أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني (نوفمبر 1977) الفصل الرابع من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين















المزيد.....



رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني (نوفمبر 1977) الفصل الرابع من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 8069 - 2024 / 8 / 14 - 15:50
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 48 / مارس 2024
https://www.ahewar.org/m.asp?i=3603
مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين
-------------------------------------------------------

مقدّمة الكتاب 48

في أواسط خمسينات القرن الماضيّ ، عقب وفاة ستالين ، لمّا حصل الإنقلاب التحريفي في الإتّحاد السوفياتي و صعدت التحريفيّة إلى السلطة و بالتالى صعدت البرجوازية الجديدة إلى السلطة فحوّلت الحزب و الدولة البروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيّين و أعادت تركيز الرأسماليّة ، ذُهل الشيوعيّون الحقيقيّون بالحزب السوفياتي و ذُهلت الغالبيّة الساحقة من أحزاب و منظّمات الحركة الشيوعيّة و لم تجد نفسها قادرة على فهم ما كان يجرى على أرض الواقع فهما علميّا ماديّا جدليّا لأنّ هذه الإمكانيّة كانت مستبعدة نظريّا و عمليّا فمنذ ثلاثينات القرن العشرين و صياغة الدستور الجديد للإتّحاد السوفياتي، إعتُبر أنّه لا توجد في الإتّحاد السوفياتي الإشتراكي حينها غير طبقتين صديقتين هما البروليتاريا و الفلاّحين إلى جانب الأنتلجنسيا أو المثقّفين الثوريّين أساسا . و لسنوات ما من حزب تمكّن من إدراك كنه و فحوى ما كان يجدّ هناك من إعادة تركيز للرأسماليّة في الإتّحاد السوفياتي غير الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ . فظلّت الغالبيّة الساحقة من الأحزاب و المنظّمات صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة تتّبع عن عمى القيادة التحريفيّة السوفياتيّة بينما وقف عدد لا بأس به من الأحزاب و المنظّمات في البداية مكتوفى الأيدى ، في ذهول و تردّد أمام الصراع الذى كان يشنّه الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات . لكن هذا الصراع العظيم أتى أكله في بداية ستّينات القرن العشرين حركة ماركسيّة – لينينيّة قطعت في الأساس مع التحريفيّة المعاصرة بشتّى ألوانها كان محورها الشيوعيّون الصينيّون و قامت على عديد الوثائق التي صاغها هؤلاء بإشراف من ماو تسى تونغ و أبرزها " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعيّة العالميّة " الذى نشر سنة 1963 (وهو معروف أيضا ب" رسالة الخمسة و العشرين نقطة " )...
لكن لمّا إستولى التحريفيّون الصينيّون على مقاليد السلطة في الحزب و الدولة و حوّلوهما إلى نقيضهما ، من بروليتاريّين على برجوازيّين ، سرعان ما قام عدد هام من الأحزاب و المنظّمات الماركسيّة – اللينينيّة الحقيقيّة بخوض صراع لا هوادة فيه ضد الخطّ التحريفيّ الصينيّ داخل الصين و خاصّة خارجها . و مردّ هذا البون الشاسع في التعاطى مع الإنقلابين التحريفيّين هو أن الحركة الماركسيّة – اللينينيّة كانت متسلّحة في معظمها بنظريّة مواصلة الثورة في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ، النظريّة التي طوّرها ماو تسى تونغ على أساس التقييم العلمي المادي الجدلي الذى أجراه للتجربة الإشتراكية السوفياتيّة و تجربة صراعات الخطّين صلب الحزب الشيوعي الصيني و بناء الإشتراكيّة في الصين و طبعا قتال التحريفيّة المعاصرة بجميع أرهاطها .
و هكذا حدث تطوّر نوعيّ من إنكار لوجود الطبقات و التناقضات الطبقيّة العدائيّة و الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية و من ثمّة إنكار إمكانيّة إعادة تركيز الرأسماليّة بإعتبار الإشتراكية ماركسيّا و كما بيّنت التجارب مرحلة إنتقاليّة تحتمل التقدّم و التراجع ، تحتمل إمكانيّة العودة إلى الوراء ، إلى الرأسماليّة ، كما التقدّم نحو الشيوعيّة ؛ إلى نظريّة مواصلة الصراع الطبقي في ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا و الثورة الثقافيّة وسيلة و أداة بيد الشيوعيّين الثوريّين لخوض مثل ذلك الصراع و الحيلولة دون إنتصار الخطوط التحريفيّة و إعادة تركيز الرأسماليّة . و هذه حقيقة موضوعيّة لا يزال يدير لها ظهورهم كافة الإنتهازيّين و منهم بخاصة التروتسكيّين و الخوجيّين بكلّ أصنافهم .
في الصين الإشتراكية عهد ماو تسى تونغ ، و بوجه خاص إبّان الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى التي إمتدّت من 1966 إلى 1976 ، واجه الماركسيّون – اللينينيّون – الماويّون ألوانا من الخطوط التحريفيّة التي كان يتزعّمها ليو تشاوتشى و دنك سياو بينغ و لين بياو و غيرهم . و قبل وفاة ماو بأكثر من السنتين ، خاضوا نضالات عظيمة في شكل حملات سياسيّة ضد " ريح الإنحراف اليميني " الذى قاده دنك سياو بينغ و أمثاله . و حتّى حينما جدّ الإنقلاب التحريفي ، قاوم الماويّون الصينيّون مقاومة شرسة التحريفيّين المستولين على الحزب والدولة وقد سجّل التاريخ أنّ مقاومتهم بلغت المقاومة المسلّحة. و على سبيل المثال لا الحصر، ورد التالى في مقال ريموند لوتا، " المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ 1973-1976"، ( مقدّمة كتاب ، " و خامسهم ماو " ، بانر براس ، شيكاغو ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، 1978 ) :
" فقد إضطرّ [ التحريفيّون ] إلى إرسال جيش التحرير الشعبي إلى شنغاي و بيكين و إلى غيرها من المناطق أيضا . فى مفترق سكك حديدية محوري ، باوتين ، جنوب بيكين ، وجد تقرير إعلامي عن كون آلاف الفرق إلتحقت بالمتمرّدين و حتى الحكّام الحاليّين إعترفوا بأنّهم لم يستطيعوا السيطرة على المعارضة إلاّ فى مارس 1977 .
و كانت إذاعات مقاطعات تذيع فى الخارج بين نوفمبر 1976 و جوان 1977 تكشف أحداثا متواترة من الهجمات ضد المقرّات و المنشآت العسكرية فى بيكين و أعمال مقاومة مسلّحة . و فى بعض المناطق لم تعد من جديد حركة نقل السكك الحديدية إلاّ فى مارس 1977 و وردت تقارير عن إضطرابات فى عديد المصانع الكبرى فى مختلف جهات البلاد . و فى يونان ، وجدت تقارير عن غياب جماعي إحتجاجا على فرض ضوابط و قوانين ما قبل 1966 . و فى المدّة الأخيرة ، تسرّبت تقارير عن الصراعات فى الجامعات . و مع ذلك ، يجب الإقرار بأنّ اليمين ماسك بصلابة بزمام القيادة فى هذه اللحظة .
و جرى طرد نحو ربع اللجنة المركزية ( بما فى ذلك الأعضاء النواب ) إثر الإنقلاب ، 51 منهم كانوا قادة جماهيريّين بارزين من الطبقة العاملة . و عُزل ستّة وزراء مرتبطين بالأربعة من مجلس الدولة و 13 من ال29 قائدا حزبيّا من الوحدات الإداريّة ( محافظات و مناطق حكم ذاتي إلخ ) طُردوا. و حدثت التغييرات الأتمّ فى قسم دعاية اللجنة المركزيّة و وسائل الإعلام المركزيّة التى كانت منذ الأيّام الأولى للثورة الثقافيّة حصنا لليسار بدعم نشيط من ماو تسى تونغ . و أربعة عشر شخصا من الموظّفين الرئيسيّين الذين يحتلّون الآن مواقعا محوريّة فى جهاز الإعلام المعاد بناؤه من الذين أطاحت بهم الثورة الثقافيّة . و توجّه القمع إلى المستويات الأكثر قاعديّة بما أنّه هناك كانت القوّة الأوفر للقوى الثوريّة .
فى مارس 1977 ، أعلم لأوّل مرّة عن إعدامات من خلال ملصقات على الجدران و سنة بعد الإنقلاب دعت إفتتاحية مشتركة بين " يومية الشعب " و " الراية الحمراء " و جريدة جيش التحرير الشعبي إلى " بذل جهود كبرى لنقد " مجموعة الأربعة " و " التحطيم التام لبرجوازيّتهم الحمراء السكتاريّة " ؛ و هذا ليس مؤشّرا فقط عن تواصل المقاومة بل أيضا عن موجة الإرهاب التى تطبّق ضد الجماهير ( و كذلك عن صراع الكتل داخل اليمين ). "
( إنتهى المقتطف )
و نهض الماويّون الحقيقيّون عبر العالم ( ليس جميع الماويّين طبعا فمنهم من تبنّى الخطّ التحريفي لدنك سياو بينغ على أنّه زورا و بهتانا خطّ ماو الثوريّ ) بالواجب الذى دعاهم إلى القيام به ماو تسى تونغ منذ 1965 حيث قال صراحة و بلا مداورة متحدّثا عن إمكانيّة خسارة الصين الإشتراكية و إعادة تركيز الرأسماليّة فيها :
" إذا إفتكّ التحريفيّون مستقبلا قيادة الصين ، على الماركسيّين – اللينينيّين فى كافة البلدان أن يفضحوهم بصرامة و أن يناضلوا ضدّهم و أن يساعدوا الطبقة العاملة و الجماهير الصينيّة فى قتال هذه التحريفيّة ."
( ماو تسى تونغ ، 1965 )
و كمدخل و تلخيص للموقف الشيوعي الثوري دفاعا عن علم الشيوعية الذى طوّره ماو تسى تونغ ذاته كأحد أبرز قادة البروليتاريا العالمية لعقود ، نقترح عليكم ما أعربت عنه مجموعة لا بأس بها من الأحزاب و المنظّمات الماويّة التي عملت موحّدة ضمن " الحركة الأمميّة الثوريّة " من 1984 إلى 2006 – على أنّه وجب التنويه إلى تطوير الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة و مهندسها بوب أفاكيان لهذا الملخّص من المواقف و قد جدّ صراع خطّين بشأن نقاط منه و نقاط أخرى صلب الماويّين الذين إنقسموا إلى إثنين أساسا و قد حمل أحد كتبنا المخصّص للغرض عنوان " الماوية تنقسم إلى إثنين ". و قد ورد فى " بيان الحركة الأممية الثوريّة " لسنة 1984 :
" ماو تسى تونغ ، الثورة الثقافية و الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية :
لقد شرع ماوتسى تونغ و الماركسيين – اللينينيين فى الحزب الشيوعي الصيني، مباشرة بعد الإنقلاب الذى قاده خروتشوف، فى تحليل ما حصل داخل الإتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية.و أخذوا فى النضال ضد التحريفية المعاصرة . و فى 1963 ، نشرت الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة (" إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية ") التى أدانت التحريفية بصفة علنية و كاملة ووجهت نداءا لجميع الماركسيين – اللينينيين الحقيقيين فى جميع البلدان.
إنّ جذور الحركة الماركسية - اللينينية- الماوية المعاصرة ترجع بالنظر إلى هذا النداء التاريخي و الصراعات التى صاحبته.
و لقد قام ماو و الحزب الشيوعي الصيني ، محقين كثيرا فى الرسالة ذات الخمسة و عشرين نقطة و الصراعات التى صاحبتها،
- بالدفاع عن الموقف اللينيني بخصوص دكتاتورية البروليتاريا ودحض النظرية التحريفية المزعومة" لدولة الشعب كله ".
- بالدفاع عن ضرورة الثورة المسلحة ورفض الإسترتيجيا المزعومة " للتحول السلمي للإشتراكية "
- بمساندة و تشجيع نموّ الحروب التحررية الوطنية للشعوب المضطهَدة و أظهروا أنه من المستحيل وجود إستقلال فعلي فى ظلّ "الإستعمار الجديد"و فنّدوا الموقف التحريفي المزعوم القائل بتجنب الحروب التحررية الوطنية خوفا من إنخرام "السلم العالمي".
- برسم تقييم عام إيجابي حول مسألة ستالين و تجربة البناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي ، ومقاومة التشويهات التى تجعل من ستالين "جزارا "و "طاغية " مع توجيه فى نفس الوقت بعض النقد العام للأخطاء التى سقط فيها ستالين .
- بمواجهة مجهودات خروتشوف الهادفة إلى فرض خط تحريفي على الأحزاب الأخرى ، ونقد توراز و توليوتي ، و تيتو و تحريفيين معاصرين آخرين .
- بتقديم رسم أولي جنيني حول الطرح الذى يشتغل عليه ماو تسى تونغ و المتعلق بالطبيعة الطبقية للمجتمع الإشتراكي و مواصلة الثورة فى ظلّ ديكتاتورية البروليتاريا .
- بالدعوة للقيام بتحليل عميق للتجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية و جذور التحريفية .
إن هذه المقترحات و بعض الجوانب الأخرى من رسالة ال25 نقطة و الصراعات ، كانت و لا تزال ذات أهمية كبرى للتفريق بين الماركسية - اللينينية و التحريفية . و لقد شجع ماو و الحزب الشيوعي الصيني من خلال هذه الصراعات الماركسيين - اللينينيين على القطع مع التحريفيين و على إعادة بناء أحزاب جديدة بروليتارية ثورية . ومثلت هذه الصراعات قطيعة أساسية مع التحريفية المعاصرة و شكلت أساسا كافيا للماركسيين - اللينينيين يقدرون من خلاله على خوض النضال . رغم ذلك فإن نقد التحريفية لم يذهب بعيدا و لم يتناول العديد من المسائل و برزت بعض وجهات النظر الخاطئة فى نفس الوقت الذى وقع فيه نقد وجهات نظر أخرى . و بالذات لأن ماو و الحزب الشيوعي الصيني و هذه الصراعات لعبوا دورا ذا أهمية كبيرة فى بناء حركة ماركسية - لينينية - ماوية فى العالم فإنه من الحق و الضروري الإشارة إلى المظاهر الثانوية ذات الطابع السلبي لهذه الصراعات و لنضال الحزب الشيوعي الصيني فى الحركة الشيوعية العالمية .
لقد طرحت رسالة ال25 نقطة بخصوص البلدان الإمبريالية الموضوعة التالية :
" و فى البلدان الرأسمالية التى يسيطر عليها الإستعمار الأمريكي أو يحاول السيطرة عليها ينبغى على الطبقة العاملة و جماهير الشعوب أن توجه هجومها بصورة رئيسية إلى الإستعمار الأمريكي ، و أيضا إلى الطبقة الرأسمالية الإحتكارية و القوى الرجعية المحلية الأخرى التى تخون المصالح الوطنية ". إن رؤية الأشياء بهذه الكيفية التى أضرت بتطور الحركة الماركسية – اللينينية فى مثل هذه البلدان قد أخفت حقيقة أن "المصالح الوطنية " فى بلد إمبريالي هي مصالح الإمبرياليين و أن الطبقة الرأسمالية الإحتكارية فى السلطة لا تخون هذه المصالح بل بالعكس تدافع عنها مهما كانت طبيعة التحالفات التى تقوم بإبرامها مع بعض القوى الإمبريالية الأخرى بالرغم من أن هذه التحالفات تشمل لا محالة لامساواة. فى حين أنه وقع تشجيع بروليتاريا هذه البلدان على مزاحمة البرجوازية الإمبريالية لمعاينة من هو قادر أكثر على الدفاع عن مصالح هذه الأخيرة . للحركة الشيوعية العالمية تاريخ كامل مع طريقة رؤية الأشياء هذه و قد حان الوقت للتخلص منها .
و على الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني قد أولى إهتماما بالغا لتطوير الأحزاب الماركسية - اللينينية - الماوية المعارضة للتحريفية ، فإن هذه الأحزاب لم تقدر على وضع الأشكال و الطرق الضرورية لبناء الوحدة الأممية للشيوعيين . ورغم كل الإسهامات فى الوحدة الإيديولوجية و السياسية ، فإنها لم تقم بالمجهودات الملائمة لبناء الوحدة التنظيمية على الصعيد العالمي. لقد إهتم الحزب الشيوعي الصيني أكثر من اللازم بالجوانب السلبية (مثل مشكلة المركزية المجحفة خاصة ) التى خنقت مبادرة و إستقلالية الأحزاب الشيوعية أعضاء الكومنترن . وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني كان على حق حين إنتقد نظرية " الحزب الأب " و تأثيرها السيئ على الحركة الشيوعية العالمية و حين أكد على ضرورة مبدأ العلاقات الأخوية بين الأحزاب ، فإن غياب الإطار التنظيمي الذى كان يمكّن من الخوض فى جميع وجهات النظر والوصول إلى أفق موحد ، لم يساهم فى حلّ هذه المشكلة بل زاد من حدتها .
و إن كان النضال ضد التحريفية المعاصرة على المستوى النظرى لعب دورا عظيما فى تجميع الحركة الماركسية – اللينينية - الماوية ، فإن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ( و التى كانت هي الأخرى فى جزء كبيرمنها ثمرة هذا النضال ضد التحريفية المعاصرة ) جسدت الشكل النضالي الجديد الذى لم يسبق له مثيل فى التاريخ وولدت جيلا جديدا من الماركسيين -اللينينيين – الماويين . فقد إندفع عشرات الملايين من العمال و الفلاحين و الشباب الثوري للنضال من أجل الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي ( المندسين داخل الحزب و أجهزة الدولة ) ومن أجل مزيد تثوير المجتمع بأكمله و مسّوا فى العمق ملايين البشر فى جميع أنحاء العالم كانوا يخوضون نضالا ثوريا و يشكلون جزءا من الإندفاع الثوري الذى إجتاح العالم خلال الستينات و بداية السبعينات .
الثورة الثقافية هو قمة المستوى الراقي فى إلى حدّ الآن ما بلغته دكتاتورية البروليتاريا و عملية تثوير المجتمع . و لأول مرة فى تاريخ الإنسانية ، وجد العمّال و العناصر الثورية الأخرى أنفسهم مسلحين بفهم جيد لطبيعة الصراع الطبقي فى المجتمع الإشتراكي و ضرورة النهوض و الإطاحة بالمسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي و الذين يظهرون لا محالة وسط المجتمع الإشتراكي و خاصة على مستوى قيادة الحزب نفسه ، و بضرورة النضال لدفع التحولات الإشتراكية إلى الأمام أكثر و إجتثاث الظروف المادية التى تولد هذه العناصر الرأسمالية من الجذور .
و قد ساهمت الإنتصارات الكبرى التى بصمت مجرى الثورة الثقافية فى منع إرتداد تحريفي فى الصين طيلة عشر سنوات و أدت إلى تحويلات إشتراكية هامة فى ميدان التعليم و الفن و الأدب و البحث العلمي و فى العديد من الميادين الأخرى فى مستوى البنية الفوقية . و قد عمق الملايين من العمال و الثوريين الآخرين فى خضم المعارك الإيديولوجية و السياسية الضارية للثورة الثقافية وعيهم السياسي الطبقي و إستيعابهم مما جعلهم قادرين أكثر على ممارسة السلطة السياسية . و خيضت الثورة الثقافية على نحو جعل منها جزءا لا يتجزأ من نضال البروليتاريا الأممي فشكلت أرضية تثقيفية للماركسية - اللينينية و للمبادئ الأممية البروليتارية و ما يبرهن على هذا ليس الدعم المقدم للنضالات الثورية عبر جميع أنحاء العالم وحسب و لكن أيضا التضحيات التى قدمها الشعب الصيني لتوفير ذلك الدعم .
و أفرزت الثورة الثقافية قادة ثوريين مثل كيانغ تشينغ و تسينغ سوين كياو إنظموا إلى جانب الجماهير وواصلوا الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية حتى أمام الهزيمة القاسية .
قال لينين : " ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا ". لقد تدعم هذا الشرط الذى طرحه لينين أكثر على ضوء الدروس و النجاحات القيّمة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .
و يمكن لنا القول الآن ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا و أيضا على الوجود الموضوعي للطبقات و التناقضات الطبقية العدائية و مواصلة صراع الطبقات فى ظل دكتاتورية البروليتاريا طوال مرحلة الإشتراكية و حتى الوصول إلى الشيوعية . و كما قال ماو فإن : " كل خلط فى هذا المجال يؤدى لا محالة إلى التحريفية " .
و قد كانت الثورة الثقافية دليلا حيا على حيوية الماركسية – اللينينية و أظهرت أن الثورة البروليتارية تتميز عن كل الثورات السابقة التى لم تكن قادرة إلا على تعويض نظام إستغلالي بآخر . ومثلت مصدر إلهام لجميع الثوريين فى كل البلدان . لهذه الأسباب ما إنفك الرجعيون و التحريفيون ينفثون سمومهم ضد الثورة الثقافية وضد ماو و لهذه الأسباب أيضا فإن الثورة الثقافية تشكل عنصرا لا يمكن الإستغناء عنه ضمن التراث الثوري للحركة الشيوعية العالمية .
لقد تمكّن التحريفيون داخل الحزب و أجهزة الدولة الصينية، بالرغم من الإنتصارات العظيمة للثورة الثقافية ، من مواصلة إحتلال مناصب هامة و تشجيع خطوط و إجراءات سياسية أضرت بالمبادرات الهشّة لأولئك الذين قاموا بمحاولات إعادة بناء حركة شيوعية عالمية حقيقية . فقد عمد التحريفيون فى الصين الذين كانوا يمسكون بجزء لا يستهان به من الديبلوماسية و العلاقات بين الحزب الشيوعي الصيني و الأحزاب الماركسية – اللينينية - الماوية الأخرى إما إلى إدارة ظهورهم للنضالات الثورية للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة و إما إلى توظيف هذه النضالات لمصالح الدولة الصينية . وهكذا أسندت صفة " المعادين للإمبريالية " لبعض الحكام المستبدين الرجعيين الحقيقيين ، و بتعلة النضال العالمي ضد "الهيمنة " تم إعتبار بعض القوى الإمبريالية الغربية كقوى وسطية و حتى إيجابية فى الظرف العالمي . بعدُ فى ذلك الوقت قد سارت العديد من الأحزاب الماركسية – اللينينية الموالية للصين و التى كانت تحظى بدعم التحريفيين فى الحزب الشيوعي الصيني فى ركب البرجوازية و وصل بها الأمر إلى حد الدفاع ( أو على الأقل عدم مواجهة ) التدخلات العسكرية للإمبريالية أو تحضيراتها للحرب الموجهة ضد الإتحاد السوفياتي البلد الذى وقع إعتباره أكثر فأكثر ك"عدو رئيسي" على المستوى الدولي . وقد إنتعشت تماما جميع هذه التيارات على إثر الإنقلاب الذى حصل فى الصين وما تلاه من قيام التحريفيين بصياغة " نظرية العوالم الثلاثة " و محاولتهم فرضها على الحركة الشيوعية العالمية . و كان الماركسيون –اللينينيون- الماويون على حق عندما دحضوا تشويهات التحريفيين التى كانت تدعى بأن ماو قد دافع عن " نظرية العوالم الثلاثة " . و لكن هذا غير كاف إذ يجب تعميق نقد " نظرية العوالم الثلاثة " بنقد المفاهيم التى تدعمها و بالكشف عن جذور هذه النظرية .
و تجدر الملاحظة هنا أن المغتصبين التحريفيين فى الصين كانوا مضطرّين للتنديد علنا برفاق ماوتسى تونغ فى السلاح متهمينهم بمعارضة " نظرية العوالم الثلاثة ".
إنّ التناقض بين البلدان الإشتراكية والبلدان الإمبريالية هو أحد التناقضات أو السمات الأساسية لعصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية . و على الرغم من أن هذا التناقض قد غاب اليوم مؤقتا بسبب التحولات التحريفية لمختلف البلدان الإشتراكية سابقا ، فإن هذا لا يغير فى شيئ من ضرورة تقييم التجربة التاريخية للحركة الشيوعية بصدد الكيفية التى عولج بها هذا التناقض و التى تبقى مسألة نظرية ذات أهمية : و بالفعل ستجد البروليتاريا يوما ما نفسها أمام ظروف يكون فيها بلد ( أو عدة بلدان ) إشتراكية فى مواجهة سافرة مع أعداء إمبرياليين مفترسين. لقد تمكّن المسؤولون السائرون فى الطريق الرأسمالي، سنة 1976 بعد وفاة ماو، من القيام بإنقلاب دنيئ نجحوا من خلاله فى فسخ الإستنتاجات الصحيحة للثورة الثقافية و طرد الثوريين من قيادة الحزب الشيوعي الصيني و تطبيق برنامج تحريفي فى جميع الميادين و الرضوخ للإمبريالية .
و قاوم الثوريون فى الحزب الشيوعي الصيني هذا الإنقلاب وواصلوا النضال من أجل أن تسترجع القيادة البروليتارية مقاليد السلطة فى هذا البلد . أما على المستوى الدولي فإن العديد من الشيوعيين الثوريين ، فى عدد لا يستهان به من الدول، لم ينساقوا وراء الخط التحريفي لدنغ سياو بينغ و هواو كوفينغ و قاموا بمبادرات ملموسة لتعرية و نقد المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي فى الصين . لقد حيت هذه المقاومة ( فى الصين و كذلك على المستوى الدولي ) للإنقلاب على القيادة الصحيحة لماوتسى تونغ الذى ما إنفك يعمل بدون كلل على تسليح البروليتاريا و الماركسيين – اللينينيين - الماويين بتحليل للصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا وتمكينهم من فهم إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية . و قد أمد العمل النظري للقيادة البروليتارية بزعامة ماو تسى تونغ الماركسيين - اللينينيين - الماويين بالعناصر الضرورية لكي يتمكنوا من الفهم الصحيح لطبيعة التناقضات فى المجتمع الإشتراكي و شكّل هذا العمل إضافة هامة للماوية مكنت الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية من التهيؤ إيديولوجيا لمواجهة الأحداث الأليمة لسنة 1976 أكثر مما كانت عليه قبل 20 سنة عند حدوث الإنقلاب التحريفي فى الإتحاد السوفياتي بالرغم من أنها تواجه هذه الحالة فى هذه المرة فى غياب دولة إشتراكية فى العالم .
غير أنه كان لزاما أن تكون لعودة الرأسمالية فى بلد يضع بين حدوده ربع سكان العالم و إستيلاء التحريفيين على حزب ماركسي – لينيني - ماوي كان سابقا فى طليعة الحركة الشيوعية العالمية ،إنعكاسات عميقة على النضال الثوري فى العالم و الحركة الماركسية - اللينينية - الماوية . هتفت العديد من الأحزاب التى تنتمى للحركة الشيوعية العالمية، طويلا للتحريفيين و تبنّت " نظريتهم حول العوالم الثلاثة " و تخلت نهائيا عن النضال الثوري . و تمكنت بذلك من زرع الإنهيار فى الوقت الذى خسرت فيه كل ثقة من قبل العناصر الثورية فعرفت هذه الأحزاب أزمة داخلية عميقة أو إنهارت تماما .
و حتى فى صفوف قوى ماركسية- لينينية- ماوية أخرى رفضت الإنسياق وراء القيادة التحريفية الصينية أدى الإنقلاب الذى حصل فى الصين إلى نوع من الإنهيار ووضعت الماركسيية - اللينينيية - الماوية موضع التساؤل من جديد و لقد تعزّز هذا التيار أكثر عندما شنّ أنور خوجة و حزب العمل الألباني حربا شعواء ضد الماوية.
و بالرغم من أنه كان من المنتظر أن تمر الحركة الشيوعية العالمية بأزمة معينة بعد الإنقلاب فى الصين، فإن عمق هذه الأزمة و الصعوبات الكبيرة الناجمة عنها تبرز بوضوح مدى عمق إنغراز أنياب التحريفية بمختلف أشكالها داخل الحركة الماركسية – اللينينية - الماوية حتى قبل سنة 1976 . لذا يجب على الماركسيين - اللينينيين - الماويين مواصلة بحثهم و دراستهم لهذه المسائل للوصول لفهم جيد لجذور التحريفية لا فحسب فى هذه الفترة و لكن أيضا فى الفترات السابقة للحركة الشيوعية العالمية . و يجب عليهم مواصلة المعركة ضد تأثير التحريفيين و فى نفس الوقت الدفاع و السير قدما على أساس المبادئ الأساسية التى أفرزتها الإنفجارات الثورية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشوعية على مدى تاريخها . "
( إنتهى المقتطف )
( " علم الثورة البروليتاريّة العالمية : الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة " ، شادي الشماوي ؛ مكتبة الحوار المتمدّن )

حالئذ ، نلمس مدى تهافت أعداء الماويّة و تأكيدهم الزائف و المجافي للحقيقة و الذى يخلط الأوراق عمدا كتكتيك إنتهازي معروف ، معوّلين على الجهل و باثّين سمومهم التحريفيّة و الدغمائيّة المعادية لعلم الشيوعية ، أنّه لا فرق بين الخطّ الماوي الثوريّ و الخطوط التي قاتلها قتالا مريرا و قاسيا لا هوادة فيه لعشرات السنين و من وجهة نظر الثورة البروليتارية العالمية و مزيد التقدّم صوب الشيوعيّة . و من المؤسف بل و المحزن حقّا أنّ أناسا شرفاء كُثر ما إنفكّوا يردّدون كالببّغاء هذه الإفتراءات بدلا من إعمال الفكر و البحث عن الحقيقة و التثبّت من الوقائع و من مضامين الوثائق التاريخيّة و النصوص الماويّة التاريخيّة منها و الراهنة و قد صارت متاحة أكثر من أيّ زمن مضى لا سيما بفضل الأنترنت .
و من كتابنا هذا نرمى إلى بلوغ أهداف ثلاثة أوّلها المزيد من إجلاء حقيقة ما حصل من إنقلاب تحريفي في صين ما بعد ماو تسى تونغ ؛ و ثانيها المزيد من رفع الغشاوة التحريفيّة و الدغمائيّة عن عيون الباحثين حقّا عن الحقيقة التي هي وحدها الثوريّة و المزيد من دحض خزعبلات أعداء الماويّة ، أعداء الماركسية - اللينينيّة - الماويّة ، أعداء الشيوعيّة الثوريّة ؛ و ثالثها تسليح الرفاق و الرفيقات بفهم أرقى و أعمق للصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية و بمساهمة من أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة .
و بطبيعة الحال ، ليس هذا الكتاب الجديد منعزلا عن أعمالنا السابقة الأخرى بصدد الصين الإشتراكيّة الماويّة و إنّما هو لبنة أخرى مكمّلة و متمّمة لها . إنّه متمّم لكتابنا الأوّل بهذا المضمار
- " الصين الماويّة : حقائق و مكاسب و دروس " ،
و ما تلاه من كتب في الغرض عينه :
- " نضال الحزب الشيوعيّ الصينيّ ضد التحريفيّة السوفياتية 1956 - 1963 : تحليل و وثائق تاريخية "،
- " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو " ،
- " الماويّة تدحض الخوجيّة ، و منذ 1979 " ،
- المعرفة الأساسيّة للحزب الشيوعيّ الصينيّ ( الماويّ – 1974 )،
- " ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية ( نقد لكتاب ستالين " القضايا الإقتصادية للإشتراكية في الإتحاد السوفياتي " و لكتاب" الاقتصاد السياسي ، السوفياتي ")،
و الكتاب الذى ألّفناه بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى و إخترنا له من العناوين
- " الصراع الطبقيّ و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة ".
و من يتطلّع إلى المزيد بشأن موضوع الحال ، الإنقلاب التحريفي في الصين فنحيله أوّلا و قبل كلّ شيء ، على كتابنا الأوّل أو العدد الأوّل من" الماويّة : نظريّة و ممارسة ": " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسيّة -اللينينيّة - الماويّة "؛ و ثانيا ، على كتيّب باللغة الأنجليزيّة لبوب أفاكيان هو في الأصل نصّ لخطاب إعلان الموقف الرسميّ للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة عنوانه " خسارة الصين و الإرث الثوريّ لماو تسى تونغ " ( منشورات الحزب الشيوعي الثوري ، 1978 ) و رابطه على الأنترنت هو
http://bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/Avakian-LossInChina.pdf
و هذا لا يعنى أنّنا أهملنا التناول التقييمي العلمي و النقدي للتجربة الإشتراكية في الصين الماويّة ، بالعكس أولينا الموضوع ما يستحقّ من عناية و الكتب التالية التي نشرنا تندرج فى هذا الإطار :
- " المساهمات الخالد لماو تسى تونغ " لبوب أفاكيان ،
- " ماتت الشيوعية الزائفة ... عاشت الشيوعية الحقيقية ! " لبوب أفاكيان،
-" تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة والصينيّة : كسب العالم؟ واجب البروليتاريا العالمية ورغبتها " لبوب أفاكيان و
- " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " لريموند لوتا .
كما أنّ هذا لا يعنى أنّنا أهملنا بأيّ شكل من الأشكال الصراعات صلب الحركة الماويّة العالميّة ذلك أنّ عدد الكتب المخصّصة للغرض ( الصراعات حول خيانة حرب الشعب في النيبال و إنقسام الماويّة إلى إثنين و الجدالات حول الخلاصة الجديدة للشيوعية – الشيوعية الجديدة و تطوير الماويّة ...) يشهد على عكس ذلك أي على إيلائنا المسألة الأهمّية اللازمة . و الكتب العديدة التي تجدون عناوينها و محتوياتها في الملحق الثاني لهذا الكتاب و هي متوفّرة بمكتبة الحوار المتمدّن خير دليل على ذلك.
و يقوم كتابنا الجديد هذا على فصل أفردناه لمقدّمات نظريّة صاغها ماويون صينيّون أساسا في سبعينات القرن العشرين بشأن الصراع الطبقي في ظلّ الإشتراكية يليه فصل خصّصناه لخلفيّة تاريخيّة لفهم خطّ المؤتمرين الماويّين الأخيرين للحزب الشيوعي الصينيّ و لنموذج من وثائق عديدة لصراع الماويّين صلب ذلك الحزب ضد الإنحراف اليميني لدنك سياوبينغ و أتباعه و أشباهه . و لتكوين فكرة شاملة عن هذه المعركة ، إنتقينا للفصل الثالث قراءة قيّمة للمعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ صاغها ريموند لوتا كمقدّمة لكتابه " و خاسهم ماو " المذكور أعلاه . و قصد تقديم نماذج لا غير من – و ليس جميع - المواقف الماويّة المناهضة للتحريفيّة و الإنقلاب المعيد لتركيز الرأسماليّة في الصين ، إصطفينا للفصلين الرابع و الخامس رسالة مفتوحة بعث بها الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و مقالا للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي يُعنى بدحض " نظريّة العوالم الثلاثة " التي كانت تمثّل الخطّ العالمي للتحريفيّين الصينيّين . و خيارنا لهذهين النموذجين يُعزى إلى كون هذين الحزبين كانا مبادرين في تجميع الماويّين أحزابا و منظّمات عبر العالم لفضح التحريفيّين الصينيّين و صياغة وثائق و تشكيل منظّمة عالميّة للماويّين الحقيقيّين رأت النور فعلا سنة 1984 ( الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة مذّاك إلى سنة 2006 و التي مرّ بنا ذكر بيانها لسنة 1984 ) .
و إلى ما تقدّم ، أضفنا فصلا من تأليفنا أنف نشره ضمن كتاب من وضعنا ، " الصراع الطبقيّ و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة " ، فيه لخّصنا أهمّ نقاط التمايز بين الماويّة الثوريّة و التحريفيّة الصينيّة الرجعيّة كما بيّنت ممارسة الصراع الطبقي و الأحداث و الوثائق ، قبل الإنقلاب و بعده . و إعتبارا لأنّ الخوجيّين يزعمون معارضتهم للتحريفيّة الصينيّة من موقع ماركسي- لينينيّ ( رغم عدم تفريقهم بين الماويّة و التحريفيّة الصينيّة لدنك سياو بينغ و شنّهم هجوما لامبدئيّا دغمائيّا تحريفيّا مسعورا على ماو تسى تونغ تمّ الردّ عليه في كتابنا " الماوية تدحض الخوجيّة ، و منذ 1979 " ) ، رأينا من المفيد للقرّاء باللغة العربيّة أن يطالعوا أوّلا ملحقا هاما للغاية هو " ماو تسى تونغ : خطاب أمام البعثة العسكريّة الألبانيّة " و ثانيا ، مقال ينقد كتاب أنور خوجا ، " الإمبرياليّة و الثورة " و يعرّى أخطاءه من بدايته على نهايته ؛ و ثالثا ، ملحقا في منتهى الأهمّية هو مقال يُعنى بتوضيح تحريفيّة شخصيّة هامة في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ظلّ يحفّ بها الكثير من الغموض لوقت طويل حتّى لدى الكثير من الماويّين و نقصد شو آن لاي .
و من يتطلّع إلى دراسة تحوّل الصين إلى دولة رأسماليّة – إمبرياليّة ، فعليه/ عليها بكتاب من إنتاجات الماويّين في الهند عنوانه " الصين – قوّة إمبرياليّة – إشتراكيّة جديدة ! جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي " وهو متوفّر باللغة الأنجليزية و باللغة الفرنسية و الرابطان تباعا هما :
- https://www.bannedthought.net/India/CPI-Maoist-Docs/Books/China-Social-Imperialism-CPI-Maoist-2021-Eng-view.pdf
- https://www.bannedthought.net/India/CPI-Maoist-Docs/Books/China-Social-Imperialism-CPI-Maoist-2021-French-20211001.pdf
و المحتويات التفصيليّة لهذا الكتاب 48 ، فضلا عن هذه المقدّمة ، هي :
الفصل الأوّل : مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة
( 1 ) قوانين الصراع الطبقي في المرحلة الإشتراكيّة
- لا يمكن تجنّب الصراع الطبقي
- الخلفيّة العالميّة
- صراع كبير كلّ بضعة سنوات
- ليس بوسع الإضطراب إلاّ أن يتحوّل إلى النظام
(2) أتباع الطريق الرأسمالي هم ممثّلو علاقات الإنتاج الرأسماليّة
( 3 ) بصدد الدكتاتورية الشاملة على البرجوازية
الفصل الثاني : المؤتمران الماويّان للحزب الشيوعي الصيني و تحريفية دنك سياو بينغ و أمثاله و أتباعه
( 1 ) تقرير المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني
- خطّ المؤتمر التاسع
- إنتصار سحق طغمة لين بياو المعادية للحزب
- الوضع الراهن و مهامنا
( 2 ) خطّ عام لإعادة تركيز الرأسماليّة – تحليل ل " حول البرنامج العام لكلّ عمل كامل الحزب و كامل الأمّة "
الفصل الثالث : المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ
مدخل الكتاب
فهرس كتاب " و خامسهم ماو "

المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ ( 1973 - 1976)
مقدّمة :
- مسألة لين بياو
- المؤتمر العاشر
- حملة " نقد لين بياو و كنفيشيوس "
- المجلس الوطني الشعبي
- " الأعشاب السامّة الثلاثة "
- نقد "على ضفاف الماء "
- مزيدا من " ريح الإنحراف اليميني "
- نقد دنك سياو بينغ
- الإنقلاب
الفصل الرابع : رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني
الفصل الخامس : إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " : إعتذار للإستسلام
- إستبعاد التحليل الطبقي
- الدفاع عن الإستعمار الجديد
- نظريّة قوى الإنتاج
- الدفاع عن الوطن ، أسلوب " العوالم الثلاثة "
- الخطر الأساسي السوفياتي
- جبهة متّحدة من أجل ماذا ؟
- تاريخ " العوالم الثلاثة "
- الصراع حول الخطّ الأمميّ
- الحزب الشيوعي الثوري و نظريّة العوالم الثلاثة
- نظريّة العوالم الثلاثة و الصراع صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة
- تحليل أعمق
- الدفاع عن ماو تسى تونغ
- خاتمة
الفصل السادس : من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية : برنامج دنك الذى طبّق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتّى أكثر عن الخطّ التحريفي الذى ناضل ضدّه الشيوعيّون الماويّون
1- أهم محطّات التخلّى عن الماويّة
2- خط التعصيرات الأربعة التحريفي يتناقض مع الخط الشيوعيّ الماويّ " القيام بالثورة مع دفع الإنتاج " أو خطّ المؤتمر الحادي عشر يتناقض مع خطّ المؤتمرين التاسع و العاشر
3- خطّان فى فهم السياسة التعليميّة
4- من أدب فى خدمة الشعب و الثورة إلى أدب فى خدمة التحريفيّة و بالتالي البرجوازية
5- من السعي إلى معالجة التناقض بين الرّيف و المدينة إلى تعميق هذا التناقض
6- من صناعة من أجل العمّال إلى عمّال من أجل صناعة ما عادوا يملكونها
7- التنكّر للمفاهيم الماويّة لمواصلة الصراع الطبقيّ فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا
8- نقاط إضافيّة يتناقض فيها خطّ دنك التحريفيّ البرجوازيّ مع الخطّ الماويّ الثوريّ البروليتاريّ
ملاحق الكتاب (4)
(1) ماو تسى تونغ : خطاب أمام البعثة العسكريّة الألبانيّة
(2) كتاب أنور خوجا " الإمبريالية و الثورة " على خطإ من بدايته إلى نهايته
-1- العالم حسب خوجا
-2- أطروحة خوجا حول " العالمين "
-3- خوجا و التحرّر الوطنيّ
- 4 - البلدان الرأسماليّة المتقدّمة و الحرب العالميّة
- 5 - حرب عالميّة – " سياسة " الصين
- 6 - الدفاع عن الوطن على طريقة خوجا
-7- خوجا و الإتّحاد السوفياتي
المراجع :
( 3 ) إعتاد على مهاجمة خطّ ماو – الدور الرجعيّ الخفيّ لشو آن لاي
( 4 ) فهارس كتب شادي الشماوي
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الفصل الرابع

رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني

( نوفمبر 1977 )
( باللغة الأنجليزيّة )
https://www.marxists.org/history/erol/ncm-5/rcp-letter.pdf
( و باللغة الفرنسيّة )
http://centremlm.be/Lettre-ouverte-du-Parti-Communiste-Revolutionnaire-du-Chili-au-Parti-Communiste
--------------------------------------------------

لقد أرسى الحزب الشيوعي الثوري الشيلي علاقات سياسية مع الحزب الشيوعي الصيني منذ 13 سنة ، عندما كان حينها مجموعة ماركسية – لينينية إسمها " سبارتاكوس". و جرى اللقاء الأوّل بين هذه المجموعة السياسية و الحزب الشيوعي الصيني فى 1964، بين قادة " سبارتاكوس" و الرفيق ماو تسى تونغ شخصيّا الذى شجّع و ساند مشاريعها لتكوين حزب شيوعي حقيقي و قدّم لذلك نصائحا ثمينة منها " عدم النسخ الميكانيكي لتجارب الصين أو أي بلد آخر؛ النضال ضد كلّ تيّار ذيلي و التفكير للذات و تطبقين الماركسية - اللينينية على الواقع الملموس للبلاد ". و قد إجتهدنا على الدوام للبقاء أوفياء لتعاليم الرفيق ماو هذه و رسالتنا المفتوحة هذه تعبير عن ذلك.
في بداية 1966 ، عن مؤتمر تأسيسي حضرته كافة الأحزاب الماركسية - اللينينية الموجودة فى أمريكا الجنوبية ، مؤتمر كانت نواته التنظيمية مجموعة سبارتاكوس، نشأ الحزب الشيوعي الثوري الشيلي الذى إستمرّ فى الحفاظ على العلاقات السياسية المقامة مع الحزب الشيوعي الصيني و حزب العمل الألباني و بقيّة الحركة الماركسية - اللينينية و فى تطويرها فى كلّ بلد حيث كنّا نعرف ممثّليها.
لقد شرع الذين شكّلوا مجموعة " سبارتاكوس" فى 1963 وفيما بعد الحزب الشيوعي الثوري الشيلي فى 1966 ، شرعوا بعدُ فى النضال ضد الخطّ التحريفي الذى فرضه خروتشاف و أتباعه فى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي . و من جهتها أقامت مجموعة "سبارتاكوس" علاقات سياسيّة مع الحزب الشيوعي الصيني بعد سنة تقريبا من ولادتها كمجموعة مستقلّة عن الحزب " الشيوعي " الشيلي القديم . و قد جاءت العلاقات السياسيّة بين" سبارتاكوس " ثمّ الحزب الشيوعي الثوري من جهة و الحزب الشيوعي الصيني من جهة أخرى نتيجة فهم متطابق لمبادئ الماركسية - اللينينية و دفاعهما المشترك عنها ضد التحريفيّة المعاصرة.
و ردّا على الخطّ التحريفي لخروتشاف ، صاغ الحزب الشيوعي الصيني بتوجيه و قيادة شخصية من الرفيق ماو ، " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية ".( مشهور أكثر ب"رسالة ال25 نقطة ")، و كذلك التعاليق التسعة للردّ على رسالة مفتوحة بعثت بها اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي السوفياتي إلى الحزب الشيوعي الصيني . و قد كنّا متّفقين تماما مع جوهر ما صاغه الحزب الشيوعي الصيني . و كانت وجهات نظرنا المشتركة هي أساس علاقاتنا الحزبية .
هذا من جهة ومن جهة أخرى ، فى ستّينات القرن العشرين ، سنوات إقامتنا لعلاقاتنا السياسيّة – فى أوج الصراع الإيديولوجيّ ضدّ التحريفيّة المعاصرة ، ثمّ ، خلال الثورة الثقافيّة البروليتاريّة - كانت الصين تطبّق بطريقة صريحة سياسة أمميّة ثوريّة ضدّ التحريفيّين . كانت فترة أثناءها كان بالإمكان فى الصين حضور تجمّعات كبرى جماهيريّة لمساندة نضال شعوب العالم المناهضة للإمبريالية ؛ و حضور عديد العروض الفنّية التى كانت تعكس هذه النضالات ، و أثناءها كانت تروّج دعاية لهذه النضالات فى الراديو و المجلاّت و الصحف . و فى تلك الفترة ، كانت المنشورات الصينيّة تعيد طباعة أدبيّات الأحزاب الماركسية - اللينينية عن بلدانها و فيها كان يتمّ فضح عملاء الإمبرياليّة و الفاشيّين و العنصريّين و الرجعيّين مثل ناوينغ و موبوتو و غيرهما إلى جانب المرتدّين عن الماركسيّة على غرار تيتو.
لاحقا ، فى سبعينات القرن العشرين ، مع " إعادة الإعتبار" لأناس مثل دنك سياو بينغ و آخرين أدانتهم الثورة الثقافيّة ، حدث تغيير عميق فى السياسة الأمميّة للصين ما أدّي إلى خلافات و تناقضات جمّة بين حزبينا. ثمّ فى أفريل 1974، ألقى دنك سياو بينغ بخطابه الشهير فى الأمم المتّحدة و فيه عرض خطّا عالميّا مناهضا تماما للخطّ الماركسي - اللينيني الذى عارض به الحزب الشيوعي الصيني و الرفيق ماو خروتشاف و أضرابه . خطّ دنك هذا مطابق في جوهره لخطّ خروتشاف و أضرابه .
و فى لقائنا الأوّل مع الحزب الشيوعي الصيني ، عقب تدخّل دنك سياو بينغ ، فى أوت 1974 ، قدّمنا نقدا شديد اللهجة للخطّ الأمميّ الإنتهازيّ و كإجابة و دون ردّ على حججنا قيل لنا بنفاق كبير إنّه " الخطّ الأممي للرئيس ماو ". و فى مطلع 1975 ، و إثر إعلام قيادة حزبنا برفض الحزب الشيوعي الصيني نقاش التغيّر فى الخطّ الأمميّ لدنك سياو بينغ ، بيّننا لهم على وجه الخصوص أنّ هذا الخطّ يؤدّى إلى سياسة رجعيّة إنطلاقا من موقف الأوساط الرسميّة الصينيّة إزاء الحكم العسكريّ الفاشيّ فى الشيلي . و كان ذلك آخر لقاء بين حزبينا.
و بهذه المناسبة ، نوضّح أنّنا لم نشر ( كما قيل لبعض الأحزاب الإخوة قصد مغالطتهم ) للعلاقات الدبلوماسية بين الصين و الفاشيّين الذين يحكمون الشيلي . بالعكس أعربنا عن إختلافنا العميق مع قلّة الإحساس و غياب التضامن لدى الساهرين على تطبيق السياسة الأمميّة الصينيّة ، فى تناغم مع الخطّ العالميّ لدنك سياو بينغ ، تجاه المأساة التى عاشها شعبنا بداية من الإنقلاب الفاشيّ الذى هزّ أوسع القطاعات الشعبيّة و الديمقراطيّة و التقدّمية فى العالم قاطبة و أثار سخطها . و بالفعل ، التصريح الوحيد حيث تمّ أخذ موقف ، إن صحّ القول، حول ما جدّ بالشيلي ، متضمّن فى التعزيات التى بعث بها الوزير الأوّل السابق شو آن لاي لأرملة الرئيس السابق آلآندي ، أين عبّر عن " حزنه و سخطه " لوفاته ، دون إتّخاذ أي موقف من قتله و دون الإشارة إلى عشرات الآلاف من العمّال الذين تعرّضوا للمذابح و التعذيب و السجن من قبل العسكريّين الفاشيّين . و المعلومات بصدد بعض مظاهر القمع فى الشيلي ، لم تظهر إلاّ أثناء شهر الإنقلاب و كتبت دون أيّ تعليق و لا إبداء رأي . و أكثر من ذلك ، كما لو أريد إبراز قرار عدم التصريح بالرأي حول الفظائع المرتكبة من طرف الجيش الفاشي ، أعيدت طباعة بعض التنديدات بتلك الفظائع لكن دائما من قبل تنديدات آخرين . ثمّ ، حتى المعلومات عن الأعمال القمعيّة وقع تجاهلها و سلوك الصمت المطبق تجاهها و إكتفت المنشورات الصينيّة بتسجيل ، بتـأخير متزايد ، بعض المعطيات عن الأزمة الإقتصاديّة التى تعصف بالشيلي . ونشير لكلّ هذا توضيحا لتضاربه مع ما ظهر فى الصحافة العالميّة فيما يتّصل بإدانة فظائع الفاشيّة فى الشيلي . و إضافة إلى ذلك ، أشرنا إلى أنّ ممثّلي الصين فى الأمم المتّحدة و فى المنظّمات العالميّة الأخرى ، إنسحبوا من الجلسة دون التصويت حينما عرضت القرارات المدينة لبينوتشى و جيشه و شرطته . و بيّننا كيف أنّ هذا الموقف الرسميّ الصينيّ قد لقي ترحيبا كبيرا من موظّفي النظام الفاشيّ الشيليّ ، مثل نائب سكرتير الشؤون الخارجية الذى صرّح فى جانفي 1975 : " الصين الشعبيّة تساند الشيلي فى اللقاءات العالميّة " ، دون أن يتمّ تكذيب ذلك لا قولا ولا فعلا.
وفى الوقت الراهن ، يمكن أن نوجّه تهما أخطر فيما يتعلّق بعلاقاتكم مع النظام الشيليّ الفاشيّ الدمويّ : فقد قدّمتم قروضا للجيش ، و سفير الصين ذاته أُخذت له صور وهو يقدّم هدايا للدكتاتور بينوتشى و فى أوت من هذه السنة ، أصدر تصريحات تشير إلى أنّ " العلاقات بين البلدين قد كانت دائما على مستوى رفيع " و أنّ الصين تنوى أن تعزّزها و أن توسّعها . و فى الأخير ، ختم ذات السفير نشاطاته الموالية للفاشيّة عند مغادرته الشيلي فى منتصف أكتوبر، مصرّحا بأنّه يغادر وهو يحمل " إنطباعا جيّدا جدّا عن الشيلي وعن رئيس الدولة ".
ألا يعدّ الكلام هكذا عن الجزّار الذى نظّم مذابحا و تعذيبا و إستغلالا فاحشين شتيمة للشعب الشيلي؟ أليس هذا تخريبا مفضوحا للدور الثوري الذى لعبته الصين بالنسبة لشعوب العالم؟
أثناء لقائنا الأخير ، فى مطلع 1975، بينما لم يكن التعاون مع الجيش الشيلي الفاشيّ على النحو المعيب الذى سيصبح عليه لاحقا ، كنّا قد أشرنا إلى الضرر الكبير الذى تلحقه بشعبنا سياسة الذين يطبّقون فى الصين خطّ دنك سياوبينغ فى النضال المناهض للفاشيّة و للإمبرياليّة . و ألمحنا إلى الضرر الذى تلحقه هذه السياسة بالأخويّة الثوريّة بين الشعب الشيلي و الشعب الصيني ، و كذلك بسمعة الثورة الصينيّة فى أمريكا اللاتينيّة و فى بقيّة العالم . و فى الأخير ، أشرنا إلى الصعوبات التى تفرزها هذه السياسة الإنتهازيّة بالنسبة لحزبنا ذاته فى الصراع من أجل تعبئة الجماهير الشعبيّة ضد الدكتاتوريّة من أجل فضح السياسة الخيانيّة للتحريفيّة و الإمبرياليّة الإشتراكيّة التى فتحت الطريق للفاشيّة و التى تساهم اليوم فى بقائها فى السلطة. و بالطبع تطالبنا الجماهير الشعبيّة ، وهي تعرف علاقاتنا القديمة مع الحزب الشيوعي الصيني ، بتفسير صداقتكم و تعاونكم مع السفّاحين وهو موقف لا يمكن أن نفسّره من وجهة نظر ثوريّة و نحن لسنا على إستعداد لتبريره لأنّه مناقض بعمق لسياستنا المناهضة بصرامة للفاشيّة و مناقض بعمق لذات مبادئ السياسة الأمميّة الماركسيّة – اللينينيّة .
و كمثال للمساندة التى نودّ الحصول عليها من الصين ، ذكرنا تلك التى كنّا نحصل عليها من معظم الأحزاب الماركسية - اللينينية و من ألبانيا الإشتراكية ، سواء عبر المنشورات ، أو التجمّعات أو أشكال أخرى من التضامن دعما للمقاومة المناهضة للفاشيّة أو المندّدة بجرائم الدكتاتوريّة ، و فضحا للأطروحات التحريفية ، على غرار " الطريق السلمي" و غيرها التى جعلت من الممكن إرساء الفاشيّة فى الشيلي و التى تعرقل اليوم الإطاحة بها .
و فى الأخير ، طالبنا بنقاش حقيقيّ لخلافاتنا بصدد الخطّ العالميّ لدنك سياو بينغ بما أنّه فى الزيارة السابقة ، لم تقع الإجابة و لا على نقطة واحدة من جملة نقاط النقد الموجّه له . و لم نحصل إلاّ على خطاب فيه أعيد تأكيد هذا الخطّ الإنتهازي ، و حرمنا من حقّ تقديم وجهات نظرنا و حتّى طرح أسئلة بشأن ما سمعناه للتوّ و قيل لنا إنّه بإمكانكم القيام بذلك فى اللقاء القادم ".
بعدُ حينذاك رأى حزبنا نفسه أمام خيار الفضح على الملأ و بصورة مفتوحة للخطّ و السياسة العالميّين لدنك سياوبينغ و لفريقه المعارض بعمق للماركسية - اللينينية و فكر ماو تسى تونغ و بالخصوص الضار جدّا بنضال شعبنا المناهض للفاشيّة و الإمبرياليّة. و كان مناضلو حزبنا و حلفاؤنا و القطاعات الواسعة من الجماهير يطالبوننا بإلحاح متزايد بأخذ موقف بهذا المضمار . و إن لم نقم بذلك إلى حينها ، مطلع 1975، عقب لقائنا الأخير مع الحزب الشيوعي الصيني ، فلأنّه بالضبط بداية من تلك السنة ، كنّا نلاحظ فى الصين أحداثا مثيرة فى علاقة بتطوّر الصراع الطبقي جعلتنا نأمل جدّيا فى عمليّة تصحيح . و بالفعل مع بداية 1975، نُشرت دعوة الرفيق ماو إلى " تعزيز دكتاتورية البروليتاريا " و إلى النضال ضد بقايا الحقّ البرجوازيّ فى الصين و كذلك نُشر تحذيره من أنّه طالما ظلّ الحقّ البرجوازيّ قائما سيكون من السهل " بالنسبة لأناس مثل لين بياو أن يعيدوا تركيز النظام الرأسمالي إن توصّلوا إلى السلطة ". و إنطلاقا من توجيهات الرفيق ماو هذه و فى ظلّ قيادته ، تطوّرت فى أواخر 1975 إلى سبتمبر 1976 ، تاريخ وفاته ، تعبئة واسعة النطاق و مستمرّة للجماهير قصد النقد و النضال ضد ما سمّي ب " ريح الإنحراف اليمينيّ " المدفوعة من قبل دنك سياوبينغ للقضاء على مكاسب الثورة الثقافيّة البروليتاريّة .
و إضافة إلى ذلك ، فى أفريل 1976، بإجماع اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ الصينيّ ، و بطلب من الرفيق ماو و الجماهير الشعبية ، وقع عزل دنك سياوبينغ من جميع وظائفه داخل الحزب و خارجه نظرا لضلوعه فى الأحداث المعادية للثورة فى ساحة تيان آن مان . و مثلما تعبّر عن ذلك المنشورات الصينيّة آنذاك ، هذا القرار دعمته التجمّعات التى شارك فيها " مئات الملايين من الناس " . عندئذ كان مبرّرا تماما أن نكون متفائلين و أن نعقد الآمال على أن تتمّ إعادة تركيز الخطّ الأمميّ للرفيق ماو ، خطّ كان سائدا فى أوج الصراع الإيديولوجيّ ضد التحريفيّة و خلال الثورة الثقافيّة . لقد دفعتنا هذه الظروف المواتية للصراع الطبقيّ فى الصين و كذلك ضرورة مضاعفة الجهود لجعل مجمل الحركة الماركسيّة - اللينينيّة تفهم هذا المشكل - إذ أنّ بعض اعوان دنك سياو بينغ حاولوا نشر البلبلة - إلى تطوير النضال ضد هذا التيّار التحريفيّ الجديد ، تدريجيّا ، قبل الوصول إلى النقد العلنيّ و إلى القطيعة. وهذا ما قمنا به من خلال عديد وثائق الحزب الشيوعي الثوري و من خلال أخذ مواقف مضمّنة فى التصريحات المشتركة مع الأحزاب الإخوة و من خلال تدخّلاتنا فى التجمّعات العالميّة و النقاشات الثنائية .
و فى النهاية ، لم تبق الأحداث المأساويّة التى تلت وفاة الرفيق ماو و سجن الذين برزوا أثناء الثورة الثقافيّة و قاتلوا إلى جانبه قادة التحريفيّة فى الصين و " إعادة الإعتبار" المخزية لأناس أدانتهم الثورة الثقافيّة و لأمثال دنك سياوبينغ الذين أُدينوا لتكرارهم أخطاء ؛ و القمع الشديد لقطاعات من الجماهير و الكوادر المصمّمين على الدفاع عن مكاسب الثورة الثقافيّة و غيرها من المكاسب ، لم تبق ظلاّ للشكّ فى أنّه حصل إنقلاب مضاد للثورة فى الصين . فى هذه الظروف ، نعتبر انّه من واجبنا أن نندّد بالذين إستولوا على السلطة و أن نقاتلهم علنيّا . و هكذا نستجيب لنداء الرفيق ماو سنة 1965 حين دعا : " إذا إفتك التحريفيون مستقبلا قيادة الصين ، على الماركسيين – اللينينيين فى كافة البلدان أن يفضحوهم بصرامة و أن يناضلوا ضدّهم و أن يساعدوا الطبقة العاملة و الجماهير الصينيّة فى قتال هذه التحريفية ."
و بصورة خاصّة ، فيما يتّصل بالسياسة و الخطّ العالمي للحركة الماركسيّة - اللينينيّة ، من حقّنا و من واجبنا أن نفصح عن رأينا . لا يمكن لأيّ حزب مهما كانت أهمّيته بالنسبة للحركة الثورية أن يعمل على فرض خطّه العالمي على الأحزاب الأخرى و أقلّ من ذلك ، أن يحلّ خطّا تحريفيّا محلّ خطّ ماركسيّ - لينينيّ و يدّعي أنّ الجميع يتّبعونه فى هذا الإنحراف الإنتهازيّ . مشاكل مثل : تحديد العدوّ الرئيسيّ لشعوب العالم و تحديد نوع الجبهة المتّحدة التى يجب أن تعارضه و رسم السلوك المتوخّى فى مواجهة خطر الحرب أو المعايير المتعلّقة بوحدة الماركسيّين - اللينينيّين و دور الطليعة ، أمور تخصّ كافة الحركة الشيوعية العالمية . فى " رسالة ال25 نقطة " المكتوبة تحت إشراف الرفيق ماو ، يمكن أن نقرأ :
" و إذا قبل القول بأنّه ما من " كبار" و " تبع " فى العلاقات بين الأحزاب الشقيقة، فمن غير المسموح به إذن فرض برنامج و قرارات و خطّ حزب معيّن ، على الأحزاب الشقيقة الأخرى بإعتبارها " البرنامج المشترك " للحركة الشيوعية العالمية ".
( ص 55 من " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعيّة العالميّة " ، الطبعة العربية ، دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكن 1963)
و فيما يتّصل بحزبنا ، فإنّ الضغوطات الممارسة عليه من قبل الزمرة التحريفيّة التى تسيطر مؤقّتا على الحزب الشيوعيّ الصينيّ كرفض النقاش و رفض حتّى إستقبال الأحزاب التى لا تشاطرهم الراي و تشويهها ؛ و السعي إلى تقسيمها و تجاوزها بتشجيع مجموعات إنتهازيّة إلخ... لن تجعلنا نغيّر وجهات نظرنا و لن تمنعنا من إدانة خطّ عالمي نعتبره رجعيّا . و لن تمنعنا كذلك – و نحن نعتبر الوقت مناسب ، ومهما كانت العواقب - من فضح الطبيعة الرجعيّة و المعادية للماركسيّة للذين يبذلون قصارى الجهد لفرض هذا الخطّ و إتّخاذه مرشدا لنشاطاتهم .
فيما يتمثّل الخطّ العالمي التحريفي لدنك سياو بينغ و أضرابه ، الذين سعوا إعتمادا على المغالطة إلى تمريره ك " خطّ عالمي للرئيس ماو" ؟ ليس سوى إعادة – تقريبا نقطة نقطة – للخطّ التحريفي العالمي لخروتشاف و من خلفه ، و هو خطّ روّجوا له للحيلولة دون نهوض الشعوب ضد الإستعمار و الإستعمار الجديد و هكذا يوجدون ظروفا لتعويض الإمبرياليّة التقليديّة كمستغِلين و مضطهِدين لهذه الشعوب . إنّه الخطّ الذى طبّقه الإتّحاد السوفياتيّ بهدف تشجيع تحويله إلى قوّة عظمى إمبرياليّة - إشتراكيّة و النزاع من أجل الهيمنة العالميّة مع الإمبراليّة الأمريكيّة . وقد قاتله بشدّة الرفيق ماو و الرفيق خوجا و ماركسيّون - لينينيّون آخرون صينيّون و ألبانيّون و من بلدان أخرى ، لا سيما خلال النضال ضد التحريفيّة المعاصرة . و قد إستهدفت الوثائق التى أشرنا إليها فى بداية هذه الرسالة المفتوحة : " رسالة ال25 نقطة " و التعليقات التسعة على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي إلى الحزب الشيوعي الصيني ، المكتوبة تحت إشراف ماو تسى تونغ ، قد إستهدفت فضح هذه السياسة العالميّة الرجعيّة لخروتشاف و خلفائه . و تمثّل هذه الوثائق " الخطّ العالميّ لماو تسى تونغ " ، و حتّى أنّ المفاهيم المضمّنة فيها من أعماله المعروفة جدّا و ليست من التزويرات التى يدّعى دنك سياو بينغ و زمرته تعويضها بها .
و بالعكس ، مثلما أشرنا إلى ذلك ، لخّص دنك سياو بينغ وجهات نظره المعادية للماركسية فى تدخّله فى الأمم المتّحدة فى أفريل 1974 وفى بعض كتاباته الأخرى . فقد إستهلّ تدخّله بالتنكّر لوجود إضطهاد سياسيّ إستعماريّ و إستعماريّ جديد شأنه فى ذلك شأن خروتشاف قبله و بكلمات متشابهة . قال : " كانت عديد البلدان فى طريق النموّ لوقت طويل ضحايا الإضطهاد و الإستغلال الإستعماريّين و الإمبرياليّين . و قد كسبت إستقلالها السياسي ؛ و مع ذلك تجد نفسها بلا إستثناء فى مواجهة مع المهمّة التاريخية للقضاء على قوى الإستعمار المتبقيّة و تطوير الإقتصاد الوطني و تعزيز الإستقلال الوطني ". و فى نقطة أخرى ، أضاف : " حسب رأينا ، من المهمّ لبلدان العالم الثالث فى المقام الأوّل أن تصون الإستقلال السياسيّ إذا أرادت أن تطوّر إقتصادها . بالحصول على الإستقلال السياسيّ ، لم يقم شعب بلد ما إلاّ بخطوة أولى ، إذ يجب بعدُ أن يعزّزها ذلك أنّه داخل البلاد هناك قوى الإستعمار المتبقّية و فى نفس الوقت هناك خطر التمرّد و العدوان من قبل الإمبرياليّة و قوى الهيمنة . و يعنى تعزيز الإستقلال السياسيّ سيرورة صراع متكرّرة . فى آخر التحليل ، الإستقلال السياسي و الإستقلال الإقتصادي مترابطان . دون إستقلال سياسيّ ، لا يمكن الحديث عن إستقلال إقتصادي و دون إستقلال إقتصادي ليس استقلال بلد ما لا تاما و لا صلبا ".
بالنسبة لهذا التابع الوفيّ لليو تشاوتشي و خروتشاف ، إن البلدان التى يسمّيها ببلدان " فى طريق النموّ " ( واضعا قناعا على التبعيّة السياسية التى تمنع أو تشوّه تطوّرها ) ، " كانت " فى الماضى ضحيّة الإضطهاد . و حاليّا ، " قد كسبت إستقلالها السياسيّ" و تحتاج فقط إلى القضاء على الأشكال " المتبقّية " من الإستعمار. بالنسبة له ، يتعلّق الأمر فقط ب" صيانة " و " تعزيز" هذا الإستقلال الذى يعتبره قد كسب ، ضد القوى " المتبقّية " من الإستعمار وضد " خطر" التمرّد أو العدوان الإمبريالي . حسب رأيه ، الإستقلال الإقتصادي يجب الحصول عليه حتى يُصبح الإستقلال السياسي المكتسب بعد " تاما " و " صلبا ".
و بالعكس، ماذا يقول لنا الرفيق ماو و الذين صاغوا معه التعليق النقديّ على الرسالة المفتوحة للجنة المركزيّة للحزب الشيوعي السوفياتيّ و المعنون " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " ؟ يقولون فيه :
" هناك مجموعة من البلدان قد أعلنت إستقلالها و لكن العديد من هذه البلدان لم يتخلّص تماما من سيطرة و عبودية الإستعمار و الحكم الإستعماري ، و لا يزال هدفا للنهب و العدوان الإستعماريّين و حلبة للصراع بين الحكّام الإستعماريّين القدامى و الجدد . ففى بعض هذه البلدان تغيّر الحكّام الإستعماريّون القدامى إلى حكّام إستعماريّين جدد ، و ما زالوا يحافظون على حكمهم الإستعماري عن طريق عملائهم المدرّبين ."
(" مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد "، ص 4 من الطبعة العربية ، دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين 1963)
و بعد أسطر :
" إنّ الحقائق واضحة. و لن يتخلّ المستعمرون ، بعد الحرب العالمية الثانية ، عن الحكم الإستعماري بكلّ تأكيد، و لكنّهم فقط تبنّوا شكلا جديدا هو الحكم الإستعماري الجديد . إنّ إحدى المميزات الهامة لمثل هذا الحكم الإستعماري الجديد هي أنّ المستعمرين قد أجبروا على تغيير اسلوبهم القديم أسلوب الحكم الإستعماري المباشر فى بعض المناطق و إتّباع أسلوب جديد فى الحكم و الإستغلال الإستعماريّين بالإعتماد على العملاء الذين إختاروهم و درّبوهم لهذا الغرض . إنّ المستعمرين برئاسة الولايات المتّحدة يسيطرون أو يستعبدون البلدان المستعمرة و البلدان التى أعلنت إستقلالها و ذلك عن طريق تنظيم الكتل العسكرية ؛ و إنشاء القواعد العسكرية و إقامة " الإتّحادات" أو " المجموعات " و تدعيم الأنظمة القرقوزيّة... و عندما يعجزون عن مواصلة حكمهم لهذه البلدان بالوسائل " السلميّة " يلجأون إلى تدبير الإنقلابات العسكرية ؟ و يقومون بالأعمال الهدامة إلى حدّ اللجوء إلى التدخّل و العدوان المسلّحين المباشرين " و يستخلصون : " إنّ الحكم الإستعماري الجديد هو حكم إستعماري أشدّ وبالا و شرّا ". ( ص 7،6،5)
هذه إجابة فى تناغم مع الأفكار الحقيقيّة لماو تسى تونغ حول المدّعى " إستقلال سياسيّ" كسبته بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية وفق الأطروحات التحريفية لدنك سياوبينغ .
و فى جزء آخر من تدخّله فى الأمم المتّحدة ، يشير دنك سياوبينغ إلى أنّه : " نظرا لأنّ عديد بلدان و شعوب العالم الثالث قد عرفت كيف تكسب الإستقلال السياسي عبر نضال طويل الأمد ، فإنّها بلا أدنى شكّ و على هذا الأساس ، ستوحّد صفوفها و تتّحد مع البلدان ضحايا مكائد القوى العظمى و مع كافة شعوب العالم ، بما فى ذلك الشعوب الأمريكية و السوفياتية ، لتحصل ، عبر نضال مستمرّ ، على تغيير جذري فى العلاقات الإقتصادية العالمية القائمة على اللامساواة و النهب و الإستغلال ، و لتوفير الظروف اللازمة لتطوّر بإستقلالية تامة الإقتصاد الوطني". بالنسبة لهذا التابعي الوفيّ لخروتشاف، لا يتعلّق الأمر بالنضال لكسب إستقلال سياسي حقيقي بكسر سلاسل الإستعمار و الإستعمار الجديد . يتعلّق الأمر فحسب بتحسين " العلاقات الإقتصادية العالمية القائمة على اللامساواة " و بهذه الطريقة ، التمكّن من " تطوّر الإقتصاد الوطني بإستقلالية تامّة " . تأكيد من هذا القبيل يساوى أن نقول للعمّال والفئات الشعبيّة التى ترزح تحت وطأة الرأسمالية :" إنّكم " أحرار . فى المجتمع الرأسمالي ، لمعالجة مشاكلكم ، يكفى أن تطلبوا أجورا أفضل من أعرافكم ". بديهيّا ، ليس تأكيد دنك سياوبينغ المذكور أعلاه موجّها لشعوب العالم المضطهَدة سياسيّا و إنّما يهدف إلى جعل بعض التناقضات بين عملاء القوى العظمي و أسيادهم تحتدّ ، بغاية كسب بعض الحلفاء من ضمنهم و بناء هيمنة الصين الخاصّة . ماذا يقول لنا التعليق الوارد أعلاه " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " عن موضوع هذا النظام " الفذّ " لدنك سياوبينغ ل "مواجهة " الإمبريالية؟ يقال لنا :
" لقد إبتكر قادة الحزب الشيوعي السوفياتي أيضا " النظرية " التى تقول بأنّ حركة التحرّر الوطني قد دخلت " مرحلة جديدة " محورها المهمّات الاقتصاديّة . و حججهم هي أنّه بينما " كان النضال فى السابق أساسا فى المجال السياسيّ " أصبحت القضية الإقتصاديّة اليوم " المهمّة المركزيّة " و " الحلقة الأساسيّة فى دفع تطوّر الثورة " ." (ص 8)
و كما نلاحظ ذلك ، فى هذا الجانب أيضا ليس ماو هو الذى ألهم دنك سياوبينغ لكن ، كما جرت العادة ، مُلهموه هم أسياده فى الإنتهازيّة و التحريفيّة السوفيات. و يواصل التعليق ناقدا هذه المفاهيم :
" إنّ حركة التحرّر الوطني قد دخلت مرحلة جديدة ، لكنّها ليست بأيّ حال " المرحلة الجديدة " التى وصفها قادة الحزب الشيوعي السوفياتي . ففى هذه المرحلة الجديدة إرتفع مستوى الوعي السياسيّ للشعوب الآسيوية و الأفريقيّة و الأمريكيّة اللاتينيّة إلى درجة لم تسبق من قبل ، كما انّ الحركة الثوريّة تندفع اليوم قدما بقوّة لم يسبق لها مثيل ، و أنّ هذه الشعوب تطالب ملحّة بإستئصال قوى الإستعمار و عملائه فى بلدانها إستئصالا تاما، و تكافح فى سبيل إستقلال سياسي و إقتصادي تامين . إنّ المهمّة الأوّليّة و الملحّة التى تواجه هذه البلدان لا تزال هي دفع تطوير النضال ضد الإستعمار و الحكم الإستعماري القديم و الجديد و عملائهم . و لا يزال هذا النضال جاريا بعنف فى الميادين السياسيّة و الإقتصاديّة و العسكريّة و الثقافيّة و الإيديولوجيّة و غيرها، و لا تزال النضالات فى هذه الميادين تجد أقوى تعبير لها فى النضال السياسي ، الذى كثيرا ما يتطوّر لا محالة إلى نضال مسلّح عندما يلجأ المستعمرون إلى القمع المسلّح المباشر أو غير المباشر. من المهمّ جدّا للبلدان المستقلّة حديثا أن تطوّر إقتصادها المستقلّ و لكن يجب ألاّ يفصل هذا الواجب أبدا عن النضال ضد الإستعمار و الحكم الإستعماريّ القديم و الجديد و عملائهم ." (ص 8-9)
و يخلص التعليق " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " إلى أنّه : " وفقا لنظريّتهم هذه ، فإنّ الكفاح ضد الإستعمار و الحكم الإستعماري القديم و الجديد و عملائهم ، لم يعد بالطبع ضروريّا لأنّ الحكم الإستعماري أخذ يختفى و أصبح التطوّر الإقتصاديّ الواجب الرئيسيّ لحركة التحرّر الوطني . و إذا إتّبع المرء هذا المنطق ،ألا يصل إلى نتيجة أنّه يمكن الإستغناء تماما عن حركة التحرّر الوطني؟ " (ص 9)
و على دنك سياوبينغ - الببّغاء الوفيّ لنظريّات خروتشاف و خلفائه المناهضة للماركسية - أن يقدّم إجابة عن هذا السؤال.
