عاشوراء بين اليهود والمسلمين . اولا : عاشوراء عند السُنَّة

ماجد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 8042 - 2024 / 7 / 18 - 17:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ان صيام يوم عاشوراء من شهر محرم طقس مقدس عند عامة المسلمين . ويختلف في مدى وشدة تقديسه بين طوائف السُنَّة وبين طوائف الشيعة.
لكن ما هي اصول هذا الطقس وهذا التوقيت بالذات ؟ وهل ما وردنا عنه كان صحيحا تاريخيا ودقيقا في الانثروبولوجيا الاسلامية ؟
اولا : قبل ان نجيب على هذا السؤال يجب التنويه ان المنهج البحثي والتحليل سيكون في التاريخ الديني او الزمن الديني المقدس وليس التاريخ الواقعي الانساني . الذي كل منهما تختلف كليا حيث اننا لا نجد اي وثيقه كانت يمكن الاستناد اليها بثقه في اصول النص التاريخي الاسلامي .
و ان الوارد من تلك النصوص والاحداث قد حذفت في الواقع لكن كل المصادر عباره عن خصوص دينيه وهذا فرق مهم يجب ان يؤخذ في مقدمة الاعتبارات في الانثروبولوجيا .

من النصوص الاساسيه التي نستقى منها صيام يوم عاشوراء احاديث من روايات البخاري ومسلم مثل :
" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي "صلى الله عليه وسلم" المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: "ما هذا ؟" قالوا: هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال: "فأنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه.
ومنها :
" عن أبي شيبة وابن حنبل من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن قيس أنه قال: دخل الأشعث بن قيس على عبد الله بن مسعود وهو يتغدى، فقال ابن مسعود: يا أبا محمد ادنُ إلى الغداء. فقال: أوَليس اليومُ يومَ عاشوراء؟!. فقال: هل تدري ما يوم عاشوراء؟!، إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان تركه " .

كان هذا في السنه الثانيه من الهجره حيث لما قدم النبي محمد الى المدينه سال عن صيام اليهود وجدهم يصوموه . ولأن الاسلام كان في طور الإنشاء ولم يشرع فيه بعد طقس الصيام مثل كثير من الاديان لتكتمل الطقوس داخل وعي اتباع هذا الدين الجديد . فكان اقتباس الصيام هذا اليوم مهم جدا في تلك الاستراتيجية . بسبب سياسه تبشيرية اتبعها الرسول .
يؤكده موقفه في نفس السنه الثانيه من الهجره حيث اهتمام اثبات النبوة مع اليهود من جهة ومع المسلمين من جهة اخرى : على انه اولى باتباع موسى من اليهود حيث ايضا ان النبي محمد كان يهمه جدا اثبات نسبه النبوي امتدادا حتى الاب النبي #ابراهيم . والذي كان يرفضه اليهود رفضا قاطعا لانتظارهم المخِّلص من سبط بعينه .
وكان هذا النسب ما يحاول #القران_الكريم تاييده ومناقشته اكثر من مره في ايات عده ليقنع اليهود اتباع النبي محمد وانه هذا هو النبي المنتظر الذي بشّر به .

كان من المهم البحث عن شيء يميز جيتو الدين الجديد عن جيتو الدين الاخر لهذا حاولوا ان يسالوه :
" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وايضا حديث :
" روى عبد الرزاق وابن الجعد من طريقين أحدهما صحيح عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: “خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر”.

الحقيقه لا يخفى على ان تلك الاحاديث تخبرنا ان الامر كان اقرب للشورى في قواعد التميز الديني بين النبي وبين الصحابه . لذلك اختار بعد تلك المداوله ان يكون الصيام في العام المقبل يوم ٩ و ١٠ من محرم للمخالفه .
طبعا لن نتحدث عن تناقض الواضح كيف للنبي ان يامر بصيامه وهو في الستة الثانية من الهجرة ثم مات في العام المقبل ولم يصوم اليوم التاسع ؟!!
لكن على كل الاحوال كان يجب ان يتم استبعاد هذا اليوم بعد ذلك عن طقس يوم بشكل رسمي وممتد ويشرع من الاله بنص مباشر ولذلك نزلت ايه تشريع الصيام كالتالي :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " الاية ١٨٣ سورة البقرة .
مما يلفت الانتباه في صياغه تلك الايه انه التشريع الوحيد في القران الكريم الذي ذكر احدى مسببات التشريع اته للتقليد !!. وهو كما هذا يوحي ان الامر كان ليس فقط تقليدا لطقوس الدينيه ولكن للتمييز ايضا . وكانه للرد على اليهود في عاشوراء . لانه انتهى امر صيام عاشوراء يمجرد تشريع صيام رمضان والادلة في الأحاديث عديدة منها مثلا لا حصرا :
" عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء، فلما فُرِض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر " .

ان استراتيجيه النبي محمد في محاولته لاستماله اليهود لدينه ونشره وكزعيم سياسي وديني جديد للعرب بدات مع اول الهجرة . ومن الواضح انه عرف الا فائدة من اقناعهم . وظهر قرار الاستقلال بالاسلام عن الامتداد اليهودي _ ايضا في ( السنة الثانية ) من الهجرة . وهو ثاني إجراء يتخذه للتمييز والقطيعة بينه وبين اليهودية غير صيام عاشوراء . حيث ان السنة الثانية للهحرة ايضا نجد ان رغيته في تغيير القبلة نفسها ، تاخذ حيزا من اهتمامه . ومحاولة قطع صلتها باليهودية بعدما كانت موجهه للهيكل في فلسطين قد تحولت للكعبة في #مكة برغبة النبي نفسه .
فنقرأ قوله تعالى :
" قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً ((( تَرْضَاهَا ۚ ))) فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ.... " الاية ١٤٤ سورة البقرة .
ان يأس النبي محمد منهم من ناحية _ وللدقة فهمه لتوفير انفاق الوقت والجهد في أقليات لن تفيده في دعوته ، وشعوره بالقوة الظاعمة السياسية والاجتماعية من الاوس والخزرج في يثرب . بدات القرارات التشريعية _ سواء نزول آية او قول حديث _ تتوجه للاستقلال بالإسلام عن اليهودية في السنة الثانية معا.

هل يحتفل اليهود في العاشر من محرم؟
الحقيقه ان الاجابه على هذا السؤال تحتاج لبعض الدقه .
لان العيد الذي يحتفل به اليهود بالخروج من مصر والنجاه من فرعون هو عيد ((( الفصح )))
والحقيقه ان التقويم اليهودي رغم انه قمري ايضا كما الشمسي لكن عيد #الفصح ثابت حيث انه ياتي في الربيع _ من اعياد الربيع _ وهذا ما سنتكلم عنه تفصيلا في مقال عاشوراء عند الشيعة .
لكن بناء على ان النسيئ قد حرم في الاسلام في العام العاشر من الهجره اي قبل حجه الوداع عندما ضبط التقويم في حجه الوداع وقال لهم ان الزمان قد استدار على هيئته يوم خلق الله السماوات والأرض .

نقرا الاية :
" إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " الاية ٣٧ سورة التوبة .
هذا يوضح لنا اصل المشكلة كيف للمسلمين ان يتوافق يوم عاشوراء من محرم مع عيد الفصح الذي ياتي في الرييع من قبل ان يحرم النسئ والبتالي الكبس التقويمي طبعا .
لان السنه الثانيه من الهجره كان لازال النسيء معمولا به وشهر محرم قد تغير مكانه اكثر من مره حتى نزل تحريمه تشريعيا في القران بنفسه في السنة العاشرة من الهجرة ..

ختاما :
ان صيام يوم عاشوراء من محرم كان اجراءا حتى ينظر او ينزل صيام كاملا مستقلا عن باقي الاديان لذلك بالمنطق الديني صيام عاشوراء اصبح منسوخا ولا معنى له بتاتا .
حيث النسئ والكبس ظل شهر محرم يمتد ويتغير ويعود الى مكانه في نفس التوقيت ونفس الفصل كل ٣٠ عاما تقريبا . وهذا هي يدل على انه ليس هو يوم خروج ونجاه النبي موسى من فرعون لو اعتمد على التاريخ الهجري _ بغض النظر ان النبي موسى ليس له اي اثار نهائيا في مصر ولا في فلسطين ولا وجود اثار لاي نبي اخر في التاريخ لنتاكد في اي يوم خرج او نجا هو _ للتذكرة اننا نناقش تاريخ ديني اسطوري وشفهي وانثروبولوجيا اديان . وليس تاريخ واقعي اثري .

ثانياً : عاشوراء عند الشيعة
يتبع في جزء آخر ..

#ماجد_الحداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات