أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟















المزيد.....

لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8062 - 2024 / 8 / 7 - 11:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في مقدمة الطبعة الأولى لكتابه " الأفكار الثورية لدى كارل ماركس THE REVOLUTIONARY IDEAS OF KARL MARX ، الصادر عام 1983، أي بعد مئة عام على رحيل ماركس، يتساءل المؤلف Alex Callinicos:
ما الفائدة من كتابة مؤلّفٍ جديد عن حياة وفكر ماركس الآن؟
ثم يجيب عن سؤاله قائلاً:
هناك ثلاث إجابات عن هذا السؤال.
أولاً، كان ماركس واحدًا من قِلة من المفكرين الذين غيروا جذريًا الطريقة التي نرى بها العالم. وفي هذا يصنف مع أفلاطون وأرسطو وكوبرنيكوس وجاليليو ونيوتن وداروين وفرويد وأينشتاين.
أمّا عن طبيعة مساهمة ماركس في هذا التغيير، فهي وفقاً للمؤلّف:
إن المفهوم المادي للتاريخ ـ هو "حقيقة بسيطة"، و مفادها: أن البشرية لابد من أن تأكل وتشرب وتحصل على المأوى والملبس أولاً، قبل أن تتمكن من ممارسة السياسة والعلم والفن والدين، إلخ" و مثل هذه الحقيقة قوية، إلى الحد الذي يجعل حتى منتقدي ماركس ومعارضيه غير قادرين على تجاهلها.
هذه هي الإجابة الأولى للمؤلّف عن سؤاله، أمّا الإجابة الثانية فهي:
إن ماركس كان "ثورياً قبل كل شيء"، و كانت النظرية بالنسبة له، وسيلة لفهم العالم من حوله، ولكن فقط كخطوة نحو تغيير ذلك العالم.
وكان عمل حياته ـ المفهوم المادي للتاريخ، والدراسات الاقتصادية الهائلة التي بلغت ذروتها في كتاب رأس المال ـ مكرساً لهدف واحد، هو: تحرير الطبقة العاملة لنفسها بنفسها.

لقد كرس ماركس حياته، لقضية الثورة الاشتراكية. ونتيجة لهذا، تعرض هو وأسرته للملاحقة والتجسس من جانب قوات الشرطة في نصف أوروبا. وعاشوا في فقر مدقع، وكان العمدة يقف على بابهم دائماً، ولم ينجوا إلا بفضل تضحية إنجلز.

وعندما توفي ماركس، تجاهل وطنُه الجديد - إنجلترا، وفاته، ولم تعلم صحيفة التايمز بوفاته إلا من خلال الصحافة الفرنسية.
بعد هذه المقدمة الموجزة عن أهمية ماركس، يبيّن لنا المؤلّف بذكاء، أسباب عدم فهمنا لكتابات ماركس، و هو السبب الثالث الذي دعا المؤلّف لكتابة هذا العمل، فيقول:

ومن المؤسف أن فهم ماركس ليس دائماً بالبساطة التي ينبغي أن يكون عليها.

وهذا ليس لأن كتابات ماركس، كما تقول الأسطورة، غامضة وثقيلة وجرمانية ـ بل كان في المجمل كاتباً واضحاً، وأعماله لا تكون صعبة عادة إلا عندما يكون الموضوع الذي تتناوله معقداً في حد ذاته.

الصعوبة الرئيسية، والسبب الثالث لكتابة هذا الكتاب، هو أن أفكار ماركس عانت من أكبر قدر من التشويه.

لقد كان الضرر، الذي لحق بماركس من قِبَل أعداء ماركس، جزئياً بالطبع .
واقع الحال، لقد كُتِبَت الكثير من الأكاذيب عن ماركس .

لقد وُصِف ماركس بالعديد من الأوصاف ـ متعصب، معادٍ للسامية، رائد هتلر (رغم أنه كان يهودياً وأممياً)، بل قيل عنه ايضا، أنه مفكر متدين في الأساس (على الرغم من كونه ملحداً طيلة حياته!). وقد استغل "علماء" البرجوازية مراسلاته الهائلة على أمل أن يضبطوه في بعض الأحيان في تصرفات مبتذلة أو ملاحظة عنصرية.
ومع ذلك، فإن دحض هذه الافتراءات أمر سهل نسبياً.
أما التعامل مع التشوهات التي عانى منها فكر ماركس على أيدي أتباعه فهو أكثر صعوبة.
حتّى أنه أضطر الى القول مرة:
"كل ما أعرفه هو أنني لست ماركسيًا All I know is that I am no Marxist ،"

بل أنّه قال في أواخر حياته - "الله يحفظني من أصدقائي , God save me from my friend.
لكن ما هو المصدر الحقيقي لتشوهات فكر ماركس؟ يجيب المؤلّف:

لقد كان هناك مصدران رئيسيان لهذا التفسير الخاطئ "الودي friendly " لأفكار ماركس.
المصدر الأول، وهو الأهم كثيراً، ينشأ من حقيقة مفادها أن "الماركسية اللينينية" أصبحت الإيديولوجية الرسمية لعدد من الدول المهمة والقوية، وأبرزها الاتحاد السوفييتي وجمهورية الصين الشعبية.

إن اشتراكية ماركس، كما سأحاول أن أظهر، كانت اشتراكية "من الأسفل socialism from below’ ".
إن الاشتراكية الحقيقية في الكتلة الشرقية تقوم على إنكار النشاط الذاتي للعمال وإنكار الديمقراطية الشعبية. وقد أظهر صعود وسقوط حركة التضامن في بولندا، هذا الأمر دون أدنى شك.

والمصدر الآخر للتشويه هو حقيقة مفادها أن الأكاديميين اكتشفوا ماركس.

ولم يقتصر الأمر على أن أعماله أصبحت موضوعاً لمئات التعليقات وأطروحات الدكتوراه. بل إن نوعاً جديداً من الماركسية نشأ، لا يستند إلى الحركة العمالية بل إلى الجامعات والمعاهد الفنية، ولا يهدف إلى الإطاحة بالرأسمالية بل إلى دراسة الماركسية ذاتها.

"إن الماركسية الغربية هي " الاسم المهذب" لهذا النوع، لأن أعضاءه موجودون بشكل رئيسي في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية. أمّا التسمية الأكثر دقّة فهي "الماركسية الأكاديمية"
إن ممارسي هذا النوع من الماركسية، يذكروننا ب "نيرسوس " ، الذي وقع في حب تأملاته في الأسطورة اليونانية.
لا يمكن تجاهل كل ما أنتجه هؤلاء الأكاديميون الماركسيون على الفور.
في بعض الأحيان يكون من الضروري تخصيص الوقت اللازم لتوضيح وتطوير المفاهيم التي نستخدمها، ولكن بالنسبة للماركسيين الغربيين أصبح هذا النشاط غاية في حد ذاته.

والنتيجة هي مجموعة من الكتابات التي لا يفهمها إلا أقلية ضئيلة من المثقفين المؤهلين تأهيلا عاليا.
بعد هذا العرض لأهمية و ماركس و أسباب التشوهات التي لحقت بفكر، يبيّن لنا المؤلّف الغاية القصوى من كتابه و هي:

إنّ الهدف من هذا الكتاب، إذن، هو إنقاذ ماركس من التشوهات التي عانى منها؛ وتقديم أفكاره الأساسية بأوضح طريقة ممكنة.

وينبغي أن يكون من الواضح بالفعل أن هذه ليست مهمة سهلة.
في المقام الأول، يقرأ الاشتراكيون، من جميع الأنواع، ماركسَ من أجل إيجاد مبرر لآرائهم السياسية، و هكذا يفعل الديمقراطيون الاجتماعيون، والشيوعيون الأرثوذكس، والماويون، وأنواع مختلفة من التروتسكيين، وما إلى ذلك.
يضيف المؤلّف:

ينبغي أن يكون واضحا منذ البداية، أن هذا الكتاب مكتوب من وجهة نظر اشتراكية ثورية. بعبارة أخرى، أنا أتفق مع ماركس في الاعتقاد بأن الرأسمالية هي نظام اجتماعي استغلالي لا بد أن تؤدي تناقضاته، إما إلى الاشتراكية أو إلى الهمجية، وأن الأمل الوحيد للبشرية يكمن في قيام الطبقة العاملة بتدمير آلة الدولة الرأسمالية واستبدالها بنظام حكمها الخاص.

ولكن هذا لا يعني أن هذا الكتاب لا يتضمن انتقادات لماركس. ذلك أن الرجل الذي كان شعاره المفضل "الشك في كل شيء" كان ليحتقر عبادة السوفييت له باعتباره حكيماً معصوماً من الخطأ. ولكن الكتاب، في المقام الأول، هو عرض ودفاع عن أفكار ماركس.

وثانياً، فإن أي سرد لأفكار ماركس لابد وأن يكون مثيراً للجدال.

إن كتاباته محاطة بكم هائل من التفسيرات المتضاربة إلى الحد الذي يجعل تفسير ما تقوله أشبه بالسير عبر حقل ألغام. فضلاً عن ذلك فإن ماركس، باعتباره إنساناً، كان غامضاً ومتناقضاً في بعض الأحيان، وكان يغير رأيه في أمور كبيرة وصغيرة.

وفي محاولة المرء إيجاد طريقه عبر هذه الصعوبات، لابد وأن يسلك مساراً ضيقاً.
ومن السهل أن ينزلق المرء من "ما كان ماركس يقصد قوله حقاً..." إلى "ما كان ينبغي لماركس أن يقوله، ولكنه لم يفعل". وآمل أن أكون قد تجنبت الخيار الأخير.

إن المكان الوحيد الذي قد يُتَّهَم فيه بشكل معقول بفعل هذا هو الفصل الخامس، الذي يتناول نظرية ماركس في التاريخ. وهنا أعتقد أن آراء ماركس قد تغيرت وتطورت بين "الأيديولوجية الألمانية" و"رأس المال"، وقد استندت في روايتي إلى هذا الأخير وأعمال أكثر نضجاً.
ثالثاً، هناك مسألة، إلى أي مدى يمكن اعتبار كتابات إنجلز دليلاً موثوقاً به لفكر ماركس. فبعد أن عوملت كتابات إنجلز باعتبارها حجر الأساس للأرثوذكسية من قِبَل الأممية الثانية وفي الكتلة الشرقية، أصبح العديد من الماركسيين في الغرب ينظرون إلى إنجلز الآن باعتباره عبقرية ماركس الشريرة، التي شوهت فكره.
ولابد من رفض هاتين النظرتين لإنجلز. فما كان إنجلز نفسه ليزعم قط أنه مفكر عظيم أو أصيل مثل ماركس. فقد كتب: "كان ماركس عبقرياً، أما نحن الآخرون فقد كنا موهوبين في أحسن الأحوال".

هذا الكتاب مساهمة في النضال ضد الرأسمالية، ومن أجل الاشتراكية. وبقدر ما ينجح في تغيير معتقدات عدد قليل من الناس، وإقناعهم بأن ماركس كان على حق، فإنه لابد أن يغير ممارساتهم أيضًا. لأنه لا يمكن للمرء أن يقبل النظرية العلمية لماركس ويرفض سياساته الثورية: فالاثنان يسيران معًا. هذه هي النقطة الأساسية في الماركسية - إنها، على حد تعبير أنطونيو غرامشي، فلسفة الممارسة.
أخيرا، يختم المؤلف مقدمة كتابه، بهذه العبارة المؤثّرة:

إذا أقنع هذا الكتاب شخصًا واحدًا فقط، بضرورة العمل لتحقيق تحرير الطبقة العاملة ذاتيًا، فسأكون راضيًا.



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيجل و ماركس في مقال عنوانه : هل تعلم...؟
- - من أفيون السماء، إلى أفيون الأرض: القصّة الكاملة لصراع مار ...
- كارل ماركس، شاعرا
- كيف نفهم ماركس؟ كيف نفكر معه؟ او ضدّه؟
- الله و الإنسان: من -الجَدل- في فلسفة هيجل، إلى -الدَجَل- في ...
- هيجل و ماركس في أربع مقالات قصيرة
- عبء الاثبات في الحوار الفلسفي: الفصل الرابع: أنطوني فلو: افت ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - الفصل الثالث: الله و إبريق ش ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عِبءُ الإثباتِ في الحوار الفلسفي على أيٍّ من الطرفين يقعُ عب ...
- عبء الإثبات في الحوار الفلسفي - على أيّ من الطرفين يقع عبءُ ...
- التصوّف، فيزياء الكم، و شيزوفرينيا العالَم
- الخاطفُ و الضحيّة ... قصّة فلسفية
- محاولة في التفسير العلمي لعبارة - كن فيكون-
- الوضعيةُ المنطقية : البداية و النهاية
- القرود تفشل في امتحان شكسبير
- أدونيس - و - أنا - بين - تناص - المنصف الوهايبي و - انتحال - ...
- - يومَ ضَبطتُ أدونيس مُتَلبّساً -
- هناك.... حيثُ كنّا ندافعُ عن الوطن
- الله و الإمام: بحوث فكرية في الأسلوب الإلهي لإقامة الدين في ...


المزيد.....




- هل يعيش توم كروز قصة حب مع فيكتوريا كانال.. الأخيرة تعلق؟
- إيران تعلن عن تجهيزات جديدة لمجالها الجوي الشرقي وتكشف التفا ...
- -آن الأوان-.. صحفي بريطاني يتوقع اندلاع حرب عالمية
- أمريكا تكمل انسحابها من أخر قواعدها العسكرية في النيجر
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1885 عسكريا أوكرانيا خلال 24 ...
- الملك عبد الله الثاني يترأس اجتماعا أمنيا لبحث الوضع في المن ...
- زاخاروفا: زيلينسكي أرسل جنوده إلى -مفرمة اللحم- في كورسك لإط ...
- مصر.. ترحيل نجل رجل أعمال سوري شهير
- تحذير إسرائيلي من صفقة عسكرية مصرية تركية ضخمة
- مراسلنا: قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - لماذا لا نفهم ما قاله كارل ماركس؟