أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - نهاية الوهم الصهيوني















المزيد.....



نهاية الوهم الصهيوني


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8052 - 2024 / 7 / 28 - 11:44
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


خارطة طريق لفلسطين المحررة
ترجمة سعيد مضيه
"فإن تعريف الصراع الحالي في الأراضي المقدسة باعتباره "صراعاً إسرائيلياً فلسطينياً" والتكهن بشأن الأشكال المحتملة للتسوية في ’اليوم التالي لحماس‘ تضليل كبير يحول دون إدراك الوضع الحقيقي وهو وضع الحرب الإمبريالية بالوكالة؛ " يكتب ريتشارد روبينستين، الكاتب الأميركي يهودي الديانة، في مقالته التحليلبة حول مشاكل المنطقة ، ويضيف:" والخلافات في الرأي التي روجت إعلاميا على نطاق واسع بين نظام نتنياهو في إسرائيل وإدارة بايدن في الولايات المتحدة هي تكتيكية بحتة ، لم يطرأ تغيير على الأهداف الاستراتيجية لهذين الزعيمين ــ الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة وتفوق إسرائيل العسكري بالمنطقة... إذا لم يتم الاعتراف بالدور الأميركي في خلق الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ومفاقمته وإدامته ، أي إذا قبلنا فانتازيا الإمبريالية النبيلة والسلام الأميركي، فإن حل’اليوم التالي‘ التي يتم بيعه بالتجزئة في الوقت الراهن سوف يتمخض عن أوهام. " .

إحدى أغرب الحجج التي يقدمها من أعلنوا أنهم أصدقاء لإسرائيل هي أن العداء للصهيونية أحد أشكال معاداة السامية؛ يمكن تفهم هذا التأكيد إذا كان الشخص الذي طرحه يعتقد أن الله نفسه أعطى اليهود حقوق الملكية من النهر إلى البحر ــ غير ان ثيودور هرتزل ومؤسسي الصهيونية الحديثة لم يعتنقوا مثل هذا الاعتقاد. على العكس من ذلك، فقد عرَّفت القيادات العلمانية للحركة إلى حد كبير الصهيونية منذ البداية باعتبارها أحد أشكال القومية العرقية ـ مطالبة بنفس "حق تقرير المصير" الذي أكَّد عليه الأيرلنديون أو الصرب على سبيل المثال. والحجة إذن هي أنه من معاداة السامية حرمان اليهود (الذين يعتبرون مجتمعًا عرقيًا، وليس مجموعة طائفية) من نفس الحق المزعوم الذي يتمتع به الأيرلنديون والصرب على سبيل المثال. وإذ ينسون في هذه اللحظة أن حفنة قليلة فقط من الشعوب العرقية في العالم التي يبلغ عددها ثلاثة آلاف أو نحو ذلك تتمتع بالحق في إقامة دولة قومية. ويبقى السؤال: ما علاقة الصهيونية باليهودية؟
الجواب يمكن العثور عليه في التاريخ وليس في النصوص المقدسة. إن صعود معاداة السامية على نطاق واسع في أوروبا، والذي بلغ ذروته في كارثة المحرقة التي لا يمكن تصورها، أقنع العديد من اليهود وجوب محاربة مرتكبي الإبادة الجماعية وليس الخضوع للمحرقة؛ وأن أفضل طريقة لمحاربتهم هي السيطرة على موارد دولتهم القومية. لم يكن مفهوم إسرائيل مجرد وسيلة للردع أو الهروب من أمثال هتلر المحتملين فحسب، بل وكذلك ضمان عدم ذهاب اليهود "مرة أخرى" الى حتفهم بلا حول ولا قوة، أو يضطرون إلى التوسل إلى دول أكثر أماناً للسماح لهم بدخول بلدانها. لو كانت الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى قد رحبت باللاجئين والناجين اليهود في الأربعينيات بدلاً من إغلاق الأبواب بوجوههم، لكان من الممكن أن يتبدد قدر كبير من الضغوط لإنشاء دولة يهودية. وحقيقة أنهم لم يفعلوا ذلك ــ ولا حتى في ظل غرف الغاز ــ أقنعت كثيرين بأنهم بحاجة إلى ممارسة اللعبة القومية إذا كانوا راغبين في ضمان بقائهم.
هذا المنطق، على كل حال، أثار سؤالاً آخر. . . وخلق معضلة. في عالم الدول القومية المتنافسة، لا تتمكن الدولة من البقاء والازدهار إلا إذا كانت معزولة ولا تهدد طرفا آخر، أو محبة للحرب وقوية. ونظراً للأهمية الجيوسياسية التي يتمتع بها الشرق الأوسط الغني بالنفط، والنمو السريع للقومية الفلسطينية والعربية، والطموحات الإمبريالية الأميركية، فقد كان من الواضح حتى قبل عام 1948 أن إسرائيل لن تغدو معزولة ولن تعتبر غير ضارة. منذ أواخر عشرينات القرن الماضي انطلقت الصراعات العنيفة بين المستوطنين اليهود والفلسطينيين، ولم تقبل أي دولة عربية خطة التقسيم التي طرحتها الأمم المتحدة عام 1947. في ضوء عنف هذه المعارضة كيف لدولة وعدت مواطنيها اليهود وكل من سيهاجر اليها لاحقا، بتوفير معاملة تفضيلية، أن تصبح محبة للحرب وقوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة؟
تم اقتراح الجواب من خلال تشكيل الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الأولى ولواء يهودي في الحرب العالمية الثانية قاتلا في فلسطين وسوريا كوحدات من الجيش البريطاني. عندما حلت الولايات المتحدة. محل بريطانيا كقوة مهيمنة بالمنطقة، باتت إسرائيل حليفة للولايات المتحدة وقواتها المسلحة امتدادًا فعليًا للقوات الأمريكية. قوة عسكرية. طوال الحقبة منذ عام 1948 ، لم تتلق أي دولة عميلة أخرى ما يماثل المساعدات العسكرية والمدنية التي تبرعت بها زعيمة "العالم الحر" هبات لإسرائيل.ما يبعث على السخرية ـ والتراجيدي ـ أن الدولة التي أنشئت لتحقيق استقلال وأمن اليهود أثبتت انها منذ البداية تابعة للاستعمارالجديد وقاعدة إمبريالية للولايات المتحدة. وهذا لم يكن وصفة للسلام الداخلي ولا للأمن الدولي. منذ العام 1945، والولايات المتحدة هدف الشعوب الخاضعة المتمردة والقوى العظمى المتنافسة، خاضت خمس حروب كبرى وشاركت في عشرات الصراعات الدموية التي التهبت بالوكالة عنها. طبقا ً لمشروع جامعة براون في حساب تكاليف الحروب الأميركية، تسببت هذه منذ هجمات تنظيم القاعدة عام 2001 في مصرع 4.5 مليون شخص، معظمهم من المدنيين. في الفترة ذاتها، خاضت دولة إسرائيل ستة حروب مع الدول المجاورة وثلاثة حروب ضد غزة. اعتاد الغرب أن يعزو استمرار انعدام الأمن والعنف إلى حقد وتعصب رعايا إسرائيل الفلسطينيين وجيرانها المسلمين ــ وهو "تفسير" منحاز، يتجاهل اصل الاستعمارالجديد، منه نشات دولة إسرائيل، ثم طرد الفلسطينيين واضطهادهم وتقديم الخدمات المخلصة لحماتها الأمريكيين والأوروبيين. أيا كانت مصادر انعدام الأمن الإسرائيلي، على كل حال ، فالنتيجة مع الزمن هي تعزيز موقف "المتشددين" في مواجهة الصهاينة الصهتيمة "المعتدلين".

الصهيونية: "متشددون" و"معتدلون "


منذ أواخر القرن التاسع عشر، عندما تشكلت الصهيونية (الحديثة)[ لم تظهر صهيونية قديمة]، كانت محاولات الجمع بين اليهودية والقومية العرقية تميل إلى توليد ثلاث مدارس فكرية؛ يمكننا أن نسميها "الصهيونية المتشددة"، و"الصهيونية المعتدلة"[ يطلق عليها الكاتب "صهيونية ناعمة"]، و"العداء للصهيونية".
يمثل المدرسة الصهيونية المتشددة حاليا نظام نتنياهو في إسرائيل - وهو ائتلاف حاكم يميني يضم الأحزاب الدينية اليهودية الرائدة، وأحزاب تمثل المستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية، ودعاة ضم جميع الأراضي المحتلة. يفترض المنظور الذي يشكل وجهات نظرهم السياسية نشوب صراعات خطيرة وطويلة الأمد وغير قابلة للتسوية في المصالح والقيم بين اليهود وغير اليهود؛ كما أنها تقبل الاستمرار الحتمي لبيئة داروينية حديثة عالمية الطابع لا يبقى فيها إلا الجماعات والأمم الأشد عنفاً. منذ عهد فلاديمير (زئيف) جابوتنسكي، مؤسس هذه المدرسة، كان المعنى الضمني هو أن بقاء اليهود يتطلب وجود دولة يسيطر عليها اليهود وقادرة على السيطرة عسكرياً على الأعداء الداخليين والخارجيين.
كانت القوة الدافعة للصهيونية المتشددة على الدوام شعور راديكالي بانعدام الأمن الجماعي. اعتبر جابوتنسكي اليهود "عرقًا" مهددًا ديموغرافيًا بالزواج المختلط والاستيعاب الاجتماعي، فضلاً عن تعرضه للخطر جسديًا بسبب معاداة السامية. أعجب هذا الزعيم الأوديسي بنضال موسوليني الفاشي، وألبس ميليشياته قمصانًا بنية، ودعا إلى إنشاء "جدار حديدي" من القوة المسلحة من شأنه أن يحمي إسرائيل من الهجمات المحتمة من قبل القوميين العرب المعادين؛ وافق على العنف الإرهابي ضد البريطانيين والفلسطينيين، ورفض تقسيم فلسطين إلى دولتين بموجب قرار الأمم المتحدة، وسخر من فكرة إمكانية التعايش السلمي بين اليهود والفلسطينيين، ما لم يقبل الأخيرون التفوق اليهودي في دولة يهودية واحدة. كان والد نتنياهو سكرتير جابوتنسكي، ولا يزال ائتلافه يتبع نهجه العنصري.
بالمقابل، الصهيونية " المعتدلة"، إذ تعكس أصولها اليسارية الليبرالية، بدأت نشاطها بالتعبيرعن شعور أقل حدة لحد ما بهشاشة الموقف اليهودي، وبنظرة أكثر تفاؤلاً إلى حد ما بصدد احتمال التعايش السلمي مع غير اليهود. يعكس تاريخ والداي هذا المنظور. ومن منزلهما في إحدى ضواحي نيويورك، علم والداي بأمر المحرقة من شهود موثوقين ؛ وحاولا عبثا إقناع الأميركيين ان المذبحة جارية في ذلك الحين بتدبير قصد منه إنشاء وطن قومي لليهود في إسرائيل. ساعد أبي ، بالتعاون مع عملاء إسرائيليين مثل تيدي كوليك ،الذي سينتخب لرئاسة بلدية القدس، في تجديد سفينة شحن قديمة أعيدت تسميتها لنقل الناجين الأوروبيين إلى فلسطين. وفي عام 1948، قام بتسليم الأسلحة إلى الجيش اليهودي، الهاغاناه. أصر مع رفاقه على أن العدو الحقيقي لإسرائل ليس الفلسطينيين أو غيرهم من العرب، الذين تم تضليلهم من قبل قادتهم، بل المستعمرون البريطانيون الغير مبالين والشيوخ الأثرياء المتعطشين للسلطة.
رحب الصهاينة المعتدلون، أمثال والدي، بخطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة، واعتقدوا أن العمال اليهود والعرب يمكنهم العيش معًا بسلام تحت رعاية نظام ديمقراطي اجتماعي. كان إيمانهم هو أن إسرائيل يمكن أن تكون دولة يهودية وديمقراطية تعددية وأن الحاجة إلى الهيمنة العسكرية ستكون مؤقتة. وخلال تلك الحرب، شرّدت القوات والميليشيات الإسرائيلية نحو 750 ألف فلسطيني ودمرت أكثر من 500 قرية. وبحجة ( تناقض الأدلة الوفيرة) بأن اللاجئين قد تركوا أراضيهم طوعا، رفضت الدولة الجديدة السماح لهم بالعودة أو تعويضهم عن خسائرهم. تعززت الأغلبية اليهودية في إسرائيل على مدى العقدين التاليين بفضل الهجرة الكبيرة من العالم العربي وروسيا ـ وهو تطبيق "لحق العودة" الممنوح حصرياً لليهود. ولكن بعد "حرب الأيام الستة" عام 1967، وجد الإسرائيليون أنفسهم مرة أخرى مسيطرين على أكثر من مليون فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة، والقدس الشرقية. باتت موضع تساؤل من جديد مسألة كيف يمكن لإسرائيل أن تكون دولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت. إلى جانب السؤال ذي الصلة المتمثل في التناقض العميق بين القومية العسكرية والأخلاق اليهودية.
جاء رد الصهيونية المعتدلة، الذي ظهر على مدى الجيل التالي، دعوة لإقامة دولة فلسطينية، دولة لا تهدد السيطرة اليهودية على إسرائيل سواء من الناحية الديموغرافية أو العسكرية. على الدواام ينظر لدولة تخضع لاحتلال - الضفة الغربية وقطاع غزة (وربما القدس الشرقية)- على أنها كيان منزوع السلاح يتمتع بسلطات محدودة يمكن إجبارها كشرط لوجودها على قبول التفوق العسكري والاقتصادي الإسرائيلي. ليس مستغربا أن هذه الفكرة لم تحظ بشعبية في "الشارع" الفلسطيني أو بين الجماعات التي تسعى إما إلى تحقيق المساواة مع اليهود الإسرائيليين أو طردهم من المنطقة. وعلى مدى العقود الثلاثة التالية، تناوبت أغلبية كبيرة من الصهاينة المعتدلين[ معتدلون وشردوا الفلسطينيين!!]، مثل رئيس الوزراء إسحق رابين وشمعون بيريز، بين جزرة مفاوضات السلام ("حل الدولتين") وعصا الحرب التي يقودها جيش الدفاع الإسرائيلي ضد المقاومين. وبمرور الوقت، أصبحت العصا اوسع انتشارا من الجزرة.
كانت ذروة إنجاز الصهيونية المعتدلة اتفاقات أوسلو عام 1993 التي وافق فيها الفلسطينيون بقيادة ياسر عرفات وتنظيم فتح على الاعتراف بإسرائيل والعيش في سلام مع مواطنيها، في حين وافق الإسرائيليون، بقيادة الصهيونية العمالية، رابين وبيريز، على الاعتراف بإسرائيل والعيش بسلام مع مواطنيها، مقابل الاعتراف بالسلطة الوطنية الفلسطينية والسماح لها بحلول عام 2000. بحكم الضفة الغربية وقطاع غزة. أثارت الاتفاقات آمالا كبيرة ولكنها فشلت في التعامل مع سلسلة من القضايا الحاسمة، بما في ذلك استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، والحق المؤكد لعودة اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس الشرقية.
علاوة على ذلك، عارضت قطاعات كبيرة من كلا الفريقين ، والتي تتأثر بشكل متزايد بالمنظمات والزعماء الدينيين المسيسين، الاتفاق ورفضت بذل المزيد من الجهود للتوصل إلى تسوية. في الفترة ما بين سبتمبر/أيلول 2000 وفبراير/شباط 2005، قُتل نحو 3000 فلسطيني و1000 إسرائيلي في الانتفاضة التي أطلق عليها الفلسطينيون اسم "انتفاضة الأقصى". فبينما قامت منظمات مثل الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء فتح بتنظيم تفجيرات انتحارية في إسرائيل، ضاعف الصهاينة المسلحون المستوطنات في الضفة الغربية وتعهدوا بعدم مغادرة "يهودا والسامرة" أبدًا. عام 1994 اغتال أحد هؤلاء القوميين المتطرفين، باروخ غولدشتاين، 29 من المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي؛ وبعد عام واحد اغتال متطرف آخر، ييجال عمير، رئيس الوزراء رابين.
أصبح بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء، إيذاناً بنهاية هيمنة الصهيونية المعتدلة في إسرائيل. وسيحكم مرة أخرى في الفترة من 2009 إلى 2021 بينما تحولت الى فيضان عملية انتقال المستوطنين للإقامة بالضفة الغربية ؛ وفي نهاية التحولات تشكيل حكومة يمينية هي الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل عمليا، قبل الصهاينة من كلا المدرستين مبدأ "الجدار الحديدي" الذي طرحه جابوتنسكي، والذي بدا لهم أنه السبيل الوحيد لضمان امن إسرائيل ذات أغلبية يهودية دائمة. في الوقت نفسه، كانت الجماعات الفلسطينية تتعلم عدم الثقة في المزاعم الصهيونية الليبرالية التي تؤمن بحل الدولتين أو النوايا الحسنة للسلطة الفلسطينية، التي بدت أنشطتها في حكم الضفة الغربية أكثر من مجرد ورقة توت لتوسيع الاستيطان الإسرائيلي، مع إجراءات أمنية مشددة. ألقى كل جانب اللوم على الآخر في فشل المفاوضات السابقة، وتبددت الثقة التي أقنعت ذات يوم بعض أعضاء مجموعات النخبة بالتعامل مع بعضهم البعض بشكل سلمي.
أدت محاولة نتنياهو إبقاء الحركة الفلسطينية منقسمة من خلال دعم السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية بشكل مباشر وحكم حماس في غزة بشكل غير مباشر إلى نتائج عكسية مذهلة في 7 أكتوبر 2023. ومع ذلك، فإن الإسرائيليين الذين أصيبوا بصدمة نفسية من عنف حماس، بما في ذلك جميع الصهاينة المعتدلبين تقريبًا، متحدين وراء تصميم نظامه(نتنياهو) على اقتلاع هذه المنظمة وتدميرها بالكامل، حتى لو كان ذلك يعني تدميراً هائلاً للسكان المدنيين. موجة من الاشمئزاز بالولايات المتحدة ضد العنف العشوائي الذي تمارسه إسرائيل؛ وعرّضت دول أخرى للخطر فرص الرئيس جو بايدن لإعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، ودفعته إلى إلقاء اللوم على نظام نتنياهو لاستخدام القوة "غير المتناسبة" والفشل في إدراك الحاجة إلى نوع من الدولة الفلسطينية بعد الحرب.
رغم أن لهذه الوصفة طابع "صهيوني معتدل"، إلا أن الدولة الجديدة التي يفكر فيها بايدن ووزير الخارجية بلينكن تبدو مطابقة تقريبًا لتلك التي اقترحتها في وقت سابق إدارة ترامب والمتحدث الرسمي باسمها في الشرق الأوسط، صهر دونالد ترامب، جاريد كوشنر. سيكون هذا كيانًا تدعمه وتموله المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وتحكمه السلطة الفلسطينية أو بعض النخب المحافظة بنفس القدر، ويتم نزع سلاحه وضمان نهجه السلمي، وملتزم بالمساعدة في مساندة المصالح الأميركية بالإقليم ضد "جبهة المقاومة" التي تقودها إيران وحزب الله. وعلى هذا فإن حل "الدولتين" يصبح جزءاً من حل "الكتلتين" في الشرق الأوسط، حيث يسيطر الأميركيون على الكتلة الأكثر ثراءً وقوة. إن نوع الدولة أو الترتيب الإقليمي الذي قد يرغب فيه الفلسطينيون في غزة أو الضفة الغربية أنفسهم لم يكن ــ ولا يعتبر ــ مسألة ذات صلة.
يبدو النمط التكراري هنا واضحًا لا لبس فيه. يحافظ حكام الولايات المتحدة على هيمنتهم في المنطقة بكل الوسائل الضرورية، ويكافئون بسخاء الدول والجماعات التي تتعاون وتشن حربًا سرية أو علنية ضد قوى المقاومة . عندما تفشل السياسات الصهيونية المتشددة في إثارة تمردات داخلية خطيرة أو حروب بين الدول، يسعد الأميركيون دعم زعماء مثل نتنياهو، الذين يعاملون الفلسطينيين باعتبارهم "لا شعب". ولكن عندما تؤدي السياسات الصارمة إلى انتفاضات أو حروب تزعزع استقرارالمنطقة، يتراجع الزعماء الأميركيون، جمهوريين او ديمقراطيين، مثل الصهيونية المعتدلة .
وهذا بالضبط ما فعلته إدارة كلينتون عام 2000، عندما حاول بيل كلينتون التوصل إلى اتفاق الدولتين بين إيهود باراك في إسرائيل وعرفات في فلسطين.
و الذين يلومون الفلسطينيين على فشل هذه الجهود لا يفهمون (أو لا يريدون أن يفهموا) أن ما تقدمه مثل هذه الصفقات في الواقع هو ما يسميه رشيد الخالدي حل "دولة واحدة وبانتوستانات متعددة"[تأكيد الكاتب ]. إن الدولة اليهودية التي حددها الصهاينة من كلا المدرستين ودافعوا عنها، تحتفظ دائمًا بالتفوق العسكري والتكنولوجي والاقتصادي والتفوق المطلق على أي كيان فلسطيني متوقع. لذلك، فالدويلة الفلسطينية مصممة لتعمل، في الواقع، كتقسيم إداري فرعي لإسرائيل وبؤرة إمبراطورية (متحالفة مع توابع أخر) للولايات المتحدة. ولا عجب إذن أن يختار العديد من الفلسطينيين بدلاً من ذلك حل "الدولة الواحدة" الذي من شأنه أن يجبر الإسرائيليين إما على معاملتهم على قدم المساواة أو التخلي علناً عن ادعاءاتهم الديمقراطية.
يذكرنا هذا الوضع بصراع أقدم بكثير كتبتُ عنه في كتاب بعنوان "هكذا قال الرب: الرؤية الأخلاقية الثورية لإشعياء وإرميا" (هاركورت، 2006). هناك وصفت الإمبريالية " المعتدلة" لكورش العظيم، الذي حرر الأمم التي أسرتها بابل، سمح للمنفيين اليهود بالعودة إلى إسرائيل، ووعد العالم بعصر جديد من السلام والعدالة في ظل الحكم الفارسي. يا له من رجل! وقد تأثر النبي إشعياء البابلي بكورش لدرجة أنه أعلنه رسول الله. وحتى قبل وفاة القائد الفارسي، كان من الواضح أنه يجب الحفاظ على إمبراطوريته بقوة هائلة. خلفاء كورش هم داريوس وزركسيس، الإمبرياليان "المتشدداْن" اللذان "دفعا حدود الإمبراطورية إلى عمق آسيا وأوروبا؛ لكنهما وجدا نفسيهما محاصرين في صراع وحشي متزايد للحفاظ على السيطرة على رعاياهم المضطربين النائين " (ص 160). ). كما أقرالأنبياء، فإن الحلم بعالم عادل ومستقر ينعم بالسلام لا يمكن أبداً أن يتحقق من قبل بناة الإمبراطوريات المتعطشين للسلطة.
لذا يندرج هذا (المصير البائس) حتى يومنا هذا. الأصناف المتشددة والمعتدلة من القومية العرقية هما وجهان لنفس العملة ــ أو، إذا شئت، ناقلان مختلفان لنفس المحرك؛ هدفهما المشترك، مثل هدف "الشرطي المتشدد " و"الشرطي المعتدل" الذي يعمل مع المشتبه به للحصول على اعتراف، هو الحفاظ على تفوق النخبة المهيمنة وسيطرتها. عندما لا يؤدي أحد النهجين إلى النتيجة المرجوة، يتم استخدام النهج الآخر؛ وفي كلتا الحالتين، تتم إدانة المشتبه به الجامح لرفضه قبول المطالب التي لا هوادة فيها للسلطة العليا.
الصهيونية بتعريفها الحالي تعني التفوق اليهودي في إسرائيل، والتفوق الإسرائيلي في فلسطين، والتفوق الأمريكي في المنطقة؛ وهذا يجبر أولئك الذين يدافعون عن المساواة في الكرامة بين الأمم والتضامن العالمي بين الشعوب على تجاوز الصهيونية "المتشددة " و"المعتدلة" من أجل تبني منظور أكثر إنسانية ــ وأكثر نبوية. أطلق على وجهة النظر هذه مناهضة للصهيونية، أو ما بعد الصهيونية، أو بالأحرى، إنسانية راديكالية. وأياً كانت تسميته، فإنه يدعونا إلى تجاوز النظام الحالي من العنف المتوطن لخلق عالم حيث لا يُسمح أبداً بمذابح الأعداء العرقيين وقمع الشعوب الخاضعة ــ ولا حتى لإنقاذ المجموعة التي ينتمي إليها المرء من تهديد مزعوم بالانقراض.

اليوم التالي لحرب غزة – وما بعد الدولة اليهودية
كان "الصهاينة العماليون" اليساريون الليبراليون لا يزالون يحكمون إسرائيل عام 1958، عندما قمت بزيارتي الأولى إلى ذلك البلد مع مجموعة من زملائي طلاب الجامعات. سواء أكانوا ليبراليين أم لا، تحدث معظم الإسرائيليين بفخر عن حرب سيناء، وهي مغامرة عسكرية قامت فيها قوات الدفاع الإسرائيلية، بتحريض من البريطانيين والفرنسيين، بغزو مصر والاستيلاء على قناة السويس لمنع الرئيس المصري عبد الناصر من تأميم تلك القطعة الثمينة من. الممتلكات المملوكة للأوربيين.
في تلك الأثناء، أبلغنا زعماء حزب العمل الذين التقينا بهم أن التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو أن تظل أوروبية ثقافياً وأن تتجنب التحول إلى "دولة شرقية". بعد أسبوع من الاستماع إلى هذا النوع من الدعاية، ذهبنا إلى الجامعة العبرية لنستمع إلى الفيلسوف مارتن بوبر، يدين حرب سيناء، وينتقد العنصرية الإسرائيلية، ويدعو إلى إنشاء دولة "ثنائية القومية" يتقاسم فيها اليهود والفلسطينيون السلطة مع بعضهم البعض. ويصنعون السلام مع جيرانهم.
كان جمهور هذه المحاضرة صغير جدًا – عشرة طلاب أمريكيين، واثنين من المشرفين عليهم، وعدد قليل من الأشخاص من الجامعة العبرية. ومع ذلك، أخبرنا مؤلف كتاب "أنا وأنت"(يقصد بوبر) أنه سعيد بالتحدث إلى أي جمهور، لأن معظم الإسرائيليين يعتبرون وجهات نظره طوباوية وغير مخلصة. أتذكر بوضوح هالة التعاطف الحكيم التي كان يتمتع بها (والتي شعرت بها لاحقًا في حضور الحكيم البوذي ثيش نهات هانه)، ودفاعه الحماسي عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وحزنه بسبب تجاهله أو عدم احترامه على يد رفاقه اليهود. لم يكن لديّ أدنى فكرة في ذلك الوقت، لكنني اكتشفت ذلك بعد خمسة عشر عامًا، في جلسات استماع الكونجرس حول الولايات المتحدة. الأنشطة الاستخباراتية التي ترأسها السيناتور فرانك تشيرش، أن قادتنا في هذه الجولة قد تم إرسالهم من قبل وكالة المخابرات المركزية. للإبلاغ عن أنشطة "المعارضين" مثل مارتن بوبر.
هل كان بوبر صهيونيا؟ من المؤكد أن ذلك المفهوم لم يكن يعني ضمناً وجود دولة يملكها ويديرها اليهود لتحقيق مصالحهم الخاصة، بل اعتنق الفكرة التي لخصها إدوارد سعيد فيما بعد بأنها "دولة واحدة لشعبين". لم يكن مصدر إلهام بوبر هو القومية المتشددة للقوميين اليمينيين مثل جابوتنسكي ولا نسخة ديفيد بن غوريون الأقل تصلبا بقدر يسير، بل أفكار "الصهيوني الروحي" المعروف باسم أحد هعام (آشر جينسبيرج)، الذي أصر على أن فلسطين لم تكن أبدًا دولة مستقلة، "أرضا خالية من السكان "، وأعلن أنه يجب تقاسمها بين سكانها العرب . أصر بوبر على أن فلسطين يجب أن تصبح دولة يمكن فيها للمجتمع اليهودي (وليس "دولة يهودية") أن يعيش بسلام وأمن مع جيرانه الفلسطينيين بموجب دستور مصمم للاعتراف بسلامة كل مجتمع وحقوقه المتساوية. ومثله أحد هعام (واحد من الشعب،كنية أطلقها على نفسه) اعتقد أن الدولة القومية المكرسة للدفاع عن التفوق اليهودي ضد كل المنافسين من شأنها أن تشوه اليهودية حتما وتولد مقاومة عنيفة.[ بوبر وأيهوداماغنس وحنة أرندت وآينشتين ونوعام تشومسكي- حسب إفادته في مقابلة كان رئيس اتحاد الشبيبة الصهيونية، لكنها لا تتماثل مع صهيونية اليوم ، باعتبارها معارضة حينئد لإقامة دولة يهودية_ وغير المذكورين كانوا من أتباع أحد هعام [صهيونية ثقافية تهاجر الى فلسطين وتلتزم بنظمها وترفض فكرة الدولة؛ بينما الصهاينة الممثلون للاحتكارات الامبريالية مارسوا الاستعمار الاستيطاني وجلبوا معهم نظامهم وفرضوه. نشطوا في الثلاثينات ولم تكن فكرة الدولة معلنة؛اعلنت في مؤتمر بالتيمو بنيويورك عام 1942. أما أحد هعام فقد توفي عام 1929- المترجم].


توصل آخرون في فلسطين وأميركا الشمالية إلى استنتاجات مماثلة، رغم اختلاف الأسباب؛ جادل اليهود الإصلاحيون، الذين نظمهم الحاخام إلمر بيرغر ومجلسه الأمريكي لليهودية، بأن اليهودية كانت دينًا، وليست مجتمعًا سياسيًا أو ثقافيًا، وأن الصهيونية عرقلت استيعاب اليهود في ثقافاتهم الوطنية (الحقيقية). في ذات الوقت ، أكد اليهود الذين ينتمون إلى بعض الطوائف الأرثوذكسية المتدينة أن الدولة اليهودية حملت تناقضا بالمصطلحات، حيث إن هيئة سياسية تحكمها شريعة الله وتسعى إلى العدالة والسلام لا يمكن أن توجد حتى بداية العصر المسياني.
من ناحية أخرى، لم يكن مارتن بوبر من دعاة الاستيعاب، أو مسيانيا أو قوميًا. وجهة نظره ورأي مجموعة من المثقفين بما في ذلك رئيس الجامعة العبرية يهوذا ماغنيس وهنريتا سولد، مؤسسة هداسا-جركة نسسائية(الصهيونية الثقافية)، فإن المطلوب هو دولة ديمقراطية يعترف دستورها بالمصالح الجماعية لليهود والفلسطينيين ومصالحهم المشتركة، كعمال . وبحلول الوقت الذي التقيت فيه بوبر، كانت منظمته "الوحدة" (إيشود) قد تجاوزها الحزب الصهيوني بالفعل ورفضها الجمهور الإسرائيلي القومي على نحو متزايد. وفي وقت لاحق، تم تبني فكرة ثنائية القومية من قبل المفكرين والناشطين بدءًا من حنة أرندت وإدوارد سعيد إلى توني جودت، لكن عارضها كل من الصهاينة والقوميين الفلسطينيين، حيث كان هدف كل منهم بناء دولة واحدة يشكل فيها ناخبوهم الأغلبية.
ورغم ذلك فإن الصراعات التي اندلعت على مدى العقدين الماضيين، والتي بلغت ذروتها بالحرب الكارثية التي شنتها إسرائيل على غزة، قد بثت روحا جديدة للفكرة؛.أدت تلك الحرب إلى نزع الشرعية عن الدولة اليهودية من خلال الكشف عن مقتضيات الإبادة الجماعية في الصهيونية؛ لكنها تذكرنا أيضاً بأن النزعة القومية العرقية المتشددة من جانب أي جماعة مصممة على الهيمنة على البقية تفضي باتجاه التطهير العرقي والإبادة الجماعية. لمزيد من الاطلاع حول القضايا المتعلقة بالقومية الثنائية، راجع عمل أستاذة القانون في جامعة جورج تاون، لمى أبو عودة، وأعمال بشير بشير وليلى فرسخ من الجامعة المفتوحة في إسرائيل.
(The Arab and Jewish Questions, Legend Press, 2020).
هل ينطوي مستقبل فلسطين على إنشاء دولتين أو دولة واحدة، دستور تلك الدولة ثنائي القومية أو وحدوياً؟ فمن الواضح أن إسرائيل ببنيتها الحالية يجب أن تتغير جذرياً؛ لكن مصير هذه الأرض، وبحق مصير المنطقة برمتها، لم يكن قط مسألة يقررها سكانها، سواء كانوا يهوداً أو مسلمين. . إن سيطرة القوى الإمبريالية على المنطقة، والتي تحدتها في االبداية الثورات العربية ضد البريطانيين والفرنسيين، قد حافظت عليها بل عززتها الحروب والمكائد الأمريكية/الأوروبية فمن غزو الولايات المتحدة للبنان عام 1958 إلى حربين ضد العراق، والتدخل في الحرب الأهلية السورية، والإطاحة بالدولة الليبية، والحرب السرية ضد إيران، والدعم الشامل لإسرائيل في عشرات الصراعات الإقليمية، لم تتوقف الولايات المتحدة عن استخدام قوتها العسكرية، كي تقرر من يحكم ومن يخدم في الشرق الأوسط. ولا تقل أهمية عن ذلك الرشاوى التي تأتي في هيئة حزم مساعدات مدنية وعسكرية تعمل على إبقاء القادة المطيعين في السلطة وتهميش خصومهم، والمناورات الدبلوماسية التي توفر تسويات مؤقتة مواتية لمصالح للولايات المتحدة، مثل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
ونتيجة لهذا فإن تعريف الصراع الحالي في الأراضي المقدسة باعتباره "صراعاً إسرائيلياً فلسطينياً" والتكهن بشأن الأشكال المحتملة للتسوية في "اليوم التالي لحماس" تضليل كبير يحول دون إدراك الوضع الحقيقي، وهو وضع الحرب الإمبريالية بالوكالة؛ والخلافات في الرأي التي روجت إعلاميا على نطاق واسع بين نظام نتنياهو في إسرائيل وإدارة بايدن في الولايات المتحدة هي تكتيكية بحتة (لم تمنع القادة الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء من دعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونجرس الأميركي). لم يطرأ تغيير على الأهداف الاستراتيجية لهذين الزعيمين ــ الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة وتفوق إسرائيل العسكري بالمنطقة . لكن إذا كان النظام الإمبراطوري في الشرق الأوسط يشكل مصدراً للصراع العنيف، وهو ما يبدو أمراً لا يمكن إنكاره، فكيف يمكن للمرء أن يتحدث بجدية عن "اليوم التالي" السلمي الذي يترك هذا النظام على حاله؟


لتفهم العلاقة بين الإمبريالية والحرب في الشرق الأوسط، قال الراحل يوهان غالتونغ، أحد مؤسسي دراسات السلام، إن السلام في المنطقة لا يعتمد على "حل الدولتين" بل على "حل الدول الست"، الحل– إنشاء منظمة إقليمية مستقلة قادرة على الوقوف بوجه الولايات المتحدة، اتخاذ قرارات جماعية لصالح أعضائها. المبدأ المرشد ،حسب وجهة نظره ، هو ربط أي خطة سلام محتملة لفلسطين وإسرائيل بالتقليص الفعال للقوة الأمريكية، لتمكين الأطراف المحلية من تقرير مصيرها. بعد ذلكً طرح كاي وفاكيل فكرة مثيلة في كتابهما "الشرق الأوسط وحده قادر على إصلاح الشرق الأوسط: الطريق إلى ما بعد النظام الأميركي".
إذا لم يتم الاعتراف بالدور الأميركي في خلق الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني ومفاقمته وإدامته ، أي إذا قبلنا فانتازيا الإمبريالية النبيلة والسلام الأميركي، فإن حل"اليوم التالي" التي يتم بيعه بالتجزئة في الوقت الراهن سوف يتمخض عن أوهام. في كل يوم تتواصل فيه المذبحة في غزة، يتضح أن الصهيونية لا يمكنها أبدًا أن تحظى مرة أخرى بولاء اليهود الملتزمين بالسلام والعدالة، ولا لأي فرد آخر ملتزم بتنمية المجتمع الإنساني. فات الأون منذ زمن على يهود اميركا لكي يتخلصوا من الأعلام الإسرائيلية التي كثيراً ما ارتفعت فوق أعمدة كُنُسهم ومعابدهم. غير ان الأعلام الأمريكية المنصوبة هناك يجب إزالتها كذلك. إن تجسيد رؤية المجتمع البشري ــ رؤية الأنبياء من أشعياء حتى ماركس ــ يتجاوز انماط القومية العرقية كافة، التي تعترض طريق التنمية البشرية. لا تمثل القضية إنكار التراث العرقي والثقافي لأمة من الأمم، بل التغلب على ترسيخ الهويات القومية (وفي حالة أمريكا، الهوية الإمبريالية) والانطلاق من لهيب المحرقة الحالية، نحو الوعي بالأنواع.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
- إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
- قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
- علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني
- جدار جابوتينسكي تطهير عرقي عقيدة الليكود
- جدار جابوتينسكي يتصدع
- عودة الى المتهاة .. تفاوض بوساطة أميركية !!
- همجية إسرائيل بشهادة شعوب الأرض
- جوع وصدمات غزة وصحة أجيال المستقبل
- بالجهد الشعبي المنظم والمعبأ ـُكسَر موجة التهجير
- الميديا الأميركية تخفي محرقة غزة وإشاعة الفاشية
- وظيفة الميديا نقل رسالة النخب الى الجمهور وليس نقل الواقع
- دبلوماسية شد خيوط الألعاب السياسية الممسرحة
- هل حقا أزاح عهد السنوار عهد عرفات عن المشهد الفلسطيني؟
- يقتلنا جميعا المجمع الصناعي العسكري بالولايات المتحدة
- هل تتعايش الديمقراطية والمليارديريين؟
- مجزرة مخيم النصيرات
- إرهابهم جردهم من أسلاب الإرهاب
- دعم مطلق للمحرقة - مجردون من الإنسانية (القسم الثاني)
- دعم مطلق للمحرقة وصمت مطبق على الجريمة


المزيد.....




- في مراسم تنصيبه.. بزشكيان يتحدث عن العدالة الاجتماعية والحري ...
- ضربات تركية جديدة ضد حزب العمال الكردستاني في العراق
- بيان استنكاري للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي FNE ...
- بلينكن يلتقي نظيره الصيني ويبحثان تايوان واتفاق الفصائل الفل ...
- «الحاضنة الشعبية للمقاومة»
- الاثنين القادم، مؤتمر واعتصام رمزي في نقابة الصحفيين تضامنًا ...
- إخلاء المهاجرين والمشردين من باريس خلال دورة الألعاب الأولمب ...
- مباشر: مهرجان خطابي وفني بمناسبة الذكرى الثانية للإعلان عن ت ...
- ورقة حول حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب خلال ...
- شاهد.. الشرطة البلجيكية تعتقل متظاهرين يرفعون العلم الفلسطين ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - نهاية الوهم الصهيوني