أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين والسودان















المزيد.....

مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين والسودان


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8043 - 2024 / 7 / 19 - 12:33
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


(هناك لحظات في التاريخ تتطلب إرادة وبصيرة ومواجهة من نوع خاص، وأبعد ما تحتاجه تلك اللحظات هو المزايدون الذين يتمترسون حول استقطابت فرعية وجزئية، ويتركون الصورة الكبيرة عرضة للغرق والتفكك والاضمحلال)

قبل فترة ليست بالبعيدة اشتد الجدال حول الأطراف المتداخلة في عملية "طوفان الأقصى" وحرب غزة، ودور كل منها التاريخي والآني الممكن والمستقبلي، خاصة في ظل التدافع على صدارة السردية الإسلامية بين مصر وتركيا وإيران ودول الخليج الصاعدة، والإرث السياسي من التعالقات الذي تحمله كل منهم مع أمريكا/ الغرب.. وكان المشهد المصري في قلب تلك التدافعات خاصة عندما اقتربت المواجهة داخل قطاع غزة من عملية رفح العسكرية منذ مدة.

رجال كل العصور
كان بعضهم تم استقطابه على خلفية تناقضات ما بعد الثورات العربية ومرحلة ما بعد 2013م وإزاحة الإخوان، ولم يكن في جعبته سوى "المزايدة" والاصطفاف المجاني في جبهات الاستقطاب التي نشأت جراء تلك المرحلة، في خلفية هذا البعض لن تجد سوى "رجال كل العصور" الذين يأكلون على كل الموائد، مع اليمين ومع اليسار، مع الذين سافروا لأمريكا فترة تمويلات ما عرف بـ"حقوق الإنسان" أو "الصحافة المستقلة"، وغيرها... في مشهد اختلط فيه الحابل بالنابل.
ذلك في لحظة تاريخية لم تكن تتطلب سوى قدرة على التجرد من أثر التدافعات المحلية داخل مصر، والقدرة على النظر بهدوء وثبات واتزان إلى متغيرات المشهد العالمي، وانعكاسها على حرب غزة والاحتمالات الممكنة لمصر في مواجهة اقتراب النيران من معركة رفح العسكرية.

رفح آخر معارك جسر النبض
وقتها قلت أن رفح هي آخر معارك جس النبض لمصر بعدها سوف يدخل الأمر في مرحلة التفكيك والحصار المباشر، وأن التراشق المحتمل مع "إسرائيل" لابد أن يلتزم بعدة محددات ومقاربات تعتمد على "صعود المكانة" و"استشراف ما بعد الشرق أوسطية"، والاستباق في عموم المجال الجيوثقافي المصري وإعادة توظيف الموارد الناعمة قبل الخشنة لنشر تصور جيوثقافي مصري في كافة مجالاتها الحيوية يدعم بعضه بعضا، ويستشرف مقاربات الشرق والغرب ويؤسس لنفسه سردية خاصة، لأن البديل سيكون مرحلة الحصار والتفكيك المباشر.

الحصار جملة وليس فرادى
ثم فجاة؛ في غضون عدة أيام وأسابيع متوالية بعد عملية فح العسكرية وتدمير المعبر البري واحتلال محور فيلادلفيا؛ ظهرت البشائر جملة وليس فرادى، جنوب السودان توقع على اتفاقية عنتيبي لتصبح جاهزة للاعتماد ويتم إزاحة مصر من حقوقها التاريخية بإيداعها في الاتحاد الأفريقي، الرئيس الصومالي يغير من خطابه تجاه أثيوبيا ويعلن أنه لا يمانع من وصولها للبحر الأحمر لكنه يختلف مع أساليبها! بعدما كان رافضا تماما لتواجدها على الأرض الصومالية الموحدة، السودان يتطور فيه حضور اللاعب الإماراتي علانية، ويتطور حضور الدعم السريع في تحالف بين الدعم وأثيوبيا وجنوب السودان، ثم يصوت الكنيست على قانون برفض إقامة دولة فلسطينية، وأخيرا نتانياهو يتباهى بحضوره منذ أيام في محور فيلادلفيا ومراقبة المنطقة من فوق نقطة مراقبة على الحدود مع مصر، وما خفي كان أعظم.
كل هذا الأحداث جرت دفعة واحدة في جنوب أفريقيا والصومال والسودان والكنيست إضافة إلى ملفات تتعلق بالقروض والاقتصاد المصري والتضييق عليها، ولم يكن تزامنها مع مآلات معركة رفح صدفة أو أمرا عفويا، ولم يكن كذلك نبوءة مني أو كشفا للغيب، إنما ببساطة كان قراءة لمسار التدافعات الإقليمية والدولية في العشر سنوات الماضية ومحدداتها.

المشترك المجتمعي/ الثقافي
والمهم والأهم الآن؛ هو ما الممكن عمله في هذه اللحظة التاريخية، وما البديل الذي مازال ممكنا القيام به، وحقيقة إن جوهر النموذج والبديل المطلوب هو الالتزام بتحقيق عدة مبادئ أساسية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، كي تستطيع أن توقف النزيف وتدحرج الكرة... داخليا يجب أن تحقق مصر مبدأ "المشترك المجتمعي" و"المشترك الثقافي"، بمعنى ضرورة بزوغ أو تبنى حقبة سياسية جديدة تتجاوز إرث الاستقطابات المجتمعية والثقافية، وتؤسس لخطاب مصري مجتمي/ ثقافي جديد يقوم على استعادة "مستودع الهوية" المصري بكافة مكوناته وطبقاته المتصالحة والمتعايشة، ويتجاوز أيضا الخطابات السياسية التقليدية المصرية التي فشلت حتى في طرح بديل وأرضية مشتركة في مرحلة ما بعد 25 يناير، حيث تكون "الجغرافيا الثقافية" ومستودع الهوية المصري العام والشامل هي الإطار النظري الحامل هنا، بعد عجز التمثلات السياسية والأيديولوجية الموروثة يمينا ويسارا عن التعبير عن اللحظة التاريخية ومتطلباتها.

القوة الناعمة قبل القوة الخشنة
على المستوى الإقليمي يجب أن تتحرك مصر وفق مبدأ تفعيل خريطة القوة الناعمة ومصادر تفوقها، ورسم مسارتها قبل الموارد الصلبة أو القوة الخشنة، لأن الموارد الخشنة بكافة مكوناتها لا يمكن أن تحقق استباقا إلا إذا كانت تسير وفق خريطة جيوثقافية ناعمة، ترسم لها نطاق الحركة وتضبطه وسوى ذلك سوف تظل الديلوماسية المصرية الناعمة والخشنة بكافة مكوناتها ومستوياتها مجرد رد فعل متأخر للأحداث، ويستمر الحصار والتفكيك.

السردية البديلة والكتلة الجديدة
على المستوى الدولي؛ يجب أن تتحرك مصروفق مبدأ السردية البديلة والكتلة الجديدة، بمعنى أنه على المستوى الجيوبولوتيكي الدولي تسعى روسيا بمشروع "الأوراسية الجديدة"، ومعها الصين بمشروع "الحزام والطريق" إلى إعادة إنتاج المركزية الأوربية القديمة، عبر إعادة بناء الاستقطاب بين الشرق والغرب على أساس جيوثقافي هذه المرة وليس على أساس جيوأيديولجي، وإذا لم تتبنى مصر سردية بديلة وطموحة على المستوى الدولي، ترتبط بمبدأ إمكانية ظهور كتلة جيوثقافية جديدة فلا فرصة استراتيجية أمامها مطلقا، لكي تجبر القوى العالمية على احترام وجودها الجيوبولوتيكي أو الجيوثقافي.

ختاما: ما العائق الأساسي لبزوغ المقاربة السياسية الجديدة؟
لابد من تبنى أو بزوغ مقاربة سياسية جديدة تماما في مصر؛ تعتمد على ثلاثة مبادئ محلية وإقليمية ودولية هي: مبدأ المشترك المجتمعي/ الثقافي – مبدأ القوة الناعمة قبل القوة الخشنة – مبدأ السردية البديلة والكتلة الجديدة، لإمكانية وقف الحصار ووقف تفكيك الفضاء التاريخي للحاضنة المصرية ومقوماتها الوجودية.
هناك سبب بسيط يمنع مصر من تبني هذه المقاربة وهو بكل وضوح الركون للاستسهال والموروث المؤسسي والبيروقراطي ومكوناته التقليدية، كل دولايب العمل المحلية والإقليمية والدولية التي تعمل بها مصر حتى هذه اللحظة، لها عقل مركزي وأبنية فرعية تتوزع على أجهزة الدولة المصرية ومؤسساتها، وتغيير هذا العقل المركزي يطلب عملا ذهنيا وفكريا وونفسيا شاقا للغاية، لأنك تحتاج إلى إعادة فرز المجتمع المصري وتغيير الكوادر المختارة وتغيير قواعد التصعيد الاجتماعي، تحتاج إلى ثورة ناعمة وتحول طوعي وذاتي شامل.
لكن إذا لم تأخذ مصر الطريق الصعب لبزوغ مقاربة سياسية جديدة وتتحمل كافة الصعاب والمتطلبات والمسئوليات، ستكون الجماعة المصرية برمتها في خطر وجودي شديد لم تقابله على مستوى التاريخ، خطر الاضمحلال الصامت والغرق الجماعي، والتفكك على العديد من المستويات..

إنما يبقى الأمل حاضرا قويا وعفيا
في كل الاحتمالات والمآلات



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التراشق بين مصر وإسرائيل: دروس المآلات والممكنات
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ...
- المقاربة الجيوحضارية للعالم: مصر والعراق والذات الحضارية الم ...
- مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح
- سيرة ذاتية- حاتم الجوهري
- مصر ومعاهدة السلام: بين الالتزام الدولي والرؤية الاستراتيجية ...
- محددات التراشق الخشن والناعم بين مصر وإسرائيل.. مقاربة صعود ...
- زيدان ومؤسسة تكوين: خطاب الاستلاب في مرحلة حرب غزة
- الحرب واستجابات الصدام الحضاري: روسيا والصين وإيران.. والدرس ...
- رفح: ما بين التكتيكي والاستراتيجي تصعد وتخفت الأمم
- البيان الشعري لصدور ديوان: -نساء الممالك البعيدة-
- السردية الإسلامية وتعالقات الحضارة المطلقة: المعضلة العربية ...
- حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن
- في ضرورة إزاحة جيوثقافية مصر فيما قبل 7 أكتوبر
- عملية رفح الباردة: سياسة حافة الهاوية بين الاسترتيجي والتكتي ...
- الصهيونية وتعالقات الحضارة المطلقة: الماركسية والليبرالية وا ...
- حرب غزة: بؤرة الصدام الحضاري الثالث وأفق المستقبل
- فلسطين والأفريقانية: بين جنوب أفريقيا التحريرية وأثيوبيا الع ...
- مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد ...
- الأزمة والمسارات: محور المقاومة وسؤال اللحظة الاستراتيجية


المزيد.....




- من هي شركة -كراود سترايك- المرتبطة بالخلل التقني العالمي وكي ...
- البيت الأبيض يُعلق على هجوم تل أبيب وإطلاع بايدن على تفاصيله ...
- أزمة مياه خانقة تعصف بقطاع غزة.. فلسطينيون يقفون في طوابير ط ...
- محكمة العدل الدولية: وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية -غير ...
- ألمانيا: هذه أسباب استقالة أول نائب ألماني من أصل أفريقي
- مشفى شاريته في برلين: علاج مريض جديد من الإيدز
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة في خليج عدن ( فيديو)
- -حماس- تشيد بالعملية التي نفذتها -أنصار الله- ضد تل أبيب
- جثث الطلاب متناثرة على المدرعات في بنغلاديش
- آثار هجوم المسيّرة الحوثية على تل أبيب


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حاتم الجوهرى - مصر ما بعد معركة رفح: فيلادلفيا وعنتيبي والصومال والدولتين والسودان