أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منير صادق - ما حصل في كربلاء ثورة، أم محاولة انقلاب فاشلة؟















المزيد.....

ما حصل في كربلاء ثورة، أم محاولة انقلاب فاشلة؟


منير صادق

الحوار المتمدن-العدد: 8072 - 2024 / 8 / 17 - 17:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ قرون عديدة يخبرنا موروث الشيعة الأمامية، عن حادثة مقتل الحسين في كربلاء بصخب وبتمادٍ عنيد بأن ما حصل كان ثورة على الطغيان وفساد الحكم، والحسين وذويه وأصحابه ثواراً على سلطة يزيد بن معاوية الضالة.
ببساطة لنفرق بين معنيي الثورة والانقلاب، فلأولى تهدف إلى تغيير اسلوب نظام الحكم الاجتماعي والاقتصادي القائم تغييراً جذرياً، عبر حراك اجتماعي واسع وأحياناً تشمل المجتمع برمته، لتحقيق مطالب الجماهير الشعبية. أما الانقلاب فهو محاولة مجموعة من المعارضين للنظام القائم عبر العنف والقوة المسلحة عادةً، للاستيلاء على السلطة وتغيير الهيئة الحاكمة، وهل الحسين كان ينشد تغيير النظام في الجزيرة العربية، وهو قد تغير قبله من نظام وحدات قبلية إلى نظام دولة بتشريعاتها ونظمها وهياكلها، وماذا كان بوسعه أن يغير تغييراً جوهرياً في ذلك العصر؟، أم كان يهدف تغيير الأسرة الحاكمة من الأمويين إلى بني هاشم؟، ونكتفي بهذه الحدود للتعاريف فإن تفرعاتها لا تدخل ضمن حدود بحثنا.
الصراع على العرش
بعد وفاة النبي دخل أتباعه فوراً في صراع على خلافته ولمن ستؤول السلطة، بين على بن أبي طالب أبن عمه وصهره وأبرز ممن يعتمد عليهم خلال أعوام الدعوة للإسلام، والمطالب بالخلافة بادعاء الوصية له ولقربه من النبي، وبين اصحاب النبي المقربين. وبعد مقتل علي آخر الخلفاء الأربعة الكبار، استتبت أمور الحكم إلى معاوية بن ابي سفيان داهية السياسية، وغريمه وخصمه اللدود، والأخير لا حدَ لطموحه السياسي ويعتبر عند الكثير من الدارسين الغربيين والشرقيين، مؤسس الامبراطورية العربية الإسلامية وواضع أركان الحكم الملكي الوراثي لعرش هذه الامبراطورية الواسعة وفي حادث طريف تروي لنا قصص التاريخ ذاك، كيف أورث معاوية عرشه لأبنه يزيد " ... أرسل معاوية إلى وجوه الناس فأحضرهم بمجلسه... قام يزيد بن المقنع الكندي فقال: أيها الناس! إن أمير المؤمنين هذا - وأشار بيده إلى معاوية - قاد الملك فإذا مات فوارث الملك هذا - وأشار بيده - إلى يزيد فمن أبي فهذا - وأشار بيده إلى السيف. فقال له معاوية: اجلس فأنت سيد الخطباء" 1.
تواجه معاوية مع الحسن بن علي، بعد إن بايع الأخير كثير من الناس وحصلت بما يشبه ازدواج السلطة بين سلطة معاوية في الشام وسلطة الحسن في الحجاز واليمن والعراق وخراسان، استطاع معاوية بدهائه المعهود وطرقه الميكافيلية أن يتصالح مع الحسن ويجرده من السلطة، ويسترضيه بأن يوصي للخلافة من بعده إليه، مع أموال وهدايا كثيرة ويقال في بعض المصادر نساء أيضاً، وبعد ذلك سممه وتخلص منه عن طريق زوجته جعدة بنت الأشعث.
وصالح الحسين من بعد موت الحسن ومنحه الهدايا السخية يذكر " أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن الحسين (ع) أنّه كتب كتاباً إلى معاوية، وذكر الكتاب وفيه تقريع عظيم وتوبيخ بليغ، قال: فما كتب إليه معاوية بشيء يسوؤه، وكان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض وهدايا من كلّ ضرب"2 وهادنه على هذا الأساس أن لا يقيم الدعوة لنفسه للمطالبة بالحكم، وبموت معاوية انقضت الهدنة وخرج الحسين معلناً الجهاد " للعراق مستنصراً بشيعته"، وممتنعاً عن البيعة ليزيد.
خرج من مكة بعد موسم الحج، ومن هناك ارسل أبن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليدعوهم إلى الاستعداد لإعلان البيعة للحسين، وهؤلاء المبايعون للحسين انفضوا عنه بلمح البصر ما أن أدركت السلطة خبر وجود تمرد بالكوفة، وتعرضهم لقمع شديد، وظل أبن عقيل لوحده يقاتل وأنتهى نهاية مأساوية "ولما تزايد عدد المبايعين لمسلم انتشر أمره وفشا بين الناس، وكان لا بد للسلطة الأموية من أن تعلم.. واقتادوا ابن عقيل إلى قصر الإمارة حيث عبيد الله بن زياد الذي لم يكترث للأمان الذي وُعِدَ به ابن عقيل فأمر بقتله ورموه من فوق القصر.."، يقول الشريف المرتضى وهو المنحدر من السلالة الحسينية في كتابه (تنزيه الأنبياء) 3 كاشفاً التفاصيل الحقيقية للحادثة، قبل، وبخلاف ما ترويه مرويات ومبالغات المتاجرون بها قائلاً:".. لما عرف (الحسين) بقتل مسلم بن عقيل أشير عليه بالعودة فوثب اليه بنو عقيل وقالوا والله لا ننصرف حتى ندرك ثأرنا او نذوق ما ذاق أبونا فقال (ع) لا خير في العيش بعد هؤلاء ثم لحقه الحر بن يزيد ومن معه من الرجال الذين انفذهم ابن زياد ومنعه من الانصراف وسامه ان يقدمه على ابن زياد نازلاً على حكمه فامتنع ولما رأى لا سبيل له الى العودة ولا الى دخول الكوفة سلك طريق الشام سائراً نحو يزيد لعلمه بأنه على ما به أرق من أبن زياد واصحابه سار (ع) حتى قدم عليه عمر بن سعد في العسكر العظيم 4 وكان من امره ما قد ذكر وسطر فكيف يقال انه القى بيده الى التهلكة وقد روى انه (ع) قال لعمر بن سعد اختاروا مني اما الرجوع الى المكان الذي أقبلت منه او ان اضع يدي في يد ابن عمي ليرى فيّ رأيه وأما ان تسيروني الى ثغر من ثغور المسلمين فأكون رجلا من اهله لي ماله وعليّ ما عليه وان عمر كتب الى عبيد الله بن زياد بما سئل فأبى عليه وكاتبه بالمناجزة.."
يظهر من هذا النص وغيره من النصوص المعاصرة للواقعة أي ما يُعرف بالكتب المتقدمة، إن الحسين ما كان راغباً بالدخول في مواجهة عسكرية غير متكافئة وأنه كان يركن للسلامة وحقن دماء ذويه وأقاربه وأصحابه، وكان يرى بيزيد بن معاوية أبن عم له، يمكن التفاوض معه وعلى ما كان من سوء بنظر الحسين، فهو خيراً من الجماعة التي تلقته في صحراء الكوفة وعلى رأسهم عبيد الله بن زياد المعروف بأبن مرجانة 5، ولم يكن الحسين خارجاً من أجل الشهادة، ولم ترد عبارة "هيهات منّا الذلة" في جميع المصادر والكتب المتقدمة، وما جاء من مبالغات وافتراءات هي من صنع المؤسسة الدينية المتأخرة، وخطبائها وقراء المنابر المعروفين بالتهويل والخرافة.
وابن زياد هذا قد ولّاه علي بن ابي طالب على ولاية خراسان في عهد خلافته، وقد استخدم البطش الشديد في اخضاع اهل بلاد خراسان للخلافة، وعلي امتدح بأسه في فرض السلطان على خراسان، وهو عبارة عن آلة صماء في تنفيذ الأوامر التي تصدر من ولاة الأمر، مثلما نفذ أوامر يزيد في عمل مجزرة بشعة بالحسين وأفراد عائلته وأصحابه، لم ينجُ منها حتى الطفل الرضيع، والمستغرب عن علي الذي تقول عنه مرويات الشيعة إنه كان يعلم بالغيب، ألم يعلمه الغيب آنذاك بالكارثة التي ستقع على أبناءه على يد واليه الصارم بعد عقود.
المأساة التي حصلت في كربلاء نجد تفسيرها في شخصية الحسين نفسه، فهو شخص نرجسي يعود شعوره هذا إلى مكانته كونه حفيد النبي ووفق هذه المكانة يسهل عليه التصور بأنه سيّد على الآخرين، وفي ذات الوقت تعوز شخصيته الحنكة السياسية وقصر النظر، وإلا لما كان يهاجم معاوية من جهة ويستلم منه ملايين الدراهم والهدايا من جهة ثانية، بل وفي مرة من المرات " .. وفد على معاوية وتوجه غازياً إلى القسطنطينية في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية" 6، توجه غازياً مع أبن عمه وتحت أمرته، فكيف يستقيم الكلام هنا مع ما نُسب إليه من قول: "مثلي لا يبايع مثله"، عندما رفض الحسين مبايعة يزيد حسب احدى الروايات ؟ ويظهر إن يزيد قد هاله روع ما حصل في المجزرة، واعتذر لعلي السجاد بن الحسين " دعا (يزيد) علي بن الحسين عليهما السلام فاستخلاه ثم قال له: لعن الله ابن مرجانة، أم والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة أبدا إلا أعطيته إياها، و لدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت، ولكن الله قضى ما رأيت؟ كاتبني من المدينة وأنه كل حاجة تكون لك. وتقدم بكسوته وكسوة أهله.."7. ، وهنا تظهر كذب رواية المنابر التي تقول أخذ يزيد يضرب بقضيب بيده رأس الحسين.
ونجد الكثير من القصص المسطرة على مر قرون قد أضيفت على واقعة كربلاء ومعناها الحقيقي، ورجال الدين يلزمون المؤسسة الدينية بعدم إظهار الحقائق إمعاناً بتجهيل اتباعهم كما نشاهد كل يوم من ممارسة فنون الجهل والحماقات إلى حدود تبعث على القرف، بحجة العقائد الحسينية " ..قال المرحوم القمّيّ مخاطباً المرحوم الأمين: لِمَ ذكرتَ في كتاب "أعيان الشيعة" بيعة الإمام زين العابدين عليه السلام ليزيد بن معاوية عليه وعلى أبيه اللعنة والهاوية ؟!.. قال المرحوم القمّيّ: لا يصلح ذكر هذه الأُمور وإن كانت ثابتة، لأنّها تؤدّي إلى ضعف عقائد الناس . وينبغي دائماً أن تُذكر الوقائع التي لا تتنافى مع عقيدة الناس." 8
من هذا الحوار بين المراجع الكبار الموجهين للمذهب الشيعي، يظهر لنا مدى السهولة لديهم لطمس الحقائق والكذب، من أجل أن لا تنكشف رواية المؤسسة الحوزوية المرتجلة عن هذا الحدث، والتي رُسخت عبر أجيال من قراء المنابر المطبلين في أذهان البسطاء، لتعتبر فيما بعد وكأنها "عقائد الناس". ولا تخفى مصلحتهم في لي عنق الحقائق وتأطيرها في إطارهم من أجل إثارة عواطف البسطاء والظهور بمظهر المدافع عن المظلومين، ولإدامة هذه المؤسسة من أموال الأتباع وتبرعاتهم الهائلة، لتمتلئ خزائن المال والهدايا السخية، باسم عقائد الناس الملفقة.


- كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٣


- الحر العاملي، وسائل الشيعة، مطبعة مهر- قم، 1414 هجرية، الجزء 17، صفحة 217.
- الشريف المرتضى، تنزيه الانبياء فصل بيان الاسباب في قدوم الحسين الكوفة وقتاله صفحة 223، المطبعة الحيدرية النجف عام 1961.
- تقول المصادر المعاصرة للحادثة، أن عدد جيش ابن زياد يتراوح بين 500 مقاتل، ومصدر يقول 1500، ومصدر ثالث يقول 3000 مقاتل، ولم يكن مؤلف من عشرات أو مئات الآلاف.
- كونه ولد نتيجة زواج الرهط Polyandry)) أي مجهول الأب، "عُرف قبل الإسلام أنه زواج يجتمع فيه الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، وذلك برضاء منها وتواطؤ بينهم وبينها، فإذا حملت ووضعت، أرسلت إليهم.. فتقول لهم: ..قد ولدت، ثم تسمي أحدهم وتقول له: فهو ابنك يا فلان". يُنظر المفصل في تاريخ العرب، جواد علي، ج 10، الفصل 57، صفحة 211.
- تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ١٤ - الصفحة ١١١، المكتبة الشيعية الرقمية.


- كتاب الإرشاد - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ١٢٢، المكتبة الشيعية الرقمية.
- مركز الابحاث العقائدية الرقمي، رأي الشيخ عباس القمي في بيعة الإمام السجّاد (عليه السلام) ليزيد وجوابه.



#منير_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرجعية وقطاع الطرق


المزيد.....




- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...
- الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منير صادق - ما حصل في كربلاء ثورة، أم محاولة انقلاب فاشلة؟