أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - الحاضرية الوجودية والدوافع الغريزية للابداع















المزيد.....

الحاضرية الوجودية والدوافع الغريزية للابداع


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 14:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الفنون بكل تجلياتها تلعب دورا بارزا في الثقافات البشرية على مر العصور, من وجهة نظر علم الأنثروبولوجيا، يُعتبر الرسم, الغناء والرقص من الدوافع الغريزية الأساسية للبشر، حيث إنها تعكس الحاجة الفطرية للتعبير الإبداعي والتواصل الاجتماعي, هناك أدلة على أن ممارسة الفنون الأدائية كجزءً من السلوك الإنساني منذ فجر التاريخ, حيث وُجدت رسومات وحفريات موسيقية وراقصة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في مختلف الثقافات حول العالم, تشير هذه الأدلة إلى أن الغناء والرقص كانا وسائل للتعبير الذاتي والتواصل الاجتماعي منذ القدم, علاوة على ذلك، فإن الأبحاث في علم النفس والأعصاب تُظهر أن الأنشطة الفنية مثل الغناء والرقص تنشط مناطق محددة في الدماغ المرتبطة بالمكافأة والتواصل الاجتماعي والإبداع. لذلك، من المرجح أن يكون للفنون دور غريزي في تطور الإنسان العاقل وتشكيل سلوكياته الأساسية. ايضا هناك تأثير كبير للفنون على تطور الثقافة البشرية عبر التاريخ، الفنون لعبت دوراً محوريًا في تشكيل وتطوير الحضارات البشرية على مر العصور.
الفنون كوسيلة للتعبير والتواصل
ساعدت الفنون البشر في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والتواصل مع بعضهم البعض، مما عزز الترابط الاجتماعي والهوية الثقافية، استخدم البشر الفنون كوسيلة تسجيلية للحفاظ على التاريخ والمعرفة عبر الأجيال.
الفنون كمحفز للإبداع والابتكار
ساعدت الفنون في تحفيز التفكير الإبداعي والابتكار التكنولوجي عبر التاريخ. على سبيل المثال، ارتبطت التطورات الفنية بالتقدم في الهندسة والعلوم، أدت الفنون إلى ظهور أساليب تعبير جديدة والتطوير المستمر للمواد والتقنيات الفنية.
الفنون كمرآة للقيم والمعتقدات الثقافية
انعكست الفنون على القيم والمعتقدات السائدة في المجتمعات وثقافاتهم عبر التاريخ، ساعدت الفنون على نشر وحماية التراث الثقافي والهوية الوطنية للشعوب.
بهذه الطرق، شكلت الفنون بشكل كبير مسار وتطور الحضارات البشرية عبر العصور، وساهمت في إثراء وتطوير الثقافات والمجتمعات الإنسانية. من منظور الحاضرية الوجودية، فإن الممارسات الفنية التعويضية في السياقات السياسية والدينية المحددة يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق المعنى على عدة مستويات:
المستوى الفردي
الحاضرية الوجودية ترى أن الفرد هو من يخلق معناه الخاص من خلال اختياراته وقراراته، المشاركة في الممارسات الفنية التعويضية كالفن الشعبي أو الفن الديني قد تساعد الفرد على الشعور بالاتصال بالتراث الثقافي والهوية الجماعية، هذا الشعور بالانتماء والتواصل مع الجماعة يمكن أن يوفر للفرد الشعور بالمعنى الوجودي.
المستوى الجماعي
من منظور الحاضرية الوجودية، فإن الجماعات التي تمارس الفنون التعويضية تعبر عن وجودها الأصيل، هذه الممارسات الفنية تساهم في تأكيد الهوية الجماعية وتعزيز الشعور بالاتصال بالتراث والثقافة، هذا الشعور الجماعي بالمعنى والأصالة يمكن أن يعزز التماسك الاجتماعي والصمود في وجه الضغوط السياسية.
المستوى الوجودي العام
الحاضرية الوجودية ترى أن الإنسان مطالب بخلق معناه الخاص في وجود عالم خال من القيم المسبقة، الممارسات الفنية التعويضية في السياقات السياسية والدينية يمكن أن تكون وسيلة لتأكيد الوجود الأصيل للإنسان والجماعات، هذه الممارسات الفنية تساهم في تجسيد قدرة الإنسان على خلق المعنى في ظل الظروف الصعبة.
بشكل عام، تُظهر هذه الأمثلة كيف أن الممارسات الفنية التعويضية يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الأصالة والمعنى على المستويات الفردية والجماعية والوجودية العامة من منظور الحاضرية الوجودية. يواصل الفنانون الحضاريون الوجوديون من الجماعات المهمشة جهودهم للتعبير عن هويتهم وتحقيق الحرية الفردية والجماعية من خلال ممارساتهم الفنية المبتكرة والمقاومة. وهذا يُعد جزءًا أساسيًا من النضال من أجل التحرر الوجودي. هناك العديد من الأمثلة الملهمة لفنانين حضاريين وجوديين من الجماعات المهمشة الذين نجحوا في تحقيق التغيير المجتمعي:
فريدا كاهلو - الفنانة المكسيكية التي حطمت قيود المجتمع وعبرت عن تجربتها كامرأة معاقة من خلال فنها التصويري المبتكر. لقد أصبحت رمزًا للتمكين النسائي والتعبير الفردي.
جين بولوك - الفنان الأمريكي الأفريقي الذي طور أسلوبًا فنيًا فريدًا يعكس تجارب المجتمع الأمريكي الأفريقي. لقد ساهم في إذكاء الوعي بالقضايا العرقية وتعزيز المشاركة الفنية للمجموعات المهمشة.
أميري باراكا - الشاعر والكاتب الأمريكي الأفريقي الذي استخدم فنه للتعبير عن معاناة المجتمع الأمريكي الأفريقي وإيقاظ الوعي السياسي. لقد شكل صوتًا قويًا للحركة الحقوقية السوداء.
غوزمان أرتيستاس - مجموعة فنية مكسيكية اشتهرت بأعمالها التي تعالج قضايا الهجرة والهوية. لقد استخدمت الفن كوسيلة للتعبير عن تجارب المهاجرين والدفاع عن حقوقهم.
هؤلاء الفنانون وغيرهم قد نجحوا في توظيف ممارساتهم الفنية لتسليط الضوء على تجارب مجتمعاتهم المهمشة، وتعزيز الحوار المجتمعي، وإحداث التغيير الاجتماعي المنشود. إنهم أمثلة ملهمة على قوة الفن في تحقيق العدالة والتحرر الوجودي. هناك تنوع في المنهجيات الفلسفية التي يتبناها هؤلاء الفنانون في مقاومة القيود المفروضة عليهم، والتي تتراوح بين النقد السياسي والاجتماعي والتركيز على الحياة اليومية والصراعات الوجودية الجوهرية. ما يجمعهم هو إصرارهم على التعبير الإبداعي وحاجة الانسان الإبداعية للتعبير عن حريته رغم كل الصعوبات. هناك تشابه بين نظرتهم ونظرة الحاضرية الوجودية من حيث التعبير عن الحرية والمسؤولية. يمكن أن نرى بعض أوجه التشابه بين منهجية هؤلاء الفنانين والنظرة الوجودية الحاضرية، خاصةً من حيث التعبير عن مفاهيم الحرية والمسؤولية:
الحرية:
الفنانون يستخدمون أعمالهم الإبداعية كوسيلة للتعبير عن الحرية الفردية والإنسانية، رغم القيود السياسية والاجتماعية المفروضة عليهم. وهذا يتماشى مع مركزية مفهوم الحرية في الفلسفة الوجودية.
المسؤولية:
عبر إنتاجهم الفني، يتحمل هؤلاء الفنانون مسؤولية التعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية الحرجة، حتى في ظل القمع والعقبات. وهذا يعكس الطابع الملتزم للوجودية ومسؤولية الفرد أمام الوضع الراهن.
الحالة البشرية:
بعض الفنانين يستكشفون في أعمالهم الصراعات الكامنة في الهوية والوجود الإنساني، مما يشبه الاهتمام الوجودي بالحالة البشرية والوعي. بشكل عام، يمكن القول إن الفن الوجودي يتمحور حول الفرد والوجود الإنساني، بينما الفن السياسي يهدف إلى التغيير الاجتماعي والتحرر الجماعي. ومع ذلك، قد تكون هناك تداخلات وتقاطعات بين هذين النوعين من الفن في بعض الأحيان. في بعض الأعمال الفنية يمكن أن يكون الفن الوجودي والفن السياسي متكاملان ومتداخلين بشكل فعّال:
الفن كوسيلة للتعبير الشخصي والاجتماعي
في بعض الأعمال الفنية، يمكن للفنان أن يدمج التجربة الذاتية والوجودية مع القضايا السياسية والاجتماعية، فالفن قد يكون طريقة للفنان للتعبير عن هويته الشخصية وفلسفته الوجودية، وفي الوقت نفسه للتعبير عن قضايا المجتمع والسعي للتغيير.
الفن كأداة للتحرر والتغيير
بعض الأعمال الفنية تجمع بين البعد الوجودي للتحرر الشخصي والبعد السياسي للتحرر الجماعي، فالفنان قد يستخدم الفن كوسيلة للتعبير عن المعاناة الإنسانية والاضطهاد السياسي في آن واحد.
الفن كتجسيد للتناقضات الاجتماعية
في بعض الأعمال الفنية المعقدة، قد يعكس الفن التناقضات بين الحرية الفردية والمسؤولية الاجتماعية، فالفنان قد يستخدم أساليب وجودية للتعبير عن الفرد ومعاناته، مع إبراز التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجه ذلك الفرد. في هذه الحالات، يتكامل الفن الوجودي والفن السياسي ليشكّلا تعبيرًا فنيًا شاملاً وذا بعد متعدد. وهذا التداخل قد ينتج أعمالاً فنية قوية وذات تأثير اجتماعي وسياسي عميق. هناك عدة تحديات قد يواجها الفنان عند محاولة دمج البعد الوجودي والبعد السياسي في عمله الفني:
التوازن الصعب
على الفنان أن يحافظ على توازن دقيق بين التعبير الوجودي الشخصي والتعبير السياسي الجماعي، قد يميل البعض إلى تفضيل أحد البعدين على حساب الآخر، مما قد يؤثر على قوة العمل الفني.
أخطار التبسيط أو التعقيد المفرط
قد يسعى الفنان إلى التوفيق بين البعدين بطريقة مبسطة أو مفرطة في التعقيد، هذا قد يؤدي إلى عمل فني غير متماسك أو صعب الفهم.
الرقابة والتضييق السياسي
في بعض السياقات السياسية، قد يواجه الفنان تحديات من الرقابة والتضييق على التعبير السياسي، هذا قد يستدعي من الفنان تطوير أساليب أكثر رمزية أو خفية لإيصال رسالته.
التعارض المدرك بين الوجودية والسياسة
البعض قد يرى تعارضًا بين التركيز على الفرد (الوجودي) والتركيز على الجماعة (السياسي) وعلى الفنان أن يبرر هذا التداخل بشكل مقنع ليبرر دمج البعدين في عمله
تحديات الجمهور والنقاد
قد يجد الجمهور والنقاد صعوبة في فهم وتقدير الأعمال الفنية التي تدمج البعدين بشكل متكامل، على الفنان أن يتمكن من تبرير وشرح هذا الدمج بطريقة مقنعة. على الرغم من هذه التحديات، إلا أن الفنانين الناجحين في هذا المجال قد طوروا أساليب مبتكرة للتوفيق بين البعدين الوجودي والسياسي في أعمالهم الفنية، ان مقاومة التهميش والإقصاء في الحاضرية الوجودية تُعد دافعًا قويًا لإنتاج الفن وإبداعه. الفنانون غالبًا ما يستخدمون أعمالهم للتعبير عن تجارب الاضطهاد والظلم والسعي للتأكيد على إنسانيتهم وحضورهم في المجتمع.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاضرية الوجودية والنهج الراسمالي الجديد
- الحاضرية الوجودية والمثقف المزيف
- الحاضرية الوجودية والنقد الجذري للرأسمالية
- الانسانية والانسانوية والحاضرية الوجودية
- القلق من الاندثار وتحقيق المعنى في الحاضرية الوجودية
- الحاضرية الوجودية و العالم الافتراضي
- الوعي والانغماس في الحاضرية الوجودية
- الحاضرية الوجودية وفلسفة اللذة
- مابعد الانسان والحاضرية الوجودية الشاملة
- الماهية والوجود والفلسفة الحاضرية الوجودية الشاملة
- قصدية الوجود بين النظام والعشوائية في الحاضرية الوجودية
- التصميم الذكي وتعدد الاكوان والحاضرية الوجودية
- خوارزميات الوعي و ازمة المثقف الأصيل* في الحاضرية الوجودية
- الحاضرية الوجودية ومستقبل الصراعات في العالم
- الحاضرية الوجودية ويوتوبيا الديمقراطيات الرأسمالية
- الحاضرية الوجودية والعنف الفلسفي
- الحاضرية الوجودية وضرورة الميتافيزيقيا
- اقنعة الفلسفة في الحاضرية الوجودية
- -الميتومانيا الفلسفية-والحاضرية الوجودية
- الحاضرية الوجودية و النقد الفلسفي للايديولوجيات الشعبوية الم ...


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - الحاضرية الوجودية والدوافع الغريزية للابداع