|
الرصاصة التي أُطلقت على ترامب، قضت على بايدن
حسين علي محمود
الحوار المتمدن-العدد: 8044 - 2024 / 7 / 20 - 01:59
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
خدم الحظ ترامب كثيرا ليجعل منه أيقونة وطنية يجتمع حولها غالبية مناصري الحزبين، فلا زالة الذاكرة الأمريكية متأثرة باغتيال كينيدي وليست مستعدة لتكرار المشهد سيقال مستقبلاً الانتخابات الامريكية ماقبل محاولة اغتيال ترامب ليست كما بعدها. ترامب الرئيس الامريكي الوحيد ضمن من تم أو تعرض لمحاولة اغتيال، الذي رفع راسه جريحاً، فخدمته الميديا المتطورة بمنحه لقطات متعددة الزوايا. تعددت الاراء حول محاولة الاغتيال، ولكن هناك بالفعل معطيات جديرة بالاهتمام فهناك من ينظر انها مسرحية مخطط لها ورأي آخر ينظر انها حادثة عرضية من شخص مريض نفسيا بدافع الكراهية ضد الرئيس السابق كذلك ان محاولة اغتيال ترمب ستكون لها تأثيرات طويلة وإفرازاتها داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولأنه شخصية جدلية ستستمر التهديدات على حياته.
بعض المعلومات الشخصية عن المشتبه بمحاولة اغتيال ترامب : - الاسم (توماس ماثيو كروكس) - مواليد 2003 - كان يتبرع لحملة بايدن بشكل متكرر رغم أنه مسجل في حزب ترامب الجمهوري - ظهر في مقطع سابق يقول بأنه يكره الجمهوريين !!
اعتلى توماس أحد الأسطح وكان على بُعد 125 متر من ترامب وهناك تساؤل مبهم لماذا رجل الامن الذي قتل الفاعل كان متواجدا على سطح المبنى من جهة يسار المنصة وكان يشرف على جهة اليمين لكنه لم ينتبه الى وجود المشتبه به الا بعد اطلاق النار نحو المنصة ثم عالج الوضع على الفور فقتل الجاني؟؟ لماذا عندما ابلغ المواطنون عن وجود شخص مسلح فوق السطح تم تجاهلهم؟؟
من الامور الطيبة هي ان الفاعل لم يكن عربياً ولا مسلما وليس من الأقليات في المجتمع الاميركي، والأهم لم يُقتل ترمب، لأن الدم سيتسبب في رفع مستوى الصراعات الداخلية كما ان لديه مناصرين بالملايين الآلاف منهم مليشيات يمينية مسلحة واغتياله سيتسبب بحرب اهلية أو اضطرابات، وربما سيكون لها تأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، بالإضافة ان الفاعل ابيض يمكن أن يقلل الانقسامات والعداوات.
الكل يعلم ان ترمب كان متفوقاً على بايدن بنسبة قليلة قبل المحاولة، وبعد محاولة الاغتيال هناك توقعات بأرقام كبيرة ان ترتفع النسبة بشكل كبير لصالح ترمب خاصة في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا التي منها الفاعل. ستوفر الحادثة دفعة "مؤقتة" من التعاطف مع ترامب، لكن تأثيراتها طويلة المدى على مستقبله السياسي وعلى نتائج الانتخابات تظل "غير مؤكدة". كانت حظوظ ترامب لحسم المقعد الرئاسي تتزايد بالفعل كما تشير استطلاعات الرأي، وآخرها استطلاع لمركز "بيو" صدر في 11 يوليو وأكد تقدم ترامب على بايدن بأربع نقاط كاملة. ربما يتعزز هذا التفوق نسبيا في الاستطلاعات القادمة، لكن الأهم أن فرص استبعاد ترامب من السباق الانتخابي عبر القضاء أصبحت ضئيلة.
بعد محاولة الاغتيال الفاشلة هنا ستزداد شعبية ترامب بعد استنادا إلى احداث سابقة، إذ كان لمحاولات الاغتيال التي تستهدف القادة الشعبويين سجل حافل في الماضي في تعزيز جاذبيتهم العامة ومن بينها: إصابة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان برصاصة في ساقه في تجمع سياسي، ما أضاف إلى رصيده الشعبي، إذ بات ينظر إليه الجمهور بوصفه شخصية مناضلة تحارب مؤسسة فاسدة. كذلك محاولة اغتيال ريغان في 30 آذار/مارس 1981 عندما عاد إلى سيارته بعد إلقاء خطاب في فندق هيلتون في واشنطن، تعرض رئيس الدولة لإطلاق النار بين الحشد الذي كان يرحب به خارج المبنى. أصيب رونالد ريغان في جانبه الأيسر جراء ارتداد الطلقات، ونجا من الموت إلا أن ريغان تمكن من تحويل هذه المأساة إلى انتصار سياسي، فخلال أول خطاب علني له أمام الكونغرس، تلقى تصفيقا من الحزبين لعدة دقائق، وحتى رئيس مجلس النواب الديمقراطي تيب أونيل قال مادحا: "لقد أصبح الرئيس بطلا، لا يمكننا الجدال مع رجل يتمتع بشعبية مثله"
الموضوع الوحيد الذي سيستغله الديمقراطيون ان ترمب من مؤيدي حيازة السلاح، وان أميركا هي اكثر بلد يحمل الناس فيه أسلحة شخصية ان موضوع انتشار السلاح بالفعل مذهل، التقارير تتحدث عن 400 مليون قطعة سلاح في الشارع الأمريكي، وبنسبة ارتفاع كبيرة إبان جائحة كورونا. سنويا في اميركا يقتل بحدود 30 الف شخص بسبب اعمال القتل العشوائي من العصابات وجماعة الجريمة المنظمة او خلافات عنصرية عقائدية مثل رجل اسود يدخل الى مركز تسوق Mall ويقتل كل من امامه من البيض وبالعكس رجل ابيض يفعل ذات الشيئ، او شاب يدخل الى مدرسة فيقتل الطلبة، هؤلاء المجرمين لا يرتبطون بمنظمات ارهابية او سياسية انما يحملون افكار متطرفة عنصرية.
يجب التركيز على أهمية فهم سوسيولوجية المجتمع الأمريكي وتطور ظاهرة العنف بسبب التنوع القومي والعرقي والديني وتبني الدستور الحق في امتلاك السلاح للدفاع عن النفس اضافة الى وصف من قام باغتيال او محاولة اغتيال للرؤساء الامريكان بالاختلال العقلي والمرضى النفسيين ومع نجاح النموذج الأمريكي في تحقيق الشراكة والتعايش بين مختلف الأديان والقوميات والثقافات لكن ماتزال التيارات العنصرية الشعبوية السياسية للمحافظين الجدد او الإنجيليين المتشددين الذين يرفضون الديمقراطية وحقوق الانسان ويمارسون العنصرية والتمييز العرقي والديني ويعارضون استمرار الهجرة للولايات المتحدة، مما يغذي اشكال مختلفة من العنف المتبادل داخل المجتمع الأمريكي.
الخلاف حالياً بين الحزبين حول تقنين انتشار السلاح لتقليله بسبب كثرة الجرائم في عرض الولايات المتحدة، ورفع سن من يرخص له حمله، ومنع نوع السلاح مثل هذه البندقية الفتاكة التي استخدمت في محاولة الاغتيال، وسبق واستخدم مثلها في عمليات قتل واسعة في المدارس والأسواق .. الخ. لقد عانت الديموقراطيه الأمريكية في بداياتها تاريخيا، منذ رئاسة جورج واشنطن وحتى رئاسة بايدن من تشوهات عنصريه وإنقسامات سياسيه وإقتصاديه وإجتماعية قادت للحرب الأهليه بين الشمال والجنوب وكان عنوانها تحرير العبيد وأنتهت بفوز الشمال ولكن أعقبها إغتيال الرئيس إبراهام لينكون. وإستمرار العنصرية ضد السود حتى الستينات ، خلال سنوات ما بعد الإستقلال أغتيل 4 رؤساء ، وحدثت عدة محاولات إغتيال أبرزها إغتيال الرئيس جون كيندي. ثم أخيه روبرت كنيدي المرشح للرئاسه والدي أغتيل على يد الفلسطيني سرحان بشاره ، وعلى الرغم من فشل محاولة إغتيال ترمب وإرتفاع حظوظه للفوز بالرئاسه إلا إن الإنقسام السياسي والمجتمعي في أمريكا تعمق بسبب ممارسات اليسار المتطرف والإعلام الموالي له .
عدة نقاط طرحتها حملة ترامب الانتخابية وهي ما ستزيد فرص دخوله الأبيض ومن ابرزها : ▪︎ فكرة فرض رسوم جمركية بنسبة 10% لحماية الصناعات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى تحفيز المفاوضات مع دول حليفة. في هذا السياق، يشير ترمب إلى استمرار سياسته في مجال التجارة. ▪︎ تهدف إدارة ترمب فرض رسوم جمركية إضافية وقيود على الاستثمار وتدفق رأس المال من وإلى الصين. يعكس ذلك التوجه الصارم تجاه السياسة التجارية، والذي قد يحظى بدعم الكونغرس. ▪︎ يخطط ترامب للحفاظ على خفض ضرائب الأفراد، واستخدام إيرادات من الرسوم الجمركية لتمويل مشاريع أخرى. يتوقع أن يستفيد الأغنياء وأصحاب الشركات الصغيرة من هذه الخطوة، ويظل ترمب ملتزماً بخفض الإنفاق الحكومي. ▪︎ من المتوقع أن يصدر ترمب أوامرا تنفيذية لتقييد الهجرة وإلغاء منح الجنسية تلقائيا لأطفال المهاجرين غير المسجلين المولودين في الولايات المتحدة.
لا بد من الالتفات الى حركة ترامب جيوستراتيجية، المتمثلة باختياره للسناتور الجمهوري جي دي ڤانس نائبا له البالغ من العمر ٣٩ عاماً والمنحدر من طبقة عمالية فقيرة إذ أن والد جي دي فنس عامل وبالتالي فهو نشأ في عائلة فقيرة نسبياً . التحق بالمارينز وخدم في العراق ، والذي يخدم في الخارج يكون راتبه السنوي الصافي ١٨٠ ألف دولار بالسنة توضع في حسابه البنكي. خدم من عام ٢٠٠٣ الى ٢٠٠٧ ثم كتب كتاباً عن حياته وعن شظف العيش في منطقته ( سينسناتي - اوهايو ) تحت عنوان ( مرثية ريفية ) وانتشر الكتاب بقوة وباع منه الملايين ثم حولت شركة نتفلكس الكتاب الى فلم سينمائي ناجح حصد هو من خلاله الملايين ، فأنشأ بعدها شركة خدمات الكترونية وهكذا أصبح من الأغنياء في الفترة بين عام ٢٠١٦ و ٢٠٢٢ حيث تم انتخابه عضواً في الكونكرس .
أن هذا الاختيار له وفق عدة مؤهلات ومميزات يمتلكها فانس : ▪︎ سيكون ڤانس بحيويته ووسامته وعمره عامل جذب لفئة الشباب والشابات الذين يؤيد أغلبهم الديمقراطيين ▪︎ إختيار الشاب ڤانس هو أول مشاركة شبابية في منصب سيادي منذ أوباما ، وبالتالي فإنه مؤهل لأن يكون رئيساً بديلاً محتملاً لترامب الكبير بالسن في حالة عجزه أو وفاته ، كما أنه جاهزٌ للترشيح في انتخابات ٢٠٢٨ ، وبالتالي هي عملية إزاحة سياسية كبيرة للحرس القديم الذين سأم منهم الأمريكان. ▪︎ ڤانس يتطابق في رؤاه وطروحاته مع إيديولوجية ترامب بشكل مذهل وهو أكثر حدية من ترامب في موضوع تقزيم الإجهاض مما سيكسبه دعماً هائلاً من المحافظين. ▪︎ ڤانس سيدغدغ مشاعر الطبقة العمالية لدعم ترامب بسبب إنتماء عائلته لها ▪︎ زوجته ذات الأصول الهندية ( والداها هنديان مهاجران الى أمريكا ) ستجذب الآسيويين الذين يرون فيها صوتاً لهم. ▪︎ معارضة ڤانس الشديدة لحرب أوكرانيا ورغبته في حظر الدعم لها سيقوي موقف ترامب لإيقاف هذه الحرب. ▪︎ سيهتم ڤانس الذي يسكن ولاية أوهايو بمنطقة حزام الصدأ ( إلينوي وإنديانا وميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا ووست فيرجينيا و ويسكونسن ) وهي ولايات حاسمة في تقرير الفائز بالانتخابات الأمريكية ، وكان فانس قد كتب عام ٢٠١٦ كتاباً عن تدهور الحالة الاقتصادية فيها ( و"حزام الصدأ" هو مصطلح غير رسمي لمنطقة شمال شرق الولايات المتحدة التي كانت تشهد تدهوراً صناعياً ابتداءً من عام 1980 تقريباً، وجاء اسمها من أن الصناعات الرئيسة بالمنطقة التي تتمحور حول الصلب قد صدأت، أي تدهورت ). ▪︎ خدم ڤانس في العراق بصفة مارينز من عام ٢٠٠٣ الى ٢٠٠٧ ▪︎ خدمت زوجته أوشا في مشروع مساعدة اللاجئين العراقيين ▪︎ يوصَف ڤانس في الكونكرس الأمريكي بأنه شخص مشاكس وهذه خاصية مشتركة له مع ترامب.
ويبقى السؤال .. هل حقا هي عملية اغتيال؟؟
#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمالة الأطفال من ابرز معوقات بناء الإنسان
-
جريمة غسل الأموال وطرائق الكشف عنها
-
السلامة المرورية واهميتها في المنظومة المجتمعية
-
الاختناقات المرورية أزمة تنتظر الحلول
-
الارهاب الفكري وايديلوجية تفخيخ العقول
-
ثقافة الانترنت
-
الكلاب البشرية أو ظاهرة الاستكلاب
-
التحرش الجنسي
-
بناء الإنسان
-
ظاهرة الكلاب السائبة
-
الماكينة البشيرية وصناع المحتوى
-
الذباب الالكتروني .. طريقة عمله وتأثيره
-
الإنتحار و تداعياته على المجتمع
-
المخدرات .. أضرارها وكيفية الوقاية منها
-
آفة الطلاق في المجتمع .. الاسباب والحلول
-
التصحر والتغيرات المناخية من أبرز التحديات التي تواجه المجتم
...
-
الابتزاز الإلكتروني ومدى تأثيره على المجتمع
-
سقوط طائرة رئيسي؛ اسباب وخفايا غامضة‼️
-
زعماء وملوك دولة العراق منذ التأسيس والى اليوم
-
اليوم العالمي لحرية الصحافة
المزيد.....
-
مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا
...
-
وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار
...
-
انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة
...
-
هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟
...
-
حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان
...
-
زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
-
صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني
...
-
عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف
...
-
الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل
...
-
غلق أشهر مطعم في مصر
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|