غزة الفلسطينية تقاوم الاحتلال وتبحث عن الحياة

بسام ابوطوق
كانب
(Bassam Abutouk)

الحوار المتمدن-العدد: 8040 - 2024 / 7 / 16 - 05:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رغم الوعد الذي قطعه الوزير البريطاني بلفور في 12 نوفمبر 1917 في رسالته إلى اللورد ليونيل روتشيلد، والتي تعهد فيها باسم الحكومة البريطانية بإقامة دولة لليهود في فلسطين وهو الوعد الذي يعرف حقوقياً بأنه الذي قدمه من لا يملك لمن لا يستحق، وأن فلسطين ليست ارضاً بلا شعب تقدم لشعب بلا ارض، إلا أن الحركة الصهيونية واجهت رفضا من داخل المجتمع اليهودي نفسه، إذ كانت فئات واسعة من هذا المجتمع غير مقتنعة بفكرة الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
مثقفو يهود أوروبا عموماً من سبينوزا الى حنة أرندت مرورا بماركس وفرويد، هم علمانيون ومنسجمون مع شجون وشؤون المجتمعات الأوروبية، ولم يحصل تحول ذو شأن بهذا المسار إلا بعد الهولوكوست على يد النازيين الألمان.
الخطأ التاريخي الرئيسي في حسابات زعماء الصهيونية والذي لم ولن يجدوا له حلاً إلى اليوم، هو أن فلسطين ليست أرضاً بلا شعب، بل يعيش عليها شعب متجذر في التاريخ والحضارة عمره آلاف السنين وله عادات وتقاليد وثقافة وأساليب حياة أنتجتها أرض خصبة وطبيعة معطاءة.
فالإنسان والأرض صنوان لا ينفصمان في فلسطين، ولذلك بدأت الصهيونية تتحول من حركة تحررية لتخليص المضطهدين إلى نزوع عنصري متطرف تطور مع السنين من مطلب تجميع اليهود في فلسطين، إلى مشروع وجودي لإقامة دولة عمادها الاستيطان والاحتلال على أنقاض دولة فلسطين وطرد العرب الفلسطينيون منها، وإحلال دولة يهودية خالصة( الترانسفير ).
استسهل زعماء الصهيونية العالمية مسألة تهجير الشعب الفلسطيني الموجود على أرضهم، ولكن معادلاتهم تعسرت بسبب صفة أساسية لدى هذا الشعب وهي أنه حي ومقاوم، على مر التاريخ قاوم الفلسطينيون الكثير من الغزاة، المغول.. التتار.. نابليون .. الانتداب البريطاني.. وهو يقاوم منذ أكثر من قرن.
هذه حقيقة.. ولكن المقاومة لا تستطيع الاستمرار في حرب طاحنة لمزيد من الوقت دون أن تكون النتائج مدمرة للمجتمع كما تقول الوقائع على الأرض، الكل يخسر, الشعب الفلسطيني.. دولة الاحتلال الإسرائيلي.. المجتمع الدولي..مع استمرار الصمود الاسطوري للمقاومين تغيرت المعادلة، انكشف المستور وتحرك الرأي العام العالمي حتى في عمق الغرب المساند للصهيونية في أوربا وأمريكا،وفي المقدمة طلاب الجامعات .. مظاهرات عارمة و اعتصامات طلابية وتغير في المواقف الدولية وعودة الحديث عن حل الدولتين، واعترافات متتالية بدولة فلسطين حتى من دول أوروبية، وحضور فلسطيني قوي في البرامج الانتخابية العامة حتى لدول أوروبية مؤثرة.

فالوضع الإنساني الكارثي يتجاوز المقاومة والصمود، والانقسام الفلسطيني مستمر منذ عقدين، والموقف الرسمي عاجز وانتظاري, والموقف العربي جثة هامدة.
من مسلمات الفكر المقاوم أن حرب العصابات على أرض مكشوفة لا يمكن أن تدوم.
يبدو للمستمع إلى خطابات زعماء حماس.. مشعل والسنوار وهنية وأبو عبيدة وأبو حمزة
والعديد من المحللين والخبراء أن هناك حبكة ناقصة، هي تجاهل محنة أكثر من مليوني مواطن فلسطيني، والثمن الباهظ الذي دفعوه ويدفعونه من أرواح ومنازل ومدارس ومستشفيات ومزارع.
نعم المسؤولية الرئيسة على عاتق إسرائيل وحلفائها والداعمين لها، ولكن هذه العائلات تتفكك وهذا المجتمع يضيع، وقد قاربت حملة أسر الرهائن و مقاومة آلة الغزو الإسرائيلي أهدافها، ولم يحدثنا هؤلاء الزعماء كيف سيهزمون العدو وكيف سيرفعون معنويات الشعب، كيف سيؤمنون الغذاء والعلاج والتعليم.
اسرائيل تغزو وتتغول والصهيونية عنصرية استيطانية و نظام الحكم في إسرائيل هو أعلى مستويات الأبارتهيد، لكن الأرض تضيع أيها السادة والشعب يتهجر ويتشرد
ما هو تعريف الانتصار؟ وما هو تعريف الهزيمة؟
المقاومة حق مشروع ولكن هناك حق للحياة ومستلزماتها ايضاً.

#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات