|
عزيز غالي يعتلي الواجهة الإعلامية وسط زوبعة من الجدل - أحمد رباص
أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 8074 - 2024 / 8 / 19 - 10:49
المحور:
الصحافة والاعلام
كان الإعلان عن تجنيد المندوبية السامية للتخطيط لحوالي عشرة ٱلاف أستاذ في إحصاء السكان والسكنى 2024 مناسبة اهتبلها عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، للنبش في موضوع ظل مسكوتا عنه منذ سنوات، ويتعلق بما يترتب عن ذلك التجنيد من حرمان مئات الٱلاف من التلاميذ من دخول مدرسي في ظروف عادية لأنهم لن ينظروا في وجوه معلميهم العزيزة إلا عندما ينتهي انخراطهم روحا وجسدا في عملية الإحصاء عند متم شهر شتنبر اول عند مستهل الشهر الذي يليه. من الناحية المبدئية والحقوقية، لا أملك سوى أن أساير غالي في اعتراضه على توظيف بعض الأساتذة في الإحصاء في وقت يتزامن مع الدخول المدرسي ويتوجب فيه على المعلمين استقبال التلاميذ وإعدادهم لموسم دراسي جديد انطلاقا من تفريغ نتائج التقويم التشخيصي التي ابانت عمن فيهم يتحكم في التعلمات والموارد ومن يفتقدها أو تنوسيت له في غمرة الاستمتاع بعطلة الصيف. كذلك أتفق مع غالي عندما أسس تحفظه على ذلك التجنيد وذلك التوظيف على هدر الزمن المدرسي خلال السنة المنصرمة الأخيرة بسبب الحراك التعليمي. وكان حريا بالوزارة الوصية على التربية والتعليم أن تمتنع عن تشغيل الأساتذة في الإحصاء بداعي تعويض أطفال مدارسنا مما ضاع منه، وبذل مجهود لمحو العار الذي لحقنا جميعا على إثر تصنيف تعليمنا العالي في الرتبة 154 بحسب ما نشره وأذاعه موقع “إنسايدر مانكي” الأمريكي، المتخصص في التصنيفات والتحليلات. لم يمر موقف عزيز غالي دون أن يثير حفيظة بعض الأساتذة الذين ردوا عليه بلهجة تتأرجح بين الحدة والاعتدال، ومنهم من جن جنونه وكبر غضبه عندما وصف رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المشاركين في الإحصاء ب"العطاشة". ولا أخفي استغرابي رد فعلهم هذا؛ لأن عزيز يحوز الدليل على أنهم كذلك، ويبقى على من أراد منهم ألا ينطبق عليه الوصف أن يرفض الاشتعال في الإحصاء بحجة أن عددا من "وليدات الشعب" يقع على عاتقه، وهكذا تنتفي عنه صفة "عطاش". وما يؤكد فعلا أن غالي على حق هو أن اشتغال الأساتذة في الإحصاء رهين بموافقة وزارة الداخلية التي هي طرف شريك أو منسق مع المندوبية السامية للتخطيط. وقد أبانت التجارب السابقة، مثل التجربة الحالية، عن رفض طلبات تقدموا بها أساتذة راغبون في المشاركة، لا لشيء سوى لأنهم يتعاونون مع جرائد جادة وحرة أو ينتمون إلى أحزاب مغضوب عليها. هكذا يحق لنا ويصح أن نقول عن الأساتذة الذين تحظى طلباتهم بالقبول: عطاشة خبزيون. وما دمنا بصدد الحديث عن عزيز غالي وهو في قلب ضجة إعلامية غير مسبوقة، نسوق في هذا السياق ما وقع له مؤخرا مع مصطفى شناوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة (CDT). أصل الحكاية أن عزيز غالي كتب تدوينة على منصة فيسبوك يشير فيها بأصبع الاتهام إلى شناوي الذي قال عنه إنه اختلس تبرعات الزلزال. والأساسي في تدوينة غالي أننا "نعود إلى محاربة الفساد من باب دور النقابات من خلال السؤال التالي: أين وصل ملف اختلاس أموال الزلزال من طرف برلماني نقابة CDT؟ وإذا تم إغلاق الملف، ما هو الثمن؟ ماذا فعلت CDT كإجراء في حق متهم بسرقة أموال ضحايا الزلزال؟”، واختتم تدوينته بالقول: “لي عودة للموضوع بتفاصيل أكثر". وأظهر عضو المكتب السياسي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، مصطفى شناوي، في رده، أن كلام غالي جاء بعد تدوينة أشار فيها إلى “النقاش واللغط الذي تعرفه الوسائط الاجتماعية، والتجاذبات والبوليميك حول الموضوع، ومن هو معه ومن هو ضده، ومن يشيد ومن يحلل ومن هو موضوعي ومن يُخوِّن، وما صاحب ذلك النقاش من متاهات وردود أفعال متباينة”. وكان شناوي قد كتب عبر حسابه بـ”فيسبوك”: “إساءة لصورة المدرس مجانًا وللعطاش اللي خدام بدراعو! وترك المهم!! والفكرة الشعبوية تسود وتنسينا الأهم”، وذلك بعد أن وجه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، انتقادات شديدة اللهجة لرجال ونساء التعليم الذين اختاروا المشاركة في الإحصاء العام للسكان والسكنى، واصفًا إياهم بـ”العطاشة الذين سرقوا فرص شغل مؤقتة من الطلبة والمعطلين”. واتهم شناوي غالي باستعمال “أساليب الابتزاز الدنيئة التي تتبعها فلول المخزن العتيق، والتي عانى منها المناضلون، وعانت منها الإطارات المناضلة الحزبية والنقابية والحقوقية والمدنية، من خلال نشر أكاذيب ومغالطات، والتشهير، وافتعال مشاكل، واستدراج المناضلين والإطارات في قضايا وملفات لاستنزافهم وثنيهم عن نضالهم ومواجهتهم للظلم والحيف، وفضح ضرب الحريات وخرق حقوق الإنسان”. وأضاف النقابي أن غالي استعمل نفس “أسلوب المخزن الذي عانت منه الجمعية التي يترأسها بهدف كسر شوكتها وضرب مصداقيتها وتاريخها المشرق وصورتها والنيل من مناضليها، ولم تنل تلك المحاولات البائسة والدنيئة شيئًا من الجمعية أو من مناضليها”، معربا عن استغرابه من “استغلال تدوينة شخصية والركوب عليها للهجوم على CDT وتصفية حسابات، والخوض في حرب بالوكالة ضد إطار مناضل ومكافح”. وفيما يتعلق بالموضوع الذي أشار إليه غالي والمتعلق بسرقة أموال الزلزال، أوضح شناوي أن الموضوع نوقش مع غالي في حينه عدة مرات، وأنه أرسل له ما كان لديه من معطيات، مضيفًا أن غالي نصحه بعدم الاهتمام بالموضوع. وأبدى شناوي استغرابه من تعامل غالي مع شخص “يعرفه فاسدًا، والأكثر من ذلك أنه لم يقم بدوره في فضح الفساد أو الإبلاغ عن الفاسد بل تواطأ معه”، بحسب ما كتبه شناوي. وأضاف: “ما دمتُ أنا فاسدًا وسارقًا لأموال الزلزال، فلماذا اتصلتَ بي قبل 3 أسابيع، وبالضبط يوم 25 يوليوز 2024، الساعة 12:21، لتسألني عمّا وقع في بني ملال من وفيات متعددة بسبب ارتفاع الحرارة وطلبتَ مني معطيات؟ وأجبتك بأنني في اجتماع في وزارة الصحة، لكنني سأحاول معرفة المعطيات… فلماذا اتصلتَ بشخص فاسد وسارق؟ ألم يكن يهمك مصدر المعلومة، سواء كان موثوقًا أم كاذبًا، ولو كان سارقًا وسمسارًا وسارقًا لأموال الزلزال؟ كان همك هو المعلومة لأن “البوز” هو المهم، وتلك الفرصة، فرصة موت مواطنين ببني ملال، لا يمكن تفويتها.. أن يكون شناوي فاسدًا وسارقًا لا بأس، ظهورك لمن ينتظر طلعتك في المساء كان هو الأهم، وليس محاربة الفاسدين والفساد أينما كان”. وتابع شناوي قائلًا: “الموضوع الذي تريد، يا سي غالي، ابتزازي بالكلام عنه، قد تجاوزتَ الحدود عندما أثرتَه. إنه شأن داخلي واكتتاب داخلي لمناضلي النقابة الوطنية للصحة (CDT) من أجل اقتناء أدوية ومستلزمات طبية من مالنا الخاص. ولا علاقة لذلك بالمواطنين، ولم يتم طلب أي درهم من أي مواطن. مناضلو النقابة هم من قرروا جمع تبرعات وساهموا بـ100 درهم على الأقل، وهناك من ساهم بأكثر، وأنا ساهمت بـ5000 درهم، وكل حسب إمكانياته. واشترينا بذلك ما يلزم للأطقم الطبية والتمريضية للنقابة التي انخرطت منذ اليوم الأول للزلزال في عمليات إسعاف وإنقاذ ضحايا الزلزال. وقد بلغ مجموع المبلغ الذي ساهم به مناضلات ومناضلو النقابة 138,580 درهمًا، أي حوالي 14 مليون سنتيم من جيوب المناضلين”. وأوضح أن معطيات المساهمات “كانت تُنشر يوميًا في مجموعة النقابة على الواتساب، بمبلغ المساهمة واسم من ساهم، والإقليم، وفرع النقابة، وكانت الحصيلة تُنشر يوميًا. بل إنه تم تقديم عرض مفصل عن المداخيل والمصاريف في اجتماع المجلس الوطني للنقابة، وهو أكبر جهاز تقريري للنقابة، وناقش أعضاء المجلس الموضوع وصادقوا على التقرير. وما تبقى من الرصيد تم وضعه لدى المركزية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”. وأشار إلى أن الأمر داخلي ولا علاقة له بالإحسان العمومي أو بطلب قانوني لاكتتاب من المواطنين، ومن له الحق في “محاسبتي ومحاسبة المكتب الوطني الذي أخذ المبادرة الإنسانية وجمع التبرعات الداخلية لاقتناء لوازم الأطقم الطبية هو النقابة، وهو المجلس الوطني للنقابة، ولا مجال لتدخل أي طرف خارجي في ذلك”. وختم شناوي تدوينته المطولة بالقول: “بكل صدق، واش ممرڭتيش وأنت تكتب مثل ذلك؟ وعلى من؟ على شناوي؟ ولنفرض أنني لست مناضلًا بل فاسد وسارق…؟ ألم تجد إلا أنا لمحاربة الفساد والفاسدين واللصوص؟ ألم تجد إلا هكذا مواضيع تلهي بها القراء وتغرقنا في متاهات لا نهاية لها؟ وهل البلاد واللحظة في حاجة لمثل هذا الخواء الفكري ونشر الأفكار الشعبوية؟”. لكن عزيز غالي رد على شناوي عبر تدوينة أخرى يطالبه فيها بتقديم الدليل على براءته، خارقا بذلك القاعدة القانونية التي تقول: المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وهذا الخطأ الذي سقط فيه غالي يذكرنا بمثيله الذي اقترفه في حق جريدة هسبريس الإلكترونية التي نشرت مقالا في غضون العام الماضي بهاجمه كاتبه متهما إياه بالفساد، وعوض أن يدافع غالي عن نفسه بمقال مضاد يبعث به إلى هسبريس ويطلب منها نشره على صفحاتها بموجب حق الرد مكفول، قام بمنع أحد صحافييها من الدخول إلى مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وكأن رسمه العقاري مسجل باسمه ليس من فضاء عاما.
.
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
الانتخابات الرئاسية في أمريكا: هل ستكون كامالا هاريس بديلا ع
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
رحلة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
الصحافيون الثلاثة المفرج عنهم يطالبون بـ”إطلاق سراح جميع معت
...
-
المغاربة المناصرون لفلسطين غاضبون من صمت المخزن عن إغتيال هن
...
-
حماس ترحب بهدنة وفق رؤية بايدن وأبو مازن في رحلة إلى روسيا ل
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
مكناس: عاملات وعمال سيكوميك بين مطرقة التسريح التعسفي والمتا
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
على هامش اعتقال مصالح الأمن ل-خولة الفايد- و-ولد الشينوية- -
...
-
برشيد: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر منبهة
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
تهديدات متبادلة بين إسرائيل وإيران ومناورات دبلوماسية لحمل ج
...
-
جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء
...
-
بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، فرنسا تدعو رعاياها إلى
...
المزيد.....
-
إسرائيل: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل اختراق المجال الجوي
...
-
الدوري الإنكليزي: ليفربول يتفوق بثلاثية على ليستر سيتي ومانش
...
-
تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر
...
-
مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية
...
-
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
-
زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
-
موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|