آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8052 - 2024 / 7 / 28 - 13:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل رأيتم دينًا يسبح في الفضاء لوحده أو يرقص أو يغني أو يمشي على الماء والسراب، أو يمارس الجنس؟
ما قيمة الدين لولا الإنسان؟
الكثير من الناس يقولون أنهم يعيشون من أجل الدين، لهذا يسهل على الأخر، الحكومات، إذلالهم أو تجويعهم أو تحقيرهم أو سجنهم.
يقبلون العيش في اسوأ الظروف لكنهم يسكتون أو يصمتون صمت الأموات على عذابهم وفق قناعة راسخة في أذهانهم رسخها وكرسها رجال الدين، أن الحياة فانية وأن البقاء هو لدار الخلود.
ودار الخلود ذمته واسعة.
وهل نشتري السمك في الهواء والخراف في المحيط؟
المشكلة المزمنة أن الكثير من المثقفين يدخلون حالة عصاب مزمن إذا اختلفت معهم في وجهة النظر.
أجلس مع نفسك قليلًا، فكر، ربما هناك تقاطع بينك وبين غيرك.
لا ضرورة أن تحول هذا الأخر إلى عدو لك.
ما حدث من انقسام اجتماعي وسياسي في عالمنا المعاصر يمكن توريده إلى الجيل العاشر من ذريتنا.
وعندما نخسر كل شيء لا فائدة من القول:
الحق كان على فلان أو على علان.
الخوف لدى الإنسان الضعيف مركزي، وبناء على هذا تتقرر شخصيته وبناءه النفسي وسلوكه وأساليب إدارة حياته
يتحرك وفق تصوراته المرضية وحسابات علاقاته مع الاخرين، ممكن يبيع أقرب الناس إليه لحماية بقاءه الجسدي.
هذا الضعيف لا يمكن الاتكال عليه في أي موقف لأنه مزعزع التكوين، لا ثقة داخليه في نفسه.
ما الفائدة أن تسبح ضد التيار دون أي أثر لوجود شاطئ تقف عليه، أو أدوات تقاومه.
التيار الطبيعي يجري أو يسير بالراحة، بقوة الجاذبية ومناسيب الأرض الرخوة.
في صراعك ضد التيار تحتاج إلى حسابات أخرى، حسابات مدروسة بدقة شديدة، علمية تخترق القوانين الرخوة للطبيعة والإنسان.
هل كنّا جاديين في مصارعة التيار؟
من منّا أعد العدة للسباحة ضد التيار، ومتى، وكيف؟
وما هي الوسائل التي اشتغلنا عليها لتجتاز التيارات القوية القائمة؟
أو أنكم تركتم التاريخ يسير على عواهنه، وتريدون تغييره، وأنتم في حضن التيار الجارف؟
إذا من الطبيعي أن يتساقط المقربون، أو الذين كانوا على مقربة من النهر؟
عندما خرجت من السجن، التقيت برفيق قديم، اسمه س، أصبح لصًا، قال لي:
ـ بدنا نعيش يا آرام، الحرية متعبة وميزان مدفوعاتها ثقيل، شو بدنا بوجع الرأس، علينا أن نمشي مع التيار؟
حقيقة كان مطأطأ الرأس، وأكمل طريقه دون أن يلتفت إلي.
قبل شهرين كتب رفيق لي، نصًا جميلًا عن تجربتي، كان يبكي عندما كان يكتب، وكان يبكي عندما كان يمر عبر مدينة تدمر.
قرأت التعليقات على النص، وإذا بالرفيق الحرامي، يقول:
أحيّ نضال آرام، أنه مناضل حقيقي.
قلت في نفسي:
ـ أفرح يا رجل، جاءتك شهادة من واحد نذل، قذر، وأضفت:
ـ العاهرات، دائمًا يتحدثن عن الشرف ليغسلن عارهن، مع احترامي الشديد لكل امرأة دفعتها الظروف لتكون في غير موقعها.
مع الأسف، شهدنا ونشهد سقوط قامات كثيرة كانت لنا نبراسًا، وكنّا نفتخر بوجودها في حياتنا، وموقعنا الفكري والأخلاقي.
الزمن أصدق صديق، أنه يعري ويفرز ويرمي الزبد على قارعة الطريق أما الذهب سيبقى بثقله وجماله.
الذهب هو المعيار.
عبر كسينجر عن حزنه الشديد عن الوضع القائم في الغرب، بقوله:
القادة الأوروبيون فاشلين، لافتقادهم الاحساس بالاتجاه، وعدم فهم دورهم الحقيقي مثل القيادات السابقة كديغول وأديناور ومرونة نيكسون.
انتهى الاقتباس.
مرات عديدة قلنا أن هذه القيادة مدجنة، ضعيفة، تفتقد القدرة على إدارة الدولة، ولديها كسل سياسي، وقبلت أن تبقى تابعة ذليلة للسيد الأمريكي.
أوروبا اليوم أمام امتحان حقيقي، أما أن تنتهي أو أن تفك الارتباط بهذا الامريكي، الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، فالقطار أضحى عاجزًا عن قطر المقطورات القديمة.
الأحزاب الإسلامية معاقين سياسيًا مثل الشيوعيين والقوميين تمامًا، يفهمون بالتنظيم وتجييش الناس، بيد أنهما لا يملكون البرامج السياسية ولا التكتيك السياسي لإدارة الدولة والمجتمع.
ثم أن قسم منهم لا يؤمن بالوطن، الأرض الذي يعيش عليها، أغلبهم ينتمون الى فكرة اليوتوبيا، ينطلقون في رؤيتهم إلى العالمية، لا يشتغلون على الخاص، كيفية إدارة الدولة المعاصرة.
العامل الذاتي فيهم لم يقم على قراءة المجتمع الحديث، ولا طبيعة التفكير فيه ولا الاقتصاد وتداخلاته، ولا كيفية التعامل مع النظام الدولي.
أردوغان إسلامي كتكوين، بيد أنه لا يخلط بين إسلاميته وعلمانية الدولة، ربما يستخدم الدين والقومية لغايات سياسية، لغاية خدمة النظام الرأسمالي وتوسعه.
وصل الى الحكم في دولة راسخة، في دولة لها مكانتها عالميًا، فيها انتخابات نستطيع أن نقول أنها مقبولة في ظل النظام العالمي الذي نراه، بالاضافة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يريدون بقاء الديمقراطية في تركيا ودعمها، لكونها موجودة في حلف الناتو، وفي مؤسسات الغرب، وتعتبر تركيا دولة مهمة جدًا، كمصد، كحاجز في وجه روسيا، حتى لا تصل إلى المتوسط، حاجز إسلامي أمام واقع مسيحي روسي، بينهما عداء تاريخي عميق، لهذا يجب ان تبقى تركيا مميزة.
الأمر خاضع لحسابات دقيقة منذ نهاية القرن الثامن عشر، أي ليس كرم أخلاق من الغرب، أنما المصالح تقتضي ذلك.
ليس للحياة مقصد موضوعي أو ذاتي، إنها خبط عشواء، ولدت دون ذاكرة وتذهب إلى لا ذاكرة.
ومهما حاولت أن تمنحها غايات لن يغير في الأمر شيئًا، هي لا غايات.
يومك ليس كأمسك، وظلك القديم سيبقى سابحًا في ظلك الجديد ومنفصلًا عنه ومرتبطًا به كخيط دخان.
وأنت تسير أو تمشي كالغبار أو التوز الذي يخرج من الأرض والأتربة ليلتف عليك، ثم يهدأ ويذوب إلى أن يتلاشى بك كما بدأ.
والجمال في الحقائق هارب منك إلى حيث الجمال الهارب، وليس في متناول يداك المفتوحة على الريح والضباب.
وأنت كما هو أنت، وليس أنت، ذاهب إلى حيث لا مستقر، ذاهب كما تذهب الخيول الأصيلة إلى حيث موطنها الأصيل، إلى البراري العذبة دون رسن أو مقود يقيد قدميك إلى النهايات البعيدة التي لا ذاكرة لها.
الكثير من الناس حنطوا عقولهم في قناعة واحدة محددة.
الفكر المقيد يقيد صاحبه، يضعه في كانتون مغلق، قوقعة، ينام فيه، يأكل ويشرب وينجب أيضًا.
الفكر المقيد بحواجز وحدود هو الموت بعينه، والإنسان المقيد هو كائن مسكين، مغلق، لغياب الرؤية الموضوعية للحياة والناس، كذاك المستلقي في القبر، صديق الانفصال عن حركة العالم، ينظر إلى الجمال من زاوية ضيقة، دون أي بعد جمالي، لأن عقله يجتر كل شيء دون متعة أو سعادة.
أغلبنا عاش وما زال يعيش في البيئة ذاتها، الزمن القديم بقيمه، وثقافته، وسلوكه وعاداته وتقاليده، وإذا تريد أن تصدق ما أقوله عليك قراءة الواقع.
أحزن كثيرا عندما أرى أغلب الناس ينظرون إلى الحياة من الزاوية ذاتها دون بعد نظر للزوايا الأخرى.
النظام الرأسمالي، نظام الخواء والوحدة والفراغ. أغلب الناس فيه لا يشعرون بالامتلاء والسكينة النفسية والروحية والسلام الداخلي.
أنت تظن أنك الوحيد الذي يشعر بالوحدة بالرغم من أنك وسط جموع الناس، في العمل في الكافتيريا، في الترحال، في البيت مع الزوج، أو الحبيب أو الأولاد.
إننا في ظل ووسط نظام يعمل ذاتيًا على إدخالك في عالم مضطرب، قلق، بالعبث والضياع والدوران في حلقة مفرغة.
أغلبنا يعيش حالة البحث عن الذات، عن نفسه، ومكانه ومكانته ووجوده، وسط نظام يشجع ذاتيًا على العزلة.
تريد القبض على ذاتك فترى نفسك لا ذات
إذا وضعنا ترامب أو بشار أو بوش أو نتنياهو أو خامئني أو أردوغان أو بوتين أو أي واحد من هؤلاء الذين يجعرون ليلًا نهارًا معبرين عن أنفسهم على أنهم أقوياء ومهمين في سجن تدمر شهر واحد فقط لا غير.
بمعنى أن يتم ضربه كل يوم على قدميه وقفاه ووجهه، ويبصق عليه وينكس رأسه طوال الوقت، ويحرم من النوم ويمنع عنه الشمس والضوء، وينام 12 ساعة على سيفه دون أن يتحرك أو يتقلب على اليمين أو الشمال أو الظهر، ومطمش ومحلوق الشعر والدقن والشوارب، ويمنع عليه الذهاب إلى المرحاض ليلًا.
ودون أن يسمع صوت الموسيقا او أغنية أو أن يرفع رأسه المنكس.
هل سيبقى هذا الجعاري كما هو؟
إن هؤلاء المجرمين لا يعرفون الحياة وعوالمها الداخلية الحقيقية، ولا يعرفون الحب والخير والجمال والحرية، ولا يعرفون ما معنى أن يكون الإنسان إنسانًا في لحظة الألم النبيل
إنهم مجرد زبد فائض عن اللأزم، قذارات فائضة، خراء، يطوفون فوق حياتنا ويخربون مرتكزاتها.
اللعنة عليكم جميعًا.
سابقًا، قال أفلاطون يجب على الحاكم أن يكون فيلسوفًا، أما أنا فأقول:
ضع الحاكم قبل أن يحكم في شروط لا إنسانية سيصبح فيلسوفًا من تلقاء نفسه.
ويجب وضع سدادات فلين في مؤخرة النخبة المالية، اصحاب البنوك المنفوشين كالديوك، كل يوم، مع التجديد اليومي، نمنعهم من الخراء، وقتها سيتحولون إلى كائنات طبيعية تشعر بمشاعر الفقير والمحتاج والمريض والعاجز.
يعيش الكثير من الناس ويموتون، ولا يعرفون الحياة الحقيقية ولا يحسون بجمالها.
إنهم مجرد زبد عائم
برهان غليون ألف كتابًا عن المرحلة التي مرت بها سورية في السنوات الثمانية الأخيرة.
لم اقرأ الكتاب إلى الأن. وليس مهمًا قرأته لأنه صادر من رجل ليس له مصداقية بالنسبة لي.
كل من شارك في الثورة السورية من موقع المسؤولية عليه أن يعري نفسه أولًا، أن يعتذر للسورين قبل كل شيء حتى يكون له مصداقية أخلاقية وسياسية ووطنية وإنسانية.
إن يعري نفسه عن القصور السياسي والمعرفي والفكري عما كان يدور حوله، وعن عدم قدرته على إدارة الصراع بكفاءة، ولماذا لم يترك منصبه باكرًا قبل أن تنتهي الثورة
عن الدوافع التي أبقته في موقعه كمسؤول مدة طويلة من الزمن: هل السبب ماليًا، حبًا بالزعامة، التفاخر خاصة ان دوره كان شاهد زور
إن يقول كل ما كان يدور في الكواليس، عن مصادر الأموال التي كانت تصرف عليهم كالمجلس الوطني والائتلاف، من كان يدفع لهم الرواتب وبطاقات السفر وإيجار الفنادق والمطاعم، والسلاح، ومن كان يدير الصراع وكيف، ومن أين كانوا يتلقون الأوامر، وما هي ارتباطاتهم الدولية وفاعليتهم فيها، وما هي غاياتها في وصول سوريا إلى هنا.
عليهم أن يعتذروا، أن يقولوا كل شيء، للسوريين الذين قتلوا وتشردوا ودمرت بيوتهم وعاشوا حياة اللجوء والجوع والحرمان والضياع، وخراب سوريا وتدمير الاثار والعمران فيها.
ولماذا صمتوا طوال السنوات الطويلة الماضية على كل ما حدث، على الخراب الذي نحن فيه، وأولهم رياض الترك.
كل الذين كانوا في المقدمة متهمين في خراب سوريا بعد بشار الأسد ونظامه، أولهم رياض الترك وبرهان غليون والبيانوني والشقفة وميشيل كيلو وجورج صبرا وسهير الأتاسي وأنس العبدة وأحمد رمضان وعبد الهادي وغيرهم كثر.
وهناك الكثير ما زال موجودًا يتلقى رواتبه من مصادر ما، هؤلاء القذرين عليهم أن يتوقفوا وينسحوا من المبغى الذي هم فيه.
تصرفكم جميعًا خسيس. لماذا أنتم ساكتون؟
دفعنا فاتورة غالية من أعمارنا، ومن حقنا محاكمتكم أمام التاريخ، وعليكم أن تقولوا الحقيقة وتعتذروا قبل أن تموتوا وتدفنوا ويذهب معكم سر خراب بلدنا.
قولوا الحقيقة من أجل الضحايا، من أجل أن يرتاحوا في قبورهم
قلنا سابقًا، أن التاريخ ليس واحدًا، ليس خطيًا.
إنه متعدد القراءات والانتماءات والاتجاهات. إنه خاضع للصراع، لقدرة القوى على فرض شروطها ورؤاها عليه.
إنه تاريخ النخبة، المال والسلطة والنفوذ، التي سيطرت على السلطة.
استطاعت حرف الصراع، تمييعه وتوريته، وإنتاجه ليصبح على مقاسها ومقاس مصالحها.
لهذا فإن مفهوم التاريخ ليس بريئًا، ليس تصالحيًا مع الذات والموضوع.
إنه ذئب، قاتل لا رحمة في جوفه أو عقله.
إنه تاريخ التراتبية السياسية والاجتماعية والاقتصادية المسيطرة على السلطة.
وكل واحد منا يقرأ التاريخ من موقعه الفكري والسياسي ووفق منظوره ورؤيته.
لهذا، علينا أن لا نطبطب على ظهر أحد أو نمدحه أو نقيمه بأنه أخلاقي أو إنساني. إنه تاريخ منفصل عنا، عن المجتمع.
إننا ضحاياه، ولهذا وجب علينا أن ننظر إليه بريبة وتأن وشك.
إنه تاريخ القاهر للمقهورين
في العام 2018 عقد في الولايات المتحدة تحت رعاية ترامب مؤتمرًا تحت مسمى حرية الأديان.
يخامرني الشكل في هكذا مؤتمرات، من هكذا فخ.
ما الغاية من هكذا مؤتمر؟ وإلى أين يريد أن يصل؟ هل هو مدخل إلى إقامة دول دينية في العالم القديم وتمزيق الكيانات الوطنية وتفتيت الشعوب إلى مربعات؟
هل هو مدخل إلى حروب دينية مفتوحة لتدمير العالم المدمر؟
ماذا يريد هؤلاء المرضى؟ وإلى أين يريدون أن يذهبوا بهذه الأرض والناس؟
هل هو مدخل للتدخل المباشر عسكريًا في البلدان الآخرى تحت حجة حماية الأديان؟
أشك أن أحدنا تجاوز العصاب أو الوسواس القهر في علاقته مع نفسه أو الآخر.
إن الكبت المزمن الذي تعرضنا له على كل المستويات جعلتنا نغرق في هذا الأمر.
لا تتمسك بموقفك كثيرًا, ربما الدوافع النفسية المرضية هي التي تحرضك أو تحركك في علاقاتك مع الأخرين.
أبحث عن التقاطع مع الأخرين ربما أنتم على مسافة واحدة, ويمكن ترميم الكثير من الجسور بينكم إذا حاولتم معرفة بعضكم.
لو أن حافظ الاسد ونظامه لم يقتلوا الروح في النفس السورية, لما وصلنا إلى هنا. أول عمل قام به هذا المجرم, إنه قتل الروح المقاومة للمواطن, جرده من الحس الوطني والحلم بالمصير الأفضل. حوله إلى تابع, شبه إنسان. دفع النخب أن يتحولوا إلى مجموعة خانعة ضعيفة, تسترزق, تعيش على الفتات. ودفع قطاعات واسعة من المجتمع إلى الرشوة, الاختلاس, أن يتحول المواطن, إلى شيء نافل لا قيمة له.
اليوم نقطف النتائج. انقسام اجتماعي عميق, وطن ممزق, خراب على كل الصعد.
الرواية, تسمح لنا الدخول في لب المشكلات الإنسانية العميقة لتعريتها. كشف الواقع المرير, المعاناة المعيشية, الغربة النفسية والروحية, التمزقات التي يتعرض لها في علاقاته بالمحيط, القهر, الاستلاب, الفقر, والضياع, الموت, الهجرة.
هذا العالم مملكة, ينبغي الحرص عليه, انقاذه من التمزق والضياع. نحتاج إلى روح نقية, لاخراجه من عالم السطو والظلام.
إننا داخل كتل هائلة من الصراعات الابدية, بين مناطق متنافرة لا حدود لاقتراب أحدهم من الأخر.
قبل يومين من وفاة والدتي, اغلقت الباب ورائي وخرجت من الغرفة في المشفى, عندما رأيت والدي ووالدتي يقبلان أيدي بعضهما ويبكيان. يضع رأسه بجانب رأسها, وعلى كتفها ويجهشان بالبكاء, يقول لها, سامحيني, تقول له, سامحني. بقي إلى جانبها, يخدمها أربعة أعوام ونصف. كانا وحدهما في سورية, بيد أنهما وصلا السويد في ال 20 من نيسان الماضي. وبقي إلى جوارها إلى ان لفظت أنفاسها الأخيرة قبل يومين.
إشغال الناس بالحرب أو القتال, هي أفضل الطرق لتفريغ أية حمولة سياسية من مضمونها السياسي والاجتماعي.
في جنوب أفريقيا, كانت اوروبا والولايات المتحدة إلى جانب الحكومة العنصرية, بيد أن القوى السياسية كان لها إرادة سياسية واعية ومنظمة ومتماسكة, ورمز سياسي اسمه مانديلا الذي رفض حمل السلاح إلى أن نضجت شروط العمل لتحقيق المطالب. يأتي السلاح في اخر مراحل الصراع, بيد أن ذلك يجب ان يكون بوجود قوى سياسية منظمة تفرض على الخارج الخضوع لشروط الداخل, وليس كما يفعلها المعارضون السوريون اللذين وضعوا بيضهم بسلة الخليج الفاسد امريكيا.
من المؤسف أن بلادنا أصبحت مكبًا للنفايات السياسية والعسكرية للنظام الدولي.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