أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - بيرم جمال غزال - الإثبات في قانون العمل الفلسطيني















المزيد.....

الإثبات في قانون العمل الفلسطيني


بيرم جمال غزال
دكتور

(Beram Ghazal)


الحوار المتمدن-العدد: 8060 - 2024 / 8 / 5 - 08:04
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المقدمة
يعتبر قانون العمل من أهم القوانين في المجتمعات الإنسانية وذلك لأنه ينظم حياة مجموعة كبيرة في المجتمع وهم العمال وأصحاب العمل، حيث ينصب قانون العمل على بيان كافة الأحكام القانونية المتعلقة بعقد العمل، ومن تلك الأحكام الإثبات في قانون العمل، لذلك تطرق قانون العمل في الحديث حول الإثبات من حيث كيفية إقامة الحجة والدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها الإثبات في أي واقعة تترتب عليها آثار ومنازعات عمالية ضمن قانون العمل، ومن المعلوم أن قواعد الإثبات تحتل أهمية كبيرة في حل الخصومات بين النّاس، فهي من الوسائل التي ترد الحقوق إلى أصحابها وتعمل على إقامة العدالة بين الناس بالإضافة إلى خلق الثقة لدى الأفراد بالمرفق القضائي، والقاعدة العامة في الإثبات أنَّ المدعي هو من يقع عليه الإثبات استنادًا إلى القاعدة العامة "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" ونظرًا لأن لكل قاعدة استثناء قد خُصصت هذه الورقة البحثية لتوضيح كيفية الإثبات في قانون العمل.
أهمية الدراسة
تأتي أهمية هذه الدراسة في ظل تسليط الضوء على أهم الأحكام المتعلقة بالإثبات لعقد العمل، وذلك بسبب ازدياد الخلافات الفقهية حول بعض المسائل المتعلقة بالإثبات في قانون العمل بالنسبة للعامل وصاحب العمل.
مشكلة الدراسة
تتمثل إشكالية الدراسة في تحديد طبيعة الاختلاف ما بين قانون العمل وقانون البينات الساريين في الأراضي الفلسطينية فيما يخص الإثبات، لهذا تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على السؤال الرئيسي، على من يقع عبء الإثبات في حال أنكّر العامل أنه حصل على الأجر، على العامل أم صاحب العمل ؟ وعلى وجه التحديد تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة على الأسئلة الفرعية التالية:
1. كيف يكون الإثبات للعامل ولصاحب العمل وللمستثنين من تطبيق أحكام قانون العمل ؟
2. كيف تناقض قانون العمل مع قانون البينات فيما يتعلق بالإثبات ؟
منهجية الدراسة
سوف يسلك الباحث في موضوع الدراسة المنهج التحليلي الوصفي، حيث سيقوم الباحث بتحليل أحكام قانون العمل وقانون البينات فيما يتعلق بالإثبات.
خطة الدراسة
المطلب الأول: إثبات عقد العمل.
الفرع الأول: الإثبات بالنسبة للأشخاص المستثنين من تطبيق أحكام قانون العمل.
الفرع الثاني: الإثبات بالنسبة للأشخاص الخاضعين لتطبيق أحكام قانون العمل.
المطلب الثاني: الإشكالات ما بين قانون العمل وقانون البينات فيما يتعلق بالإثبات.
المطلب الأول: إثبات عقد العمل
تختلف القواعد التي تحكم الإثبات فيما يتعلق بعقود العمل، فعقود العمل الخاضعة للقانون المدني (مجلة الأحكام العدلية) يجب أن يتم إثباتها بموجب القواعد العامة في الإثبات والتي تخضع لأحكام قانون البينــات الفلسطيني رقم 4 لسنة 2001، أما عقود العمل الخاضعة لقانون العمل فهنا يتم التفرقة بين الإثبات من جهة العامل والإثبات من جهة صاحب العمل ، وحتى يتم التمييز بين عقود العمل الخاضعة للقانون المدني عن عقود العمل الخاضعة لقانون العمل فإنه وبالرجوع إلى أحكام المادة 3 من قانون العمل الفلسطيني حددت نطاق تطبيق قانون العمل، حيث نصت هذه المادة على أنه تسري أحكام قانون العمل على جميع العمال وأصحاب العمل في فلسطين بإستثناء موظفي الحكومة والهيئات المحلية، خدم المنازل ومن في حكمهم، أفراد أسرة صاحب العمل من الدرجة الأولى ،
كما وتعتبر الدعاوي الناشئة عن الالتزامات بموجب قانون العمل والتي تسمى بالدعاوي أو المنازعات العمالية بأنها دعاوي مدنية أو تجارية، ويبنى على ذلك، أنه تطبق طرق الإثبات الواردة ذكرها حصراً بموجب قانون البينات الفلسطيني والذي حدد طرق الإثبات في الدعاوى المدنية والتجارية وهي الأدلة الكتابية "السندات الرسمية، السندات العرفية، السندات غير الموقع عليها" ، الشهادة، القرائن "القرائن القانونية، القرائن القضائية"، الإقرار، اليمين، المعاينة، الخبرة .
