صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 00:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد احداث 2003 أعطى الامريكان بصفتهم دولة احتلال كل المساحة لرجال الدين، وهؤلاء لم يصدقوا ذلك فبرزوا بكل ثقلهم، لم يتركوا شيئا لم يحشروا انوفهم فيه، في كل مكان صرت تجدهم، تربعوا على عرش السياسة، سنوا الدستور وشكلوا الحكومات، وأفتوا بالمشاركة بالانتخابات وترشيح هذه الكتلة او تلك، واوصوا بهذه الشخصية او تلك، اسسوا الميليشيات لحمايتهم، فرضوا وجودا غير مسبوق في العراق.
انتشرت صورهم في الشوارع والساحات وداخل الدوائر والمؤسسات الحكومية والبيوت السكنية، اين ما تول وجهك تجدهم، أوقفوا العمل بالعقل تماما، طبقوا حرفيا عبارة "لا تقولوا قولا ولا تفعلوا فعلا الا بعد مراجعة المؤسسة الدينية"، تحول الانسان في زمنهم الى الة، يحركونها كيفما شاءوا ومتى شاءوا، دائما تواجه بسؤال "انت تقلد من"؟ أي أنك بلا عقل ولا فهم، هناك من ينوب عنك بالتفكير والتدبير.
رجال الدين هؤلاء يتخذون من بعض المدن مراكز لهم، لا يفرطون فيها ابدا، هذه المدن كل شيء فيها "مقدس"، تحولت الى عواصم دينية يتخذ فيها القرار النهائي، فعندما تكون هناك مشكلة سياسية او اجتماعية او قانونية يلجأ ارباب السياسة والقانون الى تلك المدن لأخذ رأي رجل دين يعيش في كهفه، ف "له الامر من قبل ومن بعد".
تلك المدن اكتسبت قداستها تاريخيا من عمل رجال الدين، فعلى مر التاريخ وهم ينتجون الخرافات والقصص الخيالية ويعيدون انتاجها في كل مرة، وينشروها بين أوساط الناس، لزيادة فعل التجهيل الذي يسمح لهم بالمزيد من الهيمنة على المجتمع.
ما حصل أمس في النجف، في الوقفة النسوية ضد تعديلات قانون الأحوال الشخصية، وما جرى عليهن من اعتداء من قبل رجال الدين وزمرهم الظلامية المتخلفة والرجعية، ما حصل يؤكد ان تلك المدن حولها رجال الدين الى قلاع حصينة ضد أي حالة تمدن او تحضر، فلا يمكن إقامة مهرجان او مظاهرة او حركة احتجاجية، الا إذا انسجمت مع طروحاتهم المتخلفة.
النجف مدينة طبيعية كأي مدينة أخرى في العراق، يسكنها مجتمع يتفاعل مع الحياة، لديه حاجات ومن حقه ان يشارك في أي حراك اجتماعي، لا يجب لجمه او تقييده او خنق حرية تعبيره بحجة ان مدين-ته "مقدسة"، هذا وهم يروجه رجال الدين لفرض سيطرة تامة على الناس، ويجب على الناس ان تفهم وتعي ذلك؛ يجب إزالة كلمات "الاشرف، المقدسة، المنورة، المكرمة" من تسميات المدن، حتى تعيش حياة طبيعية.
طارق فتحي
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