آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8072 - 2024 / 8 / 17 - 12:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اياك والمظلومية، انتبه، المظلومية فخ، سيتبعها الركوع وتقبيل الأقدام.
وستتمتع بالخضوع كعبد ذليل، بعدها لن تقف على قدميك، سيبقى وجهك وانفاسك يعشقان رائحة المستنقعات.
ولا ترهن نفسك لفكر عبودي، لفكر خنوع يدعوك أن تبقى عبدًا لرمز ما، شخصية ما، لعقل ما أو فلسفة ما.
إذا دعاك الله أن تعبده، ابصق عليه، ارمه بحذائك، بعدها ارفع رأسك وغني مع ضوء الشمس.
لم يهزمني أو يكسرني إلا الضعيف والجاهل.
أتابع على اليوتوب البرامج الفلسفية الممتعة بالرغم من أن عدد المذيعين المقدمين لهذه البرامج لا يتجاوز عدد أصابع اليد.
برامج غنية جدًا، تتناول الفلاسفة الأغريق، الرومانية فلاسفة الحداثو وما بعد الحداثة وما بعد بعد الحداثة، والفلاسفة العرب والمسلمين، والمواضيع والصراعات التي كانوا داخلين فيها وفق ما كان في زمانهم، وحواراتهم حول الوجود والحياة والموت والكون ووالشمس والقمر وبقية الكواكب.
لكن هناك دملة مملوءة بالقيح منتشرة بين مقدمي البرامج الدينية، المسيحية الإسلامية، يتسابقون على تقديم التفاهات، ويتنافسون على من يروض هذا الإنسان أو ذاك وجلبه لدينه، ونسمع منهم أن هذا تحول إلى الإسلام وذاك إلى المسيحية، وهكذا وخاصة جماعة مصر، وتحت إشراف الدولة المصرية المتفرغة للتفاهات والخزعبلات.
ومصر أصبحت دولة مديونة وشحادة، وبدلا من التركيز على العمل وتنظيم العمل والمؤسسات تذهب مع الأزهر لإعلاء شأن هذه الصراعات التحت سياسية بين أبناء المجتمع الواحد لتمزيقه.
دائمًا القطيع يرنو نحو الامتثال والخضوع، يشعر بالأمان في فشاء العبودية على حساب الحرية والاستقلال والجمال.
أغلب الناس امتثاليون، لهذا فإن مشرط السلطة، سكينها، عمل تاريخيًا ولا يزال يعمل على التقطيع، وتمزيق الكيانات الاجتماعية وإخراجها من الفاعلية العامة ليبقوا فرادا لا حول لهم ولا قوة.
لدى السلطة دراسات كثيرة ومكثفة حول السيكولوجية العمومية للناس، كالخوف الوجود، الخوف من الوحدة، العزلة، الخوف من المجهول، من الموت.
إن العزف على وتر الخوف يجعل المجتمع ضعيفًا مستسلمًا، يلجأ إلى الامتثال والانسحاب من الشأن العام لمصلحة الذات الخائفة الخاضعة.
اعتبر الثياب ومنها الحجاب أو النقاب أو العري حرية شخصية للإنسان، وهذا حق من حقوقه.
الخلاف بيني وبين الأخرين لا يدخل في هذا الجانب، أنما يذهب إلى البعد السياسي لهذا الأمر.
علينا أن لا نخلط بين السياسي والشخصي، حتى لا نقع في مطب الجهل أو عدم الفهم.
عندما تتناول الحجاب أو المثلية الجنسية أو غيرها من الظواهر الاجتماعية كفعل سياسي وتضعه أمامك كرمز سياسي وتسويق سياسي.
بهذه الحالة، سأحاربك. وسأشهر قلمي في وجهك، وقتها لن يهمني شعورك النفسي أو العقلي أو العاطفي.
السياسي لا رحمة فيه ولا شفقة، إنه صراع مهما كان مصدره أو تسويقه.
