أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حزب العمال التونسي - ماذا تعرف عن العلمانية ؟ 4














المزيد.....

ماذا تعرف عن العلمانية ؟ 4


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 1771 - 2006 / 12 / 21 - 12:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عللنا في ما سبق من هذه الحلقات أهمية العودة إلى طرح هذا الموضوع اليوم وسعينا إلى تدقيق التسمية واخترنا استخدام العلمانية وقلنا أن الاستعمال والتداول هو الذي يحسم أمر التسميات وليس النوايا أو التمنيات، فحين تصبح العلمانية حاجة ملحة من حاجات المجتمع فإنها تجري على لسانه وتدخل تشاريعه وتسكن خطابه السياسي والاجتماعي والفكري، وتستقر على كسر العين أو فتحها أو على عبارة أخرى غير العلمانية. والذي نريد إضافته في هذه الحلقة يتعلق بالعالمانية من حيث هي نتاج تطور تاريخي وسيرورة حضارية عرفهما المجتمع الإنساني في أكثر ربوعه المعاصرة نضجا واستعدادا لنشوء الفكرة وتقبلها. ومثل سائر الأفكار الكبيرة في العالم سواء أكانت شرقية أم غربية، يونانية أم هندية أو عربية أو فارسية أو فرنسية أم ألمانية أم انجليزية أم روسية أم صينية أم غيرها، فهي تدخل ضمن الرصيد المعرفي الإنساني وتعدو صالحة للتعميم ما دامت تخدم مشروع التحرر والانعتاق وتسهم في رفع كابوس الظلم والاضطهاد، سواء تم باسم الله أو باسم "عبد الله".

إن العلمانية شأنها شأن الديمقراطية والاشتراكية قيمة إنسانية عابرة للقارات والأجناس والجنسيات، فمن الخطإ ومن سوء النظر القول بأنها نبتة غربية لأنها غربية المنشإ، وحلّ لا يصلح إلا للمجتمعات ذات الديانة المسيحية، وكأن استغلال الدين لإضفاء الشرعية على استعباد الناس خاص بأهل هذه الديانة. قول مردود من عدة نواح أخرى لعل أكثرها إقناعا أن المجتمع البشري شرقا أو غربا، وبقطع النظر عن الخصوصيات، يخضع في تطوره لقانون عام، ما دام مجتمعا طبقيا والإنسان فيه يستغل الإنسان ويمكر به من أجل سلبه ونهبه وقهره. والمكر يلبس لبوس الدين كما يلبس لبوس حقوق الإنسان عند الأمريكان وحلفائهم. إضافة إلى ذلك فإن الحضارة العربية الإسلامية لم تخل في حقب ازدهارها من خمائر المنزع العقلي والنزعة المادية التي قلصت من سلطان الدين على السياسية والمجتمع، تحت ضغط "أحوال الوقت"ومقتضيات الواقع التي تفرض مراعاتها، وتكون بذلك قد ساهمت ولو عن بعد في دفع التطور نحو اكتمال الفكرة العلمانية. وهذا موضوع يحتاج عودة. ومما يؤكد عالمية هذه الفكرة وحيويتها في علاج أورام مجتمعاتنا الراهنة ما يشهد اليوم وبالحجم المكبر، من وبال الاقتال بين الطوائف الدينية في عديد البلدان الإسلامية، جراء تواصل الخلط بين الدين والسياسة، وتسليط السماء على الأرض، والاحتكام إلى الشرع في الشأن الوضعي، بل ما يشاهد ايضا، وفوق ذلك، من تفشي الخرافة و"العرافة"، وانتشار "البدع" التي لا علاقة لها بالدين وإن هي نبتت على أرضيته وأرضية استغلاله في المآرب الشخصية والسياسية. إن العلمانية في شكلها المكتمل (نسبيا) كانت وليدة القورات التي حققت القطيعة مع الذهنية القروسطية، وهي ثورات علمية وصناعية وسياسية واجتماعية وثقافية وفكرية، ضد الإقطاع والقنانة والكهنوت المتأله، والجهل المتغطرس. وكان لا بد للثورة التي تمت على أسوار "قرن الأنوار" (الثامن عشر ميلادي) واضطلع فيها الفلاسفة والمفكرون والعلماء والأدباء والفنانون بدور الممهد، أن تفضي إلى علمنة المجتمع، ووضع حد للتسلط الكنسي على الأبدان والأرواح والضمائر، وأن تثمر ثمرة العلمانية التي حققت الإنجاز الكبير التالي: حفظ الدين من التوظيف السياسي وحفظ السياسة من التحريف الديني، والتفريق بين هذه باعتبارها شأنا جمعيا تعاقديا، وذلك باعتباره شأنا فكريا تعبديا.

