الحركة الامازيغية ،اسس المرجعية والخطاب 5 الحداثة

محمد انعيسى

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:46
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

ـ الحداثة في فكر الحركة الامازيغية
لا بد في البداية أن نميز بين مفهومين ،مفهوم التحديث ومفهوم الحداثة،فمفهوم التحديث يشير الى التجديد والنزوع نحو التقدم على كافة المستويات،والتحديث قديم قدم الانسان اذ ان التحديث لازم الانسان عبر التاريخ، خاصة بعد تكون المجتمع الانساني.والتحديث فعل ضروري للانسان حيث ان التحديات المفروضة عليه تجعله دائما يفكر في وسائل المقاومة لغرض حسن البقاء .فانتقال الانسان من استعمال المحراث الخشبي الى المحراث الحديدي ما هو الا نوع من التحديث على المستوى الزراعي،وهذا شأن جميع الميادين.
يقول جان بودريار(ان تاريخ لفظ حديث أطول بكثير من تاريخ الحداثة ففي كل سياق ثقافي يتعاقب كل من القديم والحديث تعاقبا ذا دلالة.لكن،مع ذلك لا توجد حداثة في كل مكان ،أي بنية تاريخية وجدالية للتغير والازمنة.وهذه الاخيرة لا يمكن مشاهدتهاالا في اوروبا ابتداءا من القرن السادس عشر،ولا تأخذ معناها الكامل الا ابتداءا من القرن التاسع عشر).فالحداثة بماهي مفهوم وقيمة تبلورت اساسا في أوروبا في سياق تحولات مهمة ،وغالبا ما تربط الحداثة بالاكتشافات الجغرافية، وظهور المطبعة،والخلاصة ان الحداثة قد ظهرت في سياق تاريخي خاص يتمثل في ظهور البرجوازية في أوروبا، خاصة بعد الثورة الفرنسية ،اذ ان هذه الثورة فتحت فضاءا واسعا للتحديث على كافة المستويات،ليتبلور مفهوم الحداثة كنتيجة للتحديث على كافة المستويات،فتحديث المؤسسات والقوانين كان حافزا مهما لظهور الحداثة.وهكذا تصبح الحداثة اذن نمط حضاري خاص يتعارض مع النمط التقليدي،أي مع كل الثقافات السابقة عليه أو التقليدية،لتفرض الحداثة نفسها على انها شيىء متجانس ،ومع ذلك فهي مفهوم ملتبس.
فالحداثة اذن ما هي الا محاولة لمجاوزة التقليد ،وهناك من يذهب الى ان الحداثة هي قطيعة مع التراث ،وهناك من يذهب الى عكس ذلك،والمهم ان الحداثة تفتح فضاءا واسعا للتقدم نحو الامام سواء باحداث القطيعة أو باستلهام التراث وتحديثه.
والحركة الامازيغية بماهي حركة تؤمن بقيم الحداثة ،فانها حركة حداثية ويتجلى هذا، في وسائلها النضالية المعتمدة،بل ان مطالبها تصب في هذا السياق ،وما مطالبتها بتحديث المؤسسات ،خاصة المؤسسة الدستورية الا دليل واضح على هذا،بالاضافة الى تصورها العام للقضية الامازيغية وكذا للقضايا الاخرى .
الحركة الأمازيغية تدعو الى العودة الى الذات الامازيغية ،الذات المتفتحة ،اي الذات التي تشكلت تاريخيا ،مع الأخذ بعين الاعتبار عنصري التقدم والصيرورة،وهكذا فان الحداثة عند الحركة الامازيغية ليست قطيعة مع الماضي ،بل انها(اي الحداثة) محاولة لاعادة قراءة التراث.
الحركة الامازيغية هي امتداد لحركة المقاومة المسلحة التي كانت غايتها هو تحرير الانسان المغربي من كل اشكال التبعبة والاستلاب بوسائل حداثية،فاذا كانت المقاومة المسلحة قد نظمت نفسها لتقاوم الاستعمار ماديا وبالسلاح،فان الحركة الامازيغية تناضل من أجل نفس المبادىء ولكن بوسائل مختلفة،وسائل لا تخرج عن سياق ما انتجته الحداثة،فما الجمعيات الامازيغية والفن الامازيغي الا اشكال من اشكال النضال الحداثي الذي يسعى الى تغيير المجتمع نحو مجتمع تسوده الديموقراطية والمساواة.
هناك مفهوم آخر يرتبط بمفهوم الحداثة الا وهو مفهوم مابعد الحداثة،وهذا المفهوم يشير الى مراجعة وتقييم الحداثة ،وقد تبلور المفهوم خاصة في القرن العشرين خاصة بعدما ان تبين لمجموعة من المفكرين ان الحداثة قد اتت بمجموعة من السلبيات على الانسانية.
الخلاصة ان الحركة الامازيغية ،حركة تؤمن بقيم الحداثة وتسعى الى اقامة مجتمع حداثي ديموقراطي تسوده الحرية ،والديموقراطية والكرامة.

#محمد_انعيسى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات