أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - المنصور جعفر - أمن البحر الأحمر















المزيد.....

أمن البحر الأحمر


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 11:39
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


هذا تأثيل وتمحيص خفيف لزعم شائع منذ فترة وزاد تداوله مع الضربات اليمانية لمصالح إسرائيل وحلفاءها، ومحور هذا الزعم وجود خطر ايراني على أمن البحر الأحمر.


تمهيد:
زعم خطر إيران على أمن البحر الأحمر زعم مطروق في وسائط المعلومات والمعرفة العامة وفي مراكز الاستشارات وهيئات الدول الأمنية والديبلوماسية ومراكز تقديرها وتنضديها وتقريرها للأمور الاستراتيجية. وترافق هذا الزعم أمور سياسية وعسكرية أكبرها زيادة النشاط العسكري الإمبريالي في هذا البحر المتوسط بين آسيا وإفريقيا والقريب للهند والصين والعامر بكل أنواع الثروات.

من ثم فإن زعم وجود خطر إيراني على ما يسمى "أمن البحر الأحمر" زعم خطر يحمل في باطنه أخطار أخرى على عوامل مهمة في إستقرار وأمن وإقتصاد ومستقبل المجتمعات والدول المشاطئة للبحر الأحمر والدول الجيران لها والدول المتعاملة معهم. وإسهاماَ في كشف بعض جوانب هذه الخطورة وإبعاد شبح الجبروت والحرب من المنطقة والعالم يهتم هذا النص تأثيل وتمحيص تاريخ ونشاط إصطلاح "أمن البحر الأحمر".


1- البداية:
زاد الكلام عن أمن البحر الأحمر" في عهد الإمبراطور الأمريكي رونالد ريغان في ثمانينيات القرن العشرين وآنذاك برر ذلك الكلام بزعم تضليلي أو خيالي مريض خلاصته وجود تناغم هجومي سموه "حلف عدن" بين اليمن الجنوبي وإثيوبيا (والصومال) وليبيا. وإلى دول هذا الحلف نسبت كل فروق وتوترات المصالح الطبقية والدولية والعالمية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

بزعم مواجهة خطر هذا (الحلف) اهتم النفوذ الإمبراطوري الأمريكي بدعم وتجميع الإرادات السياسية والعسكرية لدول السودان والسعودية واليمن الشمالي ومصر وتكامل بعض منها في أنشطة إعلامية وإستخبارية وعسكرية. وبشكل ما منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين تزامنت التوترات الاقتصادية والمعيشية والاعلامية والسياسية في دول التناغم الثوري وفي دول التناغم التجاري ومع مقدم تسعينيات القرن العشرين أثرت هذه الإرادات على كل أوضاع منطقتي الشرق الأوسط العربية والإفريقية.


2- على نفسها جنت براقش:
بشكل موجب أثر نفوذ سياسات وقوى "أمن البحر الأحمر" على عوامل وعمليات تفكك الصومال وإثيوبيا واليمن الجنوبي فحطم عنفوان هذه الدول قبل أن تؤدي بعض آثار هذه السياسات والتفكيكات -مع عوامل أخرى- إلى أوضاع سالبة أخرى في السودان وليبيا واليمن الشمالي، ومن توترات صنعاء اشتعلت النار في علاقة السعودية واليمن.

كذلك بتوالي الاقتصاد والسياسة إضطربت أسعار النفط وعانت بلدان الخليج العربية بعد ان ظهرت فيها مشكلات بنيوية لم تعرفها منذ بداية خمسينيات القرن العشرين مثل مشكلات خلل موزانة دخل وصرف أموال الحكومة، ومشكلات المعيشة.

أيضاً بفعل تأثير إغراءات ثم تعسف صندوق النقد الدولي ضعف الرسوخ المعهود في معالم الحكم والإقتصاد في مصر حيث ظهرت فيها توترات ثلاثينيات وأربعينيات وأول خمسينيات القرن العشرين حيث تسمم الإقتصاد بانفتاح التملك والتجارة وقيام الحكومات بترك الاقتصاد نهباً لبنوك وشركات تحقق مصالح غرب أوروبا وأمريكا.

وفي جهة الشؤون الخارجية تحولت دبلوماسية النيل من موقع الأساس أو النصير للحقوق الفلسطينية إلى موقع وسيط متأخر بفعل توالي الضغوط والاغراءات لكن مصر المطلة على البحرين الابيض والأحمر لم تنجو من لعنة "أمن البحر الأحمر" بل بآثار عملياته على الدول الجيران لها صار مستقبل مصر الاقتصادي محصوراً بين حربين جديدتين حرب في ليبيا وحرب في السودان إضافة إلى الحرب الأصيلة في فلسطين، بهذا الجفاف في جزء من تجارتها الخارجية صار إشتعال بعض الإضطرابات فيها مسألة زمن يتسابق أعداء مصر إلى تفجير بعضها.


3- الوجه الجديد لإصطلاح "أمن البحر الأحمر":
بعد تلاشي الأهداف والشخصيات الأولى لتجمع أو تجميع إرادات محور "أمن البحر الأحمر" عاد الكلام عن وجود خطر على أمن البحر الأحمر زعم إنه خطر منبعه إيران. وبطبيعة إتساع معاني إصطلاح "أمن البحر الأحمر" بالإمكان أي صاحب مصلحة وضع قائمة من الدول المهددة مباشرة أو غير مباشرة لهذا (الأمن) باعتماد على تضخيم سياسة أو جمع بعض التصريحات أو جلب كلام أو تاريخ قديم أو رفض أو تفسير علاقة تجارية.


4- الحقيقة المغيبة في الكلام عن خطر إيران على "أمن البحر الأحمر":
الكلام الخائف من إيران عن "أمن البحر الأحمر" كلام سياسي نقيض لحقيقة إن الوضع الحاضر أو المستقبل لأمن البحر الأحمر هو نتيجة من أوضاع أمن النفط في الخليج الفارسي/العربي حيث يبدأ شريان الحياة الامبريالية والجزء البترولي من نظام البترودولار فلو وجد خطر اشتعال فهو على المنبع أشد من كونه على الطريق.

بحكم هذه الحقيقة الجغرافية السياسية وما إليها من المنطقي أن يكون تأمين هذه الأصول الإمبريالية في مقرها الأول في المنبع الأكثر تعرضاً لمنطق الخطر المزعوم وليس في منتصف الطريق البحري لنقل الخامات الافريقية والبضائع الصينية والنفط العربي إلى أوروبا وهي من أكبر شركاء الصين صديقة إيران نأهيك إن أوروبا أصبحت مقتربة من هدف الإستغناء عن النفط. ووفق هذه الحقيقة الجغرافية والتجارية من المريب على زاعمي الخطر الإيراني انتظار هذا الخطر المزعوم في منتصف البحر الأحمر!


5- الإستعداد لغزو مصر:
الوجود العسكري الإمبريالي الكثيف في البحر الأحمر يوافق خيال الإستعداد لغزو مصر من الشرق أكثر من كون كل هذا الوجود العسكري الضخم وما يحمله من طائرات وصواريخ وعتاد و جنود هدفه فقط حماية سفن من قراصنة أو صد مسيرات.

يتوكد احتمال غزو مصر بحكم حقيقة ان قوة ايران العسكرية بموقعها ونفوذها تغنيها عن أهمية البحر الأحمر فهي سيدة مضيق هرمز والقوة النافذة حول كل دول الخليج العربية.

ايران قوة كبرى في المنطقة بحكم موقعها الحساس، لذا فان الكلام الغربي عن تأمين البحر الأحمر من خطر إيراني مزعوم هو كلام تبرير وتغطية لعجز القوات الإمبريالية عن ضربها عسكرياً رغم ضخامة قوتها لأن ذلك يعني قيام إيران بإغلاق مضيق/معبر هرمز أو إحراق أشغال البترول في دول الخليج ونهاية شريان الحياة الامبريالي.


6- ضرورة التعامل مع إيران كقوة حيوية:
منذ عام 1979 وتأجج النشاط الاسلامي ضد النظم العربية ساد المنطقة اعتقاد جازم ان الاسلام السياسي الشيعي هو الموت الزؤآم والم تظهر إمكانية تضامن دولي بين قوى تدعو للاستعداد لملاقاة العدو الاسرائيلي وقوى تدعو للاستعداد للسلام معه.

بنفس مقدار العجز الامبريالي عن المبادرة إلى ضرب إيران وتغيير الأوضاع فايضاً تبدو إيران حريصة على بقاءها في سلام وليست استشهادية أو إنتحارية كما يصورها الاعلام الغربي. فبحكم مصالحها وما تعلمته من آوار ونتائج الحرب التي شنتها على العراق ثم الحرب الامبريالية على نفس العراق أصبحت إيران بلا حليف قوى.


من ثم أصبحت متمسكة بامور بناء قدراتها اكثر من تمسكها بحماسات تصدير الثورة الاسلامية وهذا التركيز على البناء لا يريد ولا يتحمل أي حرب كبيرة بل أصبح سعي إيران الرئيس الخروج من أزمات فروق الاقتصاد الليبرالي، ونشطت إلى تفاهمات السلام والتنمية. من ثم لتخفيض إحتمالات إشتعال الفتن و المؤآمرات في المنطقة من المهم لدولها زيادة التعامل التجاري مع إيران.



7- مؤشرات سلمية:
من مساعي إيران للحيوية التنمية والسلام الاتفاق النووي مع الدول الإمبريالية الذي نكصت عنه أمريكا ترمب لكن رغم النكوص عنه لم تزل إيران متعلقة به. وكذا دخولها في عدد من الشراكات مع بعض دول الخليج ومع روسيا و رمع الصين ومع أرمينيا وتركيا، وفي اليومين الماضيين زاد الكلام عن إعلان اتفاق شراكة ودفاع استراتيجي بين ايران وروسيا وأيضاً يتجلى سعي إيران للتطور السلمي والتنمية في بدء تحولها إلى محور كبير في منظومة غاز ونفط وصناعة وتجارة ونقل تجمعها مع دول الخليج (عدا الكويت) ومع العراق ومع روسيا ودول آسيا الوسطى والصين وباكستان والهند.

كل هذه الأمور الاستراتيجية والتجارية تشكل دليلاً متكاملاً على إمكان تعامل إيران بصورة سلمية وتجارية مع الأمور السياسية القريبة والبعيدة حتى مع وجود اختلاف سياسي أو طائفي أو ديني مع هذا الطرف أو ذاك.


8- الخلاصة:
ان البحر الأحمر لا يعاني من خطر ايراني ولا يوجد فيه ما يدعو إيران إلى اغلاقه بل إن الوجود العسكري الإمبريالي فيه تشكل مورداً هاماً لإبقاء وتحسين أوضاع أوتوقراط وبيروقراط وتكنوقراط الهيئات العسكرية ولوبياتها وأرباح شركات السلاح والدعاية والعلاقات العامة في دول المراكز الامبريالية.

أن قيام قوى الجبروت بتأجيج حالات من الإيرانفوبيا يسهم في تخويف الدول المشاطئة للبحر الأحمر عدا اسرائيل. حيث صارت عبارات ومقالات وخطوات "حماية أمن البحر الأحمر" معبراً أو مراكباً ومواني تدخل في شؤون دول البحر الأحمر عدا اسرائيل وفرض الرؤية والإرادة الإستخبارية والعسكرية والإقتصادية الإمبريالية على القرارات المصيرية لمجتمعاتهم ودولهم.

بالامكان التحرر النسبي من هذا الضيم بشيء من التفاهم والتنسيق بين الآراء الطليعية في هذه المجتمعات وكذلك بينها وبين القوى الفعالة في مسائل التمويل والتنمية المشتركة في منظومة بريكس (BRICS) بعيداً عن السيطرة المالية والتجارية الغربية المسممة وبعيداًَ عن الإيرانفوبيا.

انتهى النص



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة لتصورات مختصرة
- تأثيل الغابة والصحراء
- شقا الليبرالية العلماني والإسلامي
- تأثيل العمال والمحافظين
- ما هو الميزان الصحيح؟
- أهمية تكامل العملية الثورية
- الصوفية والسلام
- تمحيص خفيف لكلام فرزعة الحزب
- رحلة ذهن من العاشات الى التأثيل
- معالم فهم النخبة لوقف الحرب والسلام
- الخراب زاد ضرورة التغيير الجذري في العمل السياسي
- نقطة من الصراع الطبقي في الأحزاب الثورية
- الزراعة، أزمة في أوروبا وإزدهار في الصين
- ضد الماركسية الغربية
- جزء من تأثيل الآيديولوجيا
- النخب والليبرالية أساس للأنانية ونزاعاتها
- إضرار بعض الكلام القومي بالكلام الاشتراكي
- لمحات من تاريخ الإدارة الأهلية
- لمحات من تاريخ الإدارة الأهلية
- تأثيل في جدل القبيلة والدولة والعمال


المزيد.....




- الإعلام الحكومي بغزة: العدوان الإسرائيلي على خان يونس أودى ب ...
- الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يتعرض لمحاولة اغتيال ...
- بوحفص فضلاوي .. حكاية طالب بكالوريا ألهم بمثابرته الجزائريين ...
- الألعاب الأولمبية: رجال أمن مغاربة وقطريون لحماية الألعاب وف ...
- فيديو يوثق لحظة قتل أمريكية سوداء على يد شرطي وبايدن يعلق
- الشرطة المالية الإيطالية تضبط 121 مليون يورو من أمازون بتهمة ...
- المعارضة الجزائرية تندد بـ -المناخ الاستبدادي- المحيط بالانت ...
- المستشار شولتس ينوي الترشح لولاية ثانية رغم تراجع شعبيته
- بعد موجة الانقلابات.. هل اقتربت نهاية مجموعة -إيكواس-؟
- ليبيا.. طائرة روسية تحمل شحنة جديدة من المساعدات الإنسانية ت ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - المنصور جعفر - أمن البحر الأحمر