لم تكن العلمانية إذن فكرة مجردة مفصولة عن التاريخ، وعن التطور العلمي والتقني، والاكتشافات والاختراعات والسيطرة على الطبيعة، والتصنيع، وصراع الطبقات، والثورة البرجوازية، والثورة العمالية، ولذا فهي لم تتشكل على نحو متطور ولم تحظ بالتطبيق (رغم التردد، والتفاوت، والانتكـاس، والثورة المضادة) إلا حديثا وهناك حيث الأوضاع ناضجة لتقبلها، وقد باتت ركنا أساسيا من أركان البنيان الديمقراطي، وشرطا جوهريا من الشروط الضامنة لحقوق الإنسان والمواطنة. وفي ظل غيابها تسود أنظمة الاستبداد وتستفحل الطائفية والقتل على الهوية، وعلى الشبهة، يكفر الأحرار والمعارضون في الحملات الانتخابية، وتجيش "العامة" ضد أهل الفكر والرأي، المرشوقين بـ"الزندقة" و"الإلحاد" بل وضد أصحاب الديانات الأخرى، والمذاهب والطوائف المخالفة ووضعهم تحت طائلة التكفير.

وإذا كانت النهضة العلمية والحضارية حاضنة الفكرة العلمانية في المجتمع الغربي فإن ذلك لم يتحقق إلا عبر صراع مرير بين قوى التقدم والتنوير المحمولة طبقيا على أعناق التشكيلة الاجتماعية الصاعدة (البرجوازية زمن ثوريتها) وقوى الشد إلى الوراء المتمترسة بترسانة القيم الإقطاعية والعبودية، والحاكمة باسم الحق الإلهي. وفي حلقة قادمة نقف على علاقة البذرة العلمانية بالتربة العربية الإسلامية وعلى واقع الأشياء في مستهل هذا القرن، قبل أن نناقش دواعي خصوم العلمانية وأباطيلهم. (يتبع).



#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب 7 نوفمبر: لا تنتظروا تغييرا...فكل شيء على ما يرام
- حملة أمنية واسعة على -المتحجبات
- الحق في الشغل، حق مقدس
- الجبهة الوطنية ضرورة ملحة في مواجهة الهجمة الامبريالية والصه ...
- البابا يمنح تفويضا دينيا لسياسة بوش العدوانية
- بعد مرور 50 سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية: المساواة القا ...
- سنة سياسية جديدة بمشاكل قديمة
- الإجرام ملازم للنظام الرأسمالي
- لا طريق أمام الطبقة العاملة سوى طريق النّضال
- تونس إلى أين؟
- الاتحاد العام لطلبة تونس: التوحيد النقابي، مهمة عاجلة
- التناقضات الأساسية والتناقض الرئيسي
- ماذا تعرف عن العَلمانيّة؟(1) لماذا العودة إلى طرح العَلمانيّ ...
- ماذا يجري في الاتحاد العام التونسي للشغل؟ ما هكذا يكون الاحت ...
- الرسوم الكاريكاتورية الساخرة: بين العنصرية الاستعمارية الغرب ...
- الذكرى 28 لأحداث 26 جانفي 1978
- لنلتحم بالشعب ونفك العزلة
- الذكرى العشرون لتأسيس حزب العمال:عشرون سنة في خدمة قضايا الع ...
- بعد انتهاء إضراب 18 أكتوبر: كيف نحافظ على وحدة العمل من أجل ...
- هل مازال للمفاوضات الاجتماعية من معنى ؟


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حزب العمال التونسي - ماذا تعرف عن العلمانية ؟ 4