أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حبطيش وعلي - -هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك، وما هو الدور الذي يلعبه كل منهما في تكوين فهمنا للعالم؟-















المزيد.....

-هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك، وما هو الدور الذي يلعبه كل منهما في تكوين فهمنا للعالم؟-


حبطيش وعلي
كاتب وشاعر و باحث في مجال الفلسفة العامة و تعليمياتها

(Habtiche Ouali)


الحوار المتمدن-العدد: 8053 - 2024 / 7 / 29 - 10:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


طرح المشكلة:
1. التمهيد التاريخي
لطالما كانت مسألة العلاقة بين الإحساس والإدراك موضوعًا محوريًا في الفلسفة وعلم النفس. منذ العصور القديمة، سعى الفلاسفة والعلماء إلى فهم كيف نتعرف على العالم ونبني تصوراتنا عنه. في الفلسفة اليونانية القديمة، كان الفيلسوف أفلاطون يُركز على فكرة أن المعرفة الحقيقية تأتي من العقل وليس من الحواس، في حين رأى أرسطو أن الحواس تلعب دورًا حاسمًا في اكتساب المعرفة. في العصور الوسطى، وسّع الفلاسفة مثل توما الأكويني هذه الأفكار ليتناولوا العلاقة بين العقل والحواس.
مع بزوغ الفلسفة الحديثة، أتى ديكارت بنظريته الشهيرة حول "الشك المنهجي"، حيث اعتبر أن الشك في الحواس يمكن أن يكون الأساس اليقيني للمعرفة. لاحقًا، قدم الفيلسوف ديفيد هيوم نقدًا شديدًا للإدراك الحسي، مبرزًا حدود فهمنا للواقع بناءً على الحواس فقط.
في القرنين التاسع عشر والعشرين، تطورت الفلسفة والنظرية العلمية لتشمل دراسات متعمقة حول الإدراك الحسي من خلال أعمال الفلاسفة مثل إيمانويل كانط، الذي فحص كيف يشكل العقل تصوراتنا عن العالم الخارجي، وكذلك علماء النفس مثل ويليام جيمس وجون ديوي الذين بحثوا في كيفية تأثير التجربة الحسية على الإدراك.
2. تعريف المفاهيم
الإحساس: هو العملية التي يتم من خلالها استقبال المعلومات من البيئة عبر الحواس الخمس. يتعامل مع البيانات الخام التي يتم تلقيها من المحفزات البيئية.
الإدراك: هو العملية التي يتم فيها تفسير وتنظيم المعلومات الحسية لتكوين فهم ومعنى. يشمل التجارب السابقة، السياق، والتفكير العقلاني في تفسير المعلومات الحسية.
العناد الفلسفي: يشير إلى التصور أو الاعتقاد الثابت الذي لا يتغير بسهولة رغم الأدلة أو الحجج المضادة. في سياق الإحساس والإدراك، يمكن أن يظهر العناد الفلسفي في تمسك الفلاسفة بنظريات معينة حول كيفية تكوين المعرفة.
3. طرح السؤال وصياغته
في ضوء التمهيد التاريخي وتعريف المفاهيم، تبرز مشكلة فلسفية أساسية تتعلق بكيفية تفاعل الإحساس والإدراك في عملية بناء المعرفة. السؤال المركزي الذي يمكن طرحه هو:
"هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك، وما هو الدور الذي يلعبه كل منهما في تكوين فهمنا للعالم؟"
صياغة السؤال:
التعريف والتحليل: كيف يمكن تحديد العلاقة بين الإحساس والإدراك من منظور فلسفي ونفسي؟ ما هو الدور الذي تلعبه كل عملية في بناء المعرفة؟
شرح الموقف: يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك
في هذا الموقف، يُفترض أنه يمكن فصل الإحساس عن الإدراك كعمليتين مستقلتين في عملية تكوين المعرفة. سنتناول هذا الموقف بتفصيل أكثر، مع التركيز على الأسس التي تستند إليها فكرة الفصل بين الإحساس والإدراك، وكذلك أهمية هذا الفصل في فهم كيفية اكتساب المعرفة.
**الحجج عبر تاريخ الفكر الفلسفي حول فصل الإحساس عن الإدراك**

في تاريخ الفكر الفلسفي، تباينت الآراء حول العلاقة بين الإحساس والإدراك. فبعض الفلاسفة اعتبروا أن هاتين العمليتين يمكن فصلها، بينما رأى آخرون أنهما يشكلان وحدة متكاملة. إليك ملخصًا لبعض الحجج الرئيسية التي قدمها الفلاسفة عبر العصور حول هذا الموضوع:

### 1. **الفلاسفة اليونانيون القدماء**

- **أفلاطون (427-347 ق.م)**:
- **الحجة**: أفلاطون اعتبر أن المعرفة الحقيقية لا تأتي من الحواس، بل من العقل. في "الكهف"، يقدم أفلاطون تشبيهًا يوضح كيف يمكن أن تكون الحواس مضللة، وأن العقل هو الذي يمكنه الوصول إلى المعرفة الحقيقية.
- **النتيجة**: أفلاطون ينظر إلى الإحساس كعملية غير موثوقة وأن المعرفة الحقيقية تعتمد على الإدراك العقلي، مما يدعم فكرة الفصل بين الإحساس والإدراك.

- **أرسطو (384-322 ق.م)**:
- **الحجة**: أرسطو أشار إلى أن المعرفة تبدأ بالإحساس ولكن الإدراك يلعب دورًا حاسمًا في تنظيم وتفسير هذه المعلومات. اعتبر أن الحواس تقدم المعلومات الخام، بينما العقل ينظم هذه المعلومات ويعطيها معنى.
- **النتيجة**: رغم اعترافه بدور الحواس، أرسطو يرى أن الإدراك هو الذي يحول الإحساس إلى معرفة، مما يشير إلى تداخل بين الإحساس والإدراك.

### 2. **الفلسفة الإسلامية والعصور الوسطى**

- **ابن سينا (980-1037 م)**:
- **الحجة**: ابن سينا ميز بين الإحساس والإدراك في سياق نظريته النفسية. اعتبر أن الإحساس هو عملية استقبال البيانات الحسية، بينما الإدراك هو عملية عقلية تتضمن التفسير والفهم.
- **النتيجة**: ابن سينا دعم الفصل بين الإحساس والإدراك، مشيرًا إلى أن العقل يضيف بعدًا تحليليًا على البيانات الحسية.

- **توما الأكويني (1225-1274 م)**:
- **الحجة**: توما الأكويني بنى على أفكار أرسطو واعتبر أن الإحساس يقدم المعلومات الأولية، ولكن العقل البشري يقوم بتفسيرها وتنظيمها في عملية الإدراك.
- **النتيجة**: الأكويني يعزز فكرة أن الإحساس والإدراك هما عمليتان متميزتان، لكنهما مرتبطتان بشكل وثيق في تكوين المعرفة.

### 3. **الفلسفة الحديثة**

- **رينيه ديكارت (1596-1650 م)**:
- **الحجة**: ديكارت قدم نظريته حول "الشك المنهجي" وأكد على أن الحواس يمكن أن تكون مضللة. اعتبر أن المعرفة اليقينية تأتي من العقل، وأن الإحساس قد يكون غير موثوق.
- **النتيجة**: ديكارت دعّم الفصل بين الإحساس والإدراك، حيث يرى أن الإدراك العقلي هو الذي يمكن الوثوق به في تكوين المعرفة.

- **ديفيد هيوم (1711-1776 م)**:
- **الحجة**: هيوم نقد فكرة الإحساس كمصدر للمعرفة المطلقة. اعتبر أن كل ما نعرفه هو نتيجة لتجاربنا الحسية وتفسيراتنا العقلية، وأن إدراكنا هو الذي ينظم هذه التجارب.
- **النتيجة**: هيوم أكد على أهمية الإدراك في تفسير المعلومات الحسية، مما يشير إلى أن الإحساس والإدراك يتداخلان في بناء المعرفة.

### 4. **الفلسفة المعاصرة**

- **إيمانويل كانط (1724-1804 م)**:
- **الحجة**: كانط قدم فكرة أن الإحساس هو عملية استقبال المعلومات الحسية، بينما الإدراك هو العملية التي تنظم وتفسر هذه المعلومات بناءً على القوالب العقلية المسبقة.
- **النتيجة**: كانط أكد على فصل بين الإحساس والإدراك، حيث يرى أن العقل يلعب دورًا حاسمًا في تفسير المعلومات الحسية.

- **الأدلجيين من مدرسة الجشطالت (القرن العشرين)**:
- **الحجة**: علماء الجشطالت مثل ماكس فيرتايمر وولفغانغ كوهلر أشاروا إلى أن الإدراك هو عملية تُعنى بكيفية تنظيم الحواس في تجارب متكاملة. اعتبروا أن الإدراك يتجاوز الإحساس بتفسير وتشكيل الصورة الكلية.
- **النتيجة**: هذه المدرسة تدعم فكرة تداخل الإحساس والإدراك، حيث تعتبر أن الإدراك هو عملية منظمة تتكامل مع الإحساس.
عبر تاريخ الفكر الفلسفي، تطورت نظريات حول العلاقة بين الإحساس والإدراك. بعض الفلاسفة، مثل أفلاطون وديكارت، دعموا فصلًا واضحًا بين الإحساس والإدراك، بينما رأى آخرون مثل أرسطو وكانط أن هناك تداخلًا وثيقًا بين هاتين العمليتين. هذه الحجج تسلط الضوء على تطور فهمنا لكيفية تعامل العقل البشري مع المعلومات الحسية وكيفية بناء المعرفة.
**النقد لموقف فصل الإحساس عن الإدراك**

في تحليل موقف الفصل بين الإحساس والإدراك، هناك نقد يمكن أن يأتي من عدة زوايا، بما في ذلك الفلسفة، علم النفس، وعلم الأعصاب. هذه الانتقادات تسعى إلى التحقق من مدى دقة فكرة الفصل بين الإحساس والإدراك وكيف يمكن أن يؤثر هذا الفصل على فهمنا للمعرفة والتجربة الإنسانية. دعونا نستعرض أبرز الانتقادات:

### 1. **النقد الفلسفي**

- **الترابط بين الإحساس والإدراك**:
- **الحجة**: العديد من الفلاسفة يرون أن الإحساس والإدراك ليسا عمليتين منفصلتين بشكل كامل، بل هما جزء من عملية معرفية متكاملة. يشيرون إلى أن الإدراك يعتمد بشكل أساسي على المعلومات التي يوفرها الإحساس، وأن أي فصل تام بينهما يتجاهل التفاعل الحيوي بينهما.
- **مثال**: أفلاطون وديكارت قد يكونان قد فصلوا بين الإحساس والإدراك بشكل واضح، ولكن أرسطو، على سبيل المثال، قدم رؤية تكاملية توضح كيف يتعاون الإحساس والإدراك لتكوين المعرفة.

- **انتقادات من الجشطالت**:
- **الحجة**: علماء الجشطالت مثل ماكس فيرتايمر وولفغانغ كوهلر يعارضون الفصل بين الإحساس والإدراك. يعتقدون أن الإدراك يتشكل من معالجة الحواس بطريقة منظمة، وأن المعلومات الحسية لا تكتسب معنى إلا من خلال عملية الإدراك.
- **مثال**: نظرية "التنظيم الجشطالت" تفترض أن المعلومات الحسية تُعالج بشكل تراكمي، ولا يمكن فصل عمليات الإحساس عن الإدراك، حيث يتكاملان في تشكيل التجربة الكلية.

### 2. **النقد النفسي**

- **التجارب النفسية**:
- **الحجة**: التجارب النفسية توضح أن العمليات الحسية والمعرفية تتفاعل بشكل وثيق وأن فصل الإحساس عن الإدراك قد يتجاهل تعقيد هذه التفاعلات. الدراسات في علم النفس الإدراكي تظهر أن العمليات الحسية تُدمج وتُفهم من خلال إطار إدراكي معقد.
- **مثال**: تجارب مثل "الأوهام البصرية" تظهر كيف أن المعلومات الحسية وحدها لا تكفي لفهم تجربة كاملة، بل يلزم تدخل إدراكي لتفسير هذه المعلومات.

- **التأثيرات السريرية**:
- **الحجة**: في حالات مثل اضطرابات الإدراك، تظهر أن التغيرات في الإدراك يمكن أن تؤثر على كيفية معالجة المعلومات الحسية. مثال على ذلك هو اضطراب "التوحد" الذي قد يؤثر على كيفية تفسير المعلومات الحسية، مما يبرز التداخل بين الإحساس والإدراك.
- **مثال**: الأفراد المصابون بالتوحد قد يكون لديهم تجربة حسية مختلفة، مما يؤثر على كيفية إدراكهم للعالم، مما يوضح أن الإدراك والحس مترابطان بشكل وثيق.

### 3. **النقد العصبي**

- **البحوث العصبية**:
- **الحجة**: البحوث في علم الأعصاب تشير إلى أن الإحساس والإدراك لا يحدثان في مناطق دماغية مستقلة تمامًا. بدلاً من ذلك، تتداخل الأنشطة العصبية المرتبطة بالإحساس والإدراك.
- **مثال**: الدراسات العصبية أظهرت أن معالجة المعلومات الحسية تبدأ في المناطق الأولية من الدماغ، ولكنها تستمر في التفاعل مع مناطق أخرى متقدمة تتعلق بالإدراك، مثل القشرة الحسية الأولية والقشرة البصرية الثانوية.

- **التداخل العصبي**:
- **الحجة**: عمليات الإحساس والإدراك ليست معزولة بل تتداخل في الدماغ بشكل متكامل. الإدراك يعتمد على البيانات الحسية، وهذه البيانات يتم معالجتها وتفسيرها بشكل متكامل عبر الشبكات العصبية.
- **مثال**: نشاطات الدماغ المرتبطة بالإدراك تؤثر على كيفية معالجة المعلومات الحسية، مما يعزز الفهم بأن هناك تفاعلاً مستمراً بين الإحساس والإدراك.
الموقف الثاني: لا يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك
في هذا الموقف، يُفترض أن الإحساس والإدراك يشكلان عملية متكاملة ولا يمكن فصلهما تمامًا. هذا الموقف يشير إلى أن الإحساس والإدراك لا يعملان بشكل مستقل، بل هما مترابطان ويتفاعلان بشكل ديناميكي في عملية تكوين المعرفة.
**الحجج عبر تاريخ الفكر الفلسفي حول عدم إمكانية فصل الإحساس عن الإدراك**

في تاريخ الفكر الفلسفي، قدم العديد من الفلاسفة حججًا تدعم فكرة أن الإحساس والإدراك يشكلان عملية متكاملة ولا يمكن فصلهما تمامًا. هنا ملخص لأبرز الحجج التي قدمها الفلاسفة حول هذا الموقف:

### 1. **الفلاسفة اليونانيون القدماء**

- **أرسطو (384-322 ق.م)**:
- **الحجة**: أرسطو اعتبر أن الإحساس والإدراك مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، حيث أن الإحساس يقدم المعلومات الحسية الأساسية، ولكن الإدراك هو الذي ينظم ويُفسر هذه المعلومات. يرى أرسطو أن المعرفة تبدأ من الإحساس، لكن الإدراك يلعب دورًا حيويًا في تفسير هذه المعلومات.
- **مثال**: في "التحليلات الثانية"، أرسطو يوضح كيف أن العمليات الحسية والإدراكية تتعاون في تشكيل المعرفة، حيث يتكامل الإحساس والإدراك في عملية تعلم الإنسان وفهمه للعالم.

### 2. **الفلسفة الإسلامية والعصور الوسطى**

- **ابن سينا (980-1037 م)**:
- **الحجة**: ابن سينا يرى أن الإحساس والإدراك يشكلان وحدة معرفية متكاملة. في "كتاب الشفاء"، يوضح أن الإحساس يوفر المعلومات الحسية، ولكن الإدراك يقوم بتفسير وتنظيم هذه المعلومات بشكل متكامل.
- **مثال**: ابن سينا يميز بين العمليات الحسية الأساسية والعمليات العقلية التي تُعنى بتفسير هذه البيانات، مما يعكس تكاملاً بين الإحساس والإدراك.