جهود دنك سياوبينغ لإلغاء مهمّة حركة التحرّر الوطني لم تنحصر ، مع ذلك ، في الإقتصادويّة التى يقترحها كسيرورة لمواجهة الإستعمار و الإستعمار الجديد . و تأكيد أنّ الإقتصادويّة التى إستعملها فى الصين تعلّة لمعارضة دكتاتورية البروليتاريا ، تنبع من ذات المفهوم الإقتصادويّ هو الآخر الذى يستعمله ليقدّم طبيعة الإستعمار الجديد . هل يرى دنك سياوبينغ الإستعمار الجديد ك " الشكل الأكثر كارثيّة و الأكثر خبثا من أشكال الإستعمار"، كشكل من الهيمنة السياسية للإمبريالية " من خلال عملاء إختارتهم و درّبتهم "، من نوع بينوتشى فى الشيلي؟ لا مطلقا . فى تدخّله فى الأمم المتّحدة ، كان يؤكّد أنّ " الإمبريالية و خاصة القوّتين الأعظم تعتمدان على طرق إستعمارية جديدة و تواصل بحماس مضاعف إستغلال و نهب البلدان فى طريق النموّ . لقد صدّرت رؤوس الأموال و خلقت ما نسمّيه " دولة داخل الدولة " بواسطة المنظّمات الإحتكارية العالمية مثل الشركات المتعدّدة الجنسيّات " ، بهدف إقتراف النهب القتصادي و التدخّل السياسي فى الشؤون الداخلية ". إذن بالنسبة لدنك سياو بينغ الإستعمار الجديد ليس شكلا " كارثيّا خبيثا من أشكال الإستعمار ، و من الهيمنة السياسيّة و الإقتصاديّة للإمبريالية ، لكن مجرّد " طرق " من الإستغلال و النهب و كذلك مجرّد نظام " تدخّل فى الشؤون الداخلية ". لا يتعلّق الأمر بالنسبة له بشكل من هيمنة دولة تمارسة الإمبرياليّة أو الإمبرياليّة - الإشتراكيّة بواسطة عملائها ( مثلا ، العسكريّون الفاشيّون فى تقريبا كامل أمريكا اللاتينيّة و البيروقراطيّة الإشتراكيّة زيفا فى أوروبا الشرقية)، لكن نوعا من " الدولة داخل الدولة " ، نتيجة لتصدير رؤوس أموال " الشركات المتعدّدة الجنسيّات " . و بالتالى الدولة الحقيقيّة ، المستقلّة سياسيّا ( حسب دنك سياوبينغ ) يمكن أن تتحرّر من هذه " الطرق " الإستعمارية الجديدة بإتّخاذ إجراءات إقتصاديّة ضد " الشركات المتعدّدة الجنسيّات " و هكذا يتمّ إلغاء " تدخلها السياسي فى الشؤون الداخلية " و " نهبها الاقتصادي".
جوهر منطق دنك سياوبينغ فى تعارض مع حركة التحرّر الوطني ، وهو ينجم عن رغبته فى أن تفكّ القطاعات البرجوازية العميلة للقوى العظمى إرتباطها بسادتها الإمبرياليّين لتتّحد معه و تطوّر مجال تأثيره الخاص . و كلّ هذا يتعارض مع أن يطرد الشعب الإمبرياليّين و يطيح بالعملاء ، على أساس حركة ثوريّة حقيقيّة للتحرّر الوطني بأفق إشتراكيّ . لا يجب أن ننسى كما سبق و أن أشار إلى ذلك الرفيق ماو فى الإجتماع العام الثامن للجنة المركزيّة الثامنة فى 1959، وهو يلمح إلى إنتهازيّين مثل دنك سياوبينغ ، بأنّهم لم يكونوا أبدا ثوريّين بروليتاريّين وإنّما فقط ديمقراطيّين برجوازيّين أو ديمقراطيّين برجوازيّين صغار إنضمّوا إلى صفوف الثوريّين البروليتاريّين . ما كانوا قط ماركسيّين – لينينيّين بل رفاق درب للحزب . لاحقا ، لافتا النظر إلى المشكل ذاته ، أثناء الصراع ضد " ريح الإنحراف اليمينيّ " التى يقف وراءها دنك سياوبينغ ضد الثورة الثقافية ، أشار الرفيق ماو قبيل وفاته إلى أنّه : " إثر الثورة الديمقراطية لم يقف العمال و الفلاحون الفقراء و المتوسّطون مكتوفي الأيدى ، أرادوا الثورة . و من جهة أخرى ، لم يرد عدد من عناصر الحزب المضي قدما ، فبعضهم تراجع و عارض الثورة . لماذا ؟ لأنّهم أصبحوا موظّفين سامين و أرادوا الحفاظ على مصالحهم كموظّفين سامين". إن كانت مشاريعهم للصين هي فعلا إعادة الثورة إلى مرحلتها البرجوازية و معارضة الإشتراكية ، هل يمكن أن نفاجأ بأن يرغبوا فى أن يتوافقوا مع القوى البرجوازية لما يسّمونه " عالم ثالث " أو " عالم ثاني" و أن يعارضوا التحرّر الوطني الحقيقي فى ظلّ القيادة البروليتارية و بأفق إشتراكي ؟ ليست سياستهم العالميّة سوى إنعكاس " لمصالحهم الفئوية " التى أدانها ماو تسى تونغ و ناضل ضدّها ، على النطاق العالمي .
واحدة من أكبر المغالطات التى إبتدعها دنك سياوبينغ بهدف معارضة الحركة الثورية للتحرّر الوطني و التوحّد مع برجوازية البلدان الخاضعة للإستعمار و الإستعمار الجديد ( بما فى ذلك قطاعات من البرجوازية العميلة للقوى العظمى ) ، هي محاولة تقديم " بلدان العالم الثالث " كقوّة محرّكة للتاريخ . غالبا ما تحدّث الماركسيّون و ضمنهم الرفيق ماو عن " الأمم " المضطهَدَة ، إلاّ أنّ هذا المصطلح يشير إلى سكّان بلد يوحّده الأصل الواحد و لغة و تقاليد مشتركة ، أي جوهريّا ، شعب بلد ما . و بالعكس مفهوم بلد ، يحيل فقط على الحدود الجغرافيّة و الترابية التى ضمنها توجد عموما أمّة . بالنسبة للبرجوازية ، ممثّلو الذين يعيشون فى بلد هي الفئات المهيمنة التى تتحكّم فى جهاز الدولة و بالخصوص حكومة البلد و بالنسبة للماركسيين - اللينينيين ، الممثّل الحقيقي للذين يقطنون بلدا ما هو الشعب و تعبيرته الحقيقيّة هي البروليتاريا و حزبها الطليعي الحزب الماركسي – اللينيني .
لقد كان الماركسيّون يتحدّثون على الدوام عن الشعوب كقوّة محرّكة للتاريخ ، سواء فى مرحلة العبوديّة أو الإقطاعيّة أو الرأسماليّة ، معتبرين أنّ فى نمط الإنتاج الأخير هذا القائم على إستغلال الإنسان للإنسان، البروليتاريا هي الممثّل الحقيقيّ للمصالح الشعبيّة . و بالعكس ، يتحفنا دنك سياوبينغ بالتجديد التالي : بلدان " العالم الثالث " هي القوّة المحرّكة للتاريخ . و لا يتعلّق الأمر بخطإ فى الترجمة مردّه تعقيد اللغة الصينيّة . إنّ الذين يساعدونه أو الذين ألهموه مفاهيمه الإنتهازيّة قد إختاروا بعناية هذه التسمية " بلدان " . و عند الحديث عن " بلدان " ، أوجدوا لأنفسهم مساحة من الضبابيّة يحتاجونها ليجعلوا الناس تعتقد أنّ مصير شعوب هذه البلدان يهمّهم لكن فى الواقع يفعلون ذلك لأجل التفاهم مع حكّامها ، مع فئاتها البرجوازيّة المهيمنة. و هكذا ، يؤكّد دنك سياوبينغ فى تدخّله فى الأمم المتّحدة على أنّ : البلدان " فى طريق النموّ " تمثّل " القوّة الثورية المحرّكة التى تجعل عجلة التاريخ العالمي تتقدّم و كذلك القوّة الرئيسية فى النضال ضد الإستعمار و الإمبريالية و بالخصوص ضد القوى العظمى". فى الأمم المتّحدة ، المكان الذى إختاره دنك سياوبينغ لإلقاء خطابه التحريفي ، " تمثّل " البلدان بحكوماتها المتعارضة عموما مع شعوبها وهي ، مع إستثناءات قليلة ، فى خدمة هذه القوّة العظمى أو تلك .
و بلا شكّ يقصد دنك سياوبينغ هذه الحكومات حين يتحدّث عن " بلدان " و أبدا عن شعوبها ما يجعلنا نقول إنّ بالنسبة له ، " البلدان " هي حكوماتها . و هذا ناجم عن جميع إطار تدخّله فى الأمم المتّحدة و عن عديد خطاباته التالية التى نعرفها و كذلك عن دعاية المنشورات الصينيّة الشارحة لأفكاره . فى ذلك التدخّل فى الأمم المتّحدة ، مثلا ، يقدّم كأدلّة على النضال المناهض للإمبريالية ل" بلدان" " العالم الثالث " ، " الندوة العاشرة لقمّة البلدان الأفريقيّة " و " الندوة الرابعة لقمّة البلدان غير المنحازة " و ندوة " قمّة البلدان العربية " و أيضا " ندوة قمّة البلدان الإسلامية ".
بديهيّا ، من كافة الذين يشاركون فى هذه الندوات فى القمم ، كانت الحكومات ، الفئات البرجوازية و عادة الفئات شبه الإقطاعية المهيمنة فى هذه البلدان و ليست شعوبها .
فيما بعد فى تدخّله ، يختلف دنك سياوبينغ مع ما يمثّل حقّا نضال الشعوب ، عندما قال : " تطوّر شعوب الموزنبيق و أنغولا والزنبابوي وناميبيا وآزانيا بحيوية نضالا مسلّحا و حركة جماهيرية ضد الهيمنة الإستعمارية البرتغالية و عنصريّة البيض فى أفريقيا الجنوبيّة و فى روديسيا الجنوبيّة ".
وفى مقطع آخر من تدخّله ، قال : " نعتقد أنّ العلاقات السياسيّة و كذلك الإقتصاديّة بين الدول يجب أن تقوم على المبادئ الخمسة التالية : الإحترام المتبادل و عدم التدخّل المتبادل فى الشؤون الداخلية و عدم الإعتداء المتبادل و المساواة و المنافع المتبادلة والتعايش السلمي ". و على الفور يضيف لضرب مثل عن ما قاله سابقا و ليبيّن كيف أنّ ، بالنسبة له ، كلمة " بلد " مرادف ل" دولة " : نعارض أن يخالف بلد، مهما كان أن يتجاوز هذه المبادئ و يركّز هيمنته و يخلق مجالات تأثير فى منطقة ما ". و فى مناسبة أخرى ، عند إستقبال المستشار هلموت شيت من ألمانيا الغربية ، صرّح دنك سياوبينغ بما يلى : " جاء المستشار شميت إلى بلادنا بمناسبة الذكرى الثالثة لإرساء علاقات دبلوماسية بين بلدينا ". دون أدنى شكّ مثل هذه العلاقات ترسى مع الحكومة الرجعيّة لألمانيا الغربية و ليس مع شعبها .
و المقالات فى المنشورات الصينية الهادفة للترويج لخطّ دنك سياوبينغ ، لا تدع أيّ ظلّ للشكّ فى أنّه يعتبر كلمتي " البلد " و "الدولة " كلمات مترادفة. و هكذا ، مثلا ، فى أخبار بيكين عدد44 فى نوفمبر 1974، نقرأ : " القوى العظمى ليس بوسعها أن تتحكّم فى الأمم المتّحدة . فبلدان العالم الثالث تمثّل الغالبيّة الساحقة للأمم المتّحدة ، مغيّرة هكذا تكوين هذه المنظّمة العالميّة ". "بلد" ، إذن، بالنسبة لدنك سياوبينغ و زمرته ، يعنى : بينوتشى و بنزار و فيدالا و عسكريّون فاشيّون آخرون لأمريكا اللاتينيّة التى تبعث بممثّلين عن حكوماتها إلى الأمم المتّحدة . و فى أخبار بيكين عدد 43 فى أكتوبر 1977، نقرأ : " تحوّل النقاش عموما ( فى الأمم المتّحدة) ، فعلا، إلى فضح و نقد للقوّتين الأعظم من قبل بلدان العالم الثالث ". وفى مقال آخر ، قال : " أرست الصين علاقات تعاون إقتصادي و تقنيّ بين أكثر من خمسين بلدا و قدّمت لهم مساعدة على قدر إمكانيّاتها " . بالتأكيد ، جزء " المساعدة " و " التعاون " المقدّمة لحكومة بينوتشى ، لا علاقة لها بمصالح الشعب الشيلي .
و لكن ثمّة المزيد . لم يعتبر دنك سياوبينغ فقط أن " بلدان" ما يسمّى ب" العالم الثالث " ، أي حكوماتها ، تمثّل " القوّة الثوريّة المحرّكة لتقدّم عجلة التاريخ " إلاّ أنّه يعتقد أيضا أنّ طليعة الشعوب فى النضال من أجل تحرّرها هي الحكومات المكوّنة من الطبقات المهيمنة التى تستغلّ الشعب و هي عادة فاشيّة و عميلة لهذه القوّة العظمى أو تلك ، و ليس البروليتاريا و الأحزاب الماركسية – اللينينية . و بالفعل ، فى ذات هذا الخطاب أثناء إستقبال هلموت شميت ، قيل : " وحدة و نضال بلدان العالم الثالث رفعا إلى مستوى أرقى نضال شعوب العالم ضد الإستعمار و الإمبريالية و الهيمنة ". و خروشاف عينه لم يتجرّأ على صياغة مثل هذه الفاحشة المناهضة للماركسية !
فى هذه الجملة ، بالنسبة لكتب تاريخ...التحريفية ، يميّز بوضوح بين " بلدان" و " شعوب" ، لكن ليجعل من هذه الأخيرة تحت هيمنة حكوماتها و يقدّم ذلك كإنتقال إلى " مستوى أرقى" فى النضال ضد " الإستعمار و الإمبريالية و الهيمنة ". و هكذا نعرف أن بينو تشى ، الدكتاتور المفروض بالحديد و النار من قبل الإمبريالية الأمريكية و الخادم الوفيّ لهذه القوّة العظمى ، رفع إلى " مستوى أرقى" نضال الشعب الشيلي " ضد الإستعمار و الإمبريالية و الهيمنة ".
فى الواقع ، كان الرفيق ماو على حقّ حين كان يقول عن دنك سياوبينغ إنّه : " لا يميّز بين الإمبريالية و الماركسية ". و الرفيق ماو ، بالعكس ، صاغ اطروحة مناقضة تماما لأطروحة دنك سياوبينغ ، حين قال : " بإمكان بلد ضعيف أن يهزم بلدا قويّا ، و بإمكان بلد صغير أن يهزم بلدا كبيرا ، إن تجرّأ على النهوض و النضال و لجأ إلى الأسلحة و أخذ مصير بلاده بيديه ".
فى نداءاته ، توجّه ماو تسى تونغ على الدوام إلى شعوب العالم التى يعتبرها القوّة المحرّكة للتاريخ . ففى 1958 ، أشار إلى : " لئن تمسّكت مجموعات رأس المال الإحتكاري بسياسة العدوان و الحرب ، سيأتى حتما يوم تشنقهم فيه شعوب العالم . و شركاء الولايات المتّحدة يجب أن يتوقّعوا المصير ذاته ". و فى 1964، صرّح مساندا شعب الكونغو : " يا شعوب العالم بأسره إتّحدى من أجل طرد المعتدين الأمريكان و جميع عملائهم ! يا شعوب العالم ، تشجّعى و تجرّئى على النضال ، تحدّى الصعوبات و تقدّمى فى شكل أمواج . و هكذا سيكون العالم بأسره ملكا للشعوب . سيقع القضاء على كافة أرهاط الوحوش ". و بصدد العدوان الأمريكي ضد سان دومينيك ، أعرب الرفيق ماو عن التالى : " قد أدّى التدخّل المسلّح للولايات المتّحدة فى جمهورية الدومينيك إلى موجة جديدة من مناهضة الأمريكيّين فى صفوف شعوب أمريكا اللاتينيّة و العالم قاطبة...على شعوب الكتلة الإشتراكيّة أن تتّحد ...أن تتّحد و تشكّل أوسع جبهة متّحدة للنضال ضد سياسة عدوان و حرب الإمبريالية الأمريكية و الدفاع عن السلم العالمي . شعار تشكيل هذه الجبهة هو : الإتّحاد مع كافة القوى الشعبيّة و الوطنيّة لطرد الإمبرياليّة إثر نضال مرير و مديد ". و من ذات الصنف هي تصريحاه ضد الميز العنصري فى الولايات المتحدة ( 1963) ؛ و ضد العدوان الأمريكي فى جنوب الفتنام ( 1963) ، و مساندة لشعب الباناما (1964) ، و مساندة للأمريكان السود (168) . و فى 1969 ، دافع عن أنّ :
" الإمبريالية و كلّ الرجعيّين نمور من ورق... و التحريفيّون أيضا نمور من ورق...التحريفيّون السوفيات و الإمبرياليّون الأمريكان فى مفترق طرق و قد إرتكبوا عديد الجرائم ، ليس بوسع شعوب العالم أن تتركهم دون عقاب. لقد نهضت شعوب كافة بلدان العالم و إنطلقت موجة جديدة من مناهضة الإمبريالية الأمريكية و الإمبرياليّة - الإشتراكيّة التحريفيّة السوفياتيّة."
و من جهتها ،أعربت " رسالة ال25 نقطة " عن أنّ : " الإستعمار الأمريكي يدفع سياساته العدوانية و الحربيّة فى كلّ أرجاء العالم، و لكن النتيجة ستكون حتما على نقيض ما يريد و ستكون فقط تعجيل يقظة الشعوب فى كلّ البلدان و دفع ثوراتها إلى الأمام.
و هكذا وضع المستعمرون الأميركيون أنفسهم فى موضع المعارضة لشعوب العالم أجمع و أصبحوا مطوّقين بهذه الشعوب. إنّ البروليتاريا العالمية يجب و يمكنها أن توحد جميع القوى التى يمكن توحيدها و تستفيد من التناقضات الداخلية فى معسكر العدو و تؤسس أوسع جبهة متحدة ضد المستعمرين الأميركيين و أتباعهم.
إنّ الطريق الواقعي الصحيح هو أنّ يكون مصير الشعوب و البشرية رهنا على وحدة و نضال البروليتاريا العالمية و على وحدة و نضال الشعوب فى كلّ البلدان. " (ص 13)
و بُعيد ذلك ، و كأنّها محاكمة بصورة مسبّقة للخطّ التحريفي لدنك سياوبينغ ، ورد فى الوثيقة :
" و الموقف الذى يتّخذ تجاه النضالات الثوريّة لدى الشعوب فى بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية هو مقياس هام لتمييز الذين يريدون الثورة عمن لا يريدونها ". (ص 16-17)
وفيما يتعلّق بالطريق التى ينبغى أن يتّبعه ، على كلّ بلد مستعمر أو خاضع للإستعمار الجديد ليتحرّر، توجد عديد الكتابات للرفيق ماو تعارض تماما تأكيدات دنك سياوبينغ المعادية للماركسيّة . فالتحرّر الوطني ثمرة ثورة فى البلد الخاضع ، ثورة تهدف للإطاحة بالقوى – الإقطاعيّة و البرجوازيّة – التى تعمل كسند للهيمنة الإمبريالية و التى هي ذاتها ، بما هي مستغلّون كبار للشعب ، تمثّل أيضا هدفا للثورة الديمقراطية الشعبية و المناهضة للإمبرياليّة . و يعنى التحرّر الوطني ، كذلك ، قرار المواجهة عبر حرب تحرير شعبيّة لمحاولات الإمبريالية الحفاظ على هيمنتها بالقوّة المسلّحة . و لا يمكن لنضال التحرّر هذا أن يحقّق أهدافه حاليّا ، فى ظلّ قيادة البرجوازية ، حتى و إن تعلّق الأمر بفئاتها المعادية للإمبرياليّين . لكن أقلّ من ذلك ، لا يمكن النيل منهم فى ظلّ قيادة فئات موالية للإمبرياليّين و متعاونة مع الإمبرياليّة أو عميلة لها وهي فئات نجدها فى حكومات جزء كبير من البلدان المسمّاة " عالم ثالث " ، فئات تمثّل بالنسبة لدنك سياوبينغ " القوّة المحرّكة للتاريخ ". إنّ الثورة الديمقراطيّة الشعبيّة التى تجعل ممكنا التحرّر الوطني الحقيقيّ لا يمكن أن تفضي إلى الإستقلال فى ظلّ هيمنة البرجوازيّة لأنّ ضعف البرجوازية فى البلدان المستعمرة أو الخاضعة للإستعمار الجديد تؤدّى بها حتما إلى الإرتباط بالإمبرياليّة و الخضوع لها ، و فى أيّامنا هذه ، الخضوع لهذه القوى العظمى أو تلك.
بعدُ فى السنوات 1939-1940، فى أعماله المعنونة " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " و " حول الديمقراطية الجديدة " ، طوّر الرفيق ماو على نحو شامل وجهات النظر هذه بشأن الثورة الديمقراطيّة الشعبيّة. قال فيها :
" ما دامت الإمبريالية و طبقة ملاك الأراضى الإقطاعيين هما العدوين الرئيسيين للثورة الصينية فى مرحلتها الراهنة ، فما هي إذن مهمّات الثورة الصينية فى هذه المرحلة ؟
مما لا يتطرّق إليه الشكّ أنّ المهمّة الرئيسية هي ضرب هذين العدوّين ، أي القيام بثورة وطنيّة من أجل وضع حدّ فلإضطهاد الإمبريالي الأجنبيّ ، و بثورة ديمقراطية من أجل وضع حدّ لإضطهاد ملاك الأراضي الإقطاعيين فى الداخل ، و المهمّة الأوّلية هي القيام بالثورة الوطنيّة من أجل الإطاحة بالإمبرياليّة. "
و أضاف:
" إنّ هاتين المهمّتين الكبيرنتين للثورة الصينية مرتبطتان ببعضهما البعض . فإذا لم يوضع حدّ للسيطرة الإمبريالية ، يستحيل إنهاء حكم طبقة ملاك الأراضي الإقطاعيّين ، ذلك لأنّ الإمبريالية هي السند الرئيسي لهذه الطبقة. و العكس بالعكس ، فإذا لم نساعد الفلاحين على الإطاحة بطبقة ملاك الأراضي الإقطاعيّين ، فلن يكون فى إمكاننا بناء جيش قوي للثورة الصينية من أجل وضع حدّ للسيطرة الإمبريالية لأنّ طبقة ملاك الأراضي الإقطاعيين هي حجر الزاوية الإجتماعي الرئيس للسيطرة الإمبريالية فى الصين بينما الفلاّحون هم القوّة الرئيسية فى الثورة الصينية ".
( " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "،المجلّد الثاني ، الطبعة العربية ص 438-439)
و بالنسبة لضرورة القيادة البروليتارية للثورة ، فى أيّة مرحلة كانت ، قال الرفيق ماو :
" فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجّهة ضد الإمبرياليّة ، أي ضد البرجوازيّة العالميّة و الرأسماليّة العالميّة ، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطيّة البرجوازيّة العالميّة بمفهومها القديم ، بل تنتسب إلى مفهوم جديد ، و لا تعدّ جزءا من الثورة العالميّة القديمة البرجوازيّة و الرأسماليّة ، بل تعدّ جزءا من الثورة العالميّة الجديدة ، أي جزءا من الثورة العالميّة الإشتراكيّة البروليتاريّة ... ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازيّة و تهدف إلى إقامة مجتمع رأسماليّ و دولة خاضعة للدكتاتوريّة البرجوازيّة ، بل هي ثورة جديدة تقودها البروليتاريا و تهدف ، فى مرحلتها الأولى ، إلى إقامة مجتمع للديمقراطيّة الجديدة ودولة خاضعة للدكتاتوريّة المشتركة التى تمارسها جميع الطبقات الثوريّة."
( " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ،المجلّد الثاني ، الطبعة العربية ص 479-480)
و إستطرد قائلا :
" بما أنّ مثل هذه الثورة تضرب الإمبرياليّة ضربات حاسمة ، فإنّ الإمبريالية لا تتقبلها بل تناهضها. و لكن الإشتراكيّة تتقبّلها ، فهي تلاقى التأييد و المساعدة من قبل الدولة الإشتراكيّة والبروليتاريا العالميّة الإشتراكيّة. "
( المصدر السابق ، ص 480)
و فى مكان آخر ، فى مؤلفه " حول الدكتاتوريّة الديمقراطيّة الشعبيّة " ، قال :
" إنّ الدكتاتوريّة الديمقراطيّة الشعبيّة تتطلّب قيادة الطبقة العاملة ، لأنّها هي الطبقة الوحيدة النافذة البصيرة، و أكثر الطبقات إنكارا للذات، كما أنّها أكثر الطبقات حزما فى الثورة. و يبرهن تاريخ الثورات بأكمله على أنّ الثورة تفشل إذا كانت بدون قيادة الطبقة العاملة و أنّها تنتصر إذا قادتها هذه الطبقة. "
( " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ،المجلّد الثالث ، الطبعة العربية ص 532)
و فى المدّة الأخيرة ، فى 1964، فى " رسالة ال25 نقطة " المصاغة تحت إشرافه الشخصي ، يعيب على التحريفيّين السوفيات إدعاءهم ( شأنهم فى ذلك شأن دنك سياوبينغ ) أنّ : " التناقض بين الأمم المضطهَدة و الإستعمار يمكن أن يحلّ بدون ثورة من قبل الأمم المضطهدة " .(ص 8)
وفى نقطة أخرى من الوثيقة ، يقال :
" وبإزدياد حدّة التناقضات الإجتماعيّة الداخليّة و الصراع الطبقيّ العالميّ أخذ البرجوازيّون و خاصة البرجوازيّون الكبار فى بعض البلدان المستقلّة حديثا يميلون إلى الإستعمار أكثر فأكثر نو يعتمدون عليه ، و يتّبعون سياسات معادية للشعب و الشيوعيّة و الثورة . و هذا يتطلّب من الحزب البروليتاري أن يعارض بحزم هذه السياسات الرجعيّة." ( ص 19)
و مشدّدا تاليا على ضرورة الهيمنة البروليتارية ، أضاف :
" وفى النضال الثوري يؤيد الحزب البروليتاري القومية التقدّمية و يعارض القومية الرجعية . و يجب عليه دائما أن يرسم خطّا فاصلا واضحا بين نفسه و بين القومية البرجوازية و لا ينبغى له أبدا أن يقع أسيرا لها " ( ص 19) و من جهته يفضح كتيّب " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " ، فكرة تحريفيّة سوفياتيّة : "هناك فكرة طالما دعا لها قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مرارا وهي أنّه بوسع قطر ما أن يبني الإشتراكية تحت أيّ قيادة كان نوعها حتّى إذا كانت تشتمل على قومي رجعي كنهرو. و هذا أمر بعيد كلّ البعد عن فكرة القيادة البروليتارية."(ص 27)
و بالعكس ، لا يزال دنك سياوبينغ يعتبر أنّ الإستقلال السياسي للبلدان التى يجمعها فى " عالمه الثالث " قد كسب . إنّه يكنر بالمناسبة ذاتها ضرورة القيام بثورة فى كلّ بلد تؤدّى إلى التحرّر من الإستعمار و الإستعمار الجديد فى ظلّ قيادة بروليتارية . بالنسبة له ، لم يبق سوى القضاء على " بقايا " التدخّل الإمبريالي ، على أساس الإجراءات المتّ خذة لتعزيز الإستقلال الاقتصادي . و حسب دنك سياوبينغ ، " القوّة المحرّكة " لهذه السيرورة هي الحكومات البرجوازية أو شبه الإقطاعيّة ل"عالمه الثالث " و منها الفاشيّين و الرجعيّين و عملاء الإمبرياليّة . فى الواقع ، ما يريده دنك سياوبينغ و زمرته هو إيقاف الحركة الحقيقيّة للتحرّر الوطنيّ الثوريّ، بأفق إشتراكي ليجدوا لأنفسهم بطريقة برجوازية قوميّة بحتة حلفاء كذلك برجوازيّون ( و حتّى شبه إقطاعيون لرهطهم التحريفي الذى يسعى للتحكّم فى الصين ، و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك و تحويل البلاد إلى قوّة عظمى جديدة .
فى إطار جهودهم الرامية إلى إيجاد مجال نفوذهم و هيمنتهم فى العالم ، يريدون فقط ، فى البلدان الخاضعة للإمبريالية الإشتراكية أو الإمبرياليّة الأمريكيّة أن يفكّوا إرتباط قطاعات من الفئات البرجوازيّة الخاضعة لقوّة عظمى أو أخرى مع أسيادها لتلتحق بهم هم كحلفاء عوضا عن القوّتين الأعظم . لذلك ، يحثّونها على رفع بعض المطالب الإقتصاديّة . و عدوّ هذه الإستراتيجيا و معرقلها الرئيسي ـ أكثر من القوى العظمى المتنافسة ، هي شعوب العالم و تقدّمها الثوريّ فى ظلّ قيادة بروليتاريّة ماركسيّة - لينينيّة تهدف إلى التحرّر من كافة الإضطهاد و الإستغلال و الهيمنة و التقدّم نحو الإشتراكيّة وهو ما يسعى دنك سياوبينغ إلى إجتثاثه من بلده بالذات. وهو يدعى تفادى هذا الخطر، يرفض دنك سياوبينغ دور الشعوب المستعمرة أو الخاضعة للإستعمار الجديد - فى ظلّ قيادة بروليتارية - كقوّة محرّكة لتحرّرها و يدّعى إيكال هذا الدور لفئات مهيمنة ، يتفّق معها عبر العلاقات الدبلوماسية و معها يتحادث فى الأمم المتّحدة و فى المنظّمات الدوليّة الأخرى .
ما هي العلاقة التى يمكن أن تكون لنظريات دنك سياوبينغ الرجعيّة المُحبطة للعزائم بهدف إيجاد حلفاء برجوازيّين فى البلدان المستعمرة و المستعمرة الجديدة أو الرأسماليّة المتقدّمة و النزاع على الهيمنة مع القوّتين الأعظم ؛ ما علاقتها بالخطّ الأمميّ الثوريّ للرفيق ماو ؟
إدّعاء تمرير شيء بدلا من الآخر هو إعتقاد بأنّ الناس جميعا لا يميّزون بين القط الأسود و القط الأبيض. فإضافة إلى ما حلّلناه ، لم تقف بعدُ الأطروحات الرجعيّة التى يقدّمها دنك سياوبينغ و " السائرون فى الطريق الرأسمالي" الذين يمثّلهم حاليّا كخطّ عالمي عند هذا الحدّ . كاشفا بصورة مسبّقة مشاريعه الكارثيّة لإعادة تركيز الرأسماليّة فى الصين ، يتشبّث بمحو طبيعة الصين و دورها كمجتمع إشتراكيّ و واجباته الأمميّة الناجمة عن ذلك. قال : " الصين بلد إشتراكي و فى نفس الوقت بلد فى طريق النموّ . إنّها تنتمى إلى العالم الثالث." و فى مكان آخر متحدّثا بالجمع عن الصين و البلدان الأخرى ل" عالمه الثالث " ، صرّح : " نحن ، بلدان فى طريق النموّ، نملك قدرات هائلة تخوّل لنا أن نطوّر بكلّ إستقلاليّة إقتصادنا إن تقدّمنا دون تعثّر على طريق الإستقلال، و الحكم الذاتي و الثقة فى إمكانيّاتنا الخاصة ، آخذين بعين الإعتبار خصوصياتنا و ظروفنا الخاصّة ، سنكون قادرين تماما على أن نبلغ تدريجيّا مستوى عال من الإنتاج ، لم يسبق أن بلغه من سبقونا أبدا، فى تعصير الإقتصاد و الفلاحة...". و بعد تقديم نصائح إقتصادويّة مختلفة ، يستنتج أنّه هكذا سيستطيعون أن " يعدّوا الأرضيّة للقضاء بأسرع وقت ممكن على حالة الفقر و التخلّف ".
ومن هنا نرى أنّ دنك سياوبينغ ، بعد تأكيده كما لو أنّه يريد تبرئة نفسه على أنّ الصين لا تزال بعد إشتراكيّة ، يدمجها تماما ضمن بلدان" العالم الثالث " الخاضعة بشكل أو آخر للقوى العظمى. و بالفعل فى صياغته التالية ، يلغى كلّيا معنى الثورة الإشتراكية التى أنجزها الشعب الصيني بدمه ، بما أنّه يلغى كلّ إختلاف بين الصين الإشتراكية و البلدان المستعمرة و المستعمرة الجديدة التى يمنحها قدرة " التطوّر" و القضاء على حالة " الفقر" و " التخلّف " دون القيام بالثورة للتحرّر من الإمبرياليّة و دون التقدّم نحو تركيز دكتاتوريّة البروليتاريا مثلما حصل فى الصين . و الإستنتاج : بالنسبة لدنك سياو بينغ لا معنى بتاتا للثورة الديمقراطيّة الشعبيّة و للثورة الإشتراكيّة و للثورة الثقافيّة البروليتاريّة فى الصين بإعتبار أنّ البلدان الأخرى " فى طريق النموّ " التى تضمّ إليها الصين ، يمكن أن تحصل على النتائج ذاتها دون القيام بالثورة . و فضلا عن كونه لا يعترف بمعنى الثورات التى حدثت فى الصين ، يقترح كبرنامج " تطوير" البلدان المستعمرة و المستعمرة الجديدة، نظرية " التطوّر البرجوازي" ، وهي خدعة قديمة معروفة جدّا نشرها منذ زمن طويل بعدُ الإمبريالية و عملاؤها لإقناع الشعوب بأنّه دون القيام بالثورة و بالعمل فقط أكثر، أي ، بالقبول بإستغلال أشدّ ، يقضون على " الفقر و التخلّف ".
من رفضه الشنيع للتمييز الواضح بين دولة إشتراكيّة قائمة و دولة خاضعة للإستعمار أو الإستعمار الجديد ، باحثا عن تشابه نسبيّ جدّا فى درجة التطوّر الإقتصادي ، يبيّن دنك سياوبينغ إستخفافه بالإشتراكيّة و معارضته لها ، وهي أسباب النضال ضدّه أثناء الثورة الثقافيّة . بالنسبة لهذا الماركسي المزيّف ، ليست مسألة السلطة و طابع الدولة و علاقات الإنتاج هي التى تحدّد طبيعة مجتمع ما و إنّما ببساطة درجة تطوّره الاقتصادي . و على هذا النحو ، إن كان النسق المرتفع لتطوّر الصين سيستمرّ وفق المنطق الإقتصادويّ لدنك سياوبينغ ، فإنّها ستمرّ سريعا إلى " العالم الثاني " و بسرعة كبيرة ستتحوّل إلى قوّة عظمى و تلحق ب" العالم الأوّل " نظرا لأنّ ما يعتمده لتصنيف البلدان هو درجة التطوّر الاقتصادي . وفق دنك سياوبينغ لا تمثّل الصين نموذجا إشتراكيّا نحوه تتّجه فى ظلّ قيادة البروليتاريا للأمم المضطهَدَة نموذجا مختلفا جذريّا عن النظام الإضطهاديّ و الإستغلالي الإستعماريّ أو الإستعماريّ الجديد الذى تعرفه . و مهتمّا بالتحالف ليس مع البروليتاريا و لا مع شعوب آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية بل مع القطاعات المهيمنة الموجودة فى الحكومات ، يتشبّث بأن يجعل الناس تنسى الدور النموذجي الإشتراكي للصين و كذلك الإختلافات الأساسيّة بين الإشتراكيّة و الإستعمار . و بهذا لا يفعل شيئا آخر سوى القدح فى الإشتراكية و التخلّى عن دور الطليعة و المسؤوليّة الملقاة على عاتق البروليتاريا فى السلطة و الحطّ من دور السياسة البروليتاريّة و الإيديولوجيا البروليتاريّة . إجمالا ، الشيء نفسه الذى تشبّث و يتشبّث بالقيام به داخل الصين مستعملا هناك أيضا حججا إقتصادوية ، هو معارضة الثورة الثقافيّة و دكتاتوريّة البروليتاريا .
المظهر الأوّل لخيانته للماركسية الذى تدينه " رسالة ال25 نقطة " لدى خروتشاف و أتباعه هو : " الرأي الذى يمحو المحتوى الطبقي للتناقض بين المعسكرين الإشتراكي و الإستعماري و لا ينظر إلى هذا التناقض بإعتباره تناقضا بين دول تحت ديكتاتورية البروليتاريا و دول تحت ديكتاورية الرأسماليّين الإحتكاريّين". ( ص7) و دنك سياوبينغ يذهب أبعد من ذلك إذ لم يسع فقط إلى محو" المحتوى الطبقي للتناقض بين المعسكرين الإشتراكي و الإستعماري" لكنّه يسعى أيضا لمحو المعسكر الإشتراكي ذاته . قال فى تدخّله فى الأمم المتّحدة : " المعسكر الإشتراكي قد وُجد لفترة إثر الحرب العالميّة الثانية ، و كفّ عن الوجود مع ظهور الإمبريالية - الإشتراكية ". و بينما لم يوجد سوى بلد واحد إشتراكي ، كان لينين وهو يحيل على الإشتراكيّة ، يدافع عن : " حاليّا ، يوجد عالمان هما العالم القديم ، الرأسمالي ...و العالم الجديد الذى يكبر و الذى هو بعدُ ضعيف جدّا لكنّه سيكبر لأنّه لا يمكن إلحاق الهزيمة به ".
ماذا كان يرى الرفيق ماو بصدد دور النظام الإشتراكي؟ فى كتابه " حول الديمقراطية الجديدة " ، مشيرا إلى البلد الإشتراكي الوحيد الموجود ، الإتحاد السوفياتي ، قبل الخيانة التحريفية ، قال :
" الحرب الإمبريالية العالمية الأولى و الثورة الإشتراكة الظافرة الأولى ، ثورة أكتوبر، قد غيّرتا إتّجاه تاريخ العالم كلّه و إفتتحا عصرا جديدا. ففى العصر الذى إنهارت فيه الجبهة الرأسماليّة العالميّة فى جزء من الكرة الأرضية ( سدس مساحة الأرض) بينما ظهر للعيان تفسخ الرأسماليّة فى أجزائها الأخرى ، العصر الذى أصبحت هذه الأجزاء الرأسماليّة الباقية لا تستطيع أن تحيا فيه بدون مزيد من الإعتماد على المستعمرات و شبه المستعمرات ، العصر الذى قامت فيه دولة إشتراكية و أعلنت رغبتها فى خوض النضال من أجل دعم حركة التحرر فى جميع المستعمرات ، العصر الذى تحرّر فيه البروليتاريا فى البلدان الرأسماليّة يوما فيوما من نفوذ الأحزاب الإشتراكية الديمقراطية – الأحزاب الإشتراكية الإمبريالية و تعلن تأييدها لحركة التحرّر فى المستعمرات وشبه المستعمرات - فى هذا العصر إذا نشبت فى أيّ بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجّهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازيّة العالميّة بمفهومها القديم ، بل تنتسب إلى مفهوم جديد؛ و لا تعد جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ، بل تعد جزءا من الثورة العالمية الجديدةن أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية . و إنّ مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثوريّة لم تعد فى عداد حليفات الجبهة الرأسماليّة العالميّة المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكيّة العالميّة الثوريّة ".
( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة "، المجلّد 2، ص 479-480)
و فى 1939 ، أثناء لقاء صحفي مع مراسل جريدة " الصين الجديدة " ، قال :
" خارج العالم الرأسمالي ، يوجد عالم وضّاء : الإتحاد السوفياتي الإشتراكي".
هل يمكن إذن أن نقارن بين هذه النظرة العظيمة للرفيق ماو للإشتراكية بينما لم يكن يوجد سوى بلد إشتراكي واحد ، من جهة ، و المحاولات الحقيرة لدنك سياوبينغ لدمج الصين مع البلدان التى تضطهدها الإمبرياليّة و الكفّ عن الإعتراف بالعالم الإشتراكي من جهة ثانية ؟ أليس موقف دنك سياوبينغ علامة مبشّرة بما يرغب فى تحقيقه فى الصين أي القضاء على النظام الإشتراكي و إعادة تركيز الرأسمالية ، كافة الأشياء التى قاتله من أجلها ماو تسى تونغ و الماركسيّون - اللينينيّون ؟ ألا يعنى هذا التنكّر للدور الذى تنهض به حركة التحرّر فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة كجزء لا يتجزّأ من الثورة الإشتراكية، متشبّثا بإعادتها إلى مرحلة " الثورة البرجوازية القديمة " ؟
وهو يجري فحصا ثاقبا لمواقف تشبه مواقف دنك سياوبينغ ، لاحظ الرفيق ماو :
" إنّ المحرّفين ينكرون الفرق بين الإشتراكيّة و الرأسماليّة و الفرق بين دكتاتوريّة البروليتاريا و دكتاتوريّة البرجوازيّة. و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي ."
( " خطاب فى المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " مارس 1957؛ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، باللغة العربية ، ص22)
كلّ إستراتيجيا دنك سياوبينغ هذه التى حلّلنا – ملخّصة فى نظرية " العوالم الثلاثة " . و هذه النظريّة هي جوهر الخطّ الإنتهازي و الشوفيني لدنك سياوبينغ . فى هذه النظريّة ، لا ينبس ببنت شفة بصدد وجود العالم الإشتراكي و ما يؤكّده ما قد أوضحناه ، هو أنّه بالنسبة لدنك سياوبينغ و جماعته ، الإشتراكيّة ليست سوى كلمة لا أهمّية لها. و بالفعل ، نظرية " العوالم الثلاثة " لا تقبل إلاّ ب" عالم أوّل " يساوى القوّتين الأعظم ؛ و " عالم ثاني" يجمع سلسلة من البلدان الرأسماليّة المتطوّرة؛ و"عالم ثالث " فيه تُضمّن الصين ، و ميزته الأساسيّة أنّ بلدانه مضطهَدَة و مستغَلّة من قبل الإمبرياليّة و لكنّها " فى طريق النموّ ". حسب نظرية " العوالم الثلاثة " ، من الممكن و الضروريّ توحيد كافة قوى " العالم الثاني" و " العالم الثالث " ضد " العالم الأوّل " ، أي ضد القوى العظمى . و كما بيّنت ذلك عديد الأحزاب الماركسيّة - اللينينيّة ، هذه النظريّة مطلقا إحاديّة الجانب و ميكانيكيّة و إقتصادويّة و فاقدة لأيّ تحليل طبقيّ و معادية للماركسيّة. ليست شيئا آخر سوى نسخة جديدة بموضة اليوم عن النظرية البرجوازية القديمة التى تتحدّث عن بلدان " متقدّمة " و " غير متقدّمة " أو " فى طريق النموّ" ، تهدف إلى زرع الخيالات حول كونه من الممكن " التطوّر" ، بما أنّها بعدُ " فى طريق النموّ" دون الحاجة إلى القيام بالثورة للإطاحة بالعبء الإستعماري أو الإستعماري الجديد. و" التجديد " الوحيد لنظرية "العوالم الثلاثة " بالنسبة للصيغ البرجوازيّة التى تنقل عنها ، هو أنّها تعترف بوجود أمّتين " متطوّرتين للغاية " تصفها ب" العالم الأوّل ."
تقسم نظرية " العوالم الثلاثة " و تجمع الأمم فقط وفق درجة تطوّرها الإقتصاديّ غاضّة الطرف عن طبيعة النظام السياسي المهيمن فيه و مستبعدة التحليل الطبقيّ - الأهمّ للماركسيّين الحقيقيّين - الذى يشقّ كافة الأمم. بهذا التوصيف الميكانيكيّ ، الوحيد الجانب و الخاطئ ، يدّعون تجاهل مثلا أنّ فى البلدان المستعمرة و أكثر من ذلك فى البلدان الخاضعة للإستعمار الجديد ، توجد داخل هذه البلدان قوى فى خدمة هيمنة القوى العظمى . إنّها فى الغالب قوى تتحكّم فى السلطة و تحكم البلدان المسمّاة ب " العالم الثالث " . فى الأمم الرأسمالية المتطوّرة ، تتجاهل الدور الرجعيّ للقطاعات الإحتكارية من البرجوازية، المتحالفة و المرتبطة وثيق الإرتباط بالإمبرياليّة الأمريكيّة و الإمبرياليّين ذاتهم عادة و فى كلّ الحالات أعداء لدودين للثورة البروليتاريّة على جدول أعمال تلك البلدان .
فى هذه النظريّة العبثيّة الإنتهازيّة التى يروّج لها دنك سياوبينغ على أنّها إستراتيجيا عالمية لل " نضال" ضد القوى العظمى و فى الواقع ضدّ واحدة منها ، هذه القطاعات من البرجوازيّة الإحتكاريّة تعتبر " حليفة ". و فيما يتعلّق بعملاء القوى العظمى الذين يحكمون جزءا كبيرا من البلدان المسمّاة ب " العالم الثالث " فيعتبرهم دنك سياوبينغ ليس فحسب حليفة بل قوّة حركة ثوريّة تتقدّم بعجلة التاريخ العالمي ، لآ أكثر و لا أقلّ .
عادة ما يبدو أنّ الطابع التحريفي و المعادي للماركسية لنظرية " العوالم الثلاثة " هذه التى يتجرّأ المزيّفون الذين إخترعوها على أن ينسبوها لماو تسى تونغ من غير الضروري التشديد عليه . و ما يهمّنا توضيحه هو أنّه من خلال هذه النظرية الإنتهازيّة يرغب دنك سياوبينغ و مجموعته الرجعيّة ، فى تعطيل الثورة الديمقراطيّة الشعبيّة و التحرّر الوطني فى البلدان المسمّاة ب" العالم الثالث " و إيقاف الثورة الإشتراكيّة فى " العالم الثاني" و فى مقابل بعض الضمانات الإقتصاديّة و غيرها، المقدّمة من طرف الصين ، إيجاد مجال تأثيرها و هيمنتها الخاصين .
ومن هنا يأتى إهتمامها بالإرتباط بالقوى البرجوازية للبلدان الرأسمالية و خاصّة فى آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية، دافعة إيّاها إلى القطع التدريجي لعلاقاتها الإقتصادية مع القوى العظمى .
و بالفعل ، كلّ دعاية المنشورات الصينيّة الحاليّة و منذ بعض الوقت بعدُ موجّهة لإبراز و مساندة الإجراءات الإقتصاديّة " المستقلّة " ظاهريّا التى تتّخذها هذه القطاعات البرجوازيّة من خلال حكوماتها و مؤسسات أخرى تسيطر عليها لا سيما إذا كانت فى تعارض مع الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة . و يجرى تقريبا السكوت المطبق بصدد نضالات الشعوب .
و أكثر من ذلك ، محاولا أن يقدّم الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة كالقوّة العظمى " الأخطر" و " الأكثر " عدوانيّة ، و مقدّما كحجّة أنّها إلتحقت مأخّرا بتقاسم العالم و أنّها " مضطرّة للنزاع مع الولايات المتّحدة حول مجالها " ، بالفعل يقبل دنك سياوبينغ و زمرته الهيمنة الأمريكيّة و عديد النقاط تسند ذلك و تعزّزه .
