أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع عشر)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع عشر)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8071 - 2024 / 8 / 16 - 00:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في المحور الخامس، تطرقت بإيجاز الفيلسوفة فرانسيسكا ريفيتي باربو إلى التصور الشامل لكل شيء، معتبرة إياه ضروريا لفهم حريتنا. وحتى تكون لدينا أفكار واضحة عن ماهية حريتنا، يجب علينا أن نلجأ إلى تصور شمولي عن "الكل". هذا ما يمكن النظر إليه بعجالة انطلاقا من التصريحات التي تم الإدلاء بها حتى الآن: مع ذلك سنكون قادرين على فهمه بوضوح، فقط على أساس ما سنقوله في القريب العاجل. إنما بفضل هذا التصور الشامل يمكننا أن ندرك ما هي أسس حريتنا ويمكننا العودة إلى السبب الأساسي الكامن خلف مدى امتدادها.
ثم باختصار شديد، تحدثت الكاتبة في المحور السادس، وانطلاقا من ديانتها، عن رؤئ المسيح والمقاربة الفلسفية للحقيقة الشاملة التي اوحى لهم بها يسوع. ففي المسيح يجدون الحل لمشكلة الشر. هو الذي يقدم لهم مساعدة هائلة من العفو. مع ذلك، بإمكانهم الحصول على رؤية شمولية وحقيقية ل"الكل" من خلال الاستدلالات الفلسفية التي تسمح فعلا بأن يصعدوا إلى العلة الأولى لحريتهم: الله-المتعالي والخالق، وبأن ينزلوا إلى أسفل حيث هم. هذا يتيح للمسيحيين (على الأقل من الناحية النظرية) حل العديد من الصعوبات المتعلقةىبحريتهم.
بنفس الإيجاز، تنوب الكاتبة، في المحور السابع من مقالها، عن المسيحيين في مناجاة الله كما يتصورون ثبوت وجوده على أساس من حريتهم التي توفر لهم، كما تقول فرانسيسكا، نقطة انطلاق لإحدى "الطرق" المؤدية إلى الله الخالق. وهذا قياس الخلف. إذا لم نكن مخلوقين من قبل الله-المتعالي، فسنوجد، نحن والعالم، إما (1) بالصدفة؛ أو (2) كاشتقاقات ضرورية من مطلق محايث (إما، أ) باعتباره انبثاقا ضروريا من المطلق، (وإما، ب) كإحدى لحظات الجدل من النوع الهيجلي). في هاتين الحالتين، لم نتمكن من التصرف بحرية. بالفعل: (1) إذا وجد كل شيء "بالصدفة"، فلن يكون هناك شيء "حسن" أو "صالح"، ولن يكون لدينا أي سبب لاختيار أي شيء كان: لأن كل سبب للاختيار يشكل قيمة معينة. ومن ناحية أخرى، (2) إذا كان كل شيء اشتقاقا ضروريا من المطلق، إذن لا شيء يمكن أن يكون حرا، ولا حتى الأفراد من البشر. بناء على ذلك: مادمنا - في بعض أفعالنا - نكون أحرارا، يترتب على ذلك، (3) أن الله المتعالي هو الذي خلقنا.
علاوة على ذلك، يمكن في الفلسفة إثبات أن (4) الله، خالق العالم كله، هو واهب المحبة.
انطلاقا من هذه الفكرة الأخيرة، سعت الكاتبة، في المحور الثامن، إلى الوقوف مطولا عند حرية المسيحيين أمام الله واهب المحبة، مشيرة إلى أن تينك الحقيقتين [(3) و(4)] تعطيانهم نظرة شمولية عن "الكل" الذي يضمن لهم، قبل كل شيء، أن حريتهم منحها لهم الله حتى تزدهر شخصية كل رجل-أو-امرأة بشكل كامل. أكثر من ذلك، تتيح لهم تينك الحقيقتان أن يعرفوا إما (1) ما هي أسس حريتهم [انظر ما يلي قوله حول هذه النقطة والتي تتبعها]، وإما (2) ما هو أصل امتدادها الذي هو، في هذا العالم، غير محدود.
إليكم نتيجة الاستدلالات التي تسلط الضوء على أولى هاتين النقطتين.
8.1. الأساس الأول لحريتهم: الله. خلق الله الكل "من يكون" ومن لا يكون الله؛ ولهذا السبب كل "كائن" وهب بالضرورة خصائص معينة. بالفعل، بالنسبة إلى كل ما هو مخلوق، (1) بقدر ما فكر فيه الله، الحق الأسمى، فهو "كائن" له "حقيقته" الخاصة، "حقيقته الوجودية": التي يمكن إذن التفكير فيها؛ (2) بقدر ما أراده الله، الخير الأسمى فهو "كائن" "صالح": نستطيع أن نحبه (لما فيه من صلاح)؛ (3) بقدر ما (في "حقيقته الوجودية" وفي "صلاحه") يتلقى منه الله، الجمال الأسمى، قدرة معينة على الإبهار، فهو "كائن" "جميل": يمكن أن نعجب به (لما فيه من جمال).
ها هي إذن المتعاليات التي تتوقف عليها حريتهم؛ هم يدركون أن وجودها في كل مخلوق ضروري، باعتباره فعل الله الخالق: الذي-هو-موجود، الحق الأسمى، الخير الأسمى، الجمال الأسمى.
لذلك فبفضل وجود هذه المتعاليات، في كل شيء، الذي يضمنه خلق الكل من قبل الله؛ وفي ارتباط بالمتعالٍيات، يمكن لحريتهم أن توجد [راجع ما قيل بهذا الصدد في المحور الرابع].
وبالتالي فإن الله، واهب المحبة، هو الأساس الأول لحرية الإنسان.
8.2. الأساس الوثيق لحريتهم: الكائن، باعتباره حقا، خيرا، جمالا. ولذلك فإن "الحق الوجودي" و"الخير" و"الجمال" خواص لـ"الكائن"، لكل "كائن": سواء لله أو لكل مخلوق. (تم توضيح ذلك سابقا). وبما أن حريتهم كذلك، في علاقة ب"الخير" و"الجمال"، وكذا
ب"الحقيقة الوجودية"، وبما أن هذه المتعلقات الأخيرة هي خواص للوجود، بوصفه كذلك، ينتج عن ذلك أن من يجعل حريتهم ممكنة هو الوجود. لذلك ف"الوجود" هو الذي يؤسس حريتهم: إنه أساسها الوثيق.
لكن، كان علينا أن نسلك منعطفا لنفهم ذلك: فعلا، النتائج المذكورة أعلاه [في ن. 8.1] ليست على الإطلاق واضحة بشكل مباشر! لماذا وجدنا أنفسنا في هذه الحالة؟ ها هو السبب:
8.3. الإله المختفي: علة مدى حريتهم في هذا العالم. ليس للمسيحيين وغير هم من أتباع الديانات الأخرى رؤية مباشرة للفعل الخلاق الذي يقوم به الله. لهذا السبب ليس لدينا أي دليل مباشر على أسباب انتماء المتعاليات إلى كل كائن في هذا العالم. لذلك ليس من السهل علينا أن نفهم هذه الانتماءات ذاتها؛ وما عملنا سوى على إلقاء نظرة خاطفة عليها. إنما بسبب ذلك، خلال حياتنا في هذا العالم، وصل اتساع نطاق حريتنا إلى الحد الأقصى: إلى الحد الذي يستطيع كل شخص
أن يختار أيضا ما هو مزيف للحرية (مثلا، تعاطي المخدرات...).
وحتى يصمن لنا الله وفرة حريتنا في هذا العالم، "اختبأ" جيدا عن أنظارنا. وهكذا، يمكن للجميع حتى أن يسلكوا الطريق الذي يقودهمىبعيدا عن الله؛ ومع ذلك، فهذه أيضا هبة من الله! هو الذي يستنكف عن جعل مخلوقاته الذكية تُحبه فورًا من أجل إعطائهم قدرا أكبر من الحرية.
8.4. وجهة نظر مفرطة في التفاؤل بشأن حريتنا الوفيرة.
لكل واحد منا إذن، في هذه الحياة، حرية فائضة: بحيث أنه من خلال أعمال الحب الحرة تمامًا، يكون كل منا مدعوا للانطلاق نحو الله.ةومع ذلك، بما أن الله هو واهب المحبة، ففيه يجد كل واحد أمانه لمواجهة أي قرار في الحياة بحرية تامة. ها نحن إذن أمام توضيح جديد من شأنه أن ينير حريتنا بـتفاؤل رائع.
(يتبع)
المرجع: FRANCESCA RIVETTI BARBÒ
LIBERTÉ ET VÉRITÉ
DU SAVOIR COMMUN À LA PHILOSOPHIE



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- رحلة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الصحافيون الثلاثة المفرج عنهم يطالبون بـ”إطلاق سراح جميع معت ...
- المغاربة المناصرون لفلسطين غاضبون من صمت المخزن عن إغتيال هن ...
- حماس ترحب بهدنة وفق رؤية بايدن وأبو مازن في رحلة إلى روسيا ل ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- مكناس: عاملات وعمال سيكوميك بين مطرقة التسريح التعسفي والمتا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- على هامش اعتقال مصالح الأمن ل-خولة الفايد- و-ولد الشينوية- - ...
- برشيد: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر منبهة ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- تهديدات متبادلة بين إسرائيل وإيران ومناورات دبلوماسية لحمل ج ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، فرنسا تدعو رعاياها إلى ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الدار البيضاء: المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد يعقد دور ...
- تبادل السجناء مع موسكو: جدل ساخن في ألمانيا
- الجنة الوطنية للقطاع الحقوقي في الاشتراكي الموحد تعتبر الإفر ...


المزيد.....




- غزة: واشنطن تصف استئناف المحادثات بالدوحة بـ-البداية المشجعة ...
- برلين: أوكراني متورط بتفجير السيل الشمالي
- WSJ: زيلينسكي أقر خطة تفجير السيل الشمالي
- هل يفرز اجتماع الدوحة صفقة نهائية لوقف الحرب؟
- رغم الحرب.. لماذا تستمر أوروبا باستهلاك الغاز الروسي؟
- بعد تبرعها بـ 52 دولاراً لصالح جمعية أوكرانية..الحكم على موا ...
- الجيش السوداني يواصل مقاطعة محادثات جنيف.. بسبب الإمارات؟
- -سو-34- تمطر قوات ومعدات أوكرانية توغلت في مقاطعة كورسك بقنا ...
- محمد الضيف حي.. ماذا حققت إسرائيل بغزة؟
- طهران: لم ولن نشارك بمفاوضات حول غزة


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الرابع عشر)