أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - احمد الحمد المندلاوي - صفحة سوداء من تاريخ النظام البائد















المزيد.....

صفحة سوداء من تاريخ النظام البائد


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8075 - 2024 / 8 / 20 - 10:09
المحور: القضية الكردية
    


# وصني من الاستاذ جليل إبراهيم المندلاوي
نقرة السلمان.. باستيل العراق ومعتقل الكرد الفيليين - 1193ك
نظرا للأهمية التي يحتلها معتقل ( نقرة السلمان – نكرة السلمان ) في الملف الساخن لقضية الكرد الفيليين والمعاناة التي لاقوها، حيث أن معظم الذين اعتقلتهم سلطات النظام القمعية في العراق من أبناء الشريحة الكردية الفيلية أبان عمليات التهجير القسرية عام 1980م تم احتجازهم في هذا المعتقل، الذي لا يعد رهيباً فحسب من وجهة نظر العراقيين أنفسهم، بل يمكن اعتباره أكثر من ذلك لما تميز به عن سواه، لذا وجدنا من الضروري التعريف بهذا المعتقل أو القلعة الأثرية التي تحولت الى منفى رئيس تستخدمه الأنظمة المستبدة التي توالت على دست الحكم في العراق لقمع الحريات السياسية ودفنها بين رمال الصحراء.
فالحكايات التي تروى عن هذا السجن أو المنفى أو المعتقل أو سمِّه ما شئت، يقشعر لها البدن، ممزوجة بنكهة الموت الذي أحاط بجوانبها، حتى أضفى بلمساته المريعة على كل فصل من فصولها المأساوية، لتخرج حسرات من الحزن والألم بعدد كلماتها من أفواه لم تجد سوى التأوه منفذا تلوذ به بصمت اطبق على ألسنتها كما أطبق على قلوبهم حتى كاد ان يعتصرها، فما نفع الصرخات اذا كانت ستضيع بين رمال صحراء شاسعة حيث انتصبت قلعة السلمان وسطها.
أكثر من ثلاثة آلاف معتقل ونيف من أبناء الشريحة الكردية الفيلية - بالاضافة الى أعداد أخرى من غير الفيليين- ضمتهم جدران هذه القلعة، لتكون منفى لهم، ولتحتضن آلامهم ومعاناتهم جراء الاضطهاد الذي مورس ضدهم أبان حملات التهجير القسرية مع مطلع العام 1980م، وما رافقتها من عمليات لاإنسانية طالت عوائلهم فكان نصيبهم منها الاعتقال والنفي في نقرة السلمان... حيث الضياع، والمصير المجهول اللذان يتربصان بكل قادم جديد.
بين رمال البادية....
يضم العراق ثلاثة بوادي شاسعة، مقارنة بمساحته الكلية، هي بادية الجزيرة والبادية الشمالية والبادية الجنوبية، وتقدر مساحة هذه البوادي بما يقارب 45% من مساحة العراق، كما ويقدر عدد سكانها بحدود 5% من مجموع سكان العراق، ومعظم سكان هذه البوادي هم من البدو الرحل الذين ينتقلون من مكان لآخر، وكثيرا ما يدخلون المدن و الأقضية والنواحي المجاورة طلباً للماء والكلأ، وكذلك لمبادلة منتجات حيواناتهم باللوازم التي يحتاجونها، وتضم محافظة المثنى، التي تقع في البادية الجنوبية، أكثر من (13) ثلاثة عشر مليون دونم من أراضي البوادي الثلاث، الا انها تتميز بكثرة آبارها المنتشرة في نواحي كثيرة منها، واحتوائها على وفرة من المعادن المنوعة، كما وتشتهر هذه المدينة بالمحافظة على طقوس الحياة البدوية، ومع ذلك فان كل هذه المعالم الاقتصادية والاجتماعية لم تنل شهرة تذكر أمام (نقرة السلمان) التي باتت مضربا للمثل..
مدينة السلمان....
تبعد هذه المدينة مسافة(140) كيلومتراً عن مدينة السماوة- مركز محافظة المثنى- وما يقارب (380) كيلومتراً عن العاصمة بغداد، وفيها قبر نوفل بن عبد مناف، احد كبار رجال قبيلة قريش، وكانت هذه المدينة منذ ما قبل ظهور الاسلام محطة رئيسة في طريق المسافرين من العراق الى تهامة، ومن ابرز المعالم الأثرية للمدينة، وجود تل أثري، يعتقد بأنه يضم قبر سليمان، والذي أرسله أحد ملوك اليمن على رأس جيش كبير لفرض سيطرته على المنطقة، ومن هنا يغلب الظن بأن تسمية مدينة (السلمان) هو اشتقاق محرف عن سليمان.
أما أهم مشاهد المدينة الجغرافية فهو وقوعها في منخفض أرضي على هيئة دائرة، قطرها الأصغر حوالي(20) كيلومتراً، اما قطرها الأكبر فيبلغ بحدود (30) كيلومتراً بصورة تقريبية، ويتميز هذا المنخفض بعدم تدرجه في الانخفاض عن مستوى الأرض المحيطة به، وانما يبدأ انحداره مباشرة كما لو أن المرء ينتقل من السهل الى الوادي، ويدعي هذا المنخفض بـ (نقرة السلمان) والنقرة تنطق باللهجة المحلية العراقية (نكرة) والتي يراد بها الحفرة، وتبلغ مساحة هذا المنخفض حوالي (350) كيلومتراً مربعاً.
تـأريخ المدينة...
تنسب هذه المدينة تأريخياً الى 400 سنة قبل الميلاد كما يذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان، اما تأريخها الحديث فيشير نسبيا الى ان موجات الغزو كانت قد حولتها الى مراتع نفوذها أوائل القرن العشرين، مما دفع بالدولة العثمانية الى خوض نزالات ومعارك طاحنة لاستردادها والحفاظ عليها، ثم الى بناء مجموعة مراكز دفاعية للتحصن بها ولحماية المدينة، وقد دعمت هذه المراكز ابان الاحتلال البريطاني للعراق بقوات يقودها (غلوب باشا)، ومن هذه المراكز الدفاعية قلعة ضخمة وعملاقة وذات أهداف عسكرية مهمة تم بناؤها بين عامي 1927م- 1928 لحماية مدينة السلمان من أي هجوم خارجي، وأطلق على هذه القلعة فيها بعد اسم (قلعة السلمان)، وتتميز بعلو أسيجتها، والرقعة التي تقوم عليها، وبواباتها العملاقة، والبئر الذي يتوسط ساحتها.
باستيل العراق...
ظلت هذه القلعة تمارس واجباتها العسكرية في عمق البادية الجنوبية قبل ان تتحول الى سجن يودع فيه المتسللون.
ومنذ بداية عام 1948 بدأ السجن يمارس وظيفة جديدة حيث أصبح معتقلاً للسياسيين والمواطنين العراقيين، حيث شيدت في القلعة العديد من القاعات والزنزانات والغرف والأبنية الجديدة التي تناسب ودورها كمعتقل او سجن، فكان السجين الذي يرسل الى سجن (نقرة السلمان) يحمل ثلاث صفات:
السجين، والمنفي، والمحكوم عليه بالموت المحتم. فحكايات سجن الباستيل الفرنسي وحجم الأذى الذي كان يلحق بنزلائه ربما تكون أخف وقعاً من حجم الأذى الذي يتعرض له المنفي في سجن (نقرة السلمان)، حيث أمام السجين او المعتقل عدة خيارات للموت، اما من الحر، أو من البرد، أو من الجوع، و أما من رغبة السلطة الحاكمة في التخلص منه بطريقة خالية من التعقيد والشبهات، وذلك بالايعاز لشرطة السجن لتهيئة الأسباب اللازمة لهروب السجين، فيهرب دون أن يدرك ان اقرب مكان يلجأ اليه يبعد عنه مائة كيلومتراً فقط....
وفي كل متر من هذه المسافة يوجد قطعان من الحيوانات المفترسة، والتي اقلها شراسة الذئاب الجائعة، فاذا أفلت بضربة حظ ونجا من الهلاك فلن يسعفه الحظ من الهلاك عطشاً وجوعاً وتعباً وندماً لأنه غادر منفاه الذي يضمن له الحد الأدنى من شروط البقاء.
اما ابسط مسوغات الموت التي تنتظر الهارب فتتمثل في عدم معرفته الطريق الواجب سلوكها فمن جميع جهاته صحراء مفتوحة الأفق والطريق الوحيدة المأمونة هي الشارع العام لكن هذا الشارع لا ترتاده غير سيارات الشرطة التي تحمل البنادق والمعتقلين الجدد ومع ذلك كان هناك هاربون على الدوام يفقد ذووهم الأمل في عودتهم بعد انتظار أعوام و أعوام.
الكورد الفيليون وآلام السلمان...
على الرغم من صدور قرار من مجلس قيادة الثورة للنظام العراقي البائد بإلغاء هذا المنفى والسجن بعد عام 1968م، واعتبار القلعة كجزء من الأبنية التراثية العراقية الا ان القرار لم يكن سوى حبراً على ورق ومحاولة للتضليل عن المعتقلين الجدد الذين ضمتهم جدران هذه القلعة من سياسيين ومعارضين للنظام بالاضافة الى أكثر من ثلاثة آلاف معتقل - من مجموع ما يقارب ستة آلاف معتقل- من أبناء عوائل الكورد الفيليين المهجرة حيث تم احتجازهم وتهجير عوائلهم بعد ان جردوا من أموالهم وممتلكاتهم ليضيف النظام الحاكم في بغداد جريمة أخرى لجرائمه مخالفاً بذلك ابسط الأعراف والقيم الإنسانية في اضطهاده لأبناء الشريحة الفيلية ليرزحوا تحت أعباء معاناة لم تزل آثارها قائمة في حكايات تتراءى أمام كل من يتأمل جدران معتقل (نقرة السلمان) ليشاهد رسم وردة او قلباً او وجه امرأة او طفلا هنا ويقرأ قصيدة للحرية هناك وكلمات تفصح عن معاناة أصحابها ليستنتج من غير صعوبة ان من حكم عليه بالسجن في هذا المعتقل فسيمضي أيامه بين جدران سوداء كئيبة دون ان يحلم بزيارة أم أو ولد أو زوجة أو صديق فذلك أصعب من المستحيل نفسه، اما ان يحصل على أبسط شروط الحياة فذلك مدعاة للسخرية والضحك ومن هنا اصبح السجن مضربا للأمثال ورمزاً للرعب والذعر وقبراً لأسرار وخفايا الاعتقالات الرهيبة لتفقد فيه معظم العوائل الكردية الفيلية المهجرة فلذات أكبادها دون ذنب اقترفوه، ومن هنا ايضاً كان السجناء يهربون ويهربون مع يقينهم الأكيد بأن الطريق التي يسلكونها تقودهم الى حتفهم النهائي ولكن ما العمل حين يمسي الموت أمنية.
هذه صورة من صورة من صور المآسي التي تعرض لها الكرد الفيليون والتي لا يمكن ازالة آثارها ولربما يمكن التخفيف عن جزء يسير منها من خلال الكشف عن مصير البقية الباقية من المحتجزين من أبنائهم وهذا ما نتأمله في المستقبل القريب.