- **توما الأكويني (1225-1274 م)**:
- **الحجة**: توما الأكويني يعتمد على أفكار أرسطو ويعززها، حيث يرى أن الإدراك يتكامل مع الإحساس في عملية بناء المعرفة. الأكويني يعتقد أن المعلومات الحسية تُفهم من خلال عمليات إدراكية تتفاعل مع التجربة الحسية.
- **مثال**: في "الكتاب الخلاصة اللاهوتية"، يشير إلى كيفية تفاعل المعلومات الحسية مع الإدراك العقلي لتشكيل المعرفة.

### 3. **الفلسفة الحديثة**

- **إيمانويل كانط (1724-1804 م)**:
- **الحجة**: كانط يعتبر أن الإحساس والإدراك لا يمكن فصلهما. في "نقد العقل المحض"، يوضح أن الإحساس يوفر البيانات الخام التي تُفسر وتُنظم بواسطة إدراكنا من خلال القوالب العقلية. يرى كانط أن الإدراك يعتمد بشكل أساسي على المعلومات الحسية التي يوفرها الإحساس.
- **مثال**: كانط يؤكد أن العقل يستخدم فئات إدراكية لترتيب وتنظيم المعلومات الحسية، مما يظهر التفاعل المستمر بين الإحساس والإدراك.

- **ديفيد هيوم (1711-1776 م)**:
- **الحجة**: هيوم يرى أن كل ما نعرفه هو نتيجة لتجاربنا الحسية وتفسيراتنا العقلية. في "بحث حول الفهم البشري"، يوضح أن الإحساس وحده لا يكفي لتكوين المعرفة، بل يلزم إدراك عقلي لتنظيم وتفسير هذه التجارب.
- **مثال**: هيوم يشير إلى أن فكرة السببية، على سبيل المثال، تأتي من تكرار تجارب حسية ويتم تنظيمها عقليًا.

### 4. **الفلسفة المعاصرة**

- **المدرسة الجشطالت (القرن العشرين)**:
- **الحجة**: علماء الجشطالت مثل ماكس فيرتايمر وولفغانغ كوهلر أكدوا أن الإدراك هو عملية تُعنى بكيفية تنظيم المعلومات الحسية في تجارب متكاملة. يشيرون إلى أن المعلومات الحسية لا تُفهم بشكل مستقل عن الإدراك.
- **مثال**: نظرية "القوانين الجشطالتية" تُظهر كيف أن الدماغ ينظم المعلومات الحسية بطريقة تتجاوز الإحساس الفردي، مما يعكس تداخلًا وثيقًا بين الإحساس والإدراك.

