كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8071 - 2024 / 8 / 16 - 19:03
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
-هل جرّبت طعم الخيانة؟
-كثيرا...
-و ما كان أقساها؟!
-ابتلعت كل الخيانات إلاّ واحدة.
-وما هي؟
-خيانة العمر.
-كيف؟
-عندما يمرّ بك العمر و أنت سعيد أنّك تكبر وتنضج و تُصارع الأهوال بقوّة فتنكسر حينا ثم تنهض بسرعة لتتحدّى بقوّة أكبر...
و فجأة يخذلك جسدك و تخونك أعضاءك!
تحزن و أنت مندهش: كيف حدث هذا؟؟؟
تحاول أن تفهم...
لكأنكَ لم تعد أنت!
ها أنت تطرق، من غير أن تعلم، على باب العواجيز...و ها قد صرت تحتاج عكاكيز لتعيش كما كنت تعيش.
أين الصِّغر وخفّته؟ أين الشباب وقوّته؟؟؟
معدتك التي طالما دلّلتها باللّذائذ و الأطايب تكافئك بالألم و الحرقة و بالعصيان لأمرك و شهاويك...
شعرك الجميل المنسدل يستسلم لغزو الأبيض فيفقد لونه و بريقه الأصلي...
أسنانك الحلوة تبدأ بمغادرة فمك الواحدة خلف الأخرى: لكَم أنهكتها عملا،،،لكَم خرّبتها بالحلوى...هل كنت تظنها بالحلاوة لا تَخْرَبْ؟!
بصرك الحاد صار من أضعف إلى أضعف و سمعك ما عاد كما كان سمعك!
انظر، يا هذا، كيف صار يرتخي جلدك!
انظر كيف صارت تَهِنُ رِجلك!
إنّه عمرك حين يغدر و لا يعتذر و لا يرجع.
يغرّك في صغرك فلا تهتم لأمره حتى إذا جاء الأمر أراك وجهه الأخطر.
و تكتشف أنّك عِشْتَ عمرا من المصاعب... فخانوك و غدروك و خذلوك و لكن لا أشرس و لا أمَرّ من غدر العمر و خذلان الجسد و أعضاؤه.
لا أعظم خيانة، يا عمري، من خيانة الدّاخل!
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