرس وسط تصفيق حار. اجد نفسي منحازًا لفكرة ان الجمهورية تصوّر يجب التمسك به، وتطويره، وان للجمهور -أي الشعب- الحقّ في اختيار من يحكمه، واعتبِرها فكرة ثورية في عصرها، واقلّ النماذج سوءًا في عصرنا الحالي، هذا من حيث الشكل. بإعتبار ان المضمون في أحيان معينة قد يجعلنا في وضع نقيض من روح هذه الفكرة في حد ذاتها، ويختلف ذلك عادة الامر وفق النموذج والسياق وطبيعة المؤسسات والمصالح وخصوصيات الدول وشعوبها، حيث انّ المضمون قد يجعل نموذج حكم ملكي دستوري فيه قوانين وعدالة افضل للجمهور من نموذج حكم جمهوري تم السطو عليه. وداخل هذا السياق -السياق الجمهوري-، تحلّ بشكل مستمر مفاهيم جديدة لاعادة احياء روح الفكرة في حد ذاتها، كمفهوم الديمقراطية مثلا، وهنا اتحدث عن النماذج الغربية اساسًا، والذي كانت في جزء ما الغاية منه، ذات الغاية التي تم اثرها اعتماد مفهوم الجمهورية، أي تجسيد رغبة الأغلبية في الحريّة، العدالة، والسلام. رغم ان الأغلبية ليست دائما من تفرضه. وهنا اعتقد بمسألتين، اوّلهما، استحالة التعرّض بشكل موضوعي الى هذه المفاهيم واعتمادها وتطوّرها مع الزمّن وربما انتهائها او تثويرها، دون التعرّض للسياق الأوروبي في القرن ال17 و 18 و19. والثاني، انّه من غير المنطقي، اعتماد معايير وخصوصيات هذا الاطار المكاني والزماني، اي أوروبا في الثلاثة قرون تلك وما بعدها، واعتمادها لفهم واقع مجتمعات واقطار اخرى ذات سياقات مخلتفة تمامًأ عن هذا السياق الأوروبي.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
بشكل عام، اعتقد، ان الفكرة كما الاختراع، هي نتاج لحاجة مجتمعيّة معيّنة، في مجال جغرافي وزماني محدود يستجيب لخصائص تلك الفكرة، فتكون في لحظة نشأتها وتطبيقها شيئا يشبه الثورة، ايّ حدثًا قائم الذات له ما قبله، وله ما بعده. كما انّها، وبعد ان تتحوّل من مجموعة من الأفكار، الى ان يتم تبنيها من قبل مجموعة لابأس بها من الناس الذين يناضلون من اجلها، ثم تصير مطلبا عامًا، ثم تتحقق وتصير لها أدوات لتنفيذها. ومع مرور الوقت، أي بعد تطبيقها، تصير الفكرة خاضعة لمجموعة من الاعتبارات البشرية ولأشكال مختلفة من التوازنات وربما المصالح. فتفقد شيئا فشيئا روحها او جوهرها، لتتحوّل بدورها الى اشكال جديد بحاجة الى فكرة جديدة، لتطويرها، في لحظة أولى، ثم للثورة عليها في لحظة ثانية، وتكون للثورة على الفكرة بفكرة جديدة، ذات الغاية والحاجة لتطبيق الفكرة الأولى. كما اعتقد، ان مجموعة لابأس بها من الأفكار، كانت نتاج لصراع بشري تاريخي، متمحور اساسًا حول المادّة، احتكارها وتوزيعها وطبيعة موازين القوى المترتبة عن ذلك، كما انني اقتنعت أيضا، ان تاريخ الانسان ونضاله المستمر من اجل حقوقه، كان بالأساس صراع حول هذه الثروة، اي بين اقلية محتكرة للثروة، وبين اغلبية جائعة، وهذا الاختزال لا يعني ان المعركة بين الأغلبية والأقليّة هو صراع او نضال طبقي محض، بل ايضًا قد تكون له انعكاسات وابعاد أخرى، سياسيّة حتمًا، ثقافيّة وغيرها. غير اني صرت اعتقد كذلك، ان هذه الأفكار، والتي تكون ثوريّة وانسانيّة، وشديدة الاستجابة للخصائص المحليّة المحيطة بإطار انبعاثها، قد تكون في حدّ ذاتها، وهي في اوج ثوريّتها وشبابها، مرفوضة من قبل اُطر او شعوب أخرى، قد تكون لها ذات التطلعات الجيّدة مع غيرها، غير ان اسقاطها او فرضها بإعتبار انها، وفي تلك الفترة وذاك المكان، سواء من حيث محتواها الغير المستجيب للخصائص المحليّة، او بطريقة فرضها العنيفة مثلاً، غريبة عن ذلك الاطار، وهذا ما يجعلها مرفوضة. وهذا لا يعني كذلك، ان هناك أصناف مختلفة من البشر نحن بحاجة الى ان نخترع عجلة لكلّ منها، والأكيد ان هناك مشتركات والتي قد تكون اعمق من الاختلافات هذا اذا اعتبرنا الاختلاف عائقا، لكنّ هذا يعني انّ هناك خصوصيّة انسانيّة، وسأحاول تطوير هذا الرأي وانعكاساته علينا في اركان أخرى من هذا النصّ.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء
وهنا، اطلب منكم ما سأحاول فعله، نظرًا لاعتبارات عديدة مرتبطة بحساسية اللحظة. وهو، ان نتفاعل مع الواقع بموضوعيّة، وان نحاول اخراج القراءات من دائرة الانحياز، على الأقل اثناء محاولة تفكيك هذا الواقع وفهمه، نريد بناء تشخيص متكامل للمسائل كما هي، كما نراها ونتعايش معها ونشعر بها، لا كما نريدها ان تكون، سواء اردناها غريبة -قراءة غريبة- نظرا للهوّة التي تكبر بين الواقع وبين النظري لنمنح انفسنا بعضًا من الرضا على الذات، والتي تنتهي في اغلب الأحيان بكون هذا الشعب يستحق ما يحصل له. او قراءة منحازة نظرًا لترابط عضوي بين المصلحة وبين الفكرة والتي تكون في اغلب الأحيان مُقيّدة وتنتهي بكون هذه هي الواقعيّة. وفي الحالتين، يتم اخضاع الخصائص الموضوعيّة للواقع لقراءة غير موضوعية، فنعجز عن التفاعل معه لكوننا عجزنا عن فهمه، او ربما لا نريد فهمه، ونستمرّ بهذا الشرخ طويلاً ويزداد الواقع -واقعنا- سوءًا. كما اعتقد أيضا، ان بناء هذه القراءة الموضوعية هو بالضرورة عمل جماعي تتعدد فيه زوايا النظر، والامر في حال كهذا يصبح مثل "الموزاييك"، حيث تكون لكل فئة من هذا المجتمع دور في توضيح الأمور كيف تبدو لها. وعليه أحاول انا ان أوضح كيف تبدو المسائل لي. بعد ذلك، ربّما، تأتي مرحلة أخرى، وهي الى اين يجب ان ندفع بالاُمور. او ماذا نريد ان نفعل حقًا. لكن في مرحلة أولى على الأقل لنحاول اخراج انفسنا من الموضوع ولنتناوله بشكل موضوعي وربما محايد. كما يهمني ان انوّه ايضًا، ان الغرض الرئيسي من هذا النص، كما سبق وتعرضت لذلك، هو اثارة الجدال والنقاش، املاً في تحويل ذلك الى حالة عامّة في هذا الوضع الاستثنائي، على الأقل بالنسبة للمستويات التي تهتّم بالاطلاع ونقاش التصورّات. كما انوّه أيضا، انّ ما أقول ليس اكثر من قراءة مبنيّة على ما اعتقد بكونه مجموعة من الاطلاعات المُستمدة من الواقع الذي أعيش فيه، وان هذه القراءة تصير متماسكة اكثر بتكثيف التساؤل والنقاش، سواء بخصوصها، او بخصوص الوضع ككل بشكل عام.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
يأخذني هذا التسلسل الذي أحاول من خلاله بناء شيء ما، الى اشكاليّة في علاقة ببلادنا. وهي "الحالة النخبوية في تونس". حيث انّه، و بعد ايّام من 25 جويلية 2021، وقد كنت حينها في فرنسا، لفت انتباهي اثناء نقاش مع احد أصدقائي الفرنسيين المتابعين للشأن الوطني عندنا، تساؤل استعين به لإثراء هذا الرأي. تمحور هذا التساؤل، عن سبب غياب "الحالة النخبوية وامتداداتها الجماهيرية"، الأحزاب السياسية والهيئات المدنية ومناضليها ونفوذها، والشعب بشكل عام، في الاحتجاج عن ما يُعتبر، حسب الخصوصيّة الفرنسيّة القديمة من حيث رسوخ المؤسسات وطريقة التسيير، والتي حاولت بعض النخب عندنا، سواء بعد 2011 او بعد الاستقلال، الاستلهام منها، او تقليدها، انقلابًا عن الإرادة الشعبيّة (وربما هو كذلك حقًا، على الأقل دستوريًا). بإعتبار ان بعضهم اعتقد حينها، ان حدثًا بتلك الحديّة، لن يخرج الشعب الفرنسي للاحتفاء به، بل لرفضه ربّما، كما تمّ تدعيم هذا التساؤل بمجموعة من الحجج علّ أهمها خروج التونسيين في 2011 لرفض حكم الفرد، والتدفق المالي والخبراتي، والنقاشات الطويلة حول الديمقراطية والتقدم خطوات في اتجاهها والذي حصل لتونس بعد ذلك التاريخ الى لحظة 25 جويلية. وهنا اطرح تساؤلاً، ودّدت لو نتمكن من الإجابة عنه بشكل مشترك وواسع. واطرحه بتنسيب شديد: ما هو السبب الذي يجعل الشعب او اغلبه او البعض منه، يخرج للشارع في ذلك اليوم، فرحًا بالانقلاب على ارادته؟ وعن ادواته في التعبير عن هذه الارادة، وانا شخصيًا، اعتبر هذا التساؤل المركزيً كان من الضروري ان تتم الإجابة عنه، وربما عقد حوارات واسعة في هذا الاتجاه، الامر الذي لم يحصل. ولو افترضنا، ان الإجابة عن التساؤل كانت جماعيّة كما ينبغي لها ان تكون، فسيكون رأيي داخل هذه الصيغة الجماعية المليئة بالقراءات والفرضيّات، ان هذا التساؤل : "ما هو السبب الذي يجعل الشعب او اغلبه او البعض منه، يخرج للشارع في ذلك اليوم، فرحًا بالانقلاب على ارادته" هو ان العمليّة السياسيّة لم تكن بالشكل المناسب تعبيرا عن الإرادة الشعبية، -وهذا لا يعني بالضرورة ان ما حصل بعدها تعبير عن الإرادة الشعبية وهذا موضوع اخر ربما فيه نقاش طويل-، بما معناه، انّ ما حصل بعد 2011، أي العمليّة السياسية، لم تكن بالشكل المناسب تجسيدا للإرادة الشعبية وللظروف الموضوعية التي دفعتها للخروج للشوارع، أي انها لم تستجب للخصائص المجتمعيّة والتطلعات والاحلام الجماعية في تلك اللحظة، المتمثلة أساسا في ضرورة القيام بتغيير اجتماعي في البلاد، المطلب المركزي ل2011، وذلك ببساطة لانه لو حدث هذا لما خرجت شرائح واسعة من الناس فرحًا بإنهاء ذلك الوضع. وهنا، اعتقد ان هناك كلامًا كثيرا يمكن ان يُقال في هذا الصدد، واسئلة يمكن ان تطرح، لتحليلها والتمعّن فيها، واعتقد انّني تعرّضت لبعضه في مقال نشرته في الحوار المتمدّن بتاريخ ديسمبر 2022 بعنوان "لا يحتاج الامر الى عباقرة" اعتبرت فيه ان الجميع صار مقتنعا ان هناك مشكل كبير في ترتيب الاولويات، وهذا المشكل هو ما ساهم في تشكّل جمهور واسع مساند للانقلاب الدستوري الذي حدث يوم 25 جويلية. حيث، عاشت تونس منعرجا ديمقراطيا انطلاقا من يوم 14 جانفي 2011 انهى عقود من حكم الرجل الواحد والحزب الواحد، وساهم في تصحير الحياة السياسية والثقافية في البلاد وتطويع الذكاء المحلي بالقوّة الصلبة، وانتهى هذا النموذج بتغيير سياسي شعبي في 2011 أطاح بنظام الحكم القائم واجهز على عقود من الاستبداد ليؤسس لنظام جديد أجمعت حوله اغلب القوى المدنية التي عارضت النظام السابق في هيئة عياض بن عاشور وما تلاها واخذ هذا النظام الجديد مُسمى “الانتقال الديمقراطي” قامت فلسفته على تغيير شكل نظام الحكم الى نظام ديمقراطي معدّل، حيث يبدو ان هذا الانتقال كان عبارة على تمرين سياسي وشعبي مُستحدث في كامل المنطقة، حيث لم يعرف العرب الديمقراطية والحرية يوما في دولهم، لم يمارسوها ولم يفكّروا فيها، ما انعكس على شخصية مواطنيهم ومنظوماتهم الفكرية ومحركاتهم الذهنية وتفاعلهم مع الاخر وانفتاحهم على الغير ومناهجهم التربوية وصولا الى عائلاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
واعتقد هنا، ان هذه هي الفلسفة وراء ترتيب الأولويات بطريقة تجعل السؤال السياسي الديمقراطي يحضى بتبجيل على حساب الإشكالية الاجتماعية التي كانت احد ابرز أسباب خروج الناس الى الشارع ضد نظام بن علي والتي لم تقدم لها الأحزاب الحاكمة اثر هذه المحاولة الديمقراطية الاخيرة إجابات كافية ولا العناية اللازمة بل قامت بتهميشها والتعامل معها بطرق ترقيعيّة في افضل الاحوال، ما انعكس على خروجنا بمحصّلة اقتصادية سلبية شكّلت هي الأرضية الشعبية التي باركت الانقلاب الدستوري الذي قاده رئيس الجمهورية في 25 جويلية لينهي أيام الانتقال الديمقراطي وليؤسس لنظام سياسي جديد.
حيث يبدو ان التونسيين قد فضّلوا، او جلّهم -في تلك الفترة-، التفريط في المكتسبات الاستثنائية التي حلّت بعد 2011 وتمثّلت في حرية التنظم في أحزاب وجمعيات، والترشح للانتخابات والمشاركة في فعاليات المجتمع المدني والتفاعل مع اعلام حرّ والنقاش المفتوح بلا قيود ولا رقابة في المقاهي ومجالسهم العائلية على حساب ما اعتبروا انه قد يساهم في إيقاف النزيف الاجتماعي وتردّي الخدمات العامة كما كان العهد عليه أيام حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي". غير انّي، وانا اكتب هذا النصّ، مُعتقدا انّ حوالي السنتين كحيّز زمني بين ذلك اليوم وهذا اليوم كافية لجعل رأيي في هذا الاطار ربّما اعمق قليلاًا.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
وفي ذات اطار ما طرحته في الفقرة السابقة، بخصوص الإشكالية المتمثلة في الحالة النخبوية في تونس. ربما المشكل لم يكن في الأطراف الفاعلة بحدّ ذاتها، مع انها تتحمّل قدرا كبيرا من المسؤولية، وبحاجة الى الإجابة على الكثير من الأسئلة وتبعاتها، لكنني سأحاول ترتيب ما اعتقد بكونه اجهز على التجربة بشكل تنازلي. أولا، اعتقد، ان بلادًا كتونس، ضعيفة مقارنة بالدول الكبرى، ومتميزة (ليس متمايزة) مقارنة بمحيطها، من غير الممكن ان تُحكم بنظام لا يوفّر حد ادنى من الاستقرار داخلها، والذي لا يكون الاّ من خلال تفعيل سيادتها. حيث انّي، صرت افهم ان جعل الصلاحيات على قارعة الطريق تهديد للمناعة الداخلية للمجتمع، وان نظام حكم يحكم فيه الجميع، لا يحكم فيه احد، كما ان ذلك يكون حسب تجارب كثيرة في العالم مدخلا للقوى الأجنبية وللوبيات، وليس كما يرى البعض انه ضمانة ضد الاستبداد، شرط ان يقتنع الجميع تحت هذا السقف، ان الاختلاف محرّك للشعوب والأمم للتطور والتقدم، وان التنافس كما هو الحال بين الكبار في السوق، تشجيع على ان يتسابق كلّ منّا في تقديم الفكرة الجيّدة والمثال الارقى والطريقة الانجع والصورة الاجمل داخل خطوط حمراء واسعة يشارك في تحديدها التونسيون.. وان مثالاً تتوزع فيه السلطات بذلك الشكل يمكن ان يكون ناجعا في أمريكا او في فرنسا او ألمانيا، بإعتبارها دولا قائمة الذات لها سيرورة مختلفة، واقتصادات قوية وأجهزة امن يمكنها حماية القانون، لكنها في تونس قد تتحول وفي عالم لا رحمة فيه الى باب للتدخل الأجنبي وتصارع اللوبيات وشراء الذمم وغيرها من الممارسات السيئة الأخرى والتي تكون في عادة الامر نتاجا لغياب الدولة، ونتاجا لغياب مشروع واستراتيجيا وطنية لها. ولا افضل من ما يدور حول كواليس تلك الفترة كمثال لذلك. ثانيا، انّه لا يمكننا وداخل فضائنا السياسي التونسي، ان نكون امتدادًا لفضاءات اجنبية أخرى دون ان تكون هناك قطيعة بين السياسي وبين المواطن التونسي. وربّما التوازي. فالمشهد السياسي في البلاد والذي من المفترض ان يكون انعكاسا للتوازنات داخل المجتمع وتعبيراته الاجتماعية والثقافية ومصالحه الطبقية، لم يكن كذلك بشكل كبير. بل ربما تأثير الخارج، والذي قد يكون في أحيان كثيرة طبيعي الى حدّ ما، بإعتبارنا لا نقطن هذا الكوكب لوحدنا، كان معطى رئيسي بالمقارنة بكونه كان تمثيلية للتونسيين ولمصالحهم (أي الشعب). وأثّر في فهم موازين القوى والجماهيرية لدى الأحزاب السياسية، ليكون الحزب الأكثر قدرة من غيره على التاثير والنجاح هو الحزب الاقدر على نسج شبكات مع مؤثرين سواء خارج او داخل البلاد، -الامر الذي قد يكون مهما- ولكن ليس الحزب القادر على تنظيم المواطنين وتمرينهم على الديمقراطية وإدارة الاختلاف وتطوير قدراتهم. وهنا لا اقصد بالخارج الارتباطات التي كانت موجودة وربما لا تزال بين بعض القوى والدول واللوبيات الاجنبيّة وادواتها فحسب، بل اقصد استيراد السياسية، الامر الذي قد تتم ممارسته بعفويّة الى ابعد الحدود. وربما كنت انا احد هؤلاء. ونسخ المصطلحات والأفكار، والتي قد تكون مهمّة بدورها ومفيدة بالنسبة لشعوب أخرى، وربما للانسانية، وقد يساهم الاطلاع عليها في ثراء تجاربنا وبناء جسور التضامن والتآخي مع شعوب هذه الارض، غير انّه من غير المنطقي ان يتم استيراد المضامين والتصنيفات والمصطلحات الفكرية والتصورات السياسية والاقتصادية واسقاطها علينا دون "تونستها". وفي مقابل ذلك، غياب نقاش في العمق في علاقة بشخصية التونسي وثقافته وتأثيره وتأثّره بمجالاته الحضارية والتاريخية، طبيعة اقتصاده المختلفة، وكيف يجب ان يكون. والإلتقاء والاختلاف وفقًا لذلك. وهذا ما ساهم بشكل أساسي في خلق كيانات معزولة، غير مفهومة، وغريبة عن المجتمع، وربما لا تشبهه. ثالثا، اقحامنا في سرديات ومعارك استنزفتنا