- **البراغماتية الأمريكية**:
- **الحجة**: الفلاسفة مثل ويليام جيمس وجون ديوي يؤكدون على أن المعرفة هي عملية نشطة تعتمد على التفاعل بين الإحساس والإدراك. يرون أن التجربة المعرفية لا يمكن فصلها إلى مكونات مستقلة، بل هي عملية تفاعلية.
- **مثال**: جيمس في "مبادئ علم النفس" يوضح كيف أن المعرفة تتشكل من تفاعل متكامل بين المعلومات الحسية والتفسيرات العقلية، مما يعزز فكرة عدم الفصل بين الإحساس والإدراك.
الموقف الذي يرفض فصل الإحساس عن الإدراك يظهر من خلال مجموعة متنوعة من الحجج الفلسفية التي تسلط الضوء على كيف أن الإحساس والإدراك يشكلان وحدة معرفية متكاملة. عبر التاريخ، أكد الفلاسفة من مختلف المدارس أن المعلومات الحسية لا يمكن فهمها بشكل كامل إلا من خلا عمليات إدراكية، مما يعكس التفاعل الوثيق بين هاتين العمليتين في بناء المعرفة والتجربة.
النقد لموقف عدم إمكانية فصل الإحساس عن الإدراك يعكس مجموعة من التحديات والتساؤلات حول كيفية فهم العلاقات بين هذه العمليات. النقاد يشيرون إلى أن عمليات الإحساس والإدراك قد تكون متكاملة بشكل عميق في الواقع، ولكن الفصل بينهما لأغراض تحليلية أو فلسفية يمكن أن يكون مفيدًا لفهم أفضل لكيفية تعامل العقل مع المعلومات. بينما يقدم الموقف الذي يعارض الفصل بين الإحساس والإدراك رؤى قيمة حول تكامل هذه العمليات، فإن النقد الموجه لهذا الموقف يعزز الفهم المشتبك والمعقد للمعرفة والتجربة الإنسانية.
التركيب بين الموقفين حول الإحساس والإدراك يعكس أن كلا وجهتي النظر توفران رؤى قيمة لفهم المعرفة والتجربة. الفصل بين الإحساس والإدراك يمكن أن يكون مفيدًا لتحليل دقيق، بينما التكامل بينهما يعكس كيفية تفاعل الحواس والعقل في التجربة الإنسانية. من خلال الجمع بين هذين الموقفين، يمكن الحصول على فهم أعمق وأكثر شمولية لعملية المعرفة والتجربة الفردية.
لحل المشكلة المتعلقة بفصل الإحساس عن الإدراك وعدم إمكانية الفصل بينهما، يمكن تبني نهج يجمع بين التحليل الثنائي والتكامل الكلي. هذا النهج يسمح بفهم كل عملية بشكل مستقل عندما يكون ذلك مفيدًا، ولكنه يعترف أيضًا بتداخل وتفاعل الإحساس والإدراك في السياقات العملية والتجريبية. باستخدام نماذج متعددة الأبعاد وفهم تفاعلي، يمكن الحصول على رؤية شاملة وعملية لكيفية تشكيل المعرفة والتجربة الإنسانية.



#حبطيش_وعلي (هاشتاغ)       Habtiche_Ouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الادراك وليد العوامل الذاتية أو الموضوعية ؟
- المشكلة العلمية و الإدشكالية الفلسفية
- قارن بين المشكلة العلمية و الإشكالية الفلسفية
- مقارنة بين العلم والفلسفة
- هل الفلسفة ضرورية في ظل التطور العلمي؟
- ### أدوات الفلسفة: مدخل إلى الأسس والأدوات الأساسية
- مشكلة الإحساس و الإدراك
- قارن بين الإحساس و الإدراك
- فلسفة هيوم التجريبية
- المرأة في الفكر العربي الحديث: قاسم أمين
- نقد الإمام أبي حامد الغزالي للمشائية الإسلامية
- أطر المعقولية التاريخية بين ابن خلدون وفولتير
- الفكر الرشدي في أوروبا المسيحية
- تاريخ إشكالية النقل الفلسفي من اليوناني إلى العربي
- مسألة النفس عند الفارابي
- إشكالية العنف وعلاقتها ببناء السلم العالمي -حنة آرندت-
- نقد الأصواية المعاصرة عند روجيه غارودي -الأصولية الإسلامية -
- السلام الدائم بين الدين والفلسفة عند إيمانويل كانط
- الفكر الإصلاحي عند محمد عبده
- إشكالية العودة إلى الذات علي شريعتي


المزيد.....




- على عكس السكان.. غزلان هذه المدينة القديمة في اليابان تعشق ا ...
- بعد الهجوم الصاروخي المميت.. ما تاريخ مرتفعات الجولان؟
- الأمن الروسي يعتقل عميلا للاستخبارات الأوكرانية في زابوروجيه ...
- العلماء الروس يقتربون خطوة جديدة من فهم بنية الكون!
- -فليرمونا بالبحر أو يقصفونا بالأسلحة الكيماوية-
- -صاروخ مجدل شمس يأتي في سياق افتعال الأحداث وفبركتها- - صحف ...
- مهرجان الفولكلور الدولي في رومانيا يجلب راقصي دول العالم
- نيكولاس مادورو ومرشح المعارضة في فنزويلا يعلنان فوزهما في ال ...
- بعد تهديد الرئيس التركي بغزو إسرائيل.. تل أبيب: أردوغان على ...
- تعليق رحلات جوية إلى مطار بيروت وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حبطيش وعلي - -هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك، وما هو الدور الذي يلعبه كل منهما في تكوين فهمنا للعالم؟-