أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الأول)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الأول)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8049 - 2024 / 7 / 25 - 04:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من خلال العنوان أعلاه، يبدو أن رهان هذه السلسلة من المقالات يتمثل في قراءة ما قاله اوكتبه الفلاسفة عن مفهومي الحقيقة والحرية. أما عن المنهجية التي سيخضع لها البحث فستكون ضمنية وتلقائية، تستمد مقوماتها وتوجهاتها من نصوص بعض المؤلفين التي سوف يتم تقديمها واعتمادها.
البداية بالفصل الثالث من كتاب مارسيل كونش "أساس الأخلاق" المنشور في طبعة فرنسية أولى سنة 2003. وقد كان الكاتب قيد حياته (ولد يوم 27:مارس 1922 ومات يوم 27 فبراير 2022) فيلسوفا فرنسيا وأستاذا فخريا بجامعة السوربون.
يستهل الكاتب فصله بالإشارة إلى أن الأمر يتعلق بالإجابة على سؤال أساس الأخلاق من خلال التحدث إلى شخص يستمع. وتساءل:كيف أعرف ما إذا كان يستمع لي؟ وأحاب بأنه يعرف ذلك عندما يتحدث بدوره، وليس بأي طريقة أخرى: يجب أن تتوافق كلماته مع كلمات كونش، سواء أجاب أو رد. وحتى يجيب السامع، يجب أن يسأل. ويعرف الكاتب أنه لا يسأل إلا كائنا قادرا ليس فقط على الإجابة، بل قادر أيضا على أن يسألىبدوره. لأنه لكي يجيب، عليه أولاً أن يعيد السؤال على نفسه كسؤال. وما يطلبىه منه يطلبه من نفسه.
والفكرة التي أراد كونش الوصول إليها هي أن سلطة السؤال لا يمكن أن تكون من جانب واحد فقط. يمكن للشخص الذي يجيب أيضا أن يطرح السؤال علي وعلى نفسه. وقد حدث أن محاور سقراط كان يسأل هو ىالٱخر. وهذا هو الحوار سؤال/جواب.
من هنا فصاعدا، لست وحدي من أتوقع من محاوري أن يجيب بصدق، أي أن يقول ما يراه كما يبدو له، ولكنه يتوقع مني ذلك أيضا. يفترض كل محاور أن الآخر قادر على قول الحقيقة أو عدم قولها (إما أنه كاذب أو خاطئ). لذا، فكل منهما يفترض أن الآخر قادر على الحقيقة، capax veritatis. نحن نتحاور تحت فكرة الحقيقة. ولكن هذا يعني أننا نتصور ونفهم بعضنا البعض ككائنات حرة. هذه هي الحقيقة الأولى التي يجب على المحاور أن يعترف بها معي.
يواصل كونش حديثه قائلا: المحتوى الكوني الأول لفكرة الحقيقة هو فكرة الحرية. حتى الٱن، ليس لدينا سوى حقائق خاصة قلنا إنه ينبغي تجاهلها هنا. إن وجوب تبادل المتحاورين الاعتراف بكونهم أحرارا يمثل النقطة الأولى التي يجب أن يتفقوا عليها، ليس بطريقة مشروطة، بمحض الصدفة مع قناعاتهم، ولكن بطريقة ضرورية؛ إنها الحقيقة الكونية الأولى. ولكن سيقال إن الحقيقة التي يتم تحديدها من خلال الاتفاق الضروري بين المتحاورين ربما تكون، "بالمعنى المطلق"، باطلا. هذا غير مهم. ما نسعى إليه هو الحقيقة الإنسانية، أساس الأخلاق الإنسانية، وليس الحقيقة الأخلاقية الخاصة بالملائكة أو الصدفيات.
لا يتعلق الأمر، يتابع مارسيل كونش، سوى بإجبار المحاور، الذي افترضته، من خلال نوع من العدمية المنهجية، على عدم الاتفاق معي على أي شيء، باستثناء بدء الحوار، وإجباره، كما أقول، على قول نفس الشيء الذي أقوله. وءلك لنفس الأسباب التي أتقاسمها معه (هذه "القوة"، إذن، ليست قوةة إكراه، بل قوة العقل). ،يبد أنه لا يمكنه أن يمتنع أولاً عن إدراك أننا، في الحوار، من خلال سؤاله أو هو من خلال سؤالي، نفترض أنفسنا بشكل متبادل أننا قادرون على قول الحقيقة، أي ما يبدو لنا أنه كذلك (لأنه، بين قول الحقيقة وقول ما يبدو لنا كذلك، دون أن يتم دحض أي مظهر في الوقت الحالي، ليس هناك فرق). ومع ذلك، فإن رغبتي في إجبار محاوري على قول نفس الشيء مثلي، سأجبره أولاً على الاعتراف والقول إن الكائن القادر على الحقيقة هو كائن حر. ثم سنقول نفس الشيء. وبما أننا محاورون بلا خصوصيات، فإن هذه ستكون حقيقة كونية.
ويرى كوتش أن فكرة "الحرية" تتعارض هنا مع فكرة "الحتمية السببية"، كما هو الحال عند كانط. عندما يتم تحديد النتيجة بواسطة سبب، وقد وقع الحدث-السبب، لا يمكن أن يمتنع الحدث السبب عن الحدوث. أطرح السؤال: "هل تعاني من صداع في الرأس؟". أفترض أن المحاور يجيب: "نعم، أعاني من صداع في الرأس". هل الحدث العقلي والصوتي "أعاني من صداع في الرأس" هو النتيجة التي كان صداع الرأس سببا فيه؟ مُطْلَقا، لا. هل يقول المحاور إنه يعاني من الصداع لأن رأسه يؤلمه مثلما يضيء المصباح عند الضغط على الزر؟ لا بالطبع. إذا قال إنه يعاني من ألمىفي الرأس،فليس ذلك لأنه يشعر بألم في الرأس، ذلك أنه لو افترضنا أنه يعاني من ألمىفي الرأس، فإبمكاته أن أو لا يقول إنه يشعر بألم في الرأس. وكذلك إذا أضاء المصباح فذلك بسبب الضغط على الزر، أما إذا قلنا أن المصباح أضاء فليس بسبب الضغط على الزر. إذا قلت: "أعاني من الصداع"، فذلك لأنه صحيح أنني أعاني من الصداع وقررت أن أقول الحقيقة لطبيبي (ربما أستطيع أن أقول: "أعاني من الصداع"، عندما لا يكون الأمر كذلك. صحيح أنني أعاني من صداع، ولكن بعد ذلك، إذا كانت هناك كذبة، فلا يزال يتعين علي أن أقول لنفسي أولاً لنفسي إنه صحيح أنني لا أعاني من صداع: لكي لا أقول الحقيقة، يجب أن يكون هناك أولاً هذه الحقيقة لا ينبغي أن تقال). في ما يسمى بالنتيجة يظهر شيء لا يمكن تفسيره من خلال ما يسمى بالسبب: حقيقة الحكم. والحال انه بدون فكرة الحقيقة هذه، لن يكون الحكم حكما على الإطلاق. لأن القول: "يبدو"، أو "إنه كذلك"، صوابًا أو خطأً - ولكن في حالة الصداع، أي الألم، يكفي أن يبدو كذلك - يعني أنه صحيح كما يبدو أو أنه كذلك. ولذلك فإن الحكم في حد ذاته، بقدر ما يقدم نفسه على أنه يحمل إحساسا بالحقيقة، لا يمكن تفسيره بسبب. الحكم الحقيقي ليس له سبب بل أساس. وهذا الأساس هو النظر إلى الحقيقة: النظرة المباشرة فيما أسماه أبيقور وديكارت "البداهة"، أو النظرة غير المباشرة من خلال وساطة الأسباب. عندما أقول الحقيقة، فأنا حر في ما يتعلق بأي سبب من الأسباب المحددة.
فضلا عن ذلك، ولأنني حر فيما أتحدث عنه، فإنني أستطيع أن أتحدث عنه "حقا". الحقيقة-حول مبنية على الحرية-تجاه.إذا كان حكمي نتيجة لسلسلة سببية، فلا يمكن أن يكون صحيحا: لا يمكننا إأن نقول إن الببغاء الذي يقول "أنا جائع" (أو، مثل شخص أعرفه، يجيب باسم سقراط: "سقراط جائع") يقول الحق، وإن كان جائعا، لأنه يقول إنه جائع في لحظة جوعه لأنه جائع، وليس لأنه صحيح أنه جائع. المعنى الحقيقي للحكم الحقيقي هو أنه لا يمكن أن ينتج عن سبب، ويرتكز، كأساس، على النظرة الحرة إلى لحقيقة. إذا استنتجت، بالتفكير، أن مجموع زوايا المثلث الإقليدي يساوي زاويتين قائمتين، فذلك لأنني أرى أن هذا صحيح (أو، إذا أردت، أن القضية صادقة) وأنه "لا يمكن أن يكون خلاف ذلك" ليس لأنني لا أستطيع أن أفعل غير أن أقول ذلك: إذا قلت ذلك فلأنني، تحت تأثير ضرورة سببية، لا أستطيع أن أفعل غير أن أقول ذلك، فلن أقول ذلك بعد الآن لأنه صحيح، وحكمي، بعد فقدانه لمعنى الحقيقة، لن يكون حكما.