لست ضد المثلية، أنه شأن شخصي للغاية ويدعو للحزن.
أنا ضدها عندما تتخذها الولايات المتحدة كرافعة سياسية رخيصة، عندما تجردها من الشخصي، وتعومها، وتحولها وتضعها في الفضاء العام، وتسوقها بابتذال ورخص، وتطلب منا كدول ومجتمع أن نقبل بها.
وهذا ينطبق على الحجاب أيضًا، أنا ضدك عندما تحمله بعد سياسي أو رمز سياسي وأيديولوجي، ولا خلاف معك إذا كنت ترتديه كشيء مستحب وفيه رغبة شخصية.
بيني وبينك هو السياسي، والسياسي فقط. ولن اتنازل عن حقي في الدفاع عن رأي.
إن ظاهرة القصاص والقمع ولد مع ظاهرة السلطة وتطورها.
عندما نهم في تحليل ظاهرة السجن، السجان يحتاج الامر منّا أن نغوص أكثر، أن ننزل إلى القاع، إلى تحليل ظاهرة السلطة، لأن العلاقة بينهما وشيجة متكاملة، بمعنى لا يوجد سجن أو سجان دون وجود السلطة.
والميدان الأول لأيديولوجية السلطة هو السجن، وبهذه الحالة لا يهم انتماء السجين عندما نحلل ظاهرة السجن.
السجين أو المعذب، هو نتاج السلطة، تقع عليه حمولتها المباشرة وقسوتها الشديدة.
تحليل ظاهرة السجن، السجين، المعذب يحتاج إلى تحليل ظاهرة السلطة.
إن السلطة كظاهرة تاريخية تحتاج إلى تحليل عميق، إلى "تفكيك مفهومي" ليصبح المدخل الأول لوضع المدماك الأول للبناء، لبناء "نظام مفهومي متكامل"، يستطيع نقل البشرية إلى واقع موضوعي مختلف عما هو عليه اليوم.
عندما تجهز جيشًا لمقاتلة عدو ما، ثم يختفي هذا العدو، أو ينسحب أو يستسلم.
هذا سيجعل الجيش المجهز للقتال أن يبحث عن عدو أخر. لإن الذين تحت السلاح لا يمكن أرسالهم إلى بيوتهم أو الطلب منهم أن يسرحوا من وظائفهم القتالية، هذا محال، ربما ينقلبوا على السياسة ويتولوا السلطة.
بتقديري أن انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان كان مدروسًا بدقة، أن يسلم لبنان لحزب الله، الطائفي الميليشوي التابع والذليل للولي الفقيه سيتحول إلى دولة داخل دولة.
حزب الله، اسوأ منتج سياسي معاصر، مغرق في الفساد والطائفية، ذا تكوين بدوي ذليل، هدم لبنان وخربه عن بكره أبيه، حمى وما زال يحمي اللصوص والفاسدين وينفذ أجندة إيران الطائفية.
لقد تم سرقة 49 مليار دولار من لبنان هذا العام بأشراف هذا الحزب الوسخ.
اللعنة عليك يا حسن نصر وعلى سيدك الكريه خامئني.
يا حسن نصر الله أنت مستمر وباق برعاية وجود إسرائيل، ولن يحل مشكلة لبنان بوجودك.
لبنان الذي كان جميلًا، وبدأ يموت بسببك يوميًا. بسبب فسادك وهمجيتك وقلة أخلاقك.
مؤتمر الطائف هو منتج أمريكي، حافظ اسدي كريه، جلبك ووضعك في لبنان لتدمره.
آلية النص متحرك، إنه كالزئبق لا يمكن الركون إليه أو القبض عليه لا في زمانه ولا في زمن آخر.
إن هشاشة النص انعكاس أمين لهشاشة الواقع.
كل النصوص تقرأ، وكل قراءة نص آخر.
ما هو النص عندما تقرأه؟ ما هو النص عندما يقرأه الآخر؟
هل النص، هو النص ذاته، عندما يتناوله أثنان من البشر؟
وهل ما يقرأه الأثنان هو النص ذاته الذي يقرأه الثالث، أم هي قراءة جديدة؟
هل قارئ النص في القرن السابع الميلادي هو القارئ ذاته في القرن العاشر؟ وهل هو ذاته القارئ اليوم؟
إذا كانت قراءة النص تختلف من إنسان إلى آخر، كيف يمكننا القبض على النص الأصلي؟
وهل النص الأصلي هو ذاته النص الأصلي؟
من الذي يفرض المعنى على الآخر، النص أم الواقع؟
من أين جاء النص؟
النص يحاكي الواقع ويستنبط منه معانيه وأدواته، وعليه يسقط ذاته.
لا يوجد نص دون واقع. ولم يكن ليكون هناك نص لولا حركة التاريخ والمجتمع.
إنه يتحرك بناء على تاريخية البشر وفي علاقتهم بالعمل والإنتاج والقوى المتحكمة بالسلطة.
إن الواقع هو صانع النص، لأنه يمثله ويتمثله ويتغذى عليه، وينفصل عنه.
إن إحالة النص إلى السماء هو تغييب للواقع، تورية أو حجاب. والتفاف عليه.
وعمليًا الواقع مغيب إلى هذه اللحظة.
إن الذي نراه غير الذي نراه. إن ما نراه هو ظل الصورة أو ظاهرها.
فالنص ضروري جدًا، بيد أنه مخبأ. إنه يخفي نفسه عن نفسه. هذه طبيعته.
ويتم إخفاء ممارساته، بفعل فاعل حتى في أرقى الدول الديمقراطية.
إن النص الديني ظاهرة تاريخية سواء أردنا أم لم نرد، وضرورة وحاجة للقوى المتحكمة بالدولة والمجتمع، ومصائر البشرية، وخاصة البسطاء.
علينا أن لا نخاف من كتابة التجارب القاسية التي نمر بها في الحياة كالسجن مثلًا. إن نكتبها بصدق وأمانة ودون خوف من رجم المجتمع لنا.
إن نعري ضعفنا الإنساني. وإن نعرض هذا الضعف أمام العامة.
إن لا نخاف من كسر هيبة هذه النفس المتعالية، الكاذبة المملوءة بالذل والإنكسار.
إن المجتمع المريض لن يتعافى إلا إذا كسر هذه الذات المصابة بداء العظمة.
وداء العظمة هو نتاج واقع اجتماعي سياسي ثقافي مريض.
إن إنكسار المرء ليس إنكسارًا فرديًا على الاطلاق.
في المشرحة وعلى المنصة العامة، سيرى كل فرد نفسه، لهذا علينا أن لا نخاف أن نتعرى أمام أنفسنا والآخرين.
إن لا نخاف أن نبان على حقيقتنا، لأننا جزء من حقيقة عامة.
إن الانكشاف والتعرية، هو تعريفنا بأنفسنا، من خلال العذاب أو الألم الذي مررنا به.
لا يوجد إنسان في عالمنا العربي ليس مريضًا، وطبعًا الأغلبية يعيشون في الهواء الطلق ويمارسون حياتهم بالعرض والطول.
إن الحصر والكبت والحرمان والكذب والخيانة والخداع والعادات والتقاليد والدين والكره والسرقة، أمراض تصيب المجتمع، وتهز مكوناته.
وجميع هذه الظواهر هي نتاج ايديولوجية السلطة، القصاص الذي توقعه بالمعذب، حرمانه من الحصول على حقه في الحياة.
ابن أختي شاب في السابعة عشرة من العمر.
البارحة كان لديه لقاءًا مع نائب رئيس حزبه، العضو في البرلمان الأوروبي.
ارتدى أجمل ثيابه بسعادة وفرح، وتأمل نفسه في المرآة بثقة، رأى ملامحه والنضارة التي تشع من عينه ووجهه. وذهب للتحضير لمؤتمر الحزب ولقاء بقية اعضاء الحزب من الشباب الصغار في وضح النهار وتحت ظل الكاميرا والصحافيين وتحت سماء الشمس المشرقة.
الديمقراطية تمنح الإنسان القدرة على التفكير الحر والتطلع إلى المستقبل بعيون مشبعة بالأمل
عندما كنت في مثل عمره كنت أحمل الجرائد بشكل سري جدًا وتحت ظل الخوف والتوجس من الاعتقال لأعطيها للناس الموثوقين بهم جدًا. وأي خطأ سيكون هناك زنزانة وتحقيق وتعذيب وسجن طويل ودمار المستقبل وتشوه نفسي وعقلي واجتماعي.
المقارنة ظالمة بين النظم الاستبدادية والديمقراطية، بين من يتقوقع على ذاته وبين المنفتح على الحياة.
إن الديمقراطية هي إرث اجتماعي وسياسي وحضاري ورؤية معتدلة للحياة والمجتمع والقيم والدين والأخلاق.
وإن الوصول إليها نحتاج إلى قيم ثقافية مغايرة عم هو سائد وعقل منفتح، ورمي الحمولات الدينية القديمة جانبًا من أجل التصالح مع العصر وقيمه.
الدين حمولة ثقافية ماضوية لهذا يجب أن يبقى تحت السياسي. وإن يبقى جزءًا من المجتمع المدني مثله مثل النادي الرياضي أو الجمعيات الخيرية في ظل الدولة الديمقراطية.
الانتخابات هو صراع سياسي في وضح النهار، فيه تحمل سيفك في قلبك في ورقة وتضعها في الصندوق لتختار حزبًا يمثل مصالحك وأفكارك وقناعاتك.
في شهر أيلول القادم سيكون لدينا في السويد انتخابات برلمانية وبلدية في ظل انقسام سياسي واجتماعي حاد بين اقصى اليمين والوسط واليسار ستفرز خلاله حكومة وبرلمان وقوى ستحكم في السنوات الأربع القادمة.
الكثير من القادمين الجدد إلى هذا البلد لا يدركون مصالحهم ولا يكلفون خاطرهم الذهاب للتصويت لنقص الإرث الحضاري في تكوينهم الاجتماعي. ولعدم احترامهم لذاتهم لإعتقادهم إنهم شيء نافل وأن صوتهم لا قيمة له. واحيانًا كثيرة يصوتون للأحزاب التي تعمل ضد مصالحهم.
لدينا حزبًا اسمه السويد الديمقراطي معادي للديقراطية والأجانب من أمثالنا ويعتبر ثاني حزب يمكنه الوصول إلى السلطة حسب استطلاعات الرأي.
ووصوله إلى السلطة سيحد من مكتسباتنا.
نأمل من العرب الذين لجأوا إلى السويد أن ينتخبوا ويقفوا إلى جانب الأحزاب المعتدلة والتي تدافع عن مصالحهم.
من أجل الديمقراطية وبناء دولة المواطنة دفع الشعب السوري من حياة أبناءه مئات الآلاف من المعتقلين السياسيين ومئات الآلاف من الشهداء وملايين المشوهين والمشردين واللاجئين عدا عن دمار سوريا وتمزق نسيجها الوطني والاجتماعي.
لهذا لا تستهن بالديمقراطية والمكتسبات الحاصلة عليها في السويد. وإن وصول الحزب اليميني، حزب السويد الديمقراطي، سيغير الكثير من القوانين التي ستضر بك وبمستقبلك.
ماذا ترك بشار لنيرون؟ وماذا تركت امريكا لهتلر من بشاعة؟.
كأن الصراع العبثي المسلح بين النظم الحاكمة في العالم من جهة, والمجتمعات الفقيرة والمهمشة من جهة أخرى, سيبقى إلى أن تتخلخل هذه المعادلة.
هذا الصراع أضحى مازة لهذه النظم المخابراتية القذرة, طاولة مستديرة, يتلذذون في جلساتهم حولها, يرفعون أنخاب الدم, يسكرون ويعبثون, فوق جثث ضحاياهم, من الأطفال والنساء والشيوخ.
إننا كمجتمعات مجرد أرقام هامشية لا قيمة مادية أو معنوية لنا.
الاستبداد بنية, مفرخة, يتناسلون من بعضهم, النظم, الطوائف والعشائر والمذاهب.
الاستبداد منظومة متكاملة, رفض كامل لمفهوم الدولة, الوطن. بالنسبة لي الفرق بين النظم العربية الحاكمة وداعش هو نسبي وليس جوهري, كلاهما يرفضان دولة المواطنة وحقوق الأخر في العيش في ظل وطن للجميع
الدين حمولة سياسية, يستطيع صانع القرار أن يوظفه متى شاء, وفي أي وقت, حسب متطلبات الحاجات السياسية المحلية والاقليمية والدولية.
المشكلة أن الأنبياء والرسل, بشرونا بالأفراح, بالأمل, بالخلاص, بالحياة الجميلة. في هذا الزمن, ماذا سيقولون لنا, لو كانوا بيننا؟
المثقف في مجتماتنا, منفصل عن زمن الناس. لا يهمه وطن, مجتمع, بناء دولة وطنية أو ما شابه ذلك. إنه يفكر في المكاسب السريعة. ولا وقت لديه يضيعه في أشياء لا تثمر على المدى المنظور. ثم أضاف:
ـ إنه يفكر في صهباء.
قالوا:
من هي صهباء يا طويل العمر, والصليبيين على الأبواب. قال:
ـ إنها عشيقة السلطان, يفضلها على حماية الحدود.
تبقى نظراتي معلقة على البحر, زرقة السماء, رشاقة النوارس:
ـ إنه بشوش, هذا الماء المالح, يا أبنتي, يسقينا الموج وأحذية الجنود. هذه المدينة حيرة القاتل. نصل سكينه, لن يصل إلينا.
في ذلك الزمن المفتوح على بعضه, كان فضاء العقل الإنساني مفتوحًا على مصراعيه, يبحث عن الحقيقة في زمن الآلهة الأحرار, المتعددين. الموسيقى جزء من تلك, تبحث عن مد خطاها في عمق الأرض وشرايين الإنسان. زمن الانفتاح والتداخل الفلسفي والفني والأدبي.
شففي أن أعرف, أسباب وزمن نشوء الفرق الموسيقية ومسيرتها التاريخية وعلاقتها بالآلهة والمعابد, المرأة والملاحم, المسرح, الرقص والرسم والنحت. درست, الأوزان الموسيقية, زمن ظهورها, تشكلها. الألحان القديمة, الألحان المعقدة بكتاباتها وعلاماتها. الأبجدية الموسيقية وتاريخها, وتاريخيتها, المقامات الموسيقية. زمن دمج الموسيقى المحلية بالعالمية, الأغريقية والرومانية والبيزنطية. وربطه بالمسرح والشعر والملحمة.
أكاد, أقول, الإنسان مصنوع من رموز وإشارات من خلالهما يخفي عريه وعيبه, هزاله وضعفه.
قلنا سابقًا, هذا التاريخ ليس لنا, منا. هو تاريخ سلط, صراعهم من أجل السيطرة, الملك, النفوذ. كنا وما زلنا وقود لهؤلاء المجرمين. الذي ينتصر منهم, يصبح أبًا لك, لي, لأولادك, أولادي.
لننظر في هذه المعمة اليوم, التي تحدث تحت مرمى النظر, القتل, الذبح, الحرق. لو حدث هذا قبل ألف, ألفي سنة, لكان المنتصر هو جدي, جدك, ولفرض ثقافته, أمراضه على الجميع, ولتغنينا ببطولاتهم وأمجادهم. ولكنا رفعنا رؤوسنا بشموخ لعظمة انتصاراتهم
عندما تكون القوى السياسية عاجزة عن إنتاج فكر وغير قادرة على قيادة مرحلة تاريخية مهمة وصعبة تلجأ إلى الشتائم لتغطي عيوبها وعجزها..
لماذا نخُضع للنص ما دمنا لا نقبض عليه، ولا يقبض على ذاته؟
النص يجري إلى لا مستقر، هذه هي طبيعته، نجري وراءه في محاولة القبض عليه، بيد أنه كالماء ينسل من بين أيدينا ويرحل عنا كالبرق.
كيف استطاع الإنسان عبر التاريخ أن يخضع النص، يروضه كما تروض النعاج؟
وهل يروض الذي لا يروض؟ أليس هذا إقحام، كبح جماح النص، كبت، ردع حركة التاريخ والمجتمع والزمن؟
إن إخضاع النص كان المدخل الأول للعبودية.
إن إخضاع الذي لا يخضع، حول الإنسان إلى شيء نافل، عطل مداركه وحواسه وفكره وتقدمه وتكوينه
النص مغموس في الزمن، يسير إلى جواره، واحيانا يسبقه، دون أن يقبض على ذاته.
النص ابن الحرية، أنه يرفرف في الفضاء كالطيور.
المتدين يريدوه مغلقًا، صنمًا، لا يتغير ولا يتبدل، لا يمر عليه الزمن ولا الهواء المتجدد، لهذا تنهار المجتمعات التي تحنط المقدس. لنلق نظرة على عصرنا، انه يتجه إلى تصنيم الثقافة والإبداع، وحرفه عن غايته. الثقافة في عصرنا مريضة، انها تحتضر، تتجه لتصبح على شاكلة المهيمنين على السياسة العالمية
أغلب الناس في العالم الإسلامي، هلل لانتصار طالبان، بالرغم من أن هذه الحركة عنيفة جدًا، وليس لديها برنامج سياسي او اقتصادي أو اجتماعي.
وبتقديري هناك أتفاق مشبوه بينها وبين الولايات المتحدة، سنرى أدوارها القميئة في الزمن القادم.
طالبان حركة سياسية سواء تلبست بالدين أو لم تتلبس، والقائمين عليها سياسيين، بمعنى لديهم مصالحهم ورغباتهم، يريدون الوصول إلى المكانة والثروة، وترسيخ التراتبية السياسية والاجتماعية، وإذا طال بها الزمن في صيرورتها في السلطة ستتفارق عن نفسها، وسيتفارق الايديولوجي عن السياسي، وستحل البراغماتية الواقعية بدلا عن الخطابات الرنانة التي لا تغني ولا تسمن، وسيحدث فيها انقسام عمودي وأفقي، مثلها مثل أي حركة أيديولوجية عبر التاريخ كله.
السياسي ينظر إلى الملك، من موقع المالك للدولة والمجتمع من اجل الوصول إلى الثروة، خاصة في ظل دولة لا رقابة فيها على الزعماء، ولا مسائلة، ولنا في جميع النخب الحكمة في التاريخ الإسلامي موعظة، منذ محمد بن عبد الله مرورًا بالخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، وإلى اليوم استخدموا السياسة كرافعة للمكانة والثروة.
النصوص المقدسة مضطربة، انتجت، وما زالت تنتج واقعًا اجتماعيًا مضطربًا على مقاسها.
والعلاقة بين النص والواقع علاقة بنيوية فيها وشائج متينة.
لا يوجد نص دون تاريخ.
والنص الذي دون تاريخ، مضمونه لا صله له بوقائع التاريخ، أنه نافل، يحلق في الفضاء كالغبار.
النصوص الواقعية، تقرأ قراءات تاريخية، لأنها تقارب الواقع أو تماثله إلى حد كبير، وربما تقرأه غلط، لكنها تقرأ دون أبعاد مقدسة.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