زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 8045 - 2024 / 7 / 21 - 22:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
----------------------------
في تقديري ، لا أحد يُمكنه أنْ ينفي حقيقةَ أنّ الصراع بين الناس و شؤون الامم ، هو أمر دائم لا ينقطع ، و أن المؤامرات والسياسات والدسائس والخطط و و و ,,من أجل تحقيق المصالح قائمة على قدم وساق .
لكن التأمل في هذا الامر أكثر ، و التفكير جيداً في مدى غرابة انتشار " فكر المؤامرة" في بوادينا المشرقية (الاسلامية بالذات ) وأسباب الاصرار على هذا النمط من التفكير المبالغ فيه .
يدفع المرء الحصيف إلى ملاحظة أنّ بعضاً كثيراً من أتباع نظريات المؤامرة الجامحة عندنا ، يُبالغون جداً في قصصهم الخيالية وسردياتهم المؤمراتية .
والعجيب أنهم يعرفون - أحياناً - بشكل جيد ، أن قصتهم تبدو غريبة ولا عقلانية في نظر الآخرين .
لكنهم رغم ذلك ، تجدهم يؤمنون يقيناً جازماً حازماً ، بأن العالم يسير بهذه الطريقة فقط .
و تجد مخيالهم الثرثار ، اليقظ ، فعالاً بقوة عجيبة من اللغو والتبرير والتركيب ، عند كل حدث ٍ غامضٍ ، أو خبر ساطع ، لا يروق لهم ، أو لا يواكب مسار عقائدهم .
وقد رأيت بالفعل في أكثر من مرة ، أنه كلما كانتْ النظرية المؤامراتية التي يقدمونها أكثر غرابة، كلما ارتفعت في قناعاتهم أسهم القبول الاجتماعي لسرديتهم ، و سهل تقبل أوهام قصصهم العجائبية .
بالطبع ، أنا لا أستطيع أن اعرف كل الأسباب وراء ذلك .
لكن أقول بعامة : تبقى درجة قبول سخافة الخبر المنقول في مجتمع ما ، تعتمد أولا - في تقديري - على نوع التنشئة الثقافية بعامة ، و الثقافة الدينية على وجه الخصوص ..
وأنا أتصور أيضاً ، أن مثل هذا النمط من التفكير المؤامراتي غير السوي ، له بعض المزايا ، فهو يقوّي التماسك الداخلي للجماعة المتخلفة علمياً و حضارياً ، أو الجماعات البشرية ذات الوعي المتأخر ، ، التي لا ينتشر فيها منهج التعليم الجيد ، أو لا تحكم أفهام ابنائها اساليب التفكير النقدي المنطقي .
و عليه ، كثيراً ما نجد دائما المؤمنين فيها ، تلوذ بهذا النمط من التفكير المؤامرتي - لانه يوفر لها نوعاً من الأمان - الذهني ، - ويُقلل من حال الدهشة و القلق الجماعي ، - و يعدم التساؤل والشك المنهجي المفيد، الذي يدفع الى البحث والتقصي، ويُشكل اللبنة الأولى لأي نهضة أو تطور .
اخيراً وليس آخراً :
لقد صدق من قال بأن الأمة شبه الميتة، التي تعيش جماهيرها في قاع الحضارة والحياة والواقع ، تعتقد دائماً ، أنّ أيّ خبر، أو حجر، أو مطر ينهمر عليها من الأعلى ,,على انها - بلا شك - مؤامرة خبيثة ، على تاريخها اليابس المزعوم ، أو على حالها البائس الموهوم ..
الحمد لله على نعمة العقل ..
zakariakurdi
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