أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات عالمية-البنت الصغيرة الحكيمة-البرتغال















المزيد.....

حكايات عالمية-البنت الصغيرة الحكيمة-البرتغال


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


البنت الصغيرة الحكيمة
حكاية من البرتغال
ترجمة ماجد الحيدر

منذ زمن بعيد عاش تاجر لديه ثلاث بنات. كان يسافر في يوم معين من كل عام إلى مدينة بعيدة ليجمع الأموال التي له بذمة الآخرين بينما تبقى زوجته وبناته في المنزل. سارت الأمور على ما يرام حتى ماتت الزوجة ذات يوم حزين. في ذلك العام تطلع التاجر إلى رحلته بفزع لأنه سيضطر إلى ترك بناته وحدهن، لذا قال لهن:
- لا أستطيع أن أتحمل السفر والابتعاد عنكن. قلبي مليء بالخوف لئلا يصيبكن شر في غيابي.
لكن ذلك العمل كان على قدر كبير من الأهمية ولم يكن هناك أي شخص يمكنه إرساله لإنجازه. ومع ذلك فإن ترك ثلاث فتيات جميلات بدون حماية أمر لا ينبغي الاستخفاف به.
قالت له بناته:
- لا تخف من تركنا يا والدنا العزيز. لن يصيبنا مكروه أثناء غيابك.
- وما أدراكن بذلك؟ أنا أكبر منكن وأكثر حكمة وأعلم أن هناك الكثير من الشرور التي قد تصيبكن. هناك مثلا العديد من اللصوص الجريئين في هذه المدينة، وفيهم من هو على أتم الاستعداد للاستفادة من غيابي وسرقة كل ما نملك.
أجابت البنات الثلاث:
- يمكننا إغلاق الباب على أنفسنا والبقاء في أمان داخل المنزل وعدم السماح لأي أحد بالدخول.
- تأكدن إذن من عدم إدخال أحد أيا كان!
أمرهن الأب فأعطينه وعدهن بذلك. وانطلق في رحلته لكنه ظل، رغم ذلك، قلقا منشغل البال.
وحدث ان عصابة من اللصوص الجريئين كانوا يتواجدون خارج المدينة. وكان زعيمها قد شاهد رحيل التاجر. وعندما صار على مسافة أمينة بالنسبة لهم، تنكر بأسمال متسول عجوز، ثم قاد عصابته في المساء إلى شارع قريب وتوجه لوحده إلى منزل التاجر وطرق الباب ونادى:
- أشفقوا على الفقير التعيس! إنها تمطر في الخارج، ولا يقدر من في قلبه رحمة أن يصد من يلجأ اليه من العاصفة. دعوني أدخل، أتوسل إليكم، لأمضي الليل تحت سقفكم.
قالت الابنة الكبرى للتاجر والريح تهز بلاط السقف والمطر يسقط مدرارا على الأبواب والنوافذ:
- إنها لعاصفة رهيبة بالتأكيد. أعتقد أننا يجب أن نشفق على متسول فقير في ليلة كهذه.
اختلست الابنة الثانية النظر من النافذة على المتسول وقالت:
- إنه رجل عجوز فقير. لقد علمنا والدنا دائمًا أن نظهر الرحمة واللطف للمسنين.
- تذكرا وعدنا لأبينا! (صاحت الصغرى) لقد أعطيناه كلمتنا بأن لا نفتح لأحد. يمكننا أن نعطي هذا المتسول المسكين بعض الصدقات ونباركه ثم نصرفه.
عبست الابنة الكبرى وقالت:
- ليس من حق الأصغر سنًا والأكثر طفولة أن يأخذ القرارات.
وأضافت الابنة الثانية:
- نحن أكبر منك وأكثر حكمة. الأمر متروك لنا لتحديد ما يجب القيام به. إذا قررنا إظهار الرحمة لهذا المتسول المسكين فليس من حقك أن تعترضي.
- لكن يجب ألا ننسى وعدنا لأبينا!
كررت الابنة الصغرى لكن دون جدوى. وفتحت الاختان الأكبر الباب وأدخلتا المتسول واقتادتاه إلى المطبخ كي يجفف ملابسه. ثم أعدتا له سريراً لينام عليه وقدمتا له العشاء في المطبخ ثم جلسن لتناول طعامهن.
قالت الأخت الكبرى وهي تأكل:
- إنها لليلة مخيفة لطرد متسول.
فقالت الأخت الوسطى:
- أنا سعيدة لأننا آويناه هذه الليلة.
لكن الشقيقة الصغرى قالت:
- أعتقد أن والدنا العزيز سينزعج كثيرا إذا علم أننا نكثنا بوعدنا بهذه السهولة.
- عار عليك! (صاحت الكبرى)
فقالت الوسطى:
- لا أظن أننا خالفا وعدنا عندما أظهرنا بعض اللطف لمتسول عجوز مسكين.
لكن الصغرى قالت: مع ذلك فإن الوعد هو الوعد.
وبينما هن منشغلات بالحديث أخذ المتسول المزعوم التفاح الذي كان على الفتيات تناوله كتحلية بعد الطعام، ورش عليه مسحوقًا منوما. أكلت الكبيرتان تفاحهما، لكن الصغرى لم تستطع أن تأكل تلك الليلة، ورمت تفاحها بعيدا.
وبمجرد أن انتهين من الأكل، ذهبت الفتيات إلى غرفهن وغرقت الكبيرتان في النوم فور دخولهن الفراش، لكن الصغرى كانت خائفة لدرجة أنها لم تستطع أن تنام لطرفة عين.
وسرعان ما سمعت خطى المتسول وهو يدخل الغرفة، فتظاهرت بأنها نائمة أيضاً. تقدم اللص إلى سرير الأخت الكبرى ووخز قدمها بدبوس ليرى إن كانت قد غرقت في النوم تماماً، فلم تتحرك، فعرف أن بودرة النوم قد أنجزت عملها. ثم ذهب إلى سرير الأخت الثانية وفعل الشيء نفسه. كانت فاقدة للوعي تمامًا مثل أختها. شعرت الصغرى بألم شديد عندما أدخل الدبوس في قدمها، لكنها لم تحرك ساكنا فظن اللص أن مسحوق النوم قد تغلب عليها مثل أختيها.
اختلست الشقيقة الصغرى النظر من خلال رموشها الطويلة الكثيفة، وكانت مفاجأة كبيرة لها حين رأت المتسول وقد ترك المعطف القديم الممزق الذي كان يلفه حوله حتى أثناء تناوله الطعام. لقد كان يرتدي تحته ثياب اللصوص وقد تسلح بسيف ومسدس وخنجر. أنتابها خوف عارم لدرجة أنها فعلت كل ما بوسعها لمنع أسنانها من الاصطكاك.
وسمعت السارق وهو يتجول في المنزل ويلتقط الأشياء الثمينة التي يريد أن يسرقها. ثم سمعته ينزل السلم ويفتح أقفال الأبواب الثقيلة التي تؤدي إلى المتجر فنهضت بهدوء وخرجت من الغرفة لتسمعه بوضوح أكثر.
على كرسي في غرفة الطعام رأت السيف الذي خلعه. من الواضح أنه كان يعتقد أنه لن يحتاج إلى استخدام أسلحته بعد نوم الفتيات الثلاث.
وسرعان ما سمعت الأبواب الخارجية الثقيلة للمتجر وهي تُفتَح. كان السارق قد خرج لاستدعاء بقية أفراد العصابة فنزلت الدرج وأحكمت إغلاق أبواب المتجر. كانت كبيرة وثقيلة، لكن خوفها الكبير منحها القوة. وقالت لنفسها وهي تنتظر لترى إن كان السارق سيعود:
- سيجد صعوبة في دخول منزلنا مرة أخرى.
ولم تلبث أن بلغتها أصوات خطى في الخارج، فعلمت أن اللص قد رجع ومعه آخرون. وسمعتهم وهم يطلقون شتائم وتهديدات مرعبة عندما وجدوا الباب مغلقاً.
- الصغرى هي من خدعني! (صاح رئيس العصابة) كنت أعرف طوال الوقت أنها لا تريد السماح لي بالدخول. كنت أشك بها منذ البداية.
- ربما يمكنك خداعها من جديد! (صاح آخر) قد لا تكون حكيمة كما تبدو. لا يمكنك الجزم أبدا.
اقترب زعيم عصابة اللصوص من ثقب المفتاح وهمس:
- سيدة المنزل الطيبة، أشفقي عليّ.
لم تجب ابنة التاجر في البداية. ولكن، بينما كان يواصل مناداتها سألته أخيراً عما يريد.
- "لقد تركت رُقيتي في الداخل! أتوسل اليك، دعيني أدخل لاستعادتها. أعدك بأنني لن أؤذيك.
ردت الفتاة الصغيرة:
- أنا لا أثق بوعودك. لن تدخل منزل أبي.
- مرري لي الرقية إذن.
- إنها في النار!
- اذهبي واسكبي عليها الخل وأطفئيها. ثم يمكنك سحبها بأمان.
وحدث أن كان هناك ثقب صغير في الباب لكنه يكفي لدخول يد الرجل. إنها الفتحة التي غالبًا ما يدفع المتسولون أيديهم الممدودة من خلالها لطلب الصدقات.
أجابت الخادمة الصغيرة:
- مدّ يدك من خلال الفتحة الموجودة في الباب، ثم سأناولك تعويذتك.
وركضت بسرعة إلى الطابق العلوي وحملت سيف السارق الذي تركه على كرسي في غرفة الطعام. وعندما عادت كانت يده تخترق فتحة الباب فضربتها بكل قوتها بالسيف الكبير وقطعتها.
ملأت صيحات اللصوص وشتائمهم الهواء، ثم حاولوا عبثًا كسر الأبواب الكبيرة، لكنها كانت قوية ومثبتة بشكل آمن. وحل النهار أخيراً فاضطرت عصابة اللصوص إلى الفرار.
في الصباح تلاشى تأثير المسحوق المنوم واستيقظت الأختان الكبيرتان، وعندما سمعتا قصة أختهن أخذتهن الدهشة.
- أنا لا أصدق كلمة واحدة مما قلت! (هتفت الكبرى) أنك تختلقينها.
وقالت الثانية:
- لقد رأيت حلما سيئا بالتأكيد. أنا الأخرى رأيت كابوسا فظيعا الى درجة أنني أعاني من صداع هذا الصباح.
ولم يقتنعا إلا بعد أن أرتهم أختهم الصغيرة يد السارق والسيف العظيم.
- آه، لماذا سمحنا للرجل بالدخول إلى منزلنا؟
صاحت الكبرى.
- أوه، لماذا لم نف بوعدنا لوالدنا؟
هتفت الوسطى.
وعندما عاد التاجر أخيرًا من المدينة البعيدة التي ذهب إليها لجمع أمواله كان سعيدًا بالعثور على منزله وبناته الثلاث في سلام، فقال وهو يحتضنهن باعتزاز:
- أرى أنه لم يصبكن شر في غيابي. كل مخاوفي عليكن كانت حمقاء.
خجلت الابنة الكبرى ونكست رأسها وقالت:
- لقد تعرضنا لخطر كبير أثناء غيابك. لكننا نجونا بفضل أختنا الصغرى.
وقالت الابنة الوسطى:
- لقد كانت أختنا الصغيرة أكثر حكمة منا.
وعندما سمع التاجر القصة الكاملة قال:
- من اليوم يجب علينا جميعاً أن نصغي إلى حكمة هذه الفتاة الصغيرة. إنها تتمتع بعقل يتجاوز سنها.



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات عالمية-الاسكافي-إيطاليا
- حكايات عالمية-سيد الموت-الهند
- هو
- حكايات عالمية-الارنب الذكي
- حكايات عالمية-يومَ تَمزق قوسُ قزح
- حكايات عالمية-الولد الذي لم يكن يشبع من الجبن-هولندا
- حكايات عالمية-ابريق الشاي العجيب-اليابان
- ثلاث قصص لجاسم عطا
- تختبيش-حكاية من الفولكلور الكردي
- الفقير الماكر والغني الأحمق -حكاية من الفولكلور الكردي
- حكاية من الفولكلور الكردي-أنا أعرف ولكن تعال أفهم أحمد آغا
- عادة الطيران التي لا أملها
- مدينة العقلاء الأربعة-قصة قصيرة جداً
- ويصلي القيصر وحيدا
- حياة وموت بكر صوباشي-مسرحية تاريخية
- الضيافة العجيبة-حكاية من الفولكلور الكر=ي
- حكايات من الفولكلور الكردي - الجنازة
- أسئلة لا تنتظر جواباً-شعر
- الى أمي
- حكايات من التراث الكردي-ابنة الحائك


المزيد.....




- -البيوت الروسية- حول العالم تبدأ بعرض فيلم -التاريخ المختصر ...
- من العاصمة الأولمبية.. تعرف على المتحف الأولمبي في لوزان الس ...
- فنانون يحتجون ضد تهديد الذكاء الاصطناعي في استوديوهات وارنر ...
- -العهد الآتي في ظل الثورة الصناعية الرابعة-.. مستقبل الحياة ...
- مغني الراب الأمريكي فلافور يساعد لاعبة -فقيرة- في المشاركة ب ...
- الشهيد إسماعيل الغول.. آخر ما وصلت إليه الإبادة الإعلامية في ...
- مبدع -الانتظار- و-زمن العار-.. وفاة السيناريست الفلسطيني حسن ...
- تحويل مذكرات بريتني سبيرز إلى فيلم سينمائي.. هل ستشارك فيه؟ ...
- مصر.. فنانون ينعون 3 من المنتجين لقوا حتفهم في حادث سير
- كيف حققت أفلام أحمد عز وكريم عبد العزيز أعلى إيرادات بالسينم ...


المزيد.....

- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - حكايات عالمية-البنت الصغيرة الحكيمة-البرتغال