" منطق " غريب هو منطق الإنتهازيّين بما أنّه ثمّة خطر " كامن " لحرب عالميّة يشنّها السوفيات و لتوسيع هيمنتهم ، ينبغى مساندة – يقولون- الحكومات و الفئات الرجعيّة التى تعارض ذلك رغم أنّها مستغِلّة من المستغِلّين الكبار و أدوات هيمنة ( ليس ممكنة لكن فعليّا و واقعيّا و حاليّا ) للإمبريالية الأمريكية .
و هكذا ، يجب تعزيز الإتّفاقيّات الإقتصاديّة و العسكريّة مثل السوق المشتركة و الحلف الأطلسي ، أدوات الهيمنة الإمبرياليّة الأمريكيّة و إحتكارات كلّ بلاد ، شرط أن تعارض خطر توسّع الإمبريالية - الإشتراكية. ملخّص القول ، لنقبل الهيمنة و الإستغلال الحاليّين لشعوبنا من قبل الإمبرياليّة الأمريكيّة و القوى الرجعيّة فى كلّ بلاد و لنعزّزهم و لنتخلّى عن التحرير و عن الثورة لتفادى خطر هيمنة ممكنة للإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة . لنقبل أن يقتحم النمر بيتنا حتّى لا يدخل الذئب من النافذة .
لقد شعر دنك سياوبينغ و زمرته بأنّهم المقصودون و قد إحتجّوا بسخط ضد البيان المشترك للأحزاب الماركسية - اللينينية لأمريكا اللاتينيّة لأنّه قيل فيه فى إشارة إلى القوى العظمى ، إنّه سيكون من الخطإ الضار التحالف مع قوّة عظمى لمحاربة قوّة عظمى أخرى . إن كان هذا التأكيد صحيحا ، لما هذا القدر من السخط و هذا القدر من الجهد المبذول لعدم نشر هذا البيان للعموم ؟
مردّ هذه المعارضة هو أنّ سياسة دنك سياوبينغ – تعزيز أدوات الهيمنة الإمبرياليّة الأمريكيّة و إحباط حركة تحرّر الثوريّين فى مجال التأثير الأمريكي – تساوي موضوعيّا التالي : مساندة قوّة عظمى بتعلّة قتال أخرى .
لقد حاول تقديم حجّة و تبرير لهذا التعاون مع الإمبرياليّة الأمريكيّة كصيغة إعتبرها صحيحة ومفادها من الضروريّ إستغلال التناقضات فى صلب الأعداء .
تشير " رسالة ال25 نقطة " مع ذلك بوضوح إلى الحدود بين إستعمال التناقضات فى صلب الأعداء و التحالف مع هؤلاء الأعداء ذاتهم :
" على الحزب البروليتاري أن يقود الجماهير الشعبية إلى شنّ النضالات ضد الأعداء ، و يجب عليه أن يعرف كيف يستفيد من التناقضات الموجودة بين هؤلاء الأعداء . و لكن الغرض من الإستفادة من تلك التناقضات هو تسهيل الوصول إلى هدف نضالات الشعب الثوريّة ، لا لتصفية هذه النضالات ." (ص 28)
ينبغى إثارة سؤال : هل يهدف الموقف المتنازل و المساعد لدنك سياوبينغ و زمرته إزاء الدكتاتوريّات الموالية للأمريكان فى أمريكا اللاتينيّة فقط لأنّها تعارض السوفيات ، هل يهدف إلى " بلوغ أسهل لأهداف النضال الثوري للشعب " ؟ بالطبع لا !
لعلّ المهمّة الجوهرية لشعوب أمريكا اللاتينيّة لا تتمثّل تحديدا فى الإطاحة بالدكتاتوريات الفاشيّة المفروضة من قبل الإمبرياليّة الأمريكيّة ، للتحرّر من الهيمنة الملموسة و الواقعيّة جدّا لهذه القوّة العظمى؟
وفيما يتّصل بأوروبا ، حينما يصفّق القادة الصينيّون لمدرسة دنك سياوبينغ و يستقبلون بالتشريفات " قادة " مثل جوركى من فرنسا ، فيلار من البرتغال و إنتهازيّون آخرون نادوا بتعزيز الجيوش البرجوازيّة ، والتحالف مع البرجوازيّة الإحتكارية، و الذين عقدوا إجتماعات عامة مشتركة مع المجموعات الفاشيّة لأنّهم " ضد الإمبرياليّين – الإشتراكيّين" ، و الذين أعلنوا تأييدهم للحلف الأطلسي و السوق الأوروبيّة المشتركة ، هل يسهّلون النضال الثوري للبروليتاريا فى أوروبا ؟ هل يمكن أن نتصوّر تضليلا أفظع للسياسة البروليتاريّة من التخلّى عن الثورة و التحالف مع المتروبولات و مع القوّة العظمى التى تستغلّ واقعيّا شعبنا بتعلّة هيمنة مستقبليّة مفترضة للقوّة العظمى الأخرى ؟
و الأكثر خزيا و الفضيحة الأكبر هي أنّ دنك سياوبينغ و جماعته يسعون لتمرير سياسة شوفينيّة براغماتيّة و هيمنيّة يعملون على تطبيقها كسياسة عالمية للصين ، بدرجة " إستراتيجيا " ماركسية - لينينية و يحاولون إستئجار و تدريب المنظّمات الماركسية - اللينينية لدعم هذه السياسة المتعارضة بعمق مع مصالح شعوبها . من المفهوم أن يشيد مستشار ألمانيا الغربية ، ممثّل البرجوازية الكبيرة بدنك سياوبينغ أثناء زيارته للصين ، ليرضيه قصد إقامة صفقات بأنّ الحلف الأطلسي كتحالف بين أمريكا الشماليّة و أوروبا مستمرّ كقاعدة قارة للجمهوريّة الفيدراليّة وبأن السوق الأوروبيّة المشتركة ستُطوّر إلى أن تصبح قوّة سياسيّة عالميّة، مضيفا : " إنّنا مبتهجون لكون حكومتكم قامت بتقدير إيجابيّ لجهود السوق الأوروبيّة المشتركة".
و الأفظع هو أنّ الذين يقولون عن أنفسهم بأنّهم ماركسيون- لينينيون يتخلّون تماما عن المصالح و المهام الثورية فى بلدانهم ليتحوّلوا إلى سفارات للسياسة الصينية الشوفينية و الإنتهازية المقادة من قبل الذين يريدون إعادة تركز الرأسمالية فيها.
تشير " رسالة ال25 نقطة " إلى دور الثوريّين فى البلدان الرأسمالية المتقدّمة :
" فى البلدان الرأسماليّة التى يسيطر عليها الإستعمار الأمريكي أو يحاول السيطرة عليها ، ينبغى على الطبقة العاملة و جماهير الشعوب أو توجه هجومها بصورة رئيسية إلى الإستعمار الأمريكي ، و أيضا إلى الطبقة الرأسمالية الإحتكارية و القوى الرجعية المحلية الأخرى التى تخون المصالح الوطنية ." (ص 21)
و تضيف :
" فى أثناء قيادة النضالات المباشرة قيادة فعّالة ، ينبغى للشيوعيين فى البلدان الرأسمالية أن يربطوا هذه النضالات بالنضال من أجل المصالح الطويلة الأمد و العامة ، و يعملوا الجماهير بروح ثورية ماركسية - لينينية ، و يرفعوا دون إنقطاع وعيها السياسي و يضطلعوا بالواجب التاريخي للثورة البروليتارية . و إن لم يفعلوا ذلك ، و إن إعتبروا الحركة المباشرة كلّ شيء و حدّدوا تصرفاتهم تبعا لكلّ حالة منفردة و حصروا أنفسهم فى الأحداث اليومية و ضحوا بمصالح البروليتاريا الأساسية ، فإن ذلك هو الإشتراكية - الديمقراطية قلبا و قالبا ". (ص 20)
يسعون هكذا لتقديم الإستراتيجيا المعادية للماركسية ، إستراتيجيا " العوالم الثلاثة " على أنّها تعبير عن رؤية الرفيق ماو للجبهة المتحدة ضد الأعداء الرئيسيّين . و مع ذلك ، فإنّ رؤية الرفيق ماو للجبهة المتّحدة تعتمد على تناقضات طبقيّة واقعيّة و دائما فى ظلّ القيادة البروليتاريّة و لا يمكن أن تتداخل مع الكاريكاتور العبثيّ و الرجعيّ الذى يريد دنك سياوبينغ التسويق له .
وفق الجبهة المتّحدة التى يقترحها دنك سياوبينغ ، يجب على البروليتاريا و شعوب " العالم الثالث " أن تخضع لعملاء الإمبرياليّة الأمريكيّة ، و فى " العالم الثاني " أن تخضع للإحتكارات الرأسماليّة و المنظّمات الإقتصاديّة و العسكريّة التى تتحكّم فيها الإمبرياليّة الأمريكيّة ، لقتال المخاطر التى تمثّلها الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة.
كيف يمكن تطوير مثل هذه الجبهة ، بإيقاف ثورة التحرّر الوطني فى البلدان المستعمرة و فى المستعمرات الجديدة و الثورة البروليتارية فى البلدان الرأسمالية ؟
وثيقة " مدافعون عن الحكم الإستعماري الجديد " تشير إلى :
" إنّ الخطّ المغلوط لقادة الحزب الشيوعي السوفياتيّ يتخلّى عن واجب مكافحة الإستعمار و الحكم الإستعماري تخلّيا تاما و يعارض حروب التحرّر الوطني معارضة تامة . و هذا يعنى أنّه يتطلّب من البروليتاريا و الأحزاب الشيوعيّة للأمم و البلدان المضطهَدة أن تطوي رايتها الوطنيّة للنضال ضد الإستعمار و فى سبيل الإستقلال الوطني و أن تسلمها للآخرين. و إذا كان هذا هو الحال فكيف يمكن للمرء أن يجرؤ على الحديث عن جبهة متّحدة معادية للإستعمار او عن قيادة بروليتارية ؟ "( ص27)
يمكن أن نُجري ذات التحليل للبلدان الرأسمالية الأكثر تقدّما . لثورة التحرّر الوطني و كذلك الثورة البروليتارية هدف ، فى الحال الأولى ، هو القطاعات شبه الإقطاعيّة و البرجوازيّة الموالية للإمبرياليّة و ، بالنسبة ، لحال البلدان الرأسماليّة المتقدّمة، هو البرجوازيّة و بالخصوص البرجوازيّة الإحتكاريّة . لا يمكن أن توجد جبهة متّحدة ذات توجّه ماركسيّ على النطاق العالميّ لا تعتمد على التناقضات الداخليّة لطبقات كلّ بلد و أقلّ حتى فى تعارض مع المهام الثوريّة الجوهريّة المطروحة فيها .
خلف كلامهم الشوفينيّ و الهيمني ، يشوّه دنك سياوبينغ و زمرته أيضا و تماما أفكار لينين و ماو تسىتونغ بصدد الحرب و السلم و التعايش السلمي و عدم التدخّل و غير ذلك.
تحت صيغ أكثر تغليفا و تضليلا ، يتّبعون ذات أهداف قادة الإتّحاد السوفياتيّ . فهؤلاء بذلوا جهودا لإخافة الشعوب بتهديد حرب نوويّة من أجل إيقاف الثورة فى البلدان الرأسماليّة و التحرّر الوطنيّ فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة على نحو يجعلها تتدخّل و تمارس هيمنتها ، دون أن تكون عليها مواجهة البروليتاريا و الشعوب فى ظلّ قيادتها فى السلطة .
و نظرا لكون معظم العالم يقع تحت هيمنة الإمبريالية الأمريكية فى تعاون مع القوى البرجوازيّة الداخليّة ، ألا تساوي سياسة دنك سياوبينغ فى تخريب الثورة و التحرّر الوطني و تعزيز أدوات الإضطهاد الإمبريالي الأمريكي و الرجعيّ فى كلّ بلد مقدّمين الغزو السوفياتي على أنّه " وشيك "، موقف معارضة خروتشاف للثورة، خروتشاف الذى كان يتعلّل بخطر حرب نوويّة عالميّة ؟
و الإختلاف الوحيد هو أنّ الإمبرياليّة الإشتراكيّة قد واجهت قوّة عظمى فى طريقها ، و لهذا السبب قد إرتأت " التعايش السلمي" و الخوف من الحرب النوويّة بينما كانت توسّع هيمنتها و ترسّخها ، فى حين أنّ دنك سياوبينغ و جماعته قد واجهوا القوّتين الأعظم لذلك فى نفس الوقت الذى يشلّون فيه الشعوب ، يساندون النمر الإمبريالي ضد الذئب الإمبريالي الإشتراكي.
و بالفعل ، فإنّ دنك سياوبينغ و زمرته ، إثر الإجتهاد لزرع الرعب بإعلان حرب" وشيكة " لا يتوجّهون جوهريّا إلى الشعوب لإيقاف مثل هذه الحرب و إنّما إلى الإمبريالية و حلفائها داعينهم لتعزيز تسلّحهم و تحالفاتهم العسكريّة من كافة الأنواع .
و مع ذلك ، كما نعرف ، تعزيز القوّة العسكرية للإمبريالية و للقطاعات البرجوازيّة المرتبطة بها موجّه رئيسيّا و قبل كلّ شيء ضد الشعوب التى تضطهدها و تستغلّها.
و بالتالى بدفع قوّة عظمى و حلفائها إلى مزيد تعزيز التسلّح و بتشجيع بعض المجموعات الماركسيّة زيفا على التصفيق لهكذا إجراءات ، يقوّى دنك سياوبينغ و زمرته الإنتهازيّة و الشوفينيّة و سلاسل الإضطهاد و الإستغلال .
لم يكن أبدا دور دولة إشتراكيّة و دور البروليتاريا فى السلطة أن تدفع كتلة من الكتل الإمبرياليّة المتنازعة لتعزّز تسلّحها لكن دورها هو إستنهاض البروليتاريا و الشعوب لربط أيدى المعتدين و تجنّب خطر الحرب بالتقدّم بالثورة .
إنّ الشاغل المركزي للماركسيّين - اللينينيّين ، سواء للحيلولة دون تهديدات الحرب الحالية دوما طالما وجدت الرأسمالية أو لمواجهة الحرب ذاتها و تحويلها لصالح الشعوب إن نشبت ، الشاغل المركزي هو التقدّم بالثورة. فى حال الحرب بين القوى العظمى ، ليس دور الماركسيّين - اللينينيّين أن يدفعوا الشعب للتموقع إلى جانب قوّة عظمى أو أخرى بل تحويل الحرب الإمبريالية - مثلما فعل لينين - إلى حرب أهليّة ثوريّة لإفتكاك السلطة .
و الرفيق ماو- فى مقال " اللينينيّة أم الإمبرياليّة الإشتراكيّة " المنشور فى 22 أفريل 1970 ، أشار بهذا الصدد إلى أنّه :
" فيما يتّصل بالحرب العالميّة ، لا توجد فى العمق سوى إمكانيّتان . إمّا أن تؤدّى الحرب إلى الثورة ، أو أن تمنع الثورة الحرب ".
و يستطرد :
" لتتّحد شعوب العالم بأسره لقتال كلّ حرب عدوانيّة تشنّها أيّة إمبرياليّة أو الإمبرياليّة الإشتراكيّة و بوجه خاص الحرب العدوانيّة التى تستعمل فيها القنبلة النوويّة . إن إندلعت مثل هذه الحرب ، ينبغى على شعوب العالم أن تسحق الحرب العدوانية بحرب ثوريّة . ينبغى عليها أن تستعدّ لذلك من الآن ! " ( ص 54)
فى " رسالة ال25 نقطة " التى تتضمّن أيضا أفكار ماو بهذا المضمار ، يمكن أن نقرأ :
" تطالب شعوب العالم قاطبة بمنع نشوب حرب عالمية جديدة . و من الممكن منع نشوب حرب عالمية جديدة. و السؤال الآن : ما هو الطريق لتحقيق السلم العالمي ؟ وفقا لوجهة النظر اللينينية فإنّ السلم العالمي يمكن أن يكسب فقط بنضالات الشعوب فى جميع البلدان ، لا بإستجداء المستعمرين من أجله . إنّ السلم العالمي يمكن أن يصان بصورة فعّالة فقط بالإعتماد على تطور قوى المعسكر الإشتراكي ، و على النضالات الثوريّة لدى البروليتاريا و الشغيلة فى كلّ البلدان ، و على النضالات التحرّريّة لدى الأمم المضطهَدة ، و على نضالات جميع الشعوب و البلدان المحبّة للسلم .
هذه هي السياسة اللينينيّة . أي سياسة مناقضة لهذه سوف لا تؤدّى قطعا إلى سلم عالميّ ، بل سوف تزيد أطماع المستعمرين و تزيد خطر الحرب العالميّة." ( ص 35-36)
و السياسة المتمثّلة فى إستعمال التهديد بحرب عالمية " حتميّة " " وشيكة " ، سياسة إستعملها دنك سياوبينغ، ليست جديدة فى الصين . فقد إستعملها تشان كاي تشاك لأغراض مشابهة .
فى تعليق من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي إلى الحزب الشيوعي الصيني ، معنون " خطّان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم "، يجري التشديد على أنّ :
"رجعيّو تشان كاي تشاك قاموا كذلك بالدعاية الواسعة بهذا المضمار ، تهديد حرب عالميّة ، بهدف بثّ الرعب فى صفوف الشعب الصيني . و يخاف بعض الرفاق من هذه المساومة و فى وجه الهجمات المسلّحة للزمر الرجعيّة لتشان كاي تشاك، مسنودا من قبل الإمبرياليّة الأمريكيّة ، بدوا ضعفاء ، غير متجرّئين على معارضة صارمة للحرب المعادية للثورة بالحرب الثورية " .
و فى ذات التعليق ، ناقدا المساومة العدوانية التى يمارسها القادة السوفيات، يتمّ فضح المفاهيم التى تشبه تماما مفاهيم دنك سياو بينغ :
" تلجأ قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي إلى المساومة النوويّة لأجل بثّ الرعب فى صفوف شعوب البلدان الإشتراكيّة و لا تسمح لها بمساندة النضال الثوري للأمم و الشعوب المضطهَدة ، مساعدة هكذا الإمبرياليّة الأمريكيّة على عزل المعسكر الإشتراكي و على قمع ثورة الشعوب . إنّ قيادة الحزب الشيوعي السوفياتيّ تلجأ إلى المساومة النوويّة لتبثّ الرعب فى صفوف الأمم و الشعوب المضطهَدة للعالم بأسره ، إنّها لا تسمح لها بالقيام بالثورة وهي تتعاون مع الإمبريالية الأمريكية لخنق " شرارة " الثورة ، مساعدة إيّاها هكذا على التطبيق الحرّ لسياسة العدوان و المناطق الوسطى الموجودة بين الولايات المتّحدة و المعسكر الإشتراكي .ق يادة الحزب الشيوعيّ السوفياتي تستعمل إضافة إلى ذلك التخويف تجاه حلفاء الولايات المتّحدة و لا تسمح لهم بأنّ يقاتلوا ما تقوم به ، مساعدة هكذا الإمبرياليّة الأمريكيّة على إستعباد هذه البلدان تعزيز موقعها . إنّ الممارسة المطبّقة من قبل قادة الحزب الشيوعي السوفياتي تساوي القضاء المبرم على النضال ضد سياسة العدوان و الحرب الإمبريالية . إنّها تساوي القضاء المبرم على الجبهة المتّحدة ضد الإمبرياليّة الأمريكيّة و عملائها و للدفاع عن السلم العالمي . إنّها تعزل إلى أقصى حدّ لا العدوّ الرئيسي للسلم العالمي ، لكن القوى العالميّة للسلم . فى الواقع قد ألغت مهمّة قتال التى هي الدفاع عن السلم العالمي . هذا هو الخطّ المتأقلم مع " الإستراتيجيا العالميّة " للإمبرياليّة الأمريكيّة. ليس طريق الدفاع عن السلم العالمي بل طريق إشتداد خطر الحرب و المؤدّى إلى الحرب ". أليس هذا تصويرا دقيقا و تنبّئيّا لبوادر المساومة التى يقوم بها التحريفيّون الصينيّون و الخدمات التى يقدّمونها هكذا للإمبرياليّة الأمريكيّة ؟
و مثلما أنّ دنك سياوبينغ مواصل وفيّ لسياسة المساومة العدوانيّة لخروتشاف ، فهو أيضا مواصل وفيّ لسياسته فى " التعايش السلمي ".
حيث من مصلحته أن يرسى هيمنته و أن ينازع القوى العظمى علاقاتها مع البرجوازيّة ، يتقدّم ب" التعايش السلمي" و " عدم التدخّل فى الشؤون الداخلية " للبلدان الأخرى ، كجوهر السياسة الدوليّة الصينيّة .
و يكفى أن تقطع حكومة مع تايوان و تقيم علاقات دبلوماسيّة مع الصين كي تتمكّن من القيام بكافة أصناف الفظائع ضد شعبها دون خشية أن تتعرّى أو تنقد من الذين يقودون السياسة الخارجيّة للصين و دون خشية أن يحصل شعبها على مساندة صريحة فى نضاله ضد حكومة من ذلك النوع .
لا يهمّ بالنسبة للذين يطبّقون السياسة العالمية لدنك سياوبينغ أن تكون الحكومات التى يقيمون معها علاقات دبلوماسيّة فاشيّة فرضها على الشعب التدخّل الأعنف للإمبريالية و مؤامراتها . بربط العلاقات الدبلوماسيّة ، تشترى هكذا حكومات عدم التعرّض للعقاب بالنسبة للمسؤولين عن السياسة الخارجيّة الصينيّة .
قادة مثل موبوتو الذى كانت المنشورات الصينيّة ، قبل فرض خطّ دنك سياوبينغ ، تنعته ب " الكلب الزاحف " للإمبريالية، و " الخائن الوطني الكنغولي" و " جزّار الشعب " ، و " قاتل لوممبا " ، و " عميل الإمبرياليّين الأمريكان " يتحوّلون بعصا سحرية إلى أشخاص يستحقّون المديح و أشخاص فوق كلّ نقد .
و ليست الحكومة الصينية فقط هي التى تمدح أو تلتزم الصمت بصدد جرائم الحكومات الأخرى التى لها معها علاقات دبلوماسيّة لكن هناك أيضا الحزب الشيوعيّ الصينيّ و المنظمات الجماهيريّة الصينيّة التى تلتزم الصمت .
و يجرى هذا بينما القوى السياسيّة و أجهزة الصحافة و كلّ قطاعات البلدان الرأسمالية ، سواء كانت لديها أم لم تكن لديها علاقات مع الصين ، تكتب بحرّية عن المواضيع الداخليّة و تؤوّل ما يحدث فيها حسب مصالحها .
ملخّص القول ، عوّض دنك سياوبينغ و زمرته ، على الأقلّ فيما يتعلّق بالكتلة التى تتحكّم فيها الإمبريالية الأمريكيّة ، الأمميّة البروليتاريّة ب " التعايش السلمي" و " عدم التدخّل " كسياسة خارجيّة للصين .
هل هذه هي السياسة الخارجيّة التى نادى بها الرفيق ماو؟ هل هذه هي السياسة التى إتّبعها لينين فى الإتّحاد السوفياتي ؟ يجيب الرفيق ماو ذاته فى تعليق على الرسالة المفتوحة للحزب الشيوعي السوفياتي إلى الحزب الشيوعيّ الصينيّ ، بعنوان " سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما " المكتوب تحت إشرافه المباشر حيث نقرأ :
" إنّ سياسة لينين للتعايش السلمي هي سياسة تتبعها دولة إشتراكية فى علاقاتها مع الأقطار ذات الأنظمة الإجتماعية المختلفة " . لم يجعل لينين أبدا من التعايش السلمي المضمون الحصري للسياسة الخارجيّة للدولة الإشتراكيّة . لقد أشار بصراحة و فى عديد المناسبات إلى أنّ المبدأ الجوهريّ للدولة الإشتراكيّة فى السياسة الخارجيّة هو الأمميّة البروليتاريّة . لقد قال :
" تعتقد روسيا السوفياتات أنّ أكبر فخر لها هو مساعدة عمّال العالم بأسره فى نضالهم العسير من أجل الإطاحة بالرأسمالية ".
بالعكس ، من أين إستخلص دنك سياوبينغ و مساعديه سياستهم المتمثّلة فى القضاء التام على الأمميّة البروليتاريّة بإسم " التعايش السلمي" و " عدم التدخّل " ؟
مثلما جرت العادة لديه ، إستخلصها من معلّمه خروتشاف .
فى التعليق الذى مرّ بنا ، يقال :
"يزعم قادة الحزب الشيوعي السوفياتي أن التعايش السلمي هو المبدأ الأعلى الذى لا يعلوه شيء لحلّ القضايا الإجتماعية المعاصرة ." و يزعمون أن التعايش السلمي هو " البديل الأساسي فى الأزمنة المعاصرة " و " المطلب الملحّ للعهد الحاضر" و هم يقولون إنّ " التعايش السلمي هو الطريق المقبول الأفضل و الوحيد لحلّ القضايا ذات الأهمّية الحيوية التى تواجه المجتمع " و إنّ مبدأ التعايش السلمي يجب أن يصبح " القانون الأساسي لحياة المجتمع المعاصر بأسره ".( ص 20-21)
محلّلا سياسة خروتشاف هذه ، أضاف التعليق :
" إنّ سياسة لينين للتعايش السلمي كانت موجّهة ضد سياسات الإستعمار العدوانيّة و الحربيّة ، إلآّ أنّ تعايش خروتشوف السلمي يتمشى مع حاجيات الإستعمار و يساعد السياسات الإستعماريّة العدوانيّة و الحربيّة." (ص 24-25)
يمكن أن نتساءل : أليس هذا تحديدا ما قام به دنك سياوبينغ و زمرته حينما دفع نحو تعزيز التحالفات العسكرية و التحالفات الإقتصادية و الأشكال الأخرى من الهيمنة الإمبريالية الأمريكية و البرجوازيّة المتحالفة معها ؟ أليس هذا ما يقوم به حين يقبل بسلبيّة بالتدخل السافر لإمبرياليّة الأمريكية لتركيز الدكتاتوريات العسكرية الفاشيّة فى أمريكا اللاتينيّ ة و فى أماكن أخرى دون فضح و لا تنديد بهذه الأمور و دون مدّ يد المساعدة للشعوب التى تعارض هذه الدكتاتوريّات ؟ ألم نشاهد بالعكس أنّ هذه الدكتاتوريات ، ثمرة التدخّل البغيض ، هي التى تحصل على هذا الدعم ؟ أليس هذا التعايش السلمي الخاطئ لخروتشاف الذى ينبطح لطلبات الإمبريالية و يشجّع السياسة العدوانية لهذه الأخيرة ؟
لاحقا ، فى التعليق إيّاه ، يقال :
" إنّ سياسة لينين للتعايش السلمي تنطلق من المهمّة التاريخية للبروليتاريا العالمية ، ولذلك فهي تتطلّب من الأقطار الإشتراكية أن تقدّم أثناء إتباعها هذه السياسة ، تأييدا حازما للنضالات الثورية التى تشنّها جميع الشعوب و الأمم المضطهدة ، إلاّ أن تعايش خروتشوف السلمي ينشد وضع المسالمة محلّ الثورة العالمية البروليتارية ، و هكذا ينبذ الأمميّة البروليتاريّة . لقد حوّل خروتشوف سياسة التعايش السلمي إلى سياسة إستسلام طبقي." ( ص 25)
يمكن أن نتساءل : ما يطبّقه دنك سياوبينغ و زمرته ، أليس بالضبط ما ندّد به الماركسيّون - اللينينيّون فى الحزب الشيوعي الصيني و على رأسهم الرفيق ماو ، فى السياسة العالميّة لدى خروتشاف ؟
وفى تدخّله فى الأمم المتّحدة ، قدّم دنك سياوبينغ التعايش السلمي كشكل حصري للعلاقات الدوليّة فقال : " إنّنا نعارض أن يتجاوز بلد مهما كان هذه المبادئ ، و يركّز هيمنته و يوجد مجالات نفوذ فى منطقة ما " . لم يشر إلى الأمميّة البروليتاريّة كأساس للسياسة العالميّة للصين فحسب بل أيضا لم يطبّق التوجيه المذكور أعلاه ، لأنّه يقبل بصمت و هو عادة يوافق على التدخّل الأمريكي او تدخّل حلفاء أمريكا مثلما فعل فى المدّة الأخيرة عند إرسال أسلحة فرنسية إلى الزايير. أمّا بالنسبة للإنقلاب العسكري فى الشيلي ، فقد إلتزم الصمت المطبق إزاء التدخّل البغيض للسي آي أي الأمريكية التى إنتهت إلى الإعتراف بذلك هي ذاتها ، عندما جرى تداول الإنقلاب فى لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي عقب إدانته على نطاق واسع من قبل فئات ديمقراطية فى العالم بأسره .
هذا من جهة و من جهة ثانية ، برفع ممثّلي البرجوازيّة فى البلدان المسمّاة ب" العالم الثالث " إلى صنف " القوّة المحرّكة للتاريخ "، و بالتحالف المرغوب فيه معها ، ألا يتنافى هذا و غيره مع نهوض الشعوب ضدّها ، و ألا يتنافى مع القيادة الثورية لنضال التحرّر؟ ألا يفعل هذا كذلك فى البلدان المصنّفة على أنّها " العالم الثاني" ، بدائه إلى تعزيز الجيوش و التحالفات العسكريّة و الإقتصاديّة التى تستعملها الإمبرياليّة الأمريكيّة و إحتكارات كلّ بلد لفرض هيمنتها ؟ أليس هذا وضع " التعايش السلمي" و العلاقات الدبلوماسيّة فوق واجبات الأمميّة البروليتاريّة لأجل إنشاء منطقة تأثير و هيمنة عالميّين خاصين ؟
ويستمرّ تعليق الحزب الشيوعي الصيني على الرسالة المفتوحة للحزب الشيوعي السوفياتي التى ذكرنا ، قائلا :
" إنّ المستعمرين يندفعون بخططهم العدوانيّة و الحربيّة ليس ضد الأقطار الإشتراكيّة و حسب بل فى العالم بأسره ، وهم يحاولون قمع الحركات الثوريّة للشعوب و الأمم المضطهَدة .
وفى هذه الظروف ، يجب على الأقطار الإشتراكيّة أن تكافح بحزم مع شعوب جميع الأقطار الأخرى ضد السياسات الإستعماريّة العدوانيّة و الحربيّة، و أن تخوض نضالا يكيل الصاع بالصاع ضد الإستعمار. و هذا النضال الطبقي يستمرّ حتما ، تارة بشكل حاد ، و تارة بشكل أخفّ ". (ص 28).
نعتقد أنّ الخطّ العام للسياسة الخارجيّة للبلدان الإشتراكيّة يجب أن يكون ترجمة للمبدأ الجوهري للسياسة الخارجية للبلدان الإشتراكيّة و ينطوي على المضمون الأساسي لها . و ما هو هذا المبدأ ؟ إنّه الأمميّة البروليتاريّة . لقد قال لينين : " إنّ التحالف مع ثوريّي الأقطار المتقدّمة و مع جميع الأمم المضطهَدة ضد أي من المستعمرين و ضدّهم جميعا - هو السياسة الخارجيّة البروليتارية ". (ص 30)
على ما يبدو ، دنك سياوبينغ الذى يرفض فى بلاده أن يميّز بين القطط البيضاء و القطط السوداء كي يتوصّل المعادون للثورة إلى السلطة ، فيما يتّصل بالقوى العظمى ، يميّز تمييزا واضحا لفائدة الإمبرياليّة الأمريكيّة و عملائها الذين يريد أن يتعايش معهم فقط سلميّا ، مع نسيان تام للأمميّة البروليتاريّة .
كلّ التحليل الذى قمنا به ، سواء إنطلاقا من كتابات او ممارسة السياسة العالميّة الصينيّة ، يبيّن بلا أدنى شكّ أنّ الخطّ العالمي لدنك سياوبينغ و فرقته لا علاقة له بالخطّ العالمي لماو تسى تونغ و الماركسيّين - اللينينيّين. بالعكس ، إنّه نقطة نقطة تكرار بتصرّف طبعا حسب الظروف التاريخيّة الجديدة ، للخطّ العالميّ الإنتهازيّ الشوفينيّ و الرجعيّ لخروتشاف و خلفائه .
بإمكان دنك سياوبينغ و الذين أعادوا له الإعتبار ضد الإرادة الأخيرة للرفيق ماو و الجماهير الشعبيّة الصينيّة أن يردّوا علينا بأنّ السياسة العالميّة شُرع فى تطبيقها منذ حياة ماو و أنّها بالتالى " سياسته ". و مع ذلك ، هذه الحجّة لا قيمة لها بالنسبة للمطّلع على تعقيدات الحياة السياسيّة فى الصين و على القوّة التى كانت تتمتّع بها القوى التحريفيّة و على الصراع الطبقيّ المحتدّ إلى أقصى حدّ الذى عرفته البلاد .
فى الصين يعيش تقريبا رُبع البشرية و لوحده الحزب الشيوعي الصيني كان يعدّ 30 مليون مناضل و مناضلة. و إحدى مميّزات السيرورة المعقّدة لصراع الخطّين فى الصين بين الخطّ البروليتاري و الخطّ البرجوازي هي وجود ما صنّفت على أنّها " مملكات مستقلّة " أي حصون و قطاعات نشاطات كانت فيها الهيمنة للخطّ التحريفي لفترات طويلة . و إليها يشير بالضبط شعار الثورة الثقافية : " إستعادة جزء السلطة الذى إستولى عليه أتباع الطريق الرأسمالي ".
لم يكن بوسع الماركسيّين - اللينينيّين الصينيّين و على رأسهم الرفيق ماو أن يحصلوا على الإنتصار فى الوقت ذاته على أعداء جدّ أقوياء مسنودين من قبل الإمبرياليّة و الإمبرياليّة الإشتراكيّة ، على كلّ الجبهات : الجبهة الثقافيّة و الجبهة الحزبيّة و جبهة الإنتاج و جبهة التعليم و جبهة القوات المسلّحة و جبهة السياسة الخارجيّة إلخ... و هذا لا يعنى أنّهم لم يناضلوا ضد الإنتهازيّين على هذه الجبهات . فى " أخبار بيكين " عدد 45 ، نوفمبر 1977 ، ضمن مقال طويل معنون " نظرية الرئيس ماو حول إنقسام العالم إلى عوالم ثلاثة مساهمة هامة فى الماركسية - اللينينية "، تجرى محاولة وضع المساحيق على وجه نشر دنك سياوبينغ للإحباط التحريفي ، و تجري خاصة محاولة يائسة لتسويق تلك النظريّة على أنّها تعبّر عن آراء ماو تسى تونغ ، يقع الإعتراف بالمعارضة التى وُجدت لخطّ دنك سياوبينغ ( مقدّما بالطبع على أنّه خطّ ماو تسى تونغ) . و يُقال :
" فى بلادنا ، وجد من عارضوا بشراسة نظرية الرئيس ماو لإنقسام العالم إلى عوالم ثلاثة ، إنّهم الأربعة : وانغ هونغ وان، تشانغ شوان كياو ، و تشيانغ تشنغ ، و ياو وان يوان . مقدّمين أنفسهم على أنّهم أكثر ثوريّة من الثوريّين ، كانوا يعارضون أن تساند بلادنا العالم الثالث و أن تتّحد مع كافة القوى الممكن توحيدها و مقاتلة العدوّ الأخطر . لقد حاولوا تخريب إيجاد جبهة متّحدة عالميّة ضد الهيمنة و أدخلوا الإضطراب على النضال الذى تخوضه بلادنا ضد الهيمنة ، لأجل تلبية حاجيات الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة ."
آخذين بعين الإعتبار التزوير المعتاد لوجهة النظر التى ليسوا اليوم قادرين على إصلاحها ، فإنّ الإستشهاد السابق يبيّن انّ القادة المذكورين ، و ضمنهم هناك زوجة ماو تسى تونغ ذاتها و الذين نهضوا بدور مهمّ فى وحدة إيديولوجيّة معه أثناء الثورة الثقافيّة و فى النضال ضد نشاطات دنك سياوبينغ و أتباعه الرجعيّة .
هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، من خلال هذه الرسالة المفتوحة بيّننا مبادئ السياسة العالميّة الماركسية -اللينينية للرفيق ماو ، فى تعارض تام مع المبادئ التحريفيّة التى ينادى بها دنك سياوبينغ بهذا الصدد ( و بصدد مسائل أخرى). لقد قمنا بذلك سواء بالإستشهاد مباشرة بمؤلفات الرفيق ماو المنشورة قبل وفاته ، سواء بكتاباته فى خضمّ الصراع العلنيّ ضد التحريفيّة المعاصرة التى إعترف الجميع بأنّها كتبت تحت إشرافه و توجيهه الخاصين .
فى أعماله و كتاباته فى خضمّ الصراع إيّاه ، يدافع الرفيق ماو عن أنّ : هيمنة السياسة الإستعمارية للإمبريالية تتواصل فى شكل الإستعمار الجديد ، بواسطة عملاء الإمبريالية ؛ و أنّ التحرّر الوطني ثمرة الصراع الطبقي داخل البلاد الخاضعة للإمبريالية ، و لثورة ضدّها و ضد القوى الداخليّة التى تشتغل كأداة لهيمنتها ؛ و أنّ ثورة التحرّر الوطني لتكون مظفّرة ينبغى أن تقودها البروليتاريا و ليس البرجوازية ؛ و أنّ التحرّر غير ممكن بمجرّد محاولات تحرّر إقتصادي تدفعه البرجوازية ؛ و أنّ القوّة المحرّكة للتاريخ هي الصراع الطبقي ، إنّها شعوب العالم ، و على رأسها ، فى عصرنا ، البروليتاريا و حزبها الطليعي ؛ و أنّ البروليتاريا فى البلدان الرأسماليّة المتقدّمة لأجل النضال ضد القوّتين الأعظم ، ينبغى أن تناضل ضد برجوازيّتها الإحتكارية ؛ و أنّه " من غير المعقول فسخ المضمون الطبقي للتناقض بين الكتلة الإشتراكية و الكتلة الإمبرياليّة و عدم رؤية التناقض الذى تنطوى عليه بين دول دكتاتورية البروليتاريا و دول دكتاتورية البرجوازية " ؛ و أنّ وجود الدول الإشتراكية غيّر طبيعة و أفق حركة التحرّر الوطني التى تتقدّم الآن بقيادة بروليتارية نحو الإشتراكية و ليس نحو التطوّر الرأسمالي فى ظلّ قيادة البرجوازية ؛ و أنّه ينبغى على الدول الإشتراكية أن تطبّق كجوهر لسياستها الخارجية الأممية البروليتارية و ليس ربطها بالتعايش السلمي و لا حتى بالشوفينيّة أو الهيمنة ؛ و أنّه من الممكن تجنّب حرب عالمية جديدة بنضال الشعوب و بدفع الثورة إلى الأمام ؛ و أنّه من الضروري أن نقاتل بصرامة فى آن معا كلاّ من القوّة العظمى الإمبريالية الأمريكية و القوّة العظمى الإمبريالية الإشتراكية السوفياتية ، مواجهينها بجبهة متّحدة لشعوب العالم فى ظلّ قيادة بروليتاريّة .
و دنك سياو بينغ ، بالعكس، يرى : أنّ الهيمنة السياسية الإستعمارية إختفت جوهريّا و لم يبق سوى " بقايا " الإستعمار ؛ و أنّه من الممكن " الحفاظ " على الإستقلال و " تعزيزه " عبر تغيير فى " العلاقات الإقتصاديّة العالميّة " ؛ و أنّ التحرّر الوطني سيكون ثمرة نشاطات " بلدان" "العالم الثالث" قاصدا بذلك جوهريّا ن حكوماتها البرجوازية التى هي عموما عميلة للإمبريالية و معادية لشعب ؛ و أنّ هذه القوى البرجوازية التى تحكّم فى حكومات بلدان " العالم الثالث" هذه ليست القوّة القيادية للتحرّر الوطني فحسب و إنّما ايضا " القوّة المحرّكة للتاريخ العالمي" ؛ و أنّه ينبغى على البروليتاريا فى البلدان الرأسمالية المتطوّرة لما يسمّى ب " العالم الثاني" أن تتّحد مع البرجوازية الإحتكاريّة و تعزّز التحالفات العسكرية و الأدوات الأخرى للهيمنة الإمبريالية الأمريكية و البرجوازية الإحتكارية ، بتعلّة مواجهة تهديد بهجوم " وشيك " من قبل الإمبريالية الإشتراكية ؛ و أنّه لم تعد توجد كتلة إشتراكية و أنّ الصين ، رغم كونها إشتراكية ، تنتمى إلى " العالم الثالث " المكوّن فى الأساس من بلدان مستعمرة أو خاضعة لإستعمار الجديد و الإمبريالية أو الإمبريالية الإشتراكية ؛ و أنّ بلدان " العالم الثالث " هذه " مثل " الصين يمكنها أن تتطوّر إقتصاديّا لتقضي على " حالة الفقر و التخلّف " دون القيام بثورة التحرّر الوطني و لا بثورة إشتراكية ؛ و أنّ السياسة الخارجيّة للصين هي جوهريّا سياسة " تعايش سلميّ " و ليست سياسة قائمة على الأمميّة البروليتاريّة ؛ و أنّ الحرب العالمية الثالثة حتمية و وشيكة ، دافعة فى الواقع حلفاء الإمبرياليّة الأمريكيّة إلى تعزيز تسليحهم و جيوشهم و تحالفاتهم العسكريّة لمواجهة الإمبرياليّة الإشتراكيّة السوفياتيّة ، و فى إرتباط بذلك عرقل الصراع الطبقي . جميع هذه المفاهيم التحريفيّة للنخاع عبّر عنها مباشرة دنك سياوبينغ أو مساعديه ، أو مثلما بيّننا ذلك ، تستخلص بجلاء من الدعاية التى تدعم هذا الخطّ و كذلك من النشاطات الملموسة التى أدّت إليها السياسة الخارجيّة الصينيّة .
إذن الآن يمكننا التساؤل : هل أنّ الذين يؤكّدون أنّ دنك سياوبينغ و أسياده و أتباعه ، يطبّقون بوفاء الخطّ العالمي للرفيق ماو ، يسعون لجعلنا نعتقد أن هذا الأخير قد غيّر بين ليلة و ضحاها ب 180 درجة مبادئ سياسته العالمية دون أن يسجّل كتابيّا هذا التغيير و فقط بهمسه سرّيا فى أذن دنك سياوبينغ و أشخاص آخرين من رهطه ؟ و ما هو أخطر ، هل يسعون لجعلنا نعتقد أنّ الرفيق ماو تسى تونغ كان يقاتل علنيّا الخطّ العالمي التحريفي لخروتشاف و " خروتشافات " الصين مثل دنك سياوبينغ و يدفع سرّا خطّا تحريفيّا معاديا للماركسيّة ؟
لن يتوصّلوا أبدا إلى جعل حزبنا يعتقد ذلك . ما نعرفه هو أنّه نظرا للسمعة الهائلة التى كانت للتعليمات السياسيّة للرفيق ماو و للحبّ و التقدير اللذين يكنّهما له الشعب الصينيّ و شعوب العالم الأخرى ، إضطرّ أعداؤه إلى " التخفّى بالعلم الأحمر" لأفكاره و إلى أن يقدّموا أنفسهم على أنّهم مؤوّلون أوفياء لهذه التعاليم السياسيّة ، كي يقاتلوها ويعارضوها بشكل أفضل . أليس هذا ما كان يقوم به لين بياو فى " مملكته المستقلّة " المشيّدة صلب جيش التحرير الشعبي ، فى ظروف حيث كانت للرفيق ماو ، كما وقع بيان ذلك ، إختلافات عميقة سياسيّة و إيديولوجية معه ؟ أليس هذا ما قام به فى السابق ، ليو تشاوتشي و دنك سياو بينغ و تحريفيّون آخرون متعنّتون فى " مملكاتهم المستقلّة " المبثوثة وسط الحزب و فى جهاز الدولة و على الجبهة الثقافيّة و غيرها ، إلى أن تمّت الإطاحة بهم خلال الثورة الثقافية ؟
بإعتبار أنّ النضال كان طويلا ( وأنّه سيكون كذلك أيضا فى المستقبل بما أنّهم عبر الإنقلاب إفتكّوا المبادرة ) و بإعتبار أنّه تمّت خسارة وقت مهمّ لكشفهم و الإطاحة بهم فى بداية الثورة الثقافيّة ، هل يعنى ذلك أنّ الرفيق ماو كان متّفقا معهم و أنّه لم يقاتلهم ؟ بالتأكيد لا. الرفيق ماو ذاته ندّد فى مناسبات عدّة بكون أعدائه قد إستعملوا و أساؤوا إستعمال إسمه و حتّى إستغلّوا إستشهادات مجزوءة من أعماله للقتال ضدّه و القتال ضد جوهر فكره. فى نفس الرسالة الموجّهة فى 8 جويلية 1966 إلى زوجته الرفيقة تشيانغ تشنغ ، عبّر الرفيق ماو عن عمق غضبه من طريقة إستعمال لين بياو لكتاباته و أعرب عن التالى :
" بعد وفاتي ، حين يكون اليمين قد إفتكّ السلطة... سيستعمل اليمين أقوالى ليرفع نهائيّا العلم الأسود ، و لكن هذا لن يجلب لهم حظّا سعيدا ".
و قال كذلك لإدغار سنو :
" من جميع الذين يصيحون يحيا ماو تسى تونغ ، ثلث صريح ، و ثلث آخر إلتحق بالأغلبيّة و البقيّة ، فى الأخير ، تتكوّن من منافقين ".
و من جهتنا ، نحن مقتنعون بأنّ دنك سياوبينغ و أتباعه يوجدون فى الثلث الأخير ، ثلث المنافقين .
" إعادة الإعتبار" لدنك سياوبينغ ، بُعيد وفاة ماو تسى تونغ و الدور الحيوي الذى نهض به فى العلاقات العالميّة للصين كلّما توصّل إلى التسلّل إلى السلطة ، مديرا ظهره للسياسة العالميّة الصحيحة التى كرّست فى أوج لحظات الصراع العالمي ضد التحريفيّة المعاصرة و خلال الثورة الثقافيّة ، تبيّن بوضوح أنّه رغم نضالهم ، الرفيق ماو تسى تونغ و الماركسيّين - اللينينيّين فى الحزب الشيوعي الصيني ، لم يتوصّلوا إلى شنّ معركة عميقة ضد هذه " المملكة المستقلّة " للسياسة الخارجيّة و لم يتوصّلوا إلى كسب هذه المعركة . و دون أدنى ظلّ للشكّ ، لم يثق ماو تسى تونغ و الماركسيون - اللينينيون فى الحزب الشيوعي الصيني أبدا فى دنك سياوبينغ الذى كان أحد الأهداف الرئيسية للثورة الثقافية ، و قد وقع إعفاؤه من مهامه للمرّة الثانية قُبيل وفاة الرفيق ماو لأنّه تآمر على مكاسب الثورة الثقافيّة و عارضها ، فما بالك بأن يكلّفوه بمهمّة تأويل خطّهم السياسيّ العالمي و إعادة صياغته صياغة كاملة.
بعد الإطّلاع على السياسة العالميّة لدنك سياوبينغ و زمرته التحريفيّة و الرجعيّة جوهريّا ، ليس بوسع حزبنا أيضا أن يقبل بالرواية التى ظهرت إثر وفاة الرفيق ماو أي أنّكم أنتم ، دنك سياو بينغ و الذين يساعدونك عن تعاون أو عن خوف ، تمثّلون حاليّا فى الصين أفكاره و مصالح الشعب . بالنسبة لنا ، الأمر واضح جليّ للغاية . التنبؤ الذى أصدره الرفيق ماو قد تحقّق على نحو محزن ، بعد وفاته ، " اليمين إستولى على السلطة " ، رافعا " الراية السوداء " للثورة المضادة . ما قمتم به أنتم هو إنقلاب يمينيّ ، معيدين عددا كبيرا من القادة العسكريّين الذين أقالتهم الثورة الثقافيّة ؛ و مبعدين فى المؤتمر الأخير أكثر من نصف اللجنة المركزيّة السابقة للحزب الشيوعي الصيني ، قامعين بعنف القطاعات القاعديّة للحزب و قادتهم الماركسيين - اللينينيين و الجماهير التى عارضت استيلاءكم على السلطة .
عند إطلاق الثورة الثقافية البروليتارية ، أشار الرفيق ماو إلى أنّ :
" ممثّلي البرجوازية الذين تسلّلوا إلى الحزب و الحكومة و إلى الجيش و مختلف قطاعات الحقل الثقافي ، يمثّلون حفنة من التحريفيّين المعادين للثورة. إن سنحت الفرصة ، سيستولون على السلطة و يحوّلون دكتاتوريّة البروليتاريا إلى دكتاتورية البرجوازيّة ".
و هكذا ، كان دنك سياوبينغ أحد أهمّ قادة هذه " الحفنة من التحريفيّين المعادين للثورة " و لهذا وقعت إقالته من مهامه أثناء الثورة الثقافيّة . أكثر من ذلك حتّى ، لقد قال ماو تسى تونغ عن أناس من أمثال دنك سياوبينغ :
" إنّهم عملاء أوفياء للبرجوازيّة و للإمبرياليّة معهما يجتهدون للإبقاء على الإيديولوجيا البرجوازيّة المضطهِدة و المستغِلّة للبروليتاريا ، و كذلك للإبقاء على النظام الرأسمالي ؛ إنّهم يعارضون الإيديولوجيا الماركسية - اللينينيّة و النظام الإشتراكي . و الصراع الذى يخوضونه ضدّنا صراع حياة أو موت فيه بالضرورة يوجد منتصر و منهزم . فالصراع الذى نخوضه ضدّهم لا يمكن أن يكون بالتالى سوى صراع حياة أو موت ".
فيما بعد ، مدّعيا التوبة و التراجع عن مواقفه التحريفيّة و مقدّما نقدا ذاتيّا ، وعد دنك سياوبينغ و أقسم : " أن لا يتراجع أبدا عن القرارات " فى إشارة إلى مبادئ الثورة الثقافية و مكاسبها . و على هذا النحو ، قدّم نفسه هو و أتباعه على أنّهم " تائبين " و تسلّلوا من جديد و إستعادوا شيئا فشيئا مواقعا هامة فى الحزب و الدولة و القوات المسلّحة. و فى أفريل 1973 ، ظهر دنك سياوبينغ لأوّل مرّة فى مأدبة عامة ؛ و بعد مدّة قصيرة ، إستعاد وظيفته السابقة كنائب وزير و فى أوت من السنة عينها ، أعيد كعضو باللجنة المركزيّة ؛ و فى 1974 بعدُ تسلّل إلى المكتب السياسيّ و أوكلت إليه مسؤوليّة إعادة تنظيم القوى المسلّحة و كذلك أعيد فى نفس الوقت إلى موقعه فى المجلس الشعبي ؛ و فى أفريل من نفس السنة ، عرض على الملأ فى الأمم المتّحدة أطروحاته التحريفيّة حول السياسة العالميّة . و فى جانفي 1975 ، فى الإجتماع العام العاشر للجنة المركزية للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الصيني ، عيّن نائبا لرئيس اللجنة المركزية ، و فى الشهر ذاته ، فى المجلس الشعبي الرابع الذى لم يحضره الرفيق ماو ، سُمّي نائبا للوزيرالأوّل و القائد الأعلى للقوّات المسلّحة قائما بالفعل ، بموجب مرض الوزير الأوّل شو آن لاي ، بوظائفه تلك . و قد بلغ هذه القمم ، شعر مذّاك بأنّه قويّ بما فيه الكفاية لينطلق فى مهاجمة مكاسب الثورة الثقافيّة ، رغم وعوده المنافقة بأن يحترمها ؛ و معارضا هذه المكاسب الوثائق التالية ، صاغ " برنامج عام لكلّ عمل كامل الحزب و كامل البلاد " ، و " مشروع تقرير عن عمل المؤسسات العلمية " و " بعض المشاكل الخاصة بالتسريع فى التطوّر الصناعي" ، و جميع هذه الوثائق و كذلك نشاطاته التحريفيّة المتعارضة فى العمق مع الثورة الثقافيّة، قاتل ضدّها الرفيق ماو و الماركسيون – اللينينيون فى الحزب الشيوعي الصيني و الجماهير الشعبيّة . و كان هدف هجمات دنك سياوبينغ هو معارضة تطوير الصراع الطبقي للبروليتاريا الصينيّة ضد البرجوازيّة و كذلك معارضة تعزيز دكتاتوريّة البروليتاريا ، لذلك تجرّأ على تحوير تعليمات ماو تسى تونغ ذاته مصرّحا : " إنّ تعليمات الرئيس ماو حول دراسة النظرية لمنع التحريفيّة و حول الوحدة و الإستقرار فى تطوّر الإقتصاد الوطني ، تمثّل البرنامج العام لعمل حزبنا و جيشنا و للبلاد كافة ؛ لتسريع التطوّر الإقتصادي من الضروري الإلتزام جيّدا بهذا البرنامج ".
و فى الحال ندّد الرفيق ماو :
" ماذا يعنى " إتّخاذ التوجيهات الثلاثة كعلاقة مفتاح " ؟ ألا يفيد الإستقرار و الوحدة إلغاء الصراع الطبقي ؛ الصراع الطبقي هو العلاقة المفتاح التى تتوقّف عليها بقيّة الأشياء ".
و محيلا مباشرة على موقف دنك سياوبينغ ، أشار :
" لقد أقسم ألف مرّة بأن يصلح نفسه و بأن لا يعيد النظر أبدا فى القرارات المركّزة . لا يمكن أن نثق به ."
و بعد ذلك :
" مع الثورة الإشتراكية يصبحون هم أنفسهم تحت النار . زمن التحويل التعاوني للفلاحة وُجد أناس في الحزب عارضوا ذلك و عندما تعلّق الأمر بنقد الحقّ البرجوازي إستاؤوا من ذلك . إنّكم تقومون بالثورة الاشتراكيّة و بعدُ لا تعرفون أين توجد البرجوازيّة . إنّها بالضبط داخل الحزب الشيوعي – أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسماليّ " .
و إضافة إلى ذلك ،أشار إلى أنّ :
" هذا الشخص ( دنك سياوبينغ ) لا يشارك فى الصراع الطبقي ، لم يشر أبدا إلى العلاقة المفتاح . إنّه يواصل سياسته " قط أبيض ، قطّ أسود " و لا يميّز بين الإمبريالية و الماركسية ". " إنّه لا يفهم الماركسية - اللينينية ، إنّه يمثّل البرجوازيّة".
هل يمكن أن يراودنا الشكّ بعد هذا فى أنّ الرفيق ماو كان بصلابة على رأٍس النضال ضد " ريح اليمين " الجديدة التى كان يقودها دنك سياوبينغ و أتباعه ؟
فى بداية 1975 ، أطلق ماو تسى تونغ وهو على رأس الحزب الشيوعي الصيني حملة كبرى من أجل تعزيز دكتاتورية البروليتاريا و تقليص بقايا الحقّ البرجوازي الساري المفعول بعدُ فى الصين . وقد لفت النظر إلى :
" لماذا تحدث لينين عن ممارسة الدكتاتوريّة على البرجوازيّة ؟ من الضروريّ أن تكون هذه المسألة واضحة . فغياب الوضوح بهذا الصدد يؤدّى إلى التحريفيّة . يجب إعلام كامل الأمّة بهذا ."
" حاليا تمارس بلادنا الإنتاج السلعي و نظام أجور غير عادل كذلك ،على غرار ما فى سلّم الأجور ذو الثماني درجات ، و ما إلى ذلك . فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا لا يمكننا إلا أن نحدد مثل هذه الأشياء . لذلك إذا توصّل أناس من أمثال لين بياو إلى السلطة سيكون سهلا جدّا بالنسبة لهم أن يركّزوا النظام الرأسماليّ . "
أطلقت هذه التعليمات و غيرها للرفيق ماو حركة جماهيرية عميقة لدراسة مميّزات دكتاتورية البروليتاريا كما حلّلتها المؤلّفات الماركسية الكلاسيكية و للنضال ضد بقايا الحقّ البرجوازي فى الصين .
تحديدا ، إستجابة لهذا النداء من أجل تعزيز دكتاتورية البروليتاريا ، أي تصعيد الصراع الطبقيّ ضد البرجوازيّة و ضد الحقّ البرجوازي ، شرع دنك سياو بينغ كقائد " لأتباع الطريق الرأسمالي " الأكثر عنادا فى الإرتجاف بعصبيّة . و فى النهاية ، سقطوا فى اليأس أمام تقدّم الصراع الطبقيّ و أخذوا يخطّطون و يشجّعون العمل المعادي للثورة فى ساحة تيان آن مان . وعلى إثر هذا الحادث الذى جدّ فى أفريل 1976، إجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني و بطلب من الرفيق ماو ، صادقت " بالإجماع على عزل دنك سياو بينغ من كافة مهامه داخل الحزب و خارجه " لأنّ " المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يعتبر أنّ طبيعة مسألة دنك سياوبينغ قد تحوّلت من الآن فصاعدا إلى مسألة تناقض عدائي " ، حسب ما جاء فى البلاغ . و قد ساند " مئات ملايين المدنيّين و العسكريّين " هذا القرار ، وفق المنشورات الصينية .
و خلال التجمّع المنتظم فى ساحة تيان آن مان ، صرّح يوتاه عضو المكتب السياسي للجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الصيني، أوّل سكرتير للجنة بلديّة بيكين و رئيس اللجنة الثورية للمدينة :
" فى هذه الأيّام الأخيرة ، بينما كنّا ندرس التعليمات الهامة لقائدنا العظيم الرئيس ماو ، و كنّا نردّ ريح الإنحراف اليمينيّ التى تريد أن تعيد النظر فى الإستنتاجات الصحيحة و نقوم بالثورة مع دفع الإنتاج ، كان عدد قليل للغاية من العناصر السيّئة يستغلون، لغاية غير مصرّح بها ، حفل الأموات ليخلقوا عمدا حدثا سياسيّا و ليوجّهوا هجماتهم المباشرة ضد الرئيس ماو و اللجنة المركزيّة للحزب ، فى محاولة لا طائل منها ليحرفوا توجّه النقد الموجّه للخطّ التحريفي لدنك سياوبينغ ، المسؤول السائر فى الطريق الرأسمالي و غير التائب ، و الموجّه لريح الإنحراف اليميني التى تضع موضع تساؤل القرارات الصحيحة . يجب أن يكون لدينا فهم واضح للطبيعة الرجعيّة لهذا الحدث السياسي و أن نعرّي الدسائس و المؤامرات و أن نرفع من درجة يقظتنا و ألاّ نسقط فى الأحابيل . ينبغى أن تتّخذ الجماهير الثوريّة العريضة و الكوادر الثوريّة لكافة البلديّة الصراع الطبقي كمحور و أن تنهض مباشرة للدفاع عبر نشاطات ملموسة عن الرئيس ماو و اللجنة المركزيّة للحزب و الخطّ البروليتاري الثوريّ للرئيس ماو و العاصمة الكبرى لبلدنا الإشتراكي ، و توجيه ضربات صارمة لنشاطات المعادين للثورة التخريبية و مزيد تقوية و تعزيز دكتاتورية البروليتاريا و تطوير هذا الوضع الممتاز . لنتّحد حول اللجنة المركزيّة للحزب و على رأسها الرئيس ماو لإحراز إنتصارات أعظم ! ".
و من جهته ، أشار هواو كوفينغ ، أثناء جنازة الرفيق ماو :
" لقد أطاحت الثورة الثقافية البروليتاريّة الكبرى التى أطلقها الرئيس ماو و قادها بنفسه مجسّدة مصالح و تطلّعات الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الفلاحين المتوسّطين الذين يريدون مواصلة الثورة ، أطاحت بمؤامرات إعادة تركيز الرأسماليّة التي دبّرها ليو تشاوتشى و لين بياو و دنك سياو بينغ الواقعين تحت نقد هم و زمرهم التحريفية المعادية للثورة ؛ و جعلت من الممكن إستعادة جزء السلطة الذى قد إستولوا عليه صلب الحزب و جهاز الدولة، ضامنة هكذا التقدّم المظفّر لبلادنا على طريق الماركسيّة - اللينينيّة ".
و عقب بضعة أشهر من وفاة الرفيق ماو، خارقين جميع القرارات الذين إدّعوا بنفاق إحترامها ، فى الإجتماع العام الثالث للجنة المركزيّة المنتخبة من قبل المؤتمر العاشر ، أداروا ظهرهم للإتّفاق السابق لإجتماع اللجنة المركزيّة و عزل دنك سياو بينغ بإعادته إلى كافة وظائفه و مسؤوليّاته الرسميّة. و بالتوازي مع ذلك ، جرى بخبث تشويه رفاق النضال الأقرب للرفيق ماو فى الصراع ضد دنك سياوبينغ و أتباعه و قمعهم و " طردهم للأبد من الحزب ".
لاحقا فى بلاغ للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الصيني ، حاولوا جعلنا نعتقد أنّ " القرارات" التى فرضت خلاله بما فيها قمع المساعدين الأقرب للرفيق ماو و إعادة الإعتبار لدنك سياوبينغ و قرار الإنهاء بصفة قطعيّة على الثورة الثقافية ، قد إتّخذت فى إنسجام مع " تعليمات " و " قرارات " الرفيق ماو تسى تونغ . و فوق ذلك ، أكّدوا أنّ هذه الإجراءات القمعية " تعلن النهاية المظفّرة للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى الأولى لبلادنا و التى دامت 11 سنة ". حقيقة تهكّمكم و جبنكم لا حدود لهما ! إنّكم تشتمون الرفيق ماو بعد وفاته و تستهزئون منه و من أفكاره و قراراته القديمة منها و الجديدة ضد التحريفيّين و بالخصوص ضد دنك سياوبينغ . فى الحقيقة تعتقدون أنّنا نحن الماركسيّون - اللينينيّون الذين بلغتنا التعليمات و القرارات الأخيرة للرفيق ماو و منها عزل دنك سياو بينغ ، أغبياء و خدم لديكم لنقبل بسلبيّة خدعة بهذه الفظاعة . و بالنتيجة ، حسب منطقكم ، الذين نعتهم الرفيق ماو ب" حفنة من التحريفيّين المعادين للثورة " و المعارضين " للإيديولوجيا الماركسيّة - اللينينيّة و للنظام الإشتراكي" و المشاركين فى " صراع حياة أو موت " ضد الماركسيّين مثلما هو حال دنك سياوبينغ و الذين يساعدونه سواء عن جبن أو عن قناعة ذاتية رجعيّة ، هم " ورثة خطّ الرفيق ماو و قراراته " و هم ، بعد وفاته ، الذين دفعوا الثورة الثقافية إلى " النهاية المظفّرة " ، ثورة عارضوها على الدوام معارضة حياة أو موت. حقّا ، إنّكم بصدد تجاوز خروتشاف و خلفائه الذين يدّعون أنّهم مواصلو طريق لينين . لم يصدّق معلّقو الصحافة البرجوازيّة ذاتهم الأكاذيب من هذا القبيل و أوّلوا دون تردّد تحركاتكم على أنّها " هزيمة لأفكار ماو تسى تونغ " و " قضاء على الثورة الثقافية " وهو أمر ، كونوا على يقين ، يبعث فيهم الغبطة .
إنّ نضال الشعب الصيني و إنتصاره على الإمبرياليّة و الإقطاعيّة أو الثورة الإشتراكيّة الصينيّة و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، كافة هذه النضالات المخاضة تطبيقا للماركسية - اللينينية على الواقع الملموس للصين و بفضل التطوير الخلاّق لهذه النظريّة من قبل الرفيق ماو تسى تونغ ، تمثّل إرثا لجميع شعوب العالم ، لا سيما إرثا للماركسيّين - اللينينيّين . لن نسمح بأن يشوّه التحريفيّون الذين إستولوا مؤقتا على قيادة الحزب الشيوعي الصيني العظيم وعلى الدولة الصينية ، لن نسمح بأن يشوّهوا هذا الإرث و أن يحطّموه .
على وجه الخصوص ، فى المرحلة الراهنة ، حيث تجد الفئات العريضة فى العالم بأسره نفسها مضطربة لعلمها بما يحدث فى البلدان المدعاة زورا إشتراكيّة ، حيث التحريفيّون من كلّ رهط قد أعادوا تركيز الرأسماليّة ، فى الوقت الذى تستغلّ فيه القوى الرجعيّة هذه الخيانة لتقاتل الماركسيّة و الإشتراكية الحقيقيّتين بتقديمها مثل هذه الدول على أنّها " إشتراكية " ، نعتبر فى منتهى الأهمّية أن ندافع عن النضالات التى خاضها الرفيق ماو و الماركسيون –اللينينيون الصينيون على رأس الجماهير ، أثناء الثورة الثقافية البروليتاريّة . لقد بُذل مجهود جبّار لتعزيز و تطوير نظام إشتراكيّ حقيقيّ ضمن نحو ربع الإنسانية ؛ و لوضع فعليّ للسياسة البروليتارية فى موقع القيادة ؛ و لدفع الصراع الطبقي فى إطار النظام الإشتراكي و للقضاء على الإيديولوجيا و العادات و التقاليد البرجوازية فى البناء الفوقيّ و كذلك على بقايا الحقّ البرجوازي ، و لدفع الجماهير العريضة لتأخذ بيديها شؤون الدولة و تطيح ب " الممالك المستقلّة " أين يتركّز البيروقراطيّون التحريفيّون .
و مثلما بيّنته الأحداث المأساوية التى جدّت منذ وفاة الرفيق ماو، لم تتوصّل الثورة الثقافية إلى تحقيق جميع أهدافها. ومع ذلك ، فإنّ حزبنا يعتقد اليوم أنّ الطبيعة المشؤومة و الرجعيّة و المعادية للماركسية للأعداء الذين عزلتهم و قاتلهم الثورة الثقافية فى غاية الوضوح و ستكشف أكثر طبيعتهم هذه فى المستقبل من خلال أعمالهم .
و حزبنا، الحزب الشيوعي الثوري الشيلي ، مقرّ العزم على تقديم مساهمته ، وإن كانت جدّ بسيطة ، فى النضال من أجل الدفاع عن الإشتراكية فى الصين ، و عن دكتاتورية البروليتاريا و عن المكاسب الخالدة للثورة الثقافية البروليتارية و عن فكر ماو تسى تونغ ضد الرجعيّين الذين يتحكّمون مؤقّتا فى السلطة فى الصين .
إنّنا مقتنعون بأنّ النضال الراهن ضد التحريفيّين الصينيّين و أتباعهم يمثّل مرحلة جديدة من النضال القديم للماركسيّين – اللينينيّين ضد المتآمرين التحريفيّين ، و الماركسيون- اللينينيون الصينيون ذاتهم و الرفيق ماو تسى تونغ على رأسهم ، قد علّمونا فى وثيقة " قادة الإتحاد السوفياتي أكبر إنشقاقيين فى زمننا " أنّ :
" النضال من أجل الماركسيّة - اللينينيّة و الأمميّة البروليتاريّة هو أيضا نضال من أجل وحدة الحركة الشيوعية العالميّة . صيانة المبادئ و التمسّك بالوحدة أشياء وثيقة الترابط " .
و إستخلصوا إستنتاجات ثلاثة :
" أوّلا، مثل كافة الأشياء فى العالم ، تنزع الحركة العمّالية العالميّة دائما إلى الإنقسام إلى إثنين ؛ و ثانيا ، يبيّن لنا تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة أنّ ، فى مختلف الفترات التاريخية لتطوّره ، الصراع بين المدافعين عن الوحدة و الإنشقاقيّين هو، فى العمق ، صراع بين الماركسيّة - اللينينيّة و الإنتهازيّة و التحريفيّة ، بين المدافعين عن الماركسيّة و الذين خانوها ؛ و ثالثا ، يثبت لنا تاريخ الحركة الشيوعيّة العالميّة أنّ الوحدة البروليتاريّة ستتعزّز و تتطوّر بالنضال ضد الإنتهازيّة و التحريفيّة و الإنشقاقيّة . إنّ النضال من أجل الوحدة وثيق الإرتباط بالنضال من أجل المبادئ ."
و قد صرّح لينين من جانبه :
" دون صراع لا يمكن أن تتوضّح الرؤية و إذا لم تتوضّح الرؤية لا يمكننا التقدّم بنجاح و الوحدة ليست ممكنة. إنّ الذين يصارعون لا يكسرون بالمرّة الوحدة . هذه الوحدة لم توجد بعدُ ، إنّها مهتزّة على طول الخطّ ... و الصراع المفتوح و المباشر هو أحد الشروط الضروريّة لتركيز الوحدة ".
و فيما يخصّنا ، فإنّ أكبر رغبة لدينا هي أن يثير هذا النضال حقّا توضيحا و أن يؤدّي بنا جميعا إلى فهم أفضل لجذور التحريفية المعاصرة على نحو يجعلنا نقاتلها بفعاليّة متزايدة .
إزاء هذا التيّار التحريفي الجديد ، قرّرت لجنتنا المركزيّة بإجماع أعضائها وفقا لرأي مجمل المناضلين و المناضلات ، أن تقطع علاقاتها الحزبيّة مع الزمرة التحريفيّة التى ، بفعل إنقلاب ، قد إستولت على السلطة و على قيادة الحزب الشيوعي الصيني إثر وفاة الرفيق ماو تسى تونغ و قرّرت أن تقاتلها علنيّا.
إنّنا لا نقطع مع الشعب الصيني و لا مع الحزب الشيوعي الصيني العظيم ، لكن مع الذين ضد إرادة هذا الشعب و هذا الحزب العظيم و ضد إرادة الرفيق ماو ، قد إستولوا مؤقّتا على السلطة فى الصين معتمدين على العنف و الدسائس المعادية للثورة .
نحن مقتنعون بأن فرحتكم ستكون قصيرة . لنا الثقة الكاملة فى الكلمات التى كتبها الرفيق ماو تسى تونغ سنة 1966 لزوجته الرفيقة تشيانغ تشنغ ، و التى يعلن فيها ما سيكون عليه مستقبلكم :
" فى الصين منذ وقعت الإطاحة بالإمبراطور فى 1911 ، لم يستطع أيّ رجعيّ البقاء فى السلطة لمدّة طويلة... إن نجح اليمين فى إنجاز إنقلاب معادي للشيوعيّة فى الصين ، فإنّنا مقتنعون أنّه لن يتمتّع بالسلم و على الأرجح ستكون هيمنته لمدّة قصيرة ، لأنّه لن يقبل به أيّ من الثوريّين الناطقين بإسم مصالح الشعب الذين يعدّون 90 % من السكّان ".
" و الخلاصة : المستقبل وضّاء لكن الطريق شائك . تظلّ الحقيقتان صالحتين ".
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري الشيلي
سنتياغو الشيلي – نوفيمبر 1977
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل في غزّة : صور [ جديدة ] من الإبادة الجماعيّة
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 69 : مجرمو حرب و مضطهِدون
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 70 : تمرّدات العبيد و الحرب الأهليّ ...
- و أعمال إسرائيل تجرّ الشرق الأوسط إلى حافة حرب إقليميّة و تخ ...
- إسرائيل تغتال مفاوض إيقاف إطلاق النار ، و تقصف مدارسا بالقنا ...
- كامالا هاريس هي و ليس بوسعها إلاّ أن تكون داعمة للإبادة الجم ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 66 : كلّ شيء مرتهن بإيجاد شعب ثوريّ
- بيان جديد من البنغلاداش : ليسقط نظام الشيخ حسينة الرجعي المل ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : لن ...
- بينما كان الحكّام الأمريكيّون يصفّقون للوزير الأوّل و الإباد ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 67 : مجلس كنغرس مليء بالوحوش يهلّل ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 64 : الجنون المتنامي و إحتدام الوضع ...
- بوب أفاكيان – الثورة عدد 65 : ماذا لو قَبِل ببساطة الديمقراط ...
- بوب أفاكيان – - الثورة - عدد 62 : تجربتى الأولى كمحرّض
- بوب أفاكيان - - الثورة - عدد 63 : الصعوبة التكتيكيّة و الإمك ...
- تتمّة لكرّاس الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة : الديمقرا ...
- - جيش إسرائيل الأكثر أخلاقيّة في العالم - جيش نازيّ إبادى جم ...
- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : جو باي ...
- بوب أفاكيان : الشيوعيّة ، الشيوعيّة الجديدة و تحدّى المثقّفي ...
- الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة : أربع ح ...


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 574
- مبعوث أممي يقترح تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب والبوليسار ...
- م.م.ن.ص// متابعة الرفيقة سميرة قاسمي في حالة اعتقال وايداعها ...
- اقرا الاشتراكي
- رغم معاناتهن.. السودانيات الأجدر بالمقاومة سلمًا وحربًا
- انقذوا شمال غزة من الموت بالجوع والقصف
- الشرطة تفض احتجاجًا لأهالي جبل تقوق النوبية
- الفصائل الفلسطينية تدين العدوان الأمريكي البريطاني الجديد عل ...
- مصادر لبنانية: غارة لطيران الاحتلال على بلدة اليسارية جنوبي ...
- المبعوث الأممي للصحراء يقترح تقسيم الإقليم بين المغرب وجبهة ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوعي الصيني (نوفمبر 1977) الفصل الرابع من كتاب - مواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا للإنقلاب التحريفي و إعادة تركيز الرأسمالية في الصين ، منذ سبعينات القرن العشرين