|
بزشكيان تخلى عن خدمة الشعب الإيراني قبل تعيينه رئيساً
سامي خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 08:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مسعود بزشكيان شخصية سياسية إيرانية موالية لعلي خامنئي، وُلد عام 1954، وحاصلٌ على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة تبريز للعلوم الطبية وهو جراح قلب وأوعية دموية، وكان طبيباً ممارساً وعضواً في هيئة التدريس بجامعة تبريز قبل انخراطه الكامل في السياسة، وقد بدأ بزشكيان مسيرته السياسية كعضو في مجلس الملالي عام 2000 ممثلاً عن دائرة تبريز مركز محافظة أذربيجان الشرقية، ورغم صفة الإصلاحي التي يسوقونها عنه إلا أن أحداً لا يزاود على ولائه لخامنئي، كما أنه أحد المدافعين عن الحرس الملالي والجماعات العميلة. تخلى بزشكيان عن خدمة الشعب الإيراني قبل تعيينه رئيساً بمجرد إعلانه في حملته الانتخابية عن أنه سيسير وفق خطى ولي الفقيه ورؤيته يكون مسعود بزشكيان قد خلع عن نفسه قناع الإصلاح معلناً تخليه خدمة الشعب، والحقيقة أن شعب الملالي نسبة الـ 4% الموالي للملالي التي تحدث عنها قاليباف يوما ما لا تحتاج إلى خدمة بزشكيان فمصالحهم ومنافعهم محفوظة.. وفي سياق علاقة بزشكيان وولائه لخامنئي ورهطه قال خامنئي في خطاب له: من جانبي سيستمر تنفيذ هذا الأمر طالما كان النهج الثابت لمسعود بزشکیان في اتباع الطريق المستقيم للإسلام والثورة قائماً، ونوَّه لبزشكيان عن نموذج رئيسي واصفاً إياه بأنه كان يقوم بـ "عمل جهادي" و«يعمل ليل نهار (قل يعذب ويعدم)، وطلب منه أن يستمر في السياسة الخارجية ويواصل جهود وفعاليات أميرعبداللهيان. ردا منه على رسالة وتوصية خامنئي قال بزشكيان بهذه المناسبة، وكان قد وصف نفسه سابقاً بأنه «إصلاحي متشدد» وموالٍ ومخلص لخامنئي" قال : أحيي ذكرى الإمام خميني والقائد قاسم سليماني، وأرسل تحياتي إلى روح رجائي وباهنر ورئيسي وجميع خدام النظام، وأشكر الولي الفقيه على لطفه وتدبيره" كما قال بزشكيان أيضاً: "إن رسالتي ومسؤليتي أنا والحكومة المستقبلية هي الالتزام بالرؤية التي حددها الولي الفقيه، والسياسات العامة التي أعلنها." أثناء حملته الإنتخابية القصيرة كان بزشكيان يعلم حق اليقين أنه سيكون رئيساً بالتعيين وليس من خلال صناديق الاقتراع وأنه لا مجال لتعيينه إلا بإعلان الولاء لخامنئي ولي الفقيه وزمرته الذين سيحفظون له موقفه وسيعينونه على السيناريو المطلوب لمغازلة الغرب بعباءة الإصلاح.. وإني لأظن أن هناك رغبة لدى الغرب المهادن في شكل جديد بثياب كُتِبَ عليها إصلاحي. مغازلة الغرب بعباءة الإصلاح بتولى بزشكيان هذا المنصب يحاول النظام الإيراني تجميل صورته أمام المجتمع الدولي، ومغازلة الغرب بعباءة الإصلاح ليست جديدة في السياسة الإيرانية؛ فهي استراتيجية تُستخدم لتخفيف الضغوط الدولية وتجنب العقوبات، وبزشكيان كطبيب وشخص جديد من خارج الأضواء قد يكون من وجهة نظر علي خامنئي الوجه المثالي لهذا الدور في هذه المرحلة الحرجة التي يغلي فيها الشارع الإيراني وتغلي فيها المنطقة أيضا كراهية ورفضاً لملالي إيران ومن على شاكلتهم. الأهداف الاستراتيجية من خلال تقديم بزشكيان تحت شعار إصلاحي يسعى النظام الإيراني إلى تحقيق عدة أهداف: - تخفيف العقوبات الدولية: تقديم وجه إصلاحي يمكن أن يساعد في تحسين العلاقات مع الغرب. - تخفيف بعض الضغوط الاقتصادية. - تحسين الصورة العامة للنظام بالظهور بأنه منفتح على الإصلاحات والتغيير أملاً في التخفيف من الانتقادات الدولية والمحلية. - الحفاظ على الاستقرار الداخلي المرحلي بإظهار بعض الانفتاح وتوجيه شعارات تخديرية جديدة قد تُمكن النظام من تهدئة بعض الأصوات داخلياً وإعادة توزيع الأدوار والمنافع من جديد دون تقديم تنازلات جوهرية. مناورة ملالي إيران: اللعبة السياسية والأخطاء التي تتكرر في الشرق الأوسط الكل في الشرق الأوسط يعلم بمناورة ملالي إيران ومشروع رئيس جمهوريتهم الجديد، ولكن جرت العادة الانصياع والاستمتاع بكل مناورة جديدة للملالي ليعود المرء ويلدغ من الجحر ذاته مليون مرة ولا يتوب. تعرف الدول والشعوب جيدا في قلب الشرق الأوسط بمناورات النظام الإيراني ومشاريعه السياسية حيث تتشابك المصالح وتتداخل السياسات، ومع ذلك يبدو أن الدروس التاريخية لا تُستوعب دائماً، ويستمر الجميع في التفاعل مع هذه المناورات وكأنهم لم يتعلموا شيئاً من الماضي. رغم الفهم العميق لمخططات الملالي تقع العديد من الدول في الشرق الأوسط ضحية لهذه المناورات مرة تلو الأخرى، ويعود ذلك لعدة أسباب منها الرغبة في الاستقرارحيث تسعى الكثير من الدول للحفاظ على استقرارها الداخلي والإقليمي، وترى في التفاعل مع النظام الإيراني وسيلة لتحقيق ذلك حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها طويلة الأمد، ومع تميز النظام الإيراني بقدرة فائقة على المناورة السياسية واستخدام الأدوات الدبلوماسية لتحقيق أهدافه الأمر الذي يجعله قادراً على كسب الوقت وتفادي الضغوط مستفيدا من عوامل الانقسامات الداخلية في الدول الأخرى لتعزيز نفوذه متلاعباً بالمواقف السياسية وفقاً للظروف المرحلية لهذه الدول. مشروع رئيس الجمهورية الجديد تاريخياً نجد أن النظام الإيراني يعتمد على تقديم وجوه جديدة وإصلاحات ظاهرية لإعادة بناء صورته أمام المجتمع الدولي والإقليمي، وتحمل هذه الوجوه الجديدة في ثنايا عباءتها وعوداً بالإصلاح والانفتاح، ولكن الواقع غالباً ما يثبت عكس ذلك، مع كل دورة انتخابية تظهر على الساحة السياسية لنظام الملالي شخصية جديدة تحمل شعارات ومشاريع براقة لكن جوهر النظام يبقى ثابتاً، ويُدرك الجميع أن هذه التغييرات السطحية ما هي إلا جزء من استراتيجية أوسع للنظام الإيراني للحفاظ على قبضته الحديدية على السلطة مع تقديم واجهة جديدة للمناورة مع العالم الخارجي. الدروس المستفادة رغم كل المناورات والتكتيكات التي يستخدمها النظام الإيراني يبقى الدرس الأهم هو أن النظام لن يتغير في جوهره، وما يعتبره البعض تغييراً هو في الواقع مجرد تبديل للأدوار والوجوه دون مساس بجوهر السلطة واستراتيجيتها، وهذا ما يُثبت لنا أن مناورات نظام الملالي في الشرق الأوسط ليست بالأمر الجديد، والجميع يعلم بمشروع رئيس الجمهورية الجديد والتكتيكات التي سيتبعها النظام من خلال هذه الواجهة الجديدة، ومع ذلك تستمر الدول في التفاعل مع هذه المناورات بنفس الطريقة التي دأبت عليها لتعود وتلدغ من الجحر ذاته مرة بعد مرة. لقد حان الوقت لتتبنى دول المنطقة استراتيجيات جديدة وفق فهم أعمق لمخططات الملالي، والتوقف عن الانصياع لكل مناورة جديدة، والاستفادة من التجارب السابقة، ولتجنب الوقوع في نفس الفخ مرة أخرى فإن أفضل الخيارات هي الوقوف إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانيين، وفي النهاية قد يتطلب الأمر وعياً سياسياً، وإرادة قوية للوقوف في وجه التلاعب الإيراني والتأكيد على تحقيق مصالح الشعوب والدول بعيداً عن الضغوط والمناورات. يقول جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي: إن الطريقة الحقيقية الوحيدة لإحلال السلام والأمن في الشرق الأوسط هي استبدال الملالي بنظام مختلف؛ نظام يمكن للشعب الإيراني أن يختاره لنفسه ولا يفرضه عليه الجيش والحرس والقوى الأخرى التي تحمي الملالي”وشئنا أم أبينا فذلك طرح منطقي، وكذلك رسالة إلى تيار المهادنة والاسترضاء في الغرب وأمريكا نفسها بأن يكفوا عن إيجاد المخارج لنظام الملالي الذي لن تنتهي الفضائح في صفوفه وصفوف حلفائه سواء كان رئيس جمهورية الملالي بعباءة الإصلاح أو عباءة المتطرفين.
#سامي_خاطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|