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زبان زوان زوسان
- عبد المجيد لطفي
- بكتاش بكتاش
- اصداراتنا الثقافية ..4/8/2024م
- بادية مندلي --1/2024
- سلام الذئب ..
- نظرة عجلى على امثالنا..
- أمثال قلاباليان
- 51- (عومر دريذ ثاتشاهية).
- -رأسان و الزائد من الله-
- 1- محسن بني ويس علي
- رواق الفن المندلاوي / --1
- المنبر/ 11
- المنبر/ ..1
- نشيد الكرامة عبر الدهور من كربلاء/1
- رجال صالحون في القضاء.. ا
- الوطن والعصافير. ....
- تراثنا المفقود و شعر جمشيد
- باوة ززبابا
- محكمة البندليج -1


المزيد.....




- يديعوت أحرنوت: الأسرى الذين استعاد الجيش جثثهم اليوم قتلوا ب ...
- شهادات صادمة من هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين عن أشكال تعذيب ...
- سفير ايران بالامم المتحدة:ردنا لابد ان يكون محسوبا لتجنب اي ...
- مصادر فلسطينية:اصابات اثر اطلاق الاحتلال النار صوب خيام النا ...
- الأمم المتحدة تعبر عن قلقها من -التدهور السريع- في ليبيا
- طالبان تمنع المقرر الأممي لحقوق الإنسان من دخول أفغانستان
- كاتماندو تستضيف أول مسيرة فخر سنوية احتفالا بتشريع زواج المث ...
- ألمانيا.. المحكمة العليا تقر سجن سكرتيرة سابقة في معسكر اعتق ...
- فيديو للقسام يفضح ادعاءات نتنياهو بشأن الأسرى منذ بداية الحر ...
- مندوب الكيان المحتل: يجب محو مقر الأمم المتحدة من على وجه ال ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - احمد الحمد المندلاوي - صفحة سوداء من تاريخ النظام البائد