أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس ثقافية وسياسية وفكرية وادبية ــ 266 ــ















المزيد.....


هواجس ثقافية وسياسية وفكرية وادبية ــ 266 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8075 - 2024 / 8 / 20 - 16:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ضبط الجنس ضمن قالب ديني لم يأت من أجل الأخلاق.
هو استمرار لقانون الاستملاك الآلهي.
وعي المرأة لذاتها هو الضابط لعلاقتها بنفسها وجسدها، وبعلاقتها بالرجل.
عندما تتحرر المرأة من الاوصياء عليها ومن التبعية، ستحترم جسدها أكثر من المرأة المستلبة الخنوعة والجاهلة.
اعتقد في أوروبا وضع المرأة مقبول قياسًا لواقع العالم، على الأقل أنها حرة في اختيار شريكها في الحياة.
بمعنى لا إكراه عليها من قبل أبوها وأخيها وحتى زوجها.
قبل ثلاثة أيام قرأت أن في مدينة أربوغا السويدية القريبة من بيتي، تم الحكم على والدي فتاة، سنة وشهرين، بسبب اضطهادهما ابنتهم، ولرفضهما علاقتها مع شاب تحبه.
الموضوع كما ورد يتعلق بقضية الشرف. وتم الحكم على أخيها مدة أربعة اشهر.
الشرف في السويد يختلف عن الشرف في مكان أخر، لهذا عليكم أن تحترموا قوانين وتقاليد هذا البلد.
أختك ليس ملكك، أنها كيان مستقل عنك، لا حق لك على جسدها. جسدها ملك لها وليس ملك القطيع.
أول خيوط الحرية يبدأ في تحكم الإنسان بجسده ومشاعره وعواطفه.
نحن مستلبون، لأننا لسنا أوصياء على أجسادنا، أنه رهينة عند هذا الجانب أو ذاك من المهيمنين أو المسيطرين على حياتنا.
أنا سعيد جدًا بهذا الحكم، بالرغم من أنني لا أعرف من هم المتهمين، ولا يهم من يكونون.
فليذهب هذا الشرف الرخيص إلى مراحيض العالم كله.
بعد أن ودع الإنسان المملكة الحيوانية، فقد وإلى الأبد الإحساس بالسعادة في حياته الطبيعية.
لهذا أخذ يبحث متلهفًا عن الأبدية في عالم غامض، عالم ما بعد الوعي، وفي جسد متحلل، متحول إلى رماد.
تحول من كائن متناغم مع الطبيعة إلى مسيطر عليها خضوعًا لرغباته.

يأتي المثقف إلى الحياة حاملًا صليب غربته على كتفيه ويمشي، بالرغم من أنه يئن تحته.
يا ترى، هل هي مازوخية أن يئن المثقف بهذا الحمل الثقيل الجاثم عليه، أم متعة ذاتية يتلذذ بها؟
غربة المثقف عن نفسه ووجوده لا جواب له سوى أن اللذة لها أشكال وأنواع وألوان لا يمكن اختصاره بكتاب أو مجلد.
التلذذ بالألم الوجودي، ومحاولة القبض عليه، كالموسيقا القادمة من بين شقوق الجبال والوديان والأنهار

المعارضة السورية قريبًا على أبواب التخرج، أو أن يحيلهم أردوغان على التقاعد.
هل لدى أحدكم أي تصور عن دورهم، حتى يبقوا في أماكنهم طوال سنوات طويلة، وهو يلعبون البوراكو أو البوكر.
يبدو أن وجودهم ينطبق على فكرة جسدها الروائي ماركيز في روايته الصغيرة:
ليس لدى الكولونيل من يكاتبه.

العنصرية موجودة في الحياة منذ بدء الخليقة وإلى اليوم، ولا يمكن إلغاءها بالقانون أو تلطيفها أو تلميعها بالكلمات والأساليب التافهة.
ما دام هناك سياسية ودولة ومجتمع، سيتبقى العنصرية، وما دام المجتمع منقسم طبقيًا، فقير غني، هذا لي وهذا لك، ستبقى العنصرية قائمة.
تفجير مبنى التجارة العالمية كانت أكبر مصنع لإنتاج العنصرية بامتياز.
صناعة العدو عنصرية.
لن أزيد

القانون الأشوري الخاص بالحجاب نقش حرفيًا على الحجر وبالتفاصيل الشديدة الملل، ومَن مِن النساء يجب أن تتحجب ومن منهن لا يحق لها أن تتحجب.
أي تمأسس أو قونن سياسيًا.
والعصر الأشوري انتهى في العام 612 قبل الميلاد.
فالذين يدعون أن الحجاب جاء من أجل العفة، نقول لهم حاولوا أن تقرأوا التراث القديم، لتعرفوا أن المصدر القديم موجود.
والحجاب جاء، كمجسم، إشارة على المكانة الرفيعة والعلو للمرأة الأشورية ذات الرفعة.
جاء لتأكيد التراتبية الاجتماعية والطبقية، لمكانة السادة، للنخبة الثقافية والسلطة والمال.

أراد الإنسان أن يكذب فوجد ضالته في السياسة. وأراد أن يرتكب جريمة ما، كالسرقة أو الاحتيال أو القتل فوجد ضالته في السياسية.
السياسة هي التي سورت البشر بالسلاسل والقيود، وأغلقت عليهم منافذ الحق والجمال والحرية.
وهي المنتجة للسلطة العالية، وبعد ذلك، الدولة والقانون والمؤسسات التي دمرت الإنسان من الداخل، وفي أقل تقدير شوهته.
السياسة هي التي انتجت كل المجرمين عبر التاريخ، وحولتهم إلى أبطال
وهي الرافعة الأساسية للدمار والخراب والانحطاط الذي نعيش فيه، وهي التي بنت الخنادق والأسوار، وستكون السبب في دمار وانتهاء الكرة الأرضية
هي الكاشف الحقيقي للنفس الإنسانية، هي التي عرت الجوانب المظلمة فيه، ووضعته على طريقها، وجرته كما يجر الحصان العربة.

السبب الأول للتشوه الثقافي والنفسي الذي نعاني منه في منطقتنا هو الفكر التوراتي.
إنه فكر هجين، مشوه، لأنه ليس نابعًا من أرض وثقافة، ومكان واقعي أو متخيل أو جاء من عقل مفكر عليه قيمة فكرية أو عملية تذكر في الجانب الفكري أو الفلسفي أو الإنساني.
إنه سرقة ثقافية دون ذكر المصدر، مع إضافة هلوسات نفسية وعقلية غارق في المرض العقلي والنفسي مما ورثونا أمراضهم، بسبب ربطهم هذا الهوس في البعده الما ورائي.
أمراض كثيرة نعاني منها عشرات القرون وأكثر وما زال مستمرًا.
لقد اخترعوا قصة موسى المسروقة من قصة سركون الأكادي، وحولوا فرعون إلى مجرد مجرم وقاتل في الوقت الذي تكشف الحفريات الأثرية أن هذا الإله، فرعون، كان أرحم قائد سياسي في التاريخ الإنساني برمته.
المشكلة أن اليهود لم يمتلكوا القدرة والذكاء الذي يمكنهم من السرقة بحرفية أو أنهم لم يكن يفهموا أبعاد السرقة التي يقومون بها، ولم يعرفوا أبعاد الثقافات الموجودة ومراميها، مما جعلنا نعاني من هذه الأثار المدمرة إلى يومنا هذا.

الكلمات المنمقة المهذبة في الظاهر، والمملوءة بالرسائل الباطنية الموجهة هي أكثر سمية من الشتائم المباشرة.
أغلبنا يرى ويسمع الشتائم ويتأثر جدًا، وينسى سموم ذاك الأنيق القذر الذي ينتقي الكلمات بدقة ليرجمك في صماصيم قلبك.
إن يكتب أحدهم موضوعًا معبراً يفرغ فيه كل أمراضه وعقده ويتوارى خلف الكلمات.
يبدو من الخارج إنسانًا لطيفًا، بيد أن أعماقه تنقط كراهية وحقدًا.
يعرف الإنسان من الكلمات في الدرجة الأولى، سواء المبطن أو الظاهر، المواقف والسلوك والممارسة تأتي لأحقًا.
جمال عصرنا أننا عراة فيه، ونتعرى يوميًا من ورق التوت سواء في الطبيعة أو المدينة.
ولم يعد هناك هيبة لكائن من يكون، لا رئيس ولا كاتب ولا مفكر أو فيلسوف.
لم يعد هناك تابوهات يمكن الاختباء خلفها.
والزمن جارف يجرف كل سكون وصمت وخوف. ويجرف الجسد الثقافي والفكري الضعيف والمهزوز، ويرسخ المتمكن القوي بالحجة والرأي.
علينا أن نملك أدواتنا الفكرية لنتحكم بزماننا وعصرنا، إن ننشر الوعي عبر الثقافة والمعرفة في كل مكان، ونفوت الفرصة على من يريد السيطرة على عقولنا.

هؤلاء الذين يتحفوننا يوميًا بمقولة الأكثرية والأقلية العددية، عاجزون، ليس في جعبتهم ما يقدمونه سوى هذا الهراء الرخيص.
طوال السبع سنوات ماذا قدموا لنا من أفكار أو مفاهيم حول الدولة والمجتمع؟ ماذا انتجوا؟
هل الاتهامات وحدها كفيلة بنقل الوطن إلى شاطئ الأمان؟ ما فائدة الاتهامات؟ هل هي عقدة نقص أو تفريغ طاقة سلبية نائمة في وجدانهم؟
عندما تدخل الخارج ومنظماته المسلحة وعبثوا في الوطن أين كانوا وماذا كان موقفهم؟ من الذي استدعى هذا الخارج؟ ومن رحب به؟
مصر يحكمها رؤوساء جاؤوا من الأكثرية العددية، هل انصف هؤلاء مصر وشعب مصر؟
وإذا حكمها مسلم سلفي أو معتدل هل سينقل المجتمع والدولة على تداخل العلاقة بينهما لمصلحة المواطن المصري البسيط؟
هل الجزائر فيها أقلية عددية حاكمة؟ أو تونس؟ أو السعودية؟ أو قطر؟
لا تهربوا إلى الأمام.
الذي يحكم بمنطق دولة الاستبداد ليس أقلية أو أكثرية، أنه الديكتاتور الذي يستدعي الشيطان أو الجني الأحمر ليركب على ظهره ويمشي.
هل لدى الأكثرية العددية برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي لسوريا القادمة؟ هل لديكم تصور كيف يمكن إدارة الدولة والمجتمع في هذا العالم السياسي المتغول؟ وكيف؟
لا ترموا التهم على غيركم وأنتم عجزة، عار عليكم أن فعلتم عظيم.
هذا ليس دفاعًا عن أي جهة. إنه دفاع عني.

كانت الأرض السياسية والثقافية في السلطنة العثمانية، وفي أوج قوتها عبارة عن صحراء جرداء غير منتجة للمفاهيم أو الفلاسفة والمفكرين، للعلماء والباحثين، والمكتشفين، والفن والأدب.
وكانت سببًا كبيرًا في انهيار هذه الدولة العملاقة.
إن الاستبداد الثقافي يصحر الروح والعقل ويخرب الضمير ويدمر القيم ولا يمكن أن تقيم علاقة طبيعية مع المجتمع.
تتجمل حياة الإنسان بالموسيقا والرسم والنحت. بوجود المسرح. وجميع الفنون والآداب.
من يعتبر هذه الأشياء نافلة فليعتزل الحياة ويعود إلى صحراءه فهي أرحم وأرفق به.

هناك عداء مستفحل من قبل الأخوانجية لمفهوم الدولة المعاصرة, الدولة العلمانية. علينا أن لا ننسى أن الانظمة الاستبدادية, ومثلها الفكر الأخونجي, خربوا عقولنا وضمائرنا, وشوهوا تفكيرنا, لهذا أصبحنا عبء على أنفسنا والاخرين.
الكثير يعتقد ان السويد أو أوروبا, بلدان سهل اختراقهم والوصول الى المؤسسات, لكن عبر تصورات غوغائية.
بتقديري, أن ما يفعله القادمون الجدد, أولئك المنتشون بفكر ديني, إلى أوروبا, لا يهزون مؤسسات الدولة بقدر ما يهزون حياة الإنسان العادي, يخربون ايقاع حياته وثقافته.
الكثير منا يعتقد أن الله معنا, بيد أنهم لا يسألون أنفسهم:
لماذا لم يكن الله معنا في بلادنا؟ لماذا تحولنا الى متسولين, شحاذين على أبواب الأخرين؟ لماذا لا يسألون الله, لماذا نموت في البحار؟ ولماذا يتركنا لأقدارنا نطحن كالملح بيد هذا أو ذاك؟
الكثير من المؤمنين, يضعون مصالح دينهم فوق الله, وكأن الأول أجير أو خادم لدى الثاني.


ستبقى بلادنا, المسرح السياسي للدول الفاعلة في المعادلة الدولية, إذا بقينا مكتوفي الأيدي, نتفرج على خراب بلداننا.
يبدو ان اليأس والاستسلام أضحى العنوان الرئيسي لما يجري في بلادنا.

في الجزيرة السورية, كل بيت, متحف كامل, ثقافة شعب, فن, موسيقى, رقص, فولكلور. وتاريخ. أكراد, عرب, أرمن, سريان, شيشان, تركمان, اشور, كلدان, داغستان, شركس.
إن هذا المتحف الزاخر بالجمال, يفرغ اليوم من محتواه, لصالح عالم جامد.

علينا أن نصعد مع العلم، نرتقي، فالعلم لم يعد يقبل العيش على الأرض القديمة، أصبح في الفضاء بعد أن غزاه.
على العقل أن يتماهى مع العلم، ويضع الأسس الصحيحة لمعرفة المستقبل، للانتقال للعيش فيه.
لم يعد مجديًا أن نغني الأغاني القديمة التي تعيدنا إلى الماضي، هذا أضحى من الأضرار الكبيرة، فالمستقبل أضحى بين أيدينا، لنشتغل على تطوير هذا العقل لينسجم مع متطلبات الضرورة.
لنصنع الله الجديد، الله القادم على حصان أبيض حامل شعلة المعرفة والحرية والبحث عن قيم تتناسب مع المعرفة والعلم والفلسفة الجديدة.
الله الماضي مات، لم يعد لديه القدرة على منحنا الطاقة الإيجابية، ولم يعد يشفينا من أمراضنا وخيباتنا، ونكوصنا وتخلفنا.
كل دقيقة نعيشها مع الله القديم خسارة في كل شيء، حريتك، وتبقى في حظيرة العبودية القاتلة.

الدنمارك هي الدولة الوحيدة الذي في حوزتها مصل جدري القرود.
دولة صغيرة عدد سكانها أربع ملايين، شركتها أول من اكتشاف فيروس مرض الجدري في العام 1958، وطورته وفق تطور المرض، وفي حوزتها اللقاحات للطوارئ وللتطعيم.
باعت الدنمارك العام الماضي أدوية ب 21 مليار دولار.
اللقاح غالي، يكلف مئة دولار للمصل الواحد.
اعتقد أن السويد ستقدم المصل مجانًا للمجتمع السويدي، مثلما تفعل في كل الأزمات المرضية، ككورونا وغيرها من الجائحات الطارئ.

لا نعرف بدقة ما الغاية من الحجاب تاريخيًا، ولماذا تبنته الأديان؟ بالرغم من أنه كان موجودًا قبل الأديان بآلاف السنين.
ولماذا ربط بالعفة والأخلاق، وما الغاية منهما؟
لا شيء بريء في علاقة السلطة بالمجتمع، يجب أن نعرف هذا بدقة.
بالنسبة لي لا أومن بالأخلاق التي افرزتها السلطة تاريخيًا.
نحن نتعامل مع المفاهيم والحدود كمسلمات دون الغوص في أعماقها.
من الذي صنع الأخلاق، ولماذا؟ وما الغاية من الأخلاق؟
لماذا منعت حضارتنا العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، لماذا قيدتها، وما الحاجة للغطاء القانوني؟
ولماذا تم ربط العلاقة الجنسية بالله؟
ومن أين جاءت كلمة الشرف؟ وما هو الشرف؟
هناك مسلمات في حياتنا يجب نسفها بعد معرفة مصدرها وغايتها وإلى أين تؤدي.
وهل أخلاق السلطة ونخبها هو أخلاق المجتمع وناسه؟
ولماذا نحن نتاج السلطة عبر التاريخ كله، ولم نفرز أخلاقنا كبشر عاديين.
أنها أسئلة مشروعة وستبقى، المهم أن نطرح الاسئلة العميقة وإلى أين ستؤدي.

عندما نقرأ ننسحب من ذواتنا وننتقل نقلات نوعية، نصبح طائر ملون بمئات الأجنحة، نرفرف خارج انفسنا وخارج وجودنا الكوني، يغيب الوعي العادي ويستعاد بدلا عنه وعيا اخر ، وعي حر
عندما نقرأ كتاب ما، يبدأ العقل يعمل بكامل طاقته، يستنفر، يقف منتصبًا على قدميه، يدقق، يفكر، كل حواسه تتفتح، تعلن عن قادم جديد، يبدأ في طرح الأسئلة قبل أن يسمح للتيارات القادمة إليه في الدخول إلى الساحة.
ربما تهتز النفس، العقل من القادم الجديد، ربما يرفض وربما يرقص وربما يحزن أو يفرح، وربما لا يستوعب وربما تلاحقه الطلبات عن أبعاد الفكرة أو المفاهيم.
القراءة عمل مجهد، متعب، العقل والجسد يعملان بجد واجتهاد للوصول إلى الفكرة وتحليلها واستنباط أفكار جديدة ومفاهيم جديدة.

تزييف العقل يبدأ قبل تفكيك المجتمع، هو جزء من لعبة السلطة عبر التاريخ. تاريخنا مركب محنط، مفكك.
حتى ننظيف العقل من العوالق، نحتاج إلى ثقافة مغايرة تؤمن بالمستقبل بالحرية. وقتها سيكون الكلام مغايرا.
أغلب الناس أسرى ثقافة معادية لهم، لذواتهم، ولن يتخلوا عنها إلا اذا وجدوا البديل الحقيقي الذي يعبر عنهم وعن مصالحهم.

إذا لم نتخلص من ثقافة الغزو الكامنة في عقولنا, لن ندخل الحداثة والحرية. العقل الغازي, لا يعرف معنى الدولة عبر مؤسسات, القانون, حق الأخر في الحرية والاستقلال عن القطيع. يأخذ حقه بيده دون العودة إلى مرجع, قانون. يحلل ويحرم وفق مقتضيات المصلحة الأنية.
الغازي, ذلك الذي يسعى إلى المكسب السريع دون بذل جهد, على حساب أشلاء الآخرين, متجاوزًا حيوات الناس, أرواحهم, حقهم في الحياة.

هؤلاء الذين لديهم عقد الاضطهاد والظلم, ذاتيون جدًا, انانيون جدًا, يعشقون أنفسهم لدرجة العبادة . ويحسنون الظن بأنفسهم ويسيئون الظن بغيرهم. ومبدأهم أما أنا. ومن بعدي الطوفان. وهم الأشد قسوة لدرجة قد تؤدي بهم إلى ارتكاب اشد الجرائم قسوة. وبدم بارد.
الشأن الداخلي لاي دولة في العالم ليس شأنًا داخليًا صرفًا. الداخل جزء من الخارج كما الخارج له علاقة مباشرة مع الداخل في اي دولة. شئنا أم ابينا النظام الدولي سيتدخل في سوريا عاجلا ام أجلاً والسلطة السورية هي المسؤولة عم يحدث, لان حمام الدم الذي تقوده سيفجر الوضع في المنطقة كلها ربما يودي الى عدم السيطرة عليها.

لقد وضعت الولايات المتحدة الخطط الاستراتيجية في التسعينات، لتتسيد القرن الواحد والعشرين، بأدوات وعقلية القرن العشرين والحرب الباردة.
وضعت دراساتها ومشاريعها الاستراتيجية بناء على المعطيات القديمة، بمعنى كانت تفكر أن تبقى متفوقة عسكريًا واقتصاديًا، وأن لا منافس لها، لا الصين ولا روسيا أو أوروبا. كانت تنظر إليهم على أنهم في موقف ضعيف ولا يمكنهم اللحاق بها.
بمعنى، انطلقت من موقع القوي، الذي يملك جميع المقدرات التي تجعلها سيدة العالم، ولم تضع أي احتمال أن يكون هناك أطراف أخرى يمكنهم منافستها على الموقع الاول.
جاءت التطورات التكنولوجية الكاسحة، انتقالها إلى الصين، تسخيرها من قبل هذه الأخيرة كهدف اساس لخططها المستقبلية، راكنة السياسة الدولية جانبًا غاضة الطرف عن الشؤون الدولية، ولهذا لم تنفق على السلاح والصراعات السياسية والعسكرية ميليم واحد.
ركزت كل جهودها على الاقتصاد بصمت، بينما أمريكا اشتغلت بالعقلية القديمة، تدخلت عسكريًا في أفغانستان وليبيا وسوريا والعراق وغيرها.
هذه الحروب الجانبية كانت من أجل اثبات مكانتها بعد الحرب العالمية الثانية، هذا كلفها موارد طائلة وأضعفها اقتصاديا وعسكريًا ومكانة.
اليوم هزم المشروع الأمريكي على الصعيد العالمي، وهزمت سياسيا وعسكريًا، ولم تعد دولة مهيمنة، ولن تتسيد القرن الواحد والعشرين.
لهذا أرى أنها ستعود إلى بيتها، ترممها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

من يقرأ رقعة الشطرنج الدولية للمفكر الاستراتيجي البولوني المولد، الأمريكي الجنسية زيغو بريجنسكي، يدرك أن الولايات المتحد ذهبت إلى أفغانستان من أجل التموضع الجيوسياسي هناك، من أجل التحكم في العالم القديم، الصين والهند وروسيا، وتحويل تلك المنطقة إلى كماشة بيديها، تتحكم بها
بمعنى، لم تكن طالبان هي الهدف، فهذه الأخيرة أقل من أن تذهب إليها دولة عملاقة بحجم الولايات المتحدة لتؤدبها.
لقد تم هندسة الفكرة التي طرحها بريجنسكي، بعيد وضع كتابه رقعة الشطرنج الكبرى، في العام 1996 استراتيجيًا في أروقة البنتاغون، والمخابرات، والبيت الأبيض، لوضع خطة حول كيفية تنفيذ المخطط على الواقع عمليًا، والمبررات اللأزمة لإقناع العالم بمشروعها الاستراتيجي.
كان تفجير مبنى التجارة العالمي على يد المخابرات الأمريكية، ورمي التهم على الإسلاميين، هو المدخل والمبرر للانتقال إلى أفغانستان.
أذكر أن البرنامج السياسي للرئيس أوباما، كانت ترك العراق، والتمركز في أفغانستان، لأن وجودها هناك، أهم مكان تستطيع أمريكا من خلاله القبض على العالم، والسيطرة على الصين والهند وروسيا، وبتقديري نجح في الانتخابات بناءًا على هذا المشروع.
لكن، جرت الأحداث بما لا تشتهي السفن، جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008، فتركت نتائج كارثية على العالم والولايات المتحدة.
منذ العام 2009 بدأ وضع الولايات المتحدة الاقتصادي والسياسي يكنشف، وبدأ التراجع واضحًا، إلى أن انكشف في العام 2020 عندما جرت الانتخابات، أو قبلها بقليل عندما تم قتل جورج فلويد الزنجي على يد الشرطة في آيار العام 2020، في هذا الوقت برز الانقسام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والتراجع على كل المستويات واضحا، وانكشف النظام الامريكي في الانتخابات الأخيرة، وبان أن الدولة كلها معرضة للانهيار.
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، مؤشر على انتهاء دورها الاسترتيجي العالمي، بمعنى، لم تعد دولة مهيمنة، ولم تعد قطبًا، واعتقد انتهى مفهوم محاربة الإرهاب، وفشل المشروع الأمريكي لتسيد العالم في القرن الواحد والعشرين كما خطط له بريجنسكي.
بانحسار الدور الأمريكي، وغيابها عن الهيمنة، سنشهد الكثير من الحروب بالجملة والمفرق، وسيعم الفوضى عالمنا.
لهذا أرى أنه على أوروبا أخذ زمام المبادرة قبل أن يعم الخراب العالم كله.
كما أرى أن مستقبل النظام الدولي في طريقه للانحسار، وربما ينتهي نهائيا.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس عامة ثقافة فكر أدب وفن 265
- هواجس الثقافة والحب ــ 264 ــ
- هواجس ثقافية أدبية فكرية 263
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 262 ــ
- هواجس ثقافية متنوعة 261
- هواجس ثقافية 260
- هواجس ثقافية ــ 259 ــ
- هواجس ثقافية ــ 258 ــ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية ــ 257 ــ
- هواجس ثقافية 256
- هواجس سياسية وفكرية ــ 255 ــ
- هواجس ثقافية وفكرية 254
- هواجس ثقافية وفكرية ــ 253 ــ
- هواجس نفسية وأدبية وفكرية 252
- هواجس أدبية ودينية ــ 251 ــ
- هواجس أدبية 250
- هواجس أدبية 249
- هواجس أدبية وفكرية 248
- هواجس عامة 247
- هواجس ثقافية وسياسية 246


المزيد.....




- مصر.. قرار قضائي جديد بشأن مالكي -سعودي ماركت- و- التوحيد وا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تزف مجاهدا رابعا استشهد على طريق ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف هدف حيوي في إيلا ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف هدف حيوي في إيلا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تزف ثلاثة من مجاهديها استشهدوا ع ...
- ميدل إيست آي: منظمة يهودية تنفق آلاف الدولارات مقابل زيارة و ...
- أغاني ستأخذ قلوبهم.. تردد قناة طيور الجنة بيبي على قمر الناي ...
- المقاومة الاسلامية اللبنانية: استهداف ثكنة -يعرا- بصواريخ ال ...
- -إكس- تحجب حساب باسم يوسف والإعلامي المصري يعلق
- رئيس وزراء أوكرانيا الأسبق: البرلمان حظر الكنيسة التابعة لبط ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - آرام كربيت - هواجس ثقافية وسياسية وفكرية وادبية ــ 266 ــ