الفرع الأول: الإثبات بالنسبة للأشخاص المستثنين من تطبيق أحكام قانون العمل
استثنت المادة 3 من قانون العمل الفلسطيني موظفي الحكومة والهيئات المحلية، وخدم المنازل أو من في حكمهم، وأفراد أسرة صاحب العمل من الدرجة الأولى من نطاق تطبيق أحكام قانون العمل، ويعني ذلك خضوع هؤلاء الأشخاص لأحكام قانون البينات الفلسطيني فيما يتعلق بمسألة الإثبات،
وعليه يبنى على ذلك أنه لا يمكن إثبات الإلتزام بموجب عقد العمل والذي تزيد قيمته على 200 دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، كأصل عام إلا بالكتابة ولا يجوز إثباته بالشهادة ما لم يوجد إتفاق صريح أو ضمني أو نص قانوني يقضي بغير ذلك وذلك سنداً لأحكام المادة 68/1 من قانون البينات الفلسطيني.
كما أنه وبموجب نص المادة 71 من قانون البينات الفلسطيني فإن أفراد أسرة صاحب العمل حتى الدرجة الأولى يجوز لهم إثبات عقد العمل بشهادة الشهود والقرائن ولو زاد قيمة الإلتزام بموجب عقد العمل عن 200 دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 71 على أنه إذا وجد مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي يجوز الإثبات بشهادة الشهود ويعتبر مانعاً أدبياً القرابة بين الزوجين أو ما بين الأصول والفروع أو ما بين الحواشي إلى الدرجة الثالثة أو ما بين أحد الزوجين وأبوي الزوج الآخر أو بين الخطيب وخطيبته" ، ومؤدى ذلك تحقق المانع الأدبي في أفراد أسرة صاحب العمل المستثنى من تطبيق أحكام قانون العمل وعليه فإنه يجوز إثبات الإلتزام وفقاً للشهادة أو القرائن .
أيضاً فيما يتعلق بخدم المنازل أو من في حكمهم، فإنه حسب الأصل العام لا يجوز إثبات الالتزامات الناشئة عن عقد العمل والتي تزيد على 200 دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً إلا بالكتابة لكن إذا وجد مانع مادي أو إذا كان العرف والعادة لا يقضيان بربط الالتزام بسند كتابي ويعتبر مانعاً مادياً أن لا يوجد من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفاً في العقد، جاز هنا الإثبات بالشهادة أو القرائن لهؤلاء الخدم أو من في حكمهم .
أيضاً إذا كان صاحب العمل تاجراً وقام بتعيين العامل لأغراض تجارية وهنا تعرف هذه الحالة بالأعمال التجارية بالتبعية فإنه يجوز للعامل سواء أكان خاضعاً لأحكام القانون المدني أو تنظيم خاص أو لأحكام قانون العمل إثبات الالتزامات الناشئة عن عقد العمل بجميع طرق الإثبات مستفيداً من قواعد الإثبات الواردة في قانون التجارة بموجب المادة 51 حيث نصت هذه المادة على أنه "لا يخضع إثبات العقود التجارية مبدئياً للقواعد الحصرية الموضوعة للعقود المدنية، فيجوز إثبات العقود بجميع طرق الإثبات مع الاحتفاظ بالاستثناءات الواردة في الأحكام القانونية الخاصة" .
الفرع الثاني: الإثبات بالنسبة للأشخاص الخاضعين لتطبيق أحكام قانون العمل
فيما يتعلق بالإثبات بالنسبة للأشخاص الخاضعين لتطبيق أحكام قانون العمل الفلسطيني فإن القانون فرق ما بين القواعد التي تحكم الإثبات من جهة العامل والقواعد التي تحكم الإثبات من جهة صاحب العمل وذلك على النحو التـالي:
أولاً: الإثبات من جهة العامل
منح المشرع العامل ميزة خاصة أمام القضاء وهي الحق في إثبات جميع الالتزامات الناشئة عن عقد العمل بكافة طرق الإثبات القانونية والتي حددتها أحكام قانون البينات الفلسطيني بموجب المادة 7 منه، وغاية هذا توفير حماية فعالة للعامل باعتباره الطرف الضعيف اقتصادياً في العقد لذلك سمح له الإثبات بكافة وسائل الإثبات خروجاً عن القواعد العامة في الإثبات، حيث نصت المادة 28 من قانون العمل الفلسطيني على أنه "ينظم عقد العمل باللغة العربية، متضمناً شروط العمل الأساسية خاصة الأجر ونوع العمل ومكانه ومدته، ويوقع من طرفيه، وتعطى نسخة منه للعامل، وللعامل إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات القانونية"
وهنا نرى أن صياغة المادة 28 على النحو المذكور تؤدي إلى نتيجة مفادها أنه يشترط عند تنظيم عقد العمل أن يراعى أن يكون العقد مكتوباً وباللغة العربية ومتضمناً لشروط وظروف العمل الأساسية وهي الأجر ونوع العمل ومكانه ومدته كما ويشترط أن يعطى نسخة من العقد الذي تم تنظيمه للعامل، وللعامل الحق في إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات.
كما ونصت اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976والتي أبرِمَت بين الدول العربية تحت إطار منظمة العمل العربية والتي انضمت لها فلسطين منذ العام 1972 وتحديداً المادة 20 منها على أنه "يراعى أن يحرر عقد العمل كتابة وأن يتضمن البيانات التي تحدد حقوق وواجبات الطرفين، وللعامـــل إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات"
وللجدير بالإشارة أن المادة 28 من قانون العمل لا تتناقض مع المادة 24 من ذات القانون والتي تنص على أنه يجوز أن يكون عقد العمل كتابي أو شفهي صريح أو ضمني، حيث أن كتابة عقد العمل لا يعد شرطاً للإثبات أو الانعقاد إنما هي حكماً توجيهياً يراد منه حسم أي خلاف قد ينشأ حول الأجر و طبيعة العمل و مدته ومكانه، كما أنها تكرس اتجاه إيجابي نحو التوجه إلى تنظيم العقد بشكل مكتوب ليكون هناك سهولة في الإثبات ، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض الفلسطينية (غزة) في الطعن الحقوقي رقم 174/2002 بتاريخ 30/9/2003 على أنه "يتم إثبات وقائع الدعوى العمالية بالبينة الشخصية والخطية، كما أنه يجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات القانونية وإن لم يحرر العقد كتابةً"، وأيدتها على ذلك محكمة التمييز الأردنية في قرارها بصفتها الحقوقية (هيئة خماسية) رقم 580/2006 بتاريخ 29/6/2006 وقرارها رقم 420/2006 بتاريخ 16/10/2006.
وعليه يتم القول أنه في جميع الأحوال سواء أكان العقد مكتوباً أو غير مكتوب فإنه يجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات، مع الإشارة إلى أن معظم حقوق العامل هي مسائل مادية لا يمكن في الكثير من الأحيان إعداد الدليل الكتابي حولها كما في حالة إثبات عدم حصول العامل على إجازاته أو أيام الراحة الأسبوعي أو بدل ساعات العمل الإضافي أو بدل العطل الدينية والرسمية.
كما أن قانون العمل بموجب المادة 12 فإنها أوجبت على صاحب العمل ضرورة إبلاغ مكتب العمل التابع لوزارة العمل الفلسطينية ببيان شهري بأسماء العاملين لديه وسنهم ومؤهلاتهم وجنسهم وأجورهم وتاريخ بدأ عملهم الفعلي وكل ذلك يساعد العامل على إثبات حقوقه بموجب عقد العمل.
ثانياً: الإثبات من جهة صاحب العمل
بدايةً لا يستطيع صاحب العمل كأصل عام إثبات عقد العمل بجميع طرق الإثبات القانونية وذلك لأنه قادر على إعداد الدليل الكتابي مسبقاً بنفسه، بعكس العامل الذي يكون مضطراً في معظم الأحيان إلى مجاراة صاحب العمل وعدم ممانعته بإبرام عقد العقد شفاهةً بسبب حاجته للعمل حيث أن صاحب العمل هو الطرف الأقوى في العلاقة التعاقدية العمالية بينما العامل هو الطرف الأضعف .
كما أن نص المادة 28 من قانون العمل أعطى الحق للعامل فقط بالإثبات من خلال جميع طرق الإثبات بينما لم يمنح ذلك الحق لصاحب العمل، وبالتالي فإن صاحب العمل يخضع في الإثبات إلى القواعد العامة في الإثبات وفقاً لأحكام قانون البينات الفلسطيني،
حيث أن صاحب العمل لا يحق له إثبات الالتزامات الناشئة عن عقد العمل والتي تزيد عن 200 دينار أردني إلا من خلال الكتابة ما لم يكن هناك اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك وذلك سنداً لأحكام المادة 68/1 من قانون البينات الفلسطيني.
وقد ورد على القاعدة والتي نص عليها قانون البينات الفلسطيني بموجب المادة 68 العديد من الاستثناءات، أي أنه يجوز إثبات الالتزامات الناشئة عن عقد العمل والتي تزيد عن 200 دينار أردني بشهادة الشهود وذلك بموجب الحالات الواردة حصراً في المادة 71 من قانون البينات الفلسطيني وهي "إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، ويعتبر في حكم ذلك كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، أو إذا كان العرف والعادة لا يقضيان بربط الالتزام بسند كتابي، ويعتبر مانعاً مادياً أن لا يوجد من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفاً في العقد، ويعتبر مانعاً أدبياً القرابة بين الزوجين أو ما بين الأصول والفروع أو ما بين الحواشي إلى الدرجة الثالثة أو ما بين أحد الزوجين وأبوي الزوج الآخر أو بين الخطيب وخطيبته، إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب لا يد له فيه، إذا طعن في العقد بأنه ممنوع بمقتضى القانون أو مخالف للنظام العام والآداب، إذا طعن في العقد بأن الظروف التي أحاطت بتنظيمه قد شابها غش أو تدليس أو إكراه أو أي عيب آخر من عيوب الإرادة"
كما أن إلزام صاحب العمل الإثبات وفق القواعد العامة في الإثبات والمنصوص عليها ضمن أحكام قانون البينات وبالأخص الإثبات من خلال البينة الخطية كقاعدة عامة لا يعني أن صاحب العمل ليس له الحق بنفي ما قام العامل بإثباته بالطريقة ذاتها والتي استعملها في الإثبات وذلك سنداً لما نصت عليه المادة 73 من قانون البينات الفلسطيني، حيث نصت على أنه "الإذن لأحد الخصوم بإثبات الواقعة بشهادة الشهود يقتضي دائماً أن يكون للخصم الآخر الحق في نفيها بذات الطريق "
وتطبيقاً لذلك حيث قضت محكمة التمييز الأردنية في قرارها الصادر بصفتها الحقوقية رقم 2015/2006 بتاريخ 4/12/2006 أنه "يقتضي تطبيق العدالة أن يساوى بين الخصوم في طرق إثبات وقائع الدعوى، فالإجازة لأحد الخصوم بإثبات واقعة بشهادة الشهود تقتضي دائماً أن يكون للخصم الأخر الحق في دفعها بهذا الطريق"
أي أنه يكون لصاحب العمل الحق في نفي ما أثبته العامل بالطريقة ذاتها، لكن يقتصر حق صاحب العمل على النفي ولا يمتد إلى إثبات العقد ابتداءً ، فلو تقدم صاحب العمل بدعوى ضد عامله مدعياً بوجود عقد عمل وأنكر العامل وجود ذلك العقد في هذه الحالة يلزم صاحب العمل إثبات العقد وفقاً للقواعد العامة في قانون البينات الفلسطيني.
المطلب الثاني: الإشكالات ما بين قانون العمل وقانون البينات فيما يتعلق بالإثبات
تثار الكثير من التساؤلات حول التناقض بين ما نص عليه قانون العمل بشأن الإثبات وبين ما بني عليه قانون البينات ومن تلك التساؤلات:
أولاً: يتناقض قانون البينات الفلسطيني ومجلة الأحكام العدلية مع ما ورد في أحكام قانون العمل فيما يتعلق بعبء الإثبات، حيث تنص المادة 2 من قانون البينات على أنه "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" في حين تنص المادة 76 من مجلة الأحكام العدلية على أنه "البينة للمدعي واليمين على من أنكر" وهنا يُفرض السؤال وهو على من يقع عبء الإثبات في حال كان هناك منازعة عمالية بين العامل وصاحب وأنكر العامل خلالها حصوله على الأجر، على العامل أم صاحب العمل؟
هنا وبموجب أحكام قانون العمل الفلسطيني فإنه في هذه المسألة يكون عبء الإثبات على صاحب العمل في إثبات عدم حصول العامل على الأجر وذلك لأن البينة هي لإثبات خلاف الظاهر وهو عدم حصول العامل على الأجر وذلك سنداً للمادة 77 من مجلة الأحكام العدلية ، كما أنه وبموجب أحكام قانون العمل وكما هو معمول به في المحاكم النظامية الفلسطينية أثناء نظر الدعاوي العمالية يكون عبء الإثبات على صاحب العمل كونه الأقوى في العلاقة التعاقدية العمالية والأجدر في الإثبات، وتطبيقاً لذلك ما أكده قضاء محكمة النقض الفلسطينية في القرار رقم 901/2013 بتاريخ 13/7/2015 والذي نص على نقل عبء الإثبات إلى صاحب العمل بالإضافة إلى قرارمحكمة النقض المنعقدة في رام الله في الدعوى الحقوقية رقم 94 لسنة2009، بالإضافة إلى ما قضت به محكمة النقض المصرية في الطعن الحقوقي رقم 3465 بتاريخ 4/2/2007 على أنه يكون عبء الإثبات في المنازعات العمالية على صاحب العمل"، لكن يستثنى من ذلك إثبات واقعة الفصل التعسفي فإنه في هذه الحالة يقع عبء الإثبات على العامل في إثبات حصول الفصل التعسفي والمطالبة ببدل الفصل التعسفي الغير مشروع، لكن جرى قضاء محكمة النقض المصرية على أن عبء إثبات التعسف في إنهاء العقد يقع على من يدعيه سواء أكان العامل أم صاحب العمل .
ثانياً: يتناقض قانون البينات الفلسطيني مع ما ورد في أحكام قانون العمل فيما يتعلق بدحض البينة الكتابية، حيث نصت المادة 70 فقرة 1 من قانون البينات الفلسطيني على أنه "لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي" ومفاد هذا النص أنه لا يجوز دحض البينة الكتابية إلا ببينة كتابية أخرى، في حين نصت المادة 28 من قانون العمل الفلسطيني على أنه " وللعامل إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات القانونية" وهنا يتضح التناقض عند مسألة هامة وهي "ماذا لو كان هناك دعوى عمالية قائمة بين العامل وصاحب العمل وقدم صاحب العمل خلالها عقد مكتوب هل يجوز للعامل نفي البينة الكتابية المقدمة وهي عقد العمل المكتوب" بشهادة الشهود؟ ، هنا خروج عن القواعد العامة في الإثبات حيث أنه استثناء على الأصل العام القائم على أساس أنه لا يجوز دحض البينة الكتابية إلا بالكتابة فإنه يحق للعامل نفي البينة الكتابية بكافة طرق الإثبات وذلك لأن قانون العمل هو قانون خاص بالدعاوي العمالية بينما قانون البينات هو قانون عام للدعاوي المدنية والتجارية وبالتالي سنداً للقاعدة القانونية التي تنص على أن النص الخاص يقيد النص العام فإن قانون العمل هو الأولى بالتطبيق في هذه المسألة، وتطبيقاً لذلك ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية في القرار رقم 629/2010 بتاريخ 25/1/2012 والذي أكد على القاعدة القانونية بأن النص الخاص يقيد النص العام.



#بيرم_جمال_غزال (هاشتاغ)       Beram_Ghazal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق وحرية الوصول إلى المعلومات
- الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير في فلسطين


المزيد.....




- أولمبياد باريس.. هوس أمني واستخدام مفرط لقانون مكافحة الإرها ...
- استشهاد أسير فلسطيني نتيجة تعرّضه للتعذيب في سجون الاحتلال
- السعودية.. الداخلية تصدر بيانا بشأن إعدام سوداني وتكشف عن جر ...
- ما هي تداعيات أعمال العنف الأخيرة في بريطانيا على المسلمين و ...
- المئات في كشمير يتظاهرون ضد الهند مطالبين باستعادة منطقة اله ...
- تكسير وحرائق ورشق.. أعمال عنف خارج فندق لطالبي اللجوء في بر ...
- الأمم المتحدة قلقة بسبب إغلاق مدارس للروهينغا في بنغلادش
- سجون العراق تتكدس بالمعتقلين.. امراض واوساخ ونظام اصلاحي مته ...
- المفوّض السامي لحقوق الإنسان يدعو لوقف -العنف المروّع- في بن ...
- نادي الأسير الفلسطيني يعلن استشهاد معتقل من غزة جرّاء تعرضه ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - بيرم جمال غزال - الإثبات في قانون العمل الفلسطيني