جميعا كان من الممكن تجنّبها او فتحها في واقع اكثر نضجا، وجعلها وكأنها أولويات للمراحل التي عشناها، رابعا، ضعف الشخصيّة الوطنية، واعني بهذا بعض النخب التي ساهمت وتساهم في بلورة الخيار السياسي للبلاد وربما تؤثر على النقاش العمومي والانطباع السائد داخل المجتمع، سواء ثقافيا، داخل الإدارة، في الاعلام، في الاقتصاد، وربما في الرياضة، والتي صرت مقتنعا، ان بعضها يتّصف بضيق الأفق وانعدام الخيال وغياب الطموح الجماعي والرضوخ، حيث ان عددا لا بأس به من هؤلاء، يرون انفسهم صغارا في هذا العالم، وان الأدوار التي يمكن ان نلعبها كبلاد تتلخص عندهم في بعض القروض التي يمكن ان نحصل عليها بفوائد جيدة، ربما برهن موقفنا السياسي الذي لا يجب ان يسبب لهم صداعًا ومعيقات، وان اقتصادنا لا يمكن ان يكون اكبر من بعض عائدات السياحة وبعض من الفرونشيز وصناعة في خدمة رأس المال الدولي وفلاحة مُوجهة للتصدير، وان شعبنا ليس اكثر من يد عاملة رخيصة، وطبعا، ثقافة تابعة. خامسا، اغراق السياسة بالتقنيين، او التكنوقراط، والتخلّي عن المضامين السياسيّة والفكريّة، والتصورات الكبرى والاستراتيجيّة، وما انعكس عنه من شخصنة السياسة. سادسا، تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على السياسة، ودورها في تسطيح الأمور، الامر الذي لم يتم التعرض له، والتي من المفترض انها قد تلعب دورًا إيجابيا ربما في تسهيل التواصل البشري، غير ان الحالة الحزبية في تونس في جزء كبير تم اختزالها أساسا في موقع "الفيسبوك"، مصير الناس في أحيان كثيرة كان يُختزل ويُحدّد في هذه الشركة الخاصة، كما انها لعبت دور كبير في جعل الكثيرين يبدون وكأنهم مهمين ليساهموا في ترذيل المشهد -لا اعمّم-.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء، لنا، نحن، الشعب التونسي الذي يعيش في جمهوريته التونسية، وخارجها، واقع مختلف عن واقع شعوب وجمهوريات أخرى، سيرورة تاريخية، ثقافيّة، اجتماعيّة، سياسية مختلفة، بل اكثر من ذلك، لنا داخل الجمهورية في حد ذاتها اختلافات وتنوع كبير، ولنا مشتركات كبيرة أيضا. كما ان لنا مشتركات مع شعوب عديدة في العالم، لنا مجالاتنا الثقافية والاجتماعية الممتدة والمتنوعة، كما ان لنا اختلافات من المفترض ان تكون محلّ ثراء للعالم. وهنا اعتقد بأن الاشتغال على هذه الشخصية التونسيّة والخصوصيّة التونسية هو ضرورة يجب التعمق فيها وتطويرها. بحيث يكون المجتمع هو المركز ويكون الاخر امتدادا له، وليس العكس. كما ينبغي ان يكون الحال عليه بالنسبة لمجتمعات العالم الاخرى. وان يكون الاستعانة بالتجارب المقارنة في اطار تنويع أدوات تحليلنا وفهم السياقات الأخرى ما يدّخر علينا جهدًا ويساهم في ثراء تجربتنا، وبإعتبار ان لنا مشتركات أيضا إنسانية مع شعوب العالم قاطبة. على ان يكون تبني تصوّر كوني، او قراءة جماعية او مصطلح فلسفي وفكري في بعض الأحيان هو نتاج لحاجة جماعيّة امّا لشيوع المعرفة او لتلاقح الأفكار، او من اجل غاية ضروريّة متمثّلة في بناء تصوّر انساني يساهم في تعزيز روابط التضامن بين الشعوب وضمان التنوّع.
ايّتها الصديقات، ايّها الأصدقاء،
حاولت، واحاول، من خلال هذا النصّ، الذي لا يزال مُقتضبا وبحاجة الى مزيد من الجهد الذي ربما لا املكه، والذي لا اعتبره اكثر من محاولة لاثارة الحوار، ووضع بعض النقاط على الحروف، على الأقل كما تبدو لي، غير انّي انوّه، بأن استعانتي هنا ببعض التجارب لنقدها لا يعني انها خالية من بعض الإيجابيات، كما لا يعني هذا انها لم تستمرّ الى هذه اللحظة، كما ان عدم التعرض لتجارب أخرى لا يعني أيضا انها تفتقر للنواقص او لا يجب ان تخضع للنقد، وفعلت هذا ايمانا مني، بأن ما عشناه هو تجربة ثريّة قد نحتاج لاستيعابها هامشا زمنيا طويلا، وهامشا زمنيا أطول لنقدها والتعلم منها، ربما كنّا محظوظين في هذا الاطار بأن واكبناها في بلادنا وربما اثّرنا فيها وتأثرنا بها وتعلمنا منها، فلنخرج منها على الأقل بتصوّر جيّد للمستقبل كي لا نعيد الانطلاق دائما من نفس النقطة وتكرار ذات الأخطاء في المستقبل.
ايّها الناس
الامر بكلّ هذه البساطة، نحن، المواطنون التونسيون الذين نعيش في هذه البلاد وخارجها، المنتمين لها، ويبدو ان وضعنا يزداد سوءًا بسوء حالها، ويتحسن بتغير الأحوال، نبحث عن اطار لائق يمكننا داخله تحقيق انسانيتنا والعيش بسلام، يمكّننا من تحقيق طموحاتنا البسيطة، والتي لن نسمح بأن تصبح في مرتبة الاحلام، والمتمثلة أساسا في الحق في الحياة، وفي الكرامة الانسانية، أي تلبية حاجاتنا الغريزية المتمثلة أساسا في السكن، الطعام الغير مضرّ، الماء الصالح للشراب، وبعض من السعادة. حقنا في الصحّة والحياة، الحقّ في المعرفة والتعلّم، وحقنا في الاختلاف بإعتبار اننا قد لا نكون نرى المسائل من نفس الزاوية، ولكون ذلك دافع لنا لنتقدّم، وان نقوم في مقابل ذلك بمجموعة من الواجبات، أهمها ان نشتغل لنتمكن من توفير ذلك، وان نصيغ القوانين وما سينجرّ عنها، ونحترمها، والتي من المفترض ان تضمن هذا التعايش السلمي.. وان شيئا غير ذلك لا يمكن ان يأخذ البلاد الى الاستقرار والتنمية وصلاح حالها وتطوٍّر شعبها وانتصارها على التخلّف،
#قصي_بن_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يعني اننا متعلمون بمجرد اننا ذهبنا الى المدرسة؟
-
لا يحتاج الامر الى عباقرة
-
حتّى لا يولد الوٌحوش
-
ماضي جديد، او وعيُ مستقبل.
المزيد.....
-
بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني
...
-
سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
-
هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال
...
-
المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ
...
-
اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن
...
-
أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة
...
-
بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة
...
-
-القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية
...
-
للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|