أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نضال الربضي - بوح في جدليات – 34 – بعض خواطري – 12.














المزيد.....

بوح في جدليات – 34 – بعض خواطري – 12.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 07:48
المحور: سيرة ذاتية
    


47
تسع و أربعون عاما ً إلى الآن منذ تلك اللحظةِ التي تجد نفسك فيها في هذه الدُّنيا. أسئلة ٌ كثيرة تفرض ُ نفسها عليك:
من أنت، و لماذا أنت هنا، و كيف تجد لنفسكَ المعنى و تسألُ عن الدليل لتستمسكَ باليقين، و هل يا تُرى إذا ما اصطدمت َ بيقين ٍ آخر: من يكونُ الحكمُ بينكما، و ما هو يقينُ هذا الحكمِ الذي يجعلُ منه مؤهلاً لأن يحكمَ بين اليقينينِ المُتحاكمين، و ما هي تلكَ القوَّةُ التي من شأنِها أن تنتقل َ بك َ بين اليقينات؟

ماذا عن الحكم ِ الذي بيقينِه انتقلتَ إلى يقين ٍ آخر هل يتحاكمُ إلى يقينٍ حكم ٍ، و إن رآى واجب الانتقال لنفسه كيف ستعلم بُطلان يقينهِ لتفحصَ على ضوئِهِ موقعكَ و ضرورة َ أن تعود إلى الفحص.

لكن و بالدرجة ِ الأولى و كسؤالٍ هو الأهم: لماذا تحتاجُ إلى الاحتكام ِ إلى الآخر؟

هذا مناطُ المعرفة: لا تؤجّر عقلك، أنت الحكم و أنت المُحتكِم و كلُّ يقينٍ آخر هو معرفةٌ مُتاحةٌ غيرُ ملزمة تتراوح في أهميتها، بشرطِ أن تكون َ لديكَ القدرةُ على التفكيرٍ الواضحِ المُتسلسلِ المُنفتِحِ على الكون، و الشجاعةُ التي لا تتركُ لك َ اختيار إهمالِ النتيجةِ التي تتيقَّنُ منها. هنا وهُنا فقط تستطيعُ أن ترتقيِ في درجات ِ الوعي ِ و مراتب ِ الإنسانية. و بهذا فقط تعرفُ من أنت و تقدرُ أن تكونَهُ.

48
الأحلام: هذا البابُ إلى مُستودعِ الوجدان.
ما زلتُ أرى نفسي مُتنقِّلاً بين الأماكنِ و الدروب، و كلَّما أردتُ أن أركب السيارةَ أراني باحثاً عن المكانِ الذي أوقفتها فيه. أجدهُ بعدَ مشقَّة و أُحسُّ أني ضائعٌ يبحثٌ عن نهايةٍ ما، تحقيق ٍ لشئٍ لا أعلمُ ما هو و لا كيفَ الوصولُ إليه. ليس سراباً إنَّما مجهولا ً يرافقني كطيفٍ أو كدليلٍ على ضدِّه، سلاما ً ما، توازُنا ً ما، شيئاً لا يعرفُ عنه من حولي شيئاً لكنِّي أتوقُ إليه مثلَ جوهر ٍ محتجب هو ذاتُ وجودي.

أحلامي تتحدَّثُ إلي منذُ وفاةِ أبي، و هي كثيرة ٌ الآن، لا تمضي ليلةٌ بدونها. رأيتُ موضعهُ خالياً و اقتربتُ ألتمسُه ُ عالماً أنَّهُ ليس هنا. على منضدةٍ قريبة قامَ كتاب ٌ عنوانُه ثلاثُ كلماتٍ فقط: "الرغبةُ في الشئ"، ووجدت نفسي أُكمل الجملةَ في ذهني "لا تُحقِّقُهُ" نعم تلك َ كانت الجملةُ، بل الحوارُ الذي دار بيني و بين نفسي: "الرغبةُ في الشئِ لا تُحقِّقُهُ" و أحسستُ براحة ٍ شديدة استفقتُ على أثرها من نومي هادِئاً بسلامٍ عارم ٍ اقتحمني فتوقف الزَّمان و لم يعد للمكانِ أو الوجودِ نفسِه أيُّ سلطان ٍ علي. لوهلةٍ كنتُ إله نفسي.

أبي أيُّها الحاضرُ و إن غبت: نفسي تقول لي: عليك َ أن تحتضنَ الحياة و تمضي معها و فيها و بها و لأجلها، عالماً أن أباكَ لن يعود لكنهُ لم يفارق، فلا الأمنياتُ ستتجلى واقعاً، و لا الزمنُ يستديرُ إلى الخلف، و لا أنت بالثابتِ الذي لا يتغير، فهوِّن عليك و امضي في طريقك خفيفاً.

نعم خفيفاً، قالها نيتشه: روحُ الخِفَّة! التحليق إلى الأعلى، الانعتاقُ من القيودِ و السلاسلِ و الارتباطاتِ العبثيةِ التي لا شأن َ لها بذاتِك و إن توهَّمت شأنها.

49
ألبير كامو و أسطورةُ سيزيف.
هذا الكتاب ُ العظيمُ الذي يقول ُ الكثير.
لماذا نستمرُ في هذه الحياة؟
الجواب: لأننا نختار، لأننا نصنعُ المعنى، و نبني حولهُ الشغف بهِ، و نُدركُ حرِّيتنا في الثورة ِ على كلِّ مثالٍ و قيمة ٍ و خُلقٍ أجوفَ تتداولهُ العامَّةُ دون فحصٍ و تقومُ عليه حراسةً مسعورة ً كدوران ِ الكواكبِ حول َ نجومٍ ستنفجرُ يوما ً و تحرِقُها بمن فيها.

إن الإدراكَ الكاملَ لانعدام ِ هدف ٍ كونِيٍّ جامعٍ لا يضرب ُ فيَّ يأساً، و رفضي للقطيعِ لا يفصلني عن الحياة، و احتقاري لمعاني ذلك القطيع لا يجعل ُ مني كائناً أبلهُ الأفعالِ مكروه َ القول. إنَّما يُعطيني كلُّ ذلك ثقتي في إدراكي و يقيني في وعيي و قوَّة ً لا تنضُبُ أمضي بها خفيفا ً مُحلِّقا ً أقول ُ مع نيتشه: "لم يعد لي إحساسٌ بما تحسون!"

50
أبي: أُسلِّمُ عليك من جديد، و أراكَ مبتسماً كما أحبُّ في وجهك َ النبيلِ الجميل، و أسألكَ عالما ً أنكَ لا تسمعني: ألم تستطع أن تصبر قليلا ً أكثر َ مما صبرتَ حتى أعودَ فنشربَ فنجان َ قهوتنا كما كنا نفعلُ قبل ذهابي؟

أعلمُ أنكَ كنت ستجيب بلهجتك َ العجلونية ِ الجميلة: يابا إلي بالقدر بتطلعو المغرفة و الي بنزل من السما بتتلقاه الأرض!

صدقت َ كشأنك َ دائما ً، و أشكرك َ أنَّك علمتني أن أُحسن تلقي ما يهبطُ من السماء و ما يخرجُ من القدر.

أحبُّك َ يا أبي!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في تأثير الاستقطاب و الاختزال على الموقف الأخلاقي - ال ...
- بوح في جدليات – 33 – بعض خواطري – 11.
- الطَّيِّبون يذهبون!
- بوح في جدليات – 32 – بعض خواطري – 10.
- قراءة في العلمانية – 13 – عن علاقتها مع الكرامة الإنسانية – ...
- بوح في جدليات – 31 – بعض خواطري – 9.
- قراءة في العلمانية – 12 – عن علاقتها مع الكرامة الإنسانية – ...
- قراءة في استحقاقات فايروس الكورونا – الردود التلقائية للأفرا ...
- قراءة في العلمانية – 11 – عن علاقتها مع الكرامة الإنسانية.
- ضوءان على أعتاب الفجر
- ما وراء البحر
- قراءة في الحب - الوجه الآخر نابعاً من البيولوجيا.
- قراءة في العلمانية – 10 – ما بين بُنى الوعي و القرار السياسي ...
- قراءة في العلمانية – 9 – عن الطبيعة البشرية، و تشابكها مع ال ...
- عن سام نزيما و ملفيل أديلشتاين – شهادةٌ على انتصار الإنسانية ...
- بطاقة إنسانية من السِّياق الفصحي.
- قراءة في الذاكرة – الموثوقيِّة بحسب القياس العلمي.
- يا سوداء الصخرة ِ: كوني.
- انهضا – أفلا تقبِّلين.
- المُسافر لا يعود.


المزيد.....




- الجيش الفرنسي يعلن تدمير مسيرة في البحر الأحمر
- أوربان: الغرب خسر الحرب بالوكالة في أوكرانيا
- محللون: موقف حماس الجديد يضع نتنياهو في مأزق سياسي
- 17 قتيلا وعشرات المصابين بقصف أميركي لميناء رأس عيسى في اليم ...
- موقع -السوداني-: إعفاء وزير الخارجية علي يوسف الشريف من منصب ...
- هل يمكن أن تحسّن دراسات النوم جودة نومنا بشكل أفضل؟
- Honor تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات الجيل الخامس
- نيبينزيا: القوات الروسية في سوريا ما تزال في مواقعها وموسكو ...
- الهلال الأحمر اليمني يعلن مقتل 17 وإصابة العشرات في قصف أمري ...
- نيبينزيا: هدنة الطاقة في أوكرانيا ليست واقعية بسبب عدم التزا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نضال الربضي - بوح في جدليات – 34 – بعض خواطري – 12.