مشروع «بزاف»: قراءة ووجهة نظر

حوران حم

الحوار المتمدن-العدد: 8071 - 2024 / 8 / 16 - 15:29
المحور: القضية الكردية
    

قدّم مشروع «بزاف» من خلال طبقة من المستقلّين رؤية سياسية واضحة لحلّ القضية الكردية والوطنية، وقد وجّه نداء إلى كل من: الشعب الكردي السوري بكل طبقاته الاجتماعية وفئاته وتياراته السياسية، وجميع قوى الثورة والتغيير، بكل مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية الطامحين إلى وطن حرّ ديمقراطي تشاركي، والأشقّاء في إقليم كردستان العراق وجميع تيارات الحركة التحرّرية الكردية في الأجزاء الأخرى، وإلى أصدقاء الشعب السوري وكل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالقضية السورية، وذلك لعقد «مؤتمر وطني كردي سوري» للإنقاذ، وهناك عدد من الأطروحات أو أفكار ونقاط سياسية مذكورة في الدعوة لخلاص شعبنا الكردي من محنته وتحقيق طموحاته المشروعة في تنفيذ المهام الإنقاذية، وقد قرأت نداءه، ولي معرفة سياسية به؛ لكوني تلميذ أفكاره وعمله السياسي في التنظيم، الذي كنا نناضل فيه معاً، وحللت نداءه.

إن التاريخ يذكرنا بالمشاركة الكردية في مسألة القضية الوطنية، ومنذ بداية تشكيل أول حزب كردي كنا من أوائل الحريصين على القضية الوطنية ضمن برامجنا الحزبية، وفي فترة الثورة السورية كنا وما زلنا ندافع عن الحالة الوطنية، ولكن السؤال: أين موقف الطرف الثاني – أقصد المعارضة السورية – من القضية الكردية وحلّها ضمن الحالة الوطنية؟ وهي قضية شعب بامتياز، له تاريخ وحضارة وثقافة ولغة وتراث يمتد لآلاف السنين، لا أرى أي رؤية منهم، خاصة بعد مضي ثلاث عشرة سنة من عمر الثورة السورية، وهناك الكثير منهم انكشف المستور عنهم وانفضح بفساد أو بخيانة، ولا يوجد أي اختلاف في رؤيتهم عن النظام المستبد.
هنا؛ لا أختلف معكم في إسقاط النظام المستبد، ومن خلال ذلك سيتم حلّ الكثير من الأمور، والحل يكمن في أن تكون سوريا ديمقراطية تعددية برلمانية لا مركزية، ومنح الكرد كما بقية الأقليات والقوميات الأخرى حقهم، وفقاً لمبدأ حق تقرير المصير، كما تضمّنتها العهود والمواثيق الدولية، وأنتم كنتم من الأوائل ممَن طرحوا هذا الحق المشروع للكرد.

إن طرح مسألة إقرار فشل الحركة الكردية بمجلسيه أو بطرفيه المتصارعين باتت حالة ضرورية، فالشارع الكردي برمّته يرى أن القطبين السياسيين الكرديين يتحمّلان الأخطاء والجرائم والحروب التي ارتكبت بحق الشعب الكردي، القطبان اللذان أفشلا جميع المشاريع والخطط لتقديم الكرد نحو بناء حياتهم، حيث أبعدا الشارع الكردي بحراكه وفكره عن مسار الثورة السورية، وهذا ما لا يتحمله الشعب والقضية معاً، ولكن كان للطرف الأخير (ذاك الذي يدّعي إيمانه بالبارزانية والكرداياتية) ظروفه وحرصه على قضيته وشعبه وعدم الانجرار إلى الاقتتال الكردي – الكردي، والذي أدى بمصيره إلى الفشل.

وفي المستقبل أرى أن القضية الكُردية لن تكون للمستبدين بالوكالة عن النظام، ونفي حالة الأحزاب وإبعادهم من المشروع الذي رسمناه، وهو بمنظوري تكون حالة واقعية بصبغة جديدة، وبعد معاناة الشعب الكردي من التهجير والإقصاء والترهيب من قبل حاملي السلاح، يجب أن يكون هناك طرح مع جميع الأحزاب السياسية والحركات الشبابية والمنظمات المدنية والجمعيات الثقافية والاجتماعية والخيرية والمستقلين ومنظمات المرأة، لتكون مشروعاً فعّالاً بكل معنى الكلمة لخدمة القضية والشعب.

أما أنني لا أختلف معكم، فمن الضروري إعادة الاعتبار للشخصية الوطنية الكردية السورية المستقلة، التي تم العبث بها وجوداً ومصيراً وقراراً، وإعادة التوازن نتيجة الخلل الحاصل بين الجانبين الوطني والقومي، وإيلاء الأهمية للبعد الوطني، حيث بلادنا في ثورة، ومقبلة على تغييرات جذرية تقتضي المزيد من المساهمة والحضور للتمكن من نيل الاستحقاقات الحاسمة في المستقبل القريب.

أما ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة بعد الاتفاق الأمريكي – الإيراني بشأن الملف النووي الإيراني ونشره، وله خلفيات وتداعيات كبيرة على المنطقة، وعدم استقرار الدولة التركية بشأن ما حصل في الفترة الأخيرة من عملية السلام الكردي – التركي، وحصول الكرد على 78 مقعداً في البرلمان التركي بعد إجراء الانتخابات والمتمثلة آنذاك بحزب الشعوب الديمقراطية، وهذا ما أدى إلى استفزاز الحكومة التركية، وتبلور مواقف دول الخليج العربي وجامعة الدول العربية من عدم القدرة على حسم مواقفهم مما يجري في المناطق والدول العربية، وحشد الإرهاب، وبدعم من الأنظمة المغتصبة على المناطق الكردية، لكن دعم التحالف الدولي، والمشاركة الفعالة من بيشمركة إقليم كردستان، والذين أثبتوا للعالم أهمية ثوابت ومواقف الكرد من دحر الإرهاب وإيقاف الحروب بالوكالات.

وانطلاقاً من مبادرة حراك بزاف يجب أخذ موقف وتحديد المصير بشأن القضية الكردية، وبمباركة من رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، والذي قدّم أشواطاً كبيرة في حل القضية الكردية، وبقبول أغلب الدول الأوروبية والغربية، وأهمهم أمريكا وفرنسا وألمانيا.

ويجب تحديد موقف محايد تجاه الكرد في سوريا بدون الرجوع إلى الأحزاب المذكورة؛ فهو من الضروري كما ذكرنا نصاً وفكراً في أن المخرج الوحيد من الأزمة والمدخل الوحيد لتحقيق المشروع الوطني هو العمل من أجل توفير الأسباب اللازمة، لعقد مؤتمر وطني كردي سوري جامع لمن يتمسكون بحقوق شعبنا ويؤمنون بمبادئ الثورة السورية في إسقاط الأنظمة المستبدة، وتحقيق التغيير الديمقراطي، ويحترمون العمل الجماعي وأصول الحوار وقبول الآخر المختلف، ويمثلون إرادة شعبنا وطموحاته وأهدافه، وفي المقدمة قوى الحراك الوطني الثوري والمستقلين والفئات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ومناصري الأحزاب في الداخل والخارج، وذلك من خلال لجنة تحضيرية خماسية تتشكل من الموقعين على هذا النداء.

أما بالنسبة لفشل مخطط الدول الإقليمية لدعم القوى الإرهابية لمحاربة الكرد في مناطقهم، ما كان تصدي البيشمركة والقوى الكردية شرساً، وعليه كان ردّ فعل تركيا سلبياً على الواقع الكردي، وإعلان حكومتها فشل خطط السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني وأجنحته، بحجة مهاجمة مواقعها، بينا أصرت قيادة قنديل وبدعم وضغط من مسعود بارزاني لعملية السلام وضرورة استمرارها، وهذا ما يؤكد عدم مصداقية وجدية الحكومة التركية حول عملية السلام بين الطرفين، ولهذا السبب يُطلب من الأمم المتحدة والدول الأوروبية وأمريكا وحلفائها من بذل مزيد من الجهود لتنفيذ مشروع المنطقة العازلة بطول الحدود التركية السورية لحماية المناطق الكردية، وتكون منطقة عازلة للمدنين بعيدة عن الإرهاب والخطط الإقليمية.

وحتى ينجح المؤتمر الذي دعا إليه مشروع بزاف، ويكون عمود أساس لنجاح الكرد في سوريا، أرى من الضروري العمل على الدعوة التي نادى بها مسعود بارزاني، في عقد مؤتمر قومي كردي، ومشاركة جميع الحركات التحررية الكردستانية بأجزائه الأربع؛ لتبنّي رؤية ومشروع مستقبلي كامل وداعم لموقف بارزاني، في إقامة الدولة الكردية، وأن يصبح الحلم واقعاً، بالنسبة للشعب الكردي.

يجب وضع كل الطاقات والإمكانيات من أجل المشروع ونجاحه الفعلي وازدهاره السياسي، كما على الطرف الكردي الآخر المدعوم من كفرسوسة وقم، والذين نحن مختلفون معهم في النهج والرأي أن يدعموا هذا المشروع، وأن يكون له وقْع خاص على الشعب الكردي الذي لا زال يعاني الأمرّين من عدم جديتهم تجاه القضية الكردية، فمنذ بداية الثورة السورية المتمثلة بالانتفاضة الكردية التي انطلقت شرارتها الأولى في قامشلو في 12 آذار 2004م، والشعب السوري عامة والكردي خاصة يعاني من نظام قمعي وصل معه الأمر لدرجة الجنون.

#حوران_حم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات