أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن ناظر - شهيد الرأي! ..... غَيَلان الدمشقي















المزيد.....

شهيد الرأي! ..... غَيَلان الدمشقي


فاتن ناظر

الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 02:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هو غَيلان الدمشقي وُلد  ( ٢٦٠هجرياً - ٣٢٠ ) من أب قبطي مصري نصراني ،  إلا أنه أسلم بعد ذلك وأصبح مَولى من موالي عثمان بن عفان ، وانتقل للعيش بعدها بدمشق للإستقرار بها .

لقد تتلمذ غيلان الدمشقي على يد الحسن بن محمد بن الحنفية ، الذي قال عنه : " ذاك الفتي مقتول ، فهو حُجة الله على بني أمية ".
وقد أسس غيلان طائفة كلامية تحمل اسمه وهي :  " الطائفة الغيلانية " ، والتي تنادي بحرية الإختيار دون الجبرية والقدرية التي نادى بها أصحاب الفرق الأخرى .

لقد عدّ الإمام الطبري وكذلك ابن المرتضى في طبقاته غيلان الدمشقي من المعتزلة ، أما الأشعري والشهرستاني في كتابه : " الملل والنحل " قد عدّه من المرجئة .
إن غيلان الدمشقي إعتزالي المذهب ، فمذهبه يرتكز على ركيزة حرية الفعل والإرادة والإختيار وهو مذهب أهل الاعتزال الذين يقرّون فيه أن الإنسان حر في أفعاله وإرادته وإختياره ، وبدون ذلك الكسب الإنساني من حرية الفعل والإختيار ينتفي معه الجزاء والحساب الإلهي .
كان ذلك هو مذهبه الإعتقادي ، أما عن فكره السياسي ، فقد كان يرى أن الخلافة والسلطة شورى بين الشعب وأنها ليست حصراً ووقفاً  وتفرداً على قبيلة قريش وإنما بتوافر واكتمال شروط الخلافة وحسن اختيار من يصلح لتولي تلك المهام الذي أقرّه الشعب والياً عليهم دون إعلاء لكلمة قدر الله وجبره في ذلك الحكم . وقد كان ذلك الرأي مجلبة للإضطهاد عليه فيما بعد نظراً لما يحمله من مبادئ مخالفة ومغايرة لأفكار بني أُمية والتي من شأنها تنذر بثورة فكرية وسياسية وحقوقية .
حيث أن الخلافة الأموية كانت تحكم كافة الأرجاء والأمصار والبلدان العربية من خلال إجادتها الإستخدام السياسي لفكرة القدرية والجبرية في إدارة شئون البلاد والعباد ؛ حيث أنه الخليفة هو قدر الله وإرادته ، كما أنه سوطه وجلاده وسُخطه ، وأيضاً نعيمه ورضاه .
لم يكن فكر غيلان الدمشقي سواء من حيث مذهبه العقائدي أو فكره السياسي مجرد أفكاراً جوفاء فارغة المحتوى ، بل صنع منها تطبيقاً ونهجاً يحيا به .
لقد كتب غيلان الدمشقي رسالة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز ، وهي رسالة أقل ما توصف به أنها رسالة قاسية جريئة ثورية شديدة اللهجة خاطبه فيها لقوله :  “أبصرتَ يا عمر وما كدت، ونظرت وما كدت، اعلم يا عمر أنك أدركت من الإسلام خلقًا باليًا، ورسمًا عافيًا؛ فلا تكن ميتًا بين الأموات! لا ترى أثرًا فتتبع، ولا تسمع صوتًا فتنتفع. وربما نجت الأمة بالإمام، وربما هلكت بالإمام، فانظر أيّ الإمامين أنت، فإنه تعالى يقول: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}، فهذا إمام هدى ومن اتبعه نال هداه، وأما الآخر فقال فيه تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون}”، فهذا إمام ضلال ومن اتبعه ضال .
وعلى الرغم من حدّة تلك الرسالة وقسوتها إلا أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز قد لَقَيها بقبول حسن ونُصح محمود . فقد أرسل إليه الخليفة يطلب منه توليه على ديوان مظالم بني أمية .

لقد حَرِص غيلان الدمشقي أن يكون عوناً في مواجهة الفساد وردّ الحقوق واقتلاع الظلم وغرس العدل بدلاً منه . لذلك عمل على انتزاع وتجريد بني أمية من كافة الغنائم والثروات التي حصلوا عليها من الشعب غصباً وعنوة ، مستندون في ذلك إلى قَدَر الجبر المفروض على الشعب بقوة وإرادة الله وقضاءه على يد خلفاءه من بني أمية على عباده الإذلاء الخانعين.
كان غيلان الدمشقي يعرض أملاك بني أمية التي اغتصبوها بدون وجه حق في مزاد علني ، وكان ينادي ويقول : " هلموا إلى متاع الظلمة ، هلموا إلى أموالهم وتراثهم ، يزعمون أنهم أئمة هدى ويكنزون المال ، والناس تموت جوعى .

عندما تناقل الناس ذلك  وتواترت تلك الأحداث إلى مسامع هشام بن عبد الملك وهو ولي العهد قال : " هذا يعيبوني ويعيب أهلي ويوصمهم بالنهب والمفاسد ، فأشهد الله أنني لن اتركه حتى أقطعن يده وأرجله .
وبالفعل صدق هشام بن عبد الملك في قسمه غير الحانث ذاك ، فبعد توليه شئون الخلافة أرسل في طلب غيلان الدمشقي يطلب فيه عرض موقفه ورأيه من مذهب القدرية والجبرية ، وقد عقد له مناظرة بينه وبين الأمام الأوزاعي .
وقد استمسك غيلان الدمشقي أعلى درجات الجهاد في تلك المناظرة وهي كلمة الحق التي تُقال أمام سلطان جائر ، وأبدى فيها موقفه من حرية الإرادة والإختيار وأن الإنسان في هذه الحياة مسئول عن أفعاله وتصرفاته وأنه مُجزى بها وإلا سقط عنه التكليف الإلهي، وأن عليه دفع أي ظلم أو قهر يتعرض له لأن ذلك ليس نتاج القدر وقضائه وإنما إنعكاساً لأفعاله من  الخنوع والذل المستشري بين البشر .

لقد دفع غيلان الدمشقي ثمناً باهظاً لآرائه وأفكاره تلك ، فقد زُجّ به في السجن وتمت مساومته للإفراج عنه إذا ما تراجع عن تلك الأفكار ، شريطة أن يسطر بخط يده إعترافاً بعودته إلى الحق والصواب كما زعموا ، وذلك درأً لنيل كل أنواع العذابات والويلات التي سوف يعانيها جراء تمسكه بها ، فما كان من غيلان الدمشقي إلا أن طلب من صاحبه وتلميذه ورفيقه في محبسه أن يكسر أصابع يده حتى لا يقوى على كتابة ما يجبرونه عليه . وعندما وجد ذلك هشام بن عبد الملك قال له : لقد أصبحت تعيش بِقَدَر يدك العاجزة طوال حياتك ، فقال له غيلان: كذبت والله إنما هو نتاج فعلي وكسب عقلي حتى لا أرغم على فعل غير ما آمنت به ، أما أنتم بنو أمية فكم من باطل أحييتموه وكم من حق أميتموه .

فما كان حينها من أمر الخليفة إلا قطع يديه وأرجله ورميه مذموماً منبوذاً بين الطرقات ، وعندما صادفه رجلاً قال له : " ما بال حال قَدَرك بعد قطع يدك وأرجلك" ، فقال له غيلان : كذبت والله وإنما هو ما اقترفت يداكم من فعل الظلم الذي ارتضيتموه حياة وسبيلاً ". هنالك أشار البعض على الخليفة أنه أخطأ عندما قطع يداي غيلان وأرجله وترك لسانه ! فلسان غيلان هو السبيل لنشر أفكاره الثورية واشتعال لهيب حرارتها بين صدور الرعيّة  ، لذا أرسل الخليفة على الفور في طلب من يجلب له غيلان مقطوع اللسان ، ليس هذا فقط وإنما مصلوباً على باب من أبواب دمشق .

صلبوه ظناً منهم أنهم قضوا عليه ، حسن الفعل فعلوا !  فقد ساهموا في تخليد أفكاره وذكراه .... فقط بمحاربته واضطهاده
مات غيلان الدمشقي ....... قتلته يد الجهل الغاشمة ، أطفأت شعلة ثورته الفكرية، أرادت للباطل طول الأمد وللحق في المهد الوأد ، أرادته ميتاً لأن بموته حياة لكل جور وظلم ، وحياته حتفٌ لهم وهلاك .



#فاتن_ناظر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موعد القيامة والبعث ! ........ في السادس عشر من ذي الحجة
- ولاية المرأة ...... ملكة سبأ نموذجاً
- وثنيّة الأفكار الجائرة ضد المرأة.......
- حواء أسكنها ربها الجنة وأدم أخرجها منها ........
- ثورة النساء ضد قانون أوبيا.........
- بديهيات مرفوضة...........
- الإله ..... أُنثى !
- وللرجال عليهن درجة..... تشريف أم تكليف؟!
- رُجُولة النساء .....
- أُنثى وافتخر ..........
- تأمُّلات ............
- قراءة في كتاب الفلسفة طريقة حياة......... للكاتب بيير هادو
- ما أحوجنا اليوم إلى مصباح ديوجين !...........
- رؤى ..............
- متاهة الحياة


المزيد.....




- السجن 21 شهرا لطالب سابق في جامعة أميركية لإدانته بتهديد يهو ...
- السجن 21 شهرا.. طالب بجامعة أميركية هدد بقتل اليهود
- ريح بالك ونس أطفالك معاهم.. تردد قناة طيور الجنة بيبي على قم ...
- إصابة مجندتين إسرائيليتين قرب المسجد الإبراهيمي جراء انفجار ...
- النزاهة: المرجعية الدينية العليا وضعت مشروعاً متكاملاً لمكاف ...
- مفتي مصر السابق شوقي علام يصدر بيانا بعد مغادرته دار الإفتاء ...
- مسار اضطراري لجيش مأزوم.. لماذا تجند إسرائيل اليهود المتزمتي ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الاقمار الصناعيه نايل س ...
- اغاني واناشيد للأطفال بدون انقطاع.. عند استقبال تردد قناة طي ...
- فرحي ولادك بأجمل الأغاني.. حدثي تردد قناة طيور الجنة الجديد ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن ناظر - شهيد الرأي! ..... غَيَلان الدمشقي