فهل هذا يكفي بالنسبة لنا لنعتبر حريتنا، الأساس السلبي للأخلاق، مبررة؟ هل نعترض على أساس أن لا أحد - ربما - يقول الحقيقة؟ لا يهم: يمكنه أن يقولها، على الأقل بمعنى أن كل شخص يمكنه أن يقول ما يبدو له، أي أن يقول ما يبدو بالنسبة إليه صحيحا. ولكن ربما لا أحد يقول بصدق ما يبدو له؟ لا يزال الأمر غير مهم: قول ما يبدو له يظل ممكنا. ولكن إذا كان قول الحقيقة ممكناً فقط، ألا ينبغي لنا أن نتحدث عن حرية ممكنة فقط؟ لا، لأني بقولي: "يمكن لكل واحد أن يقول الحقيقة" (ما يبدو له كذلك)، فأنا أقول الحقيقة بالفعل، ويجب أن يتفق المحاور معها. لذلك أنا حر حقًا، وأعترف بالمحاور، ويجب على المحاور أن يعترف بي على أنني حر حقا. إذا كان صحيحا أنني أستطيع أن أقول الحقيقة، أو، على أي حال، ما يبدو لي كذلك، فأنا حر، وأي إنسان هو، مثلي، كائن حر، لأن أي إنسان يعرف ويؤمن بأنه يمكن دائما إما أن يكذب أو يقول الحقيقة.
(يتبع)
المرجع: https://www.cairn.info/fondement-de-la-morale--9782130536635-page-36.htm



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تساهم الصناعة المغربية في إنتاج القيمة المضافة وخلق ...
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر
- المحمدية: قضية كنزة العاملة المنزلية وما عرفته من تطورات
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/2)
- مدخل إلى فلسفة مارتن هيدجر (2/1)
- مكناس: احتجاجات عاملات وعمال سيكوميك مستمرة منذ 2017 ولا بار ...
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي (الجزء الر ...
- عضوات في رابطة كاتبات المغرب يتقدمن بطعن في الجمع الاستثنائي ...
- عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان يطالبون عزيز غالي بالا ...
- الائتلاف المغربي لحقوق الإنسان يراسل النيابة العامة طالبا من ...
- ردا على من ادعى أن عزيز غالي يريد الاستقواء على المخزن بلجوئ ...
- الهيئة المغربية لحقوق الإنسان تخلد الذكرى 14 لتأسيسها وهي تع ...
- خنيفرة: المجلس الإقليمي للحزب الاشتراكي الموحد عقد دورته الأ ...
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي (الجزء الث ...
- فرنسا: لا أثر لمحمد عمرا الملقب ب-الذبابة- بعد مرور شهرين عل ...
- قراءة في كتاب -هيغل والإسلام- لحسين عزيز الهنداوي (الجزء الث ...
- جمال العسري يقيم أحداث الأسبوع الماضي على ضوء الصراع بين الح ...
- محاولة إغتيال ترامب: زعماء العالم يعبرون عن غضبهم وسخطهم
- قراءة في كتاب -هيجل والإسلام- للدكتور حسين عزيز الهنداوي (ال ...


المزيد.....




- جنيفير لوبيز تحتفل بعيد ميلادها الـ 55 في أجواء سحرية بدون ب ...
- الولايات المتحدة: توجيه تهمة -الإرهاب باسم حزب الله- إلى مها ...
- بوتين يستقبل الأسد في الكرملين ويخاطبه: لم نلتق منذ فترة
- أمر ملكي بحل البرلمان الأردني وحملات ترويجية رسمية للمشاركة ...
- بلجيكا.. توقيف 7 أشخاص للاشتباه بتخطيطهم لهجوم إرهابي
- خطاب بايدن في صحف أميركية.. -بداية الوداع الطويل-
- أبرز الأسماء العربية في باريس 2024
- شاهد: روسيا والصين تنظمان دوريات جوية استراتيجية مشتركة بالق ...
- توجيه تهمة -الإرهاب باسم حزب الله- إلى مهاجم سلمان رشدي
- الإعلام العبري يحذر من فقدان إسرائيل تفوقها الجوي إذا حصلت م ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الأول)