أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - علي الجلولي - مشكل الماء في تونس: الشعب التونسي يعطش















المزيد.....

مشكل الماء في تونس: الشعب التونسي يعطش


علي الجلولي

الحوار المتمدن-العدد: 8040 - 2024 / 7 / 16 - 05:51
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


تعرف بلادنا منذ سنوات استفحال أزمة مسّت الحاجة الأكثر حيوية وهي الماء الصالح للشرب والتي بلغت اليوم درجة تهدد جديا جزء مهما من الشعب بالعطش المتواصل ، ويشمل هذا الوضع تقريبا كل جهات البلاد بما في ذلك الجهات التي تعد مصدرا لهذه الثروة الحيوية مثل جهة جندوبة والشمال الغربي عموما. لقد تحرك المواطنون في المدة الأخيرة في أكثر من مكان للاحتجاج على انقطاع مياه الشرب (مساكن،بوعرادة...)، لكن السلطة خيرت كالعادة الهروب إلى الأمام وعدم مصارحة الشعب بالحقيقة حول هذا الملف، وكذلك عدم الاستعداد لأي معالجة جدية لهذا الموضوع الحيوي، بل إنها اتجهت إلى قرارات شعبوية لم تغير شيئا من الواقع المر مثل إقالة المدير العام لشركة المياه وفتح تحقيق قضائي حول انقطاع المياه (؟؟؟؟)، لكن مشكل ضخ مياه الشرب إلى المنازل مازال مستمرا، وقد صرح مواطنون في أكثر من جهة أن المياه منقطعة عنهم بشكل مستمر أو شبه مستمر منذ قرابة الشهر، يتم هذا ونحن في عز الصائفة وفي ذروة الحاجة للمياه. فما هي الحقيقة في هذا الموضوع؟
ـ مشكل الماء يستمر منذ سنوات.
تقر المعايير الدولية بحاجة الفرد إلى 900 متر مكعب سنويا على الأقل حتى لا يدخل منطقة الفقر المائي، أما في تونس فان نصيب الفرد لم يتجاوز 400 متر مكعب سنة 2022 ،أي أن التونسي/ة يتمتع بأقل من نصف كمية المياه المستوجبة كي يعيش بشكل طبيعي (شرب،استحمام،..). هذا ويعد مشكل المياه مشكلا مستمرا منذ سنوات وهو بصدد الاستفحال سواء بحكم العوامل الطبيعية والتحولات المناخية التي تهم بلادنا مثل العديد من بلدان العالم، أو بحكم غياب المعالجة الجديدة والمسؤولة لمشكل حيوي تتوقف عليه حياة البشر والحيوان والطبيعة ومختلف الأنشطة الاقتصادية من الزراعة والصناعة...،إضافة إلى سوء التصرف وفساده في هذه الثروة الأساسية للوجود.
توفر التساقطات حوالي 36 مليار متر مكعب سنويا يتبخر اغلبها بحكم نوعية الأمطار وتواترها وارتباطها بالخصوصيات المناخية في بلادنا، ومن هذه الكمية لا يبقى محفوظا إلا 8،4 مليار متر مكعب وهي نسبة قليلة حكمت على السدود بأن لا تحتوي إلا على نسبة محدودة من حاجيات البلاد من المياه وهي لا تتجاوز اليوم ثلث الحاجيات مما حكم على أغلب السدود والبحيرات الجبلية بما يشبه حالة النضوب والموت التدريجي. صحيح إن للطبيعة أحكام في هذا الصدد، لكن أيضا للبشر وللسياسة دور حيوي في استفحال أزمة المياه، ويتعلق الأمر حسب الخبراء إلى غياب أي مقاربة للتعاطي مع حالة الجفاف وتراجع التساقطات وحسن التصرف فيما توفر منها والذي يتجه أغلبه للبحر وللتعفن في أزقة المدن وأحيائها، يضاف إلى ذلك غياب أي مقاربة للتداول مع الجار الجزائري الذي تضخ جباله إلى شمال تونس نصيبا مهما من كميات المياه التي تجد طريقها إلى الوديان والى السدود والبحيرات، فقد اتجهت الجزائر في السنوات الأخيرة إلى وضع اليد كاملة على كميات التساقطات التي تحتضنها جبال الأطلس الأوسط وبعثت في هذا الصدد مشاريع زراعية ضخمة في وسط الجزائر وشرقها بما حرم تونس من كميات هامة من مياه الأمطار كانت تمول الاحتياطي المائي الموجه للشرب أو للزراعة. والواضح أن الدولة التونسية لا تطرح الموضوع للتفاوض والتداول مع الدولة الجزائرية مثلما تفعل كل الدول المتجاورة التي يعتبر موضوع الماء من اهمم وعات العلاقات السياسية اتفاقا أو صراعا، بل أن الخبراء الجيواستراتيجيين يؤكدون أن الماء سيكون العنوان الأبرز لصراعات منتصف القرن الحالي، وهو أمر حاصل في عديد المناطق من العالم وفي كل القارات. علما وأن مياه الشمال تشكل 61°/° من مياه تونس، هذا وتوجه الكمية الأهم (72°/°) إلى الاستهلاك المنزلي، علما وان تونس تعتمد أكثر على المياه الباطنية بنسبة 77°/° والمياه السطحية بنسبة 22°/° فيما لا تتجاوز المياه المعالجة 1°/°.
وتتوجه 2038 مليون متر مكعب إلى النشاط الفلاحي سنة 2020 أما السياحة فتستعمل 6°/° من المياه الموجهة للاستهلاك عبر "الصوناد" بما يعادل 36 مليون متر مكعب وهي كمية ضخمة جدا إذ يصل نصيب السائح الواحد في نزل خمس نجوم إلى 900 متر مكعب يوميا، وهو وجه من وجوه سوء التصرف بل والفساد، علما وأن القطاع السياحي لا يتجاوز نصيبه 9°/°وهي نسبة أكثر بقليل من نصيب القطاع السياحي الذي يعتبر في بلادنا نزيفا لخيرات البلاد دون مردودية اقتصادية ذات أهمية، فالأرقام المعلنة حول مداخيل هذا القطاع تتم دون الإفصاح عن حقيقة المصاريف التي توجه لهذا القطاع بما فيها مصاريف المياه والكهرباء التي تظل ديونا غير خالصة من قبل رأس المال الخاص الذي يستفيد من كل التسهيلات بما فيها تمتيعه بالماء دون انقطاع فيما يعاني المواطنون في أغلب جهات البلاد من قطع مياه الشرب لساعات وأحيانا لأيام متتالية.
ـ أزمة المياه دليل فشل منظومة الحكم.
إن استفحال الأزمة واستمرارها هو دليل على عقم المقاربة أو انعدامها، وطالما أن الأمر يتعلق بشرط جوهري للوجود فان السبب يعود إلى فشل في إدارة الشأن العام في أبسط شروطه. إن شعبنا يتعرض اليوم إلى عملية تعطيش مستمر في قائضة الصيف وحرارته الاستثنائية في السنوات الأخيرة. إن الدولة لا تتردد لحظة في قطع المياه لساعات طوال على أحياء بكاملها، وكما لا يخجل مسؤولوها من التصريح للناس العطاشى أن الدولة تعتمد نظام الحصص في توزيع الماء، لكن القاصي والداني يعرف أن ذلك مجانب للحقيقة، فقطع المياه لا يشمل إلا الأحياء الفقيرة والشعبية ، فيما يستمر ضخ المياه عاديا في الأحياء المرفهة والمناطق السياحية أين يتم تبذير المياه دون أي اعتبار لكرامة الشعب وفقراءه. إن الكميات الضخمة من المياه الموجهة للأثرياء و للسواح إنما توجه للمسابح وللترفيه، فيما يحرم الشعب من حقه في الشرب والاستحمام والنظافة، ويضطر أغلب الناس إلى العودة لمظاهر البؤس مثل تعبئة القوارير و شراء المياه غير الصحية التي تعرف أسعارها ارتفاعا مشطا بما يشكل عبئا إضافيا على ميزانية الفقراء، علما وأن مياه الحنفية هي مياه غير صالحة للشرب، ويضطر أغلب الشعب إلى اقتناء المياه المعدنية التي تعرف أسعارها صعودا جنونيا.
إن شعب تونس المحروم من خيرات بلاده يعيش اليوم بعد طوابير الخبز والحليب والقهوة، العطش في ذروة الصائفة، وهي أزمة لن تنفرج بمقتضى تصريحات مسؤولي الدولة حول حقيقة احتياطي المياه وحول تأخر مشاريع تحلية مياه البحر مثل تأخر كل المشاريع المبرمجة على كل الواجهات.
إن عطش الشعب هو دليل إضافي على فشل منظومة الحكم الرجعي القائم أمس واليوم، وهو دليل إضافي على عجز الشعبوية على حل مشاكل البلاد، وهو أيضا معطى أساسي لن يغذي إلا السخط والغضب تجاه سلطة لم تفلح في شيء إلا في المغالطة والتجويع والتعطيش والإذلال. علما وأن العطش لا يشمل البشر فقط، بل يشمل أيضا الحيوان والنبات، أي القطاع الفلاحي الذي يعرف مزيد التدهور بحكم نفس الأسباب.
12 جويلية 2024



#علي_الجلولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب البوليفي يحبط محاولة انقلابية
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- الأنظمة العربية وفلسطين: الحقيقة عن التواطؤ واللامبالاة.
- بعد 110 يوما من حرب الإبادة: العدو ينهزم، المقاومة تنتصر.
- تجريم التطبيع بين شعبية المطلب وشعبوية التعاطي.
- المقاطعة كسلاح فعّال في النضال التحرري.
- في الذكرى 13 للثورة التونسية : أفكار حول الثورة والمسار الثو ...
- عام مضى وعام أتى وحال التونسيين يزداد تدهورا
- التطورات في النيجر و جنوب الصحراء: شعوب إفريقيا بين واقع الا ...
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ...
- الخطاب الشعبوي في تونس: آليات المغالطة وأهدافها
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- مؤتمر البيئة والمناخ في مصر: الرأسمالية وحدها مسؤولة على تمد ...
- -مهسا ايميني- تتحول إلى أيقونة وحرائر إيران تصنعن التاريخ
- استفتاء بأي أهداف ودستور بأي مضامين؟ أو في تهافت حجج الداعمي ...
- دستور سعيد من التضليل إلى التلاعب: انه العبث يا مولاي..
- معركة الدستور تتواصل ضد كل شقوق الثورة المضادة.
- دستور 30جوان: كسوة جاهزة على قياس سيدنا الرئيس
- الشعبوية وضياع بوصلة بعض النخب
- سعيّد يدفع البلاد دفعا نحو الأسوأ


المزيد.....




- على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا ...
- في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ ...
- بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل ...
- هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
- مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ ...
- مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
- حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
- دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با ...
- كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو ...
- طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - علي الجلولي - مشكل الماء في تونس: الشعب التونسي يعطش