أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية















المزيد.....

مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 14:23
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في غضوان أعوام قليلة تعرض العالم لعدة متغيرات متتالية في القرن الحادي والعشرين تحديدا منذ العقد الثاني من القرن الجديد؛ من تلك المتغيرات: الثورات العربية التي فشلت في تجديد دماء المشروع العربي لأسباب عدة، وصعود الروس مجددا بمشروع "الأوراسية الجديدة" وصعود الصين بمشروع "الحزام والطريق"، وتطبيق أمريكا لنظريات "الصدام الحضاري" وأفكاره في أوكرانيا وفلسطين وتايوان، وكذلك صعود مشروع "المركزية الأفريقية العنصرية السوداء" وتوظيف أثيوبيا له لتخترق السودان وتسعى لعزل مصر أفريقيا، والترويج العنصري لكراهية الإسلام والشمال الأفريقي العربي عموما...
إضافة إلى جائحة كورونا والصراعات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بتلك التغيرات خاصة ظهور "البريكس" مرتبطا بالصين وروسيا، وتطور الصراع المائي في القارة بين مصر ودُعاة الأفروسنتريزم وبناء سد النهضة، وتفجر حرب غزة بعد مشروع "صفقة القرن" و"الاتفاقيات الإبراهيمية" لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك تفجر عدة صراعات في قارة أفريقيا استنادا للصعود الروسي الصيني والتناقضات مع الحضور الغربي.
في ظل كل هذا الخضم يسعى الجميع للبحث عن موطأ قدم في عالم القرن الحادي والعشرين، ومصر والذات العربية في قلب هذا الخضم لأنهما في قلب محور جيوبولتيكي مهم من محاور ميلاد القرن الحادي والعشرين، وهو محور فلسطين والمنطقة العربية والشرق الأوسط (الذي يضم دور الجوار الأفريقي وإسرائيل وتركيا وإيران وباكستان).
وتقف مصر -والعرب- إجمالا في موضع شديد الحساسية لأن المرحلة الانتقالية ما بين صعود الروس والصين مجددا في القرن الجديد، شهدت جمود المشروع العربي مع "دولة ما بعد الاستقلال" في مصر والوطن العربي وتوقفه عند سياقات القرن العشرين نفسها، فلم تفلح الثورات العربية في تقديم تصور جيوثقافي أو جيوسياسي جديد ووقعت في فخ التناقضات الداخلية والإقليمية والدولية، من ثم إجمالا تعيش الدول العربية في تراتبات القرن العشرين القديمة ودولة ما بعد الاستقلال سواء في شكلها الجمهوري الديمقراطي أو شكلها الملكي الوراثي.
لم تفهم دولة ما قبل 2011 في مصر الرسائل السياسية التي مارسها الغرب ضدها تحديدا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م، حين حاولت مصر إمساك العصى من المنتصف دعما للانتفاضة ومحافظة على علاقتها مع "إسرائيل" وأمريكا، وتلك كانت بداية التدهور الاستراتيجي العام في مصر، حين أصر قطاع مؤسسي كبير في البنية التاريخية لدولة ما بعد الاستقلال في مصر، على تلك الثنائية الاستراتيجية في الجمع بين الأضداد، وكبح كل الأصوات التي كانت تنادي بضرورة تطوير مصر لاستراتيجية بديلة للتحالف مع أمريكا، بعد انتفاضة الأٌقصى وبعد فشل اتفاقيات أوسلو مع اغتيال إسحاق رابين عام 1996م، وأصرت مصر على دور الدولة الوظيفية أو "الدولة حارسة التناقضات" الإقليمية.
في حين كان الغرب و"إسرائيل" قد حصلا على كل ما يريداه من مصر واتفافية السلام الموقعة عام 1979م، وشيئا فشيئا مع اتفاقية السلام خسرت مصر أفريقيا والقرن الأفريقي، وخسرت المكانة الرمزية في المخيلة العربية، وتعمدت أمريكا والمؤسسات الدولية توجيه الاقتصاد المصري بعيدا عن التصنيع والزراعة والإنتاج، وجعلته اقتصادا هامشيا استهلاكيا يعتمد على المساعدات، وكانت الفكرة المسيطرة على دولة ما قبل 2011م هي أن دورها الوظيفي يجعلها أثمن من أن يتم إثارة حفيظتها وغضبها، ولكن المشكلة كانت تراجع مصادر القوة الذاتية وتآكل محصلتها باستمرار عند مصر، ذلك على المستوى الناعم وحضورها في مستودع هويتها الجيوثقافي وفضائه، وعلى المستوى الخشن ومواردها الاقتصادية والعسكرية والبشرية وتوظيفها وفرزها.
والمعضلة الآن؛ أن هناك تيار مؤسسي تكاد تكون له الهيمنة على دولة ما بعد 2013م وإزاحة الإخوان، مازال يعيش في مرحلة الدولة الوظيفية حارسة التناقضات إرث القرن العشرين المنتهي، ولا يريد أن يغادر مواقعه المعرفية التي يتخندق فيها مزايدا، لينظر في الواقع العالمي شديد القسوة الذي أصبحت فيه مصر!
هذا التيار المؤسسي منطقه المعرفي يقوم على فكرة التفسير والتبرير والتعليق على المشهد العالمي، وكأنه مجرد مشاهد في مبارة لا لاعب فيها، وحجته أن مصر هي اللاعب التاريخي الوظيفي الإقليمي الأول! دون أن يملك الجرأة –ولا الحلول أو البدائل- ليدرك أنه يعيش في عالم انتهى منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وموت إسحاق رابين وفشل اتفاقيات أوسلو واندلاع انتفاضة الأقصى.
هذا التيار المؤسسي استنفد كل أوراقه وانتهت صلاحيته تماما مع معركة رفح العسكرية، ومحاولته استخدام كافة أوراقه للتأكيد على دور مصر المتخيل، وواهما أن إسرائيل –وأمريكا- لن تكسر قواعد الاشتباك السياسي والعسكري مع مصر، والمحصلة لا تخفى على البعيد أو القريب..
في واقع الأمر مصر أمام اختيارين؛ الأول هو استمرار الوهم وخرافة "الدولة حارسة التناقضات" الدولة الوظيفية الإقليمية التي انتهى دورها تماما بالنسبة إلى إسرائيل وأمريكا، والثاني هو اختيار "القطبية الجيوثقافية" وتبني مصر لمشروع جيوثقافي جديد، يعيد ترتيب "مستودع الهوية" ومكوناته العامة بما يسمح لمصر ببناء كتلة جيوثقافية جديدة، تقف الند للند مع "الأوراس الجدد" ودعاة "الحزام والطريق" شرقا، ومع نظريات "الصدام الحضاري" غربا.
مصر ليست في حاجة إلى صدمة مدوية أكبر مما أوصلها له تيار الدولة الوظيفية الإقليمية واتفاقية عام 1979م، كي تستيقظ وتأخذ قرار بالتغيير الجذري.. ليست في حاجة إلى أكثر مما وصل لها الحال الآن.
هل دولة ما بعد 2013م مسئولة سياسيا عما وصلت له البلاد ومفهوم الدولة الوظيفية الإقليمية! أعتقد أنها مسئولة بمقدار قدرتها على تحمل المسئولية السياسية لرؤية المسار التاريخي لدولة ما بعد الاستقلال ومستقبله، وحاجته الجذرية للتحول الطوعي والذاتي لمقاربات جيوثقافية جديدة.
المسئولية السياسية هي قرار بتحمل تبعات موقف وجودي عام؛ مصر الآن تتعرض للتآكل الشديد وانتهت صلاحية النظريات الجيواستراتيجية التي تحكمها إرث القرن العشرين ومخلفاته، وإما أن تكون هناك قدرة على تحمل المسئولية والقيام بالتغيير المطلوب وتبني مشروع "القطبية الجيوثقافية"، أو قد تكون مصر –بكل أسف- عرضة للمزيد ولكل ما تتعرض لها الأمم والجماعات الإنسانية حينما لا تلتفت إلى واقعها، ولا تعترف بالمأزق التي هي فيه، ولا تحسم أمر قراراتها المصيرية.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين و ...
- التراشق بين مصر وإسرائيل: دروس المآلات والممكنات
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ...
- المقاربة الجيوحضارية للعالم: مصر والعراق والذات الحضارية الم ...
- مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح
- سيرة ذاتية- حاتم الجوهري
- مصر ومعاهدة السلام: بين الالتزام الدولي والرؤية الاستراتيجية ...
- محددات التراشق الخشن والناعم بين مصر وإسرائيل.. مقاربة صعود ...
- زيدان ومؤسسة تكوين: خطاب الاستلاب في مرحلة حرب غزة
- الحرب واستجابات الصدام الحضاري: روسيا والصين وإيران.. والدرس ...
- رفح: ما بين التكتيكي والاستراتيجي تصعد وتخفت الأمم
- البيان الشعري لصدور ديوان: -نساء الممالك البعيدة-
- السردية الإسلامية وتعالقات الحضارة المطلقة: المعضلة العربية ...
- حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن
- في ضرورة إزاحة جيوثقافية مصر فيما قبل 7 أكتوبر
- عملية رفح الباردة: سياسة حافة الهاوية بين الاسترتيجي والتكتي ...
- الصهيونية وتعالقات الحضارة المطلقة: الماركسية والليبرالية وا ...
- حرب غزة: بؤرة الصدام الحضاري الثالث وأفق المستقبل
- فلسطين والأفريقانية: بين جنوب أفريقيا التحريرية وأثيوبيا الع ...
- مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد ...


المزيد.....




- الإعلام الحكومي بغزة: العدوان الإسرائيلي على خان يونس أودى ب ...
- الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يتعرض لمحاولة اغتيال ...
- بوحفص فضلاوي .. حكاية طالب بكالوريا ألهم بمثابرته الجزائريين ...
- الألعاب الأولمبية: رجال أمن مغاربة وقطريون لحماية الألعاب وف ...
- فيديو يوثق لحظة قتل أمريكية سوداء على يد شرطي وبايدن يعلق
- الشرطة المالية الإيطالية تضبط 121 مليون يورو من أمازون بتهمة ...
- المعارضة الجزائرية تندد بـ -المناخ الاستبدادي- المحيط بالانت ...
- المستشار شولتس ينوي الترشح لولاية ثانية رغم تراجع شعبيته
- بعد موجة الانقلابات.. هل اقتربت نهاية مجموعة -إيكواس-؟
- ليبيا.. طائرة روسية تحمل شحنة جديدة من المساعدات الإنسانية ت ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية