أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ















المزيد.....

كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 8059 - 2024 / 8 / 4 - 00:08
المحور: سيرة ذاتية
    


كان على عجل جَدُّكما، ذاك الدينصور القديم الذي عايش ذاك الزمن الآفل الذي لا عهد لكما به، بأسى وتوجس حام حوله ما تبقى له من أهل في عشيرته الجاحدة، شرع يتعثر في عثراته المتكررة وهو يتردد في توديع مقلهم الحسيرة في رحلة طالما آنتظرها آملا تحقيق ما لا يمكن تحقيقه .. عليه إذن، أن لا يرفض عرض السَّفَر المُغري الذي سيمكنه حتما من النجاة من لعنة السخرة، سيساعده الرحيل في كسر حواجز بأسياخ مسننة وتمزيق قُمُطِ طوق شائكة كانت مضروبة على جأشه المتصاعد كضريم النيران، كان لا بد له أن يشتعل أن يضطرم أن يتقد، كان لا بد مِن ما ليس له بُد، كان لا بد أن يقول ( لا ..!!.. ) يجهر بها في وجوه آل السيبا وليكن ما يكون، فبيتٌ بلا أب بلا راع كثيرون هُم غزاته كثيرون هم رعاته، ويشهد الله أنه في ذاك الزمن الأرعن لم يك له بيت لم تك له حَمِيّة لم تك له خيمة ولا تاخامت ولا راع .. لا ولي ولا رحيم .. كان له غزاة بأصابع اليدين والقدمين، وحوش من كل حدب وصوب راموا آفتراسه حيا بآسم دم الوراثة والقبيلة والعصبية .. للدنيا عماء دامس غير مرئي يا آبْنَتَيََّ مجبولة على المضي في حناديس آلظلام تدنينا من تلابيب عناكبها تقصينا متيمة بالِانحدار لا سموق للمشؤومة تودي بالمقهورين في قعر جب رحًى صاخبة لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر تطحن تمسخ وتبيد لا براءة لرغيفها المحروق بإيدام السخرة بطقوس الكدية المفروضة وحسك طاعة أوامر مَنْ جعلوا مِن أسمائهم أشرافا سَراة يتوارثون لعنة وضع ذات اليد على حقوق الغير، يتواصَوْن بأعراف السلب والنهب، يتقمصون أدوار الحل والعقد، يحكمون في الأحلام في المنام في اليقظات في الأمنيات في الرغبات تبا لهم تبا لي تبا لنا إنْ ظللنا كما أرادوها لنا ضيعة أقنان لعبيد المكان ... ابتسمَ مودعوه رغم دموع لوعة مدَّثَرَة بأنفة غنضرة مازيغية مثقلة بعواطف متناقضة تأبى الاعتراف بالضعف والتراجع عن ما يجب أنْ يُفْعَلَ .. الإنسان هو الإنسان يا آبْنتيَّ هو مطلق المروءة لا يرضى بما يُفرض عليه لا يَستسلم لليُتم المبكر للهوان للذل للمهانة للمشيئة المتعسفة إيرڭازن لَبْدا ديرڭازن آمْ لجدود آم طاروى نْسَنْ يمشيوْ يجيبو المُوزيطْ أو يَتْجَابُو فْ صنادقْ أو تاكلهمْ لَطْيارْ فْ خلاها ما عندنا مانديرو حْنا بَقْبُورْ نَتْخَزْنُو فْ تْرَاها حْسَنْ نعيشو فْ عيشات خْرينْ نسيحو ف رْوَاها نْذوبُو ما نَفْنَاوْ أرض الميتين ما تْسَاعَفْ سْمَاهَا هذا ما كان آيَنْدَا ڭيلّانْ (١) .. ولولا هالة من خيوط بيضاء شرعت شمس ذاك الصباح ترسلها على آستحياء لاستغرق مُودعوه في أماكنهم لا يبرحونها لا هُمْ يشيعون رحيله ولا هم يرافقونه أو يشجعونه على المضي في المغادرة .. كانت حنونة مشفقة شمس الوداع؛ أما الآن، بعد كل ما وقع، فهي صفراء شديدة الوهج كأنَّ بها وقْرًا أو خللا أو خطلا أو شبهة أو آلتباسا ما، لا يستطيع مجابهة حَمَّارَتها الفاقعة، فينكس محجريْه الناتئيْن يُنكسان بُؤبؤيْه مخافة ما لا تحمد عقباه .. حيَّاهم بنظرة خاطفة من فوق التلة عند مفترق طرق مِن مَرْو تحيطها أشجار عتيدة لا تبرح التراب .. استقل جدكما مَركبة بيكوب 404 تراوغ حجارة كخوازيق المتاريس في طريق ليس في أحشائه طريق .. أحس قلبَه يُخْطَف منه يَذهب بعيدا يعود القهقرى يتراجع .. ما يَمُّوتْ بَابشْ تَوَسَّدْ الركابْ ماتموتْ يماشْ تْوَسَّدْ لَعْتابْ (٢) .. لم يبق له أحد بعد رحيلهما معا، كل وميقاته المعلوم، كل ومكانه المرسوم ليُلْقِ كل شيء وراء ظهره مرة واحدة، ما نفع البقاء في مجال لا مجال للبقاء فيه، لا مفر لا داعي لتردد أو تفكير أو آختيار .. لا تلتفتْ انظر خلفك في رصانة تعقل كن جادا حازما وعواطفَك _ قال جدكما لنفسه وهو يخطو خطواته الأولى في السربيس _ لا تنظر وراءك البتة غير مأسوف على زمن ينقضي بالهم والحَزَنِ إنما يرجو العيش فتى عاش في أمن من آلمحَنِ (٣) لا تودعْ أحدا لا تفرق لفراق أحد تَجَهَّمْ ليتخلصْ رأسُك من كل الأطياف العالقة حدقْ أمامك لا وقت للحنين لا وقت لاستعادة ما لا يُعادُ لا أمل في عيشة غير راضية لن يتبدل أهلوها يولدون يعملون يموتون بين شعاب ومسالك غير مستوية ومنعرجات ليس يعيش في ثنايها غير زواحف عرجاء وبوم عمياء ومعالم حياة شوهاء، يُلقَى بهم راضين في شفير جُرُفٍ هارٍ ينهار بمصائرهم دون ردود فعل فعالة تصدر منهم .. صامتين كانوا سيبقون .. لا تبتئسْ .. قالت نفسُه تناجي لواعجَه .. ابقَ كما أنتَ لا تنتكسْ لا تنسَ مصيرك والعهدَ الذي سَطرتْه الدماء المهروقة المُرَحَّلة قبل الأوان، لا تتراجع لا تتردد .. أوبتُك تنتظر دائما قوتَك المنتظرة .. تذكَّرْ .. موعدك الصعود .. سمتك الارتقاء .. آيتُكَ لا تكلم إنسيا حتى يحين الأوان وقبل ذاك وذا خذ الكتاب بقوة عض على كتابة الأقدار خُـطّ بالنواجد والأظفار ومسام حنايا الحروف والكلمات قبل تُهْرَقَ الحياة على قارعة الحياة ... منعزلا وحيدا كان فوق أريكة أو ما شابه داخل معزل لا يحرك أنملة لا تُتَمْتم حرفا شفتاه .. في مثل عمريْكما ناجى جدكما العلياء والجوزاء .. قال للسهى في عليائها قال للشمس في ذراها لكل النجوم قال للجأش الساكن حناياه يحاوره يعنفه .. عليكَـ أنْ تخْطُوَ خَطْوَك يا فتى .. قال وقال وقال .. لا تَخَفْ واجِهْ حيْنَكَـ لا تتوجسْ قِفْـ وقفتَكَـ المرتقبة أفْرِدْ جناحَكَـ لا نكوصَ بعد اليوم لا آنتكاس ... تقدمْ .. يقصد جدكما ما صادف من دكاكين البلدات ناشرا خدمته للتالفين المارين الرابضين والعابرين .. يستظل بسقيفة قصدير عامرة بخطوط ورسوم تُشهرُ سلعا عابرة للقارات .. يتجرع " كولا " كما آتفق .. آخْخْخ .. يجهز على المحتوى في لحظتين أو أقل .. باردةً كانت الغازات كعواطفه في تلك الساعة الفارقة من حياة النحس التي عاشها .. أحس مذاقها يفرك وسط حَنجرته مخلفا خدشا خفيفا غير مرغوب فيه يشبه صوت نبر قلم رصاص عنيد يصدم طبلة الأذن وَقْعُه النشازُ .. بلا آكتراث غادر الدكان متثاقلا .. يحس خدرا يتسلل في المفاصل وبين ثنايا العظام، وشَقيقة شَقية تشق شقاوتُها تضرب فوق وفي الوسط وعلى الجنبات تنزل بسياطها تحفر لا تبالي .. لا بد أن أذهب لا بد أن أغادر .. أوووف .. تحركْ .. طريقك أمامك غيرُ لاحِبٍ وليكن قال فيما قال لا تتراجعْ لا تترددْ لا تنتكس انظر وراءك في حنق (٤) ...

☆إضاءات :
١_إيرڭازن لَبْدا ديرڭازن : الرجال لا يتغيرون
_آم لجدود آم طاروى نْسَنْ : خير خلف لخير سلف
_يمشيوْ يجيبو المُوزيطْ : ليرحلوا ليغنموا
_أو يَتْجَابُو فْ صنادقْ : أو يموتوا
_أو تاكلهمْ لَطْيارْ فْ خلاها : أو تأكلهم الجوارح في الفلوات
_ما عندنا مانديرو حْنا بَقْبُورْ نَتْخَزْنُو فْ تْرَاها : لا خير لنا في موت بئيس بلا غاية أو هدف
_حْسَنْ نعيشو فْ عيشات خْرينْ : الأفضل أن نعيش مصائر أخرى غير المصائر التي فُرضت علينا
_نسيحو ف رْوَاها نذوبو ما نَفْنَاوْ : نسيح في بلاد المعمور لنقاوم الفناء
_أرض الميتين ما تساعف سْمَاهَا : أرض الموات لا تتحمل الأحياء
_هذا ما كان آيَنْدَا ڭيلّانْ : تلك هي خلاصة الحياة
٢_ ما يَمُّوتْ بَابشْ تَوَسَّدْ الركابْ ماتموتْ يماشْ تْوَسَّدْ لَعْتابْ : من الأمثال المتداولة في اللسان المغربي الدارج ومثله قولهم ( إلى مات البو توسد الركبة إلى مات الأم توسد العتبة ) أي : إذا مات الأب فحِضن الأم وسادتك، أما إذا ماتت الأم فستنام علي عتبة الدار .. أي أن الأم لا تعوض ...
٣_أبو نواس
٤_وفي مقام آخر قال فيما قال: ( ارْحَلْ، يا أورفيوس، اُنْجُ بذاتك قبل فوات آلأوان، قبل يحلَّ جحيمهم ويفك عُرَى ترانيمك الجياشة .. لا تتردد، اسرعْ، جُبِ آلآفاقَ وحيدًا قبل يَبْرمَ آلجمود من آلجمود في آلمكانِ آلخَطأ في آلزمن آلغلط، اُسْمُ بنفسك من التعايشِ الملتبس وما تتيحه آلصدف من صَلفِ آلصَّلَف، لا تتوجس كثيرا، لا تلتفت إلى وراء، لا تأبه بعته آلأنام، إنهم لا يسمعون، عش حياتك في بوار آلمَوات في آنتظار آحتضار عتمات الدهور لِأَفْجُرٍ لا تجود إلا بمزيد من فجور آلوجود ... )



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غَنَّتْ فَاطِمَة
- اِقْرَأْ
- حَتَّى تَلَاشَتْ هُنَالِكَ فِي أُفُقٍ بِلَا أُفق
- اَلنَّجْمْ الْأَزْرَقُ
- وَآخْتَفُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَبَدًا
- لَقَدْ آخْتَرَقَ تِلْكَ آلْبَرَارِي أبِي
- سُكَّانُ بَلْدَتِنَا آلطَّيِّبُونَ
- كَباز خرافةٍ معْقوف القامةِ والمنقار
- أرَانِي أَغْرَقُ في زُلالٍ مِنْ خَيالٍ سَسَّغْ أمَانْ نْتْمَ ...
- يا أيّها آلطّفلُ آلجَميلُ آلعَالِقُ
- سُعَار (4)
- سُعَار (3)
- سُعَار (2)
- سُعُار (1)
- من تغريبة غضبان الموغربان
- أَهْلُ آلْمَكَانِ
- The Big Boss
- اُوووووو ... هْ ... اُووووووو ...
- صَرْخَةُ آلْجُبِّ
- مَا لَمْ تَنْبِسْ بِهِ آلشِّفَاهُ


المزيد.....




- وسط بهجة كبيرة.. الملكة رانيا تنشر لحظة تقديم الأمير الحسين ...
- الأردن يدعو مواطنيه إلى عدم السفر إلى لبنان والمغادرة -في أق ...
- دعم أمريكي لإسرائيل.. إيران تهدد برد كبير
- المجتمع الإيزيدي في العراق يحيي الذكرى العاشرة لجريمة سنجار ...
- فلوريان فيليبو: كييف مضطرة إلى الاستسلام بسبب الأوكرانيين ال ...
- الأردن يطلب من مواطنيه مغادرة لبنان في أقرب وقت
- شاهد.. منظومة دفاع جوي روسية تدمر صاروخا أمريكيا
- هيئة التجارة البريطانية تتحدث عن واقعتين بحريتين قرب عدن
- التوتر في الشرق الأوسط: واشنطن وباريس تدعوان إلى -أقصى درجات ...
- محللون: نتنياهو وضع المنطقة على حافة الهاوية وواشنطن لا تفعل